عــصــام بــشــيـر الــعــوف

مــؤلــف و كــاتـب ســيــاسـي و إســلامــي



  





عصر النهضة الحديثة

(1212هـ - 1798 م) حتى الآن

كان ظلاماً دامساً يغرق فيه العالم العربي والإسلامي ، ويحتاج ولو إلى شمعة صغيرة تضيء ركنا من أركانه ، وفي القرن الثامن عشر ، انبعث ضوءان كبيران كانا قادرين على إزاحة جزءاً من هذه العتمة الرهيبة .

الأول قيام الشيخ محمد بن عبدالوهاب في الجزيرة العربية بدعوة إسلامية إصلاحية، توقظ المسلمين من سباتهم العميق ، وأن يتمسكوا بنهج السلف الصالح ، نهج الله تعالى ورسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، بعيداً عن الخرافات والأساطير وأن يسلكوا طريق الثقافة والمعرفة لبناء مستقبل مشرق بنور الإيمان ، ونجحت هذه الدعوة بإقناع آل سعود ، أمراء نجد ، الذين حملوا الدعوة على أكتافهم ، وأخضعوا الجزيرة العربية بتطبيق دعوة ابن عبدالوهاب ، ووصلت جيوشهم إلى الإحساء والعراق ، فثارت ثائرة السلطنة العثمانية ، وأمرت واليها على مصر بالقضاء على آل سعود . وخاض محمد علي وابنه إبراهيم حرباً ضارية استمرت ثماني سنوات قضى فيها على الدولة السعودية الأولى ، ثم أعاد آل سعود تنظيم أنفسهم ، وظهرت الدولة السعودية الثانية ، لكنهم بكل أسف اختلفوا فيما بينهم ، وانهارت مرة ثانية ، وفي مطلع القرن العشرين ، استطاع عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود أن يحتل الرياض ، وفي غضون ثلاثين سنة قام بتوحيد أجزاء مملكته باسم المملكة العربية السعودية ، ليحكم بناءها على ركنين أساسيين هما التمسك بالإسلام ديناً وحضارة خالياً من الشوائب ، والأخذ بأسباب الرقي والتقدم العلمي والتكنولوجي . دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب كانت ضوءاً سطع نوره على العالم العربي والإسلامي ، بدأ من نفسه وعشيرته وحملها معه آل سعود ثم بلغت شباب العالم الإسلامي ، الذين تيقنوا أن الإسلام لا يزال حياً وأن عصور الانحطاط قد بدأت تضمحل وتنتهي ، وانكبوا على العلم ينهلون منه ، يساعدهم في ذلك الضوء الثاني الذي كان له أثره الكبير في النهضة الحديثة .

الثاني في عام 1798 نزلت حملة نابليون بونابرت الفرنسية مصر لأغراض سياسية وتوسعية للسيطرة والبقاء وفرض النفوذ وذلك في سباق همجي بين الدول الكبرى آنذاك . وكانت هذه الحملة أول اتصال بين الشرق والغرب بعد عصر الانحطاط ، وقد هزت مصر وبلاد الشام هزة عنيفة أيقظتهم من سباتهم الذي دام طويلاً . أراد نابليون أن يبقى في مصرليؤسس فيها مملكة خاصة به ، وذلك لن يحدث في حملة عسكرية ، ولابد أن يكون هناك أساس حضاري يبنى عليه علاقته مع المسلمين في كل من مصر والشام ، وقد أعلن إسلامه وتقرب إلى الناس في مصر ، ومن إحكام خطته أنه لم يأت بقواته البحرية العسكرية فحسب ، بل أحضر معه على سفنه العسكرية طائفة من المتخصصين في شتى العلوم، وأسس مجمعاً للبحوث العلمية الخاصة بمصر ، وألف لجنتين للتنقيب عن آثار الفراعنة وعن مخلفاتهم ، وأنشأ معامل لإجراء البحوث العلمية في الطبيعة ، وأنشأ مكتبة جلب لها الكتب من أوربا ، وأضاف إليها ما جمعه من المساجد ومن بيوت المماليك ، وأنشأ مطبعة عربية وإفرنجية لطبع المنشورات والصحف ، كانت نواة للمطبعة الرسمية التي أنشئت فيما بعد . وعندما أخفقت الحملة عند أسوار عكا وواليها أحمد الجزار بدعم من السلطنة العثمانية وانكلترا ، وأصيب جيشه بالطاعون ، انهارت أمانيه في إقامة مملكة خاصة به في الشرق ، وعاد نابليون إلى فرنسا ، وعادت بقايا الحملة بعد سنة وبضعة أشهر ، غير أن آثار هذه الحملة قد بقيت تتفاعل وتعطي نتائجها الطيبة ، مع أنها لم تبق في مصر أكثر من ثلاث سنوات .

دب النشاط في الحركة الفكرية في عدة حقول:

التعليم : في حقل التعليم لم يكن في العالم العربي إلا المساجد وما يلقى فيها من خطب ومواعظ ، وبعض الكتاتيب التي تزود طلابها بمبادئ القراءة والكتابة وتحفيظ القرآن الكريم ، وبدأت تظهر بعض المدارس الإبتدائية والثانوية وفيما بعد العالية وفيها الطب والهندسة والحربية ، ثم أنشئت الجامعات الأهلية والتي تحولت إلى جامعات حكومية .

البعوث والترجمة : بدأت البعوث إلى فرنسا وإنكلترا وإيطاليا ، حكومية وخاصة لتزويد النابغين من شباب الأمة من الثقافة الأوربية ، حتى إذا عادوا إلى بلادهم كانوا رواد النهضة ، كما بدأت الترجمة منذ مطلع النهضة ، وقد أسهم رجال البعوث بنصيب وافر في ترجمة العلوم التي حذقوها ليدرسها الطلاب على أيديهم ، وأنشئت دور ومدارس للترجمة أشهرها دار الألسن بمصر برئاسة رفاعة الطهطاوي الذي عني بترجمة كتب العلوم لتلبية حاجات المدارس والجامعات ، أما كتب الأدب ، فقد أسهم السوريون واللبنانيون والتونسيون كما عند خير الدين التونسي في ترجمة كتب العلم والأدب ، ثم تعددت الجامعات ونشطت البعثات ، كما ظهرت المجلات العلمية والأدبية التي أذكت حركة الترجمة وتطويع اللغة للتعبير عن الأفكار العلمية والأدبية، كما اتجه كبار الأدباء إلى ترجمة روائع الآداب الأوربية شعراً ونثراً كطه حسين والزيات ، كما ظهرت الدراسات الأدبية والنقدية التي تناولت آثار الفكر الغربي ، ولا ينهض بالترجمة الآن أفراد وحسب ، بل تقوم بها أيضاً الإدارات الثقافية بوزارات التربية والتعليم العالي والمجالس العليا لرعاية الفنون والآداب في أكثر الدول العربية، بالإضافة إلى جامعة الدول العربية .

أثر الترجمة في الأدب

في النثر ، هجرت الألوان القديمة كالمقامات والرسائل ، واستحدثت فنون جديدة كالمقال السياسي والإجتماعي والأدبي والقصة والمسرحية . الميل إلى السهولة والوضوح وجلاء المعنى ، هجر السجع والمحسنات اللفظية ، واقتباس كثير من المعاني والصور والأخيلة ، كما تعددت الاتجاهات في النثر ومذاهبه ، بعض الكتاب مال إلى التحليل والإفادة من الدراسات النفسية ، ومنهم من تميز بالطابع الفلسفي والنهج العلمي ، ومنهم من جمع بين الإتجاهين .

في الشعر ، لعل الفيلسوف الإغريقي اليوناني الشهير أرسطو هوخيرمن تحدث عن الشعرويرى أنه كعربة يجرها حصانان هما العاطفة والوجدان ويقودها الحوذي قائد العربة وهو العقل ، ولا تتكامل القصيدة إلا بتوافقهم ، والشعر لدى أرسطو، وهذا مايعتمده جميع مؤرخي الشعر ونقاده في جميع اللغات ، ثلاثة أنواع هي :

1 - الشعر الملحمي ، وهو قصيدة أو مجموعة قصائد طويلة ، ويمكن أن تكون لشاعر واحد أو يتشارك فيها عدد من الشعراء، وتحكي قصة أمة أو شعب تتخللها الأساطير والخيال والعظمة والقوة وتصوير المعارك والحوادث العظام ، ومن أشهر الملاحم الإلياذة اليونانية لهوميروس والأوذيسة ، والشاهنامة الهندية ، والفردوس المفقود الإنكليزية لجون ملتون ، ويخلو الشعر العربي من الملاحم ، غير أن بعض الملامح تظهر عند بعض الشعراء كالحارث بن حلزة وعنترة وامرئ القيس وبعض الشعراء المحدثين ، وتتركز هذه الملامح على تصوير المعارك والفخر بالوطن والقبيلة.

2- الشعر المسرحي : وهو مسرحية شعرية تحكي قصة فيها عقدة وحل وذات فصول ومشاهد ، ويعتبر الشاعر الإنكليزي وليم شكسبير في طليعة الشعراء المسرحيين في العالم ، ومن أبرز مسرحياته : ماكبث ، هاملت ، عطيل ، روميو وجولييت ، يوليوس قيصر وغيرها . ويخلو الشعر العربي من المسرحيات الشعرية ، غير أن أمير الشعراء في العصر الحديث أحمد شوقي ، ولعله أمير الشعر العربي على الإطلاق ، قد كتب عددا من المسرحيات الرائعة منها : قمبيز ، مصرع كليوباترا ، عنترة ، مجنون ليلى وغيرها . غير أن مسرحياته لم تجد المخرج أو المنتج الذكي والمتفهم الذي يستطيع أن ينقلها إلى المسرح .

3 – الشعر الغنائي : هوالشعر الذي يتغنى فيه الشاعر بما يجد في نفسه من وجدان صادق تفاعلا مع تجربة ذاتية أو أحداث اجتماعية أو مواقف من أمور شتى ، وينتشر هذا النوع في جميع آداب لغات العالم ، ويعتبر الشعر العربي بكامله شعرا غنائيا .

نهض الشعر في القرن العشرين بفضل حملات الأدباء المجددين المتأثرين بالثقافة الأوربية ، وتأثر شعراء المهجر بالآداب الأوربية وبالحياة والثقافة الأمريكية ، وبعض الشعراء الذين تأثروا بشعراء المهجر كجماعة أبولو في مصر وغيرها في البلاد العربية . أما سمات الشعر الجديد ، فقد تميزت القصيدة بالوحدة الفنية وصارت متماسكة مترابطة الأجزاء ، وتعبر عن تجربة ذاتية معينة عانى منها الشاعر ، ومال الشعر إلى التأملات في الحياة والكون وتصوير النواحي الوجدانية والإنسانية ، وعني بالواقعية والمشاركة في عرض مشاكل المجتمع وأحداثه وقضاياه، وظهر الشعر الوطني وحل محل الحماسة والفخر ، وظهرت المسرحيات الشعرية مع رائدها أحمد شوقي ، والملاحم الشعرية والقصص التاريخي ، كما جنح بعض الشعراء إلى اليسر والتنويع في الأوزان والقوافي .

إحياء التراث القديم : في القرن التاسع عشر نشطت حركة طبع ونشر أمهات الكتب العربية القديمة والدواوين الشعرية ، وأسهم المستشرقون في هذه الحركة ، واطلع المثقفون على نماذج رائعة من الأدب العربي في أزهى عصوره وأقبلوا على دراستها وتذوقها والتأثر بها . ونتيجة لنمو الوعي واقتناعاً بنشر التراث العربي بما له من أثر بالغ على عجلة التطور الأدبي اشتركت جماعات وهيئات علمية بعملية الطبع والنشر إلى جانب وزارات الثقافة وجامعة الدول العربية .

الصحافة : ظهرت بعض الصحف في العالم العربي ففي مصر صدرت الوقائع كصحيفة رسمية ثم تبعتها روضة المدارس وهدفها نشر الأدب العربي القديم ثم اليعسوب الطبية وبعد حين صدرت الأهرام والمقطم ثم بعض الصحف الحزبية ثم المؤيد لعلي يوسف واللواء لمصطفى كامل . كما ظهرت الكثير من الصحف في بلاد الشام وبلاد المهجر والرافدين وتونس .

أثر الصحافة في النهضة : أنها أيقظت روح الوطنية وحاربت الاستبداد ودعت إلى الحرية ، نقلت إلى الناس حضارة الغرب وثقافته ونظمه الاجتماعية والسياسية ، أكدت على تحرير أساليب النثر من قيود السجع والبديع ومالت به إلى السهولة مع الاحتفاظ بسلامة التعبير ورونقه ، وأسهمت بنصيب وافر في حركات الإصلاح الديني والاجتماعي والسياسي ، كما هذبت العامة وثقفت الخاصة وقومت الألسنة ، وأضافت فنوناً جديدة كالمقال الصحفي والاجتماعي ، وساعدت على رقي القصة والمسرحية ، وقامت بتنشيط الترجمة حيث اتسعت صفحاتها لنشر ما يترجم ، كما أمدتها الترجمة بالأبحاث القيمة والقصص القصيرة .

المكتبات : لدى العرب والمسلمين تراث فكري وأدبي قيم ، وكانت الكتب مبعثرة في المساجد والتكايا وقصور الأغنياء ، وتعرضت للتلف والضياع ، ونقل العثمانيون والأوربيون كثيراً منها إلى دور الكتب في بلادهم ، ثم نشطت المطبعة العربية في طبع كتب الأدب القديم ، ومايؤلف أو يترجم حديثاً، وتم اللجوء إلى جمع شتات الكتب المتفرقة ، وأنشئت المكتبات الوطنية الكبيرة محافظة على التراث القديم ، وتيسيراً لتعميم الإفادة من المؤلفات المدفونة في خزائن الكتب ، وتعددت المكتبات في عدد من المساجد والجامعات والكليات .

أثر المكتبات في النهضة : يسرت القراءة والاطلاع لكل راغب ، وأعانت الباحثين والدارسين على تحقيق أهدافهم بما يتوافر لهم من المراجع قديمها وحديثها ، مما يعجز الفرد بل الجماعة عن اقتنائها ، كما توفر المكتبات ألواناً مختلفة من المعرفة وتمدهم بمصادرها في شتى اللغات .

المجامع اللغوية والجمعيات الأدبية : مع الترجمة شاعت التعبيرات والمصطلحات الأجنبية علمية وأدبية وفنية في لغتنا العربية ، وتغلغلت المخترعات الحديثة في حياتنا العامة والخاصة ، واشتدت الحاجة إلى الاستعانة برجال اللغة والأدب ، والإفادة من جهودهم في تذليل الصعوبات التي تعترض جهود المترجمين ووضع الألفاظ العربية للمصطلحات العلمية والمخترعات الحديثة والمحافظة على سلامة اللغة وجعلها وافية لمطالب العلوم والفنون وملائمة لحاجات العصر ومسايرة لركب الحضارة ، وأنشئ المجمع العلمي العربي بدمشق ثم مجمع اللغة العربية في مصر ومازالا قائمين وتبعتهما مجامع أخرى في بقية البلاد العربية .

أثر المجامع اللغوية في النهضة : وضعت ألفاظ عربية للمسميات الأجنبية في العلوم والفنون وبهذا سهلت مهمة المترجمين ، وأمكن تطويع اللغة للتعبير العلمي ، والمحافظة على سلامة اللغة من الدخيل والبحث عن كل ما من شأنه تقدم اللغة والتنبيه إلى الأخطاء التي يجب تجنبها ، ومن خلال هذه المجامع تجمع صفوة العلماء والأدباء ونظمت جهودهم في البحث .

المستشرقون : وهم الباحثون الغربيون الذين قاموا بدراسة علوم الشرق ولغاته وآدابه ودياناته وتاريخه وحضارته .

نشأة الإستشراق : حكم العرب والمسلمون الأندلس وصقلية ، ومنذ أن استقر سلطانهم بأوروبا أنشأوا حضارة زاهرة قوامها العلوم والفنون والآداب والفلسفة ونشروا مدنية عظيمة ، بينما كانت أوروبا غارقة في ظلمات الجهالة ، ولما استيقظت من سباتها وجدت شعباً غريباً عنها ينشر النور في ربوعها ، واتجهت أنظارهم إلى الأندلس وأقبل الرهبان المسيحيون يأخذون علوم المسلمين ويدرسون ما شاءوا وينقلون إلى اللاتينية من طب وهندسة ورياضة وفلك ، وكانت الغاية علمية دينية يستزيد بها الرهبان ورجال الدين من العلوم وخاصة الإلهيات وفروع المعرفة . ولم يمض قرنان من الزمن حتى قوي الميل إلى الدراسات لمعرفة أحوال الشرق الإسلامي ، لأغراض تجارية وحربية إبان القرون الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر ، وصارت جامعات الأندلس قبلة الطلاب من شتى بقاع أوروبا بين دارس وناقل ، وأقبلوا على نقل الكتب العربية إلى اللاتينية ، وعادوا إلى بلادهم مزودين بكنوز من ثقافة العرب في الطب والفلك والرياضيات والمنطق والفلسفة والفيزياء والطبيعة ، وكانت تلك النفائس عاملاً مهماً في النهضة الأوربية ، وقد ظلت هذه الترجمات عماداً للثقافة الأوربية حتى القرن الثامن عشر ، ولما نضجت دراسة هذه العلوم وتحررت العقلية الأوربية من الجهل ، أنشئت على هذا الأساس المتين علوم جديدة هي عماد الحضارة الغربية اليوم .

الإستشراق في العصور الحديثة : تجدد الإستشراق وتعددت صوره ومن مظاهره :

- الجمعيات الآسيوية : التي أنشأتها الدول الكبرى لدراسة شؤون الأمم التي تحكمها ، ومعرفة لغاتها وآدابها ، ليستولوا عليها وليسوسوها بما يلاءم نفسية شعوبها .

- المؤتمرات : وفيها تلقى البحوث وتوضع خطط الأبحاث المستقبلية ، وتناقش الجهود التي قاموا بها والنتائج التي وصلوا إليها .

- جمع نفائس الكتب : وقد جمعها المستشرقون أيام المحن التي حلت بالمسلمين في الأندلس وفي صقلية وأيام الحروب الصليبية ونقبوا عن النفائس النادرة وبذلوا من الجهد المادي ما يمكنهم من اقتنائها ، حتى اجتمع في مكتبات أوروبا 25000 مجلد لها فهارس منظمة ، وقد فطنت الدوائر الأدبية والعلمية في الشرق لهذا التراث المجيد ، فأخذت تعمل على تصوير المخطوطات لنشرها والإفادة منها .

- معاهد اللغات الشرقية : وقد انتشرت في العواصم الكبرى ، حيث يقصدها الغربيون للإفادة من اللغات الشرقية في السياحة والسياسة والتجارة ، ويقصدها أبناء البلاد الشرقية والعربية للإستزادة من العلم ، ولدراسة طرق البحث ، ومناهج الدرس الذي حذقها الأوربيون .

أشهر المستشرقين : مارجليوث وقد نشر معجم الأدباء لياقوت الحموي وحماسة البحتري ، ونيكلسون وقد ألف في تاريخ الأدب ونشر أبحاثاً في التصوف الإسلامي . وهنري جيب وهو عضو بالمجمع اللغوي بمصر وعني بدراسة الأدب العربي ، ونولدكه وقد ألف تاريخ القرآن الكريم ودراسة المعلقات .

أثر المستشرقين في اللغة والأدب : أتيحت لهؤلاء العلماء عوامل وأسباب هيأت لهم الإنتاج القيم : فقد أمدتهم بلادهم وجمعياتهم بالمال ، وتوافرت لهم المكتبات العامرة بالأبحاث ، والمخطوطات النادرة ، فضلاً عن تفرغهم للبحث ، وإجادتهم لعدة لغات شرقية وغربية . وتبدو مآثرهم في :

نشر المخطوطات القديمة : في طبعات أنيقة مفهرسة تسهل الاطلاع ومصححة ومزودة بتعليقات قيمة ، وبذلك عرف العرب ذخائر علمهم وأدبهم مطبوعة ، وعنيت المكتبة العربية بإحياء التراث القديم .

الدراسات والبحوث : فقد درسوا ما جمعوه من الكتب وحققوه ، كما اشتهروا بأبحاثهم في أصول اللغات وفقه اللغة .

الكشوف الأثرية : في بلاد العرب غيرت كثيراً من حقائق التاريخ ونظرياته .

وامتازت أبحاثهم بحسن العرض والتدقيق العلمي ، والحرية في مناقشة الآراء ونزاهة النقد ، وبذلك صارت مرجعاً دقيقاً للباحثين ونوذجاً للمؤلفين. كما أن دراساتنا الأدبية قد تأثرت بطريقتهم في البحث وأخذنا عنهم العناية بالتحليل والتعليل والنقد والموازنة . وقد قاموا بتأليف دائرة المعارف الإسلامية ونشروها بالإنكليزية والفرنسية والألمانية ، وأشرفوا على توزيعها ، وهي بحث قيم في الموضوعات الإسلامية وتراجم أعلام الرجال . كما وجهوا الدراسات الجامعية لدينا توجيهاً صحيحاً عماده الاستقراء العلمي والدقة والموازنة . ما يؤخذ على المستشرقين أن هذه الجهود القيمة لم تسلم من الشوائب ، فقد وقع بعضهم في أخطاء جسيمة جعلت بعض أبحاثهم مشحونة بالمفتريات تأثراً بالتعصب الديني فالمستشرق اليهودي أو المسيحي لا ينسى دينه أثناء كتابته ، وبخاصة إذا كان من المبشرين ، وكثير منهم يجهلون روح الإسلام ويتحاملون عليه تعصباً أو جهلاً ، كموقفهم من إباحة تعدد الزوجات والطلاق ، وعدم تذوق اللغة العربية وتعذر فهم أسرارها عليهم ، أوقعهم في أخطاء بشعة ، وجعل آراءهم بعيدة عن الصواب في بعض الموضوعات .

المسرح التمثيلي : لم يكن المسرح التمثيلي معروفاً في العالم العربي حتى النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، حيث افتتحت في مصر دار الأوبرا ، واستقدم لها فرقة أجنبية مثلت رواية عايدة باللغة الفرنسية ، كما ظهر في مصر وبلاد الشام أبو خليل القباني الذي حرك النشاط المسرحي في كل من البلدين ، ونشأت عدة مسارح ، ولعل المسرح قد ارتقى بخطوات واسعة مع جورج أبيض الذي درس أصول الفن في فرنسا وكان ماهراً فيه ، وقد أنشأ يوسف وهبي فرقة رمسيس التي خطت بالمسرح خطوات جريئة ، وكانت مدرسة للفن المسرحي ورجاله ، وعم النشاط المسرحي العالم العربي، وتعددت الفرق ، وازدهر الأدب التمثيلي مع محمود تيمور وتوفيق الحكيم وأحمد شوقي ، وقد أدى ذلك إلى تنشيط حركة الترجمة ونقل المسرحيات إلى اللغة العربية ، ومن ثم نشأ الأدب المسرحي .

أبو خليل القباني - إبداع بين حريقين (1833 - 1903م)

أبو خليل القباني من أعلام سوريا مؤسس المسرح السوري والمسرح العربي ورائد المسرح الغنائي العربي، هو أحمد أبو خليل بن محمد آغا بن حسين آغا آقبيق ولد في دمشق, سورية عام 1833 م.و توفي سنة 1903م. قدم عروضا مسرحية وغنائية وتمثيليات عديده منها (ناكر الجميل) و(هارون الرشيد) و(عايده) و(الشاه محمود) و(أنس الجليس) وغيرها. أعجب أبوخليل القباني في بداياته بالعروض التي كانت تقدم في مقاهى دمشق مثل الحكواتي ورقص السماح وكان يستمع ويتابع نوات موسيقى ابن السفرجلاني وكذلك تلاقى القباني مع الفرق التمثيلية التي كانت تمثل وتقدم العروض الفنية في مدرسة العازرية في منطقة باب توما بدمشق القديمة. قدم أول عرض مسرحي خاص به في دمشق عام 1871 وهي مسرحية (الشيخ وضاح ومصباح وقوت الأرواح) ولاقت استحسان الناس وإقبالا كبيرا، وتابع الناس أعمال القباني وعروضه المسرحية وحقق نجاحاً كبيراً، وفي عام 1879 أسس أبوخليل القباني فرقته المسرحية وقدم في سنواته الأولى حوالي 40 عرضاً مسرحياً وغنائياً وتمثيليات كثيرة .

سافر مع مجموعة ممثلين فنانين وفنانات سوريين إلى مصر حاملاً معه عصر الازدهار للمسرح العربي حيث أدى مسرحية أنس الجليس عام 1884. وتتلمذ على يديه الكثير من رواد المسرح بعد ذلك، سافر إلى العديد من البلدان واقتبس لاحقاً من الأدب الغربي قصصاً عالمية عن (كورنيه) الفرنسي. عاش القباني ما يقارب السبعين عاماً. كان أوَّل عمل مسرحي محترف له بعنوان: (ناكر الجميل) بطلب من الوالي صبحي باشا, ثم دعمه الوالي مدحت باشا. أُحرق مسرح القباني في دمشق عام 1882 أو 1883 وسافر إلى الإسكندرية وقدَّم أوَّل عرض مسرحي عام 1884 أحرق مسرحه في القاهرة عام 1900 . اللافت في مسرح القباني هو مجموع العروض التي أنتجها في مصر ما بين عامي 1884 ـ 1900 بمائة وستة عشر عرضاً. عدد النصوص التي قدَّمها 68 نصَّاً عُرف منها واحد وخمسون نصاً. اللافت أيضاً أن عدد فرقته في مصر بلغت خمسين ممثلاً وراقصاً وعازفاً وفنياً. نشر القباني على الغلاف الأوَّل لمسرحية (رواية هارون الرشيد من أنس الجليس) بياناً شعرياً طرح فيه وظيفة المسرح الاجتماعية بصورة واضحة لا لبس فيها, فالتمثيل بالنسبة له رسالة, والممثل صاحب رسالة, وأصحاب الرسالات لا يلهون, ولا يزهون, ولا يعجبون بذواتهم. والأهم من البيان الشعري, هو البيان النثري, فهو غير معلن كسابقه, بل كان القباني يشير إليه أمام فرقته, وأصحابه, وربَّما جمهوره, وقد نقله عنه شريكه في التلحين الموسيقار (محمد كامل أفندي الخلعي) في كتابه: (كتابُ الموسيقى الشرقية). مصادر القباني الحكائية شملت: التاريخ العربي الإسلامي, التراث الحكائي الشعبي, الشفوي, التراث المكتوب: ألف ليلة وليلة, وسيرة عنترة. بالإضافة إلى الحياة الاجتماعية المعيشة. أما مرجعياته وأدواته الإبداعية فكانت: من الشعر الجاهلي, والنثر العربي, والحكم والأمثال, القرآن الكريم , الموشحات والأزجال, الألحان الغنائية التراثية, وفنون الآراء الحركيَّة: رقص السماح, رقص الدبكة, وألعاب السيف والترس. أما شعراء القباني فمنهم: صالح بن عبد القدوس, الشريف الرضي, البحتري, صفي الدين الحلي, محمود الوراق,... مراجعه الأدبية والوثائقية: يتيمة الدهر, اللطائف والظرائف, مقامات الحريري, أحكام القرآن, نهاية الأرب...أما موضوعات القباني: فهي ثلاثة موضوعات تتكرر في جميع مسرحياته, وهي: تمثل, علاقة الرجل بالمرأة, وعلاقة الصديق بالصديق, وعلاقة الراعي بالرعية. خلاصة القول: إن مسرح القباني جدير بالاهتمام لما يملك من الدهشة والمتعة والإعجاب بهذا العقل المفعم بالتجديد والحيوية والإبداع.

عاد إلى دمشق متابعاً مسيرته في ترسيخ أسس المسرح العربي وقدم العديد من مسرحياته وتخرج وتتلمذ علي يد القباني وفرقته المسرحية أهم أعلام المسرح العربي. وفي دمشق ما زال المسرح المعروف باسمة مسرح القباني قائماً في أحد أحياء دمشق حتى اليوم. سافر إلى إسطنبول وإلى الولايات المتحدة وفي سنواته الأخيرة ودون أبو خليل القباني مذكراته وتوفي في دمشق عام 1903 تاركاً أُسس وبداية المسرح العربي .

أهم ألحانه

موشح "برزت شمس الكمال... من سنا ذات الخمار" على مقام الحجاز وايقاع جفتة جنبر

موشح "ما احتيالي يا رفاقي" من مقام الحجاز وايقاع الأقصاق

موشح "اشفعوا لي يا آل ودي" من مقام الهزام وايقاع جفتة جنبر

موشح "رصع اللجين بياقوت في الحناجر" من مقام الرست وايقاع المصمودي الكبير

موشح "يا غصن نقا مكللاً بالذهب"

موشح "بالذي أسكر"

موشح "يا من لعبت به شمول" من مقام الرست وايقاع الفالس أو يوروك

موشح "شادنٌ صاد قلوب الأمم" من مقام عجم عشيران وايقاع سماعي دارج

موشح "كيف لا أصبو لمرآها الجميل" من مقام شوق أفزا وايقاع الأقصاق

قد "يا مسعدك صبحية"

قد "صيد العصاري"

قد "يا طيرة طيري يا حمامة... وديني لدمّر والهامة" وهي من ضواحي دمشق على ضفاف نهر بردى

قد "يا مال الشام" وهذه كلمات هذه الأغنية الدمشقية الأصيلة:

يا مال الشام يا الله يا مالي طال المطال يا حلوة تعالي

طال المطال واجيتي عالبال ما يبلى الخال عالخد العالي

طال المطال طال وطول الحلوة بتمشي تمشي وتتحول

يا ربي يرجع الزمن الأول يوه يا لطيف ما كان على بالي

طال المطال وعيوني بتبكي وقلبي ملان ما بقدر يحكي

يا ربي يكون حبيبي ملكي يوه يا لطيف ما كان على بالي

طال المطال وما شفناهم يوم الأسود يوم الودعناهم

يا ربي تجمعني معاهم يوه يا لطيف ما كان على بالي



الإذاعة والتلفزيون والمحطات الفضائية : تقوم الإذاعة على تثقيف الأفراد ، وإيقاظ الوعي الديني والاجتماعي ، وأثرها لا يقل عن المدرسة والكتاب ، والصحيفة والمجلة، بل قد تكون الكلمة المسموعة أو المشاهدة أقوى تأثيراً من الكلمة المقروءة ، بفضل ما تثيره طريقة الإلقاء وتنغيم الصوت من معان واستجابات . والإذاعة تستهدف الإعلام والتثقيف والترفيه ، وقد عرفنا الإذاعة المسموعة في صورة محطات أهلية ، ثم أنشأتها شركات كبرى ، ثم تولتها الدولة ، ثم عادت إلى القطاع الخاص . ثم تولتها الدولة ، ثم عادت إلى القطاع الخاص . ثم ولدت الإذاعة المرئية – التلفزيون – ثم المحطات الفضائية والإنترنت ، وكل ذلك أثر على الأدب والفن ، فقد أوجد لوناً جديداً من الأدب ممثلاً في الحديث الإذاعي والتعليق السياسي والندوات العامة ، وأعادت لبعض الأنواع الأدبية المهجورة مكانتها كالمناظرة . كما عملت على تقريب اللهجات العربية ، فأصبح المستمع في أي بلد عربي يتذوق ما يذاع من محاضرات وأحاديث وأغان بلهجة بلد آخر ، برغم اختلاف اللهجات ، كما قربت بين العامية والفصحى ، وتمت حركة التطور اللغوي ، وقومت معها الألسن ، وجعل التذوق الأدبي حظاً مشاعاً لجميع الناس على تباين ثقافتهم ، كما حفلت هذه الوسائل الجديدة بالقصة والمسرحية ونشطت المواهب الأدبية ، ووسعت مجال الإنتاج الأدبي، وقربت الأدب من الحياة ، ونمت الثقافة الوطنية والوعي الديني ورفعت المستوى الثقافي الاجتماعي.









فقهاء العصر الحديث

إبراهيم مصطفى الموصلي

إبراهيم بن مصطفى الموصلي ، وهو من علماء الموصل ، وولد فيها عام 1223هـ / 1816م ، ونشأ بها ودرس على علمائها حتى تخرج عليهم ، وقدم إلى بغداد واستوطنها ، وشغل منصب كاتب العساكر النظامية في الجيش العثماني ، وبقي مدة طويلة في وظيفته ، وهو سلفي العقيدة ، ومن المتأثرين بالدعوة الإصلاحية للإمام محمد بن عبدالوهاب ، وكان ذا فضل وافر ومعرفة بالعقائد وأصول الفقه ، وعنده معرفة بالجرح والتعديل ، وقد درس عليه مجموعة من علماء بغداد منهم العلامة محمود شكري الألوسي ، والشيخ عبدالمجيد أفندي خطيب جامع الإمام أبو حنيفة في الأعظمية ، وكان إبراهيم الموصلي شديد التعلق بمدينته الموصل ويحب أهلها ويراها أحسن البلاد ويجادل في ذلك ، وكان سخياً كريم النفس يحب ضيوفه ويأنس بهم . وله مؤلفات ومخطوطات كثيرة عفا عليها الزمن ، ولم يبق منها سوى القليل ، ومنها كتاب ( حاشية على شرح السراجية ) ، للشريف الجرجاني ، وتوفي صباح يوم الثلاثاء 4 ربيع الأول 1312هـ / 4 أيلول 1894م ، ودفن في مقبرة الخيزران ، بجوار جامع أبي حنيفة .

أبوتراب الظاهري

هو أبو محمد عبدالجميل بن أبي محمد عبدالحق بن عبدالواحد بن محمد بن الهاشم ، ويكنى بأبي تراب الظاهري ، ولد الشيخ في " أحمد بور الشرقية " بالهند عام 1923م / 1343هـ وتوفي صباح يوم السبت الموافق 21 / 2 / 1423هـ ، ودفن بمقبرة المعلاة بمكة المكرمة . وهو عميد اللغة العربية في عصره ، والرجل الموسوعي ، والمعلمة التاريخية ، والخزانة المتنقلة ، المحدث ، الأصولي ، اللغوي، الأديب ، والفقيه الظاهري . وعقيدته عدم التأويل في الألفاظ الواردة في الصفات والأسماء وإجراءها على معانيها في اللغة ، وليس لنا أن نؤول لأن التأويل تعطيل لصفة من صفات الله عز وجل أثبتها هو في كتابه . كانت ولادته ، ونشأته الأولية في مدينة " أحمد بور، بالهند " ، وكان مبدأ تعليمه على يد جده : عبدالواحد ، ثم قرأ : " كريمة بخش ، وبندناما ، وناماحق ، وبلستان ، وبوستان " ، وهي كتب فارسية ، كانت مقررة في دروس التعليم آنذاك . ثم تعلم الخط الفارسي على يد جده في الجامع العباسي في : أحمد بور ، وبعد ذلك جلس إلى دروس والده ، وبدأ من " الصرف " ثم النحو ثم أصول الحديث ، ثم أصول الفقه . يمكن القول بأنه قرأ جميع كتب النحو والصرف و الحديث والفقه على المذاهب الأربعة ونسب نفسه للمذهب الظاهري لإبن حزم الأندلسي . يجيد لغات شبه القارة الهندية ، وخاصة الأردية ويجيد أيضاً الفارسية. قدم إلى المملكة العربية السعودية بطلب من الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود ، مدرساً في الحرم المكي . رحل إلى مصر واستضافه أحمد محمد شاكر في بيته ، كما استضافه محمد حامد الفقي في بيته أيضاً. كما لقي هناك الشيخ زاهد الكوثري . رحل إلى المغرب ، وحل ضيفاً عند شيخه : منتصر الكتاني ولقي عبدالله بن الصديق الغماري . أما شيوخه فهم : والده المحدث عبدالحق الهاشمي ، وهو شيخه الأول ، والأخير . من الهند : إبراهيم السّيالكوني ، وعبدالله الروبري ، الأمر التسري، وأبو تراب محمد عبدالتواب الملتاني ، ثناء الله الأمر تسري ، وعبدالحق الملتاني . من مكة المكرمة والمدينة المنورة : أبو بكر بن أحمد بن حسين الحبشي ، حسن مشاط المالكي ، عبدالرحمن الإفريقي ، عبدالرحمن المعلمي ، عمر بن حمدان المحرسي ، محمد عبدالرزاق حمزة ، ياسين بن محمد عيسى الفاداني . من مصر : أحمد محمد شاكر ، حسنين محمد مخلوف ، محمد حامد الفقي . من المغرب : عبدالحي الكتاني ، منتصر الكتاني . وله نحو خمسين كتاباً، في " الحديث ، والسيرة ، والتراجم ، والنحو، والأدب ، والشعر ، والنقد " ويلاحظ أن الصبغة الأدبية طاغية على تأليفه ، كما له تعاليق ، ومراجعات على كتب شتى . طبع من مؤلفاته نحو خمسة وعشرين كتاباً.

أبو اليقظان

ولد إبراهيم بن عيسى حمدي أبو اليقظان بمدينة القرارة – ولاية غرادية ( وادي ميزاب ) بالجزائر يوم 29 صفر 1306هـ الموافق 5 نوفمبر 1888م . ودخل الكتاب القرآني وحفظ القرآن ثم أخذ في تعلم الفنون من عربية وشرعية . ثم سافر إلى تونس وواصل دراسته في جامع الزيتونة ثم الخلدونية . ثم ترأس أول بعثة علمية جزائرية إلى الخارج وكانت وجهة البعثة إلى تونس . وكان عضواً بارزاً في الحزب الحر الدستوري التونسي . وأصدر أولي جرائده " وادي ميزاب " تحرر وتوزّع في الجزائر وتطبع في تونس ، أصدر ثماني جرائد ما بين 1926 و 1938 وهي : وادي ميزاب ، ميزاب ، المغرب، النور ، البستان ، النبراس ، الأمة ، الفرقان . وأسّس المطبعة العربية ، وهو أول وطني جزائري يؤسّس مطبعة وطنية حديثة في الجزائر. وانضم إلى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين . و انتخب عضوا في المجلس الإداري لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين . ونشر في أكثر من جريدة ومجلة ( زيادة إلى جرائده ) منها الفاروق والإقدام في الجزائر والمنير والإرادة في تونس والمنهاج في القاهرة . وتفرّغ للتاليف بعد انقطاعه عن الصحافة ، ترك للمكتبة العربية والإسلامية أكثر من ستين مؤلفا بين كتاب و رسالة ، عدا المقالات والأشعار والمذكرات . توفي في القرارة يوم الجمعة 29 صفر 1393 هـ موافق 30 مارس 1973 م . له مؤلفات عديدة : ديوان أبي اليقظان ج1 سنة 1931 م –وحي الوجدان في ديوان أبي اليقظان ( مخطوط ) – سليمان الباروني باشا في أطوار حياته – إرشاد الحائرين 1923 م – الجزائر بين عهدين الاستغلال والاستقلال ( مخطوط ) – تفسير القرآن الكريم ج1 ( مخطوط )

أحمد بن أبي داود – الجزائر

هو أحمد بن أبي القاسم بن السعيد بن عبد الرحمن بن محمد ( 1235/1280 هـ /1891/1861 م ) . وينتهي نسبه إلى سليمان بن أبي داود ، ولذا عرف بـ " أحمد بن أبي داود " ، أبو البركات ، تولى التدريس بزاوية بن أبي داود وهو ابن عشرين سنة ، وظل مدرساً بها إلى وفاته ، أي مدة 25 سنة ينشر العلوم الشرعية خصوصاً الفقه والتفسير والحديث . توفي يوم 6 جمادى الأولى عام 1280 هـ / 1861م.

أحمد شاكر

هو أبو الأشبل أحمد بن محمد شاكر بن أحمد ن عبد القادر ، من آل أبي علياء . يُرْفَع نسبه إلى الحسين بن علي . عالم بالحديث والتفسير . كان مولده ووفاته في القاهرة . أبواه من جرجا بصعيد مصر . سمّاه أبوه أحمد ، شمس الأئمة ، أبا الأشبال . واصطحبه معه حين ولي القضاء في السودان سنة 1900 م ، التحق بالأزهر فنال شهادة العالمية سنة 1917 م وعُيّن في بعض الوظائف القضائية ، وانقطع للتأليف والنشر إلى أن توفي . له مصنفات عديدة منها : شرح مسند الإمام أحمد بن حنبل 15 جزءاً وهو من أعظم أعماله : نظام الطلاق في الإسلام وغيرها . وله تحقيقات مهمة منها : رسالة الإمام الشافعي ، جماع العلم ، المعرب للجواليقي وغيرها . وقال عنه الشيخ محمود محمد شاكر : وهو أحد الأفذاذ القلائل الذين درسوا الحديث النبوي في زماننا دراسة وافية ، قائمة على الأصول التي اشتهر بها أئمة هذا العلم في القرون الأولى ، وكان له اجتهاد عرف به في جرح الرجال وتعديلهم ، أفضى به إلى مخالفة القدماء والمحدثين ، ونصر رأيه بالأدلة البينة ، فصار له مذهب معروف بين المشتغلين بهذا العلم على قلتهم . وكان لمعرفته بالسنة النبوية ودراستها أثر كبير في أحكامه ، فقد تولى القضاء في مصر أكثر من ثلاثين سنة ، وكان له فيها أحكام مشهورة في القضاء الشرعي ، قضى فيها باجتهاده غير مقلد ولا متبع . توفي في ذي القعدة سنة سبعة وسبعين و ثلاثمائة وألف ، رحمه الله تعالى .

د. أحمد عبد الرحمن النقيب

هو أكاديمي وداعية مصري مقيم بالمنصورة . ولد بمدينة السنبلاوين وهي إحدى عواصم المراكز بمحافظة الدقهلية وتنقل بين القاهرة والمنصورة والمنزلة . حصل الشيخ على الشهادة الابتدائية العامة والأزهرية ثم أكمل بالتعليم العام حتى تخرج في كلية الآداب جامعة القاهرة قسم اللغة العربية وآدابها وفيها أتم رسالة الماجستير ثم الدكتوراه . حفظ القرآن الكريم على يد والده أولاً ثم الشيخ إبراهيم أبو جلاّب والشيخ حافظ حنيش . أما عن العقيدة فقد تلقاها على يد تلميذ للشيخ محمد الأمين الشنقيطي صاحب أضواء البيان وهو الشيخ عبد السلام بسيوني ثم تلقى علم أصول الفقه على يد الشيخ عبد الجليل القرنشاوي - شيخ أصولي المالكية قاطبة بمصر والشيخ الحسيني الشيخ والشيخ جاد الرب . تلقى علم التحقيق على يد الدكتور / شوقي ضيف أمين مجمع اللغة العربية سابقاً . تعلم علوم اللغة لاسيما الدلالة والمعاجم من الدكتور /محمود فهمي حجازي ، والعلامة الدكتور / مصطفى ابراهيم، واستفاد في علوم القرآن والتفسير من الدكتور / السيد فرج . من مؤلفاته : هداية القاصد لنيل أهل المقاصد – كفاية القاري في تفسير كلام الباري – منهج المدرسة الظاهرية في تفسير النصوص الدينية – دور اللغة في تفسير القرآن .

إسحاق عقيل المكي

وهو إسحاق بن عقيل بن محمد هاشم عزوز الحسني المكي . ولد في مكة بباب الباسطية في شهر ربيع الأول من عام 1330هـ / 1912م ، ونشأ بها وتلقى دراسته بمدرسة الفلاح في مكة ، وتفوق على أقرانه وأستحق شهادة مدارس الفلاح للدراسة النهائية عام 1347هـ / 1928م ، ثم أبتعث إلى بومباي في شهر رجب من عام 1348هـ / 1929م ، ضمن بعثة ضمت عشرين طالباً لإتمام الدراسة الدينية العالية ، ودرس هناك على مجموعة من علماء وكبار أساتذة العالم الإسلامي ، حيث أستقدمهم مؤسس المدرسة محمد علي رضا زينل إلى بومباي في الهند . وعاد إلى السعودية بعد أن حصل على الدراسة العليا ، وعين مدرساً في مدرسة الفلاح عام 1352هـ /1933م، ثم عين عام 1355هـ / 1936م مفتشاً في مديرية المعارف بمكة ، ثم مديراً لتحضير البعثات عام 1356هـ / 1937م ، وبعدها عين مدرساً بمدرسة الفلاح في مكة عام 1362هـ / 1943م ، وأختير عضواً في مجلس الشورى عام 1372هـ /1952م ، ولثلاث أعوام . وعين وكيلاً لنائب رئيس مدارس الفلاح ومشرفاً عاماً على المدارس في عام 1378هـ / 1958م ، وفي 28 شعبان 1380هـ / 1960م ، صدر الأمر بتعيينه وكيلاً لإمارة منطقة مكة المكرمة ، وأستقال في 28 صفر 1381هـ / 1961م، وبقي خلال هذه الفترة مشرفاً على مدارس الفلاح . مؤلفاته كثيرة منها : - إعلام المسلمين بعصمة النبيين – الوجيز في سجدات التلاوة – تحقيق كتاب نزهة النظر للحافظ ابن حجر العسقلاني ، وغيرها . توفي في مكة عام 1415هـ /1994م، ونقل إلى المدينة المنورة حسب وصيته ، ودفن في مقبرة البقيع.

بشير العوف - سورية

- بشير حمدي محمود العوف( 1335هـ / 1917م – 1415هـ / 1994م ) ، ولد في دمشق ، من عائلة دمشقية عريقة عرفت بالتدين ، وكان والده وجده من كبار التجار في سوق البزورية قرب الجامع الأموي الكبير, وما زالت هذه العائلة من أشهر رموز هذا السوق.

- نشأ بشير العوف على مذهب الإمام أبي حنيفة ، وتعلم الفقه على المذاهب الأربعة ، وعشق الكلمة العربية منذ نعومة أظفاره و تلقى علومه الأساسية فيها. حصل على بكالوريوس العلوم السياسية من بيروت, وشهادة المعهد العالي في اللغة الفرنسية من دمشق.

- كان الشيخ محمد نمر الخطيب أحد العلماء والأعلام في مدينة دمشق مع شقيقه المحامي محمد كمال الخطيب ، يولي الأولاد والشبان اهتماما خاصا , وقد قاما بإنشاء ما يمكن أن يسمى بالنادي الرياضي والثقافي والديني , ونشأ بشير العوف منذ صغره ضمن هذه النشاطات وكان منذ صغره قوي الشخصية ، ذا رأي حصيف , ومهابة أمام أقرانه، مهابة تختلط بالاحترام والمحبة ولذة الاستماع إلى أحاديثه ، وقد رافقته هذه المهابة مع شخصيته القيادية حتى آخر أيام حياته .

- وانتسب إلى فرقة صغار الكشافة ( الجراميز) التي أسسها العالمان الخطيب . ولما ترعرع وأصبح شابا أسس فرقة المأمون الكشفية وكانت فرقة متميزة بين الفرق الكشفية في سورية ولبنان والأردن وفلسطين. وأصبح عضوا في اللجنة المركزية لكشاف سورية 1941.

- عمل مديراً مسؤولاً لجريدة "الأيام" في دمشق وهي صحيفة أسستها الكتلة الوطنية المؤلفة من كبار الوطنيين السوريين صانعي الاستقلال كهاشم الأتاسي وشكري القوتلي وسعد الله الجابري وجميل مردم بيك وإبراهيم هنانو، وكان نصوح بابيل أحد أكبر رجالات الصحافة السورية رئسا لتحريرها ثم آلت ملكيتها إليه ، وتخرج منها أكثر الصحفيين السوريين وفي مقدمتهم بشير العوف .

- كما شارك في تأسيس حزب الشبان المسلمين الذي أصبح الإخوان المسلمين إلى جانب مؤسس الحزب الداعية الإسلامي الشيخ الدكتور مصطفى السباعي أمين عام الحزب وكان الشيخ الدكتور محمد عبد القادر المبارك مديرا للشؤون المالية كما كان بشير العوف أمينا للسر. في عام 1946 تقدم الحزب بطلب امتياز لإصدار جريدة يومية اختار لها بشير العوف اسم المنار وتولى رئاسة تحريرها , وترك رئاسة تحرير جريدة الأيام بعد أن عمل فيها سنوات طويلة .

- كان بشير العوف خطيبا مفوها وصحفيا لامعا وسياسيا متمكنا ، قام بإدارة تحرير جريدة المنار بكل أمانة واقتدار ،و تولى رئاسة وفد حزب الإخوان المسلمين المؤلف من ثلاثين عضوا وكان أصغرهم سنا ، الذي زار حزب الإخوان المسلمين في مصر، كما قام إلى جانب أمين عام الحزب الشيخ الدكتور مصطفى السباعي وكبار أعضائه ، باستقبال وفد حزب الإخوان من مصر برئاسة رئيس الحزب ومؤسسه الشيخ حسن البنا الذي نزل في دار بشير العوف وضيافته .

- وفي عام 1949 مر الحزب بضائفة مالية اضطرته إلى بيع امتياز جريدة المنار بسعر رمزي لبشير العوف وصدرت جريدة المنار كصحيفة مستقلة وكان بشير العوف صاحيها ورئيس تحريرها ومديرها المسؤول .

- وفي أول عدد وعلى الصفحة الأولى أعلن بشير العوف انسحابه من الحزب مع احتفاظه بصداقته لجميع قادته وأفراده .

- وأعاد تنظيم إدارة جريدته ، فعهد إلى بديع اللولو بإدارتها وإلى ممدوح الحافظ بتحريرها، وكان مكتب إدارة الجريدة يقع في شارع السنجقدار المتفرع من شارع النصر بدمشق . استقطبت الجريدة العديد من الكتاب والصحفيين المرموقين آنذاك، منهم الشاعر عمر بهاء الدين الأميري الذي عمل لفترة محررا بالجريدة، كما كان من كتابها المحامي المعروف صلاح الدين كديمي. كما كان الإعلامي المعروف نعيم الداوودي مديرا تنفيذيا عاما لجميع شؤون مؤسسة المنار ومطابعها . كما كانت ابنته الدكتورة مؤمنة بشير العوف مديرة مكتبه التنفيذية .

- وكان بشير العوف أحد صاحبي جريدة "اللواء" . وفي عام 1950 أصدر أيضا جريدة "المساء " ، وكان أبرع من كتب المقال، في المنار والأيام والصحف التي أصدرها .

- وقد حصل على الجائزة الأولى في مسابقة الملك فاروق للصحافة 1950 .

- وقد منح وسام الكوماندوز من جلالة ملك المغرب 1958.

- وبقيت جريدة المنار ناطقة باسم الدين الإسلامي بتوجهاته الفكرية والاجتماعية والسياسية والأدبية والرياضية والاقتصادية وإلى كل ذلك انفتاحها على جميع شرائح المجتمع السوري وطوائفه وأديانه وأحزابه .

- وجدير بالذكر أن وفدا من حزب البعث قد زاره في مكتبه وشكا له أن لديه بيانا سياسيا رفضت نشره العديد من الصحف اليسارية الإشتراكية ، وطلبوا نشره في جريدة المنار ، واستجاب بشير العوف لطلبهم واشترط أن ينشره في صفحة داخلية وأن يكتب بخط ظاهر أن هذا البيان يعبر عن رأي أصحابه دون أدنى مسؤولية على الجريدة وذلك تمسكا بحرية الرأي وإيمانا يالديمقراطية . وخرج أعضاء الوفد شاكرين له ما فعل , وكانوا ثلاثة بينهم شاب في مقتبل العمر اسمه حافظ الأسد .

- وسار بشير العوف في ركاب الإسلام وتعاليمه ، خلال عمله القكري والصحفي ، دعاه الملك عبد العزيز آل سعود لزيارة المملكة وهو مؤسس الملكة العربية السعودية وصانع نهضتها على أسس إسلامية خالية من الشوائب بدعم من دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب وهي دعوة إسلامية إصلاحية ، وليست مذهبا جديدا ، زار بشير العوف المملكة ضيفا مرحبا به وألقى قصيدة عبرت عن مشاعر الشباب العربي تجاه الملك عبد العزيز ، وعاد إلى دمشق ليزاول عمله ونشاطه ، ملتزما بالإسلام دينا وحضارة .

- أقامت السفارة السعودية حفلة إفطار في رمضان , دعت إليها كبار القادة السوريين والسياسيين والهيئات الدبلوماسية والصحفية ومنهم بشير العوف ، وكان حفلا متميزا بكل المقاييس ، تجلت فيه أصول كرم الضيافة العربية السعودية وحسن الاستقبال وروعة الترحيب ، إلا خطأ جسيما هزت مشاعر الصحفي المسلم بشير العوف. وكانت قضية صحفية تثيرها صحيفة المنار استمرت فترة سارعت السفارة إلى معالجة الموقف ،

- فقام رجل منها بزيارة بشير العوف في مكتبه ، وقال أنا محمد المارق أرسلني سعادة السفير لأدعوكم لزيارته لحل هذه المشكلة التي لن تتكرر أبدا ، لكنه اعتذر ولم ترق له الدعوة ،

- واستمرت الحملة الصحفية , حتى أقامت وزارة الأنباء السورية حفلا بمناسبة ما ، التقى فيها رئيس الوزارة خالد العظم مع سعادة السفير السعودي وبشير العوف وقال خالد العظم لبشير العوف : غدا الساعة العاشرة صباحا ، سعادة السفير بانتظارك على فنجان قهوة ، وأراد الاعتذار غير أن خالد العظم لم يفسح المجاال قائلا : ليس في هذه المشكلة ما تتطور إليه إلا الاعتدار والتسامح ، وهكذا كان ، وترسخت العلاقة الودية بين بشير العوف والملك عبد العزيز طيب الله ثراه وأبناءه الملوك والأمراء .

- كان بشير العوف صحفيا جريئا جدا وسياسيا ذكيا وممارسا للديمقراطية من خلال عمله الصحفي، كان يلزم نفسه والصحف التي أصدرها بالأخلاق الإسلامية ، فكان لايقبل إعلانات الأفلام الفاضحة أو إعلانات التدخين ، ويؤمن بحرية الصحافة وأنها السلطة الرابعة التي يتحدث الشعب من خلالها لمراقبة السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية ومحاسبتها .

- وقد قام بشير العوف بتوجيه النقد للرئيس جمال عبد الناصر وحكمه الديكتاتوري في مصر وخاصة في تطبيقاته الاشتراكية الجائرة والمرتجلة وغير المدروسة , كتأميم الشركات والأملاك الخاصة وإلحاقها بأملاك الدولة .

- والتأميم من الاجراءات المعروفة في الاقتصاد , لكن على الدولة تعويض أصحابها وإرضائهم ، أما الرئيس عبد الناصر قد افترض أنهم لصوص سرقوا الشعب ونهبوا ثرواته فصادرها وعين لها مدراء تابعون للدولة.

- وقد أصبح ما ارتكبه عبد الناصر اسلوبا يتبعه جميع الحكام الديكتاتوريون الثوريون كجعفر النميري ومعمر القذافي وعبدالله السلال وعبد السلام عارف وصدام حسين وحافظ الأسد ، كما علمهم الجرأة على شعوبهم فأصبحت المعتقلات وأقبية التعذيب أمورا كريهة مألوفة .

- وانتقد بشير العوف الرئيس عبد الناصر بأسلوبه الجائر بملاحقة معارضيه من أبناء شعبه من مختلف الأحزاب وخاصة جماعة الإخوان المسلمين ، وكانت جريدة المنار تتابع الأخبار يوما بيوم .

- واحتجت السفارة المصرية بدمشق لدى وزارة الأنباء ، وكان الرد بأن سورية دولة ديمقراطية ، فتقدمت السفارة برفع دعوى قضائية على بشير العوف , هزت المجتمع السياسي والهيئات الدبلوماسية كما أحدثت ضجة كبيرة بين القضاة والمحامين السوريين ، حيث وقف أربعة عشر محاميا من أكبر المحامين للدفاع عن بشير العوف وهم يرتدون عباءاتهم السوداء، ومع ذلك شكرهم بشير العوف وتولى المرافعة عن نفسه فبهر الحاضرين بإلقائه المؤثر وألفاظه الواضحة وجمله الآسرة .

- وكان السياسي الكبير علي بوظو الصديق الحميم للنظام المصري آنذاك والذي تقلد العديد من الحقائب الوزارية خلال تاريخه الوطني الطويل, وكان وزيرا للعدلية في زمن حكومة فارس الخوري ، قد قام بإجراءات عقابية تجاه جريدة المنار .

- ونظرا لما تتمتع به هذه الجريدة ورئيس تحريرها من مصداقية ورصيد شعبي كبير، أديا إلى طرح هذه القصية تحت قبة البرلمان، ففي إحدى جلسات المجلس النيابي في شهر كانون الثاني من عام 1955، في زمن رئاسة المجلس من ناظم القدسي الذي أصبح فيما بعد رئيسا للجمهورية العربية السورية. وبعد أن انتهت جلسة المجلس النيابي التي اتهم فيها علي بوظو بأنه تدخل بالقضاء لمحاربة جريدة «المنار» وحمله على الحكم عليها، اجتمع بعدد من أصدقائه وأخذ يعلن لهم بصورة خاصة بطلان هذه التهمة التي وجهها النواب إليه.. فقال: (إنه يتحدى كل من يدّعي بأنه تدخل مرة في القضاء لمصلحة جهة من الجهات، وقال إن التدخل في القضاء يعدّ مخالفة دستورية صريحة، فالقضاء مستقل والقضاة مرتبطون بمجلس القضاء الأعلى، ولا سلطان لي عليهم) .

- وتابع وزير العدلية بوظو بالقول لأصدقائه: (إني بالحقيقة أعتبر صفراً على الشمال في وزارة العدلية، فما فكرت في يوم بالتدخل في أمر القضاء بقضية من القضايا، ولا يمكن أن أفكر بذلك، وأستطيع أن أقول إنني منذ توليت وزارة العدلية حتى اليوم ما طلبت من نائب عام أن يحرك دعوى، مع العلم أن النواب العامين في السلك القضائي مرتبطون بالوزير أو بالأحرى يمثلون الوزير... ولذلك فإن التهمة بأني أتدخل بالقضاء ليست تهمة بسيطة، بل هي مخالفة دستورية صريحة، وأنا لا يمكن أن أرتكبها مهما كانت الدواعي ومهما كانت الأسباب، وأتحدى كل من يتّهمني بذلك).

- ويبدو أن أصابع الاتهام من بعض النواب والعاملين في مجال الصحافة آنذاك أشارت إلى الزعيم الوطني خالد العظم وبأنه وراء الإجراءات في توريط جريدة المنار الجديد، وقيل حينها إن الذي تدخل في هذه القضية هو خالد العظم الذي استدعى القاضي الذي تحت يديه قضية الجريدة وهو ابن عمه وطلب منه التدخل في غير مصلحة جريدة «المنار»وإدانة الجريدة وصاحبها بشير العوف ، ليتجنب غضب الحاكم المصري , وليس طعنا ببشير العوف ، لأن خالد العظم كان حريصا على صداقته لبشير العوف الذي عرف بموافقه المدروسة وأخلاقه الرفيعة , فلو علم أن الماء يفسد مروءته ما شربه ، وقد قصده الكثير جدا من المظلومين وكان يحمل قضاياهم إلى رئيس الوزراء ليأمر بمساعدتهم على أكمل وجه ، وكان بشير العوف يعاود الاتصال ليتأكد منهم بحل قضاياهم.

- وفي عام 1958 تعرضت سورية لضغوط داخلية وخارجية ، وأجمع السياسيون أن الوحدة مع مصر تحت قيادة جمال عبد الناصر هي المخرج المناسب ، وبناء على ذلك تمت زيارات متبادلة بين الطرفين السوري والمصري ، وقد ألقى أنور السادات رئيس مجلس الأمة المصري آنذاك خطابا في مجلس النواب السوري لقي استحسانا كبيرا من النواب والأدباء والعارفين بأصول الخطابة العربية . ثم زار عبد الناصر دمشق وتم التوقيع على الوحدة , وقد بدا الانزعاج على عبد الناصر حين سأله خالد العظم رئيس الوزارة السورية عن الفترة الانتقالية التي سيبقى فيها عبد الناصر رئيسا قبل انتخاب الرئيس الشرعي للدولة الجديدة, وتجاهل عبد الناصر هذا الموضوع .

- وقامت دولة الوحدة ، ومن معاناة الصحافة في ظلها مراقبتها الجائرة دونما سبب ، ومن ذلك مثلا أمرت وزارة الأنباء رؤساء التحرير تجاهل الزيارة التي سيقوم بها السياسي اللبناني أميل البستاني وكان من أبرز المرشحين لرئاسة الجمهورية اللبنانية آنذاك ، وكانت له محبة خاصة عند الصحفيين السوريين عموما وذا شعبية في الوسط الصحفي السوري . وفي أول ساعات الزيارة أقام أميل دعوة إلى الغداء في الربوة وهي منتزه كبير على ضفتي بردى فيه الكثير من المقاهي الوارفة الظلال كأنها جنة الله على الأرض، حضرها جميع أصحاب الصحف ، وهم يشعرون بالحرج لأن القصر الجمهوري كان صريحا معهم بعدم ذكر أي خبر عن أميل البستاني . وكان لبشير العوف موقف جريء مختلف تماما . فقد استدعى سائقه الخاص وأعطاه آلة التصوير وطلب منه التقاط عدد من الصور لطاولة الغداء ومن حولها وعلى رأسها أميل البستاني ، ثم كتب على ورقة الخبر وتحته تعليمات لمساعده في مكتب الجريدة نعيم الداوودي ، وغادر السائق وعاد بعد ساعة وهو يحمل عشرين عددا من جريدة المساء اليومية التي تصدر بعد الظهر وهي إحدى الصحف التي يملكها بشير العوف ويرأس تحريرها ، وقام بشير العوف بتوزيع الصحف على الحاضرين ليجدوا على صفحتها الأولى بالمانشيت الكبير خبر وصول الزعيم اللبناني إلى دمشق وصورة حفل الغداء التي أقامها للصحافة السورية وما زالت قائمة إلى ما بعد صدور الصحيفة ، مع تصريح سياسي اقتصادي للبستاني استشفه بشير العوف من كلام البستاني الموجه للصحفيين أثناء اللقاء ، وكانت الدهشة والإعجاب بسرعة خاطر بشير العوف وبمهنيته الصحفية وجرأته المتناهية بادية عند جميع الحاضرين وخاصة أميل البستاني نفسه.

- وكان من أول القرارات التي اتخذها عبد الناصر قي الدولة الجديدة هو إغلاق جريدة المنار ومنعها عن الصدور , وشمل ذلك جميع الصحف التي يصدرها بشير العوف ، ثم تبع ذلك عدد آخر من الصحف ، ولم يبق أمام بشير العوف إلا كتابة بعض المقالات المتناثرة في الصحف التي لم ينلها غضب عبد الناصر.

- وانتخب في مجلس الاتحاد القومي 1958.

- وعانت سورية من الحكم الناصري وخاصة من قرارات التأميم للشركات الكبيرة والصغيرة ، ومصادرة الأراضي من أصحابها ضمن ما يسمى بالإصلاح الزراعي , وبلغ السيل الذبى حين أمر الرئيس عبد الناصر بنقل عدد كبير من ضباط الجيش المصري إلى الإقليم الشمالي السوري وتسريح الكثير جدا من الضباط السوريين ، أما الطامة الكبرى فقد أمر بنقل عشرة ملايين من الفلاحين المصريين وخاصة من التراحيل وهم من ليس لهم أرض يملكونها أو يعملون بها بصورة دائمة ، بل متنقلون بين شمال مصر وجنوبها حسب حاجة العمل . على أن يتم تنفيذ هذا القرار خلال شهور عديدة لا تصل إلى السنة . ومن هنا وجد الضباط السوريون أن الرئيس عبد الناصر قد خرج عن الوحدة بإقامة النظام الاشتراكي بأسلوب ارتجالي ظالم ضاربا عرض الحائط بالقيم العربية والأخلاق الإسلامية والعدالة الاجتماعية ، وتقدمت العديد من الهيئات السياسية والاقتصادية والعسكرية بطلبات إلى عبد الناصر عبر المشير عبد الحكيم عامر ممثل الحكم المصري في سورية , ولم تنفع كل هذه الطلبات , فكان لابد من الانفصال لا رغبة من الشعب السوري أو قادته الشرعيين ولكن بسبب سياسة عبد الناصر الارتجالية غير المدروسة وديكتاتوريته الجائرة . وذلك بتاريخ 28 أيلول / سبتمبر 1961 .

- وعادت حرية الصحافة إلى سورية وعادت جريدة المنار إلى الظهور. وعاد قلم بشير العوف إلى صولاته وجولاته . وبعد سنة ونصف بتاريخ 8 آذار/ مارس 1963 قام الناصريون وعلى رأسهم الضابط زياد الحريري بانقلاب عسكري أطاح بالديمقراطية السورية ورجالاتها ، ولم تمض أشهر قليلة حتى اختطف الضباط البعثيون هذا الإنقلاب وتصارعوا على السلطة حتى عام 1970 عندما استلم حافظ الأسد سدة الرئاسة بقوة وحزم منفردا بالسلطة حتى وفاته بعد ثلاثين عاما.

- في الأيام الأولى لإنقلاب 8 آذار أصدر الحكم الجديد قوائم عديدة تضم أسماء رجالات سورية الذي فرض عليهم العزل السياسي والمدني كما تمت مصادرة أموالهم وأملاكهم المنقولة وغير المنقولة ، وتصدرت القائمة الأولى الأسماء الأربعة : ناظم القدسي ، خالد العظم ، معروف الدواليبي ، بشير العوف الذي كان مسافرا خارج البلاد ثم اتخذ مدينة بيروت ملاذا وسكنا واستطاع إحضار زوجته وأولاده العشرة خمس إناث وخمسة ذكور إلى منزل صغير بتاريخ 28 نيسان/ أبريل 1963.

- منذ عام 1963 اعتكف في منزله متفرغاً للتأليف والكتابة الصحفية السياسية. وما يجب ذكره ان الأمير فيصل ولي العهد السعودي آنذاك قد آلمه ماحل بالعائلات السورية التي هربت ولجأت إلى خارج سورية فأمر بمساعدة هذه العائلات بمنحها رواتب شهرية ريثما تتدبر أمورها ، واستمرت هذه العطاءات لمدة أربعة أو ستة أشهر، ويمكن القول أن ما من عائلة سورية استولى عليها الضنك والحرج والذل إلا ونالت حصة مجزية من هذا الكرم السعودي.

- كتب بشير العوف في تلك الفترة في الصحف السعودية في جريدة الندوة التي تصدر في مكة المكرمة، ومجلة إقرأ بجدة ، ومجلة الرابطة وجريدة أخبار العالم الإسلامي التي تصدرهما رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة. في لبنان كتب فترات طويلة في كل من جريدة الزمان ونداء الوطن وفي مجلة "الرابطة الإسلامية" اللبنانية لصاحبها محمد السماك وقد نشأت بينهما صداقة عميقة وثقة دائمة متبادلة .

- وكتب في جريدة نداء الوطن اليومية لصاحبها الياس غريافي ، كل يوم مقالين على الصفحة الأولى , السياسة الداخلية تمثل الافتتاحية إلى اليمين ، والسياسة العربية والإسلامية والدولية إلى الشمال ، بتوقيع كاتب عربي كبير ، وكانت هذه الجريدة تمثل الموارنة والصرح البطريركي أيام البطريرك المعوشي.

- وحدث في تلك الآونة أن اشتد طلب المخابرات اللبنانية بإيعاز من المخابرات السورية على بشير العوف، وبمساعدة عائلة السيدعلي رضا الصحفي والصناعي اللبناني الذي ارتبط مع بشير العوف وعائلتة بصداقة عميقة ، استطاع الاختفاء في قرية في جبل لبنان إلى أن توصل الياس غريافي إلى إقناعهم بأن بشير العوف سيكون في حماية البطرك شخصيا، وبالفعل نقله بسيارته إلى بكركي واستقبله البطرك .

- وأقام بشير العوف اسبوعا في ضيافة غبطة البطريرك المعوشي ، في غرفة مستقلة وأحضروا له مصحفا وسجادة صلاة ، وكان يسهر مع البطرك المعوشي على سطح الكاتدرائية يتبادلان فيها الرأي في مختلف الأمور السياسية والاجتماعية والدينية ، وقد أعجب بشير العوف من تلاوة البطرك لسورة مريم في القرآن الكريم عن ظهر قلب ، فيا لحسن هذه القراءة ويا لجمالها.

- كما كتب في جريدة صدى لبنان لسنوات طويلة لصاحبها محمد البعلبكي نقيب الصحافة اللبنانية فيما بعد وقد نشأت بينهما صداقة عميقة وتوافق فكري ظهرت آثاره على الجريدة والتزامها بالفكر السياسي السليم ، والمبادئ الوطنية اللبنانية والعربية السامية.

- عمل أستاذاً زائراً في كلية الآداب بجامعة الملك عبد العزيز بجدة 1980 .

- كان عضوا في المجلس الأعلى للإعلام الإسلامي,

- شارك في معظم مؤتمرات القمة العربية, والإسلامية, وعدم الانحياز.

- وشهادة تقدير من مجلس اتحاد الصحفيين بسورية 1992 .

- دواوينه الشعرية: ثمالات الندى 1983 - خمائل الطيب 1984 - هالات الضياء 1986 - سنابل الحنين 1991 - همس الغروب 1993.

- أعماله الإبداعية الأخرى: عدد من القصص والمجموعات القصصية هي: بائسة 1952 - كيف غالبت الموت? 1961 - الدرب الشائك 1966 - زوجة المشير 1984

- وأقام في بيروت اضطره وضعه السياسي إلى حمل جوازات لبنانية, وأردنية, وسعودية قي أوقات مختلفة . كما كتب في العديد من الصحف والمجلات العربية ، في الدين والسياسة والاجتماع ، وبلغت مقالاته أكثر من عشرة آلاف مقال في السياسة والأدب والفكر الإسلامي .

- مؤلفاته في الفكر والسياسة والأدب منها: اشتراكيتهم وإسلامنا - الكتاب الأخضر - الزحف الروسي على تشيكوسلوفاكيا - رسائل إلى عبد الناصر – لاثورية ولا إشتراكية - قطوف المعرفة -. قطوف الأرب .

- وفي مجال الدراسات الدينية ، كان معجباً بالمذهب الظاهري لأنه لم يغلق باب الإجتهاد ، فالإسلام دين الحياة والمعاملة . وكان ينبذ التسيب في الدين ، كما كان يحارب الغلو والتعصب ، وألقى العديد من المحاضرات ،وقدم الكثير من الأحاديث الإذاعية والتلفزيونية . وشارك في ندوات ومؤتمرات دولية كثيرة، وكان يدعو إلى إنشاء مجلس إسلامي دولي أعلى للإفتاء .

- ألقى محاضرة عن التعاون الإسلامي المسيحي في مواجهة الأفكار المادية الملحدة , وقد طبعت في كتيب وزع في لبنان على نطاق واسع.

- وضع كتابه ( تعاليم الإسلام بين الميسرين والمعسرين ) – ثلاثة أجزاء ، يعالج فيه قضايا المجتمع بأسلوب قصصي مشوق ، مستمداً جميع الحلول من نظرته التوفيقية بين جميع المذاهب .  

- توفي في آخر زيارة لجدة من عام 1994.

- رسالة ماجستير عن حياة بشير العوف وشعره

في صباح السبت (1/12/2007م) الساعة التاسعة صباحاً تمت مناقشة ـ رسالة الماجستير المقدمة من الباحثة

         حنان بنت خليل إبراهيم أبو ذياب

في قسم الأداب ـ بكلية اللغة العربية بالرياض ـ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية والرسالة بعنوان "بشير العوف 1336-1415هـ (1917-1994م): حياته وشعره".

وناقشتها لجنة مكونة من: ا لدكتور عبد الله بن سليم الرشيد (رئيس قسم الأداب) مقرراً ، والأستاذ الدكتور حسين علي محمد ـ مناقشا ، والدكتور عبد الله القرني ـ مناقشاً.

وكانت المناقشة في مركز قسم الطالبات ـ بالملز، بالرياض، وقد فازت أطروحتها يتقدير جيد جدا.





    

جابر عبدالحميد - مصر

جابر عبدالحميد إمام وخطيب مسجد الريان في القاهرة – جمهورية مصر العربية ، خريج كلية أصول الدين قسم التفسير ، يؤم الشيخ – حفظه الله – المصلين في شهر رمضان المبارك بمسجد مصعب بن عمير – رضي الله عنه – في أبوظبي عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة ، وهو صاحب صوت جميل وخاشع ، أسلم على يده العديد من النصارى والأجانب بفضل الله تعالى ، وله جهود كبيرة في الدعوة في ذلك المجال ، كما له العديد من دروس العقيدة في حي بمسجد الريان في القاهرة ، له العديد من الدروس والخطب المسجلة على شبكة الإنترنت ، كما له أكثر من ختمة .

جمال الدين الأفغاني

ولد جمال الدين سنة 1838م – 1254هـ ، في " أسعد آباد " إحدى القرى الأفغانية ، ويتصل نسبه بالترمذي المحدث المشهور ، ويرتقي إلى الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، كانت لأسرته منزلة عالية لنسبها الشريف ، ولمقامها الإجتماعي والسياسي إذ كانت لها الإمارة والسيادة على جزء من البلاد الأفغانية ، تستقل بالحكم فيه ، إلى أن نزع الإمارة منها دوست محمد خان أمير الأفغان وقتئذٍ، وأمر بنقل أسرة جمال الدين وبعض أعمامه إلى مدينة كابل ، فعني أبوه بتربيته وتعليمه ، فتعلم اللغة العربية ، والأفغانية ، وتلقى علوم الدين ، والتاريخ ، والمنطق ، والفلسفة ، والرياضيات ، ثم سافر إلى الهند يدرس العلوم الحديثة على الطريقة الأوربية ، ثم سافر إلى مكة المكرمة وأدى فريضة الحج . ثم عاد إلى بلاد الأفغان ، وأنتظم في خدمة الحكومة على عهد الأمير دوست محمد خان المتقدم ذكره وكان أول عمل له مرافقته إياه في حملة حربية جردها لفتح هراة ، واكتسب في ذلك الشجاعة وعزة النفس ، ثم وقع الخلاف بين الأمير وإخوته ، وعظمت منزلة الأفغاني عندهم ، رغم تجدد الحروب دوماً بتدخل الإنكليز ، فسار إلى الهند وكانت شهرته قد سبقته وتلقته الحكومة بالحفاوة والإكرام ، ولكنها لم تسمح له بطول الإقامة في بلادها ، ولم تأذن له بالإجتماع بالعلماء وغيرهم من مريديه وقصاده ، إلا على عين من رجالها ، فلم يقم هناك طويلاً، ثم أنزلته الحكومة إحدى سفنها فأقلته إلى السويس . جاء مصر وتردد على الأزهر ، واتصل به كثير من الطلبة ، يتلقون بعض العلوم الرياضية ، والفلسفية، والكلامية ، ثم سافر إلى الأستانة ، فلقي من حكومة السلطان عبدالعزيز حفاوه وإكراماً، إذ عرف له الصدر الأعظم عالي باشا مكانته ، وكان هذا الصدر من ساسة الترك الأفذاذ ، العارفين بأقدار الرجال ، فأقبل على السيد يحفه بالإحترام والرعاية ، لكنه تعرض لسخط شيخ الإسلام حسن فهمي أفندي الذي كاد له ، فترك الأستانة وعاد إلى الديار المصرية . جاء السيد جمال الدين إلى مصر ورحب به رياض باشا وزير الخديوي إسماعيل ، وأجرت عليه الحكومة راتباً مقداره ألف قرش كل شهر، وتجمع حوله طلبة العلم فقراً لهم كتب الفلك ، والتصوف ، وأصول الفقه ، بأسلوب طريف ، وطريقة مبتكرة . وكانت مدرسته بيته ، وكان أسلوبه في التدريس مخاطبة العقل ، وفتح أذهان تلاميذه ومريديه إلى البحث والتفكير ، وبث روح الحكمة والفلسفة في نفوسهم ، وتوجيه أذهانهم إلى الأدب ، والإنشاء ، والخطابة ، وكتابة المقالات الأدبية، والإجتماعية ، والسياسية ، فظهرت على يده نهضة في العلوم والأفكار أنتجت أطيب الثمرات . وكان الخديوي إسماعيل معروفاً بصفاته الحسنة ، وحبه للعلم ، ورغبته في نشره ورعايته ، وكانت شخصية جمال الدين العلمية ، وشهرته في الفلسفة ، أقوى ظهوراً وخاصة في ذلك الحين ، من شخصيته السياسية ، وللحق أن إسماعيل لم يكن يقصر في اغتنام الفرصة لتنشيط النهضة العلمية ورعاية العلماء والأدباء ، فترغيبه جمال الدين في البقاء بمصر يشبه أن يكون فتحاً علمياً، كتأسيس معهد من معاهد العلم العالية التي أنشئت على يده . أما آراء الشيخ السياسية وكراهيته للإستبداد ونزعته الحرة ، لم تتجه ضد إسماعيل بالذات ، بل إتجهت في الجملة ضد التدخل الأجنبي . فروح جمال الدين كان لها الأثر البالغ في نهضة العلوم والآداب في مصر ، ولا يفوتنا القول بأن البيئة التي كانت مستعدة للرقي ، صالحة لغرس بذور هذه النهضة . وبعد حفر قناة السويس تكبدت مصر ديون باهظة مما أدى إلى بدء التدخل الأجنبي وإستفحاله وقامت إثر ذلك الثورة العرابية وجمال الدين هو من الوجهة الروحية والفكرية أبو هذه الثورة ، فكثير من أقطابها هم تلاميذه أو مريديه ، وقد نشر بلاغ رسمي بنفي الأفغاني ، وقد نفي الأفغاني إلى الهند . أخفقت الثورة العرابية ، واحتل الإنجليز مصر ، فسمحوا للأفغاني بالذهاب إلى باريس ، وكان تلميذه محمد عبده منفياً في بيروت عقب إخماد الثورة ، فاستدعاه إلى باريس ، وهناك أصدرا جريدة ( العروة الوثقى ) ، واشتركا معاً في تحريرها ، ولكن الحكومة الإنجليزية أقفلت دونها أبواب مصر والهند . وقام بأبحاث ومناظرات مع الفيلسوف إرنست رينان Renan وأكبر فيه رينان عبقريته ، وسعة علمه وقوة حجته . التقى بشاه إيران فدعاه إلى صحبته إذ كان يرغب في الإنتفاع بعلمه وتجاربه ، فأجاب الدعوة ، وسار معه إلى فارس ، وأقام في طهران ، واستعان به الشاه على إصلاح أحوال المملكة ، لكنهما اختلفا وقامت ثورة شعبية ، واشتدت الضغوط على الأفغاني وغادر إلى البصرة ثم إلى لندن ثم إلى الأستانة بدعوة من السلطان عبدالحميد لأنه أراد أن يخدم سياسته في الجامعة الإسلامية باستضافته ، ولكي يظهر للعالم الإسلامي أنه يرعى العلم والعلماء من الأمم الإسلامية كافة ، وقد لبى جمال الدين دعوته ، آملاً أن يرشده إلى إصلاح الدولة العثمانية ، ثم انقلب عليه السلطان ، وأصابه المرض وتوفي صباح الثلاثاء 9 مارس سنة 1897م ، وما أن بلغ الحكومة العثمانية نعيه حتى أمرت بضبط أوراقه وكل ما كان باقياً عنده ، وأمرت بدفنه من غير رعاية أو إحتفال في مقبرة المشايخ ودفن كما يدفن أقل الناس شأناً في تركيا ، ولا يزال قبره هناك . وقد رويت عنه بعض الإشاعات : علاقته بالمجمع الماسوني " كوكب الشرق " وعلاقته ببريطانيا من خلال مراسلاته مع زوجة رئيس الوزراء البريطاني آندي بلير وتوقيع رسائله بعبارة " صديقكم المخلص " – كان يشرب الكونياك / الخمر – كان له ألقاب عديدة يستخدمها كالحسيني والكابلي وغيرها مما يزيد الغموض حول شخصيته . وكان في أواخر أيامه يلبس اللباس الإفرنجي ويدخن السيجار ويجتمع بمريديه في بار يملكه يهودي في القاهرة ، وقد وضع له صورة باللباس الإفرنجي – واتهم بأنه شيعي اثني عشري.

حسين المرصفي

الشيخ حسين المرصفي هو شيخ الأدباء في عصر الخديوي إسماعيل ، أستاذ الطبقة الأولى من دار العلوم ، نشأ في بلدة مرصفى بالقليوبية ، نشأ في أسرة علمية حيث كان والده أحمد المرصفي من أئمة العلم في عصره . درّس الشيخ حسين المرصفي بالأزهر ، كما درّس في دار العلوم عند إنشائها . أحد ممثلي عصر النهضة أو ما يسمى بالمدرسة الإحيائية ، وهو يرفض التعريف العروضي للشعر ، وهو " الكلام الموزون المقفى " ، ومن تلاميذه : أحمد حسن الزيات ، طه حسين ، محمد سامي البارودي ، أحمد شوقي . من مؤلفاته : الوسيلة الأدبية إلى العلوم العربية ، الكلم الثمان في علم الإجتماع ، وتوفي سنة 1889م .

الحكمي

هو الشيخ الفاضل والعلامة الجليل المحدث الحافظ فريد عصره وعلامة زمانه في كافة العلوم الشرعية وكل وسائلها أصولاً وفروعاً حافظ ابن أحمد علي الحكمي نسبة إلى قبيلة الحكمية الشهيرة في المخلاف السليماني . بدأ في طلبه للعلم بخير العلوم وأساسها القرآن الكريم فاهتم به اهتماماً بالغاً تلاوة وحفظاً فأجاد تلاوته وحفظ بعض سوره بالإضافة إلى حفظ بعض المتون في مختلف الفنون وكان قد أوتي سرعة في الحفظ وتمكنا في الفهم وجودة في الخط بالقلم وذكاءاً خارقاً امتاز به عن أقرانه آنذاك تلك المحاولة الشريفة له مؤلفات كثيرة منها معارج القبول وهو كتاب قيم في العقيدة و 200 سؤال وجواب في العقيدة وغيرها الكثير . توفي في ذي الحجة سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة وألف ، رحمه الله تعالى .

سالم الشيخي

سالم الشيخي ( 1384هـ / 1964م ) هو خطيب مسجد ديدسبري وهو من أشهر المسلمين العرب والليبيين في الخارج وأوروبا وبريطانيا بشكل خاص لتوليه فيها عدة مناصب مهمة . ولد سالم الشيخي بمدينة البيضاء ليبيا وبها أنهى دراسته الإبتدائية . تخرج من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وحصل على الدبلوم من جامعة أم درمان في السودان . وشغل مناصب عديدة في أوروبا منها : رئيس لجنة الفتوى في بريطانيا – عضو الأمانة العامة المجلس الأوروبي للإفتاء و البحوث – القاضي الشرعي في مدينة " مانشستر " – محكم في المحكمة البريطانية في شؤون المسلمين. خبير بمجمع فقهاء الشريعة في أمريكا – عضو المكتب التنفيذي للتجمع الأوروبي للأئمة والمرشدين على الساحة الأوروبية – رئيس مركز الدراسات الإسلامية للمجتمع الأوروبي – أستاذ في المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية – و ظهر الشيخ أسبوعياً على القناة الفضائية الحوار .

سيد سابق – مصر

ولد سيد سابق التهامي في شهر يناير 1915م بمحافظة المنوفية ، وقد أتم حفظ القرآن الكريم بها قبل أن يتم من عمره العام التاسع ، ثم إلتحق بالأزهر الشريف بالقاهرة حيث حصل على العالمية – التي صارت بعد ذلك الدكتوراه – عام 1947م ، تعرّف على الإمام حسن البنا ، والتحق بجماعة الإخوان المسلمين ، شارك في حرب 1948م مع أول كتيبة للإخوان المسلمين ، عمل في حقل التدريس في المعاهد الأزهرية ، ثم بالوعظ والإرشاد في الأزهر ، ثم انتقل إلى وزارة الأوقاف بإدارة المساجد ، وبعد أن شعر بالتضييق عليه ، غادر مصر إلى المملكة العربية السعودية، حيث عمل أستاذاً بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة ، ثم جامعة أم القرى بمكة المكرمة، حيث تولى رئاسة قسم القضاء بكلية الشريعة ، ثم رئاسة قسم الدراسات العليا ثم عمل أستاذاً غير متفرغ، وقد حاضر خلال هذه الفترة ودرَّس الفقه وأصوله ، وأشرف على أكثر من مئة رسالة علمية ، وتخرج على يديه كوكبة من الأساتذة والعلماء ، كما نال جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام ، وله الكثير من المؤلفات ومنها : 1- فقه السنة ( ثلاثة أجزاء ). 2- مصادر القوة في الإسلام . 3- الربا والبديل . 4- رسالة في الحج . 5- رسالة في الصيام . 6- تقاليد وعادات يجب أن تزول في الأفراح والمناسبات . 7- تقاليد وعادات يجب أن تزول في المآتم . 8- العقائد الإسلامية . 9- إسلامنا . وغير ذلك من الكتب والمحاضرات والأبحاث والمقالات . وقبل وفاته بثلاث سنوات عاد إلى مصر وبقي فيها حتى وافاه الأجل مساء يوم الأحد 23 من ذي القعدة 1420هـ 27 – 2 – 2000م، عن عمر يناهز 85 سنة ، وفي يوم الإثنين تم تشييع الفقيد بعد الصلاة عليه بمسجد رابعة العدوية بمدينة نصر ثم حمل منها إلى مسقط رأسه حيث دفن على وفق ما وصى ، دون أن يقام له سرادق للعزاء كما جرت العادة في مصر .

شمس الحق العظيم آبادي

هو أبو الطيب محمد شمس الحق بن أمير علي الديانوي العظيم آبادي محدث فقيه من الهند . ولد ببلدة عظيم آباد . أخذ العلم عن علماء بلده وهو صغير . ورحل إلى عدة مدن بالهند منها لكناو ودلهي ، وتلقى عن علمائها . رجع إلى بلده ، واستقر بها ، وعكف على التدريس والتصنيف . ثم سافر إلى الحجاز فأخذ عن علمائها وأخذوا عنه. صنف باللغة العربية والفارسية والأردية . ومن مصنفاته بالعربية غاية المقصود شرح سنن أبي داود ، ( لم يتم ) ، عون المعبود شرح سنن أبي داود ، وهو ملخص من غاية المقصود ، إعلام أهل العصر بأحكام ركعتي الفجر ، التعليق المغني على سنن الدارقطني ، غنية الألمعي ، فضل الباري شرح ثلاثيات البخاري ، النجم الوهاج في شرح مقدمة الصحيح لمسلم بن الحجاج ، تنقيح المسائل وهو مجموعة فتاوى له ، كفاية الرسوخ في معجم الشيوخ ، وغيرها . توفي سنة تسع وعشرين وثلاثمائة وألف.

صالح بن عواد المغامسي

درس الشيخ صالح بن عواد بن صالح المغامسي الإبتدائية في المدرسة الناصرية ومن ثم المتوسطة والثانوية وجميعها كانت في المدينة النبوية ، وأما المرحلة الجامعية فكانت في جامعة الملك عبدالعزيز فرع المدينة قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية، وإن كان التخصص الدراسي هو اللغة العربية . أما العلم في المساجد وعلى العلماء فقد عكف على مكتبة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي الذي كان جاراً له وتوفي ولم يتجاوز عمره أحد عشر عاماً ثم تتلمذ على الشيخ عطية محمد سالم ، والشيخ أبو بكر الجزائري ، كما انتهز الفرص واللقاءات ليأخذ عن الشيخ ابن عثيمين ولقاءات معدودة مع الشيخ ابن باز . وهو عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين وخطيب جامع الملك عبدالعزيز بحي العزيزية وخطيب مسجد قباء وأمين لجنة الأئمة بالمدينة المنورة . أديب وشاعر وصاحب حرف وكلمة . له دروس في التفسير والسيرة النبوية في تسجيلات صوتية وبرامج دينية في الفضائيات .

صبحي الصالح

صبحي الصالح رئيس المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى وأحد علماء الدين السنة اللبنانيين البارزين . ولد سنة 1925م واغتيل في 7 أكتوبر 1986 م في ساقية الجنزير في بيروت . الصالح الحائز على دكتوراه في علوم العربية كان قد درس سابقاً في الجامعة اللبنانية و جامعة دمشق . أمين عام رابطة علماء لبنان ، الأمين العام للجبهة الإسلامية الوطنية في لبنان ، مفكر إسلامي ، عضو المجامع العلمية في القاهرة ودمشق وبغداد وأكاديمية المملكة المغربية ، ولد في طرابلس ، حصل على العالمية من جامعة الأزهر سنة 1368هـ / 1949م والآداب من جامعة القاهرة سنة 1369هـ / 1950م والدكتوراه في الآداب من جامعة السوربون بباريس ، اشتغل بالتدريس في جامعة بيروت العربية ، والجامعة اللبنانية ، ألف ( علوم القرآن ) و (علوم الحديث) و ( النظم الإسلامية وتطورها ) و ( الأمة ثم الدولة ) و ( ردّ الإسلام على تحديات عصرنا ) بالفرنسية و ( منهل الواردين شرح رياض الصالحين) و ( المؤسسات الإسلامية تكونها وتطورها ) و ( الإسلام والمجتمع العصري ) و ( فلسفة الفكر الديني بين الإسلام والمسيحية ) و ( معالم الشريعة الإسلامية ) وغيرها ، وحقق ( أحكام أهل الذمّة لابن قيّم الجوزيّة ) ، وانكب على إخراج ( المعجم العربي ) و ( المعجم الفرنسي ) مع الدكتور سهيل إدريس . من مواقفه : أن لا شيء يجعل جوهر الإسلام يتعارض مع التطوّر والتقدّم ، وأن السياسة بالنسبة إلينا ليست سوى أفضل وسيلة لتنظيم الدولة ، لكن سرعان ما يتغلب النص على الروح في معظم الحالات ، دعا إلى فتح باب الإجتهاد على مصراعيه ، وتبنى اجتهاد من رأى من العلماء ، إباحة صناديق التوفير ، وشهادات الإستثمار – على تفاوت – في بابي المضاربة والقرض الإسلاميّين ، وقال : لا يجوز أن نسوّي بين المعاملات النافعة لأخذ المال وصاحب المال معاً ، وبين الربا الجلي المركّب المخرّب للبيوت .

صبغة الله الحيدري

صبغة الله الحيدري بن أسعد أفندي مفتي بغداد ، وهو عالم وأديب وفقيه من فقهاء بغداد ، أنيطت له مناصب دينية كثيرة منها منصب مفتي بغداد ، وطلب العلم منذ صغره على يد أبيه وعلماء عصره . وكان الحيدري خطاطاً بارعاً، تخرج بفن الخط وأخذ الإجازة من الخطاط سفيان الوهبي ، وأتقن الخط إتقاناً رائعاً ، ومن آثاره الخطية كتاب في الأصول من مخطوطات المكتبة القادرية ، ولقد لزم التدريس في مساجد بغداد ، وطلب العلم معظم عمره وأجاز وخرج الكثير من العلماء والفقهاء . ومن أولاده العلامة الشيخ إبراهيم فصيح الحيدري ، صاحب كتاب عنوان المجد . توفي في بغداد عام 1279هـ / 1865م ، ودفن في المقبرة القادرية .

صفوت الشوادفي

هو محمد صفوت أحمد محمد يوسف الشوادفي ، ولد ( 1 سبتمبر 1955م – 17 أغسطس 2000م ) في قرية الشغانبة إحدى القرى بمحافظة الشرقية بمصر ، وذلك في عام 1955م الموافق لعام 1374هـ ، إلتحق بالمدرسة وتدرج في مراحل التعليم المختلفة ، حتى وصل إلى الثانوية العامة بمجموع كبير لكنه رغب في الإلتحاق بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية لحبه لها في ذلك الوقت . ابتدأ طلبه للعلم بحفظ القرآن الكريم والقراءة في الفقه الشافعي – حيث كان أبوه شافعي المذهب – وحضور الندوات لعدد من المشايخ والعلماء في مصر ، ثم لما أنهى الجامعة وسافر إلى السعودية شرع في تعلم الفقه الحنبلي حتى أتقنه وبرع في علم الأصول وكانت له مدارسات مع العديد من العلماء بالمملكة العربية السعودية . عمل في مجال العمل الدعوي الإسلامي من خلال جماعة أنصار السنة المحمدية والذي يعد أحد أبرز رجالاتها منذ نشأتها ومن خلال مجلة التوحيد التي تعد منبراً من منابر الدعوة الإسلامية الصحيحة ، والذي ترأس تحريرها قرابة العشر سنوات ، كان له العديد من الشيوخ الذين أخذ عنهم والكثير من التلاميذ ، وله الكثير من المؤلفات والخطب والأحاديث والشروحات والمناظرات . توفي ليلة الجمعة 17 جمادى الأولى 1421هـ الموافق 17 أغسطس 2000م إثر حادث أليم أصابه بعد أن صلى المغرب ، وكان إماماً للناس في الصلاة .

الطيب العقبي

الطيب العقبي هو الطيب بن محمد بن إبراهيم ، ولد في بلدة سيدي عقبة بولاية بسكرة في الجزائر عام 1307هـ / 1889م ، ينتهي نسبه إلى قبيلة أولاد عبدالرحمن الأوراسية . هاجر مع عائلته إلى المدينة المنورة وهو ابن خمس أو ست سنوات ، تلقى العلم في الحرم النبوي الشريف ، عمل مع شريف مكة في جريدة القبلة ، عاد إلى الجزائر عام 1337هـ / 1920م . وكان من الأعضاء المؤسسين لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين ، كان له نشاط كبير في الدعوة إلى الله حيث كان يتردد على الأماكن العامة كالمقاهي والنوادي الليلية للدعوة إلى الله ، وقد هدى الله على يديه خلق كثير ، عرف الشيخ بالجرأة على قول الحق ولا يخاف في ذلك لومة لائم ، بالإضافة إلى نشاطه في مجال الصحافة كان قلمه سيالاً بكثرة مقالاته في جريدة الشهاب والبصائر التابعة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين . كما كان محدثاً بارعاً وشاعراً متنوعاً .

عارف النايض

من مواليد ( 1962م ، بنغازي ) ينظر إليه الكثيرون في أوساط التعليم الديني داخل ليبيا بعين التقدير والفخر ، لأن شخصيته تختزل الكثير من سجايا الرعيل الأول من علماء البلاد وبصورة تتناسب مع التطور التي يشهده العالم ، كما أنه يحظى بذات المكانة على مستوى الفاعليات العلمية والدعوية في العالم الإسلامي لما يقدمه من إسهامات جليلة في خدمة الإسلام ولإظهار حقيقته في الحوارات واللقاءات التي تعقد مع ممثلي الديانات الأخرى وفي مواجهة الإساءات التي توجّه إلى الإسلام ، كما أصبح يتبوأ مكانة أكاديمية مرموقة على مستوى العالم أجمع ، يعتبر الآن من أهم الشخصيات البارزة في الحوار الإسلامي المسيحي ، يدرّس في مدرسة عثمان باشا التوحيد والتصوف والمنطق وهو عضو في أكثر من مؤسسة عربية وإسلامية وعالمية. بدأ دراسته بمدرسة ( أحمد قنابة ) الإبتدائية ثم ( حيدر الساعاتي ) الإعدادية و ( علي وريث ) الثانوية وأكمل دراسته الثانوية والجامعية في الولايات المتحدة وكندا، درس الهندسة ثم توجه إلى الفلسفة والعقائد والأديان وحصل على درجة الدكتوراه من كندا ، وأخذ جانباً من العلوم الإسلامية عن كبار العلماء . وله نشاط في العديد من الدول كالمملكة المتحدة / جامعة كامبردج – كلية اللاهوت – العاصمة الأردنية عمّان – ماليزيا – روما ( المعهد البابوي للدراسات العربية والإسلامية ) –أبوظبي .

عبدالباقي الحسيني

عبدالباقي الحسيني هو مؤسس جماعة أنصار السنة المحمدية في مدينة شربين بمصر وقد توفي يوم 18 نوفمبر 2008 ودفن في نفس المدينة ، أولاده الذكور وائل حسني وعبدالله ، ألقى محاضرات في المسجد الحرام بمكة المكرمة شارك في تأسيس عدد كبير من المساجد منها المجمع الإسلامي في مدينة شربين وبه حضانة التوحيد للأطفال كما قام ببناء وتأسيس العديد من المساجد في مركز شربين ظل يدعو لسنة سيدنا محمد لمدة خمسين سنة .

عبدالعزيز بن باز – السعودية

عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالرحمن بن محمد بن عبدالله بن باز . ولد في الرياض ذي الحجة سنة 1330هـ - 22 نوفمبر 1912م إلى 14 مايو 1999م في مدينة الرياض . كان الشيخ بصيراً ثم أصابه مرض في عينيه عام 1346هـ وضعف بصره ثم فقده عام 1350هـ . شغل منصب المفتي للمملكة العربية السعودية .

حفظ القرآن الكريم قبل سن البلوغ ثم جد في طلب العلم على العلماء في الرياض ولما برز في العلوم الشرعية واللغة عين في القضاء عام 1350هـ. لازم البحث والتدريس ليل نهار ولم تشغله المناصب عن ذلك مما جعله يزداد بصيرة ورسوخاً في كثير من العلوم .

تلقى العلم على أيدي كثير من العلماء ومن أبرزهم :

- محمد بن إبراهيم بن عبداللطيف آل الشيخ مفتي الديار السعودية ورئيس مجلس القضاء الأعلى ، وقد لازم حلقاته عشر سنوات وتلقى عنه جميع العلوم الشرعية ابتداء من سنة 1347هـ إلى سنة 1357هـ .

- سعدون حمادي المطلق قاضي رجال المع .

- صالح بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن حسن ابن الشيخ محمد بن عبدالوهاب .

- سعد بن حمد بن عتيق قاضي الرياض .

- حمد بن فارس وكيل بيت المال في الرياض .

- سعد وقاص البخاري عام 1350هـ ( وهو المعروف لدى البخاريين في مكة وما جاورها بالسيد وقاص قاري ) واسمه بالتفصيل السيد وقاص قاري بن السيد سلطان مفتي بن السيد صديق مفتي خوجة .

مؤلفاته على النحو التالي :

أ – الكافي :

1- الأدلة الكاشفة لأخطاء بعض الكتاب .

2- الأدلة النقلية والحسية على إمكان الصعود إلى الكواكب وعلى جريان الشمس وسكون الأرض .

3- إقامة البراهين على حكم من استغاث بغير الله أو صدق الكهنة والعرافين .

4- الإمام محمد بن عبدالوهاب : دعوته وسيرته .

5- بيان معنى كلمة لا إله إلا الله .

6- التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة على ضوء الكتاب والسنة .

7- تنبيهات هامة على ما كتبه محمد علي الصابوني في صفات الله عزوجل .

8- ثلاثة رسائل : أ – العقيدة الصحيحة وما يضادها . ب – الدعوة إلى الله .   جـ – تنبيه هام على كذب الوصية المنسوبة إلى الشيخ أحمد . د – التبيان في فلسفة أهل الرومان .

9 – رسالتان هامتان : أ – وجوب العمل بالسنة وكفر من أنكرها . ب – الدعوة إلى الله سبحانه وأخلاق الدعاة . ج – الولاء والبراء في الميزان .

10 – الرسائل والفتاوى النسائية : اعتنى بجمعها ونشرها أحمد بن عثمان الشمري .

11 – الفتاوى : مؤسسة الدعوة الإسلامية الصحفية .

12 – فتاوى إسلامية – ابن باز – ابن عثيمين – ابن جبرين .

13 – فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة .

14 – فتاوى المراة لابن باز واللجنة الدائمة جمع وترتيب محمد المسند .

15 – فتاوى مهمة تتعلق بالحج والعمرة .

16 – فتاوى وتنبيهات ونصائح .

17 – الفوائد الجلية في المباحث الفرضية .

18 – مجموع فتاوى ومقالات متنوعة أشرف على تجميعه وطبعه د- محمد بن سعد الشويعر . من 1- 12 طبعة دار الإفتاء .

19 – مجموعة رسائل في الطهارة والصلاة والوضوء .

20 – مجموعة الفتاوى والرسائل النسائية .

21 – نقد القومية العربية على ضوء الإسلام والواقع .

22 – وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

23 – وجوب العمل بالسنة وكفر من أنكرها .

24 – شرح ثلاثة الأصول .

ب – الرسائل الصغيرة : 1 – الأذكار التي تقال بعد الفراغ من الصلاة . 2- إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي والرد على من لا ينكر ذلك . 3 – التبرج وخطر مشاركة المرأة للرجل في ماله . 4 – التحذير من البدع . 5 – التحذير من القمار وشرب المسكر . 6 – التحذير من المغالاة في المهور والإسراف في حفلات الزواج المثلي . 7 – تحفة الأخيار ببيان جملة نافعة مما ورد في الكتاب والسنة من الأدعية والأذكار . 8 – تنبيه هام على كذب الوصية المنسوبة للشيخ أحمد خادم الحرم النبوي. 9 – ثلاث رسائل في الصلاة : أ – كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ، ب – وجوب أداء الصلاة في الجماعة ، ج – أين يضع المصلي يديه بعد الرفع من الركوع.

10 – الجواب الصحيح من أحكام صلاة الليل والتراويح .

11 – الجواب المفيد في حكم التبشير .

12 – حكم الإسلام فيمن زعم أن القرآن متناقض أو مشتمل على بعض الخرافات أو وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بما يتضمن تنقصه أو الطعن في رسالته ، والرد على الرئيس بو رقيبة فيما نسب إليه من ذلك .

13 – حكم السفور والحجاب ونكاح الشغار .

14 – حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والإشارة إليها بالحروف .

15 – حكم الغناء .

16 – حكم مقابلة المرأة للسائق والخادم .

17 – خطر مشاركة الرجل للمرأة في ميدان عمله .

18 – الدروس المهمة لعامة الأمة .

19 – الدعوة إلى الله وأخلاق الدعاة .

20 – رسالتان في الصلاة .

21 – رسالتان موجزتان عن أحكام الزكاة والصيام .

22 – رسالة عن حكم شرب الدخان .

23 – رسالة في إعفاء اللحى وحلق الإبط .

24 – رسالة في الجهاد .

25 – رسالة في حكم السحر والشعوذة .

26 – رسالة في مسائل الحجاب والسفور .

27 – رسالة في وجوب الصلاة جماعة .

28 – رسائل في الطهارة والصلاة .

29 – السفر إلى بلاد الكفرة .

30 – العقيدة الصحيحة وما يضادها .

31 – عوامل إصلاح المجتمع مع نصيحة خاصة جداً .

32 – الغزو الفكري ووسائله الإلكترونية الدقيقة .

33 – فتاوى في حكم الغناء والإسبال وحلق اللحى والتصوير وشرب الدخان والرقص والفتور الجنسي .

34 – فتاوى ورسائل في الأفراح .

35 – فضل الجهاد والمجاهدين .

36 – كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم .

37 – ماذا يجب عليكم شباب الإسلام .

38 – مجموعة رسائل في الصلاة .

39 – موقف اليهود من الإسلام .

40 – نصيحة المسلمين وفتاوى بشأن الجوالات وخطرهم على الفرد والمجتمع .

41 – نصيحة وتنبيه على المسائل في النكاح مخالفة للشرع .

42 – هكذا حج الرسول صلى الله عليه وسلم .

43 – وجوب تحكيم شرع الله ونبذ ما خالفه .

44 – في ظل الشريعة الإسلامية .

45 – وجوب لزوم السنة والحذر من البدعة والهرطقة .

46 – دعوة للتوبة النصوحة .

47 – بيان لا إله إلا الله .

48 – العلم وأخلاق أهله .

49 – أهمية العلم في محاربة الأفكار المنحازة .

50 – أصول التقية في السنة النبوية .

51 – لا دين حق إلا دين الإسلام .

52 – التحذير من الإسراف في الكحوليات .

53 – يا مسلم إحذر تسلم .

54 – بيان التوحيد .

55 – السحر والزندقة .

56 – الأجوبة المفيدة عن بعض رسائل المفيدة .

57 – رسالة في التبرك والتوسل .

58 – مسؤولية طالب العلم اتجاه معلمه .

59 – إعصار تسونامي يحطم وثن الصوفية .

60 – نصائح عامة .

هذا ما طبع ، ويوجد له تعليقات على بعض الكتب مثل : بلوغ المرام ، تقريب التهذيب للحافظ ابن حجر ( لم تطبع ) ، التحفة الكريمة في بيان كثير من الأحاديث الموضوعة والسقيمة ، تحفة أهل العلم والإيمان بمختارات من الأحاديث الصحيحة والحسان ، إلى غير ذلك .





الأعمال التي زاولها :

1- صدر الأمر الملكي بتعيينه رئيساً لإدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد ، ثم مفتياً عاماً للمملكة العربية السعودية ورئيساً لهيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء ، وكان نائبه في رئاسة هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالرزاق عفيفي ، وبعد وفاته أصبح المفتي العام الحالي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ نائباً له .

2 – رئيساً للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء التي أصدرت هذه الفتاوى ، وكان نائبه المفتي الحالي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ .

3 – رئيساً وعضواً للمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي .

4 – رئيساً للمجلس الأعلى العالمي للفتاوى .

5 – رئيساً للمجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة التابع لرابطة العالم الإسلامي .

6 – عضواً للمجلس الأعلى للجامعة الإسلامية في بريدة .

7 – عضواً في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

8 – سبق وأن ترأس الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة .

لم يقتصر نشاطه على ما ذكر فقد كان يلقي المحاضرات ويلخص الندوات العلمية للطلاب ويعلق عليها ويعمر المجالس الخاصة العامة الني يحضرها بالقراءة والتعليق والإنتقاد بالإضافة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أصبح صفة ملازمة له .

توفي يوم الخميس 27 / 1 / 1420هـ عن عمر يناهز 89 سنة ولقد صلى على جثمانه بعد صلاة الجمعة في المسجد الحرام في مكة ما يقارب المليونين شخص تقدمهم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير عبدالله بن عبدالعزيز والنائب الثاني الأمير سلطان بن عبدالعزيز . كان بيان الديوان الملكي قد ذكر بأن سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز توفي في مدينة الطائف ، وتُلي البيان على الرائي السعودي في نشرات الأخبار . كما صُلي عليه في المسجد الحرام فقد صُلي عليه في أنحاء المملكة العربية السعودية صلاة الغائب بعد صلاة الجمعة مباشرة .

عبدالعزيز بن صالح الصالح

هو الشيخ عبدالعزيز بن صالح بن ناصر بن عبدالرحمن آل صالح ، ويرجع نسبه إلى قبيلة عنزة بن ربيعة المشهورة . ولد في بلدة المجمعة في نجد ، عام 1329هـ ، وتوفي والداه وهو صغير ، فاعتنى به أخوه عثمان وحرص على تعليمه ، حتى حفظ القرآن وهو صغير ثم أخذ يقرأ على مشايخ بلده ، لازم الشيخ عبدالله العنقري ودرس عليه في التوحيد والفقه والتفسير والحديث والفرائض والنحو . وقد آنس منه شيخه التحصيل والجد والعلم ، فعينه إماماً وخطيباً بجامع المجمعة وهو لم يتجاوز العشرين من عمره ، كما عينه رئيساً لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وكان ينوب عن شيخه في تدريس الطلاب حال غيابه . كما أنه رُشّح للقضاء لكنه اعتذر فأُعفي منه ، ثم طلب مرة أخرى للقضاء وأُلزم به فالتزم قاضياً في المدينة النبوية ، ولما توفي الشيخ ابن زاحم رئيس المحكمة ، عُيّن مكانه ، واستقل برئاسة الدوائر الشرعية في المدينة وصار هو المرجع في الشؤون الدينية في عموم المنطقة . إضافة إلى أنه أصبح إماماً في المسجد النبوي قرابة خمسين عاماً ، وقد كان يمتاز بسلاسة القراءة وعذوبة اللفظ والتجويد . قال الشيخ عبدالله البسام : " كان لي معه مجالس ومناقشات، ولدي خبرة جيدة به ، فهو بحكم شخصيته القوية ، وبحكم مناصبه الرفيعة ، يعتبر من وُجهاء العلماء ، ومن ذوي النفوذ والكلمة المسموعة ، والإشارة النافذة ، مما جعل ولاة الأمر يُجلّونه ويحترمونه ، ويثقون الثقة التامة بتوجيهاته وآرائه " . توفي في يوم الإثنين 17 / 2 / 1415هـ الموافق 25 يوليو 1994م في مدينة جدة ، ونقل إلى المدينة وصُلي عليه في المسجد النبوي بعد صلاة المغرب ، ودفن بالبقيع ، وقد كانت جنازته جنازة مشهودة حيث شيعه جموعٌ من المواطنين ، وحصل زحام شديد، وكان مشهداً عظيماً تجلى فيه تقدير الناس ومحبتهم له .

العربي التبسي

الشيخ العربي التبسي ( 1895هـ / 1957م ) أحد أعمدة الإصلاح في الجزائر ، وأمين عام جمعية العلماء المسلمين والمجاهد البارز الذي خطفته يد التعصب والغدر الفرنسية عام 1957م ولم يُسمع له ذكر بعدها . وًلد في بلدة ( ايسطح ) بولاية تبسة . حفظ القرآن في قريته وعمره 18 سنة ثم انتقل إلى تونس زاوية سيدي إبراهيم بنفطة لتلقي العلم وزاوية ( الشيخ مصطفى بن عزوز ) فتحصل على شهادة التطويع سنة 1920م ثم انتقل بعدها إلى جامع الزيتونة ، فنال منه شهادة الأهلية وعزم على الإنتقال إلى القاهرة لمتابعة التحصيل العلمي في الأزهر حيث تحصل على الشهادة العلمية في العلوم الإسلامية . عاد إلى الجزائر عام 1927م واتخذ من تبسة قلعة الثوار وموطن العلماء ومهد الحضارات مركزاً له وفي مسجد صغير في قلب المدينة انطلق الشيخ في دروسه التعليمية وواصل الليل بالنهار لإنقاذ هذا الشعب من الجهل وذل الإستعمار الفرنسي للجزائر ، وبدأت آثار هذا الجهد تظهر في التغيير الإجتماعي والنفسي لأهل تبسة ، حيث بدأت تختفي مظاهر التأثر بالفرنسيين وبدأ الناس يلتفون حول رجال الإصلاح . تولى إدارة معهد ابن باديس في قسنطينة ، وفي عام 1956م انتقل إلى العاصمة لإدارة شؤون الجمعية فيها ، واستأنف دروسه في التفسير وكان شجاعاً لا يخاف فرنسا وبطشها ، يتكلم بالحق ، ويدعو للجهاد ، وفي اليوم الثالث من شهر رمضان الموافق لتاريخ 4 إبريل 1957م اقتحمت مجموعة مسلحة منزله الكائن بالجزائر العاصمة واختطفته .

العربي العزوزي

محمد العربي بن محمد المهدي بن العربي بن الهاشمي الإدريسي الحسني الزرهوني العزوزي ، ولد الشيخ الشريف محمد العربي بن محمد المهدي العزوزي الإدريسي الحسني بفاس سنة 1308هـ / 1890م ودخل جامعة القرويين فقرأ على عدد من مشايخ فاس بل والمغرب ثم توجه إلى مصر فأخذ عن عدد من علمائها ثم دخل دمشق وقرأ أيضاً على عدد من علمائها ثم دخل بيروت سنة 1333هـ / 1914م فأخذ عن عدد من علمائها ثم تولى أمانة الفتوى في بيروت واستمر كذلك حتى توفاه الله في بيروت ودفن خلف مقام الإمام الأوزاعي . وقد نعته دار الفتوى في لبنان ، وذكرت أنه كان من أركان الطريقة النقشبندية دون إنفكاك عن علوم الشريعة . من مؤلفاته العديدة: جامع الإثبات ، والمشيخات ، والأسانيد ، الجمع بين الصحيحين ، حاشية على سنن أبي داوود .

علال الفاسي

هو أحد أعلام الحركة الإسلامية الحديثة التي ظهرت في القرن العشرين ، التي دعت إلى نوع من السلفية التجديدية لذلك يترافق اسمه مع أسماء مثل : محمد عبده ورشيد رضا ، الطاهر بن عاشور . ولد في مدينة فاس في كانون الثاني سنة 1910م من أسرة عربية مسلمة هاجرت من الأندلس إلى المغرب ، واستقرت في مدينة فاس ، يقال لعائلته : الفاسي ، وأحياناً : الفهري ، نسبة إلى قبيلة فهر وهي قريش . ولهذه العائلة دورها التاريخي الكبير في إعلاء راية الإسلام إبان معركة وادي المخازن تحت راية الدولة السعدية وبعد إنتهاء حكم السعديين بالمغرب ومرور أزمات سياسية وإقتصادية كان منها إفلاس بيت المال وعدة مشاكل أدت إلى تدهور كبير على الصعيد الإجتماعي والفكري والعلمي ، وتدخل أعلام هذه العائلة لإعادة إحياء دور العلم والعلماء وفي إصلاح المجتمع وتوحيد صفوف المسلمين والبحث عن حليف آخر من دون الحكام لإتمام المشاريع العلمية والعمل على نشر العلم . ففكرت في إنشاء تحالفات عائلية مع النخبة الأرستقراطية المتمثلة في التجار والأغنياء من أهل فاس لهذه العائلة التي استطاعت أن تنجب العديد من العلماء والقضاة والمؤلفين الذين ساهموا في جميع المجالات وتركوا بصماتهم في تاريخ المغرب الفكري والأدبي. ولد علال الفاسي بفاس في أواخر شوال عام 1326هـ ولما وصل إلى سن التمييز أدخله والده إلى الكتاب لتلقي مبادىء الكتابة والقراءة ، وحفظ القرآن الكريم وبعد ذلك نقله إلى المدرسة العربية الحرة بفاس ليتعلم مبادىء الدين وقواعد اللغة العربية ، حيث كان محل عناية فائقة خاصة عنده لكونه الولد الوحيد الذي وهبه الله له ، ثم التحق بجامع القرويين وحصل على الشهادة العالمية ، وبعد التخرج صار يقوم بدروس تطوعية في مختلف العلوم بجامع القرويين . هو مؤسس حزب الإستقلال ، وعين وزيراً للدولة مكلفاً بالشؤون الإسلامية ثم انسحب من الحكومة وعين أستاذاً بكلية الشريعة التابعة لجامعة القرويين وكليتي الحقوق والآداب لجامعة محمد الخامس بالرباط ، وبدار الحديث الحسنية بنفس المدينة ، وكان عضواً مقرراً عاماً في لجنة مدونة الفقه الإسلامي التي شكلت في فجر الإستقلال ، كما أصدر مجلة " البينة " ، وجريدة " صحراء المغرب " ، و" الحسنى " . وله الكثير من المؤلفات منها : - مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها – دفاع عن الشريعة – نضالية الإمام مالك ورجال مذهبه – محاضرتان عن مهمة علماء الإسلام – الجواب الصحيح والنصح الخالص في نازلة فاس وما يتعلق بمبدأ الشهور الإسلامية العربية – لفظ العبادة : هل يصح إطلاقه لغير الله – تاريخ التشريع الإسلامي – شرح مدونة الأحوال الشخصية. وله أيضاً الكثير من الخطب والمحاضرات والمذكرات السياسية والبحوث والمقالات المنشورة في الصحف اليومية والأسبوعية والمجلات الدورية . كما كتب مجموعة من الكتب باللغة الفرنسية . والقصائد الشعرية في مختلف الموضوعات ، من دينية وسياسية وإجتماعية وتاريخية ووطنية ثائرة وحماسية نارية مما أهله لأن يلقب بحق وعن جدارة شاعر الشباب . وافته المنية ، بمدينة بوخاريست عاصمة رومانيا ، إثر نوبة قلبية ، عشية يوم الإثنين 20ربيع الثاني عام 1394هـ / 1974م ، ونقل جثمانه إلى أرض الوطن ، فدفن بمقبرة الشهداء بحي العلو في مدينة الرباط .

علي جمعة

علي جمعة محمد عبدالوهاب مفتي الديار المصرية ، ولد بمحافظة بني سويف بمصر في 3 مارس 1952م ، لديه دكتوراه في أصول الفقه من كلية الشريعة والقانون – جامعة الأزهر 1988م مع مرتبة الشرف الأولى والعديد من الإجازات العلمية . كما شغل العديد من المناصب ولديه من المؤلفات ما يزيد على الأربعين والكثير من الأنشطة العلمية كالإشراف على موسوعات وتحقيق كتب والأبحاث والمقالات وهي كثيرة جداً كما أنه عضو في الكثير من المجالس العلمية والجامعات والمؤتمرات ، ومن مؤلفاته : الحكم الشرعي عند الأصوليين – الإمام الشافعي ومدرسته الفقهية – المدخل لدراسة المذاهب الفقهية الإسلامية – آليات الإجتهاد – الأوامر والنواهي – الدين والحياة .. فتاوى معاصرة .

علي الطنطاوي

الشيخ علي الطنطاوي ولد في مدينة دمشق بسوريا في 23 جمادى الأولى 1327هـ/ 12يونيو 1909م ، وجمع في الدراسة بين طريقي التلقي على المشايخ والدراسة في المدارس النظامية ، حصل على البكالوريا سنة 1928م ، من مكتب عنبر الثانوية في دمشق آنذاك ، وإلتحق بكلية الحقوق حتى نال الليسانس سنة 1933م ، وعمل في سلك القضاء وتدرج لأعلى المناصب في المحاكم السورية . توفي أبوه – وعمره ستة عشرة سنة – صار عليه أن ينهض بأعباء أسرة فيها أمّ وخمسة من الإخوة والأخوات هو أكبرهم . وتألفت لجنة للطلبة سُميت " اللجنة العليا لطلاب سوريا " وانتُخب رئيساً لها وقادها نحواً من ثلاث سنين ، وهي التي تولت إبطال الإنتخابات المزورة سنة 1931م . وفي مجال الصحافة كتب في الكثير من الصحف والمجلات العربية كالمقتبس في سورية ومجلتي خاله محب الدين الخطيب ، " الفتح " و " الزهراء " في مصر وعمل في جريدة " فتى العرب " مع معروف الأرناؤوط ، ثم في " الف باء " مع يوسف العيسى ، ثم كان مديرتحرير جريدة " الأيام " التي أصدرتها الكتلة الوطنية سنة 1931م ورأس تحريرها عارف النكدي ، كما نشر في مجلة " الحج " في مكة وفي جريدة " المدينة " ، وأخيراً نشر ذكرياته في " الشرق الأوسط " ، كان يكتب في " الناقد " و " الشعب " و " الرسالة " المصرية للزيات ، و مجلة " المسلمون " ، وفي جريدتي الأيام والنصر . بدأ بالتعليم في سن مبكرة في بعض المدارس الأهلية بالشام ثم صار معلماً إبتدائياً في مدارس الحكومة بسوريا ثم في العراق مدرساً للمرحلة الثانوية ثم في بيروت لسنة واحدة وعاد لدمشق مدرساً في مكتب عنبر أو التجهيز كما سمي لاحقاً ثم نقل إلى دير الزور ، وقد كانت هذه التنقلات قسرية بسبب مواقفه ضد المستعمر الفرنسي . دخل سلك القضاء وعمل فيه 25 عاماً بدأ قاضياً لمدينة النبك ثم قرية دوما ثم دمشق قاضياً ممتازاً مستشاراً لمحكمة الإستئناف في دمشق أثناء الوحدة . وخلال عمله القضائي أعد مشروع قانون الأحوال الشخصية السوري كله وصار هذا المشروع أساساً للقانون الحالي وأشير إلى ذلك في مذكرة ذلك القانون الإيضاحية . كما قرّر أنظمة الإمتحانات في الثانويات الشرعية ، وتعديل قانون الأوقاف ومنهج الثانويات ، ووضع مناهج الدروس فيها وحده وذلك بعدما سافر إلى مصر واجتمع فيها بالقائمين على إدارة التعليم في الأزهر واعتمدت كما وضعها . وشارك بالعديد من المؤتمرات في دمشق والجزائر ومكة المكرمة والقدس وسافر إلى باكستان والهند والملايو وأندونيسيا لشرح قضية فلسطين. كما شارك في الرحلة الأولى لكشف طريق الحج البري بين دمشق ومكة ، وفي عام 1963م سافر علي الطنطاوي إلى الرياض مدرّساً في " الكليات والمعاهد " ( وكان هذا هو الاسم الذي يُطلق على كليتي الشريعة واللغة العربية ، وقد صارت فيما بعد جامعة الإمام محمد بن سعود ) . ثم انتقل إلى مكة ليمضي فيها ( وفي جدة ) خمساً وثلاثين سنة ، فأقام فيها حتى وفاته في عام 1999م . بدأ بالتدريس في كلية التربية بمكة ، ثم كلّف بتنفيذ برنامج للتوعية الإسلامية وطاف على الجامعات والمعاهد والمدارس في أنحاء المملكة لإلقاء الدروس والمحاضرات ، ثم تفرّغ للفتوى يجيب عن أسئلة وفتاوى الناس في الحرم – في مجلس له هناك – أو في بيته ساعات كل يوم ، ثم بدأ برنامجيه : " مسائل ومشكلات " في الإذاعة " و " نور وهداية " في الرائي ( والرائي هو الاسم الذي اقترحه علي الطنطاوي للتلفزيون ) ، بالإضافة إلى برنامجه الأشهر " على مائدة الإفطار " . وقد سبق له أن أذاع من إذاعة الشرق الأدنى من يافا من أوائل الثلاثينيات، وأذاع من إذاعة بغداد سنة 1937م ، ومن إذاعة دمشق من سنة 1942م لأكثر من عقدين متصلين ، وأخيراً من إذاعة المملكة ورائيها نحواً من ربع قرن . وقد ترك عدداً كبيراً من الكتب منها : أبو بكر الصديق – أخبار عمر – أعلام التاريخ – بغداد: مشاهدات وذكريات – تعريف عام بدين الإسلام – الجامع الأموي في دمشق – حكايات من التاريخ – دمشق : صور من جمالها وعِبَر من نضالها – ذكريات علي الطنطاوي ( 8 أجزاء ) – رجال من التاريخ – صيد الخاطر لابن الجوزي ( تحقيق وتعليق ) – فتاوى علي الطنطاوي . وقد نشر حفيده ، مجاهد مأمون ديرانية ، بعد وفاته عدداً من الكتب التي جمع مادتها من مقالات وأحاديث لم يسبق نشرها منها : نور وهداية – فصول في الثقافة والأدب.

عيسى البندنيجي

وهو العلامة الشيخ عيسى بن موسى البندينجي ، ولد في بغداد ونشأ فيها وتعلم القرآن وطلب العلم على علماء عصره ، وكان صوفي المذهب ، وهو من أئمة الخطاطين في بغداد ، من مؤلفاته : جامع الأنوار – وهو كتاب تراجم لعلماء بغداد . توفي عام 1283هـ/1866م ، ودفن في تكية السيد علي البندنيجي.

القاوقجي

هو أبو المحاسن شمسُ الدين محمد بن خليل بن إبراهيم بن محمد بن علي المشيشي الطرابلسي ، الشريف نسبا المعروف بالقاوقجي الحنفي الصوفي ، المحدث من أهل طرابلس الشام . تلقى رحمه الله مبادىء العلوم في طرابلس الشام ، ثم رحل إلى مصر سنة 1239هـ فتفقه في الأزهر وأقام سبعاً وعشرين سنة يحضر الدروس ويقرأ الفنون ويتلقى العلوم وصفه المحدث عبدالحي الكتاني بقوله : " مسند بلاد الشام في أول هذا القرن ، وعلى أسانيده اليوم المدار في غالب بلاد مصر والشام والحجاز. توفي في ذي الحجة سنة خمس وثلاثمائة وألف .

مالك بن نبي – الجزائر

مفكر جزائري إسلامي ، تعرف عن كثب بالحضارة الغربية ، وأدرك محاسنها ورذائلها ، ورأى أن المسلمين لا يخرجون من عصر الإنحطاط إلا بالتعليم ، وشبه المسلم بالمريض الذي يدخل صيدلية الحضارة الغربية ، دون تحديد المرض أو الدواء، فلا يستفيد شيئاً ، ونفى حتمية الدورة الحضارية التي استقاها الغربيون من المؤرخ الشهير ابن خلدون ، بل لابد من التغيير الحضاري . استخدم بعض الألفاظ والتعابير فكان له قاموسه الخاص مثل الفاعلية الإجتماعية ، التكديس الحضاري ، القابلية للإستعمار . له كتب عديدة منها : شروط الحضارة ، شاهد على القرن ، الظاهرة القرآنية . توفي سنة 1393هـ / 1973م رحمه الله تعالى .

مبارك الميلي

هو الشيخ مبارك بن محمد إبراهيمي الميلي من مواليد قرية الرمامن في الشرق الجزائري ، ولد بتاريخ 26 ماي 1898م . توفي أبوه وعمره أربع سنين كفله جده ثم عمّاه . بدأ تعليمه بأولاد مبارك بالميلية تحت رعاية الشيخ أحمد بن الطاهر مزهود حتى أتم حفظ القرآن وانتقل إلى مدينة ميلة . اتجه بعدها إلى مدينة قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري وعاصر مبارك الميلي جو الإحتلال الفرنسي ليتابع تعلمه ، توجه بعد ذلك إلى جامعة الزيتونة بتونس حتى تحصل على شهادة " العالمية " سنة 1924م. ثم رجع إلى الجزائر سنة 1925م استقر في قسنطينة يدرّسُ طلاب العلم بمدرسة قرآنية عصرية متحررة من الطرق الصوفية . قام بتأسيس أول نادي لكرة القدم بالمدينة بالإضافة إلى جمعيات خيرية تهتم بالشباب ، لم تغفل السلطات الفرنسية وبعض شيوخ الصوفية لنشاطاته التي شكلت إزعاجاً لهم لدرجة أنها أمرته من مغادرة المدينة بعد سبع سنوات من إقامته بها ، توجه بعدها إلى مدينة بوسعادة بالجزائر لكنه لم يكد يبدأ نشاطه لتوعية الناس حتى لاقى المصير بالطرد من المدينة . عاد بعدها إلى مدينة ميلة وأسس مسجداً للصلاة وكان يخطب فيه ويلقي دروساً فيه ، ثم أسس جمعية إسلامية توسع نشاطها لحد إزعاج الإحتلال و حتى العلماء المرسمين من قبل فرنسا وتخوف الصوفيين . أبرز الشيخ مبارك الميلي نشاطاً كبيراً بكتاباته خصوصاً في مقالاته الصحفية التي نشرت في الصحف الجزائرية الناطقة باللغة العربية من بين يديها جريدة المنتقد ، الشهاب ، السنة والبصائر . وكتب كتاباً بعنوان رسالة الشرك ومظاهره . واصل إدارته بجريدة البصائر حتى منعها الإستعمار مع بداية الحرب العالمية الثانية في 1939م و من مؤلفاته أيضاً تاريخ الجزائر في القديم والحديث ، ومقالات بحوث كتبها في جريدة " الجمعية " . وفي سنة 1931م بالجزائر العاصمة تأسست جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أصبح عضواً في مجلس إدارتها وأميناً لماليتها ، وتوفي في يوم 9 فبراير ( شباط ) سنة 1945م .

المباركفوري

هو محمد عبدالرحمن بن عبدالرحيم المباركفوري أبو العلاء : من مشاهير دعاة السلفية في الهند ، كان له إسهام في تأسيس جمعية أهل الحديث ، وعرف بحملاته على المذهبية ، عالم مشهور ولد ببلدة مباركفور بالهند ، سافر إلى دلهي ، ثم ولي التدريس بالمدرسة الأحمدية ببلدة آره ، ثم في دار القرآن والسنة في كلكتا ، ثم عاد إلى مباركفور وانقطع إلى التأليف ، وأسس مدارس دينية في بلده وفي بلرام بور وبستي وكوندة . وكان خادماً لعلم الحديث تدريساً وتأليفاً متميزاً بمعرفة أنواعه وعلله. من مؤلفاته : مقدمة وتحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي وغيرهما . توفي سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة وألف .

محمد بخيت المطيعي – مصر

هو الشيخ محمد بن بخيت بن حسين المطيعي ، أحد علماء المسلمين ومفتي الديار المصرية ، ولد في بلدة المطيعة التابعة لمحافظة أسيوط من صعيد مصر ، وتعلم في جامع الأزهر في القاهرة ، واشتغل مدرساً فيه ، وانتقل بعد ذلك إلى مهنة القضاء الشرعي وعين بمنصب المفتي للديار المصرية وألف كتباً ومؤلفات قيمة تزخر بها المكتبة العربية ، وكان حنفي المذهب ، والتقى بالسيد جمال الدين الأفغاني ، وكذلك التقى ببديع الزمان سعيد النورسي ، وتوفي عام 1354هـ / 1935م .





محمد بسام الزين – سورية

محمد بسام الزين ( مواليد 1963م ، دمشق ) داعية إسلامي له نشاط إعلامي واسع في مجال الدعوة الإسلامية ، وهو من تلاميذ مفتي سوريا الراحل الشيخ أحمد كفتارو، له عدد من المؤلفات العلمية أهمها ( الموسوعة القرآنية الميسرة ) بالإشتراك مع الدكتور وهبة الزحيلي ، ويعمل مستشاراً وعضواً في عدد من المراكز والهيئات الإسلامية العاملة في الإمارات .

محمد الطاهر بن عاشور - تونس

محمد الطاهر بن عاشور ( تونس ، 1296هـ / 1879م – 1379هـ / 1972م ) عالم وفقيه تونسي ، أسرته منحدرة من الأندلس ترجع أصولها إلى أشراف المغرب الأدارسة تعلم بجامع الزيتونة ثم أصبح من كبار أساتذته . سمي حاكماً بالمجلس المختلط سنة 1909م ثم قاضياً مالكياً في سنة 1911م . ارتقى إلى رتبة الإفتاء وفي سنة 1932م اختير لمنصب شيخ الإسلام المالكي ، ولما حذفت النظارة العلمية أصبح أول شيخ للجامعة الزيتونة وأبعد لأسباب سياسية ليعود إلى منصبه سنة 1945م وظل به إلى ما بعد استقلال البلاد التونسية سنة 1956م .

محمد القزلجي – العراق

وهو أبو الحسن محمد بن حسين بن محمد بن علي القزلجي ، وأصله من قرية قزلجة المتاخمة للحدود الإيرانية ، من جهة شمال العراق ، وولد في مدينة سابلاق عام 1313هـ / 1895م ، ولقد طلب محمد القزلجي العلم على يد مشاهير علماء بغداد ثم سافر إلى بلاد الشام والتقى بعلمائها الأعلام ، وأخذ عنهم الإجازة العلمية ، وبعدها سافر لمصر ، واتصل بعلماء جامع الأزهر ومنهم رشيد رضا ، صاحب تفسير المنار، ثم عاد إلى العراق واستقر في أربيل ، ثم كويسنجق وراوندوز والسليمانية ، وطاب له المقام آخر حياته في بغداد ، وله مجالس للعلم في كثير من المساجد ومنها مسجد بشر الحنفي المسمى حالياً بمسجد بشر الحافي في الأعظمية . وله مؤلفات مخطوطة ومطبوعة في علم الصرف والنحو والرياضيات والفلك والتراجم والسير وله حواشي على كتب مقررة في المناهج في علم الكلام وأصول الفقه الشافعي والحنفي ، وكرس حياته للتأليف والدراسة ، وكان يحب التاريخ الهجري ويكره التوقيت بالتاريخ الميلادي ، ويحب التكلم بالفصحى من اللغة العربية ، وشغل وظائف دينية كثيرة ، منها الإمامة والخطابة والتدريس لطلبة العلوم الشرعية ، وكان المدرس الأول في المدرسة القادرية بالحضرة الكيلانية ، ومدرس مدرسة نائلة خاتون ، في بغداد ، وكان أيضاً محاضراً في كلية الشريعة وعضو المجمع العلمي في مديرية أوقاف بغداد ، وتوفي في يوم الإثنين 11 ربيع الأول 1379هـ / 13 أيلول 1959م .

محمد بن أبي القاسم الهاملي – الجزائر

هو أبو عبدالله محمد بن أبي القاسم بن ربيح بن محمد بن عبدالرحيم بن سائب بن منصور بن عبدالرحيم بن أيوب بن عبدالرحيم بن علي بن رباح ، ولد في أول محرم الحرام سنة 1240هـ والموافق 26 يوليو 1824م . بالحامدية جنوب الجزائر العاصمة، وأتقن القراءات السبع وفن التجويد . أراد الإلتحاق بصفوف المقاومة بجيش الأمير عبدالقادر إلا أن هذا الأخير رفض ورأى أنه من الأفضل له مواصلة تعلمه والقيام بمهمة التعليم والإرشاد والتوجيه ، نزل بزاوية سيدي السعيد بن أبي داوود بزواوة ، لتعلم الفقه والنحو وعلم الكلام والفرائض والمنطق ثم كلفه شيخه بالتدريس ثم بعد سنوات عاد إلى الهامل بلدته للتدريس فيها ، وشرع في التدريس بمسجد الشرفة المعروف بـ " الجامع الفوقاني " ، أقام ثماني سنين لتعليم الناس بالجامع الفوقاني ، وبنى زاويته بقرية الهامل ، وتحولت إلى مركز لقاء خيرة علماء البلد . اهتم بتعمير الأرض واستصلاحها وزراعتها ، وذلك لتأمين مصدر رزق للزاوية ، فاستصلح عشرات الهكتارات بوادي الهامل والمناطق المجاورة له ، كمرحلة أولى ، وبنى به السدود وشق السواقي ورفعها ، وجعل كل ذلك وقفا على الزاوية يستفيد منه الطلبة والفقراء والمحتاجين ، ثم بدأ في مرحلة ثانية بشراء الأراضي الزراعية في المناطق الأخرى مثل المسيلة والجلفة وتيارت والمدية تيزي وزو وغيرها من المناطق ، وجعلها أيضاً وقفاً على طلبة العلم من رواد زاويته. أوقف أموالاً وعقارات وبساتين على زوايا شيوخه في أولاد جلال ، برج بن عزوز ، آقبو ، طولقة والجزائر العاصمة . توفي الشيخ محمد بن أبي القاسم أول محرم الحرام 1315هـ / 2 جوان 1897م . عن عمر يناهز 73 سنة .

محمد رشيد قباني – لبنان

ولد في بيروت في 5 رمضان 1361هـ ونال الشهادة الثانوية الشرعية في أزهر لبنان عام 1962م ، والإجازة العالية " اليسانس " في الشريعة والقانون عام 1966م من كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر في القاهرة . ودرجة التخصص " الماجستير " في الفقه المقارن عام 1968م من نفس الكلية والجامعة . كما نال الإجازة العالمية " الدكتوراه " في الفقه المُقارن عام 1976م من نفس الكلية والجامعة. انتخب مفتياً للجمهورية اللبنانية في 18 شعبان 1417هـ الموافق 28ديسمبر 1996م . له العديد من الكتب والدراسات .

محمد سعيد رمضان البوطي – سورية

محمد سعيد رمضان البوطي ( مواليد 1929م جزيرة بوطان ، تركيا ) عالم دين سوري متخصص في العلوم الإسلامية ومن أهم المرجعيات الدينية على مستوى العالم الإسلامي ، تأثر بوالده الشيخ ملا رمضان الذي كان بدوره عالم دين ، تلقى التعليم الديني والنظامي بمدارس دمشق ثم انتقل إلى مصر للدراسة في الأزهر وتحصل على شهادة الدكتوراه من كلية الشريعة ، له أكثر من أربعين كتاباً تتناول مختلف القضايا الإسلامية ، ويعتبر أهم من يمثل التوجه المحافظ على مذاهب أهل السنة الأربعة وعقيدة أهل السنة وفق منهج الأشاعرة ، يشبهه الكثيرون بالغزالي وذلك لهدوء أسلوبه وقوة حجته في آن واحد .

محمد سيد طنطاوي – مصر

ولد في 28 أكتوبر 1928م بقرية سليم الشرقية في محافظة سوهاج . تعلم وحفظ القرآن الكريم في الإسكندرية . وهو شيخ الجامع الأزهر ومفتي الديار المصرية ، ومن أجل علماء الأزهر الشريف وأغزرهم علماً، خصوصاً في علم التفسير . وقد كان مجتهداً متفوقاً طوال مشواره التعليمي ، متميزاً أكاديمياً وتولى من المناصب القيادية في المؤسسة السنية الأولى في العالم ، وله تفسير لكثير من سور القرآن الكريم . لكن السياسة أثرت سلباً ، وطغت أكثر على الجانب العملي والعلمي في حياته .

الإمام محمد عبده – مصر

" الإمام " محمد عبده ، ولد محمد بن عبده بن حسن خير الله سنة 1849م في قرية حصة شبشير بمركز طنطا في محافظة الغربية في مصر التحق بالجامع الأزهر ، عمل مدرساً للتاريخ في مدرسة دار العلوم وفي سنة 1882م اشترك في ثورة أحمد عرابي ضد الإنجليز الذين نفوه ، وسافر بدعوة من أستاذه جمال الدين الأفغاني إلى باريس سنة 1884م ، وأسس صحيفة العروة الوثقى ، وفي سنة 1885م غادر باريس إلى بيروت . له العديد من الكتب والدراسات والفتاوى . اشتغل بالتدريس في المدرسة السلطانية ، وفي بيروت تزوج من زوجته الثانية بعد وفاة زوجته الأولى . وعاد محمد عبده إلى مصر بعفو من الخديوي توفيق ، ووساطة تلميذه سعد زغلول . وعين قاضياً بمحكمة بنها ، ثم انتقل إلى محكمة الزقازيق ثم محكمة عابدين ثم ارتقى إلى منصب مستشار في محكمة الإستئناف عين في منصب المفتي ، وتبعاً لذلك عضواً في مجلس الأوقاف الأعلى . عين عضواً في مجلس شورى القوانين . وأسس جمعية إحياء العلوم العربية لنشر المخطوطات ، وزار العديد من الدول الأوروبية والعربية . وفي يوم 11 يوليو عام 1905م – 7 جمادى الأولى 1323هـ توفي الشيخ بالإسكندرية بعد معاناة من مرض السرطان عن سبع وخمسين سنة ، ودفن بالقاهرة ورثاه العديد من الشعراء.

محمد ناصر الدين الألباني – سورية

ولد محمد ناصر الدين الألباني عام 1333هـ ، في أشقودرة العاصمة القديمة لألبانيا، وتعلم العلامة محمد الألباني القرآن ، والتجويد ، والنحو والصرف ، وفقه المذهب الحنفي ، وهو في ريعان الشباب . وأصبح الإهتمام بالحديث وعلومه شغله الشاغل ، فأصبح معروفاً بذلك في الأوساط العلمية بدمشق ، حتى إن إدارة المكتبة الظاهرية بدمشق خصصت غرفة خاصة له ليقوم فيها بأبحاثه العلمية المفيدة ، بالإضافة إلى منحه نسخة من مفتاح المكتبة حيث يدخلها وقت ما شاء ، وله أكثر من 300 مؤلف بين تأليف وتخريج وتحقيق وتعليق . وزار وأقام في العديد من الدول وتوفي في الأردن عام 1999م .

محمود شلتوت – مصر

محمود شلتوت رجل دين إسلامي مصري وشيخ الجامع الأزهر1958 – 1963م ، نال إجازة العالمية سنة 1918م ، وعين مدرساً بالمعاهد ثم بالقسم العالي ثم مدرساً بأقسام التخصص ، ثم وكيلاً لكلية الشريعة ، ثم عضواً في جماعة كبار العلماء ، ثم شيخاً للأزهر سنة 1958م ، وكان عضواً بمجمع اللغة العربية سنة 1946م ، وكان أول حامل للقب الإمام الأكبر . ولد الشيخ محمود شلتوت بمحافظة البحيرة سنة 1893م . وصدر قبل وفاته قانون إصلاح الأزهر سنة 1961م . ودخلت في عهده العلوم الحديثة إلى الأزهر ، وأنشئت عدة كليات فيه . وله العديد من الكتب منها : فقه القرآن والسنة ومقارنة المذاهب والقرآن والقتال .. توفي في مصر عام 1963م .

المختار الجلالي – الجزائر

المختار بن عبدالرحمن بن خليفة الجلالي الإدريسي الخالدي ، ولد بقرية سيدي خالد سنة 1201هـ / 1784م ، حفظ القرآن في سن مبكرة وتفقه في العقائد وعلم الكلام ، أسس زاوية أولاد جلال ، توفي في 19 ذي الحجة من سنة 1277هـ / أكتوبر 1862م

مصطفى التريكي – ليبيا

الشيخ العلامة مصطفى عبدالسلام التريكي أحد أبرز علماء الدين في ليبيا والعالم الإسلامي تلقى العلوم الإسلامية في مدارس مصراتة و زاوية عبدالسلام الأسمر بزلتين ثم انتقل إلى الأزهر ليتحصل على أعلى الشهادات وعمل في القضاء ، وأضحى من أهم من قام عليهم التعليم الديني في ليبيا ... شارك في العديد من الفاعليات الإسلامية في مختلف أنحاء العالم .. وكانت له حلقات علمية في المسجد النبوي بالمدينة المنورة والمسجد الحرام بمكة المكرمة استمرت لمدة عشرين عاماً .

مصطفى سعيد الخن – سورية

هو مصطفى بن سعيد بن محمود الخن ، الشّافعي ، الميداني ، الدمشقي . ولد عام 1923م وتوفي عام 2008م في دمشق . حضر دروس الشيخ حسن حبنكة والتحق بجامعة الأزهر وعاد مدرساً في دمشق وعاد إلى القاهرة ونال شهادة الدكتوراه من الأزهر ثم درس في جامعة أم درمان وله العديد من الكتب .

المعلمي

هو الشيخ المحقق المحدث ذهبي العصر أبو عبدالله عبدالرحمن بن يحيى المعلمي اليماني ولد في أول سنة 1313هـ بقرية المحاقرة باليمن ، نشأ في بيئة متدينة صالحة، وقد كفله والداه وكانا من خيار تلك البيئة ، سافر إلى مكة عام 1371هـ فعين أميناً لمكتبة الحرم المكي في شهر ربيع الأول سنة 1372هـ فبقي فيها يعمل بجد وإخلاص في خدمة رواد المكتبة من طلاب العلم ، بالإضافة إلى استمراره في تصحيح الكتب وتحقيقها لتطبع في دائرة المعارف العثمانية حتى أصبح موضع الثناء العاطر ، ومؤلفاته تنبئ عن إطلاع واسع وفهم ثاقب ونقد جيد ، من مؤلفاته : التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل ، خطا الإمام البخاري في تاريخه ، كما حقق التاريخ الكبير للبخاري وتذكرة الحفاظ للذهبي والجرح والتعديل لابن أبي حاتم . أثنى عليه المفتي محمد بن إبراهيم والشيخ محمد حامد الفقي والشيخ العلامة أحمد شاكر والشيخ محمد ناصر الدين الألباني . توفي سنة ست وثمانين وثلاثمائة وألف ، رحمه الله تعالى.

مقصود الحسن الفيضي – الهند

هو الشيخ مقصود الحسن الفيضي أبوكليم من علماء المسلمين في الهند السلفيين ومن علماء علم الحديث وأحد طلبة العلم المعروفيين لدى المسلمين من الهند وباكستان ومن زملاء الشيخ صفي الرحمن المباركفوري . مقيم حالياً في الغاط إحدى محافظات مدينة الرياض . وله العديد من الكتب .

نعمان المتولي – العراق

وهو الشيخ نعمان أفندي ابن عبداللطيف بن محمد بن أحمد بن عبدالعزيز بن داود العبيدي الأعظمي ، ولد في الأعظمية في بغداد ، عام 1255هـ / 1839م ، ونشأ بها وتعلم القرآن ثم درس علوم اللغة العربية على علماءها ، ومن شيوخه أحمد السمين الألباني ، وحسين البشدري ، ودرس في كلية الإمام الأعظم ، وكان ذا شخصية مهابة ومنزلة في المجتمع البغدادي ، مسموع الكلمة مهاباً ومحترماً لدى الولاة والحكام ، وكان ينوب عن أخيه الشيخ مصطفى في التولية على جامع الإمام الأعظم، ولقد منحته الدولة العثمانية عدة أوسمة ، لإخلاصه ووفاءه ، وكان يعطي دروساً في العلوم المختلفة وله مجلس وعظ يحضره العلماء والأدباء . توفي في شهر رجب من عام 1322هـ / 1904م .

هاشم بن حامد الرفاعي – الإمارات

الدكتور / هاشم بن حامد الرفاعي ولد في إمارة رأس الخيمة في 20 جمادى الآخرة 1378م ومتزوج ولديه إحدى عشرة ولد . له مؤلفات إسلامية وفي علوم الإدارة وتقنية الإتصالات .

الوادعي

هو الشيخ المحدث أبو عبدالرحمن مقبل بن هادي بن مقبل بن قائدة الهمداني الوادعي من قبيلة آل راشد ، طلب العلم في اليمن ، ثم بمعهد الحرم المكي ، ثم بالجامعة الإسلامية ، فدرس بكلية أصول الدين إنتظاماً ، وبكلية الشريعة إنتساباً ، ثم واصل دراسته فيها حتى حصل على الماجستير ، ثم أقبل على كتب السنة ، والتفسير ، وكتب الرجال ، ينهل منها ، ويستمد منها مؤلفاته القيمة ، كان الشيخ حريصاً على العلم آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر لا يخاف لومة لائم ، زاهداً ورعاً صبوراً ، نشر الدعوة السلفية في بلاد اليمن ، وله من المؤلفات الدالة على علمه ووفور عقله أكثر من أربعين مؤلفاً ، ومنها الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين والصحيح المسند من أسباب النزول والصحيح المسند من دلائل النبوة وغارة الفصل على المعتدين على كتب العلل وأحاديث معلة ظاهرها الصحة . توفي في ربيع سنة اثنين وعشرين وأربعمائة وألف.

يوسف القرضاوي – مصر/قطر

مات والده وعمره عامان فتولى عمّه تربيته ، حفظ القرآن الكريم وهو دون العاشرة، وقد التحق بالأزهر الشريف حتى تخرج من الثانوية ، ثم التحق بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر ومنها حصل على العالية ، ثم حصل على العالمية مع إجازة التدريس من كلية اللغة العربية ، حصل على دبلوم معهد الدراسات العربية العالية في اللغة والأدب ، ثم حصل على الدراسة التمهيدية العليا المعادلة للماجستير في شعبة علوم القرآن والسنة من كلية أصول الدين ، وحصل على ( الدكتوراه ) بإمتياز مع مرتبة الشرف الأولى من نفس الكلية ، وكان موضوع الرسالة عن " الزكاة وأثرها في حل المشاكل الإجتماعية " . تعرض للسجن عدة مرات لإنتمائه إلى الإخوان المسلمين . ثم سافر إلى دولة قطر وعمل فيها مديراً للمعهد الديني الثانوي ، وحصل على الجنسية القطرية ، وتولى تأسيس وعمادة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر وظل عميداً لها ، كما أصبح مديراً لمركز بحوث السنة والسيرة النبوية لجامعة قطر . له ما يزيد عن 120 من المؤلفات من الرسائل والعديد من الفتاوى كما قام بتسجيل العديد من حلقات البرامج الدينية التسجيلية والحية والكتب ، منها على سبيل المثال : 1- أثر الإيمان في حياة الفرد . 2- الإخوان المسلمون سبعون عاماً في الدعوة والتربية والجهاد . ومع اشتهاره بالعلم والفتوى والتفقه فإن له من القصائد والأشعار ويتميز شعره بجزالة الأسلوب ووضوح المعاني ، ويتناول عادة القضايا الإيمانية وطلب تحرير الأقصى وفضائل الأخلاق . حصل على جائزة البنك الإسلامي للتنمية في الإقتصاد الإسلامي لعام 1411هـ / 1990م . وجائزة الملك فيصل العالمية بالإشتراك في الدراسات الإسلامية لعام 1413هـ / 1993م . وجائزة العطاء العلمي المتميز من رئيس الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا لعام 1996م ، وجائزة السلطان حسن البلقية ( سلطان بروناي ) في الفقه الإسلامي لعام 1997م .





شعراء العصر الحديث

إباء إسماعيل – سورية

قصيدة للأطفال

فراشــــــــة أنا   أطير في الحقولْ

صديقيَ الربيعْ   يا أجملَ الفصولْ

*****

أطيرُ في البلادْ   أحيّرُ الصيادْ

وأختفي كزهرةٍ   في عالمٍ بديعْ

*****

فراشة ســــعيدة   أحط في الملعــبْ

أطيرُ مثل طائر   في العالم الأرحبْ

يا شمسنا الحلوهْ   هيّــــا بنا نلعــــبْ

*****



إبراهيم أحمد الوافي – السعودية

لا الليل يرســــــــم في عيني بدايــــــــاتي   ولا لعابُ الضحى يغري مساماتي

البحر يغســــــــلُ عن وجهي بداوتــــــــه   وتمضغ الريح في صمتٍ ستاراتي

من شــــــهقة الأمس جاء الحرف يحملني   مكبَّل الحلْم .. محموم المســــافاتِ

أنامُ في أعْينِ النجمــــــــاتِ ترمقـــــــني   ســـــــــــحابة ظلَّلتني في خيالاتي

فصرتُ أنقشُ في جدرانها صــــــــوري   كســــــيرة كانكسار الحلم في ذاتي

وفي الصــــــباح يدق الجــــــرحُ نافذتي   فأســــــتفيق على ضوء انكساراتي

لأرمقَ الوهـــــم حينــــــاً ثم أســــــــألهُ   لعلَّ ما بي خيـــــالاً من هلامـــاتي

يا أنتِ من أنتِ لا أدري إذا جمحــــــتْ   بيا الســـــــنينُ وأعيتني منــــاداتي

في أمســـــــى البكر حلماً ما غفوتُ له   شعري وأنفقتُ صوتي في صباباتي

أعود للأمس.. لهف الأمس أين مضت   ضفائرَ الشَّــــــعْر تلهو في فضاءاتي

وأين (صــــبغة حناء الأظـــــافر) هل   يُضمِّخُ الطينُ فيها عشــــبَ مأساتي

بل أين عيناكِ.. أينَ الســــحرُ يسكنني   وأين صـــــــوتُكِ.. بل أين انفعالاتي

أوَّاهُ ما أبشــــــــــع الذكرى إذا علقتْ   بشــــــــاعرٍ نامَ في صحو العباراتِ

*****

يا (فاتني) طعم ذاك الجرح في شفتي   ولونه لون أيـــــــــامي بمـــــرآتي

يظل يســــــكنني وهما فأســـــــــكنه   في هدأتي في سكوني في انطلاقاتي

في ضحكتي في كلامي.. في تململنا   على الســـــــــطور تعرِّينا كتابــاتي

وأنت آخــــر من أهديتـــــــه نغمي   مطرَّز الجــــرح مكلوم الحكايـــاتِ

*****

إبراهيم الأسود – سورية

لابســـات الشــــــنوف والأطواقِ   جَدَّ منهن في الحشــــــا ما ألاقي

بعد عهــــــدٍ لهـــــنَّ أخلَفَهُ دَهــرٌ   حريصٌ على أذى العشـــــــــاقِ

ويحَ عيني وقد تَقَــــــــرّحَ جَفناها   وخَدّي أمَا لــــها اليــــــوم راقِ

ذهبت جِدَّةُ الشــــــــبابِ و رَثَّــتْ   وهـــــواهنّ في فــــــؤاديَ باقِ

كلما أخلقَ التــــــأوُّهُ جســـــــمي   جَدّد الوجدَ في الحشــــا الخفّاقِ

ألــــم بالِـــــــغُ النَّكــــــــايةِ، لكن   هو عندي كالشـــــــهد والترياقِ

يائســــــــاً أدرأ المواجـــــع عنّي   بالأماني والذكـــرياتِ العِتـــاقِ

مثل أم الفصــــــيل، تَر أم بَـــــوّاً   فَرّقـــوا لحمه على الطُـــــرّاقِ

آنسَـــتْ أنّ حشَــــــوَهُ التبنُ، لكنْ   أنسُها في شَـــميم ريح الصَّفاقِ

عجباً، مَلّني العَشـــــــــيرُ وأهلي   وأنا واليـــــراعُ خِدْنا وفـــــاقِ

ليس لي في الحياة صاحبَ صدقٍ،   غيرُ طِرسي وريشـتي.. ولِياقي

وطُيوفٍ يَرُدْنَ رَوْضَ خيــــــالي   يبتعثن الســــرورَ باســـتنطاقي

فتصاغ الهمومُ شِــــــــعراً مقفّى   كجُمان العقـــود ذي الأنســــاقِ

*****

إبراهيم طوقان – فلسطين

عبس الخطـــب فابتســــــم   وطغى الهول فاقتحم

رابــــــط النفــــس والنهى   ثابــــت القلب والقدم

نفســـــــــه طوع هــــــمة   وجمت دونــها الهمم

تلتـــــقي في مزاجـــــــها   بالأعاصــير والحمم

تجمع الهائج الخضــــــــم   إلى الراســــخ الأشم

وهي من عنصــــر الفداء   ومن جوهـــر الكرم

ومن الحــــــق جــــــذوة   لفحها حـــــرر الأمم

ســـــــار في منهج العلي   يطـــرق الخلد منزلا

لا يبـــــــالي، مكبـــــــلاً   نالـــــه أم مجــــــدلا

فهو رهن بما عزم

ربمــا غالـــه الــــــردى   وهو بالســجن مرتهن

لســـــــت تدري بطاحها   غيبتـــــــه أم القنـــــن

إنه كوكــــب الهــــــدى   لاح في غيهــب المحن

أي وجــــــه تهلــــــــلا   يــــرد المـــــوت مقبلا

إنا لله والوطن

أرسل النور في العيون،   فما تعرف الوســـــــن

ورمى النار في القلوب،   فما تعرف الضــــــغن

أي وجــــــه تهلــــــلا   يرد الموت مقبــــــــلا

صعد الروح مرســـلا   لحنه ينشــــــــــد الملا

إنا لله والوطن

*****





إبراهيم عبدالقادر المازني – مصر

ما أضعت الهوى ولا خنتك الغيب   وحاشـــــاً لمثلنا أن يخـــونا

حاربتني الأقـــــــدار فاعتب علينا   ودهتني وما وجدت معيــــنا

ما حمدنا ما كان قبل ذميــــــــــما   أو رضينا ما كان لا يرضينا

ليس برح الهمـــوم ما رحت تبديه   ولكن ما بات فيك دفيــــــــنا

إبراهيم العريض – البحرين

تَمثّل الحـــــــــبُّ للفَنّــــــان بين يـــدَيْ   ذكراه..كالنار تغشى طُورَ ســـيناءِ

وقــــــال حيـــــــن رآه في تَململـــــــهِ   يُقَلّب الطـــرفَ بين الزهر والماءِ

يا من عَكفتَ على الدنيـــــا وزينتَـــــها   حتى صممتَ عن الأنغامِ من نائي

تحيــــــا الحيـــــــاة بلا إلفٍ تلــــوذ بهِ   إلا ارتيـــــادَكَ في أفيــــــاء فيحاءِ

حتى كأنّ ضـــــــلوعاً أنتَ حاملُـــــها   تُطوى على كبدٍ ليســـــــتْ بحَرّاءِ

هذا الوجـــــــودُ إطارٌ لا كفـــــــاءَ لهُ   غايةْ الفــــــنِّ فيه رســــــمُ "حَوّاءِ"

لها الشــــــبابُ الذي تشــــــفي برُقيتهِ   ما كابد القلبَ من صــــــدٍّ وإغراءِ

لها الجمــــــالُ الذي تبقى أشـــــــعّتُهُ   تنير خطوَكَ في طوفان أهــــــــواءِ

كأنها الشــــــمسُ إشـــــراقاً.. تُبادلها   مـــــرآةُ قَلبــــــكِ لألاءً بــــــــلألاءِ

لا تكذبِ النفس في مجـــــدٍ حلمتَ بهِ   فلســـــتَ تُحْسِــــنُ إلا قولَ "أهواها"

شُــــغِفْتَ بالحســـــــنِ لا تنفكّ تطلبهُ   عيناكَ.. حتى ولو في كأس صـــهباءِ

وليس أجملُ ما في الكون من أثــــرٍ   إلا اقتباســـــاً بدا من شكل حســـــناءِ

انظرْ إلى شــــفَتَيْها، هل ترى زَهَراً   يفتــــــــرّ عن نُقطٍ كالطـــــلّ وَطْفاءِ

انظرْ إلى وجنَتَيْها، هل ترى شـــفقاً   يلوح من شــــعرها في وَسْــطِ ظلماءِ

انظرْ إلى ناظرَيْــــها، هل ترى ألقاً   كأنّـــــه صـــــــادرٌ عن كوكـــبٍ ناءِ

مافي الطبيعة من حُسْــــنٍ فمنعكسٌ   عن صدرها البضّ في عينيــكَ يا رائي

وأطيبُ الطيبِ مافي الخلد من زَهَرٍ   وإنّما غرســـــــتْها كــــفُّ "حــــــوّاءِ"

فكيف تُكّبر من شـــــأن الجميلِ ولا   تُثيبــــــها عن يدٍ قبّلـــــتَ بيضــــــــاءِ

وما تؤمّل في الفردوس منفــــــرداً   إلا رجـــــــاؤكَ أن تَحظى بلُقيــــــــاها

*****

إبراهيم مفتاح – السعودية

إشــــــــتياقي محاصرٌ في عيونكِ   والأماني تحوم حول جفونــك

وهـــوانــــا أنفاســـــــــه لاهثات   في الحنايا تروم فيض حنينــك

غادتي أزهـــر الحنـــــــان بقلبي   إنما العطر لا يفوح بدونـــــك

كيف ينمــو وكيف يكبــــــر لولا   رؤية الكأس يزدهي في يمينك

أعشق الليل فوق رأسك فوضى   تتحدى على صــــــباح جبينك

*****

يا حبيبي كفى فؤادي إشــــــتياقاً   وكفانا بعد التلاقي فــــــــراقا

جفّت النفس بعد طول إرتــــواء   فاسقني من هواك كأسـاً دهاقا

وإذا شـــــئت أن تؤجــــج قلبي   فرويداً.. أخشى عليك إحتراقا

هات عينيك أرشف السحر منها   أمنيـــــات الغــرام أن نتلاقى

ما علينا وفيــــــم نخشى الليالي   يجمل الليل عندما نتســــــاقى

*****

يا حبيبي إلام نبقى حيــــــارى   وحقول الآمال تزهو إخضرارا

والأماني من حولنا تتـــراءى   ثملات من الهيــام ســــــكارى

كم رشفنا من الهوى قطرات   وملأنا الكؤوس منه مـــــــرارا

ونســـــــجنا حبنا ألف معنى   وفرشـــــــنا طريقنا أزهــــــارا

ليس عـــاراً بأن نحب ولكن   آفة الحب أن نرى الحــب عارا

*****

إبراهيم ناجي – مصر

طابت بكِ الأيـــــامُ وافرحتـــــــاهْ   أنتِ الأمانيْ والغنى والحيــــاهْ

فليذهبِ الليـــــــلُ غفــــــــرنا لهُ   ما دام هذا الصـبح عقبى دجاهْ

يا من غَفَتْ والفجــــرُ من دارها   شعشعَ في الآفاق أبهى ســـناهْ

قد طرق البــــاب فتىً متعــــــبُ   طال به الســــير وكلَّت خطاهْ

نقَّل في الأيـــــــــامِ أقـــــــــدامَهُ   يبغي خيــالاً ماثــــلاً في مناهْ

عندك قد حطّ رحــــال المـــــنى   وفي حمى حسنِك ألقى عصاهْ

كم هدأ الليــــلُ وران الكـــــرى   إلا أخا ســــــــهدٍ يغنِّي شجاهْ

ناداك من أقصى الربى فاسمعيْ   لمن على طول اللياليْ نــــداهْ

نادى أليفاً نــــام عن شـــــــجوهِ   عذبٌ تجنيه عزيـــــزٌ جنـــــاهْ

أحبَّكِ الحبُّ وغـــــــنّى بـــــــهِ   عفَّ الأمانيْ والهوى والشــفاهْ

وإنما الحبُّ حديـــــــــثُ العلى   أنشــــــودة الخلدِ ونحنُ الرواهْ

*****

إبراهيم اليازجي – لبنان

يا من ترحل عن عيني وأودعـها   دمعاً على خطرات الذكر سفاحا

تهزني الريح وجداً كلما خطرت   ويخطف البرق قلبي كلـــما لاحا

*****

هذا الغريب الذي أبكي دمشق وقد   لاقي من البين في أسـفاره أجلا

أبقى لآل قلاووز الكــــــرام أسى   مدى الزمان يلاقي مدمعاً هطلا

مضى إلى ربه الغفار متخـــــــذاً   من سبل غربته نحو العلى سبلا

فإن تزر تربـــه يـا من يؤرخـــه   أكتب دعا الله إبراهيم فامتثـــــلا

*****

تنبهوا واســــــــتفيقوا أيــــــها العرب   فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب

فيم التعلل بالآمـــــــال تخدعــــــــــكم   وأنت بين راحات الفنــــــا ســـــــــلب

الله أكبـــــــــر ما هذا المنـــــــــام فقد   شـــــكاكم المهد واشــــــــتاقتكم الترب

كم تظلمون ولســـتم تشــــــتكون وكم   تســــــتغضبون فلا يبدو لكم غضـــــب

ألفتم الهون حتى صــــار عنـــــــدكم   طبعاً وبعض طبــاع المرء مكتســـــــب

وفارقتكم لطـــــول الذل نخوتـــــــكم   فليس يؤلمـــكم خســـــــــــف ولا عطب

لله صـــــبركم لو أن صــــــبركم في   ملتقى الخيل حين الخيـــل تضــــــطرب

كم بين صـــــبر غدا للذل مجتلــــــباً   وبين صـــــــبر غدا للعــــز يحتلــــــب

فشــــمروا وانهضوا للأمر وابتدروا   من دهركم فرصــــة ضـــنت بها الحقب

لا تبتغوا بالمنى فوزاً لأنفســـــــــكم   لا يصــــــدق الفوز ما لم يصدق الطلب

خلوا التعصب عنكم واستووا عصباً   على الوثـــــام ودفع الظــــــــلم تعتصب

لأنتم الفئة الكثـــــــرى وكم فئـــــــة   قليلــــة تم إذ ضـــــــــمت لــــــها الغلب

هذا الذي قد رمى بالضعف قوتـــكم   وغادر الشـــــــــمل منكم وهو منشـــعب

وسلط الجور في أقطاركم فغــــدت   وأرضــــــــها دون أقطار المـــــلا خرب

وحكم العلج فيــــكم مع مهانتــــــه   يقتــــــــادكم لهـــــواه حيـــــث ينقلــــــب

من كل وغد زنيم ما له نســــــــب   يـــــــدرى وليــــس له ديــــــــن ولا أدب

*****

أبو القاسم الشابي – تونس

إذا الشـــــــــــعبُ يوماً أراد الحيــاة   فلابدّ أن يســـــــتجيب القــــدرْ

ولابـــــدَّ لليــــــــــل أن ينجــــــــلي   ولابدّ للقيـــــــد أن ينكســـــــرْ

ومن لم يعانقْه شــــــــوْقُ الحيــــــاة   تبخَّرَ في جــــــوِّها واندثــــــرْ

فويل لمن لم تَشُــــــــقهُ الحيــــــــاة   من صفْعة العدَم المنتصـــــــرْ

كـــذلك قالــــت ليَ الكائنــــــــــاتُ   وحدثني روحُها المســـــــــتترْ

ودمدمِت الرِّيـــــــحُ بين الفِجـــــاج   وفوق الجبال وتحت الشــــجرْ

إذا ما طمحـــــــتُ إلى غايـــــــــةٍ   ركبتُ المُنى، ونسِــيت الحذرْ

ولم أتجنَّـــب وعورَ الشَّـــــــــعاب   ولا كُبَّة اللّهَب المســــــــتعرْ

ومن يتهيب صـــــــعود الجبـــــال   يعش أبَدَ الدهـــر بين الحفــرْ

فعجَّتْ بقلبي دمـــــاءُ الشـــــــباب   وضجَّت بصدري ريــاحٌ أخَرْ

وأطرقتُ، أصغي لقصف الرعودِ   وعزفِ الرياح، ووقع المطرْ

ورنَّ نشـــــــــيدُ الحياةِ المقـــدّسُ   في هيكلٍ، حالمٍ، قد سُــــــحِرْ

وأعْلِنَ في الكون: أنّ الطمــــوحَ   لهيبُ الحيــــاةِ، ورُوحُ الظفَرْ

إذا طمحتْ للحيــــــاةِ النفـــــوسُ   فلابدّ أنْ يســـــــــتجيبَ القدرْ

*****

أبومسلم البهلاني العماني – سلطنة عمان

الشــــــــــكر لله شــــــــكراً ليس ينصرم   شــــــــــــكراً يوافق ما يجري به القلم

يأتي البــــــــــلاء لتمحيـــــص وتذكـــرة   كأن كل بــــــــــلاء نـــــــــــــازل نعم

وهذه الدار دار حشــــــــوها ضــــــــرر   لكن مع الصــــــبر بالغفـــــران يختتم

فارض المقاديـــــــــر في ضــــر وعافية   فليس يثبــــــــت إلا بالرضـــــــــا قدم

أســــــــتغفر الله لا أشـــــــكو البلاء ولا   أراه إلا إحتفــاء ســـــــــاقه كـــــــــرم

جبلــة النفس فيــــــــما ســـــــــاءها هلع   وفي المســـــــرة بالطغيـــــــان ترتطم

فاحكـــــــــم على النفس في الحاليـــــــن   هل خضعت لله فالعقل في أحوالها حكم

وقطرة النفس في أيــــــدي بصــــــيرتها   فارم البصـــــــــيرة حيث النفس تقتحم

تبلى وفي نفس من طــــــول البقا أمــــل   وذاك أنصـــــــــب مما يفعــــــل الألم

آفــات أنفســــــــــــنا داء يخامــــــــرها   بالبؤس يطغى وبالســــــــراء يضطرم

مصــــــائب الدين أنكى ما نصـــــاب به   وما عداهـــــن فيه الأجـــــر يغتنــــــم

بوفر الأجر في حســـــــــن البـــلاء لنا   وكل صــــــالحة من كســـــــــــبنا عدم

ورب حرص على إبقـــــــاء عافيــــــة   حرص على فوت فضـــــــــل فوقه نقم

فاحرص على الأجر في كل الأمــــــور   ولا تســـــــــأم بلاء فرأس العلة الســأم

فرب أجحف ضـــــــر عين عافيـــــــة   ورب عافيـــــــة في طيــها ســــــــــقم

تســـــــارع الضر في خير العباد على   فضــــــل البــــــــــلاء دليل ليس ينبهم

ما للتنطـــــــع فيمـــــــا لا يفارقنــــــا   ولا يــــــدافعه عــــــــزم ولا همــــــم

تأتي المكــــــاره أقــــــــواماً لخيرتهم   من حيث علمــــــهم أو حيث ما علموا

أســـــــــتودع الله نفسي حيث أودعها   ليســــــــت ودائعه بالســــــوء تهتضم

أســــــتحفظ الله نفســــــي شدة ورخا   أن القلوب بحفـــــــظ الله تعتصـــــــم

وأسأل الله حســــــن اللطف بي وبكم   في كل نازلة تهـــــــــمى لها ديــــــــم

يا من حباني هنـــاء بالشــــــــفاء لقد   صـار الهناء شـــــــــفاء وانجلى السقم

ومن كســــــــاني ثناء من فواضــله   كأنّه الــــــدر واليـــــــــاقوت ينتظــــم

ومن شـــــــمائله زهر ومنته بحــــر   ومن منتــــــــــماه الفخـــــــــر والكرم

عرفت في كمــــــالاً لا يقـــــــوم به   وصـــــــف ولو كثرت في وصفه الكلم

وما كمـــــالك دعوى مادح ملــــــق   وإنّما الشـــــــاهدان الســــــــيف والقلم

جريت فيما جرى الأمجاد فاقتصروا   من دون شــــــــأوك قدراً إذ ســـــبقتهم

وعاهدتك مزايا الفضل فانتصـــــبت   تومى إليــــــــك وأنت المفــــــرد العلم

من لي بأزكى المعاني فيك ممتــدحاً   دون البيان لســــــــــاني عنك منعــــجم

*****

أبو الهدى الصيادي – سورية

غريب ضعيف كثير الذنـوب   وربي المغيث بدفع الخطوب

أناجيه أدعوه بالمصـــــطفى   سرارة معنى ضمير الغيوب

ببضعته الطهر زوج الرضا   وآل وصـــحب وأهل القلوب

ومالي أنيس ســــــوى ذلتي   وكسـري وأني أسير الكروب

وظني بــــــربي إلى خالقي   وعن طلب الغير قلباً أتــــوب

*****

أبي شيخان السالمي – عمان

حبَّذا روضة الحمى وشــــــذاها   فاحَ ينفي من الجســـــوم أذاها

آه ما أبردَ الصَّـــــــبا وأحـــــرّ   القَلْبَ إذ أرســــــلت إليه نَدَاها

هذه نفحــــــــة دعُوهــــــا تلبي   داعياً من صدى القلوب دَعَاها

طال عهدي بالغانيــــــات ولكن   مهجـــــــتي قد تلفّتت لِلقـــاها

وبأكناف رامــــــةٍ ظَبَيـــــــاتٌ   جرّدت للأســــود بيض ظُبَاها

رام أهل الهوى وصالاً فجـذَّت   دون ســــاحاتها رؤوس مُناها

لستُ أنسى خوضي إليها قديماً   غَمْرة الموت في عُباب دُجـاها

ليَ نفسٌ وصــــــــاحباها فؤاد   وحُسَــــــــــام كَلٌّ يزيل عناها

فســـــقطنا على الحمى فرأينا   جالبات البــــــلاء حولَ حماها



احمد إبراهيم الغزاوي ، شاعر الملك عبد العزيز آل سعود - السعودية

صباح التهاني في "سعود" الكواكب   أطل فأجلى حالكات الغيـاهب

بـــك الله أدنـى كل خــيـر ونـعـمـة    وقرب أشتات المنى والمطالب

وأيـــد تــوحــيـــدا ووحـــد أمــــة   تردت زمانا في مهاوي النوائب



وأعلا لواء الأمن والعدل والهدى   وقوم معوج الهـوى والمشـارب

وأنشـر مـيـت العـلـم بعد دثـوره    فـعـمـت بـه آلاء خيـر المـذاهب

وأحيا رفاتا في الجزيرة عاطلا     فـعـاد بـديـن الله أمـعـن كاســب

فمالي لاأدعوك أفضل من نرى  على الأرض في حسن التقى والمناقب

ومالي لا أستطيع وصف خواطري   بمـجدك أم هـذا جـلال الـواهـب

ومـالي أستـمـلي القريض فألفه     وإن أحسن الإلمام دون المناسب

ألا إن عبـد الـعزيـز وعـصره    لكالمصلح الفاروق إحدى العجائب

مجدد ملك العرب هل أنت عاذري   إذا كنت بل قد كنت أوجز خاطب

أمثلك في عظم المقام وفي الذي    بلغت وما حققته من رغائب

وما شدته من فوق أجنحة الظبا   على كل رأس من عدو مشاغب

وما نلته من كل فخر وسـؤدد     تردده الأصداء أقصى المغارب

تمد له الأفـلام من صفحـاتـها     سوى ومضات من خلال سحائب



قدمـت وهـذا مـوســم الحــج قد بــدا   كشأنك في تقديم أعظـم واجـب

فـأهـلا بـمــن وطـد المــلك عـزمـه   وشــيـده بالمـرهـفـات الـقواضـب

وأسـمـع أصـلاد الحـجـارة وقـعهــا   إذا هي غنت في الطلى والمناكب

ومن تخشى من شزراته أسد الشرى إذا شاء يقسو فارتدى ثوب غاضب

ومن ليس يحكي الرعد مبلغ صوته   إذا صاح يوما بالوغى والكتائب

يــقـدمــها والله يـضــمن أنـهــــا  إذا اختــلط الزحـفـان أول غـالـب

ومن يـــدأ الإحســان ثـم يعـيــده  على المعتفين الجود من كل جانب

ومن شــايـع الرحمن حبـة قـلبــه   بتـوحيده فارتـاض كل المصـاعب

لتهنا بنصر الله ياكهف ديـــنــــه   ولا زلت نورا في صدور المواكب

ألا إن من يدعو إلى الله مخلصا   له الدين محمود السرى والعواقب

------------------------

حمام الأيك ، إن أبكاك ذو فنن   أصفيته الحب إسرارا وإعلانا

وبت فيه على ذكرى وموجدة   تذرين دمعك أســـجاعا وألحانا

وظل دأبك في الأسحار أغنية   يخالهـــا السـمع بالتوقيع عيدانا

فما بنفسي مما تشتكي حرق   ولا تعــشقـــت آرامـا وغزلانـا

* * *

   لكن سكبت دمي دمعا على وطن

             قد كان في المجد والتاريخ ماكانا

أرسى قواعده الأبطال من مضر   فراح ينشد فوق النجم أكنانا

وساد بالدين والدنيا وســـــائله   وطبق الأرض إيمانا وعرفانا

   فكان في الشرق يكسو الشمس حلتها  

              وكان في الغرب يزجي النور فرقانا

ثم استباحت يد التفريق بيضته   واستبدل العز بالإرهاق خذلانا

* * *

لولا الذي اتخذ المختار قدوته   وخول العرب بالتوحيد سلطانا

           * * *



   فإن أرقت وأن غنيت من شجن   فللذي أنا أبغي رجعه الآنا!!

مجدا وعلما وآمالا مشيعة     ووحــدة وأفانينــا وعمران

           ***      

فهل علمت ولا تألين موعظة   من ذا الذي هو بالترجيع أشجانا

       وإن جهلت فحسبي كل ذي طر   أصغى فردد ما أمليت جذلانا

وأنت إن شئت أن لا تنصفي فدعي    

                     عنك النواح فإن الشجو أعيانا

أحمد بن علي بن مشرف – السعودية

وكن ناصحاً للمســــلمين جميعهم   بارشـــــــــادهم للحق عند خفائــــــــه

ومرهم بمعروف الشريعة وأنههم   عن السوء وازدجر ذا الخنا عن خنائه

وعظهم بآيـــــات الإله بحكـــــمة   لعلك تبـــــــــرى داءهم بدوائـــــــــه

فإن يهد مولانا بوعظـــــك واحداً   تنل منه يوم الحشــــــــر خير عطائه

وإلا فقد أديت ما كان واجـــــــباً   عليك ومـــا ملكــــت أمر اهتــــــدائه

*****

أحمد رامي – مصر

من رباعيات الخيام

لا تشغل البال بماضي الزمان   ولا بآتي العيـــش قبل الأوان

واغنم من الحاضـــــر لذّاتــه   فليس في طبع الليالي الأمان

*****

أولى بهذا القلب أن يخفـــقا   وفي ضــــرام الحب أن يحرقا

ما أضيع اليوم الذي مرّ بي   من غير أن أهوى و أن أعشقا

*****

لا تشغل البال بأمر القدر   واسمع حديثي يا قصير النظر

تنح واجلس وادعا قانعاً   وانظر إلى لعب القضا بالبشر

*****

من يحسب المال أحب المنى   ويزرع الأرض يريد الغنى

يفارق الدنــــــيا ولم يختــــبر  في كداه أحوال هـذي الدنى

*****

إن لم أكن أخلصت في طاعتك   فإنني أطمـــــع في رحمتــــك

وإنما يشـــــــفع لـــي أنــــــني  قد عشت لا أشرك في وحدتك

عاشر من الناس كبار العقول   وجانب الجـــــهال أهل الفضــــول

واشــرب نقيع السم من عاقل   واسكب على الأرض دواء الجهول

*****

لم أشرب الخمر ابتغاء الطرب   ولا دعتـــــني قلـة في الأدب

لكن إحســــــاسي نـــزاعاً إلى   إطلاق نفسي كان كل السبب





أحمد سالم باعطب – السعودية

من أينَ تَبتدئُ الحكاية في الهـوى   أمن الوصالِ أو الوعودِ أو النوى

أمْ من حقول الذكريات وطيبـــها   أمْ من تباريح الصـــــبابةِ والجوى

قالت: أتســـــــألها وأنت ربيعها   قد عبَّ برعمُها حنانـــــكَ وارتوى

فأجبتُ لو يدري المحبُّ مصيرَه   ما ضل في طرق الغرامِ وما غوى

*****

أتصدقين وأنت سيدةُ الفراسة والذكاء من  

             قال إن السِّلْم ساد الأرض في عصر الفضاء

أتصدقين وفي مســـارح جدِّهم ومجونهم

             قصـصٌ تمثّل كيف يغتالُ الســــــلامُ الأبرياء

ذبحوا علانية على الطرقاتِ خيرَ جيادنا

             وتبادلوا القبلات بشـــرى بالهزيمة في الخفاء

سيري فإنَّ السِّلم في أعرافهم وسلوكهم

            هدفٌ يجــــــوزُ الإتجـــــارُ به لقتلِ الأوفيــاء

*****







أحمد شوقي – مصر

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت   فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا

أيها العمال أفنـــــوا ال  عمر كدا واكتســــــابا

واعمروا الأرض فلولا   سعيكم أمســـــت يبابا

إن لي نصــــحاً إليكم   إن أذنتـــــم وعتابــــا

أين أنتم من جـــــدود   خلدوا هذا التــــــرابا

قلدوه الأثـــر المعجز   والفـــــــن العجابـــا

وكســــــوه أبد الدهر   من الفخــــر ثيابــــا

       أتقنــوا الصنعة حتى   أخذوا الخلد اغتصابا

إن للمتقيـــــــن عند   الله والناس ثـــــــوابا

       أتقنوا يحببــــكم الله   ويرفعكم جنــــــــــابا

*****

قم للمعلم وفــــــه التبجيـــــــــلا   كاد المعلم أن يكون رســــولا

أعلمت أشرف أو أجل من الذي   يبني وينشىء أنفســــاً وعقولا

ســـــــبحانك اللهـــــم خير معلم  علمت بالقلم القـــرون الأولى

أرســلت بالتوراة موسى مرشدا   وابن البتول فعلم الإنجيـــــلا

وفجرت ينبـــــوع البيان محمداً   فسقى الحديث وناول التنزيلا

ريم على القاع بين البـــــــان والعلم   أحل ســـفك دمي في الأشـــــهر الحرم

يا لائمي في هــواه والهــــــوى قدر   لو شـــــــــفك الوجد لم تعـــذل ولم تلم

لقد أنلتك أذنــــــاً غيــــــر واعيــــة   ورب منتصـــــت والقلــــب في صمم

يا ناعس الطرف لا ذقت الهوى أبداً   أســـهرت مضناك في حفظ الهوى فنم

الســـــافرات كأمثال البدور ضحى   يغرن شمس الضحى بالحلي والعصم

القاتــــــــلات بأجفان بها ســـــــقم   وللمنية أســــــــــباب من الســــــــقم

العاثــــــرات بألباب الرجــال وما   أقلن من عثــــرات الدال في الرســــم

المضرمات خدود أسـفرت وجلت   عن فتنة تســــــــلم الأكباد للضــــــرم

من كل بيضاء أو ســـــمراء زينتا   للعين والحســــــن في الآرام كالعصم

*****

آذار أقبـــل قــــم بــــــنا يا صـــــــــاح   حي الربيــــــع حديقة الأرواح

ملك النبـــــــــات فكـــــــل أرض داره   تلقاه بالأعراس والأفــــــــراح

منشـــــــــــورة أعلامه من أحمـــــــر   قان وأبيض في الربى لمــــاح

لبســـــــت لمقدمه الخمائل وشـــــــيهاً   ومرحن في كنف له وجنــــاح

يغشى المنـــــــازل من لواحظ نرجس   آناً وآناً من ثــــــغور أقـــاحي

الورد في ســــــــــرر الغصون مفتح   متقابل يثــــني على الفتـــــــاح

والياســــــــمين لطيفــــــه ونقيــــــه   كسريرة المتنزه المســــــــماح

والجلنــــــــــار دم على أوراقــــــــه   قاني الحروف كخاتم الســــفاح

وكأن مخزون البنفســــج ثــــاكل   باقى القضاء بخشـــية وصلاح

والسرو في الحبر الســـــــابغ كاشف   عن ســــــاقه كمليحة مفــراح

والنخل ممشــــوق العروق معصب   متزينــــن بمناطق ووشـــــاح

الغيــــم فيه كالنعــــــــام بدينـــــــة   بركت وأخرى حلقت بجناح

والشمس أبهى من عروس برقعت   يوم الزفاف بعســـــجد وضاح

*****

   الله أكبر كم في الفتح من عجب    ياخالد الترك جدد خالد العرب  

رمضان ولى هاتها يا ساقي   مشــــتاقة تسعى إلى مشتاق

الله غفار الذنوب جميعـــها   إن كان ثم من الذنوب بواقي

*****

قم ناج جلق وانشــــــــد رســـــم من بانوا   مشــــــت على الرسم أحداث وأزمان

هذا الأديـــــــــــم كتـــــــاب لا كفـــاء له   رث الصـــــــــحائف باق منه عنوان

الديــــــن والوحي والأخــــــــلاق طائفة   منه وســـــــــائره دنـيا وبهتـــــــــان

بنــــــــو أمية للأنبــــــــــاء ما فتحـــــوا   وللأحاديــــث ما ســـــــــادو وما دان

كانوا ملوكاً ســـــــرير الشـــــرق تحتهم   فهل سـألت ســـــرير الغرب ما كانوا

عالين كالشـــــــــمس في أطراف دولتها   في كل ناحيــــــة ملك وســـــــــلطان

يا ويح قلبي مهما أنتاب أرســـــــــــمهم   ســـــرى به الهم أو عادته أشـــــجان

بالأمس قمت على الزهراء أندبــــــــهم   واليوم دمعي على الفيحاء هتــــــــان

في الأرض منهم ســـــــــماوات وألوية   ونيـــــرات وأنـــــــــواء وعقبـــــان

معادن العز قد مال الرغــــــام بـــــــهم   لو هان في تربه الإبريز ما هانــــــوا

لولا دمشـــــــــق ما كانت طليطلـــــــة   ولا زهت ببني العبـــــــاس بغــــدان

مررت بالمســـــــجد المحـــزون أسأله   هل في المصلى أو المحراب مروان

تغير المســــــجد المحـــزون واختلفت   على المنــــــــابر أحـــــرار وعبدان

فـــــلا الآذان آذان في منـــــــــــــارته   إذا تعــــــــــــــــالى ولا الآذان آذان

آمنــــــت بالله واســـــــتثنيت جنتـــــه   دمشــــــــق روح وجنـــات وريحان

قال الرفاق وقد هبـــت خمائلـــــــــها   الأرض دار لــــها الفيحاء بســــــتان

جرى وصــــــفق يلقانا بها بــــــردى   كما تلقـــــاك دون الخلد رضـــــوان

دخلتــــــــها وحواشـــــــــيها زمردة   والشـــــــمس فوق لجين الماء عقيان

والحور في دمر أو حول هامتــــــها   حور كواشـــــف عن ســـاق وولدان

وربـــــوة الوادي في جلباب راقصة   الســــــاق كاســـــــية والنحر عريان

والطير تصدح من خلف العيون بها   وللعيــــــــون كما للطيــــــــر ألحان

خلفت لبنـــــــــان جنات النعيم وما   نبئت أن طريــــــــق الخلد لبـــــــنان

حتى انحدرت إلى فيحـــــاء وارفة   فيها النــــــدى وبها طي وشــــــــيبان

نزلت فيها بفتيـــــان جحاجحـــــة   آباؤهم في شــــــــباب الدهر غســــان

بيض الأســــــــرة باق فيهم صيد   من عبد شــــــــمس وإن لم تبق تيجان

يا فتية الشـام شكراً لا إنقضاء له   لو أن إحســــــــــانكم يجزيه شـــكران

ما فوق راحاتكم يوم السـماح يد   ولا كأوطانكم في البشــــــــــــر أوطان

*****

ســــــــلام من صــــــبا بردى أرق   ودمع لا يكفكف يا دمشـــــــــق

ومعذرة اليـــــــراعة والقــــــوافي   جلال الرزء عن وصـــــف يدق

وبي ما رمتـــــــــك به الليــــــالي   جراحـــــات لها في القلب عمق

وحولي فتيــــة غــــر صـــــــباح   لهم في الفضـل غايات وســـبق

غمـــــزت آبــــــاءهم حتى تلظت   أنوف الأســــد واضطرم المدق

وضـــج من الشـــــــكيمة كل حر   أبي من أميـــــــة فيه عتــــــق

لحــــــاها الله أنبـــــــاء تــــوالت   على ســمع الولي بما يشــــــق

وقيل معـــــــالم التـــــاريخ دكت   وقيل أصـــــــابها تلف وحرق

ألســــت دمشق للإســـــلام ظئراً   ومرضـــــــــعة الأبوة لا تعق

صـــلاح الدين تاجــــك لم يجمـل   ولم يوســـــــم بأزين منه فرق

وكل حضارة في الأرض طـالت   لها من ســرحك العلوي عرق

سماؤك من حلى الماضي كتـاب   وأرضك من حلى التاريخ رق

بنيـت الدولة الكبــــرى وملكـــاً   غبار حضـــارتيه لا يشـــــــق

له بالشــــــام أعــــلام وعـرس   بشـــــــــائره بأندلـــــــس تدق

رباع الخلد ويحـــــك ما دهـاها   أحق أنــها درســــــــــت أحق

بليـل للقـــــــذائف والمنــــــايا   وراء ســــــمائه خطف وصعق

إذا عصــف الحديد أحمر أفـق   على جنباتها وأســـــــــــود أفق

وللمســــــتعمرين وإن ألانـوا   قلوباً كالحجــــــارة لا تـــــــرق

رماك بطيشـــه ورمى فرنسـا   أخو حــــرب به صـــلف وحمق

دم الثـــــوار تعرفه فرنســـــا   وتعلم أنه نــــــــور وحــــــــــق

وللأوطـــــان في دم كل حــر   يد ســــــلفت ودين مســـــــتحق

ولا يبني الممالك كالضـــحايا   ولا يدني الحقــــــوق ولا يحـــق

وللحــــرية الحمـــــراء باب   بكل يـــــــــد مضـــــــرجة يدق

جزاكم ذو الجلال بني دمشق   وعز الشـــــــرق أوله دمشـــــق



خدعوها بقولهم حسـناء   والغواني يغرهن الثنــاء

نظرة فابتســامة فسلام   فكلام فمـــوعد فلقـــــاء

ففراق يكون فيه دواء   أو فراق يكون منه الداء

*****

سأذكر ما حييت جدار قبر   بظاهر جلق ركب الرمـال

مقيم ما أقامت ميســــلون   يذكر مصرع الأسد الشبال

*****

بي مثل ما بك يا قمـــــرية الـــــوادي   ناديت ليلى فقومي في الدجى نــادي

وأرسلي الشـــجو أســــجاعاً مفصلة   أو رددي من وراء الأيك إنشـــــادي

لا تكتمي الوجد فالجرحان من شجن   ولا الصـــــــــبابة فالدمعان من واد

تذكري هل تلاقيـــــنا على ظــــــمأٍ   وكيف بل الصدى ذو الغلة الصادي

وأنت في مجلس الريحـــــان لاهية   ما سرت من ســــــامر إلا إلى نادي

تذكري قبلة في الشــــــــعر حائرة   أضلها فمشــــــــت في فرقك الهادي

وقبلة فوق خـــد ناعـــــم عطـــــر   أبها من الورد في ظل الندى الغــادي

تذكري منظر الوادي ومجلســـــنا   على الغدير كعصــفورين في الـوادي

والغصن يحنو علينا رقة وجــوى   والمــاء في قدميــــنا رائـــح غـــــاد

تذكري نغمات هاهنا وهـــــــــنا   من لحن شادية في الدوح أو شـــادي

تذكري موعــــــداً جاد الزمان به   هل طرت شوقاً وهل سابقت ميعادي

فنلت ما نلت من ســؤل ومن أمل   ورحت لم أحص أفراح وأعيـــادي

*****

يا نائح ( الطلح ) أشباه عوادينا   نشجى لواديك أم نأسى لوادينا ؟

*****

النّيلُ العَذْبُ هو الكوْثــــرْ   والجنةُ شــــاطئه الأخضرْ

ريَّانُ الصَّفحةِ والمنظـــرْ   ما أبهى الخلدَ وما أنضــرْ !

البحرُ الفيَّاضُ، القُــــدسُ   الساقي الناسَ وما غرسوا

وهو المِنْوالُ لما لبســوا   والمُنْعِــــمُ بالقطنِ الأنــوَر

جعلَ الإحسانَ له شرعاً   لم يُخل الواديَ من مَـرْعى

فَتَرى زرعاً يَتلو زرعاً   وهُنا يُجـــنى، وهُنا يُبْـــــذَر

جارِ ويُرَى ليس بجــار   لأنـــــــــاةٍ فيه ووقــــــــار

ينصبُّ كتلٍّ منهـــــــار   ويضجُّ فتحســـــــبه يـــزأر

حبشيُّ اللَّون كجيــرته   من منبعــــــه وبحيرتـــــــه

صَبَغَ الشَّطَّيْن بسُمْرَته   لوناً كالمســـــــكِ وكالعنبــر

مضـــــــــــناك جفــــاهُ مرقـــــــــده   وبكـــــــاه ورحـــــــمَ عــــــــــودُهُ

حيــــــــــــرانُ القلبِ مُعَـــــــــــذَّبُهُ   مقـــــــروح الجفــــنِ مســــــــهده

أودى حرقـــــــــــاً إلا رمـــــــــــقاً   يُبقيـــــــــه عليــــــك وتُنْفِـــــــــدهُ

يســـــــــــتهوي الورق تــــــــاوهه   ويذيب الصـــــــــخرَ تنهــــــــــدهُ

وينـــــاجي النجـــــــــمَ ويتعبـــــــه   ويُقيــــــم الليــــــــلَ ويُقْعِـــــــــدهُ

ويعلــــــــــم كـــــلَّ مطــــــــــوقةٍ   شـــــــــــجناً في الدَّوح تـــــــرددهُ

كم مد لطفيـــــــكَ من شـــــــــركٍ   وتـــــــــــــادب لا يتصـــــــــــيدهُ

فعســـــــــاك بغُمْضٍ مُســــــــعِفهُ   ولعلّ خيــــــــــالك مســــــــــــعدهُ

الحســــــــنُ حَلفْتُ بيُوسُــــــــــفِهِ   والـســــورةِ إنــــــــك مفــــــــــردهُ

قد وَدَّ جمــــــــالك أو قبســــــــــاً   حـــوراءُ الخُلْـــــــدِ وأمْـــــــــرَدُه

وتمنَّـــــــــت كـــــلٌّ مقطعـــــــةٍ   يـــــــدها لو تبعــــــث تشـــــــهدُه

جَحَــــدَتْ عَيْنَــــــــاك زَكِيَّ دَمِي   أكـــــــذلك خــــــــدَّك يجحـــــده

قد عزَّ شُــــــهودي إذ رمَتــــــــا   فأشـــــرت لخــــدِّك أشــــــــهده

وهممتُ بجيــــــدِك أشــــــــركه   فأبى، واســـــــتكبر أصــــــــيده

وهزَزْتُ قَوَامَــــــك أعْطِفـــــــهُ   فَنَــــــــبا، وتمنَّــــــع أمْلـــــــــدُه



ســــــــببٌ لرضـــــــــاكِ أمهده   ما بــــــــالُ الخصْـــــرِ يُعَقّــــدُه

بيني في الحـــــبِّ وبينــــــك ما   لا يَقْــــــــــدِرُ واشٍ يُفْسِــــــــدُه

ما بــــــــالُ العــــــاذِلِ يَفتح لي   بابَ السُّــــــــلوانِ وأوصِــــــدُه

ويقول: تكــــــــاد تجــــــــنُّ به   فأقـــــول: وأوشِــــــــكُ أعْبُـــدُه

مَوْلايَ ورُوحي في يَـــــــــــدِه   قد ضَــــــيَّعها سَـــــلِمتْ يَـــــدُه

ناقـــوسُ القلـــــبِ يــــــدقُّ لهُ   وحنــــــــــايا الأضْــــــلُع مَعْبَدُه

قســـــــــماً بثنايا لؤلُئِـــــــــه   قســـــــم اليــــــــــاقوت منضدُه

ورضــــــابٍ يوعـــــدُ كوثرهُ   مَقتــــولُ العِشـــــق ومُشْــــــهَدُه

وبخــــــــــالٍ كاد يحـــــجُّ له   لو كـــان يقبَّـــــل أســـــــــــــودُه

وقوامٍ يَرْوي الغُصْـــــــنُ له   نَسَـــــــــباً، والرُّمْحُ يُفَنِّـــــــــــدُه

وبخصــــرٍ أوهَنَ مِنْ جَلَدِي   وعَوَادِي الهجــــــر تُبـــــــــــدِّدُه

ما خنت هواك، ولا خطرتْ   ســـــــــلوى بالقلــــب تبــــــردُه

*****

رُدَّت الروحُ على المُضْنَى معكْ   أحســـــــن الأيــــام يوم أرجعك

مَـــــرَّ من بُعـــــدِك ما رَوَّعَني   أتُرى يا حُلْوُ بُعـــــدي روّعــــك

كم شــــــكوتُ البيْن بالليل إلى   مطلع الفجر عســــى أن يطلعك

وبعثتُ الشـوقَ في ريح الصَّبا   فشـــــــكا الحرقة مما استودعك

يا نعيمي وعذابي في الهـــوى   بعذولي في الهوى ما جَمعَـــــك

أنت روحي ظلم الواشي الذي   زَعَم القلبَ سَـــــــلا، أو ضيَّعك

مَوْقِعي عنــــدَك لا أعلمُـــــه   آهِ لو تعلمُ عنـــــدي موقِعَـــــــك

أرْجَفوا أنك شــــــاكٍ مُوجَعٌ   ليت لي فوق الضَّـــنا ما أوجعك

نامــــت الأعين، إلا مقلــــة   تسكبُ الدمعَ، وترعى مضجَعك

*****

يا شراعاً وراءَ دجلةَ يجري  في دموعي تجنبَتكَ العَوادي

*****

علموه كيفَ يجفـــــــو فجفـــــا   ظالمٌ لاقيْــــــت منه مــــــا كفى

مســـــرفٌ في هجره ما ينتـهي   أتُراهم علَّمـــــــوه السَّــــــــرَفا

جعلوا ذنبي لديْـــه سَـــــــهَري   ليت بدري إذ درى الذنب عــــفا

عــــرف الناسُ حقـــوقي عنده   وغريمي ما درى، ما عَـــــــرفا

صــحَ لي في العمر منه موعِدٌ   ثم ما صـــــــدقتُ حتى أخلـــــفا

ويرى لي الصبرَ قلبٌ ما درى   أنّ ما كلفـــــــــني ما كلـــــــــفا

مُســــــــــتهامٌ في هواه مُدْنَفٌ   يترضَّى مســـــتهاماً مُدْنــــــــفا

يا خليليّ، صِـــــفا لي حيلــــة   وارى الحيلــــة أن لا تصــــــفا

أنـــا لو ناديتــــــه في ذلــــــةِ   هي ذي روحي فخذها، ما احتفى

*****

يا ناعماً رقدت جُفـــونُه   مضناك لا تهدا شـــجونه

حمـــــلَ الهوى لك كلَّه   إن لم تعنه فمنْ يعينــــــه

عُدْ مُنعِماً، أو لا تَعُــــدْ   أوْدَعْتَ سرَّكَ مَن يصُونُه

بيني وبيكَ في الهــوى   ســـببٌ ســــيجمعنا متينه

رشا يعابُ الساحرون   وســــــحرهم، إلا جفونه

الروحُ مِلْكُ يمينــــــه   يَفديه ما مَلَكَـــتْ يَمِينــــه

ما البانُ إلاَّ قَــــــــدُّه   لو تيمتْ قلباً غصــــــونه

ويزين كلُّ يتيمــــــة   فمُه، وتحســــــــبُهَا تَزينُه

ما العمرُ إلا ليلـــــةٌ   كان الصـــــباح لها جبينه

بات الغرامُ يدينــــنا   فيـــها كــــما بتـــــنا ندينه

بين الرقيب وبينـــنا   وادٍ تبــــــــاعدُه حـــزونُه

نغتابه ونقــــول: لا   بَقِي الرقيبُ ولا عيـــــــونُه

*****

ســـاجعُ الشوْق طارَ عن أوكاره   وتَوَلَّى فــــنٌّ على آثـــــاره

يسمع الليل منه في الفجر: يا ليلُ،   فيصغي مستهملاً في فراره

فجع الناسُ يـــوم مات الحمولي   بدواءِ الهمــــومِ في عطَّاره

*****

بــــرز الثعلـــــبُ يــــــوماً   في شـــعار الواعِظينا

فمشــــى في الأرض يهذي   ويســـــــبُّ الماكرينا

ويقـــــولُ: الحمــــــــــدُللهِ   إلـــهِ العالميــــــــــنا

يا عِبــــــــاد الله، تُوبُـــــوا   فهوَ كهفُ التائبيــــنا

وازهَدُوا في الطَّيــــر، إنّ   العيشَ عيشُ الزاهدينا

واطلبــــوا الدِّيك يــــؤذنْ   لصـــــلاةِ الصُّبح فينا

فأتى الديكَ رســــــــــولٌ   من إمام الناســـــــكينا

عَــــــرَضَ الأمْــرَ عليه   وهْوَ يرجو أن يَليــــــنا

فأجاب الديك: عــــــذراً   يا أضلَّ المهتديــــــــنا

بلِّغ الثعلـــــبَ عـــــني   عن جدودي الصالحيــنا

عن ذوي التِّيجان ممن   دَخل البَطْنَ اللعِيـــــــنا

أنهم قالوا وخيرُ القولِ   قـــــولُ العارفيــــــــنا:

"مخطيٌّ من ظنّ يوماً   أنّ للثعلـــبِ دِيــــــــنا"

*****

لي جــــــدَّةٌ تــــــرأفُ بي   أحنى عليَّ مـــن أبي

وكلُّ شـــــيءٍ ســـــــرَّني   تذهب فيه مَذهـــــبي

إن غضـــــبَ الأهلُ عليَّ   كلُّهم لم تغضـــــــبِ

بمشــــــــي أبي يوماً إليَّ   مشـــــــيةَ المـــؤدِّبِ

غضبانَ قد هدَّدَ بالضرْب   وإن لـــم يَضـــــربِ

فلم أجِـــــــد لي منــــــهُ   غيرَ جَدَّتي من مَهرَبِ

فجعلتـــــني خلفـــــــها   أنجو بها، وأختـــــبي

وهْيَ تقـــــــولُ لأبــي   بلهـــجة المـــــــؤنِّبِ:

ويحٌ لهُ! ويـــــــحٌ لِهذا   الولـــدِ المعـــــــــذبِ

ألم تكن تصـــــــنعُ ما   يَصنعُ إذ أنت صـــبي

*****

يا جــــارة الـــــوادي طربت وعادني   ما يشـــــــــبه الأحلام من ذكراكِ

فقطّعت ليلي غـــارقاً نشـــــــوان في   ما زادني شــــــوقاً إلى مـــــرآكِ

مثلــتُ في الذكرى هواك وفي الكرى   لما ســـــــموت به وصنت هواكِ

ولكم على الذكـــــرى بقلبي عبـــــرة   والذكريات صدى السنين الحاكي

ولقد مررت على الريــــــاض بربوة   غنّاء كنتُ حيالــــــها ألقـــــــــاكِ

خضـــــراء قد ســـــبت الربيع بدلها   والروض أســـــكره الصبا بشذاكِ

لم أدر ما طيب العنـــاق على الهوى   حتى ترفق ســــــاعدي فطــــواكِ

لم أدر والأشــــواق تصرخ في دمي   كم راقصــــــت فيها رؤاي رؤاكِ

وتأودت أعطاف بانـــكِ في يـــــدي   وأحمرّ من خديهـــــما خـــــــداكِ

أين الشــــــــــقائق منك حين تمايلا   وأحمرّ من خفريهـــــما خـــــدّاكِ

ودخلت في ليلين: فرعــك والدجى   والســــــــكر أغراني بما أغراكِ

فطغى الهوى وتناهبتك عواطــفي   ولثمتُ كالصـــــــــبح المنور فاكِ

وتعطلت لغة الكــــــلام وخاطبت   عيني في لغة الهـــوى عينـــــــاكِ

وبلغت بعض مآربي إذ حـــــدّثت   قلبي بأحــــلى قبلـــــة شــــــــفتاكِ

لا أمـس من عمر الزمان ولا غد   جمع الزمــــــان فكان يــــوم لقاكِ

سمراء يا سؤلي وفرحة خاطري   بنواك.. آه من النوى رحــــــــماكِ

*****

وطني لو شغلت بالخلد عنه  نازعتني إليه في الخلد نفسي

*****

أحمد صالح الصالح ( مسافر ) – السعودية

كبير أن تكـــــــون لنا..المصــــــابا   لقد متعتنا..حجــــجا..عذابــا

ألســــــــت ضمير أمتـــــــــنا أميناً   ترد ضلال من في الغي شابا

كبرت مجاهـــــداً ورعــــاً تقيــــــاً   مضــيئاً في تألقـــه شـــــهابا

عظيــــماً في تواضـــــــعكم..حليماً   بســــطت لكل معضلة جوابا

لـــقد فـــــزَّعت..كل الناس حبـــــاً   فكيف وأنت أزمعــــت الغيابا

رحلت..وأمة الإســـــلام..تشـــــكو   من الأحداث..أنكــــاها..عذابا

خبت روح الجهاد..وبئـــــــس قوم   أمالوا عن جهادهم..الركــــابا

أبا العلمـــــاء..والفقـــــراء..إنــــا   نكاد نعيش دنيــــانا..إغتـــرابا

حلت شــــــــغافها حباً..وعفــــت   عن الدنيا خلائقـــك إحتســــابا

وألقيــــت المهـــــابة..في جـــلال   على العلما..فأصــبحت المهابا

أرى..كرسي فتواك..إســــتجاشت   به العبرات..ينتظر الإيـــــــابا

وطــــلاب..تحـــروك إشــــــتياقاً   تعلمـــهم..وتلقيــــهم خطــــابا

كأنــــهم إلى لقيـــــاك ســــــاروا   لتســمعهم من التشـــــريع بابا

يتامــــاك..المنـــابر مطـــــرقات   ومن عشـــقوا إلى العلم الكتابا

قلوب المســـــلمين تزف نعشـــاً   إلى من لا يخيِّــــب..من أنــابا

لئن رفعوا على الأكتاف نعشــــاً   فقد حملت قلوبهم المصــــــابا

وأن له..إلى الرحمـــــن وفــــداً   بإذن الله لن يخشـــى الحســابا

إمام العلم والــــرأي المجلـــــي   لك العتبى ولم تـــأت العتــــابا

وداعك..في النفـــــوس له أوار   وفقدك هز من حزن شـــــــبابا

ومحراب..تعطــــــره..بـــــآي   من الذكر الحكيم..إليــــــك ثابا

أرى الجمع العظيم بكل فـــــج   تســــيل جموعهم فيه إنصـــبابا

*****

أحمد فارس الشدياق – لبنان

ومن نكد الدنيا معاداة مارق   لئيم يبيع الديــــــن والعرض بالكاس

فلا هو ذو دين فيحــذر ربه   ولا هو ذو عرض فيحذر من الناس

*****

كأنما دنيــــاي من زئبق   فـــــــرارة عني ذات إختــــــلاج

لا نفع منها غير أني بها   أطلى الذي عند السوى من زجاج

*****

ومن عجب الدنيا إختـلاف جوائبي   وشـــأني إذا ما عمنا البرد والحر

ففي البرد كانت ذات ريع وكنت ذا   قحول فوافي الحر فانعكس الأمر

*****

تتـــودد الدنيا لمن   هو في غنى عن ودها

فإذا طلبت ودادها   صدت بأقصى جهـدها

*****

مشيناها خطى كتبت علينا   ومن كتبت عليه خطى مشاها

*****

أحمد محرم – مصر

متى ينهض الشرق من كبوته   وحتى متى هو في غفوته

كبا وكذلك يكبوا الجـــــــواد   براكبه وهـو في حلبتــــه

ونام كما نـــــام ذو كـــــربة   تملكه اليأس في كربتــــه

*****

فلســطين صبراً إن للفوز موعداً   فإلا تفوزي اليوم فانتظـري غداً

ضمان على الأقدار نصر مجاهد   يرى الموت أن يحيا ذليلاً معبدا

*****

أحمد مطر – العراق

عــــــربيٌّ أنــــا أرثيــــني   شـــــقي لي قبراً..واخفيني

ملّــت من جنـــبي أوردتي   غصّت بالخوف شــراييني

ما عدت كما أمسي أســـداً   بل فأرا مكســـــــور العين

أســــلمت قيادي كخروفٍ   أفزعه نصـــل الســــــكين

ورضيت بأن أبقى صفراً   أو تحت الصفر بعشــــرين

العالم من حــــــولي حرٌّ   من أقصى بيرو إلى الصين

شــــارون يدنس معتقدي   ويمرّغُ في الوحل جبيــــني

وأميركا تدعمه جــــهراً   وتمدُّ النـــــــــار ببنــــــزين

وأرانا مثلُ نعامـــــــاتٍ   دفنت أعينـــــــها في الطّين

وشــــهيدٌ يتلوهُ شـــــهيدٌ   من يــــــافا لأطـــراف جنين

وبيوتٌ تهدمُ في صــلفٍ   والصّـــــمتُ المطبقُ يكويني

يا عرب الخسّـــةِ دلوني   لـــــزعيمٍ يأخـــــذ بيميـــــني

فيحرّر مسجدنا الأقصى   ويعيـــــد الفرحة لســـــــنيني

*****

إسلام هجرس – مصر

يا أضعف مخلوق في الأرضِ،   وأقوى مخلوقٍ في الأرضْ

أحيـــــاني فيــــكَ، وفِيَّ أراكَ،   وكُلِّي ســــاءَلَ فيكَ البعضْ

يا مَحْضَ خيالٍ أحْسَـــبُهُ حَلمْاً،   فأرى واقِعَـــــهُ المَحْــــضْ

هل أنتَ يقيـــــنٌ يســــــكنُنُي   وعليَّ مخالبُــــهُ تَنْقَـــــــضْ

أمْ أنتَ ســــــرابٌ يجــــذبني   فإذا أســــــرعت إليهِ انفَضْ

*****

إسماعيل صبري – مصر

روحي على بعض دور الحي حائمة  كظامىء الطير إذ يهفو إلى الماء

أنا إن لم أمتع بمي ناظـــــري غــداً  أنكرت صبحك يا يوم الثــــــلاثاء

*****

إلياس أبو شبكة – لبنان

أحبّكِ فوق ما تســـــــعُ القلوبُ   وَخيَّل شــــاعِرٌ وَوَعي حَبيبُ

لّأنتِ مِنَ السَماءِ سَــحابُ عِطرٍ   يَســـحُّ عَليَّ مِنكِ نَدىً عَجيبُ

أحسُّكِ بي فَعِرقُكِ صارَ عِرقي   وَما لِقذىً بعرقيــــنا دَبيــــبُ

فَنَحنُ إذا نلتَقَي صـدرٌ وَصَدرٌ   لنا فَكَما اِلتَقَى كوبٌ وَكــوبُ

وَإن مُزجَـــت بنا خَمرٌ وَخَمرٌ   تَمازَجَ في الندى نَسَـمٌ وَطيبُ

أرى أدَبي بعَينِكِ حينَ يَهـــوي   عَلى فَمِكِ الأديبِ فَمي الأديبُ

بنا نارٌ وَليــــسَ بنا هَشـــــــيمٌ   وَعاصِفَةً وَليـــــسَ لَنا هبوبُ

*****

إلياس فرحات – لبنان / المهجر

وما أنا ممن إن ترامت به النـــــوى   تروعه الدنيا ولو ملئت رعبا

لكن لي في سفح صنين موطناً   يعز علي أن أفارقه غصــــبا

*****

أمين تقي الدين – لبنان

ســـــلا عهود الهوى وباحا   أي هوى ويحه أبــــاحا

الله في الحب من ظلـــــوم   حمل مضناه واســتراحا

لهفي على العمر والأماني   ولت كما أقبلت مـــلاحا

خبأت يا ليل فيك هــــــمي   يا ليل من خبر الصباحا

كفى المنى أنــها خيــــــال  أسعدنا ســــــاعة وراحا

*****

أمين الربيع – الأردن

حُزنُ البداياتِ حُزنُ الوَعـدِ في الآتي   مُســـــتأصِلٌ رَغمَ ما تُبـــدي لباقاتي

كم يَطلبُ نَبضـــــاً لا وصــــــولَ لهُ   وكم يَضِــــلُّ شُــــــعورٌ في كِتاباتي

ماذا أقولُ، نِصـــــالُ الحرفِ تَثقُبني،   وقعُ المشـــاهدِ مثلُ الرُّمح في ذاتي

مَن أيقظ الوحشَ في كَفِّي وأزعَجَـهُ   مَن أشعَلَ النارَ، مَن غَذى جِراحاتي

موجُ الشُّعور تَمادى فَوقَ أشـرعَتي   هل يُجبَرُ البَحرُ أنْ يَــروي حِكاياتي

ما كُلُّ ما يَعتَــــري الأقــــلامَ تَكتُبهُ   تَأتي الحُروفُ خِلافاً للحِســــــــاباتِ

يمتصُّني الحِبرُ والأفكارُ تَصرَعُني   حتَّى الكَواكبَ تُدميــــها اهتِــزازاتي

ويُزهِرُ النَّزْفُ من نَزْفٍ تَلبَّسَــــني   ويورقُ الحُـــــــزنُ من غيمِ المُعاناةِ

ويَنفُضُ الوَقتُ عن أكتافِهِ سَــــفَراً   وفي النّهايةِ لا تَرســــو شِــــراعاتي

*****

أنور العطار – سورية

أتدرين أنــــك أحلاميـــــه   وأنك أعذب أنغاميـــــــه

وأن خيالك في خاطـــري   يرف كزنبقــــة ناديـــــه

وأنك أشعاري الهاجسات   بنفسي في العزلة القاسيه

*****

ذكرتك والقلب نهب الفتــــون   رهين الرؤى الحلوة الوافيه

و"لبنان"يســـبح في نشــــــوة   من السـحر والحب والعافيه

توشــح بالعبق المســــــتطاب   وغلغل في البهجة الضـــافيه

ونام على شــــــرفات الغمـام   وطافت به الخضــرة الحاليه

تنــــاثر فوق الروابي قــــراه   كـــــما تتنــــــاثر آمــــــاليه

على كل مائســــــة صــــادح   وفي كل وارفة شـــــــــاديه

وتصغي الوهاد إلى قصـــــة   من الحب تسردها الســــاقيه

وقد أنصت الكون إلا صـدىً   يردد أنشـــــــودة الراعيــــه

تطلع في زهوها الراســـيات   حنيــــــناً إلى عودة الثاغيـــه

ونمَّ على الدرب سحر الغناء   فأغفى على النغمة الشـــاجيه

وظل المســــــاء يحوم عليه   ويرعاه بالمقـــــلة الرانيـــــه

وفي خلوة الحقل نبع حبيـب   يهدهـــد أوجاعــــه الباكيــــه

كأن على النبع قيثـــــــــارة   تنوح ملــــــوعة شـــــــــاكيه

و"بيروت"نائمة في السفوح   تتــــم أحلامـــــــها الزاهيــه

ترامت على البحر مأخوذة   تناجيه حانيـــــة صـــــــابيه

*****

رأيتك "لبناني"المشـــــــتهى   وجنته اللذة الشــــــافيه

وأبصرت وجهك يطفو عليه   ويغمر أرجاءه النـــائيه

فغابت مســـــارحه الغاليات   ولم يبق غيرك يا"غاليه"

*****

بردى المشـــــــتهى يفكرُ شـــــعراً   وهو يحيا لحناً وينســابُ عطرا

في حناياهُ أضـــــــــلعٌ تتـــــــناجى   وقلوبٌ من حرقة الحبّ حــرّى

خبر العالميــــــــنَ جيلاً فجيــــــلاً   ووعى الكائنات دهراً فدهـــــرا

خط في مصحف الوجود ســطوراً   باقيات تختالُ تيـــــهاً وكبـــــرا

معجبـــــــاتٍ أنقى مـن الفن لآلاءً   وأبهى من ســـــطعةِ العلم فكرا

يتلوَّى زهواً كراقصـــــــةِ الحـانِ   تنزّى وجداً وتقطرُ خمـــــــــرا

مرَّفي الأرض كالربيع إئتــــــلاقاً   وكأيامهِ صــــــفاءً وبشــــــــرا

وكســـــــا جلَّق الأنيقة ثــــــــوباً   عبقرياً من نعمةِ الفجر أطـــرى

أيّهذا النهرُ الحبيـبُ إلى نفســــي   ويا ملهمي إذا قلتُ شـــــــــعرا

عشُ بقلبي لحناً على الدهر حلواً   وأسر في خاطري فتوناً وسحرا

*****

هلمي أنظري قبلات الربيع   على معطف السهل والرابيهْ

سَرَت في السـموات أنفاسُهُ   فعطَّرتِ الحقلَ والســــاقيهْ

وآذار يلعب فوق المــروج   كما تلعب الطفلــــة اللاهيهْ

يعانقـــــها وهو جمُّ الحنين   فتغـــريه بالمقلــــــة الرانيهْ

ويلقي عليها وشـاح الخلود   وألوانه العذبة الســـــــــابيهْ

ويبعث فيها شــعاع الهوى   فتهتز من وجهه صـــــــابيهْ

تألقت الأرض من وشـــيه   فلم تبق زاويـــــــة خاليـــــهْ

وقد زين الروض أفيـــاءه   بأحلى مطارفه الكاســـــــيهْ

خمائله من نســــيج النعيم   تأرج بالنفحـــة الذاكيــــــــهْ

جواء من الطيـــر طفاحة   تنغَّمَ رائحــــــــة غاديــــــهْ

كأن النسيم أخو ســــكرة   تعايا من الخمـــــــرة الهانيهْ

*****

يا لياليَّ في الحمى لستُ أنْسَـــاكِ   على ما حملتِ من إقـــــــلاق

فكأنَّــــــا ما غاب عنـــــا رؤاها   أو سقانا كأسَ المنيّة ســــــاق

فارجعي يا طيوفها آمنـــــــــاتٍ   لا تخالي الردى سريعَ اللحاق

لا يُطيف السلوّ بالذاكر المُشْتَاق،   والشوقُ مِيســـــم العشّــــــاق

يا دياري التي حبَبَــتْ ويا أنْفَسَ   ما قد ذخَــرْتُ من أعـــــــلاق

يا أحبّايَ في ربوعي الغـــوالي   والمديــــــدَ من آفــــــــــــاقي

ســـــــــــدّد اللهُ في الحيـــــــاة   وكفاكم مــــــزالقَ الإخفـــــاق

ورعاكم، وزانــــكم بســـــجايا   خالداتٍ على الليالي بـــــــواق

*****

إياد عاطف حياته – فلسطين

سأرجعُ يا ابنتي يوماً   فلا تبكي ولا تهَــــــني

مع الفجر الذي يـأتي   يزيلُ لياليَ المحــــــنِ

وألثمَ وجهكِ الوضَّاءَ   مثلَ منارةِ السّـــــــفُنِ

وأعدو بين ضحكاتٍ   تعيـــدُ الرّوح للبــــدنِ

فكمْ منْ ليلةٍ مــــرّت  عليَّ هناك في ســجني

ولا أحدٌ يؤانسُـــــني  سوى عينيكِ، يا وَطني

*****

ليثَ المساجدِ أيّها الأسدُ الهصورُ   تبكيكَ غزّةُ، دمعُها، دمُها يفـــــورْ

شُـــــيّابُها، شُـــــبّانُها، زهراتُــها   ونساؤُها اللبُؤاتُ، والشبلُ الجَسورْ

قد أقســــــموا أن الدّوائرَ يا أخي   لابدّ في يومٍ على الباغي تــــــدورْ

هذي جُموعُ الغاضـــبينَ تعاهَدتْ   ســــتحيلُ هاتيكَ القصورَ إلى قبورْ

جاءتْ لتثأرَ من رصــــاصٍ حاقدٍ   لدمائكِ العبقاتِ، للقلبِ الطّهـــــورْ

يا صاحبَ الصّوْلاتِ والجــوْلاتِ كمْ   يشتاقُكَ المحرابُ، تطلبُكَ الثغورْ

من جامع الجولاني، للحرميْنِ، كنتَ   مُزمجراً بالحقِّ، مقداماً تثــــــورْ

لا لمْ تهـــــــادنْ مرّةً في مــــــــوقع   لمْ تحنِ جبهتَكَ الأبيّةَ للشّـــــرُورْ

آهٍ أبا شــــــيماءَ، عشــــــتَ مرفرفاً   ومحلّقاً فوقَ الذُرى مثلَ النَســورْ

*****

يا ابنَ الشجاعِيَةِ ارْتَقَيْتَ إلى العُلا   في موكبٍ حفَتهُ هالاتٌ وحـــــورْ

ربحتْ تجارتكَ التي أعددْتَـــــــها   أكرم بها، عملاً جليلاً لا يبــــــورْ

كمْ ذا تمنّيــتَ الشّــــــــهادة واقفاً   في وجهِ أزلامِ العمالةِ والفُجــــورْ

فأهنأ بجنّتِكَ التي قــــدْ نِلتَـــــــها   في صُحبَةِ الشّهداءِ وأنْعمْ بالسّرورْ

ما هُنْتَ إذْ أنتَ اصْطبَحْتَ بأحمدٍ   وَنَهَلْتَ من بركاتِهِ، قبســـــات نورْ

*****

إيليا أبو ماضي – لبنان

ســـــمع الليل ذو النجــــوم أنيــــنا   وهو يغشى المدينة البيضـــــــــاء

فانحنى فوقها كمســــــترق الهمس   يطيل الســــــــكوت والإصـــغاء

فرأى أهلها نياماً كأهل الكهــــــف   لا جلبــــــــــة ولا ضـــــــوضاء

ورأى الســـــدّ خلفها محكم البنيان   والماء يشــــــــــبه الصـــــحراء

كان ذاك الأنيـــــــن من حجر في   الســــــدّ يشــــكو المقادر العمياء

أيّ شأن يقول في الكون شـــــأني   لســـــت شيئاً فيه ولســـــت هباء

لا رخــــام أنا فأنحـــــت تمثـــالا،   ولا صــــــخرة تكون بنـــــــــاء

لســــت أرضاً فأرشـــــف الماء،   أو ماء فأروي الحـــــدائق الغنّاء

لســـــــت دراً تنافس الغادة الحـ   ســــــناء فيه المليحة الحســــناء

لا أنـــا دمعــة ولا أنـــا عيــــن ،   لســــــــت خالاً أو وجنة حمراء

حجـــــر أغبـــــر أنا وحقيــــر   لا جمالاً، لا حكمة، لا مضــــــاء

فلا أغادر هذا الوجود وأمضي   بســـــــلام، إني كرهت البقـــــاء

وهوى من مكانه، وهو يشــكو   الأرض والشهب والدجى والسماء

فتح الفجـــر جفنــــه...فـــــإذا   الطوفان يغشى "المدينة البيضـــاء"

*****

جئت لا أعلم من أين ولكــني أتيـــت   ولقد أبصرت قدامي طريقاً فمشيت

وسأبقى سائراً إن شــئت هذا أم أبيت   كيف جئت كيف أبصـــرت طريقي

لست أدري

وطريقي ما طريقي أطويل أم قصــير  هل أنا أصــــعد فيه أن أهبــــط فيه

أأنا السائر في الدرب أم الدرب يسير  أم كلانا واقــــف والدهر يجـــــري

لست أدري

*****

إثنان أعيا الدهر أن يبليهـــــــــما   لبنان والأمل الذي لذويـــــه

نشــــــتاقه والصيف فوق هضابه   ونحبه والثلج في واديــــــــه

وطني ستبقى الأرض عندي كلها   حتى أعود إليه أرض التيـــه

ســــألوا الجمال فقال هذا هيكلي   والشعر قال بنيت عرشي فيه

*****

أيمن صادق – مصر

فكيف أمارس الأحزانَ في لغةٍ   وأوجع من نزيف الحرف مشكلتي

أدير القرصَ بالأرقامِ تصـدمها   صخورُ الصمت في منفاكِ سـيدتي

وتســـقط دون أصداءٍ لرجفتها   تلملم دمعها المكســـــور أرصفتي

فتبلغي الشـــوارع زائغاً أملي   أفتش عنـــــــك في أنقاض أحجيتي

وأنتِ هنـــاك"لاحسٌ..ولاخبرٌ"  ولا مرسي ترتِّق ثقب أشـــــرعتي

*****

باحثة البادية – مصر

إن الفتــــاة حديقة وحيــــــاؤها   كالماء موقــــــوفاً عليه بقـــــاؤها

بفروعها تجري الحيـاة فتكتسى   حللاً يروق الناظــــــرات رواؤها

إيمانـــــها بالله أحســــــن حلية   فيها فإما ضاع ضاع بهــــــــاؤها

لا خير في حسن الفتاة وعلمها   إن كان في غير الصلاح رضاؤها

فجمالــــها وقف عليها إنـــــما   للناس منها دينــــــها ووفــــــاؤها

*****

يــــــا هـــــــذه لاتعـــــــذلي   وإذا أبيـــت فقلّــــلي

أفرطــــت في لومـــــي ولو   انصــــفتني لم تفعلي

لا خيـــر في نجـــــوى بغير   رويـــــــة وتعقــــل

ماذا فهمــــت من الكنـــــار   ومن حديـث البلبـــل

حتى سخطت على المعيشة   في ظلال المنــــزل

وودت أن تجــــدي قامــــاً   بالعـــــــراء فتنزلي

أو دمنـــــةٍ عند اللــــــوى   بين الدَّخول فحومل

*****

باكرة أمين خاكي – العراق

عشقت السهولَ....عشـقتُ الجبالْ   فلينُ السهول....أحبُ الخصالْ

وبأسُ الجبــــالَ....بعيدُ المنـــــالْ   صـــــمودُ ولينُ....عديمُ المثالْ

جمال بلادي يحاكي الخيال

سفوحُ الجبالِ....عرين الكُمـــــاة   وتلك البراري....بيوتُ الأبــــاة

بهذا النعيــــــمِ....وتلكَ الحيـــــاة   على لحن نايٍ....يغني الرعــاة

جمال بلادي يحاكي الخيال

ودجلة تروي....جمالَ الوجـــود   وموج المياه....ســـطورُ الخلود

بتلك البـــــراري....بتلك النجود   تغنت طيورٌ....وزارت أســــود

جمال بلادي يحاكي الخيال

وفجرٌ يشــــــــع....بلون اللهب   فيكســو الرياض....بلون الذهب

فتصحو العذارى....تلم الحطب   وســـربٌ يغني....ويجني الحلب

جمال بلادي يحاكي الخيال

وبعد العناءِ....شـــــموعُ تزول   فيرمى الصحاب....عناءَ الحقول

فهذا ينــــــامُ....وهذا يجـــــول   بقلب مُعنى....وطـــرفٍ يقــــول

جمال بلادي يحاكي الخيال

وليل محلى....بثوب الســــــلام   وبدرٌ يطــل....وراء الغــــــمام

فتصحو السماءُ....ويحلو المقام   بهذا الهدوء....يغني الحــــــمام

جمال بلادي يحاكي الخيال

*****

بدر الدين الحامد – سورية

هذا التراب دم بالدمع ممتـــــــزج   تهب منه على الأجيال أنســـــــام

ست وعشرون مرت كلما فرغت   جام من اليأس سرف أترعت جام

لو تنطق الأرض قالت أنني جدث   في الميامين آســـــاد الحمى ناموا

يوم الجلاء هو الدنيا وزهوتـــــــها   لنا إبتهــــــاج وللباغيـــــن أرغام

يا راقداً في روابي ميســلون أفق   جلت فرنســا وما في الدار هضام

لقد ثأرنا وألقينا الســــــــواد وإن   مرت على الليث أيــــــام وأعوام

هذي الديار قبور الفاتحيـــــن فلا   يغررك ما فتكو فيها وما ضاموا

مهد الكرامة عين الله تكلــــــؤها   كم في ثراها انطوى ناس وأقـوام

*****

بدوي الجبل ( محمد سليمان الأحمد ) – سورية

هدهد همــــــومك عندي   على حيائي وصــــدّي

حـــور النعيم تمنّــــــت   نعمى هواي ووجــدي

هل عندهنّ رحيـــــــقي   وهل لديهـنّ شـــــهدي

يا ساكب الشــعر خمراً   من شــــعر ربّك خدّي

ومن معانيه عطـــــري   ومن قوافيـــــه وردي

تأنّــــــق الله دهـــــــراً   يعيـــــد فيّ ويبــــدي

حتّى جلاني شـــــــعراً   يا حسرة الشعر بعدي!

خياله الســــــــمح نديّ   ثغري ونمنم عقــــدي

وقلبـــــه كان كأســــي  وجفنه كان مهــــــدي

والأنجم الزهر حــولي  دمى للهوى وعــــدّي

فغارت الحـــــور منّي  وكلّ زهو ومجـــــــد

وهبّ في روض عدن  عليّ عاصف حقــــــد

فكـــــــان لله حـــــكم   لشقوتي بل لســــعدي

واختـــــار بعدي عنه   وراح يبكي لبعـــــدي

*****

دنيــــاي أحـــــلى وأغــــلى   من ألف جنّــــة خلـــــد

أنّــــا الربيـــــــع المنـــــدّى   قارورة العطر نهــــدي

يهيم حســــــني بحســـــــني   ويجتــــــلي ويفــــــدّي

وجنّ ثغـــــــري بريــــــقي   حنّ جيـــدي لزنــــــدي

وكلّ وشـــــــي حريــــــــر   يــــودّ لو لفّ قـــــــدّي

وكلّ عطـــــــر تشــــــتهي   أن أسـفح العطر وحدي

شقراء تحلم شمس الضحى   بخــــــــدّي وبـــــردي

رفَت خصيلات شـــــعري   بأشـــــــــــقر النور بعد

ســـــــــكران تيـــــه ودلّ   مخمــــــور وهج و وقد

يا شـــــــاكياً زور وعدي   أحلى من الوصل وعدي

هيامنـــــــــا يـــــا حبيبي   أريد حلماً لســــــــــهدي

كـــلّ المحبّيــــــن ملـكي   وأنت وحــــدك نــــــديّ

وكبريـــــــــاء جمــــالي   تريــد منك التحــــــــدّي

*****

شــــــقراء يا لون حسن   محبّب مســـــــتبد

ويا جمـــــالاً غــــــريباً   على ظباء معــــــدّ

لا وســـــــــم ليلاي فيه   ولا ملامح هنـــــد

ولا إسـمرار الغريرات   بالعقيق ونجـــــــد

ظمآن أنشـــــــــد ورداً   وعند عينيك وردي

يا ســـكرة بعد صحوي   وفتنة بعد رشــــدي

يا رغبة العين والقــلب   بعد يأس وزهــــــد

بيني وبينــك حــــــرب   وهول أخـــــذ وردّ

صراع روحيـــن فيــه   عنف العدوّ الألــــدّ

وغـــــزو قلب لقــلب   فتح يبيد ويـــــردي

فناء دنـــــــيا بدنـــــيا   وطيّ بــــند ببـــــند

الحبّ لا حكم شورى   لكنّه حكـــــم فــــرد

فهيّئي فتنة الحســـــن   كلّها و اســـــــتعدّي

يا وردتي أين الشـــذى والنّدى   يا كبدي أين الهوى والحنيــــن

يا روحي الثكلى ألم تأخـــــذي   عن ربّة الألحان أين الأنيـــــن

يا أمّ أحلامـــي وأمّ المـــــــنى   في فجرها أين قبرة البنيـــــن

لمحت في كأسي وقد شعشعت   طيف الأماني والهوى والسنين

وذكرياتي وهي عريــــانة تبدو  وتخفى بيـــــن حيــــــن وحين

وتلك الحســـناء بلون الضحى   وتلك شــــــوهاء بلون الدّجون

يقفزن في كأســي فلا أنثــــني  عن خمرة الكأس ولا ينثنيــــــن

هذا جنون النفس في ســكرها   والعقل من خدّام هذا الجنــــون

*****

جارتي الحســـناء ثرثارة ســــكرى   الهوى نشوى الصبى والفتون

رأيت من أحزانـــــها ما اختـــــفى   ودقّ حتّى ما تراه الظنــــــون

كلّ الأسى الصاخب يا جارتي فداء   حزن صـــــــامت في العيون

هاتي من الأحزان مـــا شــــــــئته   لا يفهم الأحزان غير الحـزين

يا جارتي الحســـــــناء هل تعلمين   يا جارتي ليتــــك لا تعلميــــن

*****

قف بالشـــــام مســــــائلاً آثارها   مرحى لمن أمّ الشام وزارها

أهوى أزهارها، أحنّ لعهــــدها   أشـــتاق بلبلها، أحبّ هزارها

قضّيت أيّامي القصار بظلّـــــها   جادت مدامع مقلتيّ قصـارها

أفدي مهفهفة القوام أسيرة تشكو   القيود فمن يفـــكّ إســــــارها

غلّوا الأسود الصيد من أبطالها   في الغوطتين وحجّبوا أقمارها

وكســــــوا مناكبها فلا أنجادها   رتكوا لقاطنها ولا أغــــوارها

*****

تأنّق الدوح يرضي بلبـــــــلاً غـــــرداً   من جنّــــــة الله قلبانا جنـــــاحاه

يطير ما انســــــــــجما حتّى إذا اختلفا   هوى، ولم تغن عن يســراه يمناه

الخافقـــــــــان معاً فالنجم أيكهـــــــما   وســــدرة المنتهى والحبّ أشباه

أســـــمى العبـــادة ربّ لي يعذّبـــــني   بلا رجاء وأرضـــــاه وأهــــواه

وأين من ذلّ الشـــــكوى ونشـــــوتها   عند المحبّيــــن عزّ الملك والجاه

تقسّـــــــــم الناس دنيـــاهم وفتنتــــــها   وقد تفرّد من يهــــــوى بدنيـــــاه

ما فارق الريّ قلـــــباً أنت جــــــذوته   ولا النعيم محبّــــاً أنت بلـــــــواه

غمرت قلبي بأســــــــرار معطّـــــرة   والحبّ أملكه للـــروح أخفــــــاه

وما امتحنـت خفايـــــــاه لأجلــــــوها   ولا تمنّيــــت أن تجلى خفايـــــاه

الخافقــــان وفوق العقل ســــــــرّهما   كلاهما للغيـــــــوب: الحبّ والله

كلاهما انســـــكبت فيه ســــــــرائرنا   وما شــــــــهدناه لكنّا عبــــــدناه

أرخصـــــت للدمع جفني ثم باكــــره   في هدأة الفجر طيف منك أغلاه

وأســــــكرتني دموعي بعد زورتـــه   أطيف ثغرك ســــــــاقاها حميّاه

طيف لشــــــقراء كاس من متارفـــه   لو لم أصنه طغى وجدي فعـرّاه

حمنا مع العطر ورّاداً على شــــــفة   فلم نغر منــــــه لكنّا أغرنــــــاه

تهدّلت بالجنى المعســــول واكتنزت   والثــــغر أملؤه للثغر أشــــــهاه

نعـــبّ منه بلا رفــــق ويظمــــــؤنا   فنحن أصدى إليه ما ارتشـــــفناه

في مقلتيك ســــــماوات يهدهـــــدها   من أشــــقر النور أصفاه وأحلاه

ورنــــوة لك راح النجم يرشــــــفها   حتّى ترنّح ســـــــــكر في محيّاه

أطلّ خلف الجفون الوطف موطنــه   بعد الفـــــراق فحيّـــــاه وفــــدّاه

يضيع عنّي وســــيم من كواكبــــها   فحين أرنـــــو إلى عينيــــك ألقاه

قلبي وللشـــــــقرة المغنــــاج لهفته   ليت الحنين الذي أضنــــــاه أفناه

تضفّر الحور غاراً من مواجعـــــه   وتســــــتعير روءاها من خطاياه

أغفين فيه لملمـــن ثمّ عــــــدن إلى   جنّاتهنّ وقد لملمـــــن ريّــــــــاه

يســــألن باللهفة الغيرى على خجل:  من فجّر العطر منه حين أدمـــاه

لم تعرف الحور أشهى من سلافتنا   رفّ الهجير ندى لما ســــــــقيناه

مدلّه فيـــــك، ما فجر ونجمتــــــه!   مولّه فيــــك، ما قيس وليـــــــلاه!

من كان يســــكب عينيه ونورهما   لتستحمّ روءاك الشـــــــقر لولاه

سما بحسنك عن شـــــكواه تكرمة   وراح يســــمو عن الدنيا بشكواه

يريد بدعاً من الأحزان مؤتلقـــــاً   ومن شقاء الهوى يختار أقســــاه

ســـــكبت قلبك في وجدانه فرأت   يا عزّ ما شـــئت لا ما شاء عيناه

أنت السراب عذاب وقده و ردى   وتؤنس العين أفيـــــــاء وأمــواه

بدوي نجد الجاسر - السعودية

إلى مـتـى كـل وقـت   تزهــو بقـوم رفــات

إلى مـتـى كـل وقـت   كأنـنـا فـي ســــبات

الـداء مـنـا عـضـال   أعيا جميع الأســـات

تقدم الناس شـوطــا   لمســتـقــر الـحـيـــاة

رامو الأمام فحـلوا   حصونه الشـامخـات

ونحن نسعى حثيثا   إلى شــفـيـر المـمات

أتـلـك أفـعـال قـوم   مــــدربــيـــن أبــــاة

بسام صالح مهدي – العراق

وَتَدْفُنُ أحزاني رمـــــالُ توهــــمي   وفوقَ رمالِ الوهمِ بانتْ رؤوسُــــها

ويصبحُ وجهُ الأرضِ ساقاً تدوسني   لتثــــــأرَ مني كيف كنتُ أوسُــــــها

ولي شبرُ أحزانِ يقيسُ مســـــافتي   وكنتُ أنا المحتار كيف أقيسُــــــــها

قوافلُ من عيني تشــــــدُّ رحالـــها   فخذي صحراءٌ..ودمعيَ عيسُـــــــها

ومثلي مكســـــــورُ الجناح حمامة   ومثلي معصوبُ العيونِ حبيسُــــــها

وأنظرُ من خلفِ الخــانِ فلا أرى   سوى وجهِ من قد أسكرتني كؤوسُها

هي إمرأةٌ تصحو فيورقُ جسـمُها   ويُظهر ما معنى الجمال جلوسُـــــها

أكسِّـــــرها مثل الزجاج..تبعثرتْ   أجمِّعُــــــها في راحتي وأبوسُـــــــها

*****

بشارة الخوري ( الأخطل الصغير ) – لبنان

يا عاقد الحاجبيــــن  على الجبين اللجين

إن كنت تقصد قتلي  قتلتـــــني مرتيــــن

*****

ماذا يريبـــــك مــني   ومتى هممت بشــين

أصُــفرةٌ في جبيــني   أم رعشة في اليديـن



صبرت حتى براني  وجدي وقرب حيني

ستحرك الشــعر مني  وليس هذا بهيـــــن



تمر قفز غــــــزال  بين الرصيف وبيني

وما نصبت شباكي  ولا أذنـــــــت لعيني

*****

تبــدو كأن تراني   وملء عينك عيني

ومثل فعلك فعلي   ويلي من الأحمقين

*****

مولاي لم تبــق مني  حياً ســــوى رمقين

أخاف تدعو القوافي  عليك في المشرقين

*****

بشير العوف – سورية

نفسي إذا ضاقت وجدت   لها الهناءة في الصلاة

أســــــعى لها متلهــــفاً   بل لائذاً بحـــمى الإله

فهناك أخلـــو عابـــــداً   وأنا أتمتم بالشـــــــفاه

ربي وقفــت ببابــــــك   المأمول لا باب سواه

وبنعمة الإيمــــــان ما   أحلى الأوامر والنواه

*****

جوزيت يا فتنة الحرب التي عصفت   بأرض لبنان شراً ليس ينحســــر

قد كويت بنـــــــار الغم مجلســــــنا   حيث القلوب بدت بالرعب تنفطر

أين الأحبة من أهـــــل ومن ولــــد   قد مزقت شــــــملنا الأيام والغير

يا نفس إني شـــربت الكأس مترعة   بالهم بالسهد بالأشواق تســــــتعر

كم كنت أحلم بالآمــــال مشـــــرقة   واليوم أحبس دمــــــعاً كاد ينفجر

*****

تفرق الشـــــــمل لا أهل ولا ولد   والنفس في غــــربة ما ذاقـــــها أحد

والدار قد أقفرت من بعد بهجتـها   فليس يصــــــدح فيها طائــــر غــرد

هل نال دارتنا ضــيم ومســـــغبة   أم هل غزاها الضنى والشؤم والحسد

كنا نغـــــــرد للآمـــــال في دعة   واليوم نعتصر الشــــــوق الذي نجد

يا ضيعة العمر إن طالت بفرقتنا   سود الليالي أو اســـــتشرى بنا الكمد

*****

بيني وبينــــــك يا مطار عهــــود   ومعي عليك أدلــــة وشـــــهود

فعلى طريقك قد سكبت مشاعري   دمعاً يفيض على الهوى ويجود

كم قد سعيت إلى رحابك طائـــراً   شــــــوقاً لألقى غائباً ســـــيعود

ولكم ذرفت الدمع حراً ســـــاخناً   عنــــد الوداع كأنني مفـــــــؤود

لله في الحاليــــــن إن وداعــــهم   ولقاءهم يبـــدي الجــــوى ويعيد

*****

أحلى ســـويعاتي التي أحببتها   وخرجت منها بالوفير من النعـم

تلك التي صـــادفت فيها حلوة   صانت فؤادي عن دياجي الظلم

فشعرت حقاً أن جواً ممتـــعاً   قد شـــــــع في جنباته نبل الكرم

فتوسلت عيني رؤاها إذ بدت   منها الشــــــــفاه كأنها ثمر النعم

وسألتها هل تســــمحين بقبلة   فرنــــت بلحظ ثم قالـــت لي نعم

*****

مــــــدت إلي الكـــــأس   ترمقني بهالات النظــــر

مغناجــــــــة مفتانــــــة   قد زانــــها حلو الخفـــر

فأخذتـــــــها متحايــــــلاً   وخشيت من وقع الخطر

خمر الكــــــروم محرم   وأنا أتوق إلى الســـــكر

ضحكت وقالت ما تريد   أجبتـــــها خمر الثغـــــر

*****

   يا غادة الحسن ما للحســـن يبتسم   هل هزه الشـــوق والقيثار والنغم

أم هــــزه الحـــب قد غنت بلابله   لحناً بدا بالمنى يحكي ويرتســـــم

قولي فقولك در ليس يســــــــبقه   إلا الحياء على الوجنات يضطرم

قالت عصـام أتى في حلو طلعته   تهفــــــو بمقـــــدمه الآلاء والنعم

قلت اسعداً بالهوى وشت شمائله  روح التـــــدين لا إثـــــــم ولا نقم

*****

ســــــر في جلالك صــــــامتاً متهـادي   وامشي الهوينا في ربوع بلادي

فعلى جبينــــك من جــــلالك هيبـــــــة   وعلى ضــــميرك دفق كل وداد

بـردى تشـــــــامخ في عـــلاك وذرهم   في تيهـــهم في الغي في الأحقاد

دعــــهم يخوضوا في ضـــــلال عمايـة   جمر العلى لا ينطــــــفي برماد

هزل الزمان فصرت ســــــبة ألســــن   عبثت فضلت عن هدى ورشــاد

نســـــيت فيوضـــــك ثــــرة معطــاءة   حملت عهاد المزن وهي غــــواد

نســـــيت خضمك يـــزدري بســــخائم   ويجود بالإنعـــــام والإســــــــعاد

نســــــيت جموحك ثائـــــراً متمــــرداً   تعطي ولا تخشى صــــــــليل نفاد

بردى نســـــوك وأنت موئــل عـــزهم   كانت لك الأمجـــــاد خير عتـــــاد

فلقد حملت على الدهـــور مفاخــــــراً   تاهت على التـــــاريخ كالأطـــواد

ظلمـــــوك يا بـــــردى وقالـــوه ماؤه   قد جــــف أو قد غــــار غير جواد

ظلموك إذ ظنوا الظنون فقـــل لـــــهم   بردى ســــــــليل منابع الأمجـــــاد

بردى تخــر له الجبـــاه فيصــــــطفي   لنــــــداه خيــــر مواكب الـــــرواد

مـــــاذا إذا جفــــت مياهــــــك فتــرة   ماذا إذا أســــــجاك ليل ســـــــــهاد

أفصرت هوناً تســــــتضام وتــزدرى   أم صــــرت صـــــيداً موثقا بصفاد

خســـئوا فما لانت قناتــك ســــــــاعة   بل كنت كف البطــــش يوم جــــلاد

وإذا صــبرت على الأذى فــــلأن في   طبع الكريـــــــم تســـــــامح الزهاد

فســـماحك الميمــون أطمع جهلــــهم   وأثار فيــــــهم شـــــــــهوة الأوغاد

دلفــوا إليـــك بخيلـــــهم وبرجلــــهم   يمشـــــون لا يخشــــون وري زناد

حتى القطاط أتــت إلى مجـــراك في   تيه الدعي تخوض خوض فســــــاد

يا ربة المجد الأثيــــــل ألا اغضــبي   بل فالبســـــــي للقــــــوم ثوب حداد

هان الزمان فصــــــــار من قرنائــه   قطط تجــــــوس مرابع الآســــــــاد

بردى أيا بن دمشــــــق في تحنانــها   بــــــردى وديعة عترة الأجــــــــداد

بردى أيا صنو الشــــــــام وخدنـــها   بـــــــردى أيا بن مكــــــــارم وجهاد

لا تبتئــس فلربمـــا ســــــدر الزمان   لحيظــــــة من عمــــــــره المتمادي

ولربما غفـــل الكـــــرام ســـــويعة   فتقدمت للصـــــــــف حيـــــــة وادي

تمشي وتنفث من زعاف ســـمومها   ما لا يغــــــــادر أس كل عمـــــــــاد

لكن دمشــــــقك لا تنـــام على أذى   أبداً وما خنعـــــــت لذل قيــــــــــادي

فالحية الرقطاء يســـــحق رأســـها   بالنعل قوم أصـــــــالة وســــــــــــداد

فالنعل أخلــق بالرؤوس إذا بـــدت   بالســــــــــم رأس تــزدهي بعنــــــــاد

والمجـــد يا بردى وبين قصـــوره   قصـــــر أقيـــم على رفيـــــــــع عماد

هو للخلـــود وأنت في محـــــرابه   شـــــــــيخ الزمان وكعبة القصـــــــاد

فمع الزمان ولدت صـــنو كـرامة   ومع الزمان تســــــــــــير للآمــــــــاد

لن يبلغوا فيك المدى فجبـــاهـــهم   في الأرض تســــــــــجد للجلال البادي

لن يطمعوا بالنيل منـــك فإنـــــهم   همل وما خلقــــوا لســـــــــــــاح طراد

هذي صخورك كم تهشــــم فوقها   من أرؤس عــــــزت على التعـــــــــداد

فخذ المكان الحق في العليــــاء لا   تخـــــش الزعانـــــف فهي جمع بـــــداد

تكفيك في حرم الخلود مهـــــــابة   بقيــــــــت وتبقى آيــــــــــة الآبــــــــــاد

وليعلم الباغــون أن مصـــــيرهم   حتف القضـــــــــاء مغمس بســـــــــــواد

وغداً تزول سـحابة الشـــؤم التي   ذرت قــــــــرون البغي والإفســـــــــــاد

وســـــتنجلي ظلم الحياة وطالــما   شـــــــــق الظــــــــــلام بكـــــوكب وقاد

وغداً يهــب النائمـون على الأذى  آســــــــــاد عــــــــزم بعد طــــــول رقاد

وســـينبري الشــــعب الأبي لغاية   يســــــــــعى لها خلف الكــــــمي الهادي

هيا فقم يا أيها البطــــل اســــترح   من أرؤس قــد أينعــــــــت لحصــــــــاد

هيا فطهر أرضــــنا من رجسـهم   قد آن أن تطــــــــوي الهوى وتـــــــنادي

فمـــذلة الأدهـــــار أن تجد العلى   هونـــــــــاً يـــــــذل وينحـــــــني لعواد

*****

قمر الســـــــــماء أأنت مثلي موجع   تبكي الهوى أم هل نبا بك مضجع

فأنا وأنت الســـــــــاهران لعلـــــنا   يا بدر ندعى للوصـــال فنهـــــرع

نعمت عيون الناس في حلو الكرى   وأنـــــا المـــــؤرق مقلتي لا تهجع

ذكر الأحبـــــة في الفؤاد وما أرى   ســـــــــلوى وفيهم لا يجف المدمع

أحببتها يا شــــــاعري جهد الهوى   حبــــاً تــــذوب له القلـــوب وتهلع

ملكت علي مشـــــــــاعري فكأنها   خلقت لتأمرني وطــــوعاً أصـــدع

هي منية الحــــلم الجميـــــل وإنها   رمز الجـــلالة والعــــــلا بل أرفع

هي معبد في طهـــــرها لم يأتـــها   إلاتـــــــقي في صـــــلاة يخشــــــع

فلقد سجدت الفجر في محرابــــها   ولدى الظهيرة بالخشـــوع ســـأركع

آمنت بالرحمن بارىء حســــــنها   فله الإنـــــــــابة والنبي ســـــــيشفع

*****

عاهدت بالدر المنضـــــــد في مقبله الأغر  

               وبفتنة سجد الهوى لجلالها وبحلو شـــعر

وبيســـــر لحظ فاتك وبعطف جيد بل بنحر

               مقل يلوذ بها الهوى أبداً فما يطوى بســـر

وبكحلة علوية تحكي لنا أمجاد ســـــــــحر  

               طافت بنجواها رموش تزدهي إكليل نصر

وبوجنتين كورد تين تناجتا ســــــــراً بجهر

               تتبادلان على إرتشافات المنى أطياب نشر

وبمبســـم عذب الحديث مرقرق كندي قطر

               يرنو له طيف الملائك في إبتهالات وبشر

وبقامة مشـــــــــــبوبة تختال في دل وخفر

               مياســــــــة في قدها ريانة بأريج عطـــر

بجماله بدلاله بطيــــــوبه برضـــــاب ثغر

               بصــــدوده بوصــــــاله بنفوره بجميل بر

لم أهو غير الظبية الشقرا وإن أفشيت سر

               يا لائـــمي لم لم تلم فاللوم فيه كمال فخـر

روحي فداه ودام في إسعاده يمناً بيسر

*****

لبست مسوح الرب وهي صبية   ترنو بلحظ ســــــاحر متهلل

أخفت محاسن شعرها بحجابها   ويح الحجاب الأسود المتهدل

حيت برأس بل بثغــر باســـــم   تبـــــدو لآلئه كدر مجــــــمل

بأبي تحيتها وبســـــــمة ثغرها   وبهي طلعتها كنور مقـــــــبل

*****

إني أغار وفي فؤادي خافق   يهوى ويعشق أن يكون فداك

لفي وشاحك أن لحظك فاتن   والشــــــعر فيه فواجع لعداك

فترفقي هذا الوشــاح يذيبني   نفسي الفدا لوشـــــاحك الفتاك

*****

كفكف دموعك وانشرح  وانبذ همومك واسـترح

ما كـــل ما تلــــقى من  البأسـاء والعيش الترح

يبقى منيخاً قاســـــــــياً   يمسي عليك ويصطبح

بل كل ما تلــــــقاه من   حزن أقام ولم يـــــزح

معـــــدودة أيــــــــامه  وسينطوي وسينســـرح

*****

فارقتني فمــــــتى أراك تـــــــؤوب   أو هل يعود من الخلود أريب

نم في حمى الرحمن وأنعم بالرضى   وأنا على نار الجوى سأذوب

فعليك يا ولدي ســــــــأذرف أدمعي   وليتركوا لي علقمي أوصابي

*****

أتراه يرجع للحيـــــــاة وقد غـــدا   ضيف الإله ممتعاً برضاه

لا لن يعود وحسبه مثوى الرضى   وبحسبنا ذكراه لن ننســاه

وإذا كففـــنا أدمعــــــاً فلأنـــــــنا   نرجو التأســـي ريثما نلقاه

*****

أحببته طفلاً صــــــغيراً يانـــــعاً   ورأيت فيه مخايل النجـــــباء

فمنحته حب الأبــــــوة والرضى   وخصصته بمودتي ورجـائي

ورأيت (منذر) في حنايا أضلعي   متجملاً بالصـــــبر أكتم مابيا

لكن دمع العين يفضـــــحني فما   أقوى على غير البكا فذرونيا

*****

وإذا التفت هتفت عفواً باســـمه   فيجيب صوت للحقيقة مؤلم

لكن ( منذر) لا يفارق خاطري   فكأنه في حاضـــــري يتكلم

قومي إلى مثوى الحبيب نزوره   فلعلنا نحيا بعبق زهـــــــوره

فهناك نشــــــــــعر أننا بجواره   نتلمس النجوى بقرب سريره

كم كان يؤنســـــنا بطيب حديثه   وبحر لهفته وحلو شــــعوره

كم كان يؤثر أن يظل بقربــــنا   وكأنه يخشى حلول مصــيره

قومي نزور ضـــريحه فترابه   طيب نذوق به شــــميم عبيره

*****

أفعلتــــــها يا منـــــذر   وتركتنا نتحســـــــر

ووضــعتنا قيد الضنى   نذري الدموع وننثـر

كنا نؤمل أن نــــــرى   فيك الأماني تخطــر

لم يرض ربك غير ما   يدمي الفؤاد ويعصر

رحماه إني مؤمـــــن   وسأجتوي وسـأصبر

*****

قم ناد (منذر) عله يأتيـــــــنا  والله إن فراقه يضنيــــــــنا

أنعيش نحن رفيف حظوظنا  ونجينا في الرمس بات دفينا

*****

ربي إليك بســـــــط بفقدي رجائي   فاغفر ذنوبي واستجب لدعائي

فإذا بدا شــــــعري بفقدي مهجتي   كفراً بإنعام وفيض عطــــــــاء

فاشــــهد بأني ما كفرت وإنـــــما   هي نفثة المصدور في البرحـاء

أودعت (منذر) في رحابك مؤمناً   فأمنن عليه بصحبة الشـــــهداء

*****

بهجة مصري إدلبي – سورية

شهباء جئتك أحمل في دمي ســــبباً   وهل ألام إذا كان الهوى ســـــــــببا

أشــــــــكو إليك حنيـــناً كاد يقتلني   يا مشرق الحب لو أن الهوى غربا

ها جئت يا حلب الشـــهباء تحملني   روح ترف على أشـــــــواقها طربا

أنت النشــــــــيد الذي ما خطه قلم   يوماً ولا في مدادات الهـــــوى كُتبا

لو يسألون المدى من أنت قال لهم:   ســـــرٌّ على صفحات الخلد قد سُكبا

كأنما الكــــون نادى من بـــــدايته   كوني كما أنت في ســفر الهوى حلبا

*****

كن بي فأنت إذا وجـــــدت أكـــــونُ   وبدونك الكون الفسيح ســـــجينُ

وبدونك الأســـــرار تنسى ســـــرها   ويفيض لحن في الجهات حـزينُ

أنا أنت أنت أنى طــــــوانا وجـــــدنا   في البدء أيقظنا الهوى المجنونُ

علمتني الأسماء حين ســــــكنت بي   فسعى من الشـــــــك البعيد يقينُ

أنت الهوى أســـــراره وصـــــلاته   وحروفه وغــــرامه المدفـــــونُ

إنا نشـــــــاء من الهـــــوى وحنينه   إن شــــــفنا شـــــــوق به وحنينُ

بك تنهض الأحلام من أســـــرارها   وتذوب في كاف الوجود النــــونُ

كل الدروب إليك تفضي في الهوى   بك ينجلي بيقينــــــــه التخميـــــنُ

أســــــعى كأني غيمة مفتــــــــونة   وإليّ يســـــعى قلبك المفتــــــــونُ

فكأنما الأشـــــياء تســـــعى حولنا   حيناً ونســــــعى حولـــــــها فتبينُ

أنا في الهوى أســطورة مرصودة   وخرافة وحقيقــــــــة وظنـــــــونُ

في راحتيك تذوب كل أصــــابعي   وتفيض بالوجد العميــــــــق عيونُ

من صمتنا ضم الوجود ســــكونه   فكأنما بدء الوجـــــود ســـــــــكونُ

وتشكلت من بوحنا أســـــــــماؤه   فطوته أســــــــرار بنا وشـــــجونُ

كن بي يحل بنا المدى بصــــلاته   وتفر من أســــــر الزمان ســــــنينُ

وتشـــــــــف آيات لنا من مهدها   ويفيــض مـــــــــنا لؤلؤ مكنــــــونُ

وتعانق الرؤيا حروف غنائـــــنا   فكأننا للمعجـــــــــزات معيــــــــــنُ

وكأننا في الأبجديــــــات الرؤى   وكأنما نســــــــــك المحبــــــــة دينُ

*****

التجاني يوسف بشير – السودان

مدينــــة كالزهــــرة المونقهْ   تنفح بالطيب على قطــــرها

ضفافُها الســـحريّة المورقه   يخفق قلبُ النيل في صدرها

تحســــــبها أغنية مطرقـــه   نَغّمها الحســــنُ على نهرها

مبهمة ألحانُـــــها مُطلقــــه   نَغّمها الصــــيدحُ من طيرها

وشمسُها الخمريّة المشرقه   تُفرغ كأسَ الضوءِ في بدرها

*****

أحنى عليها الغُصُنُ الفارهُ   وظلّها العنقودُ من حادر

وهام فيها القمـــــرُ الرافهُ   يعزف من حينٍ إلى آخر

قصــــــيدةً ألهمــــها الإلهُ   يراعة الفنّان والشـــاعر

*****

مدينة الســـحر مَراحُ العجبْ   ومُغتدَى أعينِهِ الســـــاحرهْ

تنام فيـــها حُجُـــراتُ الذهبْ   على رياضٍ نَضْرةٍ زاهـرهْ

أضاءها الفحجرُ فلمّا غـربْ   أضاءها بالأنفس الناضــرهْ

وحفّها الحســنُ بما قد وهب   وزانها الحبُّ بما صـــوّره

يا للغرير الحلو من ذا أحبْ؟   ويا لذاك الظبي مَنْ ساوره؟!

*****

ماج بها الشــــــــامُ ولبنانُــــهُ   والمـــــدنُ الرائحة الغاديَهْ

طوّقــــــها بالحـــــبّ غلمانُهُ   وغِيـــدُه اللاعبــــة اللاهيهْ

أضفى عليها الحُبَّ من أفنانِه   وزانها بالأعيـــــن الزاهيهْ

وفاض باللــــوعة فتيــــــانُهُ   على الضفاف الحُرّةِ العاليهْ

فيا لذَيّــــاك..وما شــــــــانهُ   يعانق الجنّـــــــة في غانيهْ؟!

*****

مدينة وقعــــــها العـــــازفُ   على رخيم الجَرْس من مِزْهرهْ

ذوّبَ فيها الوامضُ الخاطفُ   ســــــبائكَ الفِضّةِ من عُنصرهْ

وجادها المــــرهمُ والواكفُ   بالكوثر الفيّــــــاض من أنهرهْ

تميم البرغوثي – فلسطين

إذا ارتاح الطغاة إلى الهـــوان   فذكّـــرهم بأن المــــوتَ دانِ

ومن صُدَفٍ بقاءُ المرءِ حَيَّــــاً   على مرِّ الدَّقائق والثــــــواني

وجثةِ طِفْلةٍ بممــــرِّ مَشْـــــفَىً   لها في العمر ســــبعٌ أو ثمانِ

أراها وهي في الأكفان تعـــلو  ملاكاً في السماء على حصانِ

على بَرْدِ البلاطِ بلا ســــــريرٍ  وإلا تحتَ أنقاضَ المبــــــاني

كأنَّكِ قُلْتِ لي يا بنتُ شــــــيئاً  عزيزاً لا يُفَسَّــــر باللســـــانِ

يَـــــدٌ لِيَـــــدٍ تُسَـــــلِّمُهم فَتَبْدُو  سَــــــماءُ اللهِ تَحمِلُــــها يدانِ

يــــدٌ لِيَـــــدٍ كَمِعـــراجِ طويلٍ  إلى بابِ الكريمِ المســـــتعانِ

يَدٌ لِيَدٍ، وَتَحتَ القَصْـفِ، فَاْقْرَأ  هنالكَ ما تشــــاءُ من المعاني

صلاةُ جَمَاعَةٍ في شِبْرِ أرضٍ   وطائرةٍ تُحَــــــوِّم في المكانِ

تنادي ذلك الجَمْعَ المصـــلِّي   لكَ الوَيْـلاتُ ما لكَ لا تراني

فَيُمْعِنُ في تَجَاهُلِها فُتَـــرمِي   قَنَابِلَها فَتَغْرَقُ في الدُّخـــــانِ

وَتُقْلِعُ عَنْ تَشَـهُّدِ مَنْ يُصَلِّي   وَعَنْ شَرَفٍ جَديدٍ في الآذَانِ

*****

نُقَاتِلُهم كَأنَّ اليَــوْمَ يَوْمٌ   وَحِيدٌ ما لهُ في الدهرِ ثَانِ

بأيْدِينا لهذا اللَّيْلِ صُبْحٌ   وشَـمْسٌ لا تَفِرُّ مِنَ البَنَانِ



جابر المتولي قميحة – مصر

إن تقلْ: حسْــــــبنا قوانينُ صِيغتْ   وبــــها كلُّ نــــــافعٍ ودقيــقِ

قلت: شـــــتانَ بين شـــــدْوٍ رقيق   ونَعيـــــبٍ مذُمَّمٍ ونَهيــــــــقِ

أو ظلالٍ معطَّراتِ الحواشــــــي   وحَرورٍ مُلهَّبٍ كالحــــــريقِ

أنت يا من غدوتَ في العين أقذاءً   وعاراً وغَصَّةً في الحـــلوقِ

وحــــــد الله واتركـــنَّ طريقي   فمن اليوم لم تعد بصـــــديقي

هاكَ عهدي وموثقي ويقيـــــــني   هاتفَاً بالتُّقى وطُهرِ صـــدوقِ

لســــــتُ من أحمدٍ إذا هنــــــتُ   يوماً لا ولســـتُ بدينه بخليقِ

فالذي ينحــــــني لغيــــــر إلهي  ليس بالمسلم الأصيل الحقيقي

*****

جبران خليل جبران – لبنان

حذار لقلبك من لحظها  فما فيه من رحمة للمحب

ألم تره في يدها خاتماً  به قطرة الدم في كل قلب

*****

يا أم كلثـــــــوم بفنـــــــــك   أنت نابغة الزمـــان

بلغـــــت مــــن عليــــــائه   ما ليس يبلغ بالأماني

وقد انفردت فلا ســـــــابق   في المقام ولا مـدان

نغمات شدوك في المسامع   من أغاريد الجـــنان

يهتـــز من طــــرب ومن   عجب بهـن الخافقان

فاروق أولاك الســــــوام   وفي تفضــله مـعان

فيـــم التغــــني لا يراعي   كالخطابــة والبيـــان

والشمس يقبس من سناها   كل مرمــوق المكان

عاش المليك وللعـــــلوم   وللفنون به التـــهاني

حي الأميرة ربة النســــــب   حي الأميرة ربة الحســـــــب

حي التي انتظمت فواصلها   في البر شمل العجم والعرب

حي التي أخذت مناقبـــــها   عن خيــــــر والدة وخير أب

وأعز جد شــــــــاد مملكة   ســـامى بها العليا من الشهب

يا من هواها مجد أمتــــها   مهما يجشــــــمها من النصب

ما يبلغ المداح من شــــيم   أكملتــــــها بالعــــــلم والأدب

*****

ذاك الهوى أضحى لقلبي مــالكاً   ولكل جانحة بجســــــــمي مالئا

فبمهجتي ثوران بركان جــــوى   وبظاهري شــــخص تراه هادئا

الغيث جداً في نهايـــة أمـــــره   ما خلته إحدى المهـــــازل بادئا

طرأت علي صروفه من لحظة   في حين أحسـبني أمنت لطارئا

ولقد أراه مستزيداً شـــــــقوتي   لو كان لي بدل المحبة شــــانئا

إني لأســـــــــأل بارئي ولعلها   أولى ضراعاتي أرجي البارئا

أمنيتي قربي لشــــمسي ساعة   فأبيد متـــــــــرقاً ولكـــن هانئا

*****



أعطني النـــــاي وغن   فالغنا ســـــر الخلود

وأنين النـــــاي يبـــقى   بعد أن يفنى الوجـود

هل تخذت الغاب مثلي  منزلاً دون القصــور

فتتبعــت الســـــــواقي  وتســــلقت الصــخور

هل تحممـــت بعطـــر  وتنشـــــــفت بنــــور

*****

هل جلست العصر مثلي   بين جفنات العنب

والعناقيـــــــــد تدلـــــت   كثريــــات الذهب

هل فرشت العشـب ليلاً   وتلحفت الفضـــــا

زاهداً فيــما ســــــيأتي   ناسـياً ماقد مضى

*****

جريس دبيات – فلسطين

فراتٌ، فلا والضادِ ما صـــــدق النقلُ   عذاب ولا عَذب كما أورد الأصـل

وليس الذي يجري ســـــوى ماء عينه   ففي مُوقه ملح وفي خــــــدّه محل

يسيل دماً يفدي الأخــــــــوّة أن دعت   فإن يدعُها يوماً جفا سُــــؤْله البذل

ونحــــــــن هنا في نكبة إثــــــر نكبة   نُقرّ له بالفضــــــل لكنّنا عُــــــزْل

طوى بيننا ما طال من بيننا الطــــوى   وشـــــتَّتنا عن بعضنا الويل والليل

همـــا خُطّتا خســـــفٍ، حنين وحرقة   بخصـــم له وجهان والكون مختلّ

ســـما القدس ســــــور كلما مَرَّ زائر   تشـــمُّمَهُ، إن كان في ريحِهِ الأهل

وحول سما بغداد ســـــور من النوى   وأسراب موت زادها الأمّ والطـفل

وقفنا لصّد الظلم، إذ جاوز المــــدى،  إباء، وكنّا السدّ إذ طفح الســـــــيل

وحيدين، والزيتون في القدس صامد   ويشمخ في أرض العراق به النخل

*****

فراتٌ، ومُرُّ الكيـــد - لابــــــدّ – عابــــــر   فأسْدُ الشّـــــرى ما حلّ غِيلهُمُ ذلّ

وقدسٌ، وليل الرّجس - لاشـــــكّ - ســـافر   فلن يطمس اسم الله سيف ولا قفل

هما قِبلتــــــانا، المجـــد والدين فيهـــــــما   فإن ضاعتا ضعنا وبعثرَنا العــذل

لنا النصــــــــر، لا حقٌّ يضــــــيع وخلفه   أخو مبــــــــدأ في الحق غايته نبل

يُرى السبع، يوم الروع، وجهاً إلى الردى   ووجهُ النعــام الوغْد يَطمِرهُ الرمل

*****

جميل مردم – سورية

أدمشق ما للحســــــن لا يعدوك   حتى خصصت به بغير شريك

سبحان من أعطاك، أشـــهد أنه   وفي وزاد بســـــــــيبه معطيك

فخرجت للأبصار أروع مظهر   في الحسن والإبداع عن باريك

الغوطتان وأنت مثل جزيــــرة   بحران يلتطمان في شـــــاطيك

رفعت أمية فيــــك أعظم دولة   كانت قواعدها ســــــيوف بنيك

*****

حماة الديــــار عليـــكم ســـــــلام   أبت أن تذل النفـــــــوس الكرام

عريـــــن العــــــروبة بيت حرام   وعرش الشموس حمىً لا يضام

ربــــوع الشـــــــــآم بروج العلا   تحاكي الســـــــماء بعالي السنا

فأرض زهت كالشموس الوضاء   ســــــماء لعمرك أو كالســــما

رفيف الأماني وخفق الفـــــــؤاد   على علمٍ ضمّ شـــــــــمل البلاد

أما في من كل عينٍ ســـــــــواد   ومن كل شــــــــــهيدٍ مـــــــداد

نفوسٌ أبــــــاةٌ وماضٍ مجيـــــد   وروح الأضـــــاحي رقيبٌ عتيد

فمنا الوليــــد ومنا الرشــــــــيد   فلم لا نســـــود ولم لا نشـــــــيد

*****

جمال مرسي – مصر

أبهَى قَصـــــــــائدِ شِـــــعرِي قَلتُها فِيكِ   وأطيَبُ الشَّـــــهدِ شَهدٌ كانَ مِن فِيكِ

أزهَى زُهور الهـــوى تِلكَ التي نَبَتَـــتْ   في حِضنِ قلبيَ ترويــــــها مراويكِ

ما أجملَ النفيَ لو أنــــفَى فَتُطْلقُــــــني   عيناكِ، كي تســــــــتبي قلبي منافيكِ

ما أصدقَ الشِّـــــعرَ في عينيكِ مُلهِمَتي   وأكذبَ الشـــــعرَ إن لم يُرتَجَل فيكِ

وكيفَ تَشــــربُ ماءَ الصِّــــدق قافيَتي   ما لم يَكُنْ نبعُها الصَّــــــافي قوافيكِ

وكيفَ أرضَى لأمواجي وأشـــــرعَتي   مرافِئاً لم تكن يـــــــوماً مرافيـــــكِ

إذا نَطقــتِ، فَإنَّ الكــــــونَ أجمـــــعهُ   صدىً لصوتِكِ، معنىً من معانيـــكِ

وإن شـــــدوْتِ فإنَّ الطيــــــرَ قاطــبة   قيثارةٌ عَزَفَــــــت أحلى أغانيــــــكِ

يا من عَبَقــــت بعِطرِ الحُـــبِّ أزمنتي   فامتاحَ حاضِرُها من فيْضِ ماضـيكِ

ما كانَ للعطر أنْ يَســــــري بأوردَتي   يا نفحة العطــــر إلا مِن مغانيـــــكِ

أنتِ الجمالُ الذي في وَصفِهِ عَجَــزَت   عينُ القريض وحارت كيف تُرضيكِ

هل يغرفُ البحرُ مِنْ عينيكِ ســــيّدتي   سُــبحانَ مَن صَوَّر البحرين، باريكِ

أم يســـــلبُ الوردُ من خدَّيْكِ حُمـرَتَهُ   والفُلُّ يخجلُ يــــوماً لو يُبـــــــاريكِ

والفجرُ مِن وجهكِ الوضَّــــاءِ مُنبَثِقٌ   والليلُ قِطعة سِــــــحرِ مِنْ لياليــــكِ

يا بهجة العُمر، إنَّ العمرَ مُرتَحِـــــلٌ   صَوْبَ النِّهايةِ إنْ تُمسِــــــك غواديكِ

ضُمِّي فؤادي، فقد ألفيْتُهُ نَضِــــــــراً   كَنَبتَةِ العُشـــــــبِ، ترعاها أيـــــاديكِ

ضُمِّي العيونَ التي لم يَغفُ صاحِبُها   إلا لينهلَ في الأحــــلامِ من فيــــــــكِ

يا مَن بحُبِّــــكِ قد غيَّرتِ باديَـــــــةً   لولاكِ ما صَـــــــدَحَت بالحبِّ..أفديكِ

قُولي برَبِّـــكِ يا نبضـــي ويا لُغتي   لو طُوِّعَـــــت لُغتِي ماذا أسَـــــــمِّيكِ

هل كُنتُ أقبلُ ألقابـــــاً يُـــــردِّدها   مَن كانَ قبليَ يا قمـــــراءُ أهديــــــكِ

وأنتِ أنتِ أيــــا بلقيـــسَ مملكتي   أميــــــرةٌ، والحنايا مِن جواريــــــكِ

*****

جميل الحبيب – السعودية

ســمراء..يا ســـمراء..طولُ تجاهلي   للنـار لن يُبقي على الأحطابِ

كلا..فعطرك قد يموج..فحــــــاذري!   قد تُشـــــعل الدنيا بعود ثقاب

ضوء الصبا في عارضيك محرِّضٌّ   فلتحسبي للضوء ألف حسابِ

غـــرباءُ..لكنْ دار في أغــــــوارنا   بالأمس.. سرُّ تآلفِ الأغرابِ

شفة تســــائل عن حبيب غائبٍ  عنها، فهل أمنتْ شــــرور جوابي

هذي الشفاه التاركات أصابعي   في الجمر..لن تمضي بغير عقابِ

إن لم أذقهُ النهــرَ لا فرقٌ إذن   مابين نهرٍ قد بــــــدا وســـــــرابِ

إني لآمل أن أعانـــــق لونــهُ   لكنْ بأنفــــــاسِ لديّ غضــــــــابِ

إني لأنوي أن أغيب لبرهـــةٍ   فيه..وأخشى أن يطــــول غيــــابي

*****

عيناك عشب الصيف..حيث يطيب لي   في الصيف أن أغفو على الأعشابِ

لا تســــــألي ما إسمي!..أتيتُ إلى هنا   هربــــــاً من الأســـــــماء والألقابِ

عار على التاريخ ينكــر خمـــــــرتي   فلقد يكون العيـــــب في الأكـــــوابِ

سـئمتْ من الســـــفرِ البعيد أصاحبي   وســـــئمتُ من سفري ومن أصحابي

هم علمــوني كيف أصـــبح (حاويــاً)   وهمـــــو وراء بذاءتي وسِــــــــبابي

هاتي يــديك..فلو لمســــت حقيقـــتي   لم تطرقي حيـــــــرى..ولم ترتـــــابي

إني سياج الشـــــــوك..من دوني أنا   ماذا ســـــــتصنع زهرةٌ في غـــــــابِ

هيَ صُحبة للشــــرب..فهْو يريدني   وأريـــــد بعض الثلج عند شـــــــرابي

*****

وأحب ضــــوء الفجر وهْو مــذوّبٌ   وأحب فجر الضــــوء غير مُذابِ

قومي بتجــــربتي..وأعرف جيــــداً   من ســـوف تقرع عن قريبٍ بابي

في كل جزء منك ســــوف أخط لي   درباً ســــيكفل جيئتي وذهـــــابي

ســيفوق فعلي الصدقَ!..حتى تهتفي:   ماذا فعلتَ؟!..لُعِنــــــتَ من كذّابِ

إبكي إذا اشـــــــتدّت عليك لـــذاذاةٌ   أنا في البكاء أضعتُ جلّ شـــبابي

لا ترفضي عرضي..فكم من نجمةٍ   تنوي اقتناص الليــــل تحت قبابي

لا..لا تعيدي لي الصـواب فمن أنا   أو من أكون إذا استعدتُ صوابي

لا تســــأليني كيف أعرب وضعنا   إني ضعيف الحال في الإعــرابِ





حافظ إبراهيم – مصر

شَــكَرْتُ جَميلَ صُنْعِكُم ُبدمعي   ودَمعُ العَيْنِ مِقياسُ الشُّعُور

لأوّل مَرّةٍ قد ذاقَ جَفني   على ما ذاقه دَمعَ السُّــــرور

*****

ســـــألتُه ما لهذا الخالِ مُنفــــــــرداً  واختار غُرَّتَكَ الغرَّا له سَـــكَنَا

أجابني: خافَ مِنْ سَهْمِ الجفُون ومِنْ  نار الخدود، لهذا هاجَرَ الوَطنا

*****

أنا العاشقُ العاني وإن كنتَ لا تَدري   أعيذُكَ من وَجدٍ تَغلْغلَ في صَدري

خليليَ هذَا اللَّيــــــلُ في زيِّــــــهِ أتَى   فقمْ نلتمسْ للسُّهدِ دِرْعاً مِنَ الصَّبرِ

وهذَا السُّرَى نحوَ الحِمَى يســـــتفزُّنَا   فَهَيَّا وإن كُنّا على مَركَبٍ وَعْـــــرِ

خليلي هذا اللَّيـــــلُ قدْ طالَ عُمْــــرُهُ   وليسَ لهُ غيرُ الأحاديثِ والذّكْــــرِ

فهــاتَ لنَا أذْكَى حَديـــــثٍ وَعَيْتَــــهُ   ألـــذُّ به إنّ الأحــــاديث كالخَمــــرِ

*****

أجادَ مَطرانُ كعـــــاداته   وهكذا يُؤْثرُ عَنْ قسِّ

فإنْ أقِفْ مِنْ بَعْدِه مُنْشِداً   فإنّما مِنْ طِرْســــــي

*****

مَرَّتْ كعُمْرِ الوَرْدِ بَيْــــنَا أجْتَلِي   إصــــــباحَها إذْ آذَنَتْ بـــرَواحِ

لم أقض من حَقِّ المُدامِ ولم أقـمْ   في الشّـــــاربين بواجِبِ الأقداحِ

والزَّهْرُ عَواقِبَها وأغبطُ شَربَها   وأجيـــــدُ مِدحَتَـــــها مع المُدَّاحِ

وأمِيلُ مِنْ طرَبٍ إذا مالَتْ بهمْ   فاعَجبْ لنَشْوَانِ الجَوانِحِ صاحِي

أســــــــتَغفِرُ اللهَ العَظيمَ فإنّني   أفْسَــدْتُ في ذاكَ النَّهار صَلاحِي

*****

حَيّاكُمُ اللهُ أحْيُوا العِلْمَ والأدَبـــا   إنْ تَنْشُرُوا العِلْمَ يَنْشُرْ فيكُم العَرَبا

ولا حيـــاة لكمْ إلاّ بجامِعَــــــةٍ   تكونُ أمَّا لطُــــــــلاّبِ العُلاَ وأبَا

تَبْنِي الرِّجالَ وتَبنِي كلَّ شاهِقةٍ   مِنَ المَعالِي وتَبْنِي العِزَّ والغَلــــبا

*****

لمَصرَ أم لرُبُوعِ الشَّــــــامِ تَنْتَسِـــــبُ   هُنا العُلا وهُناكَ المجدُ والحَسَــبُ

رُكْنان للشَّرْق لا زالَتْ رُبُــــــوعُهُما   قلبُ الهلال عليــها خافِقٌ يَجِــــبُ

خِدْرانِ للضّادِ لم تُهْتَكْ سُـــــــتُورُهُما   ولا تَحَوَّلَ عن مَغْنــــــاهُما الأدَبُ

إذا ألَمَّــــــــتْ بوادي النَّيــــــلِ نازَلةٌ   باتَتْ لها راسِياتُ الشّامِ تَضطّربُ

وإنْ دَعَا في ثرَي الأهْــــــرامِ ذُو ألَمٍ   أجابَـــــهُ في ذُرَا لُبْنَــــانَ مُنْتَحِبُ

لو أخْلصَ الّنيـــلُ والأرْدُنُّ وُدَّهــــما   تَصافَحَتْ منهما الأمْواهُ والعُشُبُ

نســــــيمَ لُبنانَ كم جادَتْكَ عاطِــــــرَةٌ   من الرِّياضِ وكم حَيّاكَ مُنْسَـــكِبُ

في الشَّرق والغربِ أنفاسٌ مُسَـــعَّرَةٌ   تَهْفُو إليكَ وأكبــــــادٌ بـــــها لَهَبُ

كم غادَةٍ برُبُــــــوعٍ الشّـــــــامِ باكيَةٍ   على أليفٍ لها يَرْمي به الطَّــــــلبُ

يَمْضِي ولا حِيلـــــةٌ إلاّ عَزيمَـــــتُه   ويَنثني وحُلاهُ المَجــــدُ والذَهَــــبُ

هذي يَدي عن بني مِصرٍ تُصافِحُكُم   فصافِحُوها تُصافِحْ نَفسَـــها العَرَبُ

فما الكِنانَةُ إلاّ الشــــــامُ عاجَ على   رُبُوعِـــها مِنْ بَيْنِها ســـــــادَةٌ نُجُبُ

لولا رجالٌ تَغَالوا في سِياسَـــــتِهم   مِنّا ومِنْهُمْ لَمَا لَمُــــنْا ولا عَتَبُــــــوا

إنْ يَكْتُبوا لِيَ ذَنْباً في مَـــــــوَدَّتِهِمْ   فإنَّما الفَخْرُ في الذَنْبِ الذي كَتَبُــــوا

*****

قالتْ الجوزاءُ حينَ رأتْ   جَفنَه قد واصَلَ السَّهَرا

ما لهذَا الصَّـــبِّ في وَلهٍ   أتُراهُ يعشَــــــق القمَرا

*****

لي وَلدٌ سَــــــــمَّيْتُهُ حافِـــــــــظاً   تَيَمُّناً بحـــافِظِ الشَّـــــــاعِر

كحــــــافظِ إبــــــــراهيمَ لكنّــــه  أجمَلُ خَلقاً منه في الظَّــاهِر

فلعنَـــــــــةُ اللهِ على حافِـــــــظٍ   إنْ لم يَكُنْ بالشَّــاعِر الماهِر

لعَلَّ أرضَ الشــــــــامِ تُزهى به   على بــــــلادِ الأدَبِ الزّاهِر

على بـــــلادِ النّيـــــلِ تلك التي   تاهت بأصحابِ الذكَا النادِر

شوقي ومطرانَ وصبري ومنْ   سَـــــمَّيتُه في مَطلعي الباهِر

يُنسِي أباهُ حِكمةَ الناثر

شِــــــــعرٌ نظمناهُ ولولاَ الـذي   رُزقتُه ما مـــــرَّ بالخــــاطِر

واْبدأ بهَجْو الوالدِ الآمِر

فَالذَّنبُ ذَنبي وأنــا المُعتَــــدى   هلْ يسلمُ الشَّـــاعرُ منْ شاعِر

*****

وراع صاحب كسرى أن رأى عمراً  بين الرعية عطلاً وهو راعيها

رآه مســـــــتغرقاً في نومـــــه فرأى  فيه الجلالة في أســـمى معانيها

فوق الثرى تحت ظل الدوح مشتملاً  ببردة كاد طول العهد يبليــــــها

فهـــــان في عينيـــــه ما كان يكبره  من الأكاســــر والدنيا بأيديــــها

وقال قولــــة حق أصــــــبحت مثلاً  وأصبح الجيل بعد الجيل يرويها

آمنـــــت لما أقمـــــــت العدل بينهم  فنمت نوماً قرير العين هانيــــها

حافظ جميل – العراق

يا تيـــن يا تــــــــوت يا رمــــــان يا عنب   يا خير ما أجنت الأغصــان والكثب

يا مشــــــتهى كل نفس مســــــــها السغب   يا بـــرء كل فؤاد شـــــــفه الوصب

يا تين يا توت يا رمان يا عنب

ياتيـــــن ياليت ســـــــــرح يجمــــــــــعنا   يا توت ياليت ظل التوت مضــــجعنا

وأنت ليتـــــــك يا رمـــــان ترضـــــــعنا   والكرم يا تين بنت الكرم تصــــرعنا

يا تين يا توت يا رمان يا عنب

يا تين حســـــــبك صحن الخد راووقــــا   ولو درى التوت ما تحسو حسا الريقا

وهب يجرحــــك الرمــــــان تحديــــــقا   وأهرق الكــــرم يا تيـــــن الأبـــاريقا

يا تين يا توت يا رمان يا عنب

يا تين ســــــقياً لزاهي فرعك الخضـــل   يا وارف الظـــل بين الجيــــد والمقل

هفا لك التوت فاغمـــــر فـــــاه بالقبـــل   فالكرم نشوان والرمان في شـــــــغل

يا تين يا توت يا رمان يا عنب

يا تين يا خيـــــر أزهـــار البســـــــاتين   يا لاوياً جيـــــده فـــوق الأفــــــانين

طل النــــدى لك مخضــــل الرياحــــين   فافتر ثغـــــرك عن ورد ونســـــرين

يا تين يا توت يا رمان يا عنب

يا تين زدني على الأكــــــدار أكــــداراً   ولا تزدني تعــــــــلات وأعـــــــذارا

هبني هزازاً وهب خديـــــك نـــــــواراً   فهل يضــــــيرك طير شـــــم أزهارا

يا تين يا توت يا رمان يا عنب

يا تين حســــــبك ظلا نشـــــــر ريحان   يهفـــــو على غض أكمــــــام وأفنان

من كل حان على العنقـــــود نشــــوان   ومشـــــــرأب إلى تــــــــوت ورمان

يا تين يا توت يا رمان يا عنب

هتفت يا تيــــن فاهتــــزت له طربـــــاً  وقلت للتــــــوت كن أقراطــــها الذهبا

واحذر إذا انتفـض الرمان وانتصـــــبا  أن يأخذ الكــــرم من حباتــــــــه الحببا

يا تين يا توت يا رمان يا عنب

حدائق الشـــــــام عين الله ترعــــــاك  وما ســـــــــرت نســـــــــمة إلا برياك

ملهى العـــذارى وقد يممن ملهـــــاك   يشـــــــــربن بارد طل من ثنــــــــاياك

يا تين يا توت يا رمان يا عنب

يا يوم أقبلن أمثــــــــال التماثيــــــــل   يرفلـــــن في عقص بيـــــض الأكاليل

تبعت (ليلي) و(ليلي) ذات تضليـــــل   (ليلي) فديتــــــك ما أقســــــاك يا(ليلي)

يا تين يا توت يا رمان يا عنب

حلفت بالكــــرم يا (ليلي) وبالتـــوت   وما بصـــــــدرك من در وياقـــــــوت

لأجعلــن عريـــــش التين تابــــوتي   تين الخمــــــــائل لاتين الحـــــــوانيت

يا تين يا توت يا رمان يا عنب

نــــاداك بالتين يا (ليلي) منــــــاديك   والتين بعض جنى الأطيــــــاب من فيك

لو كان يجدي الفدا في عطف أهليك   لرحت بالروح أفديـــــــهم وأفديــــــــك

يا تين يا توت يا رمان يا عنب

كتمت حبك عن أهلي ولو عرفــوا   شــــــــددت رحلي إلى بغـــــداد لا أقف

هذي دموعي على الخدين تنـذرف   يا منيـــــة القلــــب هل وصل وأنصرف

يا تين يا توت يا رمان يا عنب

وفيْتِ يا راحُ فلا تعــــذري   ما دمتُ في حُبِّــــــك لم أكفر

أفنيتُ عمري فيكِ لم أفترقْ  عنكِ ولم أســــــأم ولم أضجر

زَيَّنْتِ لي السُّـــــكرَ ولذَّاتِهِ   حتى انقضى العمرُ ولم أشعر

*****

حبيب بن معلا المطيري – السعودية

أحبك......أنقشـــها في الغيـــوم   وفوق النجوم ســــــناً أوحدا

أحبك......أنثــرها في الســــديم   ترف على شــــاهقات المدى

أحبك......تسـري بها السابحات   وتخفق في منتــــهى المبتـــدا

أحبك......في همهمات السكون   وذوب الحشـــاشة معنى الفدا

أحبك......تشـــدو بها الأغنيات   وتعبــــق في قطـــرات الندى

أحبك......تشــــتاقك الأمنيــات   يرجّع صوت الحبيب الصدى

أحبك......في واكفات الدمــوع   إذا ما الجمـــــوع غدت مفردا

أحبك......في خافيات الضلوع   إذا ما الحنين الشـــــــجي ابتدا

أحبك......في دربي السـرمدي   يضـــيع به ما أبوح سُـــــــدى

أحبك......والظاعنون ارتمـوا   بأفق الغيـــــوب غداً أســـــودا

أنا لوعة من بقايــا الســـــنين   أراود حــــرفي كي يشـــــــهدا

*****

دربي بدربك في التـــرحال معقودُ   ســـــــاورتني وفؤادي منك معمودُ

أرحل كما شئت واسـلك كل ناحية   وخامر الشوق حبل الوصل ممدودُ

وانثر على لغة الأحزان أحرفـها   الفيح تعرف ما أوليـــتَ والبيــــــدُ

لما رحلتَ طويتُ الكون مرتحلاً   في إثر حرفك يدمي العينَ تســـهيدُ

والآن عدتَ..فعادت كل أوردتي   نبضــــــاً تعانق ريّاه الأناشـــــيدُ

*****

يا ســـــيدي وضرام البوح ملتهـــبٌ   تشتاق همسك في اللقيا الأغاريدُ

أيان تظعـــــن والأمـــــداء مثقــــلة   بهاجس في سُداه الروع مشـدودُ

قعيدك اليوم أضحى بعض أشرعتي  وإنني في اشتياقي البحرَ محسـودُ

فسـكَن العزم وارحم ذوب عاطفتي   ما كل من هجر الأشواق محمودُ

*****

حسن البحيري – فلسطين

يا أيــــــها الباكون يجرون   الدموع جوىً وســـهدا

رفداً من الجفنين يســــتتلي   على الخـــدين رفــــدا

ما نال ذو حـــــق هـــــوى   بالدمع يغرق منه خـدا

فالحق يؤخـذ بالصـــــــفاح   تــــــؤدها الأبطال أدا

والمجـــد يبنيه القوي ومــا   بنى ذو الضعف مجدا

يا من جهرتم بالكلام فأزفي  الأفــــــواه رعـــــــدا

لا يمحي جـــــرح العروبة  من فؤادٍ كـاد يــــردى

بالقـــول نمقه اللســـــــان   فسال للأسماع شـــهدا

أو بالمـــنى رفـــــت على  ســنة يراح بها ويغدى

أو بالتشــكي من صروفٍ   ســيرت نحساً وسعدا

جرح العروبــــــة طبــــه  عمل من العلم استمدا

وحصــين خلق لا تروعه  المفاســــــد أن يبـــدا

والعلــم نبــــــراس الألى  نهدوا إلى العلياء نهدا

والخلق أس الصــــــرح  يعمده بناة المجد عمدا

*****

حسن شهاب الدين – مصر

الفتاةُ التي تلـــــوَّنتَ فيـــــــها   قمراً تارةً ونهراً وعُشْــــــــبا

الفتاةُ التي تنـــامُ كوشــــــــــمٍ   فارســـــيٍّ وترتقي الحُلمَ وثبا

الفتاةُ التي تســــــيلُ ســـــماءٌ  من خُطاها وترتدي البحرَ ثوبا

الفتاةُ التي تُهـــــاتفُ ليــــــلاً  حين تخبو كَــوَرْدَةِ اليأس جَدْبا

الفتاةُ التي تفضَّـــــــلُ (دالي)  وتحبُّ الزهورَ والشِّــعْرَ كِذْبا

الفتاةُ التِّيهُ الشفيفُ الحريريَّة   ذاتُ العشـــــرين نجماً وقلبا

هاهيَ الآنَ قطرةَ مِنْ هديـلٍ   تدخلُ الروحَ بينما..أنتَ تأبى

*****



حسين أحمد النجمي – السعودية

عشـــــقت وجهك وضاءً ومكتحلاً   وإن بدا في دروب الشــــوق مرتحلا

يا أجمل امرأة في الكون ترقبــــها   عيني وتلبســها من شـــــعري الحللا

زرعت في ترانيمي فأســـــــهرني   شــــوقي فغنيت لحن الحب متصــلا

يلومني الناس في من بت أعشــقها   ولست أرغب عن درب المنى حولا

يا حلوة كلما زاد الوشـــــــــاة بها   عــــذلاً بعيني والفــــــــؤاد حــــــلا

تســـــافرين على الأهـــداب أمنية   وتزرعيـــــن بقلبي في الهوى أمــلا

رأيت طيفك بين الهائمــين ســـــنا   ما زال بين رموش العيـــــــن معتقلا

في كل منعطف ذكرى تؤرقـــــني   وكل زاوية قد أصــــــبحت طلــــــلا

فأنت ليلى وقيس في الغــــــرام أنا  ولســـــــت أقبل في من ابتغي بــــدلا

يا من عشقت سهادي رغم قســوته  أنا الهلال وأنت البـــــدر مكتمــــــلا

يضيء دنياي لكن لســـت ألمســـه  وكلما رمــــت أن أحظى به أفــــــلا

يا من رسمت بفكري كلما نسـجت  دنيا الجمـال وقلبي من ســـــواك خلا

يا مرتع المجتنى الضـــافي بغيمته  وكلما رعدت أشـــــــواقه هطـــــــلا

وجدت في غيمة الأحـــزان متكئاً   لمهجـــة وجدت في صــــــدك العللا

لا..لن أذوب ولن أمضي بقافلـــةٍ   من الضــــــياع ولن أنسى هواك ولا

يظن حاســـــــدنا ما ســـــولته له   أحلامه أو يقول العاذلـــــون ســـــلا

ساكتب الشعر في عينيك ما فتأت   روحي بجنبي بل أشــــــــدوه مرتجلا

أعتق الوجــــــد في قلبي وأكتمه   وكلما زادت الأعـــــــوام زاد غــــلا

يا أجمل إمرأة قد ســافرت بدمي   شــــوقي بســـــاحرتي ما عاد محتملا

أين الطريق لنجم تســــــكنين به   فإن راصـــــده قد ضـــيع الســــــــبلا

*****

حسين عرب – السعودية

أما الســياسة فالأيام تعــــرفها خداعة ولها بالناس إلهـــــــاء

قوامها المكر والتغرير ديدنها وشأنها بذوي الألباب إغـــراء

تنصب الغرب منها هام غرته وأوهن الشرق تسويف وإيذاء

فمــا تقدمه جهــــل ومعـــرفة ومـــا تــؤخــره داء وإشــفـاء

حسين العروي – السعودية

إليك - صديقي - (بعض جرح) يضمني   أعانقه...والليلُ ظـــــمآن يســــــهرُ

يقول لي الأصــــــحاب: دربك (أحمرٌ)   فأزجرهم: (دربي ضحوكٌ وأخضرُ)

إليك صــــــديقي (بعض جرح) يضمُنا   يوحدنا...والدهر أصــــــفر مقــــفِرُ

هواي بلادٌ..لم تعـــــــانق قصـــــائدي   يمر (عبيــــــري) بالدجى يتعــــــثرُ

إليك صـــــديقي (بعض جرح) يضمُنا   يوحدنا...والدهر أصــــــفر مقــــفِرُ

أخالجها...أجثو...أضمُّ (شــــــعورها)  أعبُّ نِداها حينما الريـــــــح تَعـــــبُرُ

هواي بلادٌ..لم تعــــانق قصـــــــائدي   يمر (عبيــــــري) بالدجى يتعـــــــثرُ

أنا أنت..حـــــزنٌ واحدٌ يســـــــترقنا   ولكنني أبـــــدي الذي أنت تســـــــترُ

إليك صـــديقي (بعض جرح) يضمُنا   يوحدنا...والدهر أصــــــفر مقـــــفِرُ

*****

حسين علي محمد حسين – مصر

حبيبي في ربيـــع العمْر ماتتْ   أمانينا، وقدْ أوْصـــــــدْتُ بابي

ووجْهُكَ غابَ منْ زمنٍ طويلٍ   وطيْفُكَ هاهنا بيْنَ الكِتـــــــابِ

وأضْواءُ الغدِ المجْهــولِ ترنو   لعصفورٍ بدا تحتَ الثيــــــابِ

وحلمي نائمٌ في الصَّدْر غافٍ   فهلْ يصْحو على ذاكَ العذابِ

تفرَّقَ شــــــــمْلُنا صُبحاً وإنَّا   لفي حُلمٍ وفي زهْر الشَّــــبابِ



حلمي الزواتي – فلسطين

كَابَدْتُ حُبَّكِ فِي صَبْوي وَفِي رَشَــــــدي   وَحَمَلْتُ جُرْحَكِ فِي قُرْبي وَفِي بَعَدِي

وَسَــــــهِرْتُ ليْلكِ مُلْتَــــــاعَاً يُؤَرِّقُـــني   جُرْحٌ تَفَتَّقَ فِي رُوحي وَفِي جَسَـدِي

قدْ فَجَّرَ الحَقُ فِي أحْشــــــائِنا حِمَـــــماً   يَـــــومَ اللقاءِ، فَلمْ نَجْبُــــنْ وَلمْ نَحِدِ

وَعانَقَ المَجْدُ شَمْسَ العُرْبِ مُنْتَشــــــياً   وَاسْتطلعَ النَّصْرَفِي بشْرٍ وَفِي رَغَدِ

حَنا عَليْــنا وَنُــــــــورُ اللهِ يَغْمُـــــــرُنا   وَالعادِياتُ بســـــاحِ الحَرْبِ لَمْ تَردِ

قدْ أشْرَقَ النَّصْرُ يا بَغـــدَادُ وَانْطفَـــأتْ   نَارُ البُغَـــــــاةِ، فَما عَادُوا وَلمْ تَعُدِ

حَلفْـــــــــتُ باللهِ يَا بَغْـــدَادُ مَا كَذَبَـــتْ   هَذي الجُمُوعُ وَلمْ تَكْفُـــــــرْ بمُعْتَقَدِ

فَغَايَةَ النَّفْسِ أنْ نَسْــــقي الثَّرى دَمَـــنَا   يَوْمَ الطِّعانِ، وَنَلْقَى الخَصَمَ فِي جَلدِ

إنَّا جَعَلْنَا لهُ الأنْبَــــــــارَ مَقْبَـــــرَةً لمْ   نَرْهَبِ المَوْتَ أوْ نَقْعُدْ عَلى ضَـــمَدِ

هَذي الشَّقائِقُ مِنْ أوْدَاجِـهِمْ رُويَــــتْ   وَاعْشَوشَبَ الرَّوْضُ رَيَّاناً إلى الأبَدِ

مَنْ لَمْ تُشَيِّعْ بَنيــــهَا وَهْيَ شَـــــامِخَةً   إلى المَعاركِ مَا عَاشَــــــتْ وَلمْ تَلدِ

هَذي جرَاحِيَ يَا بَغْـدادُ مَا بَرحَـــــتْ   شَـــــجْوَ الزَّمانِ وَلَيْلاً طالَ مِنْ أمَدِ

أيْنَ الجُيُوشُ، جُيُوشُ العُرْبِ زَاحِفـةً   أيْــــــنَ الأبَـــــــاةُ؟ لِمَاذَا بَعْدُ لمْ تَفِدِ!!

فِي كُلَّ شِبْرٍ شَــــــــــظايَانا مُبَعْثَــرَةٌ   لانَ الحَديــــدُ لنَا وَالقَوْمُ فِي صَـــدَدِ

هُمْ يَأكلوُنَ لُحُومَ الشَّـــــــــعْبِ نَيِّئَــة   وَيَسْـــــــــفَحُونَ دِنَاناً دُونَــــمَا عَدَدِ

الرَّاقِصُونَ عَلى أشْــــــلائِنا فَـــرَحاً   الكَاذِبُــــــونَ وَمَا قَالُــــــوا عَلى فَنَدِ

العَاربـــــــونَ وَنَارُ الحِقْدِ تَلْفَحُــــهُمْ   وَالحَاكِمُونَ بحَدِّ السَّــــــيْفِ وَالزَّرَدِ

وَالرَّافِعُـــونَ لِواءَ العَار مُذْ وُلِـــدُوا   وَالخَافِضُــــونَ جَناحَ الذُّلَ عَنْ عَمَدِ

قدْ أســــلمُوهَا لِجَيْشِ الغَزْوِ فِي دِعَةٍ   وَاسْتَعْذَبُوا الذُّلَ فِي صَمْتٍ وَفِي خَلدِ

إنَّ الأيَـــــادِيَ يَا بَغْــــــدَادُ مُوثقــــة   قدْ كَبَّلُوهَا بأحْبَـــــالٍ مِنَ المَسَـــــــدِ

حُوريَّةً أنْتِ الشَّـــــوْقِ تَضْــــرمُني   إنِّي احْتَرَقْــــتُ وَإنِّي ألْـــــــفُ مُتَّقِدِ

ألمْلِمُ الجَمْرَ مِنْ قَلْبي وَأعْصِــــــرُهُ   نَاراً تُذَوِّبُ صُمَّ الصَّـــــخْر وَالصَّلدِ

فِي الأعْظمِيَّة أوْ فِي الكَرْخِ مَوْعِدُنَا   فِي القَاِسِيَّةِ، فِي حِطِّينَ، فِي صَـــــفَدِ

إنِّي عَشِـــــقْتُكِ يَا بَغْـــــدادُ فِي وَلهٍ   إنِّي فَدَيْتُــــــــكِ فِي نَفْسِي وَفِي وَلَدِي

*****

حمد بن خليفة أبو شهاب – الإمارات

أحبك هل تدريــــــــن ما قيمة الحـــــب   مخاطرة بالنفس والعقـــــل والقلــــب

أحبك هل تدرين ما الوجد ما الجـــــوى   رفيقان للعشـــاق في الملتقى الصعب

أحبك هل تدرين عيــــــونك مـــــا الذي   جنته على قلبي بواســـــــــطة الهدب

أحبك ليت الحب يســــــــعف ظامـــــئاً   بتر شافة من نبعه الســــــائغ الشرب

أقول لها والشــــــعر رهب عيونـــــها   إذا أمــــرته انفـــض عن لؤلؤ رطب

مريه ففي عينيــــك ينبــــــوع ســـــره   وهل في سوى عينيك من منهل عذب

فعيناك لم تترك مكانـــــــاً بخاطـــــري   لغيرك إطــــــلاقاً على البعد والقرب

تملكته روحــــاً ونبضـــــاً ونســـــــمة   وأمســـيت في جنبي ألصق من جنبي

مضى زمن يا نفحة العمــــر وانقضى   من العمر عهد فاض بالشــعر والحب

وخلّد أحلى الذكريــــات على المـــدى   تقر بها عيني ويشـــــــــقى بها قلـــبي

فلولا الجوى والوجد والشوق والهوى   وعينـــاك لم يكتب على النفس من ذنب

*****

حمد الحجي – السعودية

ما للجفاف أحالـــــــني حطـــــب   وأتى على ورقي وأغصـاني

البلبل الصـــــــداح غـــــــادرني   وكأنــــــه ما كان يهـــــواني

كم هـــزني بغنائـــــــه طــــــرباً   وحــــنا على قلــــبي بألحـان

هذا الخريـــف مكــــــدس ورقي   تحتي لي مشــــــــدودة بنياني

نضـــــبت حياتي بعد نضــــرتها   ورأى الفنا خطبي فنـــــاداني

أواه كم هطـــــل النعيــــــم على   غصني يرويــــــه بتحـــــنان

واليــوم كالعـــــدم المريــــر أنا   يلهو الردى في هيكلي الفاني

قد كنت أهزأ بالعواصـــــف إن   زأرت وأصـــــــفقها بإيماني

وأتيه فوق المــــاء ضـــــاحكة   والزهر تحت نداه يلقـــــــاني

والماء يجـــري فيَّ منتشــــــياً   في ألف شــــريان وشـــريان

وعلى فروعي الشمس سارحة   من نورها أختار ألــــــــواني

*****





حمد العصيمي – السعودية

يا طفلتي هذا الهوى وتصـــرفاتكِ والنــوى

             قد أرهقت قلبي الصــــغير وقد أباح بما حوى

قولي لمن أشــكوكما ولمن أحيلَ قضـــيتي

             هل أشتكيهِ إليكِ أم هل أشــــــتكيكِ إلى الهوى

إن كُنتما مُتآمــرين فما يُفيــــد تظلـــــــمي

             فالخصم أنتِ والهوى القاضي وشـاهدكِ النوى

أفنيتُ هذا العمر أطرد في سـرابكِ ظامئاً

             فأضاعني هذا السراب وما أرتويت ولا أرتوى

شيّدتُ صرحاً من قوارير الزجاج مُمَـرداً

             فكشفتِ عن ســـــاقيكِ في عبثِ فهاهو قد هوى

أو تكذبيـــــنَ وتعجبين إذا حزمتُ حقائبي

             لا تعجبي فغــــــداً إذا أصـــــبحتِ مُنهكة القوى

وتساقطت نظراتُكِ الرعناءَ فوق قصائِدي

             فتذكري أني كرهت أحـبُ (دون المســــــــتوى)

*****

حمزة قناوي – مصر

إنْ ما مَرَرْتِ عَــــــليَّ لا تَتَمَهَـــــلي   فالعاشِـــقُ المَجْنُونُ ماتَ بداخِلي

إنّي برئـــــتُ مِنَ القصـــــــائِدَ بَعْدَما   أحْرقَتُ في الأوهامِ نِصْفَ أنَامِلِي

لا لسْـــــتُ شَــــــيئاً أنْتِ حتّى انْتَهَى   حُزنــــاً عَلِيه إذا حَزنْتُ لِمأمَــــلِ

وهْم تَراءى لي هــــــــوىً فَتَبعْتُـــــهُ   صَدقْتُ نَفْســــي وارْتَحَلْتُ لِمَقْتَلي

يا مَنْ نَسَــــــتْ في وهْمِ زَهْوٍ أنّـــها   كانَتْ صنيعَة نَزْوَتي وَتَمَلْمُـــــــلي

إنّي خَلقْتُكِ مِنْ رَمــــادِ خَواطِــــرِي   وَنَفَثتُ روحَكِ مِنْ عَميقِ تَخَيــــلي

حَتّى اسْتَوَيْتِ بعَرشِ حُسْنِكِ فاسْتَوى   فيكِ الغرورُ بكِبـــــرياءِ الجاهــــلِ

ما أنتِ..مَاذا كُنْتِ دونَ مَشـــــــيئَتِي   يا لعنــــة جَمَحَــــتْ ولمْ تَتَعَقـــــلِ

أنْســـيتِ نَفْسَـــــكِ غركِ الألقُ الذي   لف المفاتِنَ فِي بَهـــــاكِ الرافِــــلِ

وَنَسيتِ حينَ جَحَدْتِ فَضلَ أصابعي   هي شــــــكَلَتْكِ فَأنَتِ بَعْضُ تَفَضلي

فدعي التكبُـــرَ واذْكُـــــري ما كُنْتِهِ   لولا جنـــــوني وانْطِـــــــفاء تَعَقلي

يا لعبة عَرَضَــــتْ مفاتِنَـــــها عَلى   وَلهِ العيونِ بحُسْـــــنِها المُتَســـــولِ

لا تَتْبَعي وَهْـــــماً يَــــــرومُ مَذَلتي   أنا في السماءِ وَأنْتِ دونَ أســـــافِلي

*****

خالد أبو حمدية – الأردن

ما طُلْتُ وَرَدَكِ لكن صِبْتًُهُ شَـــــــــمّا   لمّا تطــــــــاولَ في عليائـــــــهِ لــــمّا

وراحَ يســـــــــرحُ بي زهواً وينثرني   يلمّ صـــــــمتي من نهــــــداتهِ لـــــمّا

فحلّ في القلبَ كم رَقَــــتْ خوافقــــهُ   مذ سارَ همسُــــكِ في شــــــريانهِ دمّا

وحط فيّ ندىً يســــــري على ورقي   لمّا على الشوق تصلي روحي الحمّى

حمصُ الصبية والعاصي على صببٍ   يجددُ التــــــــوبَ هل غفـــــرانُه عمّا

أو جاز عندك للمســــــلوبِ زلّتـــــهُ   لوْ ما هممــــــت فكلّي والِله هــــــــمّا

أنت الوحيدةُ في طهـــر إذا أثِمـــــوا   وأنت وحدك في المحــــــرابِ من أمّا

أرميكِ بالزهر كي يـــــرتد لي عبقي   إني نذرتك شـــــــعراً غافل الهــــــــمّا

فَعُدتِ جوريّـــة في القلب واحــــــدةً   وصرتِ كيفاً حوى في ذاتهِ الكــــــــمّا

حمصُ البهية قد أودعتني قمــــــــراً   جَلّى الأضالعَ نـــــــــــوراً فيك قد تَمّا

فَذَوَّب الحرفَ تخييـــــــلاً وتقفيـــــة   ما كان ضــــــرّكِ لوْ أشـــــبعتهِ ضمّا

نشوانُ فيكِ وشهدي فاضَ عن شفتي   كأنّ قبلك في أحشــــــــائهِ السُّــــــــما

أسّبحُ الله حســــــناً غير محتجــــبٍ   عن سحر وجهكِ شـــدواً رقصَ الصّما

ما ثمّ حرفُ يجوز الحســن منتصراً   ما ثمَّ غيرُ جــــمال الصــــــمتِ ما ثمِّا

ألقي الســــــلام على حمصِ بفتنتها   طوعّتِ عاصيكِ فاحتار الذي سَــــــمّى

خالد الشواف – العراق

لا تحســـــبوه يراعا قد من قصب   هذا فم وفـــــــؤاد خافق ويـــــد

ومشعل لسواد الشعب مشـــــتعل   لا كوكب في ســـماء الفرد يتقد

ونافخ في حديد الصور يبعث من   أجداثهم قبل يوم البعث من رقـد

وناصح بمراقي الخيـــــر مؤتمن   وفاضح لمهاوي الشــــــر منتقد

ما ضر بالحق إلا خر منحطـــماً   للظام ركن من الأركان أو عمد

لا يحفظ الدهر إلا ما تخط يـــــد   بناءة فجرت من خلفــــــــها كبد

*****

خالد مصباح مظلوم – سورية

كست آثــارك الحسنى الغـوالي     مـخيلتي كمثل حـــلى الهــــلال

فـــــــكم بحــــــر لجـيني بـمـخي     أهــــجت مسبـحاً رب الجـــلال

مزجـت الأرض الجوزاء مزجاً     بـفضيات أحـساس مـــثــــــالي

وكــان الجــــــو معزولاً تمامـاً     عن الأضـواء بالسحب الخدال

عزلت النفس عن قومي ولكن      رأيتك فانــعزلت عن انــعزالي

فضيـل أنت يفضـلي بــفعــــــــل     وباسـم واهتمام بالمعــالــــــي

ولم تـقبل أكـون كنجم شـعــــــر     بــلا تجميل يربى مــــن جمالي

وقـــــــــد آزرتنـي لم تأل جـهداً     بـدعم مثلما يصبو خـــــــيــالي

لـطـيــف كالرفيف فؤاد فضــلي     يحلق في العواطف و الخـيــال

أرفرف في فضـا عينيــه طـيراً     رشيقاً سابحاً نحو الأعـالـــــي

أعب الضوء من آمـاق فضـلي     كأني سمكـــة في حوض آل...

يـحـب صداقتي ، وأحـب أيـضـاً    صداقــات النجوم مـــع الليالي

هي الأنهـــار من عينيه تـجري    هي الأفلاك منــه في اشــتعال

ولولا الله أعــطــاني خـــــــيالاً    يــصوره لمت بلا خـــــــــتيــال

إذا لاقــيتــه أملا فــــــــــــؤادي   مياها مع طـعام كالجـمــــــــال

وأهــضمــه بلحظات قـــــــصار   كأن لمعدتي وسع كالـــجــبـال

وقد أجتره في نـفس يــــــــومي   وأحـياناً بأيامـي الطــــــــــوال

فذكراه سـنــامي ذات شـــــــحم   غذائي يزيــد مـن احتمــــــالي

امـد يدي أداعب سـحــــر ضوء   تفيض به رؤاه على مــــــجال

وأشـــعرني كطفل ليس يـــدري   بأني قد قطعتـه عن خــــــيـالي

كأنه ضوء إشعـاع "لفـــــيلم"   يدور أتته كفي لا تبالــــــــــــي

فثار الناس يشــكون انقطاعــاً   ألم بمشهد جــم الجـمــــــــــال

فكم من طالب يـبني المـعـــالي   عليه ثم عطلــت المــعـــــــالي



ذهبنا إلى الفضلي نخفف وحشـــــة  غزتنا على طول السنين دراكــا

محــــــونا بأفراح لديه همومنــــــا   كما لو رمى فوق الهموم شباكـا

وحاولت إشبـــاع الجفــــاف بنظرة  لبركــة ماء تحضن الأسمـــــاكا

بساتين موز رائعـــــــات ببيتـــــــه  وبـــــــرد نسيم ينعش الأفلاكــــا

ذهبنا نغذي الروح رغم إصابــــــة  لأحشائنا بالحــزن، ليــس فكاكـــا

وودّعنا فضلي أمـــــــام ديـــــــاره   وقد كـــان يزهو كوكبا وملاكـــا

وعاد الأسى لمّا رجــعنـــا لبيتنــــا   غزانا الأســـى رشّا..أطال سفاكـا

لأن الأسى أصل لــــنا وطبيعــــــة  فمن قال انّ الســــعد ليس شراكا؟

ولولا كلامي محض صدق لما ترى وراء حيـــاة حســــــــرة وهلاكــا

ومن يستطيع السّعد طيلــــة عمره   يكون جــمـــادا أو يكــــــون ملاكـا



أًعزُّك فوق ما يحويـــه نظــــمي   وأرجــو أن أفي لك أيَّ يـــــوم

أفكر في اجتهادك في المعــــالي   لتنفع ما استطعت بخيـــــر علمِ

دعمت قضيتي في جعل شعري   بــريـــئــــاً من مواطن ذات كلمِ

أخذت جهودك الكبــــرى وانـي   مدين، والوفـــــاء نجــــاح نظمي

نجـاح الفنِّ يسعد قلب فضلي   فهذا ما يــتــوق لــــه ويــرمــــي....

حمدت الله يوم عرفت (فضلي)   لأنــه جــاء تجســيـــــداً لحــلــمي

لأنـــه لـن تـقوم لكل قـــــومي    تباشــيـــــر بدون جمــــال نظــميِ

ولولا عطفك السامي رعـاني     نكصــت عن الطــلوع بكل عزمي

أعزك عــــارف أسرار عزي   وكم أهـــوى أنــا عــلمـــــاء قـومي

ونظراتي إليــك طيـــــورُ حبٍ   تــرف عــليــــــك تُذهبُ أيَّ ســــُقمِ

وأرجو الله يســقيــكم بديــلــي   دواءً شــافيــــاً يُغــنــي ويــطـمــي

خالص عزمي – مصر

تحيات من الأعمــــــاقِ   يا قيثــــارة الوجــــــدِ

وياراعيـــــة البيــــــتِ   ويــــامدرســـــة الوُلدِ

ويا حانيـــــة الظهـــــرِ  على الأحفاد في المهـدِ

لقد ربيتِ بالحســـــــنى  على الرأفة والـــــــودِ

وعلمت بــــلا قســــــرٍ على أنبــلَ ما يُجـــــدي

فيا أصــــدق من أهوى  ويا أقرب من أهــــدي

قصيداً من سنى وجهكِ   يا إطلالـــة الســــــعدِ

فشــــعري صغته عقداً   وأنت الماس في العقدِ

*****

إلى قيثارة الشاعر العراقي الكبير حافظ جميل

مجدت شعرك موزوناً ومبتكراً   حلقت فيه كنسر يعشـــق القمرا

أودعت فيه نســيباً لا يضارعه   ما بثه عاشق في حبه ســـــكرا

وقلت فيه مديحاً صـــــادقاً أبداً   فكان من منبع الوجدان منفجرا

*****

لقد نظمت بـراح العمر ملحمة   فجاء شعرك فيها مبدعاً صورا

كأن خمرتك الجـــذلى بها وله   يشب فيها دبيب الوجد مسـتعرا

تنساب فيك صبوحاً لا تفارقها   حتى تهل غبوقاً تتبع الأثــــــرا

وإن تمزّرتها صــهباء معرقة   وأودعتك خيالاً مشــــرقاً نظرا

فإن شعرك يســمو في مراتبه   ويســـبق الوحي دفاقاً ومنهمرا

*****

وكم هنالك من نظم بلا غرض   لم يحو في ســــبكه معنى ولا فكرا

حتّى إذا مســـه بالرفق حافظنا   هبت عليه القوافي تحمل الغـــــررا

فكل قافيـــــة يختـــــارها نغـم   تهدي إلى الجرس من قيثارها وترا

وكل منظومة من فرط رقتـها   يروق إحساسها ذوقاً إذا انتشــــــرا

وإنما الشـعر إعجازاً وارفعه   أن يصبح الشــــــاعر الفنان مبتكرا

وهكذا حافظ في كل رائعــــة   يعطيك من قلبه مصداق ما شــــعرا

*****

خضر محمد أبو جحجوح – فلسطين

هذي جراحُ الشَّـــــعب قائلة..وآهات الأراملْ

لا صلح..لا تطبيع..لا تضييع، أو حتّى تجادلْ

روح الكَرَامَةِ طلْقةً مَوَّارةٌ بيَدِ المناضــــــــلْ

ودمٌ يمدُّ الأرض بالإصرار والعَزْمِ المساجلْ

*****

وأنا الأعاصِــــــر ألْف قاذِفــــة بقلبي للقنـــــابلْ

وأنا المنية قادم فوقَ الجبال وفي السَّـــــــــواحِلْ

ماضٍ أنا أمَّــــاه تتبعـــني الكتائب في جحــــافلْ

ودمي يشــــــــع بنوره..ونجــــوم أعدائي أوافلْ

والحور تهتف..يا شهيدُ أنرت ما أحلى التواصلْ

*****

خليل حاوي – لبنان

لِتَعِشْ وَصَفْوُ العَيْشِ غيرُ مَشُــــــوبِ   فريـالُ بكْرُ مَلِيكُنَا المَحْبُــــــــوبِ

الطّفْلَـــةُ الملك الَّتي مِنْ مَهْـــــــــدِهَا   نَظَرَتْ إلى المَحْرُومِ وَالمَحْرُوبِ

عِيــــدُ الأميـــرةِ ضُوعِفتْ بَهَجَاتُــــهُ  وَالشَّــــــــــعْبُ منها آخِذٌ بِنَصِيبِ

عَهْدٌ قشِــــــيبٌ يَوْمَ مَوْلِـــــدِهَا بَــــدَا  في أيِّ ثوْبٍ للحَيَــاةِ قشِــــــــــيبِ

كَمْ مِنْ مَعَاهِدَ وهْي تَشْرُفُ باسْـــمِهَا   ضُمِنَ اطّرَادُ نَجَاحِــهَا المَطْلُــوبِ

تُولي الضِّـــعَافَ مِنَ المَعُــونَةِ مَابـهِ   كُلُّ الرِّضَى للـــرَّبِّ وَالمَرْبُـــوبِ

أوْسَعْتَ يَا فاروقُ شـــــعبَكَ أنْعُـــمَاً   في ظِلِّ غَيْرِكَ لمْ تُتَحْ لِشُــــــعُوبِ

هَيْهَــــــــاتَ يَبْلُغُكَ المُلُــوكُ تَطـوَّلاً   لو قُورنَ الموْهُـــوبُ بالموْهُــوبِ

مَا يَنْقَعُونَ صَدىً برَشْــــــح أكَفِّـهِمْ   وَنَداكَ شُــــــؤْبُوبٌ إلى شُـــؤْبُوبِ

يَا مَنْ بفارُوقَ ائْتَسَـوْا فَتَنَافَسُــــــوا   فِي البــــــــرِّ بَيْنَ نَجِيبَــــةٍ وَنَجِيبِ

مِنْ كًلِّ مِسْـــــــمَاحِ أصِــيلٍ رَأيُــهُ   لبِقٍ بتَصْـــــــريفِ الزَّكَــــاةِ أريبِ

وَمَصُــــــــــونَةٍ بحَيائِهَا وَإبَائِــــهَا   سَــــفَرَتْ بلاَ لَوْمٍ وَلاَ تَثـــــــــريبِ

تُعْطِي اليَتَامَى وَالأيَامَى غَزْلَـــــهَا   وَتَعِــــفُّ عَنْ غَزَلٍ وعن تَشْــــبِيبِ

يَا سَــــــادَتِي لأشْـــــــــهَدُ لمْحَــةً   عُلْويَّــــــةً وَأشَـــــــمُّ نَفْحَــــةً طِيبِ

أعْظِمْ بِخِدْمَتِكُمْ لِشَـــــــعْبٍ عَاثِــرٍ   مُسْـــــتَصْرخٍ لِسَـــــــوَادِهِ المَنْكُوبِ

خَطرُ الجَمَاعَةِ أنْ يُبَـــاعَدَ بَيْنَـــهَا   وَالْخَيْرُ مُلُّ الْخَيْـــــر في التَّقْــــريبِ

إنْ تَدْفَعُوا شَـــرَّ الخَصَاصَةِ فُزْتُمُ   في عَاجِلٍ بثــــوَابِ خَيْــــــــر مُثِيبِ

وَوَقَيْتُــــــمُ البَلدَ الأمِيـــــنَ وَأهْلهُ  غَدَراتِ دَهْرٍ مُنْــــذِرٍ بخُطُـــــــــوبِ

وَاسُوا الفَقِيرَ وَأصْلِحُوا مِنْ شَأنِهِ   أوْلاً فَإنَّ غَــــــداً لَجِـــــــدُّ مُــــريبِ

وَتَدَارَكُوا الأطْفَالَ بالسَّـــبَبَيْنِ من   تَصْـــــــــحِيحِ أبْدَانٍ وَمِنْ تَهْـــــذِيبِ

فَبذَاكَ تَبْلُغُ مِصْـــــــــرُ يُبْغَى لهَا   فِي العَيْشِ مِنْ سَـــــعَةٍ وَأمْنِ كُرُوبِ

وَرَفَاهَةُ الطَّبَقَات تَسْـتَبقُ الخُطى   فِي مَرْتَعِ لِلْعَامِلِيـــــنَ خَصـــــــــيبِ

يَا رَبِّ صُــنْ فاروقَ وَاكلاً بَنيْه   تَدْعُوكَ مِصْــرُ وأنتَ خَيْـــــرُ مُجِيبِ

*****

خليل خوري – لبنان

أتــــراكَ لُطفاً لِلقــــاء مَعيـــــــداً   أأنتَ عَنا لا تَـــزالُ بَعيـــــدا

تَأتي مَرابعَـــــنا كَأنَـــــكَ لَمحَـــةً   لِلبَرقِ يختَرقُ الأثير شَــريدا

أخَذَت بُروقُ الأفق عَنكَ شُعاعَها   فَأخَذَت مَسراها وَكُنتَ مَزيدا

وَلو اِقتــــدت بكَمال ذاتك وَالوَفا   لم تَخلف المِيعاد وَالمَوعـودا

نَلقاكَ لكن كَالمًسافر مَرَّ في رُبع   فَحَيّى وَهُوَ يَطـــوي البيــــدا

فَإذَا هَمَمنا لِلسَــــــلامِ بلَفظةٍ قَال   الوَداع لنا أريــــدُ قَصـــــيدا

*****

خليل مطران – لبنان

هذه الروض التي تبدي حلاها   والأزاهير التي تهدي شــذاها

والشــــــوادي بأغاريد المنى   تملأ الأســــــماع أنساً بغناها

والســـــــواقي عذبت أدمعها   وحلا في مشرب النفس بكاها

والصـــناعات البديعات التي   زانت الدار وأعلت محتــواها

نعـــمٌ دامت على أربعـــــكم   ورعت من حل فيها ورعـاها

بيتٌ عتيقٌ شـــــــيّدته العلى   وزينته شـــــــــائقات الطرف

تنافس فيه ضـــروب الحلى   بين معـــــــالي أهله والتحف

يا باني الشـــــرفة خلابة قد   حار في أوصافها من وصف

مهما تبالغ لا تزد حســـنها   ما حسن الشرفة مثل الشرف

*****

يَا صَــــــاحِباً جَمِيلُهْ   مَا عِشْــــت لا أنْكِرُهْ

وَلسْــتَ مُحْتاجاً إلى   شَـــيْءٍ بهِ أذْكُـــــرُهْ

فَإنَّ قَلْبِي فِي الغِيَابِ   أبَــــــداً يُحْضِـــــرُهْ

حَبوْتَنِي بسَـــــــاعَةٍ   وَالخَيْرُ مَا تُؤْثِـــــرُهْ

مَعْنَى الحَيَاةِ يُجْتَـلى   فِي الوَقْتِ إذْ نُبْصِرُهُ

*****

يَا طبيباً شَكَا فَكُلُّ عِليلٍ بَاتَ   يَرْجُو أنْ يُرْفَعَ اللهُ كَعْبَكْ

شَـــفَّعَ اللهُ فِيكَ أدْعِيَةَ الْقَوْمِ   وفِيهِمُ مِنْ قَبْلُ شَـفَّعَ طِبَّكْ

*****

خير الدين الزركلي – سورية

العين بعد فراقـــــها الوطـــــنا   لا ســــاكناً ألفت ولاســــكنا

ليت الذين أحبــــــهم علمــــوا   وهمو هنالك ما لقيـــــت هنا

ما كنت أحســـــبني مفارقـــهم   حتى تفارق روحي البـــــدنا

يا موطنـــــاً عبث الزمـــان به   من ذا الذي أغرى بك الزمنا

قد كان لي بك عن سواك غنى   لا كان لي بسواك عنك غنى

إن الغريب معــــــذب أبـــــداً   إن حل لم ينعم وإن ظعـــــنا

لو مثلــــوا لي موطني وثـــناً   لهممت أعبد ذلك الوثـــنا

*****

ســـــــاس بالظلم عتاة أمـــة   فزمجــــرت وانفجـــــرت

حملـــت ما لم تطقه من أذى   فــــزأرت واســـــــتعرت

وبدأ مشعلها، خط عليه الأبد   إنه الثائر لا يقوى عليه أحد

*****

سورية نحن لها نحمي حماها أبداً   نبني لها صرح الحياة فوق هامات العدا

*****

أدى رفيق حق أوطانه وعلمه، فأحسن التأدية

*****

الله للحدثان كيف تكيد   بردى يفيض وقاسيون يمير

*****

أنا في هواك كما يشـاء هواك لي  كلف بحبك يا دمشـــق ودود

خدعوك يا أم الحضـارة فارتمت  تجني عليـــــك فيالق وجنود

قرآن أحمد إن بكاك فقـــــد رثى  لك قبلة الإنجيـــــل والتلمود

والشعب إن عرف الحياة فما له  عن درك أسباب الحياة محيد

*****

سورية قد أجمع البادي بها والحاضر   وفي سبيل مجدها دم أريق طاهر

إن هدموا عمرانها، فكل قلب عامر

*****

ولا يقل حبه للملكة العربية السعودية عن حبه لوطنه العربي الأبي سورية .

يا نفس بلغت قصــــــداً   وعاد أمرك جــــــدا

دعا الحجـــاز ونجـــداً   داعي الحياة فجـــــدا

وأقبــــــلا والأمــــاني   تلوح يمناً وســــــعدا

الخيل في الأمن ترعى  والإبل بالشوق تحدى

*****

صبر العظيم على العظيم   جبار زمـــزم والحطيم

إن القضاء إذا تســــــلط   ضاع فيه حجى الحكيم

*****

ليست خناجر في أيدي الآلي اجترموا   تكلم مفاتيح غمدان بها قدموا

ضل الجناة سبيل النيل من ملك

لولاه ما ضـــــين بيت الله والحـــرم   عبدالعزيز الإمام الحق تكلوه

عين من الله لا جند ولا حشم

*****

وقى سـعود فتى الفتيان خير أب   فردها طعنة نجـــلاء تخترم

عبدالعزيز وقــــاك الله فتنتــــهم   ولا يزال لك فينا البر والعلم

عش للعروبة والإسلام معتصماً   فإنما بك بعد الله يعتصــــــم

*****

عبدالعزيز قضى، سلمتَ ســـعودُ   مافي الرجـال كمن فقدت فقيد

جبل أشـم هوى وغيب في الثرى   أحد طوى هضباته أخـــــدود

دهر من التاريخ في عمر امرىء   قصرت حياة الدهر وهو مديد

تتناقل الدنـــيا حديــــــثاً بعــــــده   تتقادم الأجيــــــال وهو جديــد

عرش بناه على النضـــال عماده   ودعامة الإيمان والتســــــــديد

ما نام عنه مؤســــــــساً ومنظماً   ســــتين حولاً يبني ويشـــــــيد

ضم القلوب موحداً أشـــــــتاتها   لله ثم لشـــــــعبه التـــــــــوحيد

*****

لفيصل التاج معقـــــــوداً به الأمـــــل   ويوم فيصل في أيامـــــنا جلل

شــــعب الجزيرة من أقصى تهائمـها   إلى النجود سعى بالبشر يحتفل

تباشـــــــر الناس لما قام فيصــــــلها   مملكاً وأتت بالبيعة الرســــــل

ولو مشى الصخر من سهل إلى جبل   لجاء بالتهنئات الســهل والجبل

*****

تلفت الغرب والإسـلام إضطراباً   ما للبرية هل شدت بزلزال

يدعون فيصل والأيـــــام ماضية   بفيصل بين أحقاب وأجيال

من مثله كان كشـــــافاً لمعضلة   من مثله كان حلالاً لإشكال

نوديت "خالد" فانهض غير متئد   تسنم العرش محفوفاً بأشبال

على يمينـــــك فهد في غطارفه   من شم آل سعود ذروة الآل

****

رائد محمد الحموز – الأردن

زمان الشـــــــوق أرداني   ولفح الوجد أضــــــناني

أقوم اللّيـــــل ســــــهراناً   أعود صــــخور أحزاني

وبات النجم يحرســــــني   بوجــــه النجم عيـــــنان

فـــــلا أرضى تملــــــقه   وأغلق منه أجفــــــــاني

أرى في القلب مبســــمه   يعاني كالســــــنا الواني

أراجــــع طيــــف آمالي   عظيم النهج والشـــــــان

أطالع من هــــوى نفسي   لواعجــــها وألحــــــاني

وأصـبر في الهوى علي   أداهم أرض أشــــــجاني

وأضرب عنق أشرعتي   وأرسـو في الفضا القاني

ألــــوك الجـــــذر أقذفه   وأنهي قصـــــــة الجاني

فنصـــري لا أفضــــله   إذا ما النصـــــــر ألفاني

يـــداي اليـــوم في ظفر  وروحي في الندى الهاني

فتحــــت الجفن منهكماً  رأيت النجم من ثــــــــان

يحـــدق في يحــــرقني   وهذا النجم يهــــــــواني

فلا أهـــــواه..لا أدري   لماذا يغزو شــــــــطآني

ورأسي متعــب يهوي   بجفني الوالـــه الــــواني

ورمش العين يســـبقه   ليطرد نجمـــه الـــــراني

وتهنا النفس في غدها   بأطيــــــــار وأفنــــــــان

وتجلب روحها طرباً   وتألف حلمــــها الــــداني

فنومي فيه مكــــرمة   وصحو الليـــــل أفـــناني

*****

راشد حسين – سورية

حلم الرعاة ورقصة الريحان والأرض الندية

               وســــنابل القمح الخجولة في ملاءتها البهية

ورحيق أزهاري، وأحلام الشباب العسـجدية

              هي كل ما عندي...فهل ترضى بها عكاهدية

*****

يا حلوة البسمات يا عكا رويدك يا طهورة

               البحر قبل راحتيك، وجاء يسألك المشوره

فهو الأمير أتاك يخطب ود قلبك يا أميـــرة

               رفقاً به وبقلبه ! لا تجرحي أبداً شـــــعوره

*****

أرأيت ســــــورك هازئاً بالبحر لم يأبه لحبه

             حتى خرجت إليه أنت لتسمعي خلجات قلبه

أم قد رفضت رجاءه، فخرجت ثائرة لحربه

             فبنيت أبياتاً على كبد الرمـــــال لقطع دربه

*****



إني لأخشى أن رفضت مشاعر البحر النبيلة

               لأن ينثني كبراً ويخطب قلب جارتك الجميلة

وجمال حيفا أن تكن نقضته نسـبتك الأصيلة

               فثراؤها نســـب يشــــرفها، ويكرمها فضيلة

*****

العفو يا عكا فما قولي سوى خطرات شاعر

             ما كنت سمساراً لحب البحر مأجور المشاعر

فتقبلي من قريتي العــــزلاء رائحة الأزاهر

             ووداعة الأطفــــــال طاهرة، وأغنية البيــــادر

*****

راشد الزبير السنوسي – ليبيا

بعينيك أحلامٌ فلا تتكلـــمي وخلي   الهوى ينســـــاب شـــــعراً على فمي

أحبك ما لا يقدر الوصف وصـفه   وفي الحب - لو تدرين - راحة مغرم

(رفيقة) لا تستعجلي البين فالمنى   إليك تمد الشـــــــوق حتى تســـــلمي

لقد عشــقت فيك العيون التي بها   أحاديــــث لا تبــــــدو لغيـــــر المتيم

وقدَّاً كأنســــــــام الربيع طراوةً   يدغدغ عشـــــــــاقاً بخطـــــــو منغم

وثغــــراً يناديني لإرواء غلــــة   بذََوب رحيق لاح في عمر صــــــائم

فإنك إذ تحبين قلب شـــــــــاعر   تعيشـــــــــين أحلامـــــــاً بآفاق ملهم

*****

خبأتــــــها فأبت عليــــــك  وتفتحت في وجنتيــك

تلك الــورود وحســــــبها  أم صار مرفؤها يديك

رحلت مع الأحلام يغريها  الهوى في ناظــــريك

فضـــممتها..وحبتك أغنية  تدغدغ مســـــــمعيك

وتجيــل في خديـــــك في  شـفتيك ما أهدت إليك

*****

راضي صدوق – فلسطين

لحنُك الدَّامي إلى الشعر دَعاني   بعدما شــــــيَّعتُ شــــــعري وبَياني

ماتتِ الخفقــــة في أعماقـــــنا   وانطوى الجرحُ على صمت الهوانِ

كيف يشــدو شــــاعرٌ في تيههِ   مُطفَأ اللَّمحـــةِ مخنـــــــوق الأغاني

نحن جــــــرحٌ أزَليّ..ناغــــرٌ   في جبين الشـــــــمس، حيّ الجريانِ

قد ســــقينا غســـــقَ اللَّيل دماً   وزرعــــــــنا مقلة اللَّيــــــــل أماني

ثم أغفينا على جُنـــــح الرؤى   وأفقــــــنا في ســــــــراديب الدُّخانِ

فإذا القـــــدس جــــراحٌ..ودمٌ..  مُســــــــــتباح المجد، في الذلّةِ عانِ

وإذا الأردنُّ يبكي خَجَـــــــلاً   داميَ النبع، فتعنـــــو الضــــــــفَّتانِ

*****

رشيد أيوب – لبنان

عاد ربيعُ الأرض فاســــــــتَيقظت   وزَحزَحت عن مُقلتَيها الحجاب

ظنّت بأنّي قُلـــــــتُ يا مهجـــــتي   قومي فقد عاد زمانُ الشـــــباب

لم أدر إذ أوصَــــــدتُ بابَ المُنى   أنّ لنفســي ألف بــــابٍ وبـــاب

فالبُلبلُ الصّــــــدّاحُ في روضـــهِ   تُســــكتُه هوجُ الرّياح الغضاب

والنجمة الغـــــرّاءُ في أفقــــــها   يحجبـــــها عن العُيون الضّباب

هيّا بنَا نمشــــي إلى رَوضَــــــةٍ   بعيـــــدةٍ كي لا ترانا العيـــــون

حيثُ أغاني الحبّ في زهـــــوهِ   قد ردّدتها الطيرُ فوق الغصــون

حيثُ رواياتُ الصِّـــــبا قد بدَت   في مسرح الأحلام تنفي الشجون

حيــــثُ معاني الله في خلقـــــهِ   حيثُ جمـــالُ الكون حيثُ الفنون

هذا مجـــالٌ واســـــــــعٌ للمنى   وكلُّ شيءٍ بالأمـــــاني يهــــــون

دوزَنتُ قيثـــــــاري على نَغمَةٍ   تحبّــــــها نفسي لبُعــــــد القـرار

ورحتُ أطوي روضة روضة   وأنشـد الأشـــــعارَ طولَ النّــهار

كأنّني قد ســــــرتُ في جنّـــــــةٍ   لو اســــــــتطاع القلبُ فيها لطار

تحدو بيَ الأحــــــلامُ في عالمٍ   قاصٍ عن الدنـــــيَا بعِيــــدِ المَزار

فلا جليسٌ غير زهر الــــرّبى   ولا أنيسٌ غيــــر صـــوت الهزار

حتى إذا لاحت نجـــومُ الدّجى   تذكّر الأصـــــحابُ نائي الديـــــار

وَهَبَّ مِن أحلامِهِ ناســـــــــياً   ما مرّ بالذكـرى وأرخى السّـــــتار

*****

وَقالوا ألا مَهلاً تَأسَ بمَن مَضـوا  فَليسَ مُصابٌ جازعٌ بمُصيبِ

فَقُلتُ ذروني وَالأسى ليسَ مُغنِياً  كَلامَ خَطِيبٍ مَعَ كَلامِ خُطوبِ

*****

رشيد سليم الخوري (الشاعر القروي) – لبنان

يا نَسِـــــيم البَحر البَليلَ سَـــلامُ   زارَكَ اليومَ صَبُّكَ المُسْــتَهامُ

إنْ تَكُـــــنْ ما عَرَفْتَـــــنِي فَلَكَ   العُذْرُ فقدْ غَيَّرَ المُحِبَّ السِّقامُ

أوَلا تَذْكُرُ الغُــــلامَ رَشــــــيداً   إننّي يا نَســـــيمُ ذاكَ الغـــلامُ

طالما زُرْتَــنِي إذا انْتَصَـــــفَ   الليلُ بلُبنانَ والأنـــــــــامُ نِيامُ

ورَفَعْتَ الغِطاءَ عنّي قليــــــلاً   فَأحَسَّــــــــتْ بمَزْحِكَ الأقدامُ

وتَنَبَّهْـــتُ فاتِحاً لكَ صَـــــدْراً   شــــــبَّ فيهِ إلى لِقاكَ ضِـرامُ

فَتَغَلْغَلْتَ في الأضالِع أنفاســـاً   لِطافاً تَهْفــو إليــــــها العِظـامُ

ولثمْتَ الفُؤادَ ثغْــــراً لِثغــــرٍ   ولكَمْ حَجَّبَ الثُّغــــــــورَ لِـثامُ

يا لشَوقِي إلى مَحاسِــــنِ قُطْرٍ  هَبَطَ الوَحْيُ فيـهِ والإلْـــــــهامُ

وكُرومٍ إنْ مَرَّ فيها غَريــــبٌ   يَتَوارى من وجْهِــهِ الكَـــــرَّامُ

لو قَضَمْتُ الرَّغيفَ فيهِ قفاراً   فالرّضى والسّـرورُ نِعمَ الأدامُ

أيُّها النَّازحــونَ عَوْداً إليــــهِ   حالَماً يَسْــــــــتَتِبُّ فيهِ السّلامُ

كلُّ حَيِّ إلى الشَّـآمِ سَيَمْضِي   يحن يُقْضى، إنَّ السَّماءَ الشَّآمُ

*****

يا فــاتـح الأرض ميدانــاً لدولتـــه  صــارت بلادُك ميــداناً لكل قــوي

يا قــومُ هذا مســيــحـيٌّ يـذكّــركم  لا يُنهِض الشرقَ إلا حبُّنا الأخوي

فإن ذكرتـــم رســـول الله تكــرمة  فبلّغوه ســلام الشـــاعر القـــروي

يا حبذا عــهد بـــغداد وأنــدلــــسٍ  عــهد بــروحي أفدِّي عَودَهُ وذوي

من كان في ريبةٍ من ضَخْم دولته  فليتلُ ما في تواريخ الشعوب رُوي



فــتى الـهـيـجـاء لا تــعـتـب علينا  و أحسِن عذرَنا تحســنْ صنيعا

تــمـــرســــتم بــهـــا أيــام كنــــا  نمارسُ في سلاسلنا الخضوعا

فــأوقــدتـم لــهــا جـثـثــًا وهـامًـا  وأوقــدنـا المبــاخر والشـموعا

إذا حاولتَ رفعَ الضيم فاضرب  بسيف محمدٍ واهــجـر يســوعا

أحبــوا بعضــكم بعضًــا وُعظنا  بها ذئــبـًا فما نــجَّــت قـطـيـعـا

ألا أنـــزلـتَ إنــجــيـــلاً جديــدًا  يــعلـــِّمنــا إبـــاءً لا خــنــوعــا

أجِرنــا مـن عذاب النيــر لا من  عـذاب النـــار إن تـك مستطيعا

و يا لبنــان مــات بَنــوك مـــوتاً  وكنت أظـنَــّهم هجعــوا هجوعا

ألم ترهـــم ونــار الحرب تُصلى  كأنَّ دمـاءهـــم جمــدت صــقيعا

بــدت لك فــرصةٌ لتعيـــش حرًّا  فحــاذرْ أن تكـــون لــها مُضيـعا

و ما لك بعـــد هـــذا اليــوم يـومٌ  فإن لم تســـتـطـعْ لن تســـتطيـعا

  تَحَيَّــــرَ بي عَــدُوَّي إِذ تـجــنَّى  عليَّ فما ســـألتُ عن التجني

وقــــابلَ بـــينَ مـا ألقــــــاهُ منهُ  وما يَلْقى من الإِحســانِ مني

يبالِغُ في الخِصامِ وفي التجـافي  فأغرقُ في الأناةِ وفي التأني

أودُّ حــيـــاتـــَهُ ويـــودُّ مــــوتي  وكمْ بـيـــنَ التَـمَــني والتَجني

إِلى أن ضــاقَ بالبغـضــاءِ ذَرْعاً  وحسَــّنَ ظَنَّهُ بي حسـنُ ظني

عــدوي ليسَ هذا الشــهدُ شـــهدي  ولا المنُّ الذي استحليْتَ مني

فـــلي أمٌ حَــــنُـــونٌ أرضــعتــــني  لبانَ الحُبِّ من صَدْرٍ أحسـنِّ

عــلي بســـمَــاتِــها فتحــتُ عيــــني  ومن لَثمــــاتِــها رويتُ سِنِّي

كمـا كانـتْ تُنــاغيــــني أُنــــاغــــي  ومــا كانــتْ تُغَنيـــني أُغَـني

ســـَقانــي حُبـــُّها فــوقَ احتيـــــاجي    ففاض على الوَرىمافاض عني

رشيد ياسين – العراق

فلتعصـــــــف الريح وليحلو لك الأفقُ   ما دمتِ لي فحيـــــــاتي كلها ألقُ

من كان مرفأه عيناكِ إنْ عصــــــفتْ   هوجُ الرياح، فهل يخشى له غرقُ

ماذا أريد، وعندي الدفء تغمـــــرني   به يداك وعندي ثغـــــــرك العبقُ

ولي أضاقت بيَ الدنيا أم اتســـــــعت   ميعاد حبٍ يوافيني به الغســــــــقُ

يدنو فتســترجع الأشـــــــياء روعتها   ويضحك المرج لي والغيم والشفقُ

ونلتقي فكـــأن الأرض ما وُجـــــدت   إلا لنا، وكأن النــــــــاس ما خلقوا

وســـادنا العشـــــب والظلماء خيمتنا   ومن قناديلــــــها خداك والعـــــنقُ

إذا تعاقبت الســــاعات مســـــــرعة   لم ننتبه لخطاها وهي تســــــــترقُ

حتى نفيق وثوب اللّيـــــل دامـــــــية   أطرافه، وحسام الفجر يُمتشـــــــقُ

حبيبتي، إنـــــه الفردوس تفتـــــــحه   إلهة الحب للعشــــــــاق إن طرقوا

فهل يظل لـــــنا أم ســــــوف نتركه   يوماً على الرغم منا وهو يحتـــرقُ

أتنكــــــرين على قلبي هواجســـــه  أي المحبيــــن لا يعتــــــــاده القلقُ

وكيف لا أرى الدنيا وقســـــــوتها   ومن فؤادي على أظفـــــارها مزقُ

بلى، وعينيك، بي خوف يلازمـــني   كأنه بشـــــغاف القلب ملتصـــــــقُ

أخاف صحواً على بيداء موحشـــةٍ   قد غاب عني وعنها وجـــهك الألِقُ

ورحلة في خريف العمر يصحبني   فيها خيالكِ والحــــــــرمان والأرقُ

حبيبتي، تلك أشـــــــــباحٌ تعاودني   فعانقيني كطفــــــــل مســـــــه فرقُ

ولننــــسَ ماليــــــس يجدينا تذكره   ولننطلقْ حيثما تمضي بنا الطــــرقُ

يبقى الربيع ربيــــــعاً رغم أن له   يوماً ســـــــيذبل فيه الزهر والورقُ

*****

رفاعة الطهطاوي – مصر

يا مصرُ أنتِ أرضُ كل مُعجزه   كم فيكِ من آثار فخرٍ مُنجزه

قد عُدتِ كالعصــر القديم مُنتزه   لله إســـــــماعيلُ فيما أبرزه

في حيِّــــــز الوجودِ فوقَ الحدِّ   يدومُ فخـــــــره كما الأهرامْ

ولم يــــــزل يَقـــــرنُ بالتحــدِّي   بدايعاً صـــــــــحيحة المرامْ

يعيشُ إســـماعيلُ ربُّ المجــدِ   على مَدى الأجيـالِ والأعوامْ

ما أنــتِ إلا روضـــــةً بَهيَّــةً   شـــــمسُ عُلاك بالسَّنا زَهيَّهْ

بالنيل خصبُ أرضـك الزكيه   قد ســــطعتْ أخبارُك السنيهْ

*****

روضة الحاج – السودان

وتثقل بعدك الأيــــــام خطـــــواً   ويثقل كاهلي شوقاً وشــــــوقا

أحس كأن بعضي قد تهــــــاوى   وإن القلب بالأشــــجان شـــقا

لقيتك يا ربيع العمـــر عمـــــراً   وضعت لكي أضل أنا وأشـقى

وملء العين طيفــــــك أو أتاني   غدوت بساحل الأشواق غرقى

وملء السمع صوتك لو غشاني   نســـيت أجش صوت أو أرقا

وملء القلب أنت فويح عمـري   ترى بعد ارتحــالك كيف أبقى

وقبلك ما عرفت الدمع شــــوقاً   وها أناذا بدمع الشــوق أسـقى

أحســـك بين نبض القلب نبضاً   يضيء بمهجتي ومضــاً وبرقا

أحسك في دمي سحراً وعطراً   يناغم جاهـــــداً فيــــــــما تبقى

والمـــــح أذاري عينيك نفسي   أحدق فيهما صـــــــــاح فأرقى

إلى أفق من الأشــجان رحب   فأشــــفى ثم أشــــقى ثم أشــقى

أحقاً يا ربيع العمر يـــــــوماً   ســـــــتجمعنا دروب العمر حقا

*****

زكي مبارك – مصر

رويـــــدك أيها القلب   فقد أودى بك الحــبُّ

وقد أصبحت لا تسلو   فلو أمسـيت لا تصبو

وبين القلب والعيـــن   سجالاً كانت الحربُ

فتذكيـــــه ويبكيــــها   لعمرك إنه خطــــبُ

لقد أسـرفت في حبي  كذلك يفعل الصــــبُ

وأصفيت الهوى حبّاً  له من دله حجــــــبُ

فمنه الصــــــدّ البعد  ومني العفو القـــربُ

فلو عاتبته يــــــوماً   لزاد عناده العتـــــبُ

وقد راسـلته جهدي   فضاعت عنده الكتبُ

فصبراً أيّــها القلبُ  على ما يفعل الحـــبُّ

فكلّ مدله خـــــــلٌّ   وكل معشــــــق خبُ

فكن يا ســيدي برّاً   بصب ما له ذنــــــبُ

لئن ضـيعتني قلبي   فأنت الـروح والقلبُ

وإن آثرت إبعادي   ولم يشــفع لي الحبُّ

فإن عقابكم عــدلٌ   وإن عذابــــكم عذبُ

*****

مودةٌ لك لم أظفــــــر بزينتـــــها   تقطع القلب في آثـــــارها قطعا

وزادني كلفاً في الحبّ أن منعت   أحبّ شيء إلى الإنسان ما مُنعا



زياد آل الشيخ – السعودية

في قلبي الشهدُ كم من جرة كســـــرواً   وكم بقلبي رشـــــاً من دمِّها سَكِروا

غنَّوا له صــــوتُهم ريحٌ فما عزفــــوا   لحناً يدندنُـــــــهُ في حُزْنِــــــــهِ وترُ

خَطُّوا له، حِبْرهمْ ماءٌ، فما نقشـــــــوا   شـــــيئاً ليحفظهُ في جذعِهِ شـــــجرُ

ولا أضاؤوا فوانيســــــاً بســـــــاحتِهِ   ســـــــــقوهُ أعذبَ ما يبكي به حجرُ

وقطَّعـــــوا ما تبقَّى من ســــــــحابتهِ   وأشعلوا زيتَهُ من بعد أنْ ظهــــروا

ذاقوا وما ذقـــتُ إلا مـــــرّ قافيــــــةٍ   تحتَ اللسانِ وفي الفودين تســــتعرُ

العابـــــرونَ دمي مجْذَافــــــهم هدبي  المحرقون أغانيــــهم وقد عبـــــروا

حِنَّاؤهم من دمي فــــنٌّ ومن عنــــبي  كحْلٌ ومن مقلتي يُسقون ما عصروا

على ليالٍ مضــــــتْ من أيِّ نافـــــذة  نظرتُ شوقاً رأيتُ القلب ينكســـــرُ

فلا وقفتُ على أطـــــــلال ذاكـــــرةٍ  إلا تلألأ في أسْــــــــمالها أثــــــــرُ

ولا مررتُ بــــها إلا وفــاح لــــــها   شوقٌ ورفرفَ في أجْفانها ســــــفرُ

وما نســــجْتُ على أســــــتارها لغة  إلا وثقَّب في أســــــــــــتارها النظرُ

بكيتُ لن تبقَ من عيــــنيَّ زاويـــــةً  إلا لها دمعــــةً في الركن تنتظــــــرُ

ولا ســـــــرى بعدهم فكري براحلةٍ  إلا يُظَلِّلُهُ في ســـــــــيره ســـــــــهرُ

فإن تكسَّــــر كوبي كل ســــــوسنةٍ   كوبٌ وكلُّ هوى من بعدهم خطـــــرُ

غداً سـأمحو التضاريسَ التي نزلوا   وأدفن الــــماءَ والبئرَ الذي حفـــروا

نوارسٌ تركتْ في شــــــاطئي أثراً   لتَمحُــــهُ موجةً أو يُجِلِــــه مطـــــرُ

وزهرةٌ نَشرتْ في الصيفِ مهجَتها   يأتي عليـــها شــــــــتاءٌ ثم تنتحــــرُ

ونسمة أخطأت عنوانَ ســــــــاقيةٍ   لتلتقي دمعةً في الرمـــــلِ تنتشــــــرُ

أحلى الفراق فراقٌ لســـــتَ تفهمُهُ   كالغيمِ يأتي ظـــــــلالاً ثم ينحــــــدرُ

*****

سامي العامري – العراق

هو اللّيلُ ســــالَ الآن من جنبِ أدمعي  فَزَادَ إشتياقي للسِّــــفارِ فســــارعي

نعانـــــقُ مع الأحرارِ أمجــــادُ حزننا  جنائنَ ثُغري كلّ مرأىً ومَســــــمعِ

أنا المُجتَبى المنذورُ للموتِ في الهوى  وأنت الهوى فالموتُ مَوّالُ أضلعي

بــــــروقٌ تُهَلِّلُ بالثنـــــــاءِ فتنتشــــي  طلائعُ لُقيا في العـــــــراقِ فلا نَعي

تعالي فَمِن حولي البـــــروقُ مُغِيـــرةٌ   دُنىً تجعل الأخطارَ غايةَ مَطمـعي

ومِن أيـــــن للأســــرارِ كاتمُ دفئــــها   وسِــــــرُّكِ قُبــــلاتٌ تضيقُ ببُرقع

تَحَدَّثَ عنــــــكِ الحاســــــــــدونَ فَما   أجملَ الأطيـــــارَ حولَ المنـــــابعِ

وما هَمَّني ما دمتِ في أصــلِ مهجتي  ســـــيفترقُ الســـــمّارُ كُلاًّ لَتَقنعي

*****

سالم أبو جمهور القبيسي – الإمارات

دَع عَنـــكَ لُطفي وتقديـــــري وآدابي  هُنا صِراعُ القِوى والنَّــــابُ بالنَّــــابِ

دَع عَنكَ عقلي فلا عَقــــلٌ أحَكِّمُـــــهُ  الخوفُ فَوقي وحَولي زَحفُ إرهـــابِ

يا سيدَ الرُعبِ سَوطُ الصمتِ يجلدُني   فكيفَ أغفو على ألحــــانِ زريـــــابِ

لكَمْ تمنيتُ أنَّ الوردَ نَبــــتُ يَــــــدي   فأُنشِبَ الشَّــــوكُ في صدري وأهدابي

دوَّامةَ الشَـــــــرِّ أمْحَت كُلَّ قَافيـــــةٍ   مِنَ الغرامِ وأمْحَت لونَ أعشــــــــابي

يا سيدَ الرُعبِ هَلْ تَدري بما صَنَعَت   دوَّامةُ الشَــــــرِّ في قلبي وأحبـــــابي

لقد نَفَتني إلى الأدغـــــالِ مُنفـــــرداً   بلا صــــــديقٍ بلا قُـــوتٍ وأثـــــوابِ

فأصبحَ الشَّـــــوكُ ظِلاً أســـتَظِلُ بهِ   والخوفُ والصمتُ والتشريدُ أصحابي

يا سيدَ الجهَلِ هَلْ لا زلتَ تســــألُني   عَن رقَّةِ الشِّعرِ عَن شَـــــهدي وأكوابي

إنِّي أُفَتِّشُ عَن صَــــــــوتي وقافيتي   بينَ الأفــــــاعِي ذاتِ السُّــــــمِّ والنابِ

الشِّــــعرُ يحرقُ في الأدغالِ رَونَقَهُ   وَيَلْبَسُ المَــــــوتَ لا أقـــــــراط كُتَّابِ

وشاعِرُ الوردِ في الأدغالِ تلْبَسُــــهُ   رُوحُ الطرازانِ في زَهــــــوٍ وإعجابِ

أحلى القصائدِ صَــــــرخاتٌ مُدوّيَةٌ   تُرَوّعُ اللّيــــــلَ تُلغي سُــــــلطة الغابِ

*****

سالم المساهلي – تونس

دع عنكَ وصف الحبّ فهو لطافـة   ورهافة تســـمو على الخطراتِ

ولعلّــه الإلهـــــامُ أو هو فوقـــــه   أو أنّه قبـــــسٌ من البــــــركاتِ

فهو إشتعال الشكّ في قلب الظّمِي   ويقينُـــــه في حالِكِ الظّلمـــــاتِ

وهو إعتدالُ الوردَ يهفو للنّــــدى   عبقاً ويلثمُ عابـــــرَ النّســــــماتِ

وهو إكتمالُ البدرَ يومئُ هامســاً   للأرض في فيضِ من الومضاتِ

كم من فؤادٍ ذاقَ عذْب عـــــذابه   كم من شــعور ذاب في الورقاتِ

فُزْ باغتنـامِ الصّمتِ دونَ لَجاجةً   في حضرةِ العشـــــاقِ والسبَحاتِ

أقصى إجتهادي أن أقول مشبِّهاً   لكنـــه التشــــــبيه بالشــــــــبُهاتِ

رقت معانيـــــه ودق كأنــــــما   يوحَى بلا رســــــلٍ ولا آيـــــــاتِ

*****

سعاد الصباح – الكويت

جنتي كوخٌ وصـــحراءٌ ووردُ  وحبيب هو لي ربٌ وعبـدُ

وصـــــباحٌ شــــــاعريٌ حالمٌ  أتغنَى فيه بالحبِّ وأشــــدو

وأردُّ القيـــــدَ عن حريـــــتي  كاذبٌ من قال إن الحبّ قيدُ

يا لعينيـــــه، ويا لي منهــــماً  فيهما دفءٌ وإشراقٌ وسـعدُ

ها هي الصــحراء ملكي وأنا  وحبيبي بالأماني نســـــــتبدُّ

أجعلُ الرمل قصــــوراً، وأنا  بذُراها في جلالِ الملكِ أبدو

وأرى الصـــبار أجلى زينتي  فهو لي تــاجٌ وخلخال وعِقْدُ

وأرى القفر رياضاً غضّةً أنا  فيها ظبية تلهــــو وتعـــــدو

يــا حبيبي، هــذه أحلامـــــنا  آهِ لو يَصدِقُ للأحــــلامِ وعدُ

*****

سعد الياسري – العراق

نَاوشْ جُنُـــونَكَ، جَاءَ حَرْفِيْ لِيَتْبَعَــــكْ   وَأشْــدُ كَنَاي بالْقَصِيدِ لأسْـــــــمَعَكْ

وَاِحْبِسْ - إذَا شئْتَ – السَّــحَابَ مُكَبَّلاً   وَاَمْطِرْ فَمَا خُلِقَ الرَّبَابُ لِيَرْدَعَــكْ

وَانْثُرْ دِمَاءَكَ فَوْقَ سَـــــــــطْر تَغَرُّبِي   وَاُنْظُرْ يَقِينِي كَيْفَ يَحْنُو لِيَجْمَعَــكْ

وَااصْرَخْ (غَريبٌ) كَيْ يُضَمِّدَكَ المَدَى   هَذَا عِرَاقُكَ مَا قَـــلاكَ وَ وَدَّعْــــكْ

قَالُوا: تَحَـــــــزَّبَ، كُلُّ يَوْمٍ عُصْــــبَةٍ   قُلْنَا: تَآخَى، لسْـــتُ أغْفًلُ مُمْرِعَكْ

يَا غُرَّةَ المَعْنَى، حَمَلْتُــــــكَ آيَــــــــةً   أنَّى أسِيرُ يَجُوبُ صَوْتٌ: مَنْ مَعَكْ

فَأقُولُ فِي جَيْبي يُقِيــــــمُ صَـــــــلاَتَهُ   وَيَثُورُ شَـــيْطانُ اللِّحَى كَيْ يَمْنَعَكْ

جَفِلاً، رَنَوْتُ إلى (المَســـيح وَصَلْبهِ)   فَعَلِمْتُ أنَّ المَوْتَ مُنْذُكَ شَـــرَّعَكْ

وَعَلِمْتُ أنَّ المَاءَ ثَرْثَــــــرَةُ (المَطَرْ)   (أُنْشُودَةٌ) هَبَطَتْ عَليْكَ لِتُرْضِعَــكْ

وَقِيَامَـــةَ النَّائِيــــــنَ حَقٌ، مِثلــــــمَا   لاَذَتْ بقبْركَ غَيْمَة كَيْ تَرْفَعَــــــكْ

(غَيْلانُ)، يَلْتُّــــــمُ رَاحَتَيْـــكَ، وَ لَيْلُهُ   فِي بَحَّةِ الفَانُـــــوسِ تَاهَ وَ أوْدَعَـكْ

(جِيكُورُ)، تَسْـــتَقْصِي اللُّحُودَ ثكُولة   وَغَفَا (الْبُوَيْبُ) بعَبْرَتَيْكَ لِيَزْرَعَــكْ

وَ(المُوْمِسُ العَمْيَاءُ) فَاضَ صُرَاخُهَا   وَ(الدَّاءُ فِي دَمِهَا وَ فِي فَمِهَا) دَعَكْ

وَ أنَا وَحِيـــــدٌ بينَ فَقْـــــدِكَ وَالنَّوَى   أوْثَقْتُ عَهْدَكَ مُخْلِصاً: لَنْ أخْلَعَكْ

نَمْ، والسَّـــــلامُ عَليْكَ يَــــوْمَ وَهَبْتَنَا   حُزْناً مَجيداً بالنُّبُــــوَّةِ رَصَّـــــعَكْ

*****

سعود الصاعدي – السعودية

لا تعذليــــه فقــــد أودى بـــه الأرقُ  ولا تلومي مُحباً ضمّه الغسَـــــــقُ

طغت عليه بنـــــات الفكر، وانفتقت  قريحة الشعر، فالأبيات تســــــتبقُ

تناثرت في طروسٍ من صـــــحائفهِ  كما تناثر فوق السبســـــــب الغَدِقُ

تفتَّقـــت منه أزهــــار الرُبى وبكت   بمدمع الشوق في أكمامها الحُــدُقُ

لا تعذليـــــه ففي أحشــــــائه ألــــمٌ   يروي ســـــباسبه ما ضمّه الورقُ

ولا تقولي: رفيق اللّيل في كبَــــــدٍ   فهل تداوي سجين الأحرف الخِرَقُ

دعيه حتى إذا ما ديمــــة هطلـــت   لينبت الفلّ والريحـــــان والحَبَـــقُ

ولا تقـولي فتىً تغـــــريه فاتنـــــةً   غيداءُ ينضــح منها الطيّبُ العَبـــقُ

ظريفة كاعبٌ فِي ثغــــرها بَــــرَدٌ   تبدي ســــــناه لٌماها وهي تنفتــــقُ

حوراءُ تنفث سحراً من محاجرها   ميّـــــــاسة القدّ يهواها الفتى النَزقُ



سعيد عقل – لبنان

شـامُ يا ذا السَّــــيفُ لم يَغب  يا كَلاَمَ المجدِ في الكُتُـــبِ

قبلكِ التّاريـخُ في ظُلمــــــةٍ  بعدَكِ استولى على الشُّهُبِ

لي ربيـــعٌ فيــــكِ خبَّأتُــــهُ  مِلءَ دُنيـــــا قَلبيَ التّعِــــبِ

يومَ عَيناها بسـاطُ السَّــــما  والرِّمَاحُ الســودُ في الهُدُبِ

تلتوي خَصـراً فأومي إلى   نغمةِ النّـــاي ألا انتَحِــــبي

أنـا في ظِلّكَ يا هُدبَـــــــها  أحسُــــــبُ الأنجُمَ في لُعَبي

طابتِ الذكرى فمَنْ رَاجِعٌ  بي كما العودُ إلى الطـــربِ

شـــامُ أهلوكِ إذا همْ على  نُـــــوَبٍ، قلبي على نُــــوبِ

أنا أحبابيَ شِـــــعري لهمْ مثلما سَــــيفي وسَـــــيفُ أبي

أنا صَــوتي مِنكَ يا بَرَدى مثلما نَبعُــــك مِن سُــــــحُبي

ثلجُ حَرْمُونَ غَذَانَـــا مَعاً  شــــــــامِخاً كالعِزِّ في القُبَبِ

وَحَّدَ الدُنيـــا غَداً جَبَــــلٌ  لاعِبٌ بالرّيـــــحِ والحِقــــبِ

*****

سائليني، حينَ عطّرْتُ السّــلامْ،   كيفَ غارَ الوردُ واعتــــــلَّ الخُزامْ

وأنا لو رُحْتُ أسـتَرْضي الشَّذا   لانثنى لُبنانُ عِطْـــــراً يا شَــــــــامْ

ضفّتاكِ ارتاحَتا في خاطِـــري   واحتمى طيــــــرُكِ في الظّنِّ وَحَامْ

نُقلـــةً في الزَّهرِ أم عنـــــدَلةً   أنتِ في الصَّــــــحو وتصفيقُ يَمَامُ

أنا إن أودعْتُ شِعْري سَـكرَةً   كنتِ أنتِ السَّــــكبَ أو كُنتِ المُدامْ

ردَّ لي من صَــبوتي يا بَرَدَى   ذِكرَيـــــــــاتٍ زُرْنَ في ليَّا قـــوَامْ

ليلة ارتاحَ لنا الحَــــــورُ فلا   غُصنٌ إلا شَــــــج أو مُســـــــتهامْ

وَجَعَتْ صَفصَافةً من حُزنِها   وَعَرى أغصَانَها الخُضرَ سَـــــقامْ

تقفُ النجمة عَن دورتِــــــها   عندَ ثغــــــــرينِ وينهارُ الظــــلامْ

ظمأَ الشَّرقُ فيا شــامُ اسكُبي   وامــــــلأي الكأسَ لهُ حتّى الجَمَامْ

أهلكِ التّــــاريخُ من فُضْلتِهم   ذِكرُهم في عُروةِ الدَّهرِ وسَــــــامْ

أمَويُّــــــونَ، فإنْ ضِقْتِ بهم   ألحقوا الدُنيا بِبُســــــتانِ هِشَــــــامْ

أنا لســــــتُ الغرْدَ الفَرْدَ إذا   قلتُ طاب الجرحُ في شجو الحمامْ

انا حَسْــــــبي أنّني مِن جَبَلٍ   هو بيـــــن الله والأرض كــــــلامْ

*****

طالتْ نَوَىً وَبَكَى مِن شَــــوْقِهِ الوَتَرُ   خُذنِي بعَينَيكَ وَاغرُبْ أيُّها القَمَــرُ

لم يَبقَ في اللّيلِ إلا الصّوتُ مُرتَعِشاً   إلا الحَمَائِمُ، إلا الضَـــــائِعُ الزَّهَرُ

لي فيكَ يا بَرَدى عَهــــدٌ أعِيــــشُ بهِ  عُمري، وِيِسـرقُني مِن حُبّهِ العُمرُ

عَهدٌ كآخر يومٍ في الخريـــــفِ بكى   وصـــاحِباكَ عليهِ الريحُ والمَطرُ

هنا التّرَابــاتُ مِن طِيبٍ ومِن طرَبٍ   وَأينَ في غَير شامٍ يُطرَبُ الحَجَرُ

شــــــامُ أهلوكِ أحبابي، وَمَوعِـــدُنا   أواخِرُ الصَّيفِ، آنَ الكَرْمُ يُعتَصَرُ

نُعَتِّقُ النغَمَاتِ البيضَ نَرشُــــــــفُها   يومَ الأمَاسِي، فلا خَمرٌ ولا سَـهَرُ

قد غِبتُ عَنـــهمْ وما لي بالغيابِ يَدٌ   أنا الجَنَاحُ الذي يَلهو به السَّــــــفَرُ

يا طيِّـبَ القلبِ، يا قلبي تُحَمِّــــلني   هَمَّ الأحِبَّةِ إنْ غَابــوا وإنْ حَضِروا

شَـــــــامُ يا ابنة ماضٍ حاضِرٍ أبداً   كأنّكِ السَّــــيفُ مجدَ القول يَخْتَصِرُ

حَمَلتِ دُنيا على كفَّيـــــــكِ فَالتَفَتَتْ  إليكِ دُنيا، وأغضَى دُونَك القــــــدَرُ



مـــــر بي يــــــا واعداً وعــــــداً  مثلمـــــا النســـــــمة من بردى

تحمـــــــــل العمــــــر تبـــــــدده   آه مـــــا أطيبــــــه بــــــــــددا

رب أرض من شـــــــذا ونـــدى   وجراحــــــات بقلــــــب عدى

ســـــــكتت يوماً فهل ســــــكتت؟  أجمل التاريــــــخ كان غـــــدا

واعدي لا كنت من غضـــــــب   أعرف الحبّ ســــــــنى وهدى

الهــــــوى لحــــــظ شــــــــامية   رق حـــــتّى قلتــــــه نفـــــــدا

هكذا الســــــيف ألا انغمـــــدت   ضربة والســــــــيف ما انغمدا

واعدي الشـــــــمس لنا كـــــرة   إن يــــــد تتعــــــب فناد يــــدا

أنا حبي دمعـــــة هجــــرت أن   تعــــد لي أشـــــــــعلت بردى

غنيت مكــة أهلـــها الصــــــيد   والعيد يملأ أضلعي عيــــــــدا

فرحوا فلألأ تحت كل ســــــما   بيت على بيت الهدى زيــــــدا

وعلى اســــــم رب العالميـــن   علا بنيانه كالشـــــهب ممدودا

يا قارىء القــــرآن صــــل له،  أهلي هناك وطيب البيـــــــــدا

من راكع ويداه آنســـــــتا، أن   ليس يبقى الباب موصـــــــودا

أنا أينما صلى الأنــــــام رأت   عيني الســــــماء تفتحت جودا

لو رملة هتفــــت بمبدعـــــها   شجوا لكنت لشـــــجوها عودا

ضج الحجيج هناك فاشـــــت   بكي بفمي هنا يغر تغريــــــدا

وأعـــــز رب الناس كلــــهم   بيضاً فلا فرقت أو ســــــــودا

لا قفرة إلا وتخصــــــبها إلا   ويعطي العطــــــر لا عـــــودا

الأرض ربي وردة وعــدت   بك أنت تقطف فإروي موعودا

وجمال وجهك لا يزال رجا   ليرجى وكل ســـــــواه مردودا

*****

قرأتُ مجـــدَكِ في قلبي وفي الكُتُــــبِ   شَـــــامُ، ما المجدُ؟ أنتِ المجدُ لم يَغِبِ

إذا على بَـــــرَدَى حَــــــــوْرٌ تأهَّل بي   أحسسْتُ أعلامَكِ اختالتْ على الشّهُبِ

أيّــــــامَ عاصِــــــمَةَ الدّنيا هُنا رَبطتْ   بعَزمَـــــتي أمَـــــويٍَ عَزْمَةَ الحِقـــبِ

نادتْ فَهَـــــبَّ إلى هِنــــــدٍ وأنــــدلُسِ   كَغوطةٍ مِن شَــــــــبا المُرَّانِ والقُضُبِ

خلَّتْ على قِمَمِ التّــــــاريخ طابَعَـــــها   وعلّمَــــــتْ أنّهُ بالفتْكَـــــةِ العَجَــــــبِ

وإنّما الشعرُ شــــــرطُ الفتكةِ ارتُجلت  على العُـــــــلا وتَمَلَّتْ رفعَةَ القِبَــــــبِ

هذي لها النصـرُ لا أبهى، فلا هُزمت   وإن تهََدّدها دَهــــــــــرٌ منَ النُــــــوَبِ

والإنتصـــــارُ لعَالي الرّأس مُنْحَتِــــمٌ   حُلواً كما المَوتُ، جئتَ المَوتَ لم تَهَبِ

شَامُ أرضَ الشّهاماتِ التي اصْطَبَغَتْ   بعَنْدَمِيٍّ تَمَتْهُ الشّـــــــمْسُ مُنسَــــــكبِ

ذكّرتكِ الخمسَ والعشـــــرينَ ثورتها   ذاكَ النفيرُ إلى الدّنيا أن اضْــــــطربي

فُكِّي الحديدَ يواعِدْكِ الألى جَبَهــــــوا   لدولةِ السّيفِ سَــــــــيفاً في القِتالِ رَبي

وخلَّفوا قاســــــــيوناً للأنــــــــامِ غَداً   طُوراً كَسِـــــــــيناءَ ذاتِ اللّوح والغلبِ

شَــامُ...لفظُ الشـــــامِ اهتَزَّ في خَلَدي   كما اهتزازُ غصـــونِ الأرزِ في الهدُبِ

أنزلتُ حُبَّــــكِ في آهِي فشـــــــدَّدَها   طربْتُ آهاً، فكُنتِ المجـــــــدَ في طرَبي

*****



سلمان فراج – فلسطين

أفضُّ جواريــــري وأنفِضُ مغْزلي   على شجنٍ من موسمِ الشــــوق مُثقلِ

أنفضُ عن عشـــــقي خطاياي كلها   وأمســــــــحُ عن عيْنيَّ ظلَّ التَّراحُلِ

لعلَّ خطاباتي تّشِــــــــــفُّ حروفها   وَعَلي...وَعَلي يُســـعف الهمَّ معولي

وعلَّ شؤوني تسعفُ الكأسَ إن تَثبْ   فلا الغيمُ أرواني ولا خف كاهــــلي

ولا غِلهُ الأيـــــــام تُطفئُ غُلَّـــــتي   ولا النَّهَمُ العاتي أجاز شــــــــواغلي

تحارُ مشــــاويري على كل مَفرَق   ويبطئُ في عينيَّ شــــــوقُ المجاهل

وَيُقْعي الزمانُ الهشُّ، يُسْفرُ وَجْهُه   وتُفصحُ أســــــــفاري ورجْعُ قوافلي

هشـــــيم يُريبُ القلبَ والعينَ همُّهُ،  وشوق يحثُّ الخطوَ، في كل مفصَلِ

أنا مِن زماني نكهة لم يضــق بها   إطـــارٌّ، ولم تهرعْ عَرَاءً لِما يـــــلي

أسائِلُ عن درب، وأشْــرعُ همَّتي،  وأدرأ آفـــــــاتي بغيــــــر تَجَـــــــمُّلِ

زمن يكُ خِلواً فَلْتَهمَّ حَصـــــــاتُهُ،   فما شَـــــــغفُ الأيام غيرُ التبـــــــدُّلِ

*****

سليمان العيسى – سورية

هتفت بالشـــــــــعر استســــــــقيه قافــــــية حمراء فانفجرت في أضـــــلعي الحمم

ولاح موكـــــــبي الماضـــي بجبهــــــــــته عض القيود ولسع الســـــــــوط يرتسم

وعامل أســـــــــــمر الزندين منتفــــــــض في كوخه ما يشــــــــــاء البؤس والعدم

وقبضة فوق محـــــــراث مشــــــــــــــققة حصادها الجوع بعد الكد والســـــــــــقم

وناحــــــــــــــب ورم الأدواج أفقــــــــــده بقية الرشــــــــــد أن يســـــــتيقظ الخدم

هتفت بالشـــــــــــــعر فازور الهوى حردا ونــــــــاء تحت هزيـــــــــم اللفظة القلم

وأطرق الوتـــــر الهـــــــــدار لا ظــــــمأ إلى النشــــــــــــيد بعينيه ولا نــــــــــهم

وتمتمت همســــــــة في الصــــدر محرقة متى وقد هيئ الميــــــــــــــدان نلتــــــحم

يا موكب النـــــــــــور من آلام أمتــــــــنا ودمعـــــــــها ودمــــــــــاها وهي تقتحم

أي الأماني على جنبيـــــــك هــــــــــادرة وأي عبء على متنيـــــــــك يزدحــــــم

رافقت دربك طفـــــــلاً والهــــــوى لهب والدرب في كل خطـــــو شـــــــوكة ودم

رافقت دربــــك لم نخطئ رســـــــــــــالتنا يوماً ولم نجترح في العهــــد ما يصـــــم

ما زلت أذكـــــــرها في الشـــــــام قافلة من الجيــــــــــاع وما زال الرفــــــاق هم

نامـــــــــوا عـــلى الأرض أرض الشعب فامتزجت بلحمهم ثورة في الشعب تحتدم

وعضنا الجوع فاقتتـــــــــنا ببســـــــمتنا وهدنا البـــــرد لم ترعش بنــــــا قـــــــدم

هذي الصخور ســــــــلكناها على ثقــــة أنا عليـــــــــــها ولم نندم ســـــــــــننحطم

للمعول الصلد عهـــد في ســـــــــواعدنا أن لا يرد وفي ســـــــــــاحاتنا صــــــــنم

يا موكب النور لن نلـــــــوي أعنتــــــنا  فاهدر منى الجيل في جنبيك تضــــــطرم

الكأس عاملـــنا الظامي ســـــــــيرشفها  والظل فلاحنا الضـــــــاحي ســـــــــيقتسم

ونحن من شـــــــاطروا الأنعام مرقدها  في الطين نحن صـــــــــــباح الثورة الأمم

أنظر فما انتثرت في الريــــــــح زمجرة  ولا محا الشـــــــــــــمس لما أشرقت غمم

الســـــــالخون جلود الشـــــــعب أفقدهم  بقية الرشـــــــــــد أن يســــــــــتيقظ النعم

وأن يشــــــــــق عبيد الأرض طاعتهم  وأن تحـــــــول عن الأعناق رجلـــــــــهم

ويرفعون قـــــــلاع البغي شــــــــاهقة  كل القلاع وإن عــــــزت ســـــــــــــتنهدم

ويهمس الســــاعد المعروق في وطني  حتى م تلـــــــثم رجـــــــل الذابــــــــح الغنم

حتى م تبقى قبــــــــاب الطين مقبــــــرة  وأســـــــــرتي أســــــرتي في جوفها ردم

إلى متى يتغـــــــذى الداء مرتعشـــــــاً  طفلي ومن قبضــــــــــــتي الرزق والنعم

والأرض أرضي التي نضـرتها بدمي  أليس لي في زوايــــــــا جفنــــــــــها حلم

نحن الحفاة لنا في الشمس حصتنا في  النور في الترب في العرش الذي اقتسموا

لنا رغائب لو شـــــقت مقابـــــــــرها  تعطر الســــــــــفح بالإبــــــــــداع والقمم

نحن الحفاة أضأنا الأرض مســـرجة  على الجمال وصـــــــــغنا الدهر ولو علموا

ويهدر الزورق النشــــــــوان منطلقاً  ويلعق المـــــــــــــوج جنبيه ويلتـــــــــطم

*****

بحنايـــــا المزهر أنشــــــــودة  ذكرى من حـــولك مقدودة

وأكاد أراهــــــــا مـــــــردودة  بصدى كالمزن المنهمـــــر

في أرض عطشى مفؤودة

عد بي لمقيلك في الشـــــــــام   نفس التنبــــــاك وأحلامي

وشــــــــرود عبر الأيــــــــام   وخواطر تغيير البشـــــــر

ومخطط إنسان سامي

للجســــــــر ومقهاه الهــــرم   طيف في الخاطر لم يـــرم

صور تنســـــــال على قلمي   شـــــــعراً لو مر على وتر

لتفجر نبع من نغم

إن عجت على المقـهى فقف   وتجاه الســــــــاقية انعطف

كرســـــي القش على طرف   وخيوط من ضــــوء القمر

وسلام الزهد على الترف

اجلس تســــــــبقك النرجيلة   وأبو عدنـــــــان فتى حيلة

ولقد تعييـــــك التشـــــــعيلة   وترنق نارك فاصــــــطبر

فلكل عسير تذليلة

ومع النفثــــات المـــــــــوارة   يجلو المتأمــل أفكـــــــاره

ويصــافح قلب أســـــــــراره   فإذا هو في لـــــج الفكــــر

نغم يتلمس أوتاره

أجلس لا تشـــــك الضوضاء  من راح هناك ومن جــــاء

أتحس برأســـــــك أعيـــــاء   جدد تنباكك ينحســـــــــــر

وتأمل ثم الأحياء

حســــــــــــناء ومنديل شف   وفتى بالفاقـــــة ملتــــــف

وخطى تمضي وخطى تقفو   وصفاء الأفق مدى البصر

ونداء الحب ألا تهفو

ســـــمراؤك والغزل العبق   من ثغــــــر الله به ألــــق

والليل وكأس تصــــــطفق   حدثني عن باقي الخبـــــر

في نارك لم يبرح رمق

لا تبرح مقهانا الهـــــرما   أهوى فيه حتى الســـــــأما

أهواه ألم يك مزدحـــــماً   بالمرهق مثلي والضـــجر

وبمن حرموا إلا الألما

*****

سميح القاسم – فلسطين

من رؤى الأحلام في موسمٍ خصبِ   ومن الخَيْبةِ في مأســــــــــاةِ جدْبِ

من نجومٍ سهرت في عرشــــــــها   مؤنســـــــاتٍ في الدّجى قصة حبِّ

من جنون اللّيـــــل..من هــــــدأتهِ   من دمِ الشّمس على قطنة سُـــحْبِ

من بحار هــدرتْ..من جــــــدولٍ   تاهَ..لم يحفـــــل به أيُّ مَصَــــــبِّ

من ذؤابــــــات وعــت أجنـــــحة   جرفتـــــها الريح في كل مهــــــبِ

من فراش هامَ في زهر وعشــبِ   ونسورِ عشقت مســــرحَ شُــــــهبِ

من دُمى الأطفال..من ضـحكاتهم   من دموع طهّـــــــــرتها روحُ رَبِّ

من زنود نسّقتْ فردوســها دعوةً   فضـــــلى على أنقاض حـــــــــربِ

من قلوب شعشعت أشــــــــواقها   شُـــــــعلاً تعبرُ من رحب لرحـــبِ

من عيون ســـــــــمّمت أحـداقها   فوهةَ البركان في نظره رعــــــــبِ

من جراحات يضـــــرّي حقـدَها   ما ابتلي شعبٌ على أنقاض شـــعبِ

من دمي..من ألمي..من ثـورتي   من رؤاي الخضر..من روعة حبّي

من حياتي أنتِ..من أغــــوارها   يا أغـــــــانيَّ! فـــــرودي كل دربِ

*****

عيناك!!.. وارتعش الضياء بسحر أجمل مقلتينْ

وتلفّتَ الدربُ السعيد، مُخدّراً من ســــــــكرتينْ

وتبـــرّجَ الأفُقُ الوضيء لعيد مولد نجمتــــــينْ

والطير أسكتها الذهول، وقد صدحتِ بخطوتينْ

والوردُ مال على الطريق يودّ تقبيل اليـــــــدينْ

وفراش تاهت إلى خديـــــك..أحلى وردتــــــينْ

ثم انثنيت للنـــــــور في عينين..لا..في كوكبينْ

ونُحَيْلةً همْتْ لتمتص الشـــــــــذى من زهرتينْ

رحماك!..ردّيـــــــها..ولا تقضي بموتي مرتينْ

فأنـــــــا..أنـــا دوّامة جُنّت ببحـــــــرٍ من لُجينْ

أصبحتُ، مذ نادى بعينيك الســــبيل..كما ترينْ

سُـكْرٌ غريب الخمر..منكِ..اجتاحني قلباً وعينْ

ماذا؟..أحُــــــلماً ما رأى..أم واقعاً..أم بين بينْ

يا طلّة الأســــــــــحار قلبي ذاب في غمّازتينْ

وثوى هنالك ناســـــــكاً، ما حمّلَ المعبودَ دَينْ

يا حلوة العينين، إنكار الهــــــوى زورٌ، ومَيْنْ

فتشـــــــجّعي..وبقبلةٍ صـــــغرى أبيعك قبلتينْ

وتشــــــجّعي..والحبّ يخلقُ هيكلاً من هيكلينْ

إن تعطني عينـــــاكِ ميعاداً ألمّ الفرقـــــــــدينْ

أيكــــون من حظي لقاءٌ يا ترى؟ ومتى؟ وأينْ؟..

*****

هنا..في قرارتـــــــنا الجائعة  هنا..حفرت كهفـــها الفاجعهْ

هنا..في معالمنا الدراســــاتِ  هنا..في محاجــــرنا الدامعهْ

نَبوخَذُ نصّرُ والفاتحــــــــون  وأشـــــلاء رايتنا الضـــائعهْ

فباسمكَ يا نســــلنا المرتجى  وباسمكِ يا زوجنا الضارعهْ

نردَّ الزمان إلى رشـــــــــده  ونبصق في كأسه الســــابعهْ

ونرفع في الأفق فجر الدماء  ونلهمه شــــــــمسنا الطالعهْ

*****

سيد قطب – مصر

عجــــــبٌ خفقــــــكَ يا قلبيَ في  هذه الأضــــــــلع من بعد الخفـــــوت

أو ما زلت إذن لم تشــــــــــتفِ   من حنين فيــــــك حيّ لا يمـــــــوت

أو ما زال إذن نبـــع الحيــــــاة   لم يغُض فيك ولم ينضـــــــــب معينه

ربـما فاض على تلك الفــــــلاة   في فؤاد مقفــــــــر جفّت غصـــــونه

طال عهــــدي أيـــــها القلب به   ذلك الخفـــــــــق الذي ذكّرتنيـــــــــه

ذلك الخفــــق الذي لا ينتــــهي   حيث يسري الشــــــــــعر كالتيار فيه

كم ربيع مـــــــرّ يتلـــــوه ربيع   وفــــــــــؤادي في خريـــــــفٍ راكدِ

هامدُ الإحساس جاثٍ بالضلوع   في حيـــــــــاة ذات نمـــــــــطٍ واحد

وحرمت الحس، حتى بــــالألم   والندى حتى بتســـــــــــكاب الدموع

إيهِ ما أقفرَ إحســــــــاس العدم   والأماني راكـــدات في القنــــــــوع

هات يا قلب من النبض القوي   وتفتّح كل يـــــــــــوم عن جديـــــــد

لم يزل في جعبة الكون الغني   ما يغذيـــــك بأحــــــلام الوجـــــــود

وإذا لم تســـــتطع فاخلق حياةً   من شخوص الوهم أو طيف الأماني

ومن الحب، وما صاغت يداه   من جحيـــــم يتلــــــظ أو جنــــــــان

*****

شفيق جبري – سورية

رجعـــت طرفي إلى الماضي فأرقني   يـــــــــــوم بجلق فتاك بأهليـــــــها

أكاد أنســـــــى على الأيـــــام روعته   لولا تهاويل من ذكرى أناجيــــــها

وكيف أبعثـــــها والتــــــــرك جيرتنا..   ما بيننا اليــــوم أضغان نقاســـــيها

فنحن في الشـــــــرق إخوان تؤلفـــنا   هذي الجراح وقد ســـــالت دواميها

عداوة الترك كانت أمس واشـــــــجة   تجري الدماء على أطراف مُجريها

واليـــــــوم أنقرة ماجت مواكبــــــها   بفيصلٍ واحتفى بالعرب غازيـــــها

ويح الســــــــياسة ما أخفى مساربها   على العيون وما أقصى نواحيـــــها

في كل يــــــوم أســــــــــاليب ملونة   بحائر اللون تخفيــــــها وتبديــــــها

قضى الحسينُ فهاجت في خواطرنا   ذكرى الحسين مُنىً فَســـحاً مراميها

*****

فأين مُلكُ ســـــــكبنا في فتوّتــــه   دمــــــــــاً فكان الملك تمويــــــها

يا يوم فيصل طاح التاج وانقلبت   تلك المنى، وطوى الآمال طاويها

وللشــعوب عظات في غوابرها   تهيج روح المعالي في بواقيــــــها

*****

حلم على جنبات الشــــــــــــام أم عيد  لا الهم هم ولا التسهيد تســــــهيد

هل تكــــــذب العين والرايــــــات خافقة   أم تكذب الأذن والدنيا أغاريـــــد

كــــأن كل فـــــــؤاد في جلائـــــــهم   نشـــــــــوان قد لعبت فيه العناقيد

ملأ العيــــون دموع من هناءتــــــها   فالدمع در على الخدين منضـــود

على النواقيس أنغــــــام مســـــــبحة   وفي المآذن تســــــــــبيح وتحميد

لو ينشـــــد الدهر في أفراحنا ملأت   جوانب الدهر تســـــــبيح وتحميد

ليت العيون صـــــلاح الدين ناظرة   إلى العــــــدو الذي ترمي به البيد

أضـــــــرب بعينك هل تلقى له أثر   كأنه شـــــــبح في الليل مطـــرود

يا فتية الشـــــــــــام للعلياء ثورتكم   وما يضـــــــيع مع العلياء مجهود

جدتم فسالت على الثورات أنفسكم   علمتم الناس في الثورات ما الجود

*****



شكيب أرسلان – لبنان

أســــــائَلُ دَمعي هَل غَدَوتَ مُجيبي   إذا شِــــــئتَ أطفى حُرقتي وَلهيبي

وَهَيهاتَ أن يَقوى عَلى النارِ صيبِ   وَريـــــحُ الرَزايــــا آذَنَت بهُبـــوبِ

لئِن بَكَتِ الخَنســــــــاءُ صَخراً فَإنَّهُ   لقد باتَ يَبكي الصَخرُ طولَ نَحيبي

يَقولونَ لي صَــــبراً فقد ذُبتُ لوعَةً   وَما ذوبَ مِثلي في الأســى بعَجيبِ

أأحسَـــــبُ قلبي مِن حَديدٍ وَإن يَكُن   فَكَم مِن شَـــــــــــرارٍ لِلحَديدِ مُذيبِ

*****

صالح جودت – مصر

أتوب وأدعـــــــو وأســــــــتغفر   وأخلــــص لله ما أضـــــــمر

وأســـــــتعجل الله يـــــوم المآب   ويوم خلائقـــــــه تنشــــــــر

إذا قيل موعـــــده الغوطتــــــان   ومــــوقع جنتــــــه دمـــــــر

تفجر من نهـــــره السلســــــبيل   وضـــــوع من ليله العنبــــر

ومرت يـــــــــد الله فوق روابيه   تنمي الكــروم وتســـــــتقطر

وتجعـــــــل من بردى دنــــــها   وتســـــــكب فيه الذي تعصر

فيا لك نهـــــــــراً إليه نحــــــج   ويا لك خمراً بها نســـــــــكر

فديتــــــك بـــــــردى ما جريت   تغنيت بالحــــــب إذ تهــــدر

تحب عيونك ســــــحر العيون   وتحســــــد رونقـــــك الأنهر

على درجاتك طـــــــاب الربيع   وطاب بك الصحب والمعشر

أكان الملائـــــك إلا ذويـــــــك   وهم فلق الصــــــبح أو أطهر

لهم همـــــة تتحــــــدى الزمان   وعزم على الدهر لا يقــــــهر

كم أنسربوا في شـعاب الوجود   وكم علموه وكم عمـــروا

وكم أزَّ من جهودهم مصـــــنع   وكم عــــز من كدهم متــــجر

دمشـــــــق وماذا تكون الجنان   ســــواك إذا أذن المحشـــــــر

وما الفتن الحـور إلا بناتــــــك   والســــــحر فيهن لا يفتـــــــر

فديت التي طلعت كالبشـــــائر   والشــــــــــهد من ثغرها يقطر

وهش لي البــــــــرد اللؤلـؤي   وبش لي الكـــــرز الأحمـــــر

وطالعني الورد ورد الشــباب   وداعبني الفاتـــــن الأحــــــور

وأنت في حيناً تخطر

وقلبي هناك على الشـــاطئين   من النيل يســــــحره المنظــــر

يحلق من بـرج بنت المعــــز   فيبهـــــــره ما بنى جوهــــــــر

وتسحره لمعات المآذن

ويأخذه التيـــــه مـن فتيــــــة   بناؤهم الهــــــــرم الأكبـــــــــر

وتصــــــبيه معجـزة الأولين   وما خلـــــدت فنه الأقصــــــــر

*****

صابر عبدالدايم يونس – مصر

يا سيدي، والشــمس بعض ضياكا   هل تطفئ الريح العقيم ســــــــــناكا

لا،لا فأنت المصـــطفى والمجتبى   والكـــــون قاع صـــــفصف لولاكا

بك بشــــر الله الســـــــماء فزينت   والأرض تخطر في ضحى بشراكا

تتســــــابق الأقمار في أفلاكــــها   ســــــــعياً إليكِ، وتحتمي بحـــماكا

أين الطريق إليك في زمن تنـافس   كل ما فيــــــه، لمحـــــو خطـــــاكا

لكنها في الأرض أصــــل ثـــابت   وفروعـــــــها تتبـــــــوأ الأفــــلاكا

خطرت على السيف المشع محبة   للعالميــــــــن وقوضــــــــت أعداكا

فإذا الحيــاة - كما أردت - حديقة   وثمـــــــارها غرس ســـــــقته يداكا

وإذا العقـولُ - كما بنيت - منارة   وإذا النفوس - كما هويت – فــــداكا

تمضي القرون وأنت أنت محمد   تهب الوجود المــر فيض شـــــــذاكا

*****

صالح بن سعيد الزهراني – السعودية

تســــــعونَ قرناً، في هـــــواك غريقُ   من بعد هذا العُمـــر كيف أفيقُ

يا أيـــــــها الوجــــــهُ الذي أحببتُـــــهُ   من أين يبتدىءُ الحديث مَشوقُ

تســـــعون قرناً، كان حبَّــــــك رايتي   ولمثل عينيك العـــــذاب يروقُ

تســــعون عاماً، والقصائدُ شُـــــــرَّعٌ   واللّيـــــل نزفٌ، والفؤاد حريقُ

ما قلت: يا أمي الحبيبــــة، خانـــــني   قلبي، فقلبُ المســــتهام صدوقُ

ما قلت: أعلم أن حُبَّـــــــك واجــــبٌ   وعليَّ في هذا الجهــــــاد حقوقُ

كانت تضـــيقُ بي البســــــيطة كلّها   ونفوسُ مَنْ حفِظَ الوداد تضــيقُ

ويظــــل هذا الوجه غايـــــة رحلتي   والحرفُ حُرٌّ ، والنّشـــيدُ سبوقُ

والشّـــــعر منكوس البيارق، لم يزلْ   والبيت فيه عناكـبٌ وشُــــــقوقُ

يتســـــابقون إلى القصـــــيد جحافلاً   تترى، وكُلٌّ خَانَـــهُ التّـــــــوفيقُ

وأتيتِ فوق مطالعي شَمْسَ الضُّحى   وعليَّ من حُلَلِ الضّـــــياء بُروقُ

وقصيدتي من طُهْرِ وَجْهِـك تَزْدَهي   في كُلّ حرفٍ نضــــرةُ..ورحيقُ

وأتيتِ يا وجْهَ الحيـــــاةِ، على فمي   شـــــــجرُ له في الخافقين عروقُ

*****

صالح سعيد الهنيدي – السعودية

من أيـــــن أبــــدأ يا حبيب فؤادي  وقصــــــيدتي مخنوقة الإنشـــــــاد

من أيـن أبدأ والمشـــــاعر ألهبت   وتحــــرقت بحــــــرارة الإيقـــــاد

من أيــن أبدأ والحروف تزاحمت   لكنـــــها تهفـــــو إلى إجهــــــادي

تعبت قواي أطــارد الحرف الذي   يزجي خطاي إلى الرسول الهادي

يا ســـــــاكن الأعماق من أكبادنا   شــــــرُفت بأُنســــك أعمق الأكباد

ما زلتَ تزرع في ربى أرواحـنا   شـــــــجر اليقين ونبتة الإســــــعاد

ما زلتَ تنتزع الظـــــلام فتمحي   آثــــــاره وتزيلُ وجه ســــــــــواد

يا ساكن الأعماق فاضت عبرتي   أســـــــفاً لفرقة أمـــــة الأمجـــــاد

كنّا سيوفا في الوغى ونشــــيدنا   الله أكبــــــر مــن فم الآســــــــــاد

ما بالنا ضــــــــعفت قوانا بعدما   كنَّا نزلزل ســــــــــاحة الأوغــــاد

*****

صباح الحكيم – العراق

ها أنا عدت فعـــــــذراً يا حياتي   عدت والقلب غزير الدمعـــــات

حبك الرقـــــــراق فن متــــرف   وله في القلب أحلى النغمـــــات

أنت في القلب على طول المدى   أنت أحلى، أنت أغلى أمنيـــاتي

أنت كل الكــون ، بل أنت المنى   بعدك العمر فتات في فـــــــتات

اســـمك المعطار عذب في فمي   فهو في ثغري أحلى الأغنــيات

عندما عدت إلى روض الهـوى   ازدهى الورد وغنت بتــــــلاتي

حولك الأزهار يشـــدو عطرها   بعدما كانت زهوري في سبات

اســـــقني حبـــــاً وخذني وردة   برعم الورد نمــــــا بين دواتي

كنســــــيم الفجـــر خذني حانياً   هادئاً خذني، ســــتهمي نفحاتي

واسكب الأنوار في حاني دمي   يورق الحب وتزهو بســــماتي

يا حبيب الروح لا تشــكو، ولا   تذرف الدمع فتطفي خلجـــاتي

*****

صدقي شعباني – تونس

أحيــــا على أمـــل ما كنت مــــــدركه   ما ذنب محترق في النّار مغلول

مسّ رقيـــــق لتلك الكــــــفّ تعتقـــني   من قيد أسـر نبا بي دهره الغول

يا بعض نفس تقول الشّيء تضمرهدلاّ،   فهل أخمـــدت نــــــــاراً أباطيل؟

أحيا كفافاً ولي من حاضري ســــقمي   أعلي به جدثاً في القلب محمـول

أعتقت خوفي على ضــــــنّ وبي أمل   أســـــــلو الحياة فأعيتني التآويل

يلقون بي في إســـــار الظّنّ لو عدلوا   عادوا مريضاً خبت فيه التّراتيل

والنّاس في أمر نفسي هاجس شــكس   وملتو بصـــــــريع الحبّ مقتول

قد غيّبوك إغتــــــراراً ليتهم ذكروا   بأنّني لم تذب قلــــبي التّراتـــــيل

*****

طاهر عبدالرحمن الزمخشري – السعودية

أقبلتُ في الأصيل والبســـمْةُ العذراءُ في ثَغْرهَا تُنيرُ صباحَا

وعلى قدِّها من الهَيف الراقص حســـــــــانةً تجيد المـــزاحا

غادةٌ..زانها التورُّدُ في الخدِّ وناغت بالعطـــــــر منه الإقاحا

أتلَعتْ جيدَها وفيها من الإغراء ما يكســر العيون الصحاحا

وأماطت لثامــــــها عن جمالٍ زاده الظُّـــــرف رقةً ومَراحا

وتغنت بطرفها واســـتدارت بعد أن رف هدبُها صـــــــدَّاحا

جاذَبَتْني الهوى بهمسة أجفان تجيد الإعراب والإفصــــــاحا

عن فتون الدلال، عن سطوة الحسن، وعن خافق سَبَتْه فناحا

وانبرت ترسل الحديث أغاريداً، أذابت في رجعـها الأرواحا

قيدتني ولم أكن أعرف القيـــــــد ولكن حملْتُـــــه مرتاحـــــا



أقبلتْ في الأصيل، والخصلة الرعناء   تلتف بالمحيَّــــا وشــــــــــاحا

فإذا بالصـــباح يضحك بالإســــــــفار   واللّيل قد غفا واســــــــــتراحا

عند مجرى الســـــــنا ليرتشف العطر   وقد مدَّ بالظـــــــلال جنــــاحا

في فتونٍ يعابث النـــــــور بالســـــحر   بلحظٍ قد أشـــــهرتْه ســــلاحا

والتعابيـــــــر باللحاظ ســـــهام فتحت   في الضــــــــــلوع منا جراحا

والفــــــــؤاد المجـــــــروح من حرقة   اللوعة عانى وما تشكَّى وباحا

واللقــــــــاءُ المقــــــــــدور كان على   الدرب قطعـــناه غُدوةً ورواحا

لحظة واختفت وراء المســــــــــافات   وما زال شــــــــوقنا مِلْحـــاحا

وعلى جســر وجْدِنا في دروب الحب   نرجو لوَصْــــــلِنا أن يُتــــاحا

فنذوق الهــــــوى، وننعم بالنجـــــوى   وبالصــــــــــفو نُترعُ الأقداحا

*****

على باب الهوى وقف الجمالُ   وفي كبدي بفتنته إشـــــتعالُ

مددتُ يدي إليه أسِـــــــرُّ شيئاً   فأجبرني على البـوح إنفعالُ

فقلت له بطرفٍ لا يــــــداري   وفي إغضائه ارتسم السـؤالُ

أريدكَ كالســــــنا يعطي حياة   بصمت لا يضـــارعه المقالُ

أريدكَ كالنســـــــيم متى تأنَّى   وأسرى طاب بالعطر النوالُ

أريدكَ جدولاً ينســـــاب عذباً   وترقص من ترقرقه الظـلالُ

أريدكَ في شغاف النفس وقداً   ولكنَّ الزنـــــــادَ له ذبــــــالُ

يُمِدُّ بصيصه عقلي وحســـي   بــــريٍّ ما لدافقـــه مثــــــالُ

فهل يرضيك أن يخبو ذبـالي   ويطـــويني بقبضتـــه الزوالُ

*****

طلعت سقيرق – لبنان

هل تسألين النجمَ يا ســـلمى   عن شاعرٍ قد أشــــعلَ اليتما

عينــاكِ ذاهبتـــــان في دمعٍ   تتــــــناثرين كآبــــــةً...همّا

والنجمُ في مرآتهِ صــــــورٌ   قد خطها يوماً أبو ســـــلمى

سلمى انظري في كلّ ناحيةٍ   ســــــترينَ من آمالـــهِ نجما

ما زال في كلّ القلوب فـماً   لرتابنا يســـــــتعجل اللثـــما

للتينةِ الخضـــراء نحضنها   في ظلها نتبادلُ الضــــــــمّا

للعين خلفَ الدار نســمعها   تروي عن الشمل الذي التمّا

للبيدر السمح الذي مسحتْ   كفّاه عن قســـــــــماتنا الهمّا

زيتونــــة التحريــــر باقية   أوراقها خضراء يا ســـــلمى

*****

من قال إنّ المـــــــوتَ أوقفهُ   جريانه كالماء في الشـجر

لعطائـــه خفـــــــــق وأوردةٌ   مشــحونةٌ في روعة الثمر

ما أعظم الشـعراء إن حملوا   بدمائــهم وطناً مدى العمر

ما أعظم الشعراء إن رحلوا   في حبّـهم للأرض كالمطر

سلمى اسمعي فنشــــيده أملٌ   زيتونة خضـراء في الوتر

فكـــــــــرٌ فلســـــطينية ودمٌ   فيه الهــــــوى لتطلع الفكر

حيفا إذا خطرتْ خواطـرها   ستراه في ضوءٍ من البصر

وشوارعٌ في السَّــلطِ تمنحه   من حبها كالنقش في الحجر

ومقــــاعد في القدس تذكرهُ   يلقي على الطـلاب من درر

صــورٌ فلســــطينية حفرتْ   ذكراه في شمسٍ من الصور

ما مات من ســــــلماه قافية   خفقتْ فلســــطينية الوجدِ

حملتْ إلى الأشــجار لهفتنا   وإلى البيوتِ مرارة البعدِ

قلب يضمّ الأرض منتشـراً   نبضاته أبــــداً على العهدِ

سنعود يا ســــلمى ونحمله   للنصـــر تيجاناً من الوردِ

سلمى قفي..فالشمس واقفة   لوقوفه في جبهـــــة الخلدِ

*****

طلعت سفر – سورية

رمَّدَ اليأسُ – ياعيــونُ إبتســـــامي   نام جفن الحنان عنك..فنامي

طاف بي طائـــر الســـهاد...وجنت   بي تباريحُ خافقٍ مســــــتهام

كان عنــــــدي بقيـــــة من هنـــــاءٍ   ســـــرقتها مني يدُ الأيــــــام

لي مع الحزن موعدٌ...واســـتخفَّتْ   خطواتي...جــراح قلـــبٍ دام

قد تعــــــوّدُتُ أن يكحّـــــل عيــنيَّ...  ويرخي عبــــــاءة من ظـلام

وارتداني...فصرتُ ســـربالَ حزنٍ   يتــــهادى به على أقــــدامي

من زمانٍ... يبكي بعيـــني زمـــانُ   ويصيحُ الشـقاء في أعـوامي

ما صـــــــفا جانبٌ من العيش...إلا   عكّرتــــه معـــاول الإعــــدام

رحــــل الحب...والنعيمُ...فـــما لي   سلوة بعدها ســـــوى أوهامي

أين عينـــــاك؟والعــــذاب نــــــديم..  ليس يجفو والذكريـاتُ مُدامي

ما اســــــــــتبانت قرارة الكأس إلا   أغرقتها عيني...بدمع ســـجام

وجهـــكِ الحلــــوُ...دفتر من حنانٍ   وترانيم لهفــــــةٍ...وســـــــلام

بين أوراقهِ يســــــافر شـــــــــوق   وربيع...يمــــوج بالأنســــــام

يمسح الدمعة الســـــــكوب ويَرْقَى   بشـــــذاه...مواطن الأســــقام

ســـــكن الحب فيه...مذ ولد الحب...  ندياً..كالعطـر في الأكــــــمام

ما رأتــــه الأيــــــام يفتـــــرُّ حتى   نَمْنمْتـــه بأحــــــزن الأقـــلام

يحضن الصدرُ كالوســــادِ..أمانيَّ   ويأسـو مواجعي..وســـــقامي

مرفأ...كلما المراكــــب تـــــاهت   بين أمواج حـزني المتـــرامي

في ليــــالي العـــذاب تنســـــــاب... عيناكِ...قناديلَ لهفة وإبتســــام

دلّليــــني...حــــتى يَغـــــارَ دلالٌ   وافتحي لي..خزائناً من هُيـــام

كل حب يصير وهماً...ويســــمو   همس عينيكِ...فوق كل غـرام

علقيني بعـــــروة العمر..دمـــعاً   واصلبيني على شــــفاه الكلام

واكتبيني بيتاً من الشـــــعر صبّاً   فوق أمجاد ثغـرك البسّـــــــام

من دموع الأسى... ألملم حِبْري   وحـروفي تمتــــاحُ من آلامي

لوّحتْ بالوداع أحلامُ عمـــــري   فدعيني...أبكي على أحـلامي

لم تزلْ خمـــــــرتي...مدامعُ يتْمٍ   وندامــــايَ...أعيــنُ الأيتـــــام

*****

عائشة التيمورية – مصر

بيـــــد العفاف أصون عز حجابي   وبعِصمَتي أســــــمو عَلى أترابي

وَبفِكرَة نظمت الشِعرَ شيمَة مَعشَر   قبلى ذوات الخُدور وَالإحســـــاب

مـــا قلتُــــه إلا فكـــــاهة ناطِـــــق   يَهـــــوى بَلاغة مَنطِق وَكِتــــــاب

فَبنِيَّــــة المهـــدى وَليلى قُــــدوَتي   وَبفِطنَتي أعطي فصــــــل خطابي

لِلَّهِ در كَواعِــــب منــــــــــــوالها   نَســـــج العُلا لِعَوانِس وَكِعــــــاب

وَخَصَّصَـت بالدُر الثمين وَحامَت   الخَنساء في صَخر وجوب صِعاب

فَجَعَلت مِرآتي جَبيـــن دَفاتِــــري  وَجَعَلت من نقش المداد خضـــــابي

*****





عائض القرني – السعودية

يـــــا بــاعة الأجبـــــان والأبقــــار   كفوا أذاكم يا رمـــــوز العـــار

شــاهت وجوهكم و خيّب ســـعيكم   تبــاً من عصـــــبة أشـــــــرار

طاشــــت عقولــــكم وأمثــل محمد   تلد النسـاء بســـــــائر الأمصار؟

لو صُــوّر الشــــرف الرفيع بهيكلٍ   لوجدته في هيكل المخـــــــــتار

والعدل لو تلقاه شـــــــخصاً ناطــقاً   لرأيته في ســــــــيِّد الأبـــــرار

يتطهّر الطُهرُ البــــــريء بطهــرهِ   والمجدُ يلبسُ منه تاج فــــــخار

نفديــــــك بالأرواح يا عَلمَ الهــدى   نفديك بالأعراض والأعـــــمار

نفديك والعارُ الشــــنيع لســــــاقطٍ   نـــــــــذلٍ حقيـــــرٍ خائنٍ غدّار

من دون عرضــكَ يا حبيب قلوبنا   ضرْبُ الجماجم من بني المليار

المجدُ يبــدأ من محمدٍ شـــــــامخاً   وبوجهــــــهِ يزدانُ كل نـــــهار

والحــقُ يبـــدأ من محمدٍ مثلــــما   فاض الضــياء بروحه في الغار

والعــدلُ يبــدأ من محمدٍ معلــــناً   للناس حق مكانـــــة الأحـــــرار

هو ســيد العظماء ما من ســـــيدٍ   إلا له يعنــــــو بكـــــل وقــــــار

هو فجرُنا هو نــورُنا هو فخـرُنا   هو ذخــرُنا في البدو والحضَّــار

ودماؤنــــا تجري بنبض حديثــهِ   كالسلســـــل الجاري من التيــار

خفقاتُ أرواح الشــــــعوب بحبِّه   ودموعـــــــهم كالهاطل المدرار

فعليه صلى الله ما سَــطعَ الضيا   وترنَّمتْ ورقـــــاءُ بالأشــــــعار

وعليه صلى الله ما التفَّ الدّجى   وتردّدت ذكـــــــراهُ في الأقطار

بأبي وأمي أنت أكرمُ مرســـــلٍ   يفدي حذاءك بـــــاعة الأبقـــــار

*****

عادل البعيني – لبنان

يا فارســـــاً عرشَ العُلا تتربَّعُ   صُمُّ الجبال أمامَ عزمِكَ تَركـعُ

أذللْتَ حُبَّأً للحيـــــاةِ ونزعــــة   وَهَببْتَ طوعاً عنْ دِيارك تَدْفعُ

ظمِئَتْ جراحُك للعُلا فسَــقيْتَها   نبلاً ومَجْداً بالشَّـــــــهادَةِ يُتْرَعُ

وَسَعَيْتَ للأمجادِ تَطْرُقُ بابَــها   بابُ الشَّــــهادةِ خير بابٍ يُقْرَعُ

وإذا الكــــرامة والنَّبالةَ والفِدا   إكليلُ غارٍ فوقَ هامِكَ يُوضَـــعُ

مَنْ كالشَّهيدِ وقدْ سَمَت أخلاقَهُ   هذَا نِداؤهُ للعُــــــلا فلْتَسْـــــمَعوا

*****

عادل خميس – السعودية

أبحرتُ أحملُ في كفيّ جمجمتي   روحي رمــــادٌ وجرحي نابضٌ وفتي

أبحرتُ أحلم والأفلاك تحرسني   في القلب جمرٌ وماء الشوق في رئتي

بالحب جئتك يا وهران مرتحلاً   أعمى..ودينارُ يشدو فوق منســــــأتي

عبدالكريم دعاني باســم ثورته   فجئت أنســــج بالفاروق أشـــــرعتي

ورحتُ أرسـم للتاريخ خارطة   مات الطريق وجرح العرْبِ لم يمــتِ

*****

يـــــافا تلمـــــلمُ عن "أولمرت"فتنتــــــها   والقدس تنحر بالأسياف والبُرُتِ

دمع الفـــرات دمُ الأطفـــــال خضّــــــبَه   والماجدات يبعن النفس بالسـفِتِ

الماجــــداتُ خلعن الحســـــن واختمرتْ   أجســــادُهن بزيت الذل والفلتِ

بئس الخضابُ خضابَ الحزنِ ضمَّخهنْ   بئس البقاء بقاء اليأس والشـتتِ

أغوى النعاجَ غناءُ الذئب في شـــــــجنٍ   مَنْ ذا يبادر ذئب الليل بالثقــــةِ

أطفالُ دجلة بالبــــــارود قد مُســـــــخوا   ألعابهم جثثٌ مقطوعة الشــــفةِ

أحلامهم كســــــــدتْ في عمر نطفتـــها   أعناقهم صُقلتْ من حبل مشنقةِ

*****

لم يصمت العَرَبُ الأحرار من خور   كلا فلا تملأوا الساعات بالشــمَتِ

خيلُ العروبة جاثٍ في ســـــواعدهم   والسيف ودع عصر الغمدِ والسِنةِ

صــــــبراً فثورتهمْ آنتْ جلاجلُـــــها   الوعدُ بعد نهائي موســـــــم الكرةِ

*****

عذراً جزائرُ شـــجوي بات ملتحفاً   ثوبَ العزاء وغشّى الموتُ دندنتي

إليـــــك يا قبلة الأحـــــرار قافيتي   تهفو..فما شــذّ لحنٌ عن مدى لغتي

سافرتُ أبحث في عينيك عن أملٍ   علّي أعودُ..وفوق الجيـــد جمجمتي

*****

عارف الخاجة – الإمارات

رفعتُ في بحْركِ المِعْطاءِ أشْـرعَتي   وغُصتُ حتى أضــاءَ الدرُّ في لغتي

وسِرت في روضِكِ البسّــــام أزمنةً   حتى تفتّحَ وردُ الحُبِّ في شَـــــــفتي

وقلتُ عنـــــكِ أنيسٌ لا مثيــــــلَ لهُ   كُنتِ أنساً رقيقاً،كنتِ مُؤنِســــــــتي

وقلتُ عنك عـــذابٌ لا يُفــــــارقني   فكُنتِ نارَ الهـــــــوى، رفقاً مُعَذبتي

رفقاً دبيُّ فشِـــــــعري لم يعُدْ خَجِلاً   من التَحَرّش، من إفشـــــاءِ عاطفتي

أنا الصَّبيُّ الّذي مازالَ مُنْطلِـــــــقاً   يُســــــــــابق الرّيحَ والآمالُ عافيتي

أنا الصَّبيُّ الّذي مازالَ مختَــــــزناً   نجوى النخيلِ على إيقاعِ عاصــفتي

أنا الصَّبيُّ الّذي أمْسَــــــتْ مَرَاكِبُهُ   تَغْشَى الخيالَ وشــوقُ الدارِ أمتِعَتي

مازلتُ ألعَبُ عندَ البحرِ مُرْتَجِـــلاً   فيكِ القصيدِ ونبضُ الخَــــوْرِ قَافيتي

ما زلتُ أرسِـمُ أحلامي على ورقٍ   وصِرتُ أطْلِقُ عِنْدَ العَصْرِ طائرتي

ما زلتُ في الفصْلِ أتلو ما يُقيّدُني   عن الحَرَاك وما يَســـــري بأوردتي

فالدالُ داري وباءُ البَّرِ يُشْــــعِلُني   والياءُ يُسْرٌ وَيُمْنٌ أنتِ مَدرســــــتي

أنا البريءُ الوســـيمُ الطّفلُ يقتُلُني   ثوبُ التمَسْكُنِ إنْ غادرتُ شـيطنتي

أنا السعيدُ التعيسُ الفظُ تَسْـــحَبُني   عيناكِ مِنْ آخِرِ الدّنيـــــــــا لأمنيتي

كلّ الدروب إلى عينيكِ آخِــــرُهَا   كل القلوبِ تناغي سِـــحْرَ ساحرتي

*****

عبدالإله محمد جدع - السعودية

تشـــــــرين أقبل فالأجــــــواء تكتحل   بمولد الحب والإحســـــــاس يحتفل

والقلب يضحك والآمال مشــــــــرقة   وطيب ذكــــــراه في الأعراق ينتقل

ففيــــه مـــــولد أحلامي وبهجتـــــها   ودرة القلب..من يحلو لـــــها الغزل

في كل عام يجــــــدد يـــــوم مولدها   أزهــــار قلبي..في أوراقـــــها ظلل

في سحر ضحكتها الأشـــواق حالمة   قد زاد من سحرها التسبيل والخجل

يا شهر تشــــرين قد داعبت ذاكرتي   بنكهة الحب..والأشواق تشـــــــتعل

يا مــــــولد الحــــب بلغ عني فاتنتي   لها التهاني..لها الأحضــــان والقبل

في كل عام تعطر روض دوحتـــــنا   وتنشر المســــك والأنســــام ترتحل

هي الوحيدة في الأعماق مســـــكنها   القلب والفكر والأحـــــداق والمقـــل

تمضي الســــنون وتبقى في مخيلتي   هي الحبيبــــة لا خــــل ولا بـــــدل

يا لائمي في هــــــواها كيف تعذلني   من ذاق طعم الهوى هيهات يرتحـل

هي الأنيسة في أحلامك مشـــــكلتي   تهدهد القلب والأجــــراح تندمـــــل

كم تحتويني إذا أسـرفت في غضبي   تهمي حنانـــــــاً على روحي فتبتهل

شاركتها الحلم والآمال تفرشـــــــها   لا تعرف اليأس بالإيمـــــــان تتصل

رضابها السحر في الأدواء يغسلني   هو الدواء هو الإنعاش والعســـــــل

وســــر نكهة أشــــــعاري عذوبتها   في كل بيت لها الأصــــــداء والمثل

*****

عبدالباسط الصوفي – سورية

مدينـــــتي لا تمـلك الـــذرة   مدينتي طيبـــــة حـــــــــرة

لا تصلب الإنســان في آلة   أو تمضـغ الأحقاد في فكرة

مدينـــة نبضــة قيثــــــارة   حيناً وحيناً ضـــــحكة ثــرة

قديمة كالحــب ميــــــلادها   لما صـحا درب الهوى مرة

أرجوحة أفيائــها الواجفــة   ماكب أضـــــواؤها الزاحفة

تكدس الورد بشــــــرفاتها   ما أرهبتها السحب العاصفة

تدفقت والفجر في مهـــده   أغنية وارتعشـــــــــت عاطفة

يا دفء لملم قلب أطفالها   ولون الدنيــــــا رؤى وارفة

*****

عبدالرحمن داوود – فلسطين

حلاك من يتحلى باســـــمه الذهب   وأطيب الطيب فيك الرســــل والكتب

كل المواني جبـــــناً يا حبيبتــــــنا   كل البحار ركبنا وهي تصـــــــطخب

تنأى بنا الدار لكن من مهاجــــرنا   إليك مثل رفوف الطيـــــر ننجـــــذب

أعوامنا الخمسون السود كم قبعت   بين المقـــــابر والطــــــلال تنتحــــب

لنا عتـــــاق جـــذوع قال قائلـــهم:  تحجــــرت بعد أن أودى بـــها العطب

فانظر إليها وقل ســــبحان خالقها   ولى الردى هارباً واخضوضرالحطب

فيا فلســــــطين حيــاك الحيا غدقاً  على اليهــــــود ريـــــــاح الدهر تنقلب

الحق شــمس تضيىء الكون باقية  أما جبابــــــرة الدنيـــــا فقد ذهبـــــــوا

الحق جنــدلة دقت جماجمــهم دقاً  وجمجمــة المــــــــوت الذي جلبــــــوا

بدر وحطين واليرمــــوك قادمــة  وعين جالوت في الآفـــــاق تقتــــــرب

*****

عبدالرحمن العشماوي – سعودي

أمي تســــــــائلني تبكي من الغضب   ما بال أمتــــنا مقطوعة الســــــــببِ

ما بال أمتـــــنا فلّتْ ضـــــــــفائرها   وعرّضــــــــت وجهها القمحيّ للّهبِ

ما بال أمتـــــنا ألقــــت عباءتــــــها   وأصــــــــبحت لعبة من أهون اللّعَبِ

ما بــــــال أمتـــــنا تجري بلا هدف   وترتمي في يدي باغ ومغتصـــــــبِ

ما بــــــال أمتـــــنا صــارت معلّقة   على مشـــــــــانق أهل الغدر والكذبِ

ما بالُها مزّقت أســــــــباب وحدتها   ولم تُراع حقـــــوق الدين والنّسَـــــبِ

أمي تســــــــائلني والحزن يُلجمني   بني مــــالك لم تنطـــــق ولم تُجـــــبِ

ألســــت أنت الذي تشـــــدوا بأمتنا   وتــــدّعي أنــــــها مشـــــدودة الطَّنبِ

وتدعي أنـــــها تســــــمو بهمتـــها   وتــــدعي أنــــــها مرفـــــوعة الرتبِ

بني،قل لي،لماذا الصمت في زمن   أضحى يعيش على الترهيج والصّخبِ

أماه..لا تســـــــألي إني لجأت إلى   صــــــمتي، لكثرة ما عانيـت من تعبي

إني حملت همـــــوماً،لا يصورها   شـــــــــــعر، وتعجز عنها أبلغ الخطبِ

ماذا أقول؟وفي الأحــــداث تذكرة   لمن يعي، وبيــــــــان غير مقتضــــــبِ

تحدّث الجرحُ يا أماه فاســــتمعي   إليه واعتصــــــــمي بالله واحتســــــــبي

*****



عبدالرحيم محمود – فلسطين

تلك أوطاني وهذا رســــــــــمها   في ســـــــــويداء فؤادي محتفر

يتـــــــراءى لي على بهجتـــــها   حيثــــــما قلبت في الكون النظر

في ضياء الشمس في نور القمر   في النسيم العذب في ثغر الزهر

في خرير الجدول الصافي وفي   صـــــــخب النهر وأمواج البحر

في هتون الدمع من هول النوى   في لهيب الشوق في قلبي استعر

دقة الناقوس معنى لاســـــــمها   واسمها ملء تسابيح الســــــــحر

*****

فكرة قد خالطــــت كل الفكر   صورة قد مازجت كل الصور

هي في دنياي ســـــــر مثلما   قد غدا اسم الله سراً في السـور

يا بــــــلادي يا منى قلبي إن   تســــــلمي لي أنت فالدنيا هدر

لا أرى الجنة إن أدخلتــــــها   وهي خلو منك إلا كســـــــــقر

منيتي في غربتي قبل الردى   أن أملي من مجاليك البصــــر

ظمئت نفســـــي لمغناك فهل   يطفئ الحرقة بالفــــــؤاد القدر

فيصـــلي القلب في كعبتــــه   وتضـــــم الروح قدسي الحجر

وتمـــــرين بيمنــــــاك على   جسد أضناه في البعد الســـــهر

ويغني الطير في أشــــجاره   نغماً يرقص أعطاف الشـــــجر

خبر تنقله ريـــــح الصــــبا   ويذيع الزهر أنســــــام الخبــــر

ويــلاقي كل إلــــف إلفــــه   ويلمــــان الشــــــتيت المنتثــــر

*****



يا بلادي أرشــــــفيني قطرة   كل ماء غير ما فيك كــــدر

ليت من ذاك الثرى لي حفنة   أتملى من شذا الترب العطر

*****

عبدالرزاق الدرباس – سورية

إلهي ، ذنوبي عدُّها ليس يُحصــــرُ   ومَن لي سـوى الرحمن يعفو ويغفرُ؟

وأنت الذي يا ربّ تصــــــفحُ قادراً   وأنت الذي تهدي وتنهى وتأمـــــــرُ

أغرَّت حواسي قوةٌ في شــــــــبابها   فمالتْ إلى اللّذات تهوى وتحضــــرُ

وأخَّرتُ عن جمع المصلين طاعتي   وقصّرت في الإنفاق ،والمالُ يسحرُ

نظرْتُ إلى ما حـــــرّمَ اللهُ تـــــارةً   ورجلي على درب الخطيئاتِ تعثـرُ

وكنتُ على علمٍ بأنك شــــــــاهدي   وما عنكَ يخفى- يا إلهي – التســتُّرُ

فأيقنتُ أني ســـــــــائرٌ في ضلالةٍ   ودربيَ صحراءٌ ، وملقاكَ ممطـــــرُ

و لي من ذنــــوبي ذلةٌ ومهـــــانةٌ   لها الدمــعُ من عيني غدا يتحـــــــدّرُ

و لي في رحــــاب اللهِ عزٌّ وتوبةٌ   أجرُّ بها الأثوابَ زهــواً وأخطُـــــــرُ

إلى بابكَ المفتوح وجّهتُ خطوتي   وها أنا بالدعوات- يــاربِّ –أجــــأرُ

إلهي !ومَن منـــــا بغير خطيئـــةٍ   تكــــــرَّمْ علينا غافــــراً حين تقــدرُ

فإنــــــك إن عاملتـــــنا بالذي بنا   خسرْنا، وبيَّاع الخطيئات يخســـــــرُ

فعامِلْ بغفـــــــــرانٍ وعفوٍ وتوبةٍ   فنحنُ إلى هـــذي الثلاثــــةِ أفقــــــرُ

سأجعلُ خوفَ اللهِ في القلبِ دائماً   وفي ذكرهِ نطقي يَســـــــرُّ ويجهــرُ

إذا ما ذنوبي كانتِ اليومَ جـــدولاً   فعفوُ إلهِ الكــونِ نهــــرٌ وأبحُـــــــرُ

إلى مرتع الرحمنِ يمَّمْـــتُ ناقتي   وقلتُ لها: سيري فمرعاكِ أخضـــرُ

إذا كَبُــــــرَ الوْزرُ الذي قد جنيْته   فغفرانُكَ - اللهمَّ – للــــوزر أكبــــرُ



عبدالرزاق الشققي – سورية

هل تذكرين طفـــــولتي يا قلعتي   هل تدركين بأن ســفحك صبوتي

وتركتها والثوب يرقص زاهــياً   مذ عفتها والسهد رافق مقلـــــتي

أحببتها عند الصعود لربوة وبها   وجدت طفـــــولتي ومحطـــــــتي

يا قلعة المجـــــــــد الكريم تحية   للأهــــل للأوطـــــان للنهر الفتي

وكبرت لكن قلعتي في خاطري   ذكرى تضيء ألا تراها حصــتي

ولكم أردت حصار عقلي دونها   فأبى قراري واســــــــــتدار بقوةِ

وأجابني إن التــــــــراب ترابنا   والموت أشرف من سلاك لتربتي

زمـــــــان الشــــــــوق أرادني   ولفــــــح الوجـــــــد أضـــــــناني

أقـــوم الليـــــــل ســـــــــهرانا   أعــــود صــــــــخور أحــــزاني

وبــات النجــــــم يحرســــــني   بوجـــــــه النجـــــــم عينـــــــان

فــــــلا أرضـــــى تملقـــــــــه   وأغلــــــــق منـــه أجفــــــــــاني

أرى في القلـــــب مبســـــــمه   يعـــــاني كالســــــــنا الــــــواني

أراجـــع طيـــــــف آمــــــالي   عظــــيم النهـــــــج والشــــــــانِ

أطالع من هــــــوى نفســــــي   لواعجــــــــــــها وألحــــــــــاني

وأصـــــــــبر في الهوى علّي   أداهــــــــم أرض أشــــــــــجاني

وأضـــرب عنق أشــــــرعتي   وأرســــــــو في الفضــــا القاني

ألـــــوك الجــــــذر أقذفـــــــه   وأنــــــهي قصـــــــــة الجــــاني

فنصـــــــري لا أفضــــــــــله   إذا ما النصــــــــر ألفـــــــــــاني

يـداي اليــــــــوم في ظفــــــر   وروحي في النــــــدى الهـــــاني

فتحـت الجفـــــن منهمــــــكاً   رأيــــــت النجـــــــم من ثـــــــانِ

يحــــــــــدق في يحرقـــــــني   وهـــــذا النجـــــم يهـــــــــــواني

فـــــــلا أهـــــــــواه..لا أدري   لمـــاذا يغــــــــزو شـــــــــطآني

ورأســــــي متعــب يهـــــوي   بجفــــــني الوالــــــه الـــــــواني

ورمش العيــــن يســـــــــــبقه   ليطــــرد نجمـــــــه الــــــــراني

وتهــــــنا النفس في غــــــدها   بأطيــــــــــــار وأفنـــــــــــــــانِ

وتجلب روحـــــــها طــــــرباً   وتألف حلمـــــــــــها الـــــــــداني

فنـــــــومي فيــــه مكــــــرمة   وصـــــحو الليـــــــل أفنـــــــــاني

*****

عبدالرزاق عبدالواحد – العراق

أحِنُّ بكلِّ جارحـــــةٍ إليــــــــكِ   لِحدِّ أكادُ أن أبكي عليــكِ

أحنُّ لمقلتَيـــكِ، وصـــــــدِّقيني   أذوبُ عليكِ في نظَّارتَيكِ

كأنّي لا أحسُّــــــهُما بعمــــــقٍ   إذا حوَّلتِها عن مقلتيـــــكِ

أحنُّ إلى يديكِ..أحسُّ قلــــــبي   يغادرُني ليسـكنَ في يديكِ

وحين أصـــــابعي يَهْرُبْنَ منّي   فأودِعهنَّ مذهــــولاً لديكِ

أحسُّ دمي بأجمعِـــــهِ ينـــادي   لِيهرُبَ من شراييني إليكِ

أحِنُّ لشَعركِ المنســــابِ غيماً   بَيــــادرُهُ تُكلِّلُ منكبَيـــــكِ

أكادُ أشــــدُّهُ، وأخافُ أقســـــو   فألثمُ نَهَـــــرهُ في مفرَقيكِ

ويَذبحُني الهوى والعينُ تهوي   على لُجَح الميـاهِ بُركبَتَيكِ

فَأنزلُ، ثم أصعَدُ مســــــــتَفَزّاً   أهيمُ على منابــعِ جَدوَليكِ

أأعشقُ هكذا، وأموتُ عِشـــقاً   وأنتِ هنا كأنَّكِ ما عليـكِ

*****

عبدالسلام بركات زريق – العراق

حزناً على أعتابِ عينِكِ أنظـــــــرُ   ووراء حزنِكِ عَبـــــــرةٌ تتحجَّـرُ

ولقد قرأتُ على جبينك قصــــــــة   عن سوء حظك في الغرامِ تُخَبِّـرُ

ورأيتُ شوقاً في خدودك مضـرَماً   وعلى نهـــــــودِكِ رغبةً تتضوَّرُ

مأســـــاةُ حبٍّ في عيونــكِ غادتي   والعينُ تفضحُ ما كتمتِ وتُظهِـــرُ

لا تعجبي إني بقلبــــــــكِ عالـــــمٌ   أدري لُباناتِ النفوس وأســــــــبرُ

كم ألهبتني في عيونــك حســـــرةٌ   واســــتوقفتني في كتابك أســــطُرُ

بُوحي بما تُخْفينَ من ألم الجـــوى   فإذا كتمتِ لنار حبــك تَسْــــــــعَرُ

صــــــــنوانِ لا تتهيبي لخطيــــئةٍ   عندي من الأخطــــــاء ما لا يغفرُ

بوحي بمكنون الســــــــريرة علَّناً   عمَّا جنينا في الحيـــــــاة نُكَفِّــــــرُ

لم تعرفِ الدُّنيا أمـراً متعلِّــــــــماً   نحن الأنام كذا نســــــــــيرُ ونعثرُ

يا لَلْمصادفة التي ســــــــنحتْ لنا   وكذا الزمانُ إذا يشــــــــاء يقـــدِّرُ

وتآلفت روحي وروحُــكِ فاعلمي   أن التآلف للســـــــرائر ينشـــــــرُ

قد تسعف الأرضَ المَواتَ غمامةً   حبلى يناديـــــها الربيعُ فتمطِـــــرُ

أنت الربيعُ وفنُّ ســــــحركِ خالدٌ   ولكلَّ ألوان الجمـــــال يصــــــوِّرُ

قد أفرغت فيك المشــــــــيئة فنَّها   حســـــــناً لأحداق البرية يأســـــرُ

*****

عبدالسلام العجيلي – سورية

يا نجمة لاحتْ لعيْنِ الســــــــاهر  أضنيتِ طرفي والمُنى في خاطري

أرجو أراكِ فما يميزُ ناظــــــري   في ســـــــكرهِ إلا اثنتين من الدررْ

نديانتين بطلّ أنفـــــاسِ الزَّهَــــرْ  ســــــحر الربيع وبردِ أنسامِ السحَرْ

هما عيناكِ

عيناكِ يا دنيا خيالي الســـــــاحر  نبعان في قفــــــراءِ جَدّي العـــــاثر

نجمانِ في ديجور ليل الشــــاعر  أهدتْ إليكِ طيــــــــوفُ وادي عبقر

لونَ السماء ســـكبْنَه في المحجر  فالبــــدرُ ضــــــلَّ طريقه، لم يبصر

والنجم باكِ

نفْسي تَقَطَّعُ يا ظلـــــومُ فحاذري  اليأسُ يعــــــولُ خلْفَ عمري الدابر

والشرُّ يلسـعُ جنْبَ روحي الثائر  والنــــــور في عينيك زاهٍ أخضــــرُ

والأفق إن أرسلتِ طرفكِ أزهرُ   أنا عاشــــق أضناه طرف يســــحر

أنا مضناكِ

*****

عبدالسلام نعمان السامعي – اليمن

ليلٌ أقامَ بسَـــــــاحتي وصَــــــقيع  ونجومُهُ بينَ الظـــلامِ تضـــــيعُ

أمسَــــيتُ في غَابِ المَواجِعِ أتقي  شُـــهبَ الصدودِ فمَا لهنَّ رجُوعُ

وأطوِّقُ الليلَ العَصِـــــيّ بأذرُعِي  ألمَاً وفي قلبي نَدىً مَصـــــدُوعُ

وتَكَاثَفَت سُحبُ الدخَانِ وأمطَرَت  حُـــــزناً وغَابت أنجمٌ وقُلـــــوعُ

وأنا وقلبي في دجىً يتــــلو دجَىً  صَرعَى عَلى بَابِ الزَمَانِ وقوع

بتنَا نُلملِمُ شَــــــــوقُنَا وجِراحَـــنا   نَرعَى الضنونَ فَمَا لهنَّ خُشـوعُ

اثنَان قد أمرَ الزمَانُ بصلبـــــــنَا   سَحَراً عَلى دينِ المسِيحِ يَســـوعُ

فّإذا طرقَنَا البَابَ أضمَرَ قتلـــــنَا   وإذا رَحلـــــــنَا هَــــــزَّنا التودِيعُ

سَـــــرقتْ ليَالي البعدِ منَّا حُلــمَاً   آلٍ بَكَتهُ أعيــــــــــنٌ ودُمـــــــوعُ

واغتَالنَا الزَّمنُ الخؤون بأغيَــــدٍ   يَهوى الصدودَ وطبعَــــهُ التلويعُ

حُلو المَذّاق كَفَلتَةٍ من جَنَّـــــــــةٍ   يَســـــري بهِ تَيهُ الصَّبا المطبُوعُ

لو أنهُ يَومَاً تحسَّــــــسَ مَا بـــنَا   ضَحَكَ الشـــــــقَاءُ وغَرَّدَ الينبوعُ

د. عبدالعزيز محي الدين خوجة – السعودية

أنت الحقيقة وحدها أما العــــــــــوالم كلها تأتي وتذهب مثلـــــما الغيمات

لا غير شمسك في وجودي طلعة من غير نورك غارق في لجة الظلمات

يا أنت يا كينونة الأوراد في نغم الهوى ياسر..كن في طلســــــم الكلمات

إني اكتشــــــــتـفك في فؤادي خفقة مخبوءة فتناغمت من عزفــها خفقاتي

فعــــرفت أني قد بلغت ذرى المنى هل بعد هذا الحـــــب من غايــــــات

وســـــــنا حماك يظلني بحنانه ويقودني بعزيمــة قدســــــــية الآيــــــات

أو تذكرين لقاءنا؟لما تلاشى فجأة بعد المســافات بيننا في لهفة الخطوات

وســــــــألت ذراتي فكنت بقلبــــــها ووجـــــــدت ذاتك تختــبي في ذاتي

أيقنـــــــت أني..يــــــا أنــــــا أنت الوحيــــــــدة من أكابـــــــدها الهــوى

وأذوب نشـــــــــــــوانا على وتــــــر المحبـــــــــة في لظى آهـــــــــاتي

*****

عبدالغني التميمي – فلسطين

دمك المزكّى لن يضيعْ  دَيْن بأعنـــــــاق الجميعْ

دين على الهرم المسنِّ  كما على الطفل الرضيعْ

من يســـتطع نســــيانه  فجنودنا لا تســــــــتطيعْ

سـطّرْت بالكف الأشلّ  مفاخر العــــــزّ البديــــعْ

مهما اســـتبد بنا العدو  ومارس القتــــــل الفظيعْ

شــعب تأبى أن يكون   لذبحه الحمــل الوديـــــعْ

والله لن ندع الســلاح   ولن نســـــــــاوم أو نبيعْ

*****

عبدالغني النابلسي – سورية

داريا يـــا حســــــنها داريا   ساقت البسط والسرورا ليا

قم بنا نغتنــــم أويقـــــات أنس   عندها ثم بكرة وعشــــــــيا

واخبر القوم بالذي هو فيــــها   من تجل بعيد من مات حيا

ثم نادي بيـــن الأحبــــة عني   في أتباعي وقل لقلبك هــيا

هذه حضرة الهوى والتصابي   تنبت الرشد والضمان عليا

دار محبوبـــــة القلوب تجلت   فراينا للعشـــــــق أمر جليا

*****

عبدالقادر الكتيابي – السودان

هلت على قبـــــة الرؤيــــــا تجــــــادلني   في جنة شأنها عن شــــــأننا عجب

يا طيف هيهــــــــات إن الطين في رئتي   ما زال يســـــــتل أنفاسي وينسحب

هيهات أصغي لما تروين فاقتصـــــــدي   يا بنت أغلى أخ للفضل ينتســـــــب

أحببتــــــه كيف واســـــــتعجلت فرقتــه   ما هكــــذا ســــــنة الأحبـــاب تنقلب

يا كيـــف أزمعــــت في مهــــــد مفارقة   من بأسها ها أنا ذو الشيب اضطرب

فاســــــــتنفضت فاح نفح العيد واقتربت   تختــــال في ســـــندس أزراره عنب

قالت والزهو زهــــــو في نواظــــــرها   عماه إن الحصى في ربعــــــنا ذهب

والنخل والكوثـــر الجاري ومرتعــــــنا   في شـــــــاطئ هانئ يحلو به اللعب

والحب ذو العصف والريحان في نزلي   والنور ينســـــاب في بيتي وينسكب

نجري ونلعب في المأوى وســــــدرتها   حتى نرى نور نون النــــور يقترب

والســــــــاكنون هنا لا يزجـــرون فهم   لا يغضـــبون ولايدرون ما الغضب

قد صف من حولنا ما نشـــــــتهي وإذا   قلنا ســـــلاماً ســــــلاماً هزنا طرب

عمــــــاه لا تحزنــــــوا فالله أبـــــدلكم   عني جزاء الذي يرضى ويحتســــب

فاســــــتبشروا إنما البشـــرى علامتها   أن يطفئ الصــــبر حزناً وهو يلتهب

يا بنت خل أخ الإيمـــــان ليس لـــــنا   إلا الرضــــــــاء الذي تعلو به الرتب

فاســــــتغفري عن أب وارى فليــــذته   فإن بـــــــدا باســـــــماً فالقلب ينتحب

*****

عبدالقادر مكاريا – الجزائر

دّي على جرحي وأشـــلائي ردائي   يا غيمة ســــــكبتْ دمي فجرحتُ مائي

البـــرق قال لي الحبيبة ســـــافرت   والرّعد خطّ لُحون عشقه في ســــمائي

مال الرّبيع على الدّفاتر،فاِنتشــــتْ   وتمثلتْ شـــــكلَ القصـــــيدة في موائي

أعطيتُ منّي ما وهبتُ لأرضــــها   فاِخضوضرتْ، وأنا اِنقطعت عن الغناء

قد كنتُ سلطاناً على عرش الهوى   الحاء حائي إنْ أشــــــأْ،والبــــــاء بائي

النبض خان، فخـــان كلّ أحبــــّتي  خان الصّــــــنوبر والنّخيل..وخان مائي

عبد القدوس الأنصاري - السعودية

فـي واحــــة تـعــبــــق روضاتهــــا   وتبــعـث الغـبـطــة ربــواتــهــا

خــمـيــــــلـة دانــت زمــيــلاتــهـــا   بحسـنـها المـنمـنم المســتـفيـض

تعــابـث النســمات أشـــجـارهــــا   لـيسـتـثـيــر الشـدو أطـيــارهــــا

وتــفــتــح الأكــمــام أزهـــارهــا   لتـلهم الشـاعـر وحـي الـقـريض

آوى إلــيــها شـــاعــر مــلهـــــم    ســامـي الخيـال بالأسـى مـفـعـم

لمــا رأى أمـتـــه تــحــجــــــــم    عن المعـالـي وتســوم الـنـقـيـض

إذا بصــوت مـفـعــم بالأنـيــــن    منبعـث مـن عـمـق روح حـزيـن

فالـتـفـت الشــاعر كي يستـبيـن     فـهــاله الشـــعب يــكاد يـغـيــض

ماكان إلا أن ســرت كهربـــاء     حــب اعـتـنـاق الـمجـد والإرتقـاء

في ذلك الشـعب فـولي الشـقاء     وانـجـبـر الكســر وقـام الـمـريض

فالشعر نبراس لمـن يـنشـدون     ذرى الــعـلا بـضـوءه يـرشـــدون

فإن خبا مصباحه بعض حين     عـنـهـم فـهـم فـي حـيـرة يـعـمهون

*****

عبدالكريم قذيعة – الجزائر

هنا أقاموا لبعض الوقت وارتحلــــوا   ودونهم ســـــدت الأبواب والســــــبل

هنا أقاموا ســنين الجمر ما غمضت   لهم جفون..ولا ارتــــــاحت لهم مقل

يكاد من فرط ما عانوا هنا زمــــــناً   من نفســـه يهرب التــــاريخ والأجل

هنا أقاموا وعنــــــد التل خيمتـــــهم   كانت يحج إليها الضــــــــوء والأمل

ماذا تبقى..على أطرافها ســـــــكنت   عناكـــب الوقت حتى الوهم والخـــبل

هنا أقاموا رماد الوقت ســـــــــيجهم   وبين أضلعـــــــهم لاشيء يكتمــــــل

كأنهم شـــــــــبه موتى ليس يذكرهم   من الخليقــــة إلا الريـــــح والطــــلل

هنا بقايــــــا أهازيــــــج..هنا لغــــة   تمر خجلى على الأفـــــواه تختـــــزل

هنا تباريــــح أنثى ترتجي أمـــــــلاً   تخفيـــــه بين حنايــــــاها وتحتمـــــل

هنا أقامـــــوا لأجــل الحلم واختلفت   بهم مســــــــالك من أطرافها اكتحلوا

والآن مــــاذا..كأن الوقـــت أمنيـــة   أو بعض وهم..يليه الصـــمت والملل

أو بعض سهو من الدنيا وقد عبرت   بهم ســـريعاً فما ارتاحوا وما وصلوا..

لم يجدهم أنهم عاشـــــوا هنا وبنـوا   أحلامهم فوق هذي الأرض وارتجلوا

هنا أقاموا..هنا كانوا..وباغتــــــهم   من الزمـــــــان زمان ليس يحتمـــــل

كأنهم ما أقامـــوا..أو كأن يــــــــداً   من الســــــــديم أرادت غير ما فعلوا

ما ضر لو أن من يأتي ليخلفـــــهم   يضيء بعض الذي من أجله إحتملوا

*****

عبدالله أبو شميس – الأردن

لـن نلتـــــقي في أيِّ مُفتــــــــرَقِ   فدعي إنتظاري واتركي طُرُقي

أنا،يا صــــــديقة، كلّما وصــلتْ   قدمي إلى دربٍ لَـــــوَتْ عُنُقي

أبني قصــــــــوراً، ثمّ أهــــدمها   لأعُودَ أبنيـــــــــها على الوَرَقِ

أدري بأنّ الشّــــــعر يأخـــــذني   للموتِ في دوّامـــــة العَـــــرَقِ

أدري بأنّ البحـــــرَ يُغــــــرقني   وأريدُ أن أحيـــا مع الغــــــرَقِ!

أرجو العبورَ إلى شـــــــــواطئِهِ   فإذا عبرْتُ أحــــــنُّ للعُمُــــــقِ

عُودي إلى الشُّــــــطْآنِ آمنـــــةً،   فالبـرقِ مَجنـــــــونٌ على الأفُقِ

يُــــــرخي الحِــــزامَ لمائِهِ، وأنا   كالبَــرْقِ راح يُضيئُني شَــــبَقي

عُودي إلى الشّــــطآنِ، وابتعدي   عنّي، فمــــــائي مُوجِــــعُ الدَّفَقِ

إنْ أمطـــــرتْ سُـــــحُبي فقاتلةً،   وإذا مشــــــتْ تركتًكِ في حُرَقِ

فخذي المظلة في الرّجوع، فلا   تدريـــــــن أين يجيئني نَــــزَقي!

هيّـــا اتركيني، أنتِ مؤمنــــــةً   وأنا على غير الهدى خُلُــــــــقي

أنا، يا صــــــديقة، ليس يَلفِتُنِي   غيرُ العيونِ السّــــــــــودِ والحَبَقِ

أنا، يا صـــــــديقة، غيرُ مُنْتَبهٍ   إلاّ لــــدمعِ (القـــــاف) في وَرَقي!

*****

عبدالله البردوني – اليمن

من أرض بلقيس هذا اللحــــن والوتـــر   من جوها هذه الأنســـام والســحر

من صدرها هذه الآهات، من فمـــــــها   هذي اللحـــون ومن تاريخها الذكر

من (الســــــــعيدة) هذي الأغنيات ومن   ظلالــها هذه الأطياف والصــــور

أطيافها حول مســـــــرى خاطري زمر   من الترانيم تشــــدو حولـــها زمر

من خاطر (اليمن) الخضــــرا ومهجتها   هذي الأغاريد والأصـــداء والفكر

هذا القصـــــــيد أغانيــــــها ودمعتــــها   وســحرها وصباها الأغيد النضر

يكاد من طـــــــول ما غنى خمائلــــــها   يفـوح من كل حرف جوها العطر

يكاد من كثر ما ضـــــــمته أغصنــــها   يرف من وجنتيــها الورد والزهر

كأنه من تشـــــــكي جرحــــــــــها مقل   يلح منــــها البكا الدامي وينحـــدر

يا أمي اليمن الخضــــــرا وفاتنـــــــتي   منك الفتون ومني العشق والسـهر

ها أنت في كل ذراتي ومــــــــلء دمي   شــــعر (تعنقده) الذكرى وتعتصر

وأنت في حضن هذا الشـــــــــعر فاتنة   تطل منه، وحيـــناً فيـــه تســــــتتر

وحســــب شاعرها منها - إذا احتجبت   عن اللقــــا - أنه يهــــوى ويـــدكر

وأنـــــــــــها في مآقي شــــــــعره حلم   وأنها في دجاه اللهــــــو والســــمر

فلا تلــــــم كبريــــــاها فهي غانيـــــة   حسناً، وطبع الحسان الكبر والخفر

من هذه الأرض هذي الأغنيات، ومن   رياضـــــها هــــذه الأنغــــــام تنتثر

من هذه الأرض حيث الضــوء يلثمها   وحيث تعتنق الأنســـــام والشـــــجر

ما ذلك الشدو؟ من شـــاديه؟ إنهما من   أرض بلقيس هذا اللحـــن والوتـــــر

عبدالله السفياني – السعودية

خذي دفاتر شـــــعري يا معــــــذبتي   ومزقيها على أشـــــلاء آهـــــاتي

فقد تعــــــوّد قلبي ســـــلب فرحتــــه   وقد تعوّدت التهشـــــيم مـــــرآتي

كل الوجوه تساوت في صدى نظري   فليس من عجبٍ دمع إبتســــاماتي

أترحلين..؟!فروحي من هنا رحلت   حتى المسافات تاهت في مسافاتي

ما عاد يزهر ورد الصدق في حلمي   ولا تبسّــــمَ نصـــري فوق راياتي

تحطمت لغــة الآمــــال في شــــفتي   حتى الأسى دمعه باكٍ لمأســـــاتي

أين الســـحاب توارى؟كيف فارقتي   أخانني قبل أن أدنــــــو لغايــــاتي

قالت وقد ذاب ثلج الصدق في فمــها   هيا ابتسم!فســـــحاب وعودنا آتي

*****

عبدالله الصيخان – السعودية

قالت له الصـــــحراء إن لقــــاءنا   صعب غدا فترجل المشـــــتاق

وترجلـــــت منه الخطى فكأنــــها   ســــــير الرجال يخطها وراق

ومشـــــــت تحوط بنعشه أغصانه   هل سال دمع القلب يا عشـــاق

ومشــــى الأحبة والرفـــــاق وثلة   ممن تحب : الحبــر والأوراق

وتلفتـــوا..كانت تحوطك غيمــــة   وبكى على قبر الوداع رفـــاق

يا السمح يا رحب الفؤاد ويا ذرى   في الفكر لا يرقى لهن نفـــاق

هتف الســــــراة لصــــبحهم : الله   أكبر للإمـــــام العهد والميثاق

ومضت ركائبهم بـــــهم ودعاؤهم   ملء الفؤاد تزفهم أشـــــــواق

هتف الســــــراة لصبحهم وهتفت   أنت لصبحنا فالصافنات عتاق

وأخذت من بيد الجزيرة عمقـــها   فتقاربت في عينك الآفــــــاق

آخيــــت بين حمائم الفكـــر التي   لم تلتق يــــوماً فكان عنــــاق

لا يخفت القنديل يبقى ضـــــوؤه   في ذقني كتب هي التريـــــاق

يا عاشق التاريخ جئت مســــلماً   وأتت معي لتزورك الأخــلاق

*****

عبدالله الطيب – السودان

إلى الخرطوم من بعد اغترابِ  وبعد بلى الشهيّ من الشـــبابِ

وما الخـرطوم داري غير أني  غريب حيثـــما حلـــت ركــابي

غريب في بلاديَ سـوف يفنى  غريباً في ســــباسبها ســـرابي

وآثرت الكتـــاب على خليـــل   يرائيني بأصـــــناف الكـــذابِ

وألفيـــت الكتاب يلــــوح منـه   جبيــن الله في الظلم الرِّهــابِ

يحدثني عن الأشـــــــباه ولّـوْا   فحولي معشــــر مثل الذئــابِ

أحبّ النيل ذا التيــــــار يطمو   ويلـــطم جانبيـــه بالعــــــبابِ

ســمعت بكاءها والعمر غض   يعللني بآمـــــــال عـــــــــذابِ

وعزّائي بكاؤها والعمر غض   يعللني بآمــــــال عـــــــــذابِ

وآواني الرضا في ســتر بيتي  من الأهواء والإحّن الغضــابِ

ومن صور ألاقيهن صُــــــورٍ  من القبح انتقبْــن بلا نقــــــابِ

أحب النيل زمجر ثم لجّـــــت   سواقيه الشـــــجية في إنتحابِ

وبين البرق مثل الســوط شق   الدُجُنة بين مركوم الســحابِ

أحب النيل حين صفا وشـعت   تهاويل الأصيل على الروابي

تهبّ به الشمال على شـــراع   كســالفة الإوزة ذي إنســـيابِ

*****

عبدالله فكري – مصر

أزاحت ظلام الليل عن مطلع الفجـر  وقامت تدير الشمس في كوكب درى

وهزت على دعص النقا غصن بانة   ترنح في أوراق ســــــندسه الخضر

وحيت بكاســــــــات الحميا وثغرها   فلم نخل من شكر لديها ومن ســــكر

ومالت بها خمر الصـبا مثلما انثنت   نســـــــيم الصبا بالأملد الناعم النضر

وقد لاعبت منها الشــــمول شمائلاً   كما لعبت ريــــح الشــــــمائل بالزهر

منعمة لم يبد للشــــــمس وجهــــها   ولم يدنـــــــها فقر إلى شـــــــاسع قفر

*****

عبدالله الفيصل – السعودية

من أجل عينيك عشـقتُ الهوى   بعد زمانٍ كنتُ فيــــه الخَلِي

وأصـــبحتْ عيناي بعد الكرى   تقول للتســــــــهيدِ لا ترحلِ

وكنــــتُ لا ألوي على فتنــــةٍ   يحملها غضّ الصّـبا المقبلِ

حتى إذا طارحتـــني نظـــــرةً   حالمة من طرفــــك الأكحلِ

أحسستُ وقد النار في أضلعي   كأنــــها قامــت على مرجلِ

وجمّل الدنيـــــا على ما بــــها   دفقُ سنّى من حسنك الأمثلِ

*****

يا فاتـــــناً لولاه ما هـــــزّني   وجدٌ..ولا طعم الهوى طاب لي

يا من على أقـــــدامه بعثرت   غلائـــــلٌ من ظله المخمـــــلي

إذا رنا فالزهرُ من حــــــوله   موجُ طيوبٍ ســـــــال كالجدولِ

وإن شــــدا أصغتْ إليه الدنُّا   إصــــــغاءة الإصــــــباح للبلبلِ

وإن مشى كان السّـــها ركبة   عبر نجومٍ شــــــعشعت من علِ

هذا فـــؤادي فامتــــلك أمرَهُ   واظلمهُ..إن أحببت..أو فاعــــدِلِ

بخلتُ قبل اليـــــوم عن بذله   وفي ســـــــوى قلبي لم أبخـــــلِ

لأنني أخشـــــى انعدام الوفا   لدى حبيــــــبٍ فيّ..لم يشــــــغلِ

وأكره التســـيار في روضةٍ   إن لم يكن خطـــــــوي في الأوّلِ

لكنني..بعــــدك يا فاتـــــني   أصـــــبحتُ عن كبري في معزلِ

وبات قلبي بعد تيهِ الهــوى   أســـــيرَ حبّ في هواك ابتُـــــــلي

كل الذي يرجوه من عمـرهِ   رجعُ صدىً من شـــدوكَ المرسلِ

لو شُغِلَ الناسُ بما في الدّنا   لم يُعْــــــنَ إلا بـــكَ، أو يُشـــــغلِ

*****

ســـــــمراء يا حلم الطفولة   يا منيــــــة النفس العليله

كيف الوصول إلى (حماك)  وليس لي في الأمر حيله

إن كان في ذلي رضـــاك   فهــــــذه روحي ذليـــــله

ووســــيلتي قلب به مثواك   إن عــــــزت وســـــــيله

فلتــــرحمي خفقـــانه لك و  اســـــــمعي فيه عويــــله

قلب رعاك ومــــا ارتضى  في حبه أبـــــداً بديــــــله

أســـــعدته زمنــــاً و روى  وصلك الشــــــافي غليله

ما بــــال قلبــــك ضل عنه  فما اهتدى يوماً ســــبيله

وســــــبيلك الـــــذكرى إذا  ما داعبتــك رؤى جميله

في ليلة نســـــــج الغــــرام  طيفـــــــها بيـــــد نحيله

وأطال فيـــها ســـــــهد كل  متيم يشـــــــــــكو خليله

ســــــــــمراء يا أمل الفؤاد  وحلمه من الطفـــــــوله

*****

عبدالله الفيفي – السعودية

عيونُ الشِّعْر تصحو في المرايا   فتورقُ فضة الأملِ الكسَـــيحِ

عيونُ الشِّـــــعْر تَقرأ كَفَّ وقتي   وتكتبُ قصة الأفق المُشــــيْحِ

ترى منّي، وفيّ، مدى إحتمـالي   وتكشفُ شاهدَ الأمسِ الجريحِ

عيونُ الشِّــــــعْر تقدحُ بين ذاتي   وبيني نبعَ شِــرياني وروحي

فما أدري، إذا ما قلتُ شــــــعراً،  أشعراً كان قولي أم جروحي؟!

*****

عبدالكريم الكرمي / أبو سلمى – فلسطين

هل تســــــألين النجم عن داري   وأين أحبابي وســــماري

داري التي أغفت على ربـــــوة   حالمة بالمجـــــــد والغارِ

الشـــــــــمس لا تضحك إلا لها   تهدي إليها وشي أستاري

والتينة الخضراء في ظلـــــــها   تاريخ أشـــــواقي وآثاري

ملعبنا يــــــــوم رفيف المــــنى  وملتقى الجـــــــارة بالجار

والعين خلف الدار في المنحنى   تروي حكاياتي وأخبـاري

والكـــــرم ما أرحم أفيـــــــاءه   أحلام عشــــــــاق وأطيار

والبيدر الســـــمح على صدره   حبــــات أكبـــــاد وأبصار

أمنيـــــــة الراعي وراء الربى   منشورة في الأفق العاري

داري لئن هدمــــــها ظـــــــالم  في كفــــه مديـــــــة جزار

فان في الكون الشـــــظايا على هام الذرا تدعو إلى الثــــار

*****

عبدالرحيم الحصني – سورية

يا موطـــناً رفع اللواء مرفـــــرفاً   أبنـــــــاؤه وتبــــــــادلوه ممجــــــــدا

سئم الكلام الظامئون لأرضـــــهم   وصرخت وحدك لا سبيل سوى الفدا

ورفعت أبراج الحديـــد منابـــــراً   كانت عليها النــار أبلغ من شــــــــدا

والســــــــابحات من النجوم كأنها  غضب بأجنحة النســـــــور تــــــوقدا

في كل صــــــاروخ خطاب كامل  وقصـــــــيدة في كل برق أرعـــــــدا

ونسفت بالزحف المقدس ما ابتنى  حقد العداة من الحصـــون وشـــــــيدا

تشـــــرين ما كحل الزمان جفونه  إلا وكنـــــت لمقلتيــــــه المــــــــرودا

امسح جباه الســـــــاهرين وغنهم  لحنــــــاً يظل على الزمان مخلــــــــدا

*****

عبدالمحسن حليت مسلم – السعودية

موتي هنا موتي ولا تســـــــــتنجدي  مهما فعلت فإن روحك في يـــدي

موتي هنا مـــوتي بآخر طعنــــــــة   ما زالت النيران بي لم تخمـــــــدِ

إني قتلتـــك ما ســــــترت جريمتي   وتركت جثتــــــك التي لم تبــــردِ

هاقد قضــــــيت عليك لم أرحم ولم   أقتلك وحـــــــدك بل قتلت ترددي

في كل شـــبر منك مارس خنجري   أحقـــــاده وهو الذي لم يحقــــــــدِ

في كل شبر منك أنشــــب خنجري   أظفاره من قبل أن تتشــــــــــهدي

فلتبتلعلك الأرض ولتشــــــــبع هنا   منك الكلاب وكل ذئب أســـــــودِ

لن تنزفي فبطعنـــــــة مجنــــــونة   قد أسترد الآن ســــــــاعة مولدي

بيني وبينك كم زرعت حواجــــزاً   وبنيت أســــــــــواراً ولم تترددي

وأردت باســــم الحب أن أبقى بها   كســــــتارة أو حائط أو مقعــــــدِ

وأردت أن أرضى الوقوف أمامها   كوقوف خادمة أمـــــام الســــــيدِ

ورفضــــت حتى أن أناقش لحظة   وأردتني حطـــــــباً أمـــام الموقدِ

ونسيت أني كنت رغم تســـامحي   رجلاً وصـــيف رجولتي لم يبردِ

ونسـيت أني كنت قد أقول بنظرة   مالا أقـــــول بألف ألف توعــــدِ

لو لم أقل فيــــــك الذي قد قلتـــه   لبقيت تحت قصــــــائدي كالمقعدِ

لو لم أقلها فيـــــك لم تتغيـــــري   ولكنت شـــــــــيئاً بعد لم يتحـــددِ

من قبلها قد كنت ظلاً عابـــــــراً   وجمال وجهك مثل باب موصــدِ

حتى إبتســــــــامتك التي غيرتها   لولا كـــلام يــــــدي لم تتجـــــددِ

وزرعت أحلى نغزتين بقربها   وجعلت كل جميلــــة بك تقتـــدي

أنت الضياع بدون حبي أنت من   جعدت وجهـــــك وهو لم يتجعــدِ

وظننت أنك قد تثيري غيــــرتي   بصـــــــداقة مع آخر أو موعــــدِ

لكن غباءك قال إني عاشـــــــق   ونقاط ضعفي أن حبك ســــــيدي

لم تفهــــــمي مرة لم تعــــــرفي   أني مراراً كم ســــــهرت لترقدي

لم تستطيعي فهم بعض حرارتي   لم تلمســــــــي طرفاً بذاك الموقدِ

قممي التي بالحب كم شـــــيدتها   لم تســـتطيعي نحوها أن تصعدي

هي مرة فيــــــــها عرفت بأنني   ســـــــــــأكون مجلوداً إذا لم أجلدِ

موتي هنا واستنجدي هي طعنة   فيها أكون غسلت من عطفي يدي

موتي فموتك لن يكون جريمــة   فمن الجريمة أن تعيشـــــــي للغدِ

عبدالمعطي الدالاتي – سورية

ينادي فؤادي بليل الســـكونْ   بدمع العيون..برَجْع الصّــدى

لك الحمدُ..إني حزينٌ حزينْ   وجرحي يلوّنُ دربَ المــــدى

ولولا الهدى،ربَّنــــا،واليقينْ   لضاعتْ زهورُ الجراح سُدى

*****

جراحي!..وماذا تكونُ الجـــراحْ   أليســــــتْ جراحي هدايــــا القدرْ؟!

إذا ما رضـــــــيتَ يطيرُ الجناحْ   يُكحّلُ بالنــــــور عيـــنَ القمـــــرْ

لك الحمدُ في الليل حتى الصباحْ   لك الحمدُ في الصبح حتى السحَرْ

*****

جراحي!..ومالي جراحٌ سوى   ذنـوبي، فكيف أداوي الذنوبْ؟

أنا مَن ســـبَتني دروبُ الهوى   فحارتْ خُطايَ يتلك الدروبْ

لك الحمدُ..هذا جَناني اسـتوى   على الحمدِ..هذا لســاني يتوبْ

*****

عبدالوهاب المنصوري – تونس

يجدّ بي الشــــــــــوْق أحياناً ويغلبني   ما أظلم الوجد والأشـــــواق إن غلبوا

يا حادي الشوْق عرّج بي على بلدي   ووالــــــــــــــديّ فلي هــــــــــنا وأبُ

أبي حبيبي لذاك الحضـــن قد ظمئتْ  روحي، فخذْني، فقلـــبي يا أبي خربُ

لقد عققْت طقوس العشــــق في بلدي  هل يذكر الماء وجهي الآن والقـــربُ؟

ما حال خيْمتـــــنا؟ بالحبّ دافئـــــــة  كانت بأعلى الذّرى في القلب تنتصبُ

أبي نســـــيتُ حقول القمح مائجـــــة  ونوْرجي وحصاني، فالهـــــوى خببُ

أنـــــــا الغريب ولي أهل ولي وطن   وذا نديمي وذي كأســــــي وذا العنبُ

أنــــا الحزين ولي خمر ولي ســكن   فالحـــزن نار وقلبي في اللظى حطبُ

يـــــا ربّ حتّى متى يا ربّ أغترب؟ إلى متى يا إلهي في المــــدى أثــــــبُ؟

ما بــــــال أســــــئلتي لا تنتهي أبداً؟  مالي أزيــــــــد إبتعــــاداً حين أقتربُ؟

فغرْبة الأنبيـــــاء بعض غربتــــــنا   يا جنّتي طال بي التجـــــــوال والتعبُ

*****

عز الدين مهيوبي – الجزائر

قل أي شيءٍ صديقي لا تقف وسـطاً  واخترْ مكانك..صحّاً كان أو غلــطا

قل أي شــــــيء فإن الصمت أتعبنا   والصمت موت إذا ما زدته شـططا

قل أي شــــــيء فإن الصمت أتعبنا   ورحلة النصـر نبدأها ببضع خطى

إن الجزائر من دمعي ومن دمــــكم   وألف ألف شهيد باســــماً ســـــقطا

إن الجزائر يا أحباب..ما انكســرت   لكنها انتصـــرت والعِقْد ما انفرطا

إن الجزائــــر ليســــــت لعبة..وكذا   فأر يلاعب - من جهْلائه – قططا

الشـــــعب قال فهل من بعد قولتـــه   قول يقال وهل ما قال كان خَــــطا؟

*****

عزوز عقيل – الجزائر

وهج الليالي إذا ما الحزن يبـــديه   أم طيف جنة بت الليــــل أحكيــــه

جنات عدن أم الجنـــات يا وطني   تنأى بعيـــداً تزيد الجرح تكويــــه

قد قيل ولّى زمان الحب يا وطني   فكيف ، كيف أداري الجرح أخفيه

ذا قلبها أم تراه البحـر في غضب   يحكي المواجع إن طالت لياليـــــه

عزوز كم من فتاة كنت تعـــرفها   واليـــــــــوم وحدك لا طيفا تناجيه

حتى التي قلت إن القلب أســكنها   اســــــتبدلتك بيـــــــــوم لم تعد فيه

*****

يا قاضي العشاق جئتك شـــــــاكياً   من حب أنثى هيجت أوجاعـيا

أو كلما قلت اقتربـــــنا خطـــــــوة  تزداد بعداً كي تطيل ليالـــــــيا

ســـــــأظل دوماً كالطيـــور محلقاً  أرمي جناحي فوقها متســــاميا

وظللت أرســـــم حين غابت فجأة   قلباً تمزق ثم أمطر باكـــــــــيا

والكـــــل يعلم يا حبيبي أنــــــــك   إذ ما طلبت أجيء عندك حافيا

فلم الجفاء لم الغيـــــــاب أيا أنا   قالت جميل أن تظــــــل ورائيا

نظرت إلى القاضي فأرسل بسمة   فعلمت أني ســوف أرجع باكيا

عزيز ضياء – السعودية

بأجنـــــحــة الحـــب طيري إلي   وحطي رحــــالك في جنـتــي

وعيشـــــي ملاكا يفيـــض علي   حنــانا يذيب لظــى وحشـــتي

وهذي البـــــلابل فوق الغصون   تغني قيرقـــص كل الشــــجر

وذاك غنــــاء الهزار الحـــنون   وهذا ابتساـــم صنوف الزهـر

فهيــا تعالي ننــاجـــي الغـــرام   ونزجي الأثيرأغاني الشـــباب

ونفـني الشــقاء بلــهو الهــيــــام   ونعبــث حتى تضــج الرحاب

أريــد لــــقــاك إذا مــا الأفـــــق   توشـــى بمــاس وتــبـر مذاب

وشاع على الأرض سحر الشفق   وضج الرعاة بعزف الربــاب

هنـــاك نجـــوس خلال الشـــجر   وطورا نطــوف بمــاء الغديــر

وطـــورا نـــقـــر وطــورا نــفـر   كطــيــرين فازا بعيــش قـريــر

علي أحمد باكثير – حضرموت

خلق الله للجـــــــــمال قلــــــوباً  اجتباها من صفوة الشعراءِ

ســـكب النور في قلوبهم السودِ   فعادت تموج بالأضـــــواءِ

واستحالت مرائياً يعكس الكونُ   عليها ما عنده من مــــراءِ

واقفاً ناظراً محــــــــياه فيـــــها   في غرور كوقفة الحسـناءِ

*****

ما هو الكون غير ذاك الضعيف الحول   يســـــطو به على الأقوياءِ

ما هو الكون غير ذاك الذي يشـــــــــفى   به الداء وهو عيــــن الداءِ

غير ذاك الذي عليـــــه تــــــــــــــلاقى   ضربات السراء والضراءِ

غير ذاك الذي به تعثـــــر الدنــــــــــيا   على مرطها من الخيــــلاءِ

غير ذاك الذي به الحــب والبغضــــاءُ   بين الأحبــــاب والأعــــداءِ

غير ذاك الذي به امتحـــــــــــــــن الله   قلوب العصـــــــاة والأتقياءِ

غير ذاك الذي به يلــــــوذ النســــــــلُ   ويغرَى الآبـــــــــاءُ بالأبناءِ

غير ذاك الذي به يصـــــــير الكــــونُ   نسيماً على بســـــــاطِ اللقاءِ

غير ذاك الذي تجمـــــــع فيـــــــــــــه   ما وعى حسنه من الأسـماءِ

غير ذاك الذي إليــــــــه ومنــــــــــــه   كل مافي الوجود من أشـياءِ

ما هو الكون غير فتنـــــــة حـــــــواءَ   ومافي حواءَ من إغــــــراءِ

ليت شــــعري أكان للكــــــون معــنى   لو أتى آدمٌ بلا حــــــــــواءِ

*****

عظمت دولة الجمــــال وعزت   وتعالى ما فيه من أســــماءِ

بعض أســمائه يضيع به الدهرُ   فنـــــاء وما له من فنـــــاءِ

نفذت من أعماقه حكمة الباري   وضاعت وساوس الحكماءِ

والسعيد السعيد من شـــــم منه   أرجــــــاً من حديقـــةٍ غناءِ

والسعيد السعيد من شــــهد الله   على لوح نوره الوضـــــاءِ

*****

رب غاوٍ يلــــــومني في نشــــــيدي   وهو لا ينتهي عن الفحشاءِ

خاشع الطرف مطرق الرأس يمشي   بين خلين ســـــــمعةٍ ورياءِ

يظهر الفكر وهو في الســــر يغشى   ما تندى له جبينُ الحـــــياءِ

وأنا الطاهر الســـــــــراويل والبُردِ   نقيُّ القميـــص عـفَّ الرداءِ

ليس منى الفسوقُ تأباه في جســمي   دماءُ الأجـــــدادِ والآبــــــاءِ

ينهل الحســـــــن من غرامي ولكن  هو صديانُ يلتظي من إبـائي

كل حبي طهرٌ وقدسٌ وتســــــــبيحٌ   لربي وصــــــيغةٌ من دعـاءِ

أنا عبدالجمال حررتُ في معبــــدِه   مهجـــــــتي بلا إســـــــتثناءِ

مهــــــرقاً في محـــرابه ذوب قلبي   ما تراه مضرجاً من دمـائي

أعبـــــــد الله فيـــــه : إقرأ فيــــــه   آيــــة الإقتدار والإنشـــــــاءِ

إن يكن في الحدود جسمي فروحي   تتهـادى في العالم اللانهـائي

*****

علي بن أحمد بن محمد معصوم الحسني

الحسيني – السعودية  

أرأيـــتَ بيـــــن المأزميــــن كواعـــــباً   أســـــــــفرنَ أقماراً ولُحنَ كواكبا

رنَّحْــــــنَ مــن أعطافِهِــــنَّ ذوابـــــــلاً   ونضَوْنَ من أجفانهنَّّّ قواضِـــــــبا

وغدونَ يَمنحنَ العيــــــــونَ مواهِــــــباً   حُســـناً ويَسْـــــــبيَن القلوبَ نواهِيا

ما رحــنَ في كِلل الجَـــــلال غواربـــاً   حتى أرينَ من الجَمــــــــال غرائِبا

من كلِّ واضـــــحةِ الجَبيـــن كأنَّــــــها   قمــــرٌ يُنيـــــرُ من الفَروع غياهِبا

تختالُ من مَرح الشَّـــــــبيةِ والصِّـــــبا   فتُعيدُ فَوْدَ أخي الشَّبيبةِ شـــــــــائِبا

فَاقَـــتْ على أترابــــــها لـــــمَّا جلـــتْ   تحتَ العُقود مع النُّهــــــــودِ ترائِبا

لا تعجَبُـــــوا لتهتُّـــكي فيـــــــها وقـــد   أبدَتُ من الحُســــــنِ البَديع عَجائِبا

تَرنو لواحظُـــــها فَيَفْــــري طرفَـــــها   عن حدِّه المســــــنُون قلبي الواجِبا

فَحـــــذَار من تلكَ اللِّحـــــاظِ فإنَّــــــها   أمضى من البيض الرِّقاق مَضارِبا

ما زال دمعُ العيــــــن منّي صــــــائِباً   وَجْداً وســـــهمُ العين منها صـــائِبا

وصَبا بـها قلبي فراقَ لهُ الهـــــــوى   عَذْباً ولم يَرَه عــــــذاباً واصِــــــبا

وتزيــدُني ظمــــــأ مــــواردُ حبِّـــــها   ولقد وردتُ من الغرام مَشـــــــارِبا

لم أصحُ قطُّ وكيف يَصحو في الهَوى   مَنْ راحَ مِنْ راحِ المحبَّة شـــــارِبا

لم ترضَ لي أنِّي أهيـــــمُ بحُسْــــــنِها   حتى هجرتُ أحبَّـــــةً وحَبــــــــائِبا

أدْنُو فيُقْصــــيني جَفـــــاها راهِــــــباً   منها وتُدنيني الصَّـــــــــبابةُ راغِبا

يا صــــــاحبي إن كنتَ غيرَ مُلائمي   فَدَع الملامَة لي عَدِمْتُكَ صـــــاحِبا

لي مذهبٌ فيــــــــما أراهُ وقـــد أرى   للناسِ فيما يَعَشُـــــــقون مذاهِـــــبا

قســــــــماً بصــــدق هوايَ وهو أليَّةٌ   يُلفى لدَيْــــــها كلُّ واشٍ كاذِبـــــــا

لو أنَّني أفنيــــتُ فيــــــها مُهجـــــتي   وقضيتُ نحبي ما قضيتُ الواجِـبا

*****

علي الجارم – مصر

جدّدي يا رشـــــــــيدُ للحــــــبّ عَهْدَا   حَسْــــــبُنَا حَسْــــــبُنَا مِطالاً وصدَّا

جدّدي يا مدينــــةَ الســـــــحر أحلاماً   وعْيشاً طلْقَ الأســـــــــارير رَغْدا

جدّدي لمحةً مضــــتْ من شــــــبابٍ   مثل زهر الربـــــى يرفُّ وينــــدَى



لُبنانُ روضُ الهـــــــوى والفنِّ لُبنانُ   الأرضُ مسكٌ وهمسُ الدوح الحانُ

هل الحِسانُ على العهدِ الذي زعمت   وهل رفاقُ شــــــــبابي مثلما كانوا

أين الصـــــــبا أين أوتاري وبهجتُها   طوت بســــــــاط لياليهــــنَّ أزمانُ

أرنو لها اليــــــومَ والذكرى تُؤرِّقني   كما تنبَّه بعــــــد الْحُلمِ وســــــــنانُ

هَبْني رجعتُ إلى الأوتار رنَّتَـــــــها   فهل لشـــرْخِ الصبا واللهو رُجْعانُ

لا الكأس كأسٌ إذا طاف الحباب بها   بعد الشـــــبابِ ولا الريحانُ ريحانُ

ما للخميلـــــةِ هل طارت بلابلُـــــها   وصَــــوَّحتْ بعد طول الزَهْو أفنانُ

وهَل رياضُ الهوى ولَّت بشاشـــتُها   وغادرت العذارى وهُو حيـــــــرانُ

*****

علي الضميان – السعودية

تذكري قبل هجــــــراني ونســــــياني   ذاك الخيــــــــال بهذا العالم الفاني

تذكري حلــــــــماً كـــــــنا نعيــش به   صــــــــــراع وعي أليم غادر آني

تذكري أمنيـــــــات في الهوى رحلت   تطفو على ســـطح أشواق وتحنانِ

تذكري نظـــــرات خادعت حجــــــباً   لترشـف الحب من ينبوع حرماني

تذكري همســـــــــات عذبة صرخت   في لجة من سكون كان يغشـــــاني

حبيبتي الحـــــــب لا تطوى صحائفه   وليس في عالم العشــــاق من ثاني

الحب ليس حديثــاً عابـــــراً أبـــــــداً   وليس من صنعنا أو بدع إنســـــانِ

هو العبـــــور إلى آفـــاق نشـــــــوتنا   في لحظة تتجـــــلى دون إمعــــانِ

هو الســـــحاب لأرض ترتجي مطراً   يحيي البوار بوبل الـــــروح هتانِ

هو الأمـــــان من الدنيــــا إذا غدرت   وأصبحت دمعة في صمت أحزانِ

لا ترحلي إن في جرح الرحيل جوى   أما سمعت البكا في جوف أوطاني

غريبة أنت إن غـــــادرت عن مدني   خليلك النــــــاي من أوجاع ألحاني

على رصــيف النوى تهجوك أغلفتي   وفي مقاهي المســـــا تلقاك أجفاني

تمهـــلي عاودي التفكيـــــر لا تزري   في البعد وزر قلوب تلعن الجــاني

عودي إلي وتوبي..اســـــتغفري فأنا   أعوذ بالله من وســــــواس شيطاني

*****

علي فريد – مصر

لا تسألي عن ســرِّ هذا الهوى   الســــرُ في عينيكِ لو تعرفينْ

القلـــبُ قـــدْ يُخفي تَباريْحَــــهُ   والعينُ لا تُخفي لهيبَ الحنينْ

ناري التي أشـــعلتِ لا تنطفي   وأدمعي حيرى كما تُبصرينْ

قد كنتِ لي جُرحاً فضَــــمَّدتُه   وها أنا أُجْــــرَحُ في كلِّ حِينْ

أخرجتني بعد إشـــتداد اللظى   من ظُلمةِ الشَّـــكِ لنور اليقينْ

عيناك والدفءُ الذي فيهــــما   أدخلتني في زمرةِ العاشـــقينْ

قدْ كُنتِ مائي حين ثارَ الظما   وكنتِ عقلي حينَ ثـارَ الجنونْ

لله هذا الحُســــــنُ كمْ يرتوي   مِن معبدِ السَّــحر ونبعَ الفنونْ

لا يرتقي الشـــعرُ إلى وصفهِ  إلا على أجنحــــةٍ من ظنـــونْ

ألمحُ في شَــــــتى تعــــابيره   دمعَ الضحايا وإبتســامَ المنونْ

وهكذا كل نســــــــاء الورى   تكون في حُســـنكِ أو لا تكونْ

أقســــــمُ بالحبِ الذي هزني   ما أبْصَرَتْ مثلكِ هذي العيونْ

*****

علي محمود طه – مصر

قبلة من ثغرك الباسـم   دنيــــــا وحيــــــاة

تلتقي الروحان فيـــها   والمنى والصّبوات

لغة وحدت الألســــن   فيـــــها واللّغــــات

نبعها القلب ومجراها  الشـــــفاه النّضرات

*****

لغة قرّ الشّتيت الشّـــمل   فيـها وتواءم

وبها الأعين في غيــــر  حديث تتفاهم

من ترى علمها بالأمس  حــواء و آدم؟

لم تزل جدّتــــــها وهي  حديث يتقادم

*****

قبلة من ثغرك الباســـم   تمحـو كل ما بي

وتواريـــني عن النّاس   وعن دنيا العذاب

وتنسّي القلب ما جرع   من ســـم وصاب

قبلة تمزج أنفاســــــك   بالقلب المــــذاب

*****

ربّ ليل مــــرّ أفنيــــــناه   ضـــــمّا وعنــاقا

وأدرنــا فيه من حديث الحبّ   خمرا نتســــــاقى

في طريق ضرب الزّهر   حواليــه نطـــــاقا

وتجلّى البـــــــدر فيـــــه   وصفا الجوّ وراقا

*****

ولزمـــــنا الصّــــــــمت إلاّ   نظرات تتكلم

وشــــفاهاً عن جراح القلب   راحت تتبسـم

صحت بي رعباً وماراعك   قلب يتحطــم

*****

ثمّ كان الغد ما نبئت  هجراً وفـــــــراقا

ونســـينا قبلة طابت  على الأمس مذاقا

فالتقينا وافتــــــرقنا   وكأن لم نتــــلاقا!!

*****

عدنان النجوي – السعودية

طوِّفي حَيْثُ شِئتِ هذي المَغَاني   زَهَرَتْ بالقصــــيدِ والمهْرَجَانِ

يا لنَفْح الإيمان يَنْشُـــــــــرُ طِيباً   مِنْ فَعَــــــالٍ ورَفَة مِنْ بَيَــــانِ

يا لنُورِ يَشُــــــقُّ مِنْ ظُلْمةِ اللّيْلِ   وَيَسْرِي بَينَ الضُلُوعِ الحَوَانِي

يا لــــهَا خَفْقةً مِنَ الكَبدِ الحَــرَّى   وَدَفْقٌ مِنْ رَحْمَـــــةٍ وَحَنـــــانِ

أسْــــــــعِفِينَا فكمْ ضَـلَلْنا وتاهَتْ   في الدَّياجير خُطْوةُ الإنســـــانِ

أسْــــــــعِفِينَا بآيةٍ مِنْ بَيَــــــــانٍ   شَـــعَّ مِنْ جَوهَرٍ كَريم المَعَانِي

كُلُّ حُرِّيَــــــةٍ تَمُـــــــوتُ إذا لَمْ   تَكُ حُرِّيَّـــــة لصدقِ لِسَـــــــانِ

كُلُّ حُســـــــنٍ يَمُوتُ فِينَا إذَا لَمْ   يَكُ أغْـــــــلاهُ آيَة مِنْ بَيَــــــانِ

كمْ سَـــقطْنا وَمَا نهضنا فَأُهْوتْ   بَيْنَ أوُحالنا خُطا الفُرْسَـــــــانِ

كمْ خَنَقْنَا عَلى الحَناجر أصْوَاتاً   فَماتَتْ في غُصَّــــــــــةٍ وَهَوَانِ

الحُرُوفُ الخَرْسَــاءُ ذَلٌّ ومَوتٌ   دُفِنَتْ بَيْنَ مُجْــــــرمٍ وَجَبَــــانِ

لهْفَةَ الشَــــــوْقِ لَمْ تَزَلْ تَتَعَالى   بَيْنَ أحْنائِنَا، وصَـــــفْوُ الأمَاني

أسْـــعِفِينَا برَوْعَةِ الحَرْفِ يَجْلُو   عِزّةً أو يُعِيــــــدُ مِنْ إيمـــــانِ

علاء الدين عبدالمولى – سورية

أرى جبلَ الأحــزان يعلو، فأنحني  على حلم مازال في القلب برعــــــما

أنا شــــــــاهدٌ حَقٌّ، لكثرة ما أرى   من الوجع الشَّــــــرقيِّ، أحلمُ بالعمى

بصـــــــيرتيَ الزَّرقاء بالدَّم لُوِّثت   وغَّر بها عهــــــرُ الزَّمــــــان لتأثما

ولســــــــتُ نبيّاً كي أتوِّج حِكْمتي   وإنِّي كشعب الشَّـــرق، يغزو ليهزما

أحارب وجهي في مرايــــا قبيلتي   وأتركه مســــــخاً عربياً، مهشَّـــــما

هي الذَّاتُ تذروها ريـــــاحٌ شقيقةٌ   كما السّــــيف يلهو بالهواء ليُقْســــما

سأطويكِ يا أرض الكوارث راكباً   جواداً، ترامى الكون ُيأساً، وما ارتمى

جوادٌ من الأعصــــــاب يبلغُ زادَهُ   وفي دميَ المســـفوح يختصر الظَّما

تعلَّمني المأســــــاةُ: أفترسُ المدى   وأدعو عليه بالحنــــــون ليَسْــــــلَما

*****

عمر أبو ريشة – سورية

من أنت كيف طلعـت في   دنياي ما أبصرت فيا

في مقلتيك أرى الحيــــاة   تفيض ينبوعاً ســـخيا

وأرى الوجود تلفـــــــــتا   سمحاً وإيماء شــــهيا

ألممت أحلام الصــــــــبا   وخلعت أكرمها علـيا

مهــــــــلاً فداك الوهم لا   ترمي بمئزرك الثريّا

أنا في جديب العمر أنثـر  ما تبـــــقى في يديّــــا

عودي إلى دنياك واجني  زهرها غضـــــاً زكيا

يكفيك مني أن تكـــــوني  في فمي لحناً شــــجيّا

*****

وثبتْ تَســـــــتقربُ النجم مجالاً   وتهادتْ تســـحبُ الذيلَ إختيالا

وحِيالي غـــــــادةٌ تلعـــــب في   شـــــعرها المائج غُنجاً ودلالا

طلعة ريّــــــا وشيءٌ بـــــــاهرٌ   أجمالٌ؟ جَلَّ أن يســــمى جمالا

فتبســــــــمتُ لها فابتســـــــمتْ   وأجالتْ فيَّ ألحاظَّا كُســــــالى

وتجاذبـــــنا الأحــــاديث فَــــما   انخفضت حِساً ولا سَـفَّتْ خيالا

كلُّ حرفٍ زلّ عن مَرْشَــــــفِها   نثر الطّيبَ يميـــــناً وشـــــمالا

قلتُ يا حســـــناءُ مَن أنتِ ومِن  أيّ دوح أفرع الغصـــن وطالا؟

فَــرَنت شــــــامخةً أحســــــبها   فوق أنســـــــاب البرايا تتعالى

وأجـــابتْ: أنــــا من أنـــــدلسٍ   جنةِ الدنيا ســــــــــهولاً وجبالا

وجــــــدودي، ألمح الدهر على   ذكرهم يطوي جناحيه جـــلالا

بوركتْ صحراؤهم كم زخرتْ   بالمروءات ريـــــــاحاً ورمالا

حملوا الشـــرقَ ســـــناءً وسنى  وتخطوا ملعب الغرب نِضــالا

فنما المجــــــدُ على آثــــــارهم  وتحـدى ، بعد ما زالوا الزوالا

هؤلاء الصِّيد قومي فانتســـــبْ  إن تجد أكرمَ من قومي رجالا

أطرق الطرفُ، وغامتْ أعيني  برؤاها، وتجاهلتُ الســــــؤالا

*****

قالتْ مللتُكَ إذهبْ لســـــتُ نادِمــــــة  على فِراقِـــــــكَ..إن الحـــــبَّ ليس لنا

سقيتُكَ المرَّ من كأسي شــــــفيتُ بها   حقدي عليك ومالي عن شــــقاكَ غنى

لن أشـــــتهي بعد هذا اليـــــوم أمنية   لقد حملتُ إليــــــها النعـــش والكفــــنا...

قالتْ..وقالتْ..ولم أهمسْ بمســـمعها   ما ثار من غُصصي الحرى وما سَكنا

تركْتُ حجرتها..والدفءَ منســـرحاً   والعطرَ منســـــــكباً..والعمر مُرتهــنا

وسرتُ في وحشتي..والليل ملتحفٌ   بالزمهرير وما في الأفق ومضُ ســنا

ولم أكـــــد أجتلي دربي على حدس   وأســـــــتلينُ عليه المركبَ الخشِـــــنا..

حتى..سمعتُ..ورائي رجعَ زفرتها   حتى لمســــــتُ حيالي قـــدَّها اللــــدنا

نســـــيتُ مابي...هزتني فجاءتُـــها   وفجَّــــــرَتْ من حناني كلَّ ما كَمُـــــنا

وصِـــحتُ..يا فتنتي! ما تفعلين هنا؟؟ البردُ يؤذيـــــــك عودي...لن أعود أنا!

*****

قفي، لا تخجلي مني فما أشـــــقاك أشــــقاني

كلانــــا مرَّ بالنعمى مرور المُتعَبِ الــــواني

وغادرها..كومض الشوق في أحداق سكرانِ

قفي، لن تســمعي مني عتاب المُدْنَفِ العاني

فبعد اليوم، لن أســــــأل عن كأسي وندماني

خذي ما سطرتْ كفاكِ من وجدِ وأشـــــجانِ

صــحائفُ...طالما هزّتْ بوحي منك ألحاني

خلعتُ بها على قدميـــــــك حُلم العالم الفاني!

لنطوِ الأمسَ، ولنسدلْ عليه ذيل نســــــــيانِ

فإن أبصــــرتني ابتمســــي وحييني بتحنانِ

وسيري، سير حالمةٍ وقولي....كان يهواني!

*****

هذي الربى كم ضاق في فضــاؤها   مالي على جنباتـــــها أتعثـــــــر

شـــــب الحصى فيها ودون زحامه   درب يغيـــب وآخـــر يتكســـــر

وملاعبي ومجــــــر أذيـــــالي بها   بعدت فما ترقى إليها الأنســــــر

ما كنت أحسب أنها تتغير

وأرى الشــــــتاء تطاولت أيامـــــه   وإزداد عســـــفاً قلبه المتحجــــر

كم زارني وكشفت عن صدري له   فأقــــام لا يـــــزهو ولا يتكبــــر

مـــا زلت أذكر كيف كان لهاثــــه   من دفء أضلاعي يذوب ويقطر

ما كنت أحسب أنه يتغير

وأتيت مرآتي وعطري في يـــدي   فبصرت ما لا كنت فيها أبصـــر

فخفضت طرفي ذاهلاً متوجـــــعاً   ونفرت منها غاضباً اســــــــتنكر

خانت عهـــــود مودتي فتغيـــرت   ما كنت أحســــــب أتها تتغيـــــر

*****

قفي قدمي! إن هـــذا المكــــان  يغيبُ به المرء عن حســـه

رمالٌ وأنقاضٌ صــــرح هوت  أعاليه تبحثُ عن أســــــــه

أقلِّــــبُ طرفي بـــــه ذاهِـــــلاً  وأسألُ يومي عن أمسِــــــه

أكانت تســـــيلُ عليه الحيــــاةُ  وتغفو الجفونُ على أنسِـــــه

وتشـــدو البلابلُ في ســــــعده  وتجري المقاديرُ في نحسِــه

أأســتنطقُ الصخرَ عن ناحِتيه  وأستنهضُ الميتَ من رمسِه؟

حوافر خيل الزمان المشــتـت   تكاد تُحدِّثُ عن بؤسِــــــــه

فما يرضع الشوكُ من صدرهِ   ولا ينعبُ البومُ في رأسِـــه

وتلك العناكـــبُ مذعـــــــورةٌ   تريدُ التفلُّتَ من حبسِـــــــه

لقد تعبــــتْ منه كفُّ الدمـــار   وباتت تخاف أذى لمسِــــه

هنا ينفض الوهمْ أشـــــــباحهُ   وينتحرُ الموتُ في يأسِــــه

*****

هنا في موســــــــم الورد   تلاقيْــــــنا بــــلا وَعْــــــدِ

وسِرْنا في جلال الصمتِ   فـــــوق مناكــبِ الخُلْـــــدِ

وفي ألحاظـــنا جــــــوعٌ   على الحرمانِ يســـــتجدي!

وأهوى جيـــــدكِ الريان   متكئــــــاً على زنـــــــدي

فكُنا غفــــوةً خرســــــاء   بين الخَــــــدِّ والخَـــــــــدِّ

مُنى قلبي أرى قلبـــــــكِ   لا يبـــــــقى على عَهْــــــدِ

أســـــــائلُ عنكِ أحلامي   وأســــــكتُها عـــن الــــرَدِّ

أردتِ فنلتِ ما أمَّلــــــتِ   مَن عِزّي ومن مجـــــــدي

فأنتِ اليـــــوم ألحــــاني   وألحـــــان الدُّنى بَعْــــــدي

فما أقصــــــرَه حُبَّـــــــاً   تلاشـــى وهو في المَهْـــــدِ

ولم أبــــــــــرحْ هنــــــا،  في ظل هذا المُلتقى وحدي

*****

أمـــــتي هل لك بيــــن الأمم   منبر للســـــــيف أو للقلم

كيف أغضيتِ على الذل ولم   تنفضي عنـك غبار التهم

ودعي القادة في أهوائــــــها   تتفانى في خسـيس المغنم

رب وامعتصـــــماه انطلقت   ملء أفواه الصـــبايا اليتَم

لامســــت أســــماعهم لكنها   لم تلامس نخوة المعتصم

نديّك السّــــــــــمح لم يخنق له وتر   ولم يغب عن حواشي ليله سمر

بنات وحــــيك ، في أرجائه زمــر   يهزّها المترفان ، الزّهو والخفر

رواقصٌ ، تحمل السّلوى وتسكبها   وليس تعلم ما الدّنــــيا وما القدر

على تأوّدها الإغــــــــراء منتفضٌ   وفي تلفّتـــــها التّحنان منهمــــر

ونحن من حولها أنضــــاء غربتنا   وأنت عنّا وراء الغيب مســــتتر

نبدي لها غيـــر ما نخفي ولوعتنا   تكاد في صمتها للشّـــــوق تعتذر

فلا تلمها إذا لم تخب بســـــــمتها   ولم يعكّر صدى ألحانـــــــها كدر

لم يبلغ الخبر النّاعي مســــامعها   عن مثل هذه اليتـــامى يكتــم الخبر

*****

عمر بهاء الدين الأميري – سورية

قالوا العروبـــــة قلنا إنها رحم   وموطن ومروءات ووجدان

أما العقيـــدة والهدي المنير لنا   درب الحياة فإســلامٌ وقرآن

وشرعة قد تآخت في سماحتها   وعد لها الفذ أجناس وألوان

*****

أين الضجيج العــــذب والشــغب   أين التدارس شـــــــابه اللعب؟

أين الطفـــــــــولة في توقـــــدها   أين الدمى في الأرض والكتب؟

أين التشــــاكس دونــــما غرض   أين التشـــــاكي ماله ســـــبب؟

أين التبـــاكي والتضـــــاحك في   وقت معاً، والحزن والطـرب؟

أين التســــــابق في مجـــاورتي   شغفاً إذا أكلوا وإن شـــــربوا؟

يتزاحمــــون على مجالســــــتي   والقرب مني حيثما انقلبــــــوا؟

يتوجهــون بســـــوق فطرتــــهم   نحوي إذا رهبوا وإن رغبـوا

فنشــــــيدهم: (بابا) إذا فرحــــوا  ووعيدهم:(بابا) إذا غضبــــوا

وهتافــــهم:(بابا) إذا ابتعـــــــدوا  ونجيهم: (بابا) إذا اقتربــــــوا

بالأمس كانــــــوا ملء منزلــــنا  واليوم، ويح اليوم قد ذهبـــــوا

وكأنما الصــــــمت الذي هبطت  أثقـــاله في الدار إذ غربــــــوا

إغفاءة المحمـــــــوم هدأتـــــــها  فيها يشــــــيع الهم والتعــــــب

ذهبوا، أجل ذهبوا، ومســــكنهم  في القلب ، ما شطوا وما قربوا

إني أراهــــم أينــــــما التفتــــت  نفسي وقد ســـكنوا ، وقد وثبوا

وأحس في خلــــدي تلاعبـــــهم  في الدار ليس ينالــــــهم نصب

وبريق أعينــــهم ، إذا ظفـــروا  ودموع حرقتـــــهم إذا غلبــــوا

في كل ركن منـــــهم أثـــــــــر  وبكل زاويــــــة لهم صـــــخب

في النافذات زجاجـــها حطموا   في الحائط المدهـون قد ثقبـــوا

في الباب قد كســــروا مزالجه   وعليه قد رســــــموا وقد كتبوا

في الصحن فيه بعض ما أكلوا   في علبة الحلوى التي نهبـــــوا

في الشطر من تفاحة قضــموا   في فضلة الماء التي ســــــكبوا

إني أراهم حيثـــــما اتجهـــت   عيني كأسراب القطا ســـــربوا

بالأمس في (قرنايل) نزلــــوا   واليـــوم قد ضـــــــمتهم (حلب)

دمعي الذي كتمتــــه جلــــــداً   لما تباكوا عنـــدما ركبـــــــــوا

حتى إذا ســــاروا وقد نزعوا   من أضـــــلعي قلباً بهم يجـــب

ألفيتي كالطفـــــل عاطفــــــة   فإذا به كالغيـــث ينســــــــــكب

قد يعجب العــــذال من رجل   يبكي، ولو لم أبـــكِ فالعجــــب

هيهـــــــات ما كل البكا خور  إني وبي عـــزم الرجـــــال أب

  *****

عمر سليمان – سورية

هِيَ ذِي دمَشـــــــق كعهدِها مزدانَـــةً   تغفو على كَفِّ القصِيْدِ الصَّـاحِي

تَرنو بمِلئ العَيْـــــــن مِثلَ صَــــــبيَّةٍ   عَبقَت بضَوع عبيــــــرها الفَوَّاحِ

وَتُعِيد أغنيَـــــةَ الصَّـــــــبابَةِ كُلَّــــما   سَكِرَ المَدَى من صَوْتِها الصَّدَّاحِ

فإذا أرقَتَ فَخَمْـــــرُ جِلَّـــقَ فاخِـــــرٌ   ومُعَتَّقٌ ينسِــــــــــيكَ كلَّ صَباحِ

فَخُذِ الشَّــــرابَ وَخَلِّ كأسَــــكَ جانباً   فَإذا صــــحَوْتَ يَزُولُ هَمُّ الرَّاحِ

أإلى دِمَشْــــقَ يَعوْدُ قلبي سَـــــــاهِدَاً   وَبها المُدامُ وَصَـــــــفوة الأقداحِ؟

وهي الَّتي ضَـــــــمَّت فُؤادِي عِنْدَمَا   غَدَرَ الزَّمَانُ وَكَلَّ كُلُّ سِــــــلاحِ

إنِّي دِمَشــــــــقُ قَصـــيدَةً منثــــورَةً   وعلى تُرابكِ أرتجي إصــلاحِي

فَالوَرْدُ قَافِيَتي وَضَــــــوع عبيــــرهِ   وزني وصوتُ سَــبيله إفصاحي

قلبي تَمَزَّقَ إذ تَفَـــــــــرَّقَ جمعــــنا   والدهر أثخن منه كُلَّ جِـــراحي

ماذا جرى يا شامُ؟ هلْ تَعِبَ الهوى؟   فإذَا هَجَرت حبيبتي ترتــــــاحي

إني كما تهوينَ قد طبَعتِ صُــــورَةً   مِثلَ الخيالِ وَرَونَق الإصـــــباحِ

وَأمام سِـــــحركِ أحتســـــي كمُقامِرٍ   كأسَ المدامِ وأرتجي أفـــــراحي

ماللقلوبِ تَعافُ أحـــــلامَ الهـــــوى   وَتُعيدُ ذكرَ الليلِ كُلَّ صَــــــــبَاحِ

وَتَســــــلُّ سِــــكِّينَ الجفاوَةِ والأسى   فوقَ العَقيقِ وَتحت سيف صَلاحِ

قُولي دِمَشـــــقُ فَإنَّ كليَ ســــــامعاً   ولأجلِ ثغركِ قد كتمتُ صـياحي

إني فقيـــــــرٌ تائـــــــهٌ في ليلـــــــه   ولك إلتجأتُ لتعطني مصــباحي

ولألتقي بأحبَّـــــتي في ضــــــــوءه   يا شام صار الصمت كالإفصاحِ

لاشــــــيء أملِكُـــهُ أمامَ أحِبَّــــــتي   إلا خيــــالُ قصـــــيدَتي ونواحي

*****

عمر قاسم حبيب – فلسطين

وأمضي ذاهبـــاً في حب ليلى   لعل الروح يشــــــفيها عذابي

سـماء الورد تبصر ما أعاني   فيقرع نجمـــــها الفضي بابي

أبادلها الرحيـــــل إلى رؤاها   فيحضر من منافيــــها غيابي

وتقرؤني الريــــاح إذا أراها   ويهطل من مطالعها ســحابي

تكلمني العيــــــون..فترديني   نيازك ليس ينســـاها إغترابي

شـــــميم ترابها ضوء مندى   وحلم ذاهل أغوى ســـــــرابي

لها وطني ولي شرر الحنايا   كأن الشـــــــمس يذكيها كتابي

يســــــلمنا الهيام...إلى ذراه   وتشرب صفو كأسينا الروابي

*****

إسألوا التاريخ لكن بإختصـــار   كيف أن الليل يتبعه النهـــار

رغم كل الصمت حولي صامد   ودمي كالنصر يعلو الإنهيار

يذكر التـــاريخ في أرض العلا   أن ورد النهر يزهو بالفخار

أصبح الصـــــــخر فتاتاً عندما   فجر الينبوع شعبي ثم ســار

درب آلامي بــــروق نـــــزفت  وحريق في كتاب الإنتظـــار

وخلاصـــــي أمة تحضـــــنني  مثلما اللؤلؤ في قلب المحــار

أمة جـــــادت بإيثــــــار الألى  مثلما الخنساء جادت وضرار

هكذا الريـــــح تواتي نـــــارنا  وعزيف الحب يسري بإقتدار

*****

غازي بن عبدالرحمن القصيبي – السعودية

قل لها..إنه تأمَّل في دنيــــــاه   حينـــــــاً فعاد يحضــــنُ دمعه

راعه أنَّ عمـــــره يتلاشــــى   مثل ما تُخمد الأعاصير شمعه

وصباه يضيع منه..كما ضاع   نداء..تطوي المتـــاهات رجعه

قل لها..إنّه يفيق على جــرح   وتغفــــو ســـــــنينه فوق لوعه

سكب الدهر من أســاه رحيقاً   فتحســــــــاه جُرعة إثر جُرعه

*****

خمسُ وســـــــتُونَ..في أجفان إعصــــــار  أما سئمتَ إرتحالاً أيّها الساري؟

أمـــــا مللتَ من الأســـــــفار..ما هــــدأت  إلا وألقتك في وعثاء أســــــفار؟

أمـــــا تعِبـــتَ من الأعداءِ..مَا برحـــــــوا  يحاورونكَ بالكبريتِ والنـــــار

والصــــــــحبُ؟أين رفاقُ العمر؟هل بقِيَتْ  ســـــــوى ثمالةِ أيــــامٍ..وتذكار

بلى!اكتفيتُ..وأضناني السرى! وشكا قلبي  العنــــاءَ!...ولكن تلك أقـــداري

*****

أيا رفيقة دربي!..لولديّ ســــــوى   عمري..لقلتُ: فدى عينيكِ أعماري

أحببتني..وشــــــبابي في فتوّتــــهِ   وما تغيّرتِ..والأوجاعُ سُــــــمّاري

منحتني من كنوز الحُبّ أنفســــها   وكنتُ لولا نداكِ الجائعَ العــــــاري

ماذا أقولُ؟ وددتُ البحــــرَ قافيتي   والغيم محبرتي..والأفقَ أشــــعاري

إنْ ساءلوكِ فقولي: كان يعشـــقني   بكلِّ ما فيهِ من عُنفِ..وإصــــــــرارِ

وكان يأوي إلى قلبي..ويســــــكنه   وكان يحمل في أضــــــــلاعهِ داري

وإنْ مضيتُ..فقولي: لم يكن بَطلاً   لكنه لم يقبّـــــــــل جبهـــــة العــــــارِ

*****

وأنتِ!..يا بنت فجرٍ في تنفســـــــــــه   مافي الأنوثة..من سحرٍ وأســرارِ

ماذا تريــــــدين مني؟!إنّني شَـــــــبَحٌ   يهيمُ ما بين أغلالٍ وأســــــــــوارِ

هذي حديقة عمري في الغروب..كما   رأيتِ..مرعى خريفٍ جائع ضارِ

الطيرُ هَاجَرَ..والأغصانُ شـــــــاحبة   والوردُ أطرقَ يبكي عهــــــد آذارِ

لا تتبعيني!دعيني!..واقـــــرئي كتبي   فبين أوارِقـــــها تلقاكِ أخبـــــاري

وإنْ مضيتُ..فقولي: لم يكن بَطــــلاً   وكان يمزجُ أطــــــــــواراً بأطوارِ

ويا بلاداً نذرت العمــــــر..زَهرتَه   لعزّها!...دُمتِ!...إني حان إبحاري

تركتُ بين رمال البيـــــــد أغنيتي   وعند شاطئكِ المسحورِ أســـــماري

إن ســــاءلوكِ فقولي: لم أبعْ قلمي   ولم أدنّس بســــــوق الزيف أفكاري

وإنْ مضيتُ..فقولي: لم يكن بَطلاً   وكان طفلي..ومحبوبي..وقيثـــــاري

*****

يا عالم الغيبِ! ذنبي أنتَ تعــــــرفَه   وأنت تعلمُ إعلاني..وإسراري

وأنتَ أدرى بإيمـــــانٍ مننتَ بــــــه   علي..ما خدشـــته كل أوزاري

أحببتُ لقياكَ..حسن الظن يشفع لي   أيرتُجَى العفو إلاّ عند غفّـــــار؟

*****

ما ســــــــــرت من بلد ناء إلى بلد   بل جئت من كبد حرى إلى كبــــد

وما بنيـــــت بفـــــــولاذ ولا حجر   لكن بشـــــــــوق قديم العهـــــد متقد

وما نقلت إلى الأحبـــــــاب أمتعـة   لكن رسائل عشــــــــق ضاق بالبرد

يا جسر عشناك حلماً في نواظرنا   نحنو عليه ونحميه من الســــــــــــهد

وبســـــمة تتمـــــشى في ملامحنا   نخشى عليها فنخفيها من الحســــــــد

تهفو المنامة والأشــواق في دمها   إلى الرياض كما اشتاق النمير صدي

وللقصــــــيم تبـــــاريح تــــؤرقه   إلى الرفــــــــاع وأوطــــــار بلا عدد

وبشرت جدة الحسناء شــــاطئها   هذي المحـــــرق كادت أن تمس يدي

وللشــــواهق من أبها هوى خفقت   قلوبه بغرام الســــــــاحل الغـــــــــرد

ما ســـرت من بلد ناء إلى بلد   بل رحت تخطر من عيسى إلى فهــــد

زرعتما في خليج الحب معجزة   شـــــكراً أبا فيصل شــــــــكراً أبا حمد

*****

فاروق جويده – مصر

علمتني الأشـــــــواقَ منذ لقائنا   فرأيتُ في عينيـــكِ أحلامَ العُمر

وشـــدوتُ لحناً في الوفاءِ..لعله   ما زال يؤنسني بأيامِ الســـــــهر

وغرستُ حُبكِ في الفؤادِ وكلما   مضت السنينُ أراهُ دوماً..يزدهر

وأمامَ بيتكِ قد وضـعتُ حقائبي   يوماً ودعتُ المتاعبَ والســــــفر

وغفرتُ للأيامِ كُلَّ خطيئـــــــةٍ   وغفرتُ للدنيا..وســـامحتُ البشر

علمتني الأشواقَ كيف أعيشُها   وعرفتُ كيف تهزني أشـواقي

كم داعبت عينايَ كل دقيقــــةٍ   أطياف عمرٍ باسمِ الإشـــــراقِ

كم شـــــــدني شوق إليكِ لعله   ما زال يحرق بالأسى أعماقي

*****

أو نلتقي بعد الوفاءِ..كأننــــا   غرباءُ لم نحفظ عهــــوداً بيننا

يا من وهبتُكِ كل شيء إنني   ما زلتُ بالعهد المقدس..مؤمنا

فإذا انتهت أيــــامّنا فتذكري   أن الذي يهـــواكِ في الدنيا..أنا

*****

قل لها..إنه يهيم..وأخشى   أن تواريه رحلة دون رجعه

*****

فاروق محمد شوشة – مصر

أنا إليك مبتداي،حاضــــــــري ونهايتي

أشـــعلت أيامي فصارت نارها حقيقتي

فإن ســـــــالت عن هواي هذه حكايتي

نديـــــة كوجهــــك الملئ بالطفــــــولة

رخيمة كصوتك المنساب في سريرتي

عميقة كعطرك الزكي في حديقــــــتي

حسبي على طول الزمان،أنت حبيبتي



لو نجمـــــة تنيـــــر لي لو كان يهمس القمر

بأن موعــــداً لــــنا،نســــــرقه من القــــــدر

فلتطلق أنفاسنا....وشــــوقنا الذي أســــــتعر

وليحمل النســـــــيم الشـــجي بوحنا إن عبر

ولتســـترح عيوننا....في واحة مدى البصر

يا كم تشـــــــاكينا،ظمئـــــنا،ثم أقبل المطــر

سيشرق الصباح حبيبتي، سيشــرق الصباح

فليسكت الأسى الذي أظلنا،ولتسكت الجراح

اليوم لا مكان للدموع في عيونـنا، ولا نواح

إنــــا مـــــعاً على المــــدى،يظلنا معاً جناح

ما دمت ملء خافقي، فألف أهلاً يا ريـــــاح

*****

إذا رن صوتك في مســمعي

وطوف في العالم الأوســــع

رأيتك في كل شــــيء معي

وأطرقت أصغي إلى همسة

ترفرف في خافقي المولـــع

*****

بأعماق عينيك أبصرت حبسي

وأبصرت واحة أمني وخصـبي

تفجر دنيــــــاك في خاطـــــري

ترانيم شـــــوق توســـــدن قلبي

فيا طائري الحلو، عينــاك أفقي

وخطوك لحني، ودربــك دربي

*****

غداً....سوف يعبر يومي غد

وتمتد خلف رؤانـــــا يـــــــد

تطوق أيـــــامنا بالحنـــــــان

ليجمعــــــنا في غد موعــــد

ويرتاح قلبي إلى شــــــاطئ

يطوف فيه الهوى الأســــعد

غداً....إن عُش هوانــــا غد

*****

ســــــــــأذكر بارقة من حنين

أضاءت بقلبي فراغ الســـنين

وأذكــــر موجة حب دفـــــين

تداعب أحلامــــــــنا كل حين

وتطفو على صفحات العيون

سأذكر ما عشت هل تذكرين

*****

فخري البارودي – سورية

بلادُ العُـربِ أوطاني   منَ الشّـــامِ لبغدانِ

ومن نجـــدٍ إلى يَمَنٍ   إلى مِصرَ فتطوانِ

فلا حدٌّ يباعــــــــدُنا   ولا ديــــــنٌ يفرّقنا

لسان الضَّادِ يجمعُنا   بغسَّـــــانٍ وعدنانِ

لنا مدنيّــــة سَـــــلفتْ   سنُحييها وإنْ دُثرَتْ

ولو في وجهنا وقفتْ   دهاةُ الإنسِ والجانِ

عرفــــــنا كيف نتحد   وللحيــــاة نجتهـــد

ولســـــــنا بعد نعتمد   ســـــوانا أي إنسان

*****

فهبوا يا بني قومي   إلى العليـــاء بالعلمِ

وغنـوا يا بني أمّي   بلادُ العُربِ أوطانِ

*****

فدوى طوقان – فلسطين

هناك فوق الربــوة العالية  هناك في الأصائل الساجيه

فتاة أحلام خالية تســـــبح  في أجوائــــــها النائـــــــيه

الصمت والظلّ وأفكارها  رفاقها، والســـرحة الحانيه

حياتـــــها قصــــــيدة فذّة  منبعــــها الحسّ ونيرانــــه

وحلم محيّـــــــر تائــــــه  من قلــــق الهمــــــة أوانه..

حياتها بحـــر نأى غوره  وإن بدت للعين شــــــطآنه

رنت فتاة الشـعر مأخوذة  بصـــــور الطبيعة الخاليه

والأفق الغربي تطفــو به  ألوانــــــه الوردية اللّاهبه

كأنـــه أرض خرافيّــــــة هوت إليها شـمسه الغاربه

*****



فكري ناموس – مصر

إني أرى للنصــــــر نــــــــوراً بينا   في نور طه في زئير صــــلاحِ

أنا إن شــــــــربت الظلم مراً علقماً   وغرقت في بحر من الأتـــراحِ

أو إن رأيت الظلم يحكم عالــــــمي   ويطيح بالأنــــــــوار بالمصباحِ

وإذا رأيت النــــــور يخبـــو يختفي   وتبعثــــرت من خوفها أفراحي

وإذا ألمـــــت بي خطـــــــوب جمة   وبكى الصـغار لغربتي ونواحي

ومنعت من خير الحيـــــــــاة لأنني   رجل وذقت الهم دون جنــــــاحِ

وسبحت في بحر الصعاب فخضته   وينــال غيري شـــــــارةَ الملاحِ

وإذا رأيت الزور يعلـــــــو يرتقى   وإذا غدا الإصــــلاح غير مباحِ

وإذا رأيت الطير شـــــــــل جناحه   وإذا يطير الحـــــوت دون جناحِ

لا تيأسي يا أمتي إن مزقــــــــــوا   قلبي وأدموا ســـــاعدي وجناحي

لا تيأسي يا أمتي إن كســـــــــروا   سيفي وأخفوا في الرمال رماحي

لا تيـــــأسي يــــــا أمتي إني أرى   رغم السواد بصيص نور صباحِ

ما ضــــاع حق كان يرقب خطوه   من كان يحيــــــا دائــــــماً لكفاحِ

واشـرح لكل الناس فكرك لا تقف   واملأ ربوع الكون بالشـــــــراحِ

إن يســــجنوا البدن العليل بظلمهم   لن يســــجنوا جيشاً من الأرواحِ

أنا إن شـــــــــربت المر يوماً وليلة   ســـــــأظل أمــــلاً بالهنا أقداحي

*****

فواغي صقر القاسمي – الإمارات

إلهي لقربكَ تشــــــتاقُ نفسي   فقربكَ وصلٌ ووصلكُ أنســـي

ونـورُكَ وهجٌ يضيءُ دروبي   يبدّدُ خوفي وحزني ويأســــي

رأيتُ بقلبي أســـــــرارَ ذاتي   فأدركتُ معنى الأسَى والتأسي

وأبصرتُ لعيني حقيقةُ كوني   وأنكَ عينُ يقيــــني وحَــــدْسي

وأنكَ نورُ الورى السّــرمديَّ   تنـــــزّهَ عن كلِّ أمـــــرِ بلبسِ

فوحّــــدتُكَ اللهَ ربــــاً عظيماً   تمجّدَ في القدسِ عن كلِّ قدسِ

وأيقنــــتُ أنكَ في الكونِ كلٌّ   فذابَ بذاتكَ روحي وحــــسّي

فؤاد شاكر – مصر

قل للبغـــاة رويدا إننــــــــا عرب  قد أوشجت بيننا القربى فلا عجب

وضمنا رغم شحط الدارعن كثب  القول والفعل والإســـلام والحسب

فما تشـــــكى بوادي النيل مبتئس  إلا تشــــــــــكت له بغداد أو حلب

وما توجـــــع في قحطان ذو ألم   إلا تأوه في عدنان مضـــــــطرب

وإن تأوه في الأردن مقعــــــــده  أجابـــــــه من ذرى لبنان منتحـب

وإن تنزى بنجد جــــرح ذي ألم  ففي الحجاز فؤاد خــــــافق يجـب

تواحدوا في شعور لا افتراق له  لأنه الشرق جسم روحه العـــرب

           -------------------------

في ذمة الشرق للأرزاء معجـــزة  إذ ألفت بينه الأحــــــداث والنوب

وكم تنافر ود بين ذي رحــــــــم  والخطب ألفهم لا القول والخطب

كم في الجزيرة من لألآء مؤتـــلق إذا تألق خارت دونه الشــــــــهب

كم في الجزيرة من أسد إذا زأرت تقطعــت دونها الأوصال والسبب

هي الجزيرة كانت منذ نشــــــأتها  عباءة البعــث منها يطلع العجــب

هي الجزيرة قد زكت معالمـــــها آي هي الوحــي والتنزيل والكتب

ألم تكن لرسول الله منشـــــــــــئة  والنبيين والتــــاريخ مرتقـــــــــب

أجل لقد أنجبت من ليس تنـــجبه  من الورى أمة والشاهد الحقــــب

فإن تكن قد علتها غيرة جعــــلت  أيامها البيض تعلو وجهها السحب

ومرت من ظلمات الدهر ما سلفت به الليالي ووجه الدهر مكتــئــــب

وضاع من مجدها ما كاد يوردها  موارد الهون والأرزاء تصطخب

وبات كل امرئ يبكي دما أسفـــا  على تراث خطير مسه العــطـــب

على تراث مضت أيامه غــــررا  محجلات لها في الدهر منقــلــــب

على تراث يكاد القلب من أسـف  إذا تذكره في صــــــدره يثـــــب

فها هي اليوم قد عادت لسيرتها  وهؤلاء بنوها الســــــــادة النجب

يرعى حمــاها مليك ســــيد لبق  له من الرأي ذاك الصارم الشطب

له الحجى ومضاء العزم رائده  والمنطق المشتهى والمقول الذرب

عبد العزيز وحسبي حين أذكره  أني هتفـــــت بملك كله عجــــــب

          ------------------------

شبل الجزيرة أنت اليوم قائدها  وأنت فيها سعود المعقل الأشب

بوركت فيها ولي العهد لا جدل  وبوركت بك قدما للعلا تثـــــب

رفعت منها مقاما كان ينشده  لها المحبون حتى نالــها الأرب

لو استطعنا افتدينا كل جارحة  منكم بكل فــــؤاد دأبـــــــه دأب

وكل جسم وروح من عشائرنا  ولو فعلنا لما قمنا بما يجــــــب

         ------------------------

تحية للنيل يامــــولاي أرفعــــــها إلى مقامك محفـــوفا بها الأدب

مولاي شرفت وادي النيل أجمعه  فأرضه اليوم أرض كلها ذهب

إن الحجـاز ومصـــر بوركا بلدا   بنوهما بصــفاء الود قد طربوا

في ظل ملكيهما الفذين قد نعموا  دام المليكان والإسلام والعرب

فوزي المعلوف – سورية

تمر بنا الغادات شاردة الخطى  وقد سدلت في غيهب الليل غيهبا

ونقفو خطاها خافقين صـــبابة  مجدين وجداً منشـــــدين تشــــببا

*****

تحملت وقع النوى والصدود   لو أن فــؤادي باقٍ معي

ولكنـــــــه نام في مقلتيـــــك  على مضـجع بل بالأدمع

وقد كان قبلاً على شـــــفتيك  يتمتم تمتمــــة المـــــولع

تشــــــبث بالثغـــر فهو عليه  كطفلٍ تشـــبث بالمرضع

فماذا ترشــــف من مرشفيك  فأصبح من سكره لا يعي

أراه هنالك بين الجفــــــــون  فلا تنكــــــريه ولا تدعي

فرعشـــــــته داعبت ناظري  ونبضته غازلت مسـمعي

*****

فهد العسكر – الكويت

أذكُريني كُلَّــــــما هَبَّ النَّـــــــدامى   لِتَحَسِّيها غَبوقاً، وَصَبوحْ

وإذا ما هَزَّتِ الذكرى الحَمَاما فَغَدا   في الدَّوْحِ يَشْــدو، وَيَنُوحْ



أذكُرُيني كُلَّما زَفَّ الشَّـــــــمُولْ   ذاتَ دَلٍّ وَدَلالِ أوْ غُــلامْ

وإذا ما اسْتَرْجَعَ الشَّرْبُ العُقولْ   فَغَفَوْا،تَكْلأُهُمْ عَينُ السَّلامْ

*****

أذكريني كُلَّـــــما (آذارُ)وَافَى   وارْتَمى سَكْرانَ ما بينَ يَدَيْكِ

وإذا (نَيْسَانُ) عَاطاكِ السُّلافا   وَحَنَا شَــــــــوْقاً وَتَحْناناً إليْكِ

*****

أذكريني كَلَّما هامَ الفَـــــرَاشْ   لارْتِشــافِ الرَّاح مِنْ ثُغْرِ الزُّهورْ

وإذا ما هاجَكِ الشَّوْقُ وَجَاشْ   صارخاً في نَفْسِكِ الوَلْهَى الشُّعورْ

*****

أذكُريني كُلَّما نَاغَى الهَـــزارْ   - ثمِلاً- أفْراخَـــهُ عِنْدَ الشُّــــــروقْ

وإذا ما هَزَمَ اللَّيْـــــــلُ النَّهارْ   واسْـــــتَثَارَ الوُرْقَ تَنْحَابُ المشوقْ



أذكريني كُلَّما الشَّـــمْالُ هَبَّتْ   وَسَــــــــــرَتْ يا زيْنَةَ الدُّنْيا جَنُوبْ

وإذا ما صَحَتِ الطَّيْرُ وَعَبَّتْ   خَمْرَةَ الفَجْرِ على نَفْحِ الطُّيــــــوبْ



أذكريني كُلَّما النَّايُ تَــــــرَنَّمْ   وَهَفَا قلبٌ على قرْعِ الكُــــــــؤوسْ

وإذا ما شــــــاعِرُ الحيِّ تَألَّمْ   فَبَكى في الشَّجْنِ واسْتَبْكى النُّفوسْ

*****

فيصل أحمد حجاج – مصر مذ هل يسكب ســـحره الشهد أوشـــــكت أوقن أنه الســـــعد

لما رأيتك زغــــــردت لغتي  ورنــــا لي التتــــويج والمجد

فدنــــوت منك وكان لي أمل  أن أصـــــطفى ويــــودنا الود

أن تلثم البـــــركات قبلتـــــنا  والزيف من سيف الهدى يعدو

والشـــعر يجلس تحت أيكتنا  حيث الخيال يســــــوقه الورد

حيث الحنان يرش قصــــتنا  ولكل فصـــــــل بلبل يشـــــدو

والمســـك يرتع في مجالسنا  والنـــــــور يبزغ ثم يمتـــــــد

والصد يســــحب كل أذرعه هل كان يعرف عرفــــنا الصد؟؟

لكن (ولكن) حين تلفحــــني  كالنـــــاي في قلب الدجى أغدو

أشعلتني ومضيت مســرعة  وتركتــــني يقتــــاتني البــــــرد

هذي براكين الأسى اندلعت  وزلازل الآهــــــــات تحتـــــــد

والماء ولى عكس ســـيرته   والنــــــار أجج جمــــرها البعد

اسْـــــودَ فجري بعد مطلعه   أنا ما حســــــــبت الفجر يسْوَدُّ

*****

كريم معتوق – الإمارات

عطــورٌ لابنةِ الجيران ما زالتْ على ريقي

وتبقى قصـــةَ الطفلين  لحـــــناً في أباريقي

عبرنا سورَ هذا العمر في سـعدٍ وفي ضيقِ

*****

كبرنا لا أقول غــــــداً  أراك ببابـــــنا جدّة

تحدثني عن الأمراض عن عمرٍ شكى حدَّه

كتمنا شــــهقة الطفلين  صـــــمنا هذه المدَّة

*****

ســــواقيها جرارُ الروح   تلهــث بين أوراقي

على الخــــدين داليــــــة   تندُّ بوجهـها الراقي

ولو عصرت ليَ الخدين   كنتُ بحانها الساقي

*****

كتبت إليـــك لا أدري   لماذا يخجــلُ العنبرْ

إذا ما قلتُ في عينيك   شعراً من فمي أكبرْ

رســـمتك قلتُ أكتبها   فغص باسمك الدفترْ

*****

نعم أبقيتِ يا ســـلمى  بصــدري خصلة للماءْ

أجدّل ســـــعفها حيناً  وحيناً أغزلُ الأســـماءْ

وإن فتشتِ حنجرتي  ستقطرُ من جفاكِ غناءْ

*****

ماجد أحمد سعيد – السعودية

هذا أنا قلبٌ أضاع الحبَ في دنياكِ  هذا أنا قمرٌ ينوحُ على ضفافِ هواكِ

ما حجّتي إن جئتُ مكســــوراً وما  في العيـــــنِ غيـــــرُ قصـــائدٍ تنعاكِ

أســـــــفي على هذي المواجعَ كلما  آنســـــتُ طيفكِ تهتُ عن مســـــراكِ

خوفي على ذاتٍ يحطّمـــها الورى  لم تلقيـــــــــكِ ولمُ تحــبَ سِــــــــواكِ

عجزي وقِلة حيلـــتي وجــــوانحي  باتت كليلٍ ســـــــــاجدٍ لضــــــــــياكِ

مدّي يديــــــــكِ إليَّ جراحاتي متى  ما رّق نبضــــــــكِ لحظة ودعـــــاكِ

أنا مثخنٌ بالطعـــنِ حسَّــــــبي إنني  روحٌ فدتــــــكِ ولم تزل تفـــــــــداكِ



د. مانع سعيد العتيبة – الإمارات العربية المتحدة

لو ظل في وجهك ماء  لما نظرت للســـــماء

فالله جـــــداً غاضــب  عليك من سفك الدماء

إني أخـــــوك لم يزل   لدي الحب إنتــــــماء

ووحــــــــده الله الذي   له العبيد والإمــــــاء

*****

لو ظل لي بعض الأمل   فلن أكـــل أو أمـــل

صـــبرت حتى قيل لي   ألا تنوخ يا جمـــــل

حملت هم صــــــاحبي   حتى الذي لا يحتمل

وصــــــاحبي يقول لي :  هذي طبيعة العمــل

*****

لو شئت أن نسترجعا   ماضي هوانا الموجعا

دعي العتـــــــاب إنه   ما كان لي مشـــــجعا

وحاولي أن تبحـــثي  عما أقض المضــــجعا

لو إكتشـــــــفناه معاً   لكــــان ذاك أنجــــــعا

*****

لو بيننا الليل ابتــــــدا   وظلمـة البغض إرتدى

لن يعرف التاريخ من   منا على الحب إعتدى

ما زلت أحيا حامـــلاً   قلباً على الحب إهتـدى

والحب يبقى موطــناً   يجمعـــــــنا ويفتــــدى



أخيراً حان يا هند إعتـــــــرافي   بحب لم يكن يــــــــوماً بخاف

ولا يأتي إعترافي اليـــــــوم إلا   لأن الحب أشــــــــقته المنافي

تعالي واجمعي ما ضـــــل مني   فإن لم يبـــــق شيء لا تخافي

ويكفينا من الأيـــــــام يــــــــوم   به ننسى عصــــور الإختلاف

وفيه نعود للصـــــــــحراء بدواً   نعيش مع الرياح على الكفاف

تعالي هند ننســـى الهم يـــــوماً   فإن الهم كالســـــــــم الزعاف

ضعي يدك الرقيقة فوق جرحي   لتخضر الصـــحاري والفيافي

على يدك الخلاص فإن تجودي   بلمســــــــتها فهذا الجود كافي

لقد مل الحضـــــــــارة بي فؤاد   شــكا من طول أيامي العجاف

بلا حب تجف الأرض حــــزناً   وتهجر عالم الشـــــعر القوافي

*****

محمد أبو العلا – مصر

أحبُكِ يا مُعَذِّبَتي فَهَلْ لي أن تُحبِّيــــــني؟   وهل لكِ تُرسِلينَ الشَّوْقَ نَهْراً في شراييني؟

وأكتُبُ ألْفَ أغْنيــــةٍ لعلَّكِ قدْ تُغنّيـــــني  وأظمَأُ في عيونكِ أنتِ علَّ هواكِ يَرْويــني

فيكفي قلبيَ المَشْبوب فَخْراً أنْ قَتَلْتيني

أحبُكِ لحْظةَ خَرْســاءَ قَدْ تَجْتاحُ أحْزاني  أحبُكِ دمعةً تنْســــــابُ تُشْــــعِلُ فيَّ نيراني

وحُبُكِ أنتِ نَرْجِسةً نَمَتْ ما بينَ شُطآني  أحُبُكِ والهوى العُذْرَى لا يَنْسَى فينســـــاني

فَعَيْنُكِ قَدْ أضَلَّتني حبكِ ألفُ شَيْطانِ

أحبكِ لو يقـولُ النَّاسُ أنَّ الحبَّ ضَيَّعني  أحبكِ إنني حُرٌ قَدْ اســـــــتُعْبدتُ في وطني

أحبَّكِ لو خيوط الشـــمسِ تَملكها أحَبَّتْنِي  أحبُكِ لو ضياء البدر يعرفها كســـــا مُدُني

فَحُبُّكِ صَارَ أمنيةً وحلماً كم يراودني



محمد الأمين سعيدي – الجزائر

تَبرّدِي بِمِيَـــــاهِ القلْبِ واغتسِـــــــلي   وأخبِريني بما يندسُّ في المقــــــــلِ

وأَشــــــربيني زُلالاً يا معــــــــذبتي   وعلِّميني فُنونَ العِشْــــــــقِ والغزلِ

وأدخليني بلادَ الســــــحر ملتحِـــــفاً   بنور عينيـــكِ في الألحاظ واكتحلي

وزلزلي هضــــبات الحب في كبدي   فقد أصيبتْ بحار الروح بالشـــــللِ

في بحر عينيـــكِ قد أطلقت مركبتي   نحوَ المآل ولم ترجعْ ولم تصـــــلِ

أحبّ فيــــــــكِ كوابيســـــاً تُراودني   وتمـــــلأ القلب بالآلامِ والعـــــــللِ

أحبّ فيـــــكِ إبتســــــاماتٍ تُخبّرني   أنَّ الصـــــبابَةَ كانت أوّلَ المِـــــللِ

يا ربّــــة الحُسْــــــن ما أخبارُ لذتنا   ألم تــــزلْ تُغـــــرق اللذاتِ بالزللِ

فكمْ تركنا بِحــــارَ الحُـــبِّ مائجـــةً   وكمْ سـحقنا ورودَ الخوف والخجلِ

وكمْ تركنا هــــــوانا دون ألبســـــةٍ   وكم سللتِ ســـــيوفَ الأعينِ النجلِ

مجنونُ ليلى وما المجنون يا ملكي   قد كان يبلغُ ما أخفي من الشُـــــعَلِ

لا تسمعي لكلام الكاشِــــــحينَ فَمَا   أنا المكفنُ بالألغـــــاز والحِيــــــــلِ

هذي حَيَاتي بلا غيمٍ ولا سُـــــحبٍ   فهل يُريحكِ ما شــــاهدتِ من قِبلي

تركتُ قلبي بلا ماءٍ ولا عســـــــلٍ   حتى سَـــقيْتُكِ من مائي ومن عسلي

ورُحتُ أغسلُ بالأشـــواق ذاكرتي   لعل شعري يُريكِ الشوقَ في الجملِ

رأيتُ وجهكِ في الآفاقِ يُلبســـــها   نــــوراً فصــــارتْ هباءً قَمَّةَ الجَبل



محمد البزم - سورية

منحـوه ألقـاب الثنــاء وأغـرقــوا   في المدح حتى قيل أشعر شاعر

سحروا بتصفيف الكلام فأكبروا   سخـفـا ولـيس أخـوهـم بالســاحر

فدعا البيان عسى يحقق زعمهم   فـأبى فـبـات حليـف هـم زاخـر

قذفوه في يم الغرور ولــو درى   لأبى وكـان بـذاك غيـر الفـاخـر

أفـكل من سلب الأوائل قـــولهم   تـدعـونـه بـأخي البيـان الساحـر

ما بث شاردة القصائد غير ذي   أدب عـلى كر الحـوادث نـاضـر



محمد بن علي السنوسي – السعودية

ســــــلوا راحَ عينيـــــها ووردَ لماها   متى علِمَت أني صريعُ شــــــذاها

فقد حرمتني نفحـــــها وإبتســــــامها   ورقة نجــــــواها وحلوَ جــــــناها

وبــــات يعنّيني هـــــواها ودَلُّـــــــها   وتُســـــــهرني أطيافــــها ورؤاها

وقد كنت آتيـــــــها فيهتزّ فرعــــــها   طروباً كما هزّ الغصـــون صباها

وتصدح عينــــــاها لحــــوناً وتنتشي   أحاديثـــــــــها رفافة ولُغــــــــاها

وتضفي عليّ السحر والعطر والمنى   وتمنحـني أنفاســــــــها ونـــــداها

فأصـــــبح يغريـــــها بي الحب أنني   أحــب وأني لا أحـــب ســــــواها

تصـــــدّ إذا أقبلت زهـــــــواً وتنثني   وتمنعني حتى رخيـــــم صــــداها

ولو علمت أني ضـــــحاها وفجرها   لما احتجبت عن فجرها وضحاها

فلولا أغاريدي لما رفّ حســـــــنها   ولولا أناهيدي لجفّ صـــــــــباها

فيـــا واحة الصــــــادي حناناً ورقة   لقد ظمئت نفسي وأنت حيـــــــاها

*****

محمد بن عثيمين – السعودية

تَهَلَّلَ وَجهُ الكَونِ وَاِبتَسَم السَـــــــعدُ  وَعَادَ شَــــــبابُ الدَهر وَاِنتَظم العِقدُ

وَأصــــبَحَتِ العَلياءُ يَفتَرُّ ثغـــــرُها  وَقَدْ كانَ فيها عَن جَميع الوَرى صَدُّ

لوَت جيدَها نَحوَ الذي كانَ كَفَـــؤَها  ســــــــعودُ بني الدنيا الذي فَعلُه جِدُّ

رَأى فيهِ سُــــلطانُ المُلوكِ وَفَخرُها  مَخايل مجـــــدٍ حينَما ضمَّهُ المَهدُ

فَمَا زالَ يَنمو والفضـــــــائِلُ تَرتَقي  إلى أن بـــــدا في فضلِهِ العلمُ الفردُ

نَجيبُ مَـــناجيبٍ وَفــــرعُ أئِمَّــــــةٍ  هُمُ القــــــومُ لا عُزلُ اليَدَينِ وَلا نُكدُ

حَبيبٌ إليهِ الحِلمُ وَالجــــــودُ وَالتُقى  بَغيضٌ إليهِ الجَورُ وَالبُخـــلُ وَالحِقدُ

فَلَّما سَـــــمَت فيهِ النَجابَـــة وَاِرتَقَى  إلى غايَـــــةٍ ما فَوقها لِلفَتى قصــــدُ

وَحلَّ بعَرش المَجدِ في شَرخ عُمرهِ  كَأفعــــــال آبــــــاءٍ لهُ وَهُمُ مُـــــردُ

رآهُ إمامُ المُســــــلِمينَ لِعَهـــدِهِ كَفِيّاً  وَفيما قد رَأى الحَـــــزمُ وَالرُشــــــدُ

فَوَلّاهُ عَهدَ المُســــــلِمينَ رعايَــــــة  لِنُصــــــحِهمُ فيما يَغيبُ وَما يَبـــــدو

فرَضيَ بَنو الإِســــلام ذاكَ وَبايَعوا  وَقالـــــوا عَلينا الشُــــكرُ لِلَّهِ وَالحَمدُ

فَقَامَ بأعبــــــــاءِ الخِـــــــلافَةِ ماجِدٌ  كَما فَعَلت آبــــــاؤُهُ قبـــــلُ والجَــــدُّ

مُلوكٌ ســــــــما ذا نحوَ ذا فَتَوافَقوا  عَلى أنَّ ذا كَفٌّ وَهـــــذا لهُ عَضـــــدُ

فَلِلَّهِ يا عَبـــدَالعَزيز بن فَيصَــــــلٍ   مَآثِرُ تَبقى ما بَقَي في الوَرى عَبـــــدُ

*****

محمد التهامي – مصر

من قديمٍ ألِفتُ هذي الحكايهْ طولَ  عمري فقد نســــــــيتُ البدايهْ

بين قَتْلِي ومولدي مُفْــزعاتٌ هن  عمري ومســـــرحي والروايهْ

تَخْلِطُ الموتَ بالحيـــــاةِ ففيـــــها  ليس للعمر مُبْتَدى أو نهـــــايهْ

تـــارةٌ يســـــــبقُ الفناءُ وجودي  قبل نَبْضِ الحياة تسعى الجِنايهْ

طالما شُــــــقَّت البطونُ الحبَالى  فانتهت مُضْغةً وصـارت نُفايهْ

أو هَوَى المهد فاســــتُردَّت حياةٌ  ما لها بالحيـــــــاةِ أدْنى دِرايهْ

أو عَــوى مدفعٌ فطارت رؤوسٌ  خندقت حولنا تصــــدُّ الرمايهْ

*****

محمد جبر الحربي – السعودية

قد ضاقت الدنيا على ســــــعةِ المنى  والبيـــــتُ بيتــــــك ما حللت مؤمَّنا

أعطيكَ أيســــــرَهُ، وأحملُ جُلَّـــــــهُ  وتعللــــتْ كلّ الجهــــــاتِ بــــزادِنا

إن شـئتَ أرضيتُ الخرائدَ بالضحى  من عذبِ ما روَّيـــتَ ظــــمآن الرّنا

المردفـــــــاتِ لكِّ الربيعَ من اللَّظى  المدبــــــراتِ لكـــــرَّةٍ بين القــــــــنا

من طيبة الطيبِ المعتق حاضــــــناً  والمقبــــــلُ الجاني لكرم المنحــــنَى

والله قد أعلاك صــــــوتَ حقيقــــةٍ  أو كشَّر الأعداءُ عن نابِ الشــــــــنا

المدنياتِ لك الشــــــــوامخَ من علٍ  والجنةِ الأخرى تكاشـــــــفُ من مِنى

والأحمرُ القاني بأوردةِ الصِّــــــــبا  والأرضُ حُضنك إنْ عرضـتَ مُهادنا

المانحــــــــاتِ لكلِّ بارقةٍ ســـــــنى  المبلغــــــاتِك للعزيـــــــز من المــنى

المدنياتِ لكِ الشــــــــوامخ من علٍ  والجنــــةِ الأخرى تكاشـــفُ من مِنى

من جنّةِ الدنــــــيا ومُزدلف الورى  للنخـــــــلِ،للشـــــــرف الرفيع،تَعَدْننا

يا ذا الفتى الحاني لي ســـــــرواتِنا  أشــــعلتَ جذوتنا وعدتَ محصّــــــنا

فالأرض أرضك ما ركضتَ مغالبا  فأصــــدحْ وصحْ بالناسِ أنك من هنا

محمد حسن فقي – السعودية

عُدْتُ بلا حِـــــسَّ ولا خاطِــــــر   كأنَّني عُـــشٌ بــــــلا طائِر

عُــــشٌّ طثيـــــبٌ منه البـــــــلى   يَفيضُ بالبؤسِ على الناظرِ

واهٍ على ماضٍ قطفــــــتُ المُنى   ريَّانَةً مِن رَوْضِهِ النَّاضِـــر

وَلَّى فَلم يَبْقَ ســــــــــوى مُهْجَةٍ   غابرها يَبْكي على الحاضِـر

يَبْكي عليــــــه..ثم يَرْضى البلى   كلاهـــما..من ألمٍ صـــــاهِر

ولا يَضـــــــيقان بَــــــــــلوائِهِ   ولا يثُــــــــورانِ على الواتِر

فَرُبَّـــــــــما كانتْ بطيَّـــــــــاتِهِ   نُعْمى تُعيدُ الرِّبْحَ للخاسِـــــر

مُضـــــــاعَفاً يَنْـــــسى بآلائِـــهِ   ما كانَ من نـــــاهِ..ومن آمِر

ورُبَّ حَـــــظٍّ عاثـــــرٍ يَنْتَـــهي   برَبِّــــهِ لِلأمَـــــلِ الزَّاهِـــــر

خواطِرٌ هذي جَــــــلاها الأسى   بعد الدُّجى الحالِكِ للشّــــاعِر

لكنَّهُ صابَرَ حتى اسْـــــــــتوَتْ   وضَّــــــــاءَة الباطِنِ والظَّاهِر

حقائِــــقاً عادَ بـــــها ناعِــــــماً   باللاَّبنِ المُغْــــدِقِ والتَّـــامر

يا ذاتَ أمْسى..يا جَـلاَل الهوى   يا ذاتَ حُبِّي الوامق الطَّــاهِر

يا رّبَّةَ السِّــــــــحْر الذي قادني   إلى الذُرى ذاتِ السَّــنا الباهِر

ثُمَّ إلى الدّرْكِ..إلى شِـــــــــقْوَةٍ   أوَّلُــــــها يَعْثُــــرُ بالآخِــــــر

كيف طوى ذاك الجمالَ الرَّدى   وانْقَلبَ السِّحْرُ عَلى السَّـــاحِر

عاد به المَهْجُـــــــــورُ في جَنّةٍ   ولَيْسَ بالبــاكي ولا السَّــــاخِر

وليس بالتَّاعِــــــــسِ من جَوْرِهِ   وليــــــس بالآسِي على الجائِر

وأنتِ ما عُدْتِ ســــوى لِلأسَى   بعد الخنَى بعد الضُّحى العابِر

ما أرْوَعَ القِصَّـــــــةَ هذي الَّتي   تَرْوي عن المَهْجُـور والهَاجِر

*****

وسألتُ نَفْسي ما الذي يُجْدي الهوى   في حالّتيْه..بوَصْـــلِهِ وبصَــــدِّهِ

هل لو سَــــــعِدْتُ بقُرْبِهِ ونَــــــوالِهِ   أغدْو الرَّفِيــــــعَ بمَجْدِهِ وبرَغْدِهِ

أغْدو أســــيرُ وما أخافُ من الرَّدى   ولو اســــــتطال ببَرقِهِ وبرَعْدِهِ

أم أنَّـــــني أغْـــــدُو الهَلُـــوعَ لأنَّني   بعْتُ الحياة على الحَبيبِ ورفِدِهِ

فَغَــــدَوْتُ مَمْلـــوكاً يُفَزّعُهُ النَّـــوى   فَيَوَدُّ أن يَبْقى الحُســـــــامُ بغِمْدِهِ

لنَجَوْتُ مِن طيْشِ الغـــــرامِ وهَزْلِهِ   وخَرَجْتُ منه بصَــــدِّهِ..وبجِــــدِّهِ

لو أنَّني اسْترسَــــلْتُ فيــه لـــرَدَّني   بحُســـــامِهِ عن مَطْمَحي..وبجُنْدِهِ

وَلكُنْتُ في يَوْمي الأســـيرَ..وبئْسَما   يَلقى الأســــيرُ من الهوانِ بوَجْدِهِ

وأنا الطَّلِيقُ بما اسْــتَخْرَتُ أنا الذي   ناوَأتُـــــهُ..فَنَجَا الكريــــمُ بِجِلـــدِهِ

ولقد يُحَلِّــــــقُ عاشِــــــــقٌ بتَــرَفُع   عن دَعْـــدِهِ..وتَمَنُّع عن هِنْـــــــدِهِ

ولقد يَظــــلُّ بسَــــــفْحِهِ ولو أنَّــــهُ   شَــــحَذَ العَزيمة لاسْتَوى في نَجْدِهِ

الحُر لا يَرْضَى برَغْـمِ شُــــــجُونِهِ   حتى ولو نَخَرَتْ حَشــــــاهُ بقيْـــدِهِ

شَـــــتَّانَ بَيْنَ مُنافِح عن حُبِّــــــــهِ   يهْـــــوي بهِ..ومُنافِح عن مَجْــــدِهِ

*****

مُدِّي يَدَيْــــكِ..فَإنَّني من عَنْصُرٍ   زاكٍ وشــافٍ صَدْرَهُ مِنْ حُقْدِهِ

ما إنْ شَــــــمِتُّ بفاخرٍ مُتَنفَّـــجٍ   بالحُسْنِ..بعد سُقُوطِهِ في لَحْدِهِ

فلقد بَرئْتُ من الشَّماتِ وعَسْـفِهِ   ولقد بَرئْتُ من الغرُور وكَيْـدِهِ

ليْتَ الجمالَ إذا اسْتوى وعَسْفِهِ   لم يَسْتَبدَّ على ضراغِمَ أسْــــدِهِ

أوْ يَطْغَ..فالعُشَّاقُ في حُسْـــبانِهِ   كحِجارةٍ يَلهـــــوَ بهمْ في نَرْدِهِ

فلقد يَوَدّ إذا هَوى عن عَرْشِـــهِ   أنْ لو أنـــالَ بجزْرهِ وبمَـــــدِّهِ

لو أنَّه جَذَبَ المشَــاعِرَ والنَّهيَ   المُسْــــتَهامَة لاسْـــــتَعَزَّ بخَلْدِهِ

دُنْيا..فهـــذا رابــــحُ من غَيِّـــهِ   فاعْجَبْ وهذا خاسِرٌ مِن رُشْدِهِ

*****

أعاني وما يَدْري الورى عن مُعاناتي   ولم يَسْـــــمَع النَّشْــــجَ الأليمَ وآهاتي

وكيف وبَوْحُ الحُـــرِّ يَجْــــرَحْ رُوحَهُ   فيَطوي على الدَّامي المُؤَرِّق والعاتي

ويُسْـــــعِدَه الكِثـــــــمانُ حتى كأنَّــــهُ   ضَريحٌ يُواري بُؤْسَـــــه في الغياباتِ

ويَبْتسِــــمُ والأضْلاعُ مِن وَقدة الحَشا   تُحِـــــسُّ بإزميــــــــلٍ يَقُدُّ لِنَحَّـــــاتِ

ويَحْسَـــــبُني الرَّاؤون شَخْصاً مُرفَّهاً   ســــــعيداً بماضِيَّ الحفيــلِ..وبالآتي

يَظُنُّـــــونَ أن المــــالَ والمجْـــدَ جَنَّة   وأنَّهـــــما مِرْقاتُــــــنا للسَّـــــــماواتِ

وأنَّهـــــــما لُبُّ السَّـــــــعادِةِ..والمُنى   لِطُلاَّبــــها تَأتِي على غَيْر مِيقــــــاتِ

شَــــــجاني الأسى مِمَّا يَظُنُّونَ جَهْرَةً   وقد هَتَفـــوا من جَهْلِهِمْ بالعَـــــداوات

ولو عَلِمـــــوا أنِّي الشَّــــــقِيُّ بكُلِّ ما   يَظُنُّونَهُ ســـــعْداً يُضِيءُ بمِشْـــــــكاةِ

لكَفُّوا عن اللَّغْــــو المَقِيتِ وأقلعــــوا   عن الظَّنِّ يُلْقي رَهْطــهُ في المَتَاهاتِ

فَما السَّـــعْدَ إلاَّ في الرّضا فهو نِعْمَةً   مُبَـــــــرَّاةٌ تُقْـــضِي بنا لِلْمسَــــــرَّاتِ

فما مالُ قارُون..ولا مَجْـــدُ قيْصّــــرِ  بمُغْنعن الباغي إذا طاش والعــــــاتي

ولن يَضَـــــعا في البــــالِ ذَرّة راحةٍ  ســـوى راحةِ الذّئْبِ المُتَيَّم بالشــــــاةِ

ولو أنَّني خُيِّـــرتُ لاخْتَــــرت فاقتيْ  إذا منَحَتْني بالرِّضــــــــا..وفَعَةَ الذَّاتِ

فَــــما المــــالُ والمجْـــــدُ لِلْورى إذا  اسْــــــتَأذَبَا واسْــــــــتَشْريا غَيْرُ آفاتِ

ألا ليْـــتَ أهْلي الأقرَبيـــنَ ورُفْقــتي   بَصائِرُ تسْــــــتهَدي برُشْـــدٍ وإخْباتِ

فــــلا تَنْحَـــني إلاّ إلى الله وَحْــــــدَهُ   ولِلْمَجْــــدِ مَجْلُــــوّاً بأصْـــــدَق آياتِ

فقد تُهْلِكُ الأطـماعُ مَن شُــــغِفوا بها   وتَهـــوي لِلْقــــــاع مِن دون أقــوَاتِ

أنِلْني الرِّضا –يارَبِّ- غَيْرَ مُـــبارح  حَنايــــايَ إنّي بالرَضا خَيْرُ مُقْتــــاتِ

وباركُه بالإلــــــهامِ يَهْـــدي قريحتي  إلى قممِ شُـــــــمٍّ تَضُــــــــوعُ بأبْياتي

قصــــــائِدُ غُرُّ ليس فيــــها تَمَلُّــــقٌ  ولا جَشَــــــعٌ يُفْضِي بـــــها لِلْغواياتِ

فما الشِّــــــعْرُ إلاّ حِكْمـــةً وتَرَفُّـــعٌ   وإلاَّ سُــــــمُوٌّ ما يَجِشُ بسَـــــــوْءاتِ

ولكنَّه يَهْــــدي ويُــــعْلي وَيَــــرتَقي  إلى ذُرْوَةٍ تَشْـــــــفِي الورى بالمُناجاةِ

إلى ذُرْوةِ تَشْـــــدو بشِعْري وتَنتَشِي  وتَهْتِفُ بالمُصْــــغِينَ والصَّـــــخَراتِ

*****

محمد حسن علوان – السعودية

قالت ســــأمضي..ولم أدرك حقيقتـــها   هذي التي أغرقتني في حكايـــــاتي!

كنا ننقـــب في كهفيــــن واتســـــــعت   أنبوبة الليــــل..فابتلعـــت متاهاتي

غافٍ أدبُّ ونصف الشاي منســــــكبٌ   على ذراعين من بوح..وإنصــاتِ

كل الكلام وحوشٌ..لســــــتُ آلفــــــها   تعضُّـــــني كلما فاحت كتابـــــاتي

كأنما الجــــــوع يطويني ويرمقــــــها   كأنــــــــما هي حاجاتي.. وغاياتي

كأنــها شـــــــهوة ما زلتُ أحبســــــها   كأنها مومسٌ ضاقت بشــــــهواتي

جفت يدي فوقها..والموسـم اختصرت   منه الســـــــــنابلَ آلافُ الجراداتِ

دارت برأسي قواميــــسٌ بأكملـــــــها   وما انتقيتُ ســـوى بعض النفاياتِ

أكلتُ أظفـــار أظفـــــاري وما خلعت   عنها لباســـــاً وما حفلت بعوراتي

قلبي يموء مـــــــواءً تحت أرجلـــــها   ومزَّقت كلَّ أوراق الشـــــــفاعاتِ

لعل هذا الســـــكوت الصعب ينفضني   فيسقط الحرف من جيبي ومشكاتي

قالت سأمضي..وضوء الصبح يرقبها   واستعجلت خطوها المتكبر العاتي

راحت..وما وقفت بالفقـــر في ورقي   والعيِّ في شفتي..والجوع في ذاتي

كأنـــــــما هي تعطيـــني حقيقتــــــها   هذي التي أغرقتني في حكايــــاتي



محمد حسن عواد - السعودية

هل أنت مثلي أيهذا الظلام

تشعر بالويل فتخفي الغرام

وتلبس الصمت فتعلو الأنام

بـرهــة القـانـت فـي قـمـة     ونظرة الخاشـع في عـمـة

وفكرة الشيخ وروح الصغير

أم أنت خلاب خفي الخطر

أرود لايـعـنـي بسـر البشر

خـب أنــاني محـاب أشــر

ناء عن الخير كما يزعمون   عار عن الروح الذي ينشدون

يعييك أن تطلب مجد الكبر

يـالـيـل إني قـائـل فاسـمـع

هذا زرادشت وماني معي

فهل تعي ما قلت أو لا تعي

قد شوها حسنك لي ياظلام    فهل ترى ؟ ياليل أن لاأنام

أو لا تري ؟ لاريب أنت الغرير

ذي قـاعتـي فـيـك وذا مـكـتـبـي

وخـيــر مـا ســطـر ذو مذهب

من كـاتـب أو شـاعـر مطرب

أو فيلسوف محدث أو قديم   من ملتو في الفكر أو مستقيم

أو نـاصـح أمـــتـه أو نـذيــــر

هــذا الـمــعــري وأســــفــاره

وذا بــلــوتــارخ وأحــــــراره

وذا الغـــــزالــــي وآثـــــــاره

لكنـهـم عـنـي فـي مـعـزل   فأوح لي ياليل أو غن لي

أو نح عن قلبي نار السعير

الحـب يـالـيـل وأذكـرتـنـي

ذاك اللظى ذاك الذي لايني

آه مـن الحـب وقـد شـفـنـي

الحب ياليل الجحيم الجحيم لا يترك الأنفس إلا رميم

فاسأل صريمك وسل في الحقير

يــالــيــل لارحـمـة عــنــد الـتـي

كـانـت شـفائـي فـغــدت عــلـتي

أمــنــيــتــي ويــــلاه أمــنــيــتــي

أواه ما تفعل هذي الكلوم   دائـمـة تـبا لها إذ تدوم

إن ضـحـايـاهــا كـثـيـــر كـثـيـــر

*****

محمد سعيد الحبوبي – العراق

ســـائقَ العيس هَلْ تُريح الركابا   حيثُ رَبعي أمَيمَـــــة ورَبــــــابا

فلتلك الرســــوم تحكي خطوطاً   ولتلك الديــــــار تحكي الكِتــــابا

علَّنا أن نبــــلٌ حَـــــرٌ غليـــــل   زادَ بالبَيـــــن حُرقة وإلتهـــــــابا

حيثُ تغـــدو مدامعي كقطــــارٍ   وجفوني تروح تحكي الســــحابا

ســـــائلاً والمجيب سائل دمعي   هل ترى ويك ســــــائل قد أجابا

مَن عذيري من العذول سـحيراً   إذ رأى الدمع ليس يفنى إنصيابا

كيفَ أصغي لِعاذلٍ لستُ أدري   خطا قال في الهوى أمْ صــــوابا

ليس يرجو بــــذاك قرب حبيب   كيف ترجو من الحبيب إقتِــرابا

ســـــلبَ القلب طرفه إذ رَماني   ســــهم عشق مســــــدداً فأصابا

*****

محمد سعيد العباسي – السودان

أرقت من طول هم بــــات يعـــروني   يثير من لاعج الذكرى ويشــجوني

منيـــــت نفسي آمــــــالاً يماطلـــــني   بــــها زمــــاني من حين إلى حين

ألقى بصبري جســــام الحادثات ولى   عزم أصــــــــد به ماقد يلاقيـــــني

ولا أتـــــوق لحــــــال لا تلائمــــــها   حالي، ولا منزل اللذات يلهيــــــني

ولست أرضى من الدنيا وإن عظمت   إلا الذي بجميــل الذكر يرضــــيني

وكيف أقبل أســــــــباب الهوان ولى   آباء صــــدق من الغر الميـــــامين

النــــــازلين على حكم العلا أبــــــداً   من زينوا الكون منــــهم أي تزيين

من كل أروع في أكتـــــــاده لبـــــد   كالليث والليث لا يغضى على هون

*****

وقد سلب القلب عن سلمى وجارتها  وربما كنت أدعوه فيعصـــــيني

ما عذر مثلي في إســـتسلامه لهوى  يا حالة النقص مابي حاجة بيني

ما أنس لا أنس إذ جاءت تعاتبــــني  فتانة اللحظ ذات الحاجب النون

يا بنت عشــــــرين والأيــــام مقبلة   ماذا تريدين من موؤود خمسين

قد كن لي قبل هذا اليـوم فيك هوى   أطيعـــه، وحديث ذو أفانيــــــن

ولا منى فيك والأشـــــــجان زائدة   قوم وأحـــــرى بهم ألا يلوموني

أزمان أمرح في برد الشباب على   مســــارح اللهو بين الخرد العين

والعود أخضر والأيام مشــــــرقة   وحالة الأنس تغري بي وتغريني

في ذمة الله محبـــــــوب كلفت به   كالريم جيداً وكالخيروز في اللين

*****

أفديــــــه فاتـــــر ألحــــــــاظ وتل له   "أفديه" حين سعى نحوي يفديني

يقول لي وهو يحكي البرق مبتســـماً   "يا أنت يا ذا "وعمداً لا يسـميني

أنشأت أسمعه الشكوى ويســــــمعني   أدنيه من كبــدي الحرى ويدنيني

أذر في ســـــــمعه شــــــــيئاً يلــذ له   قد زانه فضل إبداعي وتحسـيني

فبـــــات طوع مـــــرادي طول ليلته   من خمر دارين أسقيه ويســقيني

يا عهد جيرون كم لي فيك من شجن   باد سـقاك الرضا يا عهد جيرون

ولا يزال النســـــيم الطلق يحمل لي   ريا الجناب ويرويــــه فيـــرويني

واليــــوم مذ جذبت عني أعنتــــــها   هذي الظباء وولت وجهــها دوني

وعارض العارضين الشيب قلت له   أهــلاً بمن رجحـــت فيه موازيني

كففت غرب التصــابي والتفت إلى   حلمي،ولم أك في هذا بمغبـــــــون

وصرت لا أرتضي إلا العلا أبـــداً   ما قد لقيتُ من التبـــــــريح يكفيني

*****

محمد علي شمس الدين – لبنان

سأسرق من عينيك نورهما   يا سارق النوم من أجفان أولادي

*****

يمشي على الموت تياهاً كأن به  من الألوهة ســراً ليس يخفيه

يمشي الهــــــوينا وقتلاه تمجده   كأنــــــما كل ما يرديه يحييه

يعلو على الغيم أحياناً،وآونــــة   يدنو فيصبح أدنى من معانيه

أعطيتُـــه كل ما أوتيتُ من نعم  وما ندمتُ، فألقاني على التيه

*****

قلبي بعيد،وها أني أرى جســـدي  ينأى كريشة عصفور على الأبد

والثالث الروح في أعماق غربته   يرنو يبصــر وجه الواحد الأحد

*****

أنا المريض بليلى والقتيل بها   وليس أجمل من أن يقتل الرجل

*****

ومن ذاق – مثـــلي أنا -   جرعة من شـــراب الحبيب

فلن يســــتفيق إلى آخر   الدهر من ســـــكره بالحبيب

فاحترق (يا أنا) حسرة   وابق يا أيها المبتلى بالحبيب

مريضاً بداء الحبيب

*****

لا تكثر اللوم في شكري وإدماني  قلبي نقي وكأسي بعض إيماني

*****

محمد طالب الأسدي – العراق

ماذا تجئُ بـــــهِ إليـــــــكَ الريـــــــحُ   لغْطٌ بمئذنــــةِ الرؤى وفحيـــــحُ

ماذا يــــــؤرق غمغــــــمات تمـــردٍ   منذ ابتُليتُ بـــــها وأنت ذبيـــــحُ

منذ اتقدْتَ بما تقــــــولُ ســــــــحابةٌ   أمطارها فوق الجهات صــــفيحُ

منذ إزدهــــــار ممالح موبــــــــوءةٍ   وضغائنٍ في اللاجــــــهات تقيحُ

منذ اقترفتَ مع الفصول مواســـــماً   فيها على الصلصال تعلو الروحُ

مذ ألقمتكَ الأرضُ ثــــــــديَ ولائها   ورؤاك في الوجع العميق تسوحُ

مذ ابتكـــــرتَ لنا مفاتيــــــح المدى   ومكائد الكهان عنك تشــــــــــيحُ

فغمســــــتها في أخضـــــر وبأحمر  غَمَسَتْكَ حتى أشــــــكلَ التوضيحُ

مذا يرتــــل في رمــــــادك جنـــــةً   أيَّ إنبعاث في الخراب يصــــيحُ

أهو الدم المســــــــفوك في محرابه   أم وجهنا المشــــروخُ حين يطيحُ

كم في المقاحط من غرابٍ صاخبٍ   زلفى لنُصبٍ بالهــــراء يبــــــوحُ

متســــــــــلقاً جثث الضحايا يرتقي   أمجـــــاده والقبــــــح فيه مليــــحُ

صدق جمـــوحك..كل شيء كاذب   إلا جمـــــوح يقتفيـــــه جُمـــــوحُ

محمد عبده غانم – اليمن

وحدة العرب لم يصـــــــد عن العش   العشاق معشار ما صددت حبيب

أقوت الدار من مفاتنـــــــك الغــــــر   وأودت بســــــــــاكنيها الخطوب

ليس إلا مآثـــــــــر ناطقـــــــــــات   إن تســـــــاءلت عنك هبت تجيب

فرقت بينـــــنا صـــــــروف الليـالي   وهي دهياء ســــــــهمها لا يخيب

كم أثارت من فتنة تجـــرف الأرض  وتفني في جامحيها الشــــــــعوب

وثبــــــوا يطلبـــــــون حريـة العيش  ومن شـــــــــيمة الكريــم الوثوب

إن يــــــوماً يعـــــود فيه إلى العرب  إتحاد الجـــــــدود يــــــوم عجيب

أمل أنعشــــته في جنبات الصـــــدر  بيـــــض الوعـــــــود فهو رطيب

يضمن العدل والمساواة في الأرض  ويقضي بالحق فيــــــــما يــــريب

*****

محمد فاضل – ليبيا

رمضــــــــــان أقبل كســــــــر الأقداحا   وأشدو بشعرك إن شعرك راحا

واهجر مرابض غيك المضـــــفي على   شـــــــعبان ثوباً ماجــــناً فواحا

عذراً صـــديقي ما قصـــــدت مواعظاً   ألقي بها كيــــما أهيــــج جراحا

لكنني أرضـــــــــعت وعـــظ الآخرين،  وكنت دوماً واعـــــــظاً ملحاحا

عشــــــتُ الحياة مملة،وصـــــــــرفتَها   شــــــــعواء تقطـــر لذة وكفاحا

كم ذا بكـرت اللهـــــــــو لا تلوي على   عذل العــــــواذل، لم تذل جناحا

ورفضت وعظ الناشــــــــرين عقولهم   للناس، والراجيــــــن منك فلاحا

وأدرت ظهرك للألى احترفوا الهداية   ينعقــــــون بـــــلاغة وريـــــاحا

كم ذا غبطتك كيف عشـــت كما تـرى   وفعلت فعلتك التـــــرى إصلاحا

ورفلت في حـــــل من الغيـــــر الـذي   ملأ الطريقة جفوة وصــــــــياحا

رمضــــــــــان يترى والقلوب كليـمة   والمســـــــلمون كما ترى أشباحا

يتخطفـــــون ولا بصـــــير ينيـر في   قدد الطرائق لاحـــــباً وضـــاحا

رمضــــــــان أقبل كم وددت قصيدة   شــــــــــــعواء فيه أعلها أفراحا

لكنه زمــــــن النعيــــــب، كما ترى   جعل القصـــــــيدة مأتماً ونواحا

في عصـــــــر عولمة الخطيئة كلما   تلد القصـائد قد يكون ســــــفاحا

            *****

محمد الفيتوري – السودان

الهوى كل هوى دون هوانــــــــا   نحن من أشعلت الشــــمس يدانا

والخُطى مهما تنـــــــاءت أودنت   فهي في دورتـــــها رجع خطانا

وإذا التــــــــاريخ أغنى أمَّـــــــة   بشـــــــهيد فألوف شـــــــــهدانا

وإذا الثــــــــورة كانت بطــــــلاً   يطــأ المــــوت ويحتلّس الزمانا

فلنا في كُلِّ جيـــــــل بطـــــــــل   مجدهُ يحتضن المجد إحتضـــانا

عرب نحــــــن..وهذا دمــــــــنا   يتحدى في فلســــــــطين الهوانا

عرب رايتُــــــــــنا وحدتــــــــنا   حلقت صقراً وحطت في ســمانا

عرب لا أمضُـــــغُ الملــــح،ولا   أكســر الســــــــيف بعينيّ مُهُانا

فأنـــــا أعـــــرف أنَّ الروح من   روحـــــنا نحن..وأن الكون كانا

وأنا أعرف أن الشمس في غيبة   ثـــــم تعــــــــــود الـــــــدورانا

والمخاضــــــــــاتُ عـــــــذاب..   ولقد تلدُ الأرحامُ وَحلاً واحتقانا

وأنا أعــــــرفُ أني أمَّــــــــــةً   هي عند الله أعلى صـــــــولجانا

وأنا أركضُ في بسُــــــــــتانها   خيــــلاءً..وأغُنيَّ المهـــــــرجانا

وإســــــــألوُا التـــــاريخ عنها   ينتفض كلُّ عرق عربي عُنفُـوانا

آه يـــــــا ذاكــــــــرة الأرض   لكم ثقُلتْ أقدامُهم فوق ثــــــــرانا

والـــــــدُّجى كـــان بطيــــــئاً   والأسى كان مُرَّاً رَشَفَتُهُ شــــفتانا

*****

محمد كمال السخيري – تونس

وأمسـكت بالورد عند الصّباح   نديّاً وقلبي يحاكي الرّبيـــــع

زمانا فتيّا كعصف الرّيــــــاح  عشـــــيق النّجوم بعيد الهجيع

وديعاً كطفل يروم النّجــــــاح   كما كنت دوماً كروض بديـع

طيور الهوى تحتمي بي شتاء   إذا ما اعتراها جمود الصّقيع

أيا زرقة في ســـمائي تطوف   متى تمطرين زلال الدّمـــوع

أيا ظلمة في مداري تســـــود   متى تعشقين الفتى كالشّــموع

أيا قلب مهلاً هناك انتظــاري   فإنّي ملاك كطيف الرّجـــوع

ففي تونس الخلد لحن الحيــاة   وفيها نما الحبّ بين الضّـلوع

وإشراقة الشّـمس عند البزوغ   تضيء الدّروب بذاك الشّعاع

فكوني عناقاً كحلم الصّـــــبايا   وَجُودي علينا بحسـن الطّباع

فذا اللّيل قد غار منك مســـاء   وبات يلاغي نشـــــيد الوداع

أيا موطناً صـــار فيه الوجود   وجوداً جميلاً ومنه النّجيــــع

*****

محمد محمود الزبيري – اليمن

الشــــــاعرية في روائع ســـحرها   أنت الذي ســـويتَّها وصنعتَها

مالي بها جهـــــدٌ،فأنت ســــــكبتَها   بدمي وأنت بمهجتي أودعتَها

أنت الذي بشـــــــــذاكَ قد عطرتَها  ونشـرتَها بين الورى وأذعتَها

وقفت لســــــاني في هواك غناءها  فإذا تغنت في ســواكَ قطعتُها

يتَمتَ روحي في علاكَ،وصــغتَها   بســـناكَ،ثم طردتَها وفجعتَها

أبعدتني عن أمة أنا صوتها العالي   فلو ضـــــيَعتَني ضــــــيعتُها

حملتــــني آلامــــــها ودموعــــها   ومنعتني عن وصلها،ومنعتَها

ناديت أشـــــــــتات الجراح بأمتي  وجمعتَها في أضلعي وطبعتَها

مــــا قــــال قومي: آه...إلا جئتني  فكويت أحشائي بها ولســعتَها

*****

محمد المنصور – السعودية

ضــاحك بالليل عن مصــــــرعه   حدث الناس بــــــما لا يعقلــــــون

حـدث الأيــــــــام عن زلاتـــــــه   عن زمان لا ترى فيه العيـــــــون

يوشــــك الســــــكران من نشوته   يشتري كسرى بســيف الأرطبون

وينادي الأرض تعليه ســـــــــما   فوق قرن الثور غطتــها الســنون

فاشترى بالأرض معسول اللمى   طفلة تلبـــــس جلد الحيـــــــزبون

كان ســـــيفي مذ غزا خاصرتي   ميــــــتاً لكنــــــكم لا تعلمـــــــون

كنت بالأمس عليكم حارســـــــاً   وعلى نفــــسي نفـــــــس لا تخون

غير أني اليوم في أشــــــــداقكم   زبد ســــــــمح الخطـــــا ثرهتون

إن بكى حـــق لعينيــــه البـــــكا   لو تمنى الموت فيما يصــــــنعون

المغنــــــون عليــكم أقبلــــــــوا   يمــلأون البحـــــر يطغى يغرقون

والعشـــــــــيات عليــــهم هــوّم   يتســـــــنمن غصــــون الزيزفون

قصة ضــاجعتموها خلســــــــة   أنجبتكم من ســـــــراديب الظنون

في أياديـــــــكم دبابيــس الرقى   تقطع البحر ويطويها الســــــكون

كتباً صــفراء في مشــــــــرقها   وقرأنـــــــاه على ما يشـــــــتهون

والحروف الســـود في أوراقكم   من بياض الشيب تمحوها القرون

احفروني في صــــــدور بعدكم   هوة تحفـــــظ مالا تحفظـــــــــون

*****

محمد مهدي الجواهري – العراق

إلعبي فالهَـــــــــوى لَعِــــــــــبْ   وابعثي هِزَّةَ الطـــــرَبْ

مثّـــــــلي دوَرك الجميــــــــــلَ   على شــــــــرعةِ الأدبْ

أحســـــــــــــني نُقلـــــــــةً وإن   تَعِبَـــــتِ هــــذه الرُكَبْ

فعــــلى وَقَــــعَ خَطـــــــــــوها   يتنّـــــــزى حشىً وَجَبْ

روِّحي هـــذه النفــــــــــــــوسَ   فقد شــــــفَّها التَعَــــــبْ

إجذبيــــــــــها إلى الرضـــــــا   إدفعيها عن الغَضَـــــبْ

لا تغـــــــــرَّنْكِ أوجـــــــــــــهٌ   كطِلاء من الذَهَـــــــبْ

وثغــــــــور تضـــــــــــاحَكَتْ   كإنعكاســـــةِ اللَهَـــــبْ

فتِّشــــــي عـــن دخائـــــــــــلٍ   غُيِّبَت تشـــهدي العَجَبْ

كـــل هـــــذا الهيــــــــــاج من   أجل مرآكِ والصَـــخَبْ

ضـــــــــاربُ العـــود ما دَرى   أيَّ أوتـــــاره ضَـــرَبْ

أعـــــــــــــذريه فإنّــــــــــــــه   بَشَــــــرٌ مثلُنا اضطرَبْ

واقبَــــــلي القلـــــــبَ إنّـــــــه   لك من أضـــــلُعي وَثَبْ

نَسَــــــــــبٌ بَينَـــــــــنا الهَوَى   إحفظي حُرمةَ النَسَــــبْ

رب يـــــــــومٍ جذبت فيـــــــهِ   لي الأنسَ فانجــــــــذَبْ

ولمســـــــتُ الشـــــــــبابَ في   رَيعِــــــــهِ بعد ما ذَهَبْ

حــــــبُ"ســـــــلمى"فتىً رأى   كلَّ ما يشــــــتهي فحَبّ

شـــــــــاعرٌ بالحيـــــــــــاة لا   يَزدهَيه سِـــوى الطرَبْ

أنتِ"ســــــلمى"إلى الحيـــــاةِ   وأفراحــــها سَـــــــــبَبْ

أنتِ"ســــــلمى"أجَـــــــلَّ من   ألفِ عبـــــــدٍ لألف رَبّ

تتخــــــــلى الهمــــــــــوم إذ   تتجليـــــن والكُـــــــرَبْ

ولــــــهم باســـــــــمِ أمــــــةٍ   ســــــحقت غاية الأربْ

أثقلـــــــــوا ظهـــــــــرهَ كما   عضَّ بالغـــــارب القتَبْ

تركـــــــوا"الجذع"للبــــــلاد   واختصــــــــوا بالرطبْ

افتحي لي سَـــــــلْمى يديــك   يُقَبِّلْ يديــــــكِ صَـــــبّ

أبعديني عن "الســـــــــياسة"  والغــــش والنَصَـــــــبْ

ولكي نُحــــــــرق الجميـــع   هَلُــــمي إلى الحَطَـــــبْ

وإذا لم يكـــــن خــــــــــذي   بعضهم إنهم خشـــــــبْ

إلى العيــــش كلُّــــــهمْ أنــا   وحــــدي إلى العَطَــــبْ

أنــــــا وحــــدي فيــــــــهم   ترجلت والكل قد ركبْ

نهـــــبَ الشــــــعبُ كلَّــــه   فهنيــــــئاً لمن نَهَــــــبْ

وهنيــــــئاً لمــــــن غـــزا   وهنيـــــئاً لمن سَــــــلَبْ

وهنيــــــئاً لمــــــن "تنَّمرَ"   أو خـــــــانَ أو كَـــــذَبْ

إن كل الذي تـــــرين من   "الجــــــاه"و"الرُتَــــــبْ"

ومن "النفخ"بالـــــزعامة   والاســـــــم واللقـــــــبْ

واصطيادٍ بحجةِ "الوطن"   الجـــــــــائع الخَـــــربْ

هو عُقبى تَقَلُّـــب القــوم   عاش الــــذي انقلـــــب

خســــــر الــدّرة البطيء   وفــــاز الــذي حلــــب

*****

وليل به نم الســـــــنا عن ســـــــدوفه   فنمت بما تطوى عليه الأضــــالع

تلامع في عرض الأثيــــر نجومــــه   كأن الدجى صـــــدر وهن مطامع

رعيت به الآمــــال والنســــــر طائر  إلى أن تبدي الفجر والنســـر واقع

خليلان مذهولان من هيبــــــة الدّجى   تطالعني من أفقـــــــها وأطـــــالع

ســـجية مطوي الضلوع على الأسى   متى يرم الســــــلوى تعقه المدامع

صـــــــريع أمـــــان لم يقر به جاذب   لما يرتجي إلا وأقصـــــــــاه دافع

عمى لعيون الهاجعين وأســـــــــلموا   لحر الأسى جنباً قلته المضــــاجع

أفي العدل صدر لم تضق عنه أضلع   تضيق به الست الجهات الشواسع

*****

أي وعيشٍ مضى عليـــك بَهيِّ   وشُعاع من شّـــــــــطِكِ الذهبيِّ

والتفافِ النَّخيــــل حولكَ حتَّى   لو تقصَّـــــــيْتَ لم تجدْ غيرَ في

وانبساطِ السَّــفْح الذَّي زاحمته   دَفَعاتٌ من مَوجــــكَ الثَّــــوْري

وسنا الشَّمس حين مجَّتْ لُعاباً   أرسلته من نورها الكســـــروي

فتخالُ الضـــــياءَ والماءُ موجٌ   في رواح من جانــــــبٍ ومجي

يا فراتي وهل يٌحاكيـــــك نهرٌ   في جمال الضُحى وبردِ العَشِي

*****

لو اســتطعتُ نشرتُ الحزنَ والألما   على فِلسْـــــطينَ مســــودّاً لها علما

ســـــاءت نهاريَّ يقظاناً فجائعُــــها   وســــــئن ليليَ إذ صُوِّرْنَ لي حلما

رمتُ السكوتَ حداداً يوم مَصْرَعِها   فلو تُركتُ وشـــــــاني ما فتحت فما

أكلما عصفت بالشـــــــعب عاصفة   هوجاءُ نستصرخُ القرطاسَ والقلما

هل أنقذ الشــــــــام كُتابٌ بما كتبوا   أو شــــــاعرٌ صانَ بغداداً بما نظما

فأضت جروحُ فِلسْـــــــطينٍ مذكرةً   جــــرحاً بأنْدَلُسٍ للآن ما التــــــأما

*****

محمد موفق وهبة – سورية

أنا إنْ لمْ تَسِـــــلْ دُموعِيَ يَوماً وَعَصَانِي لِكِبْريَائِي بُكائِي

وَأبى الشَّعْرُ أنْ يَبُوحَ هُمُومِي فانتقى غَيْرَ مَا يَقولُ شقائِي

فأنـــــا طائِـــــرٌ أغرِّدُ للناسِ وَنفسِي دُنــــــيا مِنَ الأرْزَاءِ

*****

سَـــكبَ اللهُ فِي عُروقِيَ شِعْري فإذا مَا كتبتُ سَـــــالتْ دِمائِي

فِي حُروفِي تعيشُ روحِيَ يَا مَوتُ فَلَنْ تســـــتطيعَ مَسَّ بقائِي

سَوُفَ أمْضِي إلى الفناءِ بأشلائِي وَتحْيَا هَذِي الحُرُوفُ وَرَائِ

فأنا شـــمْعَةً تَذَوبُ وَلكِنْ سَــــوْفَ يَبْقى مِنْ بَعْدِ مَوتِي ضِيَائِي

محمد الفراتي – سوري

ذاك نهر الفرات فاحب القصـيدا   من جلال الخلود منى فريدا

باسم للحياة عن سلســــــــبيل   كلـــــما ذقته طلبت المزيـــــدا

نحن قتلاه في الهوى وقديـــــما   شــــف آباءنا وأصبى الجدودا

يقطع الحزن والسهول ويطوي   باطــــراد على مداه البيـــــــدا

وخريــــــر كأنــــه زفـــــرات   من محب قد صعدت تصــعيدا

إيه يا بلبل الفـــــــرات تــــرنم   فوق شـــــــطآنه وحي الورود

وتنقل على الغصــــــــون مدل   وإملأ الأفق في الصباح نشــيدا

*****

محمد نجيب المراد – العراق

فؤادُكَ محــــــزونٌ وطـــــــرفُكَ دامعُ   وشِعرُكَ في ذكرى بثينة ذائــــــــعُ

وليلُكَ منســــــــوبٌ لبشــــــــرةِ خَدِّها   فللِّهِ هذا الليــــــلُ كَمْ هوَ ناصـــــعُ

تنامُ البــــــرايا إذْ يطولُ سُــــــــهادُها   ورغمَ سُــــهادِ العمر ما أنتَ هاجعُ

هو الهجرُ قدْ أضــــــــــناكَ قلباً وقالباً   وما عادَ في أفق الوساطةِ شـــــافعُ

لعمرُكَ كَمْ أسرعتَ في الصُّلح نحوها   وحاولَ أهلُ الخير صُلحاً وسارعوا

وغنَيّتَــــــــها شِـــــــعراً أذابَ حجارةً   فذابتْ،ولكنْ ما تـــــــزالُ تمانـــــعُ

يميناً، إذا أنشـــــــــدتَ زلزلها الهوى   وهزَّتْ جذورَ القلبِ فيها المطالِـــعُ

وواللهِ قد ضَــــــــنَّتْ عليكَ وإنــــــها   ليصْرَعُها وجدٌ ولكنْ...تُصــــــارعُ

هو الحُبُّ مُذُ قد كانَ في الحُبِّ مبتلىً   فقلبٌ مُدِّلٌ،عنـــــد آخــرَ خاضــــــعُ

*****

محمود سامي البارودي – مصر

يا هاجري ظلـــماً بغير خطيئةٍ   هلْ لي إلى الصفح الجميل سبيلُ

ماذا يضركَ لوْ سمحتَ بنظرةٍ   تَحْيَا بهَا نَفْسٌ عَليْـــــكَ تَسِـــــيلُ

يا ربَّ بيضاءَ منَ الجَوارى   جاءت بطفلٍ أسـودِ كالقارِ

أخرَجَهُ من لجَّةِ الأنـــــــوار   من أخرجَ اللَّيلَ منَ النهارِ

سُبْحَانَهُ مِنْ فَاعِلٍ مُخْتَارِ

*****

لكلِّ قولٍ مَنــــــارٌ يَســـــــتقيمُ بهِ   عِندَ الخِطابِ : فَملفوظٌ ومَســـموعُ

فَالعَتْبُ إنْ جَازَ حَدَّ الْعَدْلِ مَقْطَعَةٌ   وَالنُّصْحُ مَا لمْ يَكُنْ فِي السِّرِّ تَقْريعُ

*****

يا نديميَّ في "سـرنديبَ" كفا  عَنْ مَلاَمِي،فَلَيْسَ يُغْنِي الْمَلاَمُ

أنَا فِي هَذِهِ الدِّيَـــــارِ غَريبٌ   وغَريب الدِّيَارِ لَيْسَ يُـــــــلاَمُ

وَاذكرا لي "فسطاط" مصرَ   فإني بهَوَاهَا مُتَيَّمٌ مُسْـــــــتَهَامُ

*****

محمود بن سعود الحليبي – السعودية

ظــــــمأى لِعَيْنِيْـــكِ يَا غَيْــــــدَاءُ بَيْــــــدَائِي   مَاتَ الغَمَامُ فَمَاتَتْ كُلُّ أنْــــــــدَائِي

سَـــــــلَّتْ أظافِرَهَا شَـــــــمْسُ الحَيَاةِ فَـــــمَا   أبْقَتْ برَاحِلَتِي زَادِي وَلاَ مَــــــائِي

أمْشِـــــي وَفِي الرَّمْلِ حُمَّى وَالطَّريـــقُ يَـــدٌ   شَــــلاَّءُ تَرْسُـــــفُ فِي قَيْدٍ وَإغْمَاءِ

أمْشِـــــي وَوَهْجُ اللَّظى يَمْتَصُّ مِنْ رئَـــــتِي   ثَمَالةَ النَّفسِ المَكْــــدُودِ بالــــــــدَّاءِ

أمْشِـــــي وَحَرُّ الظَّمَا يَغْتَــــالُ فِي شَـــــفَتِي   رُوَاءَهَا وَيَهُدُّ الوَهْمُ أعْضَـــــــــائِي

أمِنْ جَفَافِ الضَّـــــنَى جَفَّـــــتْ بأخْيلــــــتِي   حُقُولُهَا وَتَلاَشَى ضَــــــــوْءُ أنْوَائِي

أمْ أنَّ صَــــــــبَّارَتِي مَلَّـــــــتْ مُرَافَقَــــــتِي   مَنْ ذَا يُرافِقُ أشْوَاكِي وَحَصْــــبَائِي

يَا خِصْبَةَ الرُّوحِ،عَطْشَى مُهْجَتِي انْصَهَرَتْ   جِبَالُ صَبْريَ فِي نِيرَانِ رَمْضَــائِي

لاَ تَحْسَـــــبِي حُمْرَةَ الخَدَّيْــــــنِ مِنْ رَغَدِي   فَالنَّارُ مِنْ نَكَدِي تَقْتَاتُ أحْشَـــــائِي

سَــــبَى الخَريفُ اخْضِرَارِي وَالهَجِيرُ دَمِي   وَعَكَّرَتْ ريحُ هَمِّي صَـفْوَ أجْوَائِي

أكَادُ أجْهَــــــلُ لَوْنِي، وَجْــــهَ خَارطــــــتِي   أكَادُ أنْسَى عَنــــاوينِي وَأسْــــمَائِي

يَمَامَةً صِــــرْتُ ضَلَّتْ سِـــــــرْبَهَا، وَغَدَتْ   مَا بَيْنَ مَوْتَيْنِ صَــــــيَّادٍ وَإعْيَـــاءِ

صَــــــدْيَانَ هَدَّ النَّوَى قَلْــــبِي وَأجْنِحَـــــتِي   رَهِينُ ريحَيْنِ هَوْجَـــــاءٍ وَنَكْبَـــاءِ

غَارَتْ عُرُوقِي، وَنَشَّ الجِذْرُ وَانْتَفَضَـــــتْ   أنَامِلِي وَارْتَمَتْ لِلْْقِيْظِ صَــــحْرَائِي

فَعَلِّلِيــــنِي، أحِسُّ المَــــــوْتَ يَهْمِـــــسُ لِي   يَكِيدُ لِي بَيْنَ إرْهَــــابٍ وإغْـــــرَاءِ

رُشِّـــــي تُرَابِي لَعَـــــلِّي حَيْنَ يَلْمَسُـــــــنِي   طلُّ الهَوَى يَنْتَشِــي حِسِّي وَأهْوَائِي

عَلَّيَ إذَا بَلَّلَـــتْ سُـــــــــقْيَاكِ ذَاكِــــــــرَتِي   تَنْمُو حُرُوفِي وَيَحْيا بَعْضُ أشْلاَئِي

رُدِّي عَليَّ لِحَـــــائِي، وَابْعَـــــــــثِي وَرَقِي   وَحَرِّرِي مِنْ سُــــجُونِ الظِّلِّ أفْيَائِي

وَذَكِّرِيـــــنِي هَدِيلِــــي إنَّها نَسِـــــــــــــيَتْ   هَدِيلَهَا فِي عَنَـــــــاءِ الدِّرْبِ وَرْقائِي

هَيَّا انْفُخِي فِي جَمْرَ الحَرْفِ وَاشْـــــــتَعِلِي   وَأشْـــــعِلِي فِي بَقَايَا الصَّمْتِ أعْبَائِي

وَلمْلِمِينِي، وَضُــــــــمِّي شِـــــــــقْوَتِي فَلَقَدْ   تَبَعْثَرَتْ فِي مَهَبِّ الرِّيح أشَــــــيَائِي

*****

محمود حسن إسماعيل – مصر

انتظـــــــرني هنا مع الليل..إنّي   أنا في صدركَ المحطّم سِــــرُّ

هكذا قالتِ الشـــــقيّةَ واللَّيْــــــلُ   على صدرها أنينٌ وشِـــــــعْرُ

واهتزازٌ كأنّــــه قُبَل العُشّــــاق،   لم يحمِـــها حجاب وســــــترُ

ولــــــها نظــــــرةٌ كأنَّ بقــــايا   من وداع على الجفـــون تمرُّ

نعسة، وإنتعاشـــة..وهنا الشَيْءُ   الذي قيل عنه للناس : سِــحرُ

وإبتهــــالٌ كأنّــــه غُربة الطَّيْر،   لها في ســــــــمائم البيد سَيْرُ

ولها رعشة كما انتفضتْ كأسٌ   بكفّي، فكلُّـــــها ليَ سُـــــكْرُ

ولــــها حـــــرةٌ تعلَّمتُ منـــها   كيف تهـــويمة النبيّين تَعرو

ولــــها حين أقبلـــتْ ثمّ غابتْ   ندمُ الوحي، حين يدنـــو يفِرُّ

انتظرني هـــــنا..وذابتْ كحُلمٍ   صدَّه عن خُطاه للروح فجرُ



محمود حسين مفلح – فلسطين

مالي سمعتُ كأنْ لم أســــمع الخبرا   هل صار قلبيَ في أضـــلاعه حَجر

مالي جمـــــدتُ فلم تهتــــــزَّ قافيتي   ولا شعرتُ ولا أبصرتُ من شـــعرا

كأنَّ كلَّ ســــــواقي الشعر قد أسِنت   من جففَّ الشعرَ من بالشعر قد غدرا

أنـــا الذي عزفت أوتــــارُه نغـــــماً   هزَّ الورى والذُرا والطيرَ والشـــجرا

مالي ســــــكتُ فلم أنطـــــــقْ بقافية   ولا رأيت بعيني الدمعَ منحـــــــــدرا

هل جففَّ الرملُ إحســاسي وجففّني   فأصبح الشـــــــعرُ لا علماً ولا خبرا

وهل عجزتُ عن التعبير واأســـفي   كأنني لم أصـــــــــغْ للغـــــادةِ الدُررا

أمي تموت ويُمنـــــــاها على كبدي   يا أمُّ رُحماك إنَّ الريحَ القلبَ قد فُطِرا

هزّي ســــــريري إني لم أزلْ ولداً   ودّثـــــــرينيَ إن الريــــــحَ قـــد زأرا..

وجففّي عَرَقِي فالصــــــيفْ ألهبني   وســـــلسلي الماءَ كي أقضي به وطرا

مُدي يَديّكِ كما قد كنت ألثمــــــــها   فقد نهضتُ وَوَجْهُ الصبح قد ســــــفرا

وحوّطيــــني..تلك العينُ خائنــــــةً   وكم رأيتُ عيوناً تقـــــدح الشـــــــررا

ولوّني أغنياتِ الصيف في شـــفتي   وقرّبي من وســــــــادي النجم والقمرا

ما زال صـــــوتك يـــا أماه يتبعني   يا ربُّ رُدَّ حبيباً أدمــــــنَ الســــــــفرا

يا ربِّ صُنْهُ من الأشــــــرار كلهمُ   ورُدَّ عنه الأذى والكيْــــد والخطــــــرا

واجبرْ إلهي كسْــراً، حلَّ في ولدي   فأنتَ تجبــرُ يا مولاي ما انكســــــــرا

يا ربِّ جفّت دموع الأمــــهات هنا   فأنزلنَّ عليـــــنا الغيــــــث والمطــــرا

كلَّ العصافير عادت من مهاجرها   متى نعـــــــودُ إلى أعشـــــــاشِنا زُمرا

وارحم إلهيَ زوْجاً غاص عائلــها   في ظلمة الســــــــجن لم تبصرْ له أثرا

وطفلة كلــــــــما قالت زميلتـــــها   أتى أبوك؟ تشـــــــــظّى القلبُ وانفجرا

وارحم إلهي شيخاً دبَّ فوق عصاً   قد كاد من طول ليل يفقد البصـــــــــرا

يا من رددتَ إلى يعقوب يوســـفه   لا تتركِ الشـــــــيخَ فرْداً لا يُطيق كرى

يا ربّ ما ذنبُ أحرارِ إذا وقفـــوا   مثلَ الجبالتِ وموج الظلم قد ســــــكِرا

ما زال صـــــوتك يا أماه يجلدُني   إني أســــــــأتُ وجئتُ اليــــوم معتذرا

لا والذي خلق الدنيا وصــــوّرها   ما خنتُ عهدك يــوماً، ما قطعت عُرى

لكنها مِحَـنٌ حلّت بســـــــــــاحتنا   أودت بفكر الذي قد روّض الفِكــــــــرا

أمي تموت ولم أفزع لرؤيتـــــها   ولا قرأتُ على جثمانــــــها سُــــــــورا

ولا حملتُ على كِتْفي جِنازتـــها   ولا مشـــــيتُ مع الماشـــــــــين معتبرا

*****

محمود عارف

أرض الجزيرة..أرضي وهي منطلق   للدين للعلم مرتـــاد الحضـــــــارات

وطني الســــــعودية العصماء مرتكز   للفــــن للرســــــــم بل مهد الثقافات

ماذا أحدث عنـــــها وهي باقيـــــــــة   لي الخلـــــود على رغم الدعايـــات

في كل شــــــبر نرى آثار نهضـــتها   تعطي الخوارق في أسـمى الدلالات

هنا التطــــور في العمران منتشـــــر   في كل منطقة عبـــر المســـــــافات

يليه في الســـــــــبق والتخطيط تنمية   للشــــعب قد نجحت من غير إعنات

وما بلغـــــــناه في مبــــــــناه مرتبط   بــــما يوافق معنــــــاه مع الــــــذات

الأرض تغدق والأبناء قد حصــــدوا   من خضرة الأرض أشـتات النباتات

هذا الشـــــــباب نراه اليــــوم ملتزماً   بعث التــــــراث يؤديــــه بإثبـــــات

من التـــــراث فنون تلتقي نســــــــباً   مع التقاليد موصــــــولاً بعــــــادات

وأمتع الفــــن ما جاء التـــــــراث به   أصلاً من الشعب في رقص ودانات

ما أجمل الليـــــل تســـــــجيله أغنية   تسلسلت حلوة عبر المســـــــــرات

والليـــل مســـــــتأنس في قلبه وهج   من الرغاب توالت عبر لـيــــــلات

توقف الليـــــــل يصغي للغناء وفي   وجدان ســـــــامره أصــــداء آهات

*****

محمود غنيم – مصر

يخطط الأرض في نظــــم وإتقـــــان   كأنـــه ريشـــــــة في كـــف فنــــــان

تلك السطور ســطور بات ينقشــــها   في صفحة الأرض بالمحراث ثوران

ما أجمل الأرض والمحراث ينظمها   قصــــــــيدة ذات تقطيـــــــع وأوزان

يمشــــي ومن خلفـــه كف توجهـــه   كالفلك ســــــــكانها في كف ربــــــان

ما قلقـــــل الأرض إلا زاد غلتــــها   ضــــــعفين فاعجب لهذا الهادم الباني

له ســـــلاح إذا ما شــــــقه انفتحت   فيـــــها كنـــــــوز يــــواقيت ومرجان

لولاه ما جاد بالخيــــرات باطنــــها   ولاجنى ثمر من ظهـــــــرها جـــــان

*****

مروة دياب – مصر

أبحرتُ فيكَ وقد تركتُ حيـــــاتي   وفقدتُ في كهفِ الرَّدى مَرْساتي

أقتات من دهري الأنيـن وما أرى  غيرَ الأسى وتصـــــارُع النَّكباتِ

هل لي بكأسٍ من بُحوركَ مُسْــكِرٍ  أنسى بــــه أني الطَّريـــدُ بـــذاتي

هل لي إذا راعٍ الفؤاد خواطــري   ارْتــــاحُ بين قصــــائدي ودواتي

أنا أيّها الشـعرُ الجُنونُ إذا احتمى   فيه الحنيـــــنُ وأورقــت ورداتي

أنا مرجفٌ ما قد أقول عن الهوى   في ســــكرة عصفت مَمَرَّ حَياتي

يا شــــــعرُ أثقِلْنِي بدائِــــــكَ إنما   خيرُ الشــــكاةِ بأن تَكونَ شــكاتي

أنا من أكون؟ أشــــــاعرٌ متعذّبٌ   أنا أم طبيبٌ ضــــاع في الأدواتِ

أم لســــت في الإثنينِ غيرَ مُقامِرٍ  فَقَدَ الهُويَّــــــةَ لاكْتِشَـــــافِ الذاتِ

أم ثائرٌ ضـــل الطريـــق لموطنٍ   ســـــــكن الجوانحَ فيه والأنّــــاتِ

أنا أسوأ الشــــعراء لحناً في الدنا   وأنا الطبيبُ المتقــــنُ العَبَــــراتِ

أنا ألفُ مَجْـــروح تَفَــرَّدَ بالأسى   وأنا العليـــلُ بزهرتي وحَيـــــاتي

يا شعر من يمحوك عني أو يبوء   بإثم سلوى أصبحتْ مأســـــــاتي

حُسّادِيَ ارْتَدّوا لأنك مُنْصِـــــفِي   وغَدَوا على مرج الهموم أســـاتي

وغدوت واختلط الحبيب بحاقـــدٍ   والعابثــــون بصـــــبوتي وحياتي

من قال إن الشعر أطيب بلســــمٍ   وقصـــــيدتي تقتات من آهـــــاتي

الشــــــعر داءٌ لا يطببــه الورى   أبحرت فيه..فأين طوق نجـــــاتي

تمتص مني الفرحَ منذ طفــولتي   هلا عفوت من البكــــاء رفــــاتي



مسعد بن زياد – فلسطين

تنـــــوح حمــــائم الأقصى تنادي   وينزف دمعـــــها في كل وادِ

وتهتــــز المنـــــابر شـــــــاكيات   إلى الأحرار ما فعل العوادي

تنمَّـــر في النهـــــار "بنو يهـــود"  ودنس نعلــــها طهر البــــلاد

وعاثوا في ربى الأقصى فســـــاداً   وبالت خيلـــهم فوق الفـــــؤاد

وأســــمع بطشـــــــهم آذان قومي   ولكنْ لا حيـــاة لمن تنــــادي

تدمَّـــرت البيـــــوت ومات طفلي   وشُرِّدت النســــاء إلى الوهاد

تجرِّف أرضـــــنا في كل يــــوم   وتقلع إن تشــــأ شـــجر القتاد

لـــها في كل آونـــــة...طريـــــق   وتغلق مســـــجدي مع كل ناد

وتفتك بالشـــــباب...ولا تبـــــالي   أيغضـــــب عالم أو لا يعادي

وتنهب في الظـــــلام غلال قومي  وتحرق مهجــــــتي فالظلم باد

وأي ظلامـــــة من قتْــــل طفـــل   بريء النفس تســـحقه الأيادي

وأي ظلامـــــة أزرى بشــــــعب   تضيء مســـــاءه نار الزنـــاد

وأي ظلامة يُســـــــقى رواهـــــا   أشـــد من الحصار على العباد

وصبراً..يا كنائس بيت لحم ويــا   كل المســــــــاجد في بــــلادي

فطوبى صرخة الأقصى وطوبى   لكل مناضــــل ماض العنــــاد

وطوبى للجريح على وســــــــام   سـيبقى في الورى رمز الجلاد



مصطفى جمال الدين – العراق

يا ليل أيـــن أحبـــــتي ورفـــــاقي   خلت الكؤوس فأين ولى الساقي

أحبابــــــنا عودوا فثمة ســـــــامر   نشوان من خمر السنى المِهراق

فالليلة القمـــــراء أكؤس فضـــــةٍ   ســـــكبت بهن عصارة الإشراق

والأنجم الزهــراء ســـــــامر فتيةٍ   ميل الرؤوس رخيـــة الأعنـــاق

شربوا كؤوسهم ومذ طاش الحجى   سكبوا على الدنيا السلاف الباقي

والبدر لو تدرون فهو عاشـــــــق   ســـــــلبت قواه نواعس الأحداق

ســـــالت مدامعه فقيل أشــــــــعة   وذوى فقيـــــل تأهب لِمُحــــــاق

والنهر جن فلم تفــــده رقيــــــــة   وطغى فأســــقط في يمين الراقي

يجري..ومذ هفت الغصون للثمه   أجرى مدامعـــه على الآمــــــاق

ولقد يهيج الصب فرط ســـروره   فتجـــود أدمعـــــه بيـــــــوم تَلاق

*****

مصطفى صادق الرافعي – مصر

مدادُكِ في ثغر الزمان رضـــــــــابُ   وخطكِ في كلتا يديهِ خضابُ

وكفُّكِ في مثل البــــدرِ قد لاحَ نصفهُ   فلا بدعَ في أنّ اليراعَ شهابُ

كلحظكِ أو مضى وإن كانَ آســـــــيا   جراحَ اللواتي ما لهـنَّ قرابُ

يمجُّ كمثــــــلِ الشـــــــهدِ مجتهُ نحلة   وإن لم يكن فيما يمجُّ شـرابُ

ويكتــبُ ما يحكي العيـــونَ ملاحـــة   وما الســـحرُ إلا مقلة وكتابُ

فدونكِ عيني فاســــتمدي ســـــوادها   وهذا فؤادٌ طاهرٌ وشـــــــبابُ

أرى الكفَّ من فوق اليــــراع حمامة   وتحتَ جناحيـها يطيرُ غرابُ

كأنَّ أديمَ الليــــــل طرسٌ كتبتــــــــهِ   وفيهِ تباشــــيرُ الصباح عتابُ

كأنَّ جبينَ الفجـــر كانَ صـــــــحيفة   كأنَّ سـطورَ الخطِّ فيهِ ضبابُ

كأنَّ وميضَ البـــــــرقِ معنىً قدحتهِ   كأنَّ التماعَ الأفق فيهِ صـوابُ

كأنكِ إمــــا تنظــــري في كتابــــــةٍ   ذكاءٌ وأوراقُ الكتابِ ســـحابُ

أراكِ ترجيــــنَ الذي لســــــتِ أهلهُ   وما كلُّ علمٍ إبـــــرةٌ وثيـــــابُ

كفى الزهرَ ما تندَّى بهِ راحة الصبا   وهل للندى بينَ السيول حسابُ

وما أحمقَ الشــــاة استغرتْ بظلفها   إذا حســــبتْ أنّ الشــياهَ ذئابُ

فحســــــــبكِ نبلاً قالة الناس أنجبتْ   وحسبكِ فخراً أن يصونكِ بابُ

لكِ القلبُ من زوجٍ ووُلــــدٍ ووالـــدٍ   وملكُ جميع العالميــــــنَ رقابُ

ولم تخلقي إلا نعيــــــماً لبائـــــــسٍ   فمن ذا رأى أن النعيمَ عــــذابُ

دعي عنكِ قوماً زاحمتهم نســـاءُهم   فكانوا كما حفَّ الشـرابُ ذبابُ

تســـــــاووا فهذا بينـــــهم مثلَ هذهِ   وســــــــيَانَ معنىً يافعٌ وكعابُ

وما عجبي أنَّ النســــــــاءَ ترجّلتْ   ولكنَّ تأنيثَ الرجــــالِ عجــابُ

*****

مصطفى لطفي المنفلوطي – مصر

وماذا بمصرَ من المضحكاتِ   سوى شيخِكَ العاشِق الأشيبِ

*****

يا يَراعي لولا يــــدٌ لكَ عنـــدي   عِفتُ نظمي في وَصفِكَ الأشعارا

يا يَراعَ الأديبِ لولاكَ ما أصبَح   حَظُّ الأدِيب يَشــــــــــكُو العِثارا

غيرَ أني أحنو عليـــــكَ وإن لم   تَكُ عونــــاً في النائِبـــات وَجَارا

*****

أرى المجدَ في حدِّ الحســــام المصمم   وسيرَ العُلا إثرَ الخميس العَرمرَم

ومن جعل التدبيــــر في الحرب هَمّـهُ   أذلت إليه كل دهيـــــاءَ صَـــــيلم

طغت أمَمُ السودان طوعَ غُـــــرورها   فمِن مُنجدٍ في الغي منها ومُتـــهم

وأعيا على بأس الرجـــــال انقيـــادُها   وعاشَ زماناً ســـــيَفُها لم يُثـــــلَّم

فلما دَهَـــاها بأسُ كُتشِـــــنَر عَنَـــــت   إليه وأضحت مثلَ نهبٍ مُقسّــــــم

تُطالعُـــــه شُــــــمُّ الجِبــــــال فيرتَقِى   ذُراها وأجوازَ الفــلاةِ فَيَرتَــــمي

فأعمَل تلك البيضَ في السّودِ فاكتسَوا   جميـــــــعاً بُرُوداً قانِياتٍ من الدّم

*****

مصطفى وهبي التل (عرار) – الأردن

يبكي، فــــــؤادي وعيني غير باكية   لاتبك، يا عين خزي منك بكيــاك

ضاقت ضـــــلوعي بهم ليس تحمله   شمّ الجبال، ووجهي وجه ضحّاك

إن كان موتي بنفسـي فهو أجدر بي   من أن أعيش وجدي ناشـــج باك

خلق جموح ونفس ملؤها صـــــلف   لا تعرف الهون يا دنيا حديّــــاك

طوبى لوادي الشــــــتّا والضاربات   به أطنابــهنّ، ألا يا نفس رحماك

ظننتني جرت عن طرد الهوى فإذا   هذا الذي خلته، قد حرت، إيّـــاك

لولا الهوى لم أرق دمعاً على طلل   ولا بكيــــت على الأطلال لولاك

*****

أحقاً قد قضى نحــبه  وفارقـــــــنا ولم يأبه

كأنّـــا ما عرفـــــناه  ولا سبقت لنا صحبه

وأن "عريب" تبكيه  "وفدوى" دأبــها ندبه

*****

مظفر النواب – العراق

أعاتب يا دمشق بفيض دمعي حزيناً لم أجد شدود الشـــــــحارير

القـــــــدامى ندامى الأمس...هل في الدوحة أنتم أم الوطن الكبير

غدى ظلاماً وكان العهد أن الليالي نهب إلى بنادقــــنا إحتكــــاما

أطربتكم وكان الصــــــبح كأسي وأطربكم على الليل إلتـــــزاما

وما مدت لغير الشعب والكاسات كفي وإن مدوا بغيرها السلاما

أتيتك والعـــــــراق دموع عيني لماذا تجعلين الدموع شـــــــاما

فما عرفوا الســــــجود ولا أحبوا ولا ذاقوا ولا عرفوا الهيـــاما

ســــــــلام يا ندامى الأمس إني محــــــال أن أفرط بالنـــــدامى

إذا ما تمـــــرة علقت بأخرى فلن أملأ لغير العشـــــــــــق حاما

فإن أخذت لســــــــلطان تروي فلم يملك من الطـــــرب الزماما

فما قدمت كأسي بل تناهي الشــــــــــيب يضطرم اضــــطراما

وذا طبع الخمور ومدمنيــــــها تســـــــــلك في الملامة إن ألاما..

*****

معروف الرصافي – العراق

يقــولـون في الإســلام ظــلمــا بــأنه  يصد بنيــه عن طـريق التقـــدم

فإن كان ذا حــقــا فـكــيف تقــدمــت  أوائلـــه في عهــــدها المــتقـدم

هل العــلــم في الإسـلام إلا فريـضة   وهل أمة ســادت بغيــر التعلــم

لقد أيقــظ الإســـلام للـمـجـد والعــلا  بصــائر أقــوام عن المجد نــوم

وحــلــت لــه الأيــام عنــد قيــامــــه  خبــاهــا وأبــدت منظـر المتبسم

فأشــرق نــور العــلم من حجـــراته  على وجه عصر بالجهالة مظلـم

ودك حصـــون الجــاهليـة بالهــدى   وقوض أطناب الضلال المخيـم

وأنشـــط بالعــلم العزائــم وابـتـنــى  لأهليــته مجــدا ليـــس بالمتهـدم

وأطلق أذهان الــورى من قيــودها  فطارت بأفكار على المجد حوم

ومــا تـرك الإســـلام للمرء ميــزة  على مثلــه ممـــن لآدم ينتــمــي

فليـــس لمـثر نقصــه حــق معــــدم  ولا عربي بخســه فضــل أعجم

ولا فـــخــر للإنســـان إلا بســـعـيــه  ولا فضــل إلا بالتــقى والتكــرم

وليس التقى في الدين مقصورة على  صلاة مصــل أو صـــوم صيــم

ولكنـــها تــرك القبيـــح وفعـــل مــا  يؤدى من الحسنى إلى نيل مغنم

فمثــل هذا الأمـــر يـــآل أولي النهى  يكون عثــارا في طريــق التقــدم

      --------------------------------------------

أرى مســـتـــقـبــل الأيــــام أولـــى بمطمح من يحاول أن يســودا

فما بلـــغ المقــاصــد غيــر ســاع  يردد في غـــد نظــرا ســديــدا

فوجــه وجـــه عـزمــك نحـو آت  ولا تلتفت إلى المــاضين جيـدا

وهل إن كان حاضـــرنــا شــقيـا  نســـود بكون ماضينــا سعيــدا

تقــــدم أيـــها العـــربي شـــوطا  فإن أمامك العــيــش الرغــيـدا

وأســس في بنـــائـــــك كل مجد   طريــف واترك المجــد التليـدا

فشــر العــالميــن ذوو خمـــول  إذا فاخرتهم ذكــــروا الجــدودا

وخير الناس ذو حســب قـديــم  أقـــام لنفســـه حســبا جــديـــدا

تراه إذا ادعى في الناس فخرا  تقيــــم لـــه مـــكارمه الشــهودا

فدعــني والفخــار بمجــــد قوم  مضى الزمـن القديم بهم حميــدا

قد ابتسمت وجوه الدهر بيضـا  لهــم ورأيننـــا فعبســـن ســـودا

وقد عهــدوا لنــا بتــراث ملك  أضعنــــا في رعــايتــه العهودا

وعاشــوا ســادة في كل أرض  وعشـــنــا في مــواطننـــا عبيدا

إذا مــا الجهـــل خيـــم في بلاد  رأيت أســـودهــا مسخت قرودا



ســــــــيوف لحاظ أم قسي حواجب   تَريشُ إلى قلبي ســــــهامَ المعاطبِ

ورُبَّ كعـــاب أقبلت في غلائــــــل   وقد لاح لي منـــــها حُلِي التـــرائبِ

لها جيد ظبى وإعتــدال وشــــــيحة   وعين مَهاة وإئتــــلاق الكــــــواكبِ

ولا عيبَ فيها غيرَ أن أولى الهـوى   ينادونها في الحســـن بنت العجائبِ

نضتْ عن محياها النقاب عَشــــــية   فاسـفر صبح الحسن من كل جانبِ

ومذ نشرب ســـودَ الذوائبِ أولجت   نهـــــار محيـــــاها بليـــل الذوائبِ

تناسبَ فيها الحســــــن حتى رأيتها   نفوق الدمى في حسن ذاك التناسـبِ

مفترة الأجفــــان تدمى بلحظـــــها   قلوبَ أســـــــودٍ مدميــــاتِ الكتائبِ

فلم أنســـــــها والله يوم تعرضــت   لنا بين هاتيك الظباء الســــــــواربِ

وما كنت أدري ما الصبابة قبلــها   ولا هِمت يوماً في الحسان الكواعبِ

فأصـــــبحتُ فيها ذا غرام ولوعة   ووجـــد وتهيـــــام وهم مـــــــواظبِ

وما الصبر إلا غائب غير حاضر   وما الشـــــوق إلا حاضر غير غائبِ

*****

تجمعت المخازى فيك حتى   يعدَ الهجو فيك من المديح



لست بالشاعر الذي يرسل اللفظ   جزافاً لكي يصيب جناســـــه

أنــــا لا أبتـــغي من اللفــــظ إلا   ما جرى في سهولة وسلاسه

إنــما غايتي من الشــــعر معنى   واضحاً يأمن اللبيب إلتباســه

*****

طرب الشعر أن يكون نســـــــيباً   مذ أجالت لنا القــوام الرطيبا

وتجلت في مرسـح الرقص حتى   أرقصت بالغرام منا القلـــوبا

أقبلـــت تنثي بقــــدِّ رَشـــــــــيق   ألبســـــته البرد القصير قشيبا

قصرتْ منه كمِّه عن يديــــــــها   وأطالت إلى الهنود الجيــــوبا

حبسَ الخضرَ حيث ضاق ولكن   من تزيا به، وفي الطيب طيبا

خطرت والجمـــــال يخطر منها   في حشـــا القوم جيئة وذهوبا

وعلى أرؤس الأصـــــابع قامت   تتخطى تبختــــراً ووثــــــوبا

يعبـــث الأنس أن تروح ذهــابا   ويعيد إبتســـــامة أن تئـــــوبا

فهي إن أقبلت رأيت إبتســـــاماً   وهي إن أدبرت رأيت قطــوبا

نحن منها في الحالتين تـــــراباً   نرقب الشــــمس مطلعاً ومغيبا

*****

فإن لبيــــــروت حقوقاً جليلة على   فنب يا شـــعر عنيَ في الشــــــــكر

فإني ببيروت أقمتُ ليالــــياً وربّك   لم أحســـــب ســـــواهن من عمري

وقضيتُ أيـــــاماً إذا ما ذكرتــــها   غفرت الذنوب الماضيات من الدهر

لئن تك في بغداد يا دهر مذنــــــباً   على ففي بيروتَ كم لك من عــــذر

قرأت بها درسَ المكارم مُعجـــــباً   بكــــل كبيـــــر النفس ذي خُلق حر

فكنت بها من باذخ العز في الذرى  ومن ســــرواتِ القوم في أنجم زهر

*****

معين بسيسو – فلسطين

أنا إن سقطت فخذ مكاني   يا رفيـــقي في الكـــــفاح

وانظر إلى شــفتي أطبقتا  على هــــــوج الريــــــاح

أنا لم أمــت! أنــا لم أزل   أدعوك من خلف الجراح

*****

واقرع طبولك يســتجب   لك كل شعبك للقتال

يا أيها الموتى أفيقـــــوا:  إن عهد الموت زال

ولتحملوا البركان تقذفه   لنا حمر الجـــــــبال

*****

هذا هو اليوم الذي قد  حددته لنا الحــــــياة

للثورة الكبــرى على  الغيلان أعداء الحياة

*****

فإذا ســـــــقطنا يا رفيقي   في جحيم المعركة

فانظر تجد علماً يرفرف   فوق نـار المعركة

ما زال يحمـــــله رفاقك   يا رفيــق المعركة

*****

مفدي زكريا – الجزائر

الحب أرقـــني واليأس أضـــــناني  والبيــــن ضـــاعف آلامي وأحزاني

والروح في حب "ليلاي" اسـتحال  إلى دمع فأمطره شـــعري ووجداني

أســــــــاهر النجم والأكوان هامدة  تصغي أنيني بأشـــــواق وتحـــــنان

كأنــــــما وغراب الليـــــل منحدر  روحي وقلبي بجنبيــــه جنــــــاحان

نطوي معاً صـــــــهوات الليل في  شغف ونرقب الطيف من آن إلى آن

لكِ الحياة وما في الجسم من رمق  ومن دمـــــاء ومن روح وجثــــمان

لك الحياة فجودي بالوصــــال فما  أحلى وصـــــالك في قلبي ووجداني

*****

منذر أبو حلم – فلسطين

هل لي إلى عينيـــــك نافـــذة الرؤى   ليصير ليلي مشــــــرقاً وجميلا

أدمى فؤادي أن بعــــدك محــــــرق   هيهات أعرف للقاء ســـــــــبيلا

يا ســـري الأبدي يا ســــحر الدجى   لغزي الذي لا يقبل التــــــأويلا

من غير وجهك يســــتثير مشاعري   فأقول شــــعراً أو أقول صهيلا

رحلت تهــــاويم الليــــالي كلــــــها   وغدوت ارســـم حلمي المقتولا

يا أيّــــها القمر الذي شـــــــاركتني   ســـــــهر الليالي لو تظل قليلا

لو كنت أملك أن أطير كنســــــــمة   كنت اقتحمت الهول والمجهولا

أرجو لقــــاءك كالغــــريق إذا رأى   كفا تريد إلى الغريق وصـــولا

ضمي إليك الفجر فهو رســـــــــالة   مني لينقل ســـــــري المجهولا

تبكي الورود إذا لمســـــت خدودها   والبحر يصـــمت لا يحار فتيلا

يا أيّـــــها القمر الذي شــــــاركتني   ســــــــهر الليالي لو تظل قليلا

إن كنت تلمـــــح طيفـــــها في ليلة   قبله عني أحســــــن التقبيـــــلا

لو كنت أملك أن أطير كنســـــــمة   كنت اقتحمت الهول والمجهولا

غنت طيور الفجر حين عرفتــــها   والكون أصبح واحة وظليـــــلا

أرجو لقـــاءك كالغـــريق إذا رأى   كفا تريد إلى الغريق وصـــولا

مضت الليالي كانعكاسات الصدى   لم يبق إلا الذكريـــات دليـــــلا

ضمي إليك الفجر فهو رســــــالة   مني لينقل ســـــــري المجهولا

هيهات أنســــــى من أحب لأنني   روح تحاول للحبيب وصـــولا

*****

منير باهي – المغرب

ماذا جَرَى لِلســـــانِ القَلْبِ رَبَّـــــــاهُ   وما الذي من عَميق المَـوْتِ أحْيَــاهُ

فَلَمْ يَبُــــــــحْ وَلَــــــهاً بالآهِ مِن زمنٍ   ولا هوىً خَطّتِ الأشْــــــواقَ يُمْنَاهُ

مَنْ التي أيْقَظَتْ بالحُبِّ رَعْشَــــــــتَهُ   حتَّى اسْــتَعَادَ بأرْضِ الحُبِّ مَجْرَاهُ

وكُنْتُ أغلَقْتُ وَجْـــــداً بَابَهُ حَـــــذَراً   مِنْ أنْ يَهُـــــزَّ هُبــوبُ الوجْدِ دُنياهُ

فأيُّ أنثى لهــــــذا القلــــبِ تفتحــــه   وتجعلُ الرِّيحَ مِلْءَ الرِّيـــــح مَأواهُ

هلّتْ كَقَطْرَةِ ضَـــوْءٍ هَلَّ يغســـــلُني   لا سَــــقْفَ أوقفها، لا ليـــــلَ أخْفَاهُ

هَل اسْتَعَارَتْ من الأشـــــواق رقَتَها؟  إنْ مَسَّتِ الصَّخْرَ، قالَ الصَّخْرُ:أوَّاهُ

لا القلبُ كان درى في البَدْءِ خاتِمَتي   ولا أنــــا كنتُ أدْري الخَتْمَ مَبْــــدَاهُ

قلبي اسْتَمَدَّ لِساناً من مشـــــــاعِرها   وَفَوْقَ أنْفَاسِـــــها قَـــدْ مَدَّ نَجْــــــواهُ

وخِفْــــتُ يا لذَّةً كالشّــــــوْق تَخْنُقُني   والشـــــوقُ كم خَنَقتْ بالشَّــوق كَفّاهُ

وقلتُ: أنسى أأنْسَى مَنْ بضِحْكَتِـــها   تنمو الطُّفـــــولة يَحْبو القلبُ: أمَّــــاهُ

وكيف أنْسَى التي ألَّهـــــتُ طلّتَــــهَا؟  هل يَعْبُـــدُ العبْدُ معْبــــوداً وينْسَـــــاهُ؟

اِخْتَرْتُ لي وَطناً مازلْـــتُ سَــــــيّدَهُ   واختارني شـــــوقُها عَبْــــداً بمَنْفَــاهُ

*****

منير العجلاني – سورية

مَوطِني مَوطِني

الجلالُ والجمالُ والسّــــــناءُ والبَــــهَاء

في رُبَاكْ في رُبَاكْ

والحيـــــاةُ والنجـــــاةُ والهناءُ والرجاءُ

في هواكْ في هواكْ

هلْ أراكْ هلْ أراكْ

ســـــــالِماً مُنَعّــــماً وَغَانِـــــــماً مُكَرّمَاً

هلْ أراكْ في عُلاكْ

تبلُغُ السّـــــــــمَاكْ تبلُغُ السّـــــــــــمَاكْ

مَوطِني مَوطِني

مَوطِني مَوطِني

الشبابُ لنْ يكِلّ هَمُّهُ أنْ تستَقِلّ أو يَبيدْ

نَســـتقي من الرّدَى ولنْ نكونَ للعِدَى

كالعَبيدْ كالعَبيدْ

لا نُريدْ لا نُريدْ

ذُلَّنَا المُؤبّـــــــدا وعَيشَــــــــنَا المُنَكّدا

لا نُريدْ بلْ نُعيدْ

مَجدنَا التَليــــــدْ مَجـــــدَنَا التَليــــــــدْ

مَوطِني مَوطِني

مَوطِني مَوطِني

الحُســــامُ واليَرَاعُ لا الكلامُ والنزاعُ

رَمْزُنَا رَمْزُنَا

مَجدُنا وعهــــــدُنا وواجبٌ منَ الوَفَا

يهُزُّنا يهُزُّنا

عِزُّنا عِزُّنا

غايةٌ تُشَـــــــرّفُ ورايـــــةٌ ترَفرفُ

يا هَنَاكْ في عُلاكْ

قاهِــــــراً عِداكْ قاهِراً عِـــــــــداكْ

مَوطِني مَوطِني

*****

منير النمر – السعودية

نسرينُ لا تزرعي بالطفل سكيناً   عاشـــــت لياليكِ وانذلّت لياليـــنا

نقتاتُ بالذلّ، والحرمان غايتــنا   ونشربُ الكأس، والتشريد يسقينا

بنت الفرات تلّظى فوق أنهـرِكِ   نهرٌ يُؤرّق فيَّ الخبـــز والتيـــــنا

نهرٌ كنسـرين لا زالت مطامحه   على الضفاف ندّيــــات يُســـــلّينا

*****

مؤمنة بشير العوف – سورية

أحبك أنت بصمت المســــاء   وبوح السواقي ونجوى الزهر

أحبك رغم العذاب الطويــل   ويأســــــي المرير وحكم القدر

أحبك يا من هـــواه بقلــــبي   عميق الجذور بعيــــد الأثــــر

أحبك رغب شــبابي النضير  وزحفــــك نحو خريف العمــر

فأنت حبيبي بــــرغم ربيعي  فلســـــت أبالي دروب الخطـر

ولست أبالي بوقع الســــنين  فعزمي أكيـــــد يذيب الحجــــر

فيامن سمعت أنين الضلوع   بليل الســــهاد وغور الســـحر

أطــــل حبيبي فإن فـــؤادي  قنـــــــوع حبيبي بلمح النظـــر

*****

إيه هزار أثـــرت في أعطافيــــــــه   أوهام عذراء وشـــــوق الغانيــــة

وسكبت عبر مســــــالكي أنداء دنيا   ثـــــرة قد كنت عنـــــــها غافيـــة

وفتحت آفاق الجمـــــال لناظــــري   ونثرت في دربي قطــــافاً دانيــــة

وشــــرعت أســــاب الحياة لخافقي   ومددت أعمــــاقي برؤيــــــا باقية

فشدوت لحن الحب في حلو الرؤى   وعرفت نجوى الزهر بوح الساقية

ورتعت في ســــبل الحياة تحف بي   أطياف عيش لاح في أحلاميـــــه

فأنا العبيـــــر البكر أزكت عطــره   أجواؤك النشــــــوى دناك الحانيه

وأنا الربيع الطلق أغــــــوته المنى   حد القريض جمـــوحه والقافيــــة

*****

حياتي حنين وشــــوق وحب   ورعشـات هدب لطرف ولوع

فهذي المشاعر تغزو الحنـايا   وتنشر حلماً ســــــني الطلوع

وتسكب في أمسياتي الغوالي   شـــعور التوحد غب الرجوع

لمــــاذا أحن إلى مســــــتزاد   نـــدي الرواء بهي الربــــوع

علام أطيـــــل التـــــوقف إما   تألق فجر الهـــــوى والولوع

فإني لأرغب عن كل وصـل   يعيد الســكون لخفق ضلوعي

ولســــــت أبالي بوصل أكيد   يتوج شوقي وســكب دموعي

أحب حنيني لذات الحنــــان   وأهوى التوجد يفري ضلوعي

وأعشــــــــق ما أتمنى لأني   أعــــاود درب الحنين البديــع

*****

أنا يا حبيبي مدار الحنيــــن   ورعش الظنون وهمس الفكر

أنا إن ســـألت دروبك عني   تجــــد لي بكل طريــــــق أثر

وهمس نداء السنين المدوي   يضج بســــمعك يغشى البصر

فكيف التهرب من سـطوتي   وهل لك مما تعـــــاني مفــــر

فإني أقيم هنـــــالك بعيــــداً   بغور ضــــــــلوعك حلماً أغر

وإني شـــــعور خفي لهيف   دمــــاؤك منه لظى مســــــتعر

وإني رفيف الأمــاني وإني   دبيب الضـــياء بعمر الســـحر

فيا أيّها المتســــــــائل عني   جوابي في سرك المســــــــتتر

*****

ســـــــيعود ليحملني الزورق   وسـأبصر حلمي قد أورق

وســــتزهر في قلبي الأفراح   ويمضـي اليأس وقد أخفق

ملاحي أطلـــق أشــــــرعتي   ما القلب بشـــــاطئه موثق

فأنـــــا للرحلـــــة مرتهـــــن   والشوق يلج وإن أشــــفق

وســــأمضي والإبحار هوى   إن غاب النجم وإن أشرق

ودروبي تهفــــو للرؤيـــــــا   وشـــراعي يوماً لن يخلق

فأنـــا يا قلب على ســــــــفر   أبــــــداً أكون على زورق

وحكاياتي قيــــد الســـــــمار   يطوف بها ليــــــل مرهق

ســــــيعود ليحملني الزورق   وســـأبصر حلمي الأورق

لن تسمع يا صوت الحرمان   تعربد في الصـــدر المغلق

*****

إني ألفــــــت حـــــــلاوة الإغفاء   وألفت صدرك طاوياً برحائي

وألفت ذاك الصوت يسكب حانياً   همس الشفاه ورعشة الأحشاء

إني ألفتـــــك يا حبيبي رملــــــة   تمتد حتى تحتوي صــحرائي

*****

وأتيتـــني بعــــد إنتظـــــار   تستصلح الأرض البوار

وترف في صحراء عمري  غصـــــــن زيتون وغار

عينـــاك تدعوني على خفر  يواريــــــه الظـــــــــلام

وأنا أريـــــدك عاصـــــــفاً  كالريـــــح تقتحم الزحام

*****

دمشـــــــق إنتظار يرف سناه  علينا على عمرنا المجهـد

دمشـــــق إحتمال نعيش عليه  فينأى بأحلامنا الشـــــــرد

دمشــــق لقد ألجمتنا الدروب  وعز الوصول الى المورد

سـنون مضت أيها الراحلون  ونحن على بابــها الموصد

وقوفا لقد ملـــــنا الانتـــظار  وضاق بنا الســعي للمقصد

دمشق ألا تسمعينا احمليني   وضمي شـتاتي خذي بيدي

فإني وإياك شـــــــلو حزين   كلانـــــا يحــن الى الموعد

ويقتـــــــات من ترقب وعد   ينام على جفني المســــــهد

*****

مها العتيبي – السعودية

أتســـــــألين النوى ســـــــرّ ماضيه   والوجدْ يشــــــــعل حزناً في مآقيه

زالدمع يشــــــرع للأيــــــــام نافذة   قد مســــها العشق مذ أمست تناديه

يا أيها الموجع المسكوب في زمني   خذها كؤوس النوى جفّت ســواقيه

خذها ترانيم حزني غادرت مــدني   في مهمه التيه تســـــــتجدي منافيه

ولتكتبــــنَّ على أطراف غربتــــها   قصيدة الورد أغرتها شـــــــواطيه

يمتاح من صهوة الأحلام دهشــتها  على ضفاف الهوى ترســــو أمانيه

كان التشهي وليل الحب من غرق   ترفضُّ عن موجــــه العاتي موانيه

وهو المســـافر في أهداب حُرقتها  من غيمة الظن أبكتــــــها قوافيــــه

وهي الدموع على أعتاب شهقتـها   يســـــــــتلهم الوجع القاسي يداريه

والشعر لو نطقت بالشعر سورتها   تحتار من همســـــها الدافي معانيه

تســــــــتمطر الألم المكبوت قافية   من ديمة الوصل حتى عمق خافيه

وتذرع الأمل المشــــــبوب أغنية   جاءت تغـــــازل في وجـــدٍ أغانيه

جاءت بمخملها يهفو النســـيم بها   أســـــــرى بها الحبّ أقماراً تناجيه

ففي الشـوارع من خطواتها أرق   وفي المســــــافات أشـــواقٌ تناغيه

تحمّلت أردانها من عطر لهفتـها   قاب إحتراق الهوى ضــوعاً تلاقيه

تضمُّ من جمرة العشــاق جذوتها  والحزن من بردها دفئاً يواســــــيه

*****

ميخائيل نعيمة – لبنان

يا نهرُ هل نضبتْ مياهُكَ فانقطعتَ عن الخــرير

               أم قد هَرمْتَ وخار عزمُكَ فانثنيتَ عن المسير

بالأمس كنتَ مرنماً بين الحدائــــق والزهــــــور

               تتلو على الدنــــــــــيا وما فيها أحاديثَ الدهور

بالأمس كنتَ تسير لا تخشى الموانعَ في الطريق

               واليومَ قد هبطتْ عليك ســـــــكينة اللحدِ العميق

بالأمس كنتَ إذا أتيتُـــــكَ باكــــــــياً ســـــــلَّيْتَني

               واليومَ صــــــرتَ إذا أتيتُكَ ضـــــــاحكاً أبكيتني

بالأمس كنتَ إذا ســــــمعتَ تنهَّدِي وتـــــــوجُّعِي

              تبكي ، وها أبكي أنا وحـــــدي ، ولا تبكي معي!

ما هذه الأكفــــــانُ ؟ أم هذي قيـــــــــودٌ من جليد

              قد كبَّلَتْــــــكَ وذَلَّلَتْـــــكَ بها يدُ البرْدِ الشـــــــديد

ها حولك الصفصــــــافُ لا ورقٌ عليه ولا جمال

              يجثـو كئيـــــــباً كلما مرَّتْ بهِ ريحُ الشــــــــمال

والحَوْرُ يندبُ فوق رأسِـــــــكَ ناثِراً أغصــــــانَهُ

              لا يســـــــــرح الحسُّــــــــــونُ فيهِ مردِّداً ألحانهُ

تأتيه أســـــرابٌ من الغربان تنعقُ في الفضَــــــا

              فكأنــــــها ترثِي شــــــــباباً من حياتِكَ قد مَضَى

وكأنها بنعيها عندَ الصـــــــباح وفي المســـــــاء

              جوقٌ يُشَــــــيِّعُ جســـمَكَ الصافي إلى دار البقاء

لكن ســــــينصرف الشــــــتا، وتعود أيامُ الربيع

              فتفكّ جســــــــمكَ من عِقـــــالٍ مَكَّنَتْهُ يدُ الصقيع

وتكرّ موجتُــــــكَ النقية حُرَّةً نحـــــوَ البحَـــــار

              حُبلى بأســــــرار الدجى، ثملى بأنـــــوار النهار

وتعود تبســـمُ إذ يلاطف وجهَكَ الصافي النسيم

             وتعود تســـــــــبحُ في مياهِكَ أنجمُ الليــــــــــلِ البهيم

والبدرُ يبســـــطُ من سماه عليكَ ستراً من لُجَيْن

               والشــــــــمسُ تسـترُ بالأزاهرِ منكبَيْكَ العاريَيْن

والحَوْرُ ينسى ما اعتراهُ من المصائبِ والمِحَنِ

               ويعود يشـــــــمخ أنفُهُ ويميس مُخْضَـــــرَّ الفَنَن

وتعود للصفصافِ بعد الشـــــــيبِ أيامُ الشباب

               فيغرد الحسُّـــــــــونُ فوق غصونهِ بدلَ الغراب

قد كان لي يا نهرُ قلبٌ ضــــاحكٌ مثل المروج

               حُرٌّ كقلبـــــكَ فيه أهــــــــواءٌ وآمــــــــالٌ تموج

قد كان يُضحي غير ما يُسمي ولا يشكو المَلل

               واليوم قد جمدتْ كوجهــــــــكَ فيه أمواجُ الأمل

فتساوتِ الأيامُ فيه: صــباحُها ومســـــــــاؤها

               وتوازنَتْ فيه الحيـــــــاةُ: نعيمُها وشــــــــقاؤها

سيّان فيه غدا الربيعُ مع الخريفِ أو الشـــتاء

               ســــــــيّان نوحُ البائسين، وضحكُ أبناءِ الصفاء

نَبَذَتُهُ ضـــــــوضاءُ الحياةِ فمالَ عنها وانفرد

               فغدا جــــــــماداً لا يَحِنُّ ولا يميـــــــلُ إلى أحد

وغدا غريــــــباً بين قومٍ كان قبلاً منـــــــهمُ

              وغدوت بين الناس لغـــــــزاً فيه لغزٌ مبـــــــهمُ

يا نهرُ ! ذا قلبي أراه كـــــما أراكَ مكبَّـــــلاً

              والفرقُ أنَّك ســــــوفَ تنشـــط من عقالِكَ، وهو

*****

نائل الحريري – سورية

فاتنٌ...أنتَ والهــــوى والليالي   فاتنٌ...كلما خطرتَ ببـــــــالي

روعة أنتَ...ما أبيحَــــتْ لِحَيّ   أو تجلَّتْ في خاطرِ...أو خيالِ

يا حبيبي، ويُلْهبُ النَّـــارَ دمعي  أنتَ أدرى بحاجتي عن سؤالي

أنتَ مَنْ في يديـكَ قلبي، فَهَبْني   قَلبَكَ المخمليَّ أو...لا تُبــــــالِ

لستُ أبغي سوى مُحالٍ، وماذا   يطلبُ العاشقونَ...غيرَ المحال؟!

ســـــــؤالكِ فجَّـــــــرَ لي غليلي   وعلّم أدمُعي بلـــــوى ســـــــبيلي

ورائي خلّفَ الأشــــــــواق ناراً   لأبكي في زمـــانِ المســــــــتحيلِ

زمانُ المستحيل، غداً ســيمضي   ولا يبقى ســــــــوى القلبِ العليلِ

ألملمُ دمعَــــــهُ الغــــــالي...أراهُ   يذوبُ...ولا أفتَّــــشُ عن بـــــديلِ

نتيهُ...نتيهُ والأيّــــــــامُ تجـــري   يضـــــــــيعُ الفجرُ في ليلٍ طويلِ

براعمنا الصـــــــــغيرةُ كم تعبْنا   لكي تحيــــــا...على الأمل القليلِ

خريــــفٌ قــــــــادمٌ ســــــــيأتي   ويقتـــلُ كلَّ حلْــــمٍ أو ســـــــبيلِ

إلى عينيــــــكِ أهدي نبضَ قلبي   خــذيهِ...فأنتِ - لا قلبي – دليلي

رحيــــلٌ...والفؤادُ يظــــلُّ يبكي   وشمسُ الحبِّ أمست في الأصيلِ

يموتُ الدَّمع...حتَّى الحزن يفنى   فهَلْ بعدَ اللقاءِ...ســــوى الرَّحيلِ

*****

نازك الملائكة – العراق

لم يـــــــزل مجلســــي على تَلي الرمليّ   يصغي إلى أناشــــــيد أمســــي

لم أزل طفلــــــة ســـــــــــوى أنني قـــد   زدت جهلاً بكنه عمري ونفسي

ليتـــــــني لم أزل كــــــما كنت قلـــــــباً   ليس فيه إلا السّــــــــــنا والنقاء

كلّ يــــــــوم أبني حيــــــاتي أحـــــلاماً   وأنســــى إذا أتاني المســــــــاء

أبــــداً أصــــــرف النهــــــار على التل   وأبني من الرمال قصــــــــورا

ليت شــــــعري أين القصور الجميلات   وهل عدن ظلمـــــة وقبــــــورا

إيه تلّ الرمـــــالِ ماذا تـــرى أبقيــــت   لي من مدينـــــــة الأحــــــــلام

أنظــــر الآن هل تـــرى في حيـــــاتي   لمحة غيـــر نشــــــــوة الأوهام

ذهــــب الأمس لم أعـــد طفلـــة ترقب   عش العصــــــفور كلّ صـــباح

لم أعد أبصــــر الحيـــــــاة كـــما كنت   رحيــــــقاً يـــــذوب في أقداحي

لم أعد في الشــــــــتاء أرنـــو إلى الأم   طار من مهدي الجميل الصـغير

لم أعد أعشــــــق الحمـــــامة إن غنت   والهو على ضـــــفاف الغــــدير

كم زهــور جمعّتـــــها لم تذر منــــــها   الليالي شيئاً ســوى الأشـــــواك

كم تعاليـــــل صــــــغتها فنيـــــــت إلا   خيـالاً يـــــؤود قلبي البــــــاكي

آه يــــا تلّ هـــا أنــــــا مثلـــــــما كنت   فأرجع فردوســــي المفقــــــودا

أي كفّ أثيــــــمة ســــــلبت رمـــــلك   هذا جمــــــــــاله المعبـــــــــودا

كنت عرشــــي بالأمس يا تلّي الرمليّ   والآن لم تعـــــد غيــــــر تـــــلّ

كان شدو الطيور رجع أناشـــــــــيدي   وكان النعيـــــم يتبـــــع ظـــــلّي

كان هذا الوجود مملكتي الكبــــــــرى   فيــــا ليتــــــني أعـــود إليـــــها

ليت هذي الرمال تسترجع الســــــحر   وليــــت الربيع يحنــــو عليـــها

لم أعد أســــــتطيع أن أحكم الزهــــر   وأرعى النجـــــوم في كل ليـــل

هل أنا الآن غير شـــــــــاعرة حيرى   وهل غير هيكلي المضــــــمحلّ

ذهب الأمس والطفـــــــولة واعتضت   بحسّي الرهيــف عن لهو أمسي

كل ما في الوجـــــود يؤلمـــــني الآن   وهذي الحيـــــاة تجــــرح نفسي

أين لـــون الزهــــــار لم أعــــد الآن   أرى في الزهار غير البــــــوار

كلما شــــــــــمت زهرة صوّر الوهم   لعيــــنيّ قاطـــــف الأزهــــــار

أين شـــــــدو الطيــور ما عدت ألقى   في صفاه من يأس قلبي خلاصا

كل لحــــــن لصـــــــــادح يتلاشـــى   في إدّكاري الصّياد والأقفاصــا

أين همس النســـــــــيم لم تعـــد الآن   ســــام تغري قلبي بحب الجمال

فغدا يهمس النســـــــــيم بمــــــــوتي   في عميق الهــوى وفوق الجبال

أين منّي مفاتن القمــــر الســــــــاحر   والصــــيف والظــــلام المثيــــر

لم أعد أعشــــــــــق الظلام غداً أرقد   تحت الظــــــلام بين القبـــــــور

ها أنا الآن تحت ظلّ من الصفصاف   والتيــــن مســــــتطاب ظليـــــل

أقطف الزهر إن رغبت وأجني الثمر   الحلو في صـــــباحي الجميـــــل

وغداً ترســــــــــم الظلال على قبري   خطـــوطاً من الجمـــــال الكئيب

وغداً من دمي غذاؤك يا صفصـــاف   يا تيــــــن أيّ ثـــــأر رهيــــــب

ذاك دأب الحياة تســـــــلب ما تعطيه   بخـــــلاً لا كـــــان ما تعطيـــــه

تتقاضى الأحيـــــــاء قيمــــــة عيش   ضمهم من شــــــقاه أعمق تيـــه

هي هذي الحياة ســــــاقية الســـــــمّ   كؤوســــاً يطفــــو عليها الرحيق

أو مات للعطاش فاغتـــــــرفوا منها   ومن ذاقــــــــها فليــــس يفيــــق

هي هذي الحياة زارعة الأشــــواك   لا الزهر، والدجى لا الضــــــياء

هي نبع الآثام تســـــــتلهم الشــــــر   وتحيا في الأرض لا الســـــــماء

*****

ناصر ثابت – فلسطين

أخــــذتُ أبحــــثُ عن همٍّ وعن ألمٍ   كأن ســــيلَ همومي ليسَ يكفيـــني

وجدتُ روحيَ عطشى، تســتبدُّ بها   نارُ المآسي التي اجتــاحتُ مياديني

فلا البكاءُ على حالي ســـــــيطفئها   ولا تجـــــرُّعُ كأسٍ الحزن يرويني

رأيتُ أشـــــــــلاءَ أحلامي مبعثرة   على المدى، ودمي الباكي يُواسيني

غرقتُ في الحُزن، والدنيا تعاندني   والكون يمضي إلى أحـــلامهِ دوني

لا أصـــــدقاءَ ولا إخوانَ يجمعُني   بهم شذا الشــوق من حينٍ إلى حينِ

وزادَ همّــــي أنَّ النــــاسَ كلَّــــهمُ   تجمَّعوا حولَ جثمـــاني ليرثــــوني

كانوا يُريـــــدون تكفيني بلا خَجلٍ   والخُبْثُ يقطُر منهم كالشــــــياطينِ

أخذتُ أصرخُ مذعوراً فما سمعوا   كأنَّ صوتيَ يأتيهم من الصـــــــينِ

*****

ناصيف اليازجي – لبنان

ألا يا جامعَ الأمـــــــــوالِ هَلاَّ   جَمَعْتَ لـــها زماناً لافتِــــرَاقِ

رأيتُكَ تطلبُ الإبحارَ جَهْــــلاً   وأنتَ تكادُ تغرقُ في السَّـواقِ

إذا أحرزْتَ مالَ الأرضِ طُرَّاً   فما لكَ فوقَ عيشــكَ منْ تَرَاقِ

أتأكـــــلُ كَلَّ يــــــومٍ كَبْــــشٍ   وتلبــــسُ ألفَ طاقٍ فوقَ طاقِ

فُضـــــولُ المال ذاهبة جُزافاً   كَمَاءٍ صُــــبَّ في كأسٍ دِهَاقِ

*****

نبيلة الخطيب – الأردن

ماذا أتى بكَ؟ قال: الوجــــــدُ والولهُ   فطرتُ زهواً وخلت الكون لي ولهُ

وكيف تُقبل، والأيـــــــامُ غاديـــــــةً   عليّ تحمل طيـــــفَ العمـــــر أولهُ

أبعْدَ هذا الفــــراق المرّ تذكــــــرني؟  مَن أبـــــــرمَ الوعدَ في حينٍ وأجّلهُ

يا خِلُّ طيفك لم يبــــــرح ذرى أملي   وكلما مسَّ قلبي اليــــــأسُ أمّلـــــهُ

أين الخصورُ إذا ما الصـــبح زنّرها؟  ونُضــــــرة الفـــل حين الطّل بلّلهُ

حقلٌ من الغيد لونَ العيد منتشـــــــياً   لكلّ قدٍّ هوىً في البــــــال ميّـــــلهُ

وكل خدٍّ بوهج الشــــــــــوق ملتهبٌ   يــــزداد ذوبــــاً إذا المحبوب قبّلهُ

الريح تلعب بالأذيــــــال قاصــــــدة   وكلما اشـــــــتد فعل الريح أخجلهُ

إن أبطأ النّســـــمُ والأفنانُ ناعســــةً   تراهُ هبّ رفيـــــفاً كي يُعجّـــــــلهُ

يُصـــــابح الزنبقَ الغافي فيوقظــــه   يطوفُ بالذَكْرِ حيثُ السّـحْرُ أذهلهُ

يظلُّ بالوردِ مفتــــــوناً يظِـــــــلُّ بهِ   وإنْ سَـــــــــقَتْهُ عيونُ الورد ظلّلهُ

فيرشـــفُ العمرَ من تلك اللُمى عبقاً   ســـــــبحان مَنْ صبّهُ خمراً وحلّلهُ

ما كان يبــــــرحُ في الأكمام موردهُ   إلا إذا العبق المكنــــــون أثمــــــلهُ

دعوتُهُ نحتسي الإصـــــــباحَ مُؤتلقاً   وبالزنـــــابق قد زيّنـــتُ منــــــزلهُ

بادَأتُهُ الشّـــــــدوَ حتى شـــــفه خَدَرٌ   فراح يرقص جــــذلاناً وأكمــــــلهُ

تلا عليّ حــــديث الــــروح ، ثم إذا   صـــــمتُّ أبحـــــرُ في معناهُ رتّلهُ

آيٌ : وأيُّ جــــــــــلالٍ في تأمّلـــــهِ   قد أجملَ الكونَ في ســطرٍ وفصّلهُ

كقبضة القلب لولا الريــــــش همَّ بهِ   نحوَ الفضـــــــــاء وذاك الهمَّ أثقلهُ

كفُسحة العين والإدهاشُ أوســـــعَها   وكرّ نجمٌ بذيــــــل الليـــــــل كحّلهُ

حين إرتدى خُضرة الأفنان دُكْنتَــها   توشّــــــحَ الظِلّ أعطافاً وأســـــدلهُ

يفـــرّ كالآه إمّـــــا الوجدُ أطْلقـــــها   يرفّ كالقلبِ إمّا العِشْــــــقُ سربلهُ

يَرقي جراحي فلا ألقى لها أثــــــراً   كم علَّ قلبي في لمْـــــحٍ وعللــــــهُ

الوقتُ أرسلَ قرصَ الشمس يوقظُنا   فأســـــــدلَ الليلُ أســـــتاراً وأغفلهُ

فعُدتُ أســــألُ عليّ لســـــتُ حالمةً   ماذا أتى بك؟ قال: الوجــــدُ والولهُ

نجيب كيلاني – مصر

وطئت أقدامنا سطح القمر   وتحدّى العلم ســــلطان القدر

وهدير الآلة الضــخّاب قد  عانق الآفاق في شتّى الصور

عـــالم لم يحلم العقــــل به  مفعم بالعجب والآي الكبــــر

*****

يا رفيقي لم يزل عالمـنا   في متاهات المآسي والغير

غارق في يأسـه محترق   ونداءات الضحايا تســـتعر

شــبح الموت على آفاقنا   يبذر الرعب فنوناً والعبــر

ظلّه الأسـود يجتاح الدنا  هادراً بالحرب يلقي بالنــذر

إنما العم بلا روح ردى  علمنا العملاق بالروح كفــر

*****

فأبو جهل على إيـــــــوانه   ساخر النظرة للروح الأغر

هازئ بالحـــب لا يعنو له   فأبـــــو جهل له قلب حجر

ملء عطفيه غــرور حاقد   لم لا يطغى وقد حاز القمر

ويحنا إن جن فيــــنا فاجر   ورمى بالذر في يــــوم كدر

فلتضع كل مهارات النهى   ولتمدد في تهــــــاويل الحفر

نديم محمد – سوري

في موكب الفجر الطليـــق   يســـــير حراً كاليقين

وأمامه ثـــوران شــــــاخا   في العراك مع السنين

ويلـــف هيكلـــه المتيــــن   بدفتي ثـــوب متيـــــن

وعباءة بتراء يعصبـــــها   بزنــــــــار ثخيــــــن

ويغيــــب فيـــــها تبغــــه   والزاد من خبـز وتين

جذلان حب الأرض ســر   غنائـــــه العذب الرنين

أرأيت كيــــف يضمـــــها   وترق كالأم الحنـــون

عجلان يسبح كالشــــراع   من الشمال إلى اليمين

والقبرات على الجـــراح   الخضر تسـبح بالمئين

ويعود أزهى من جنـــاح   النســـر مرفوع الجبين

من خلفه بنتان تنســحبان   في صــــــمت رزيــن

وضمامة العشب النضير   كفاء عجلهما الســــمن

فلا حنا الإنســــان أغلى   في العيون من العيــون

نزار قباني – سوري

في مدخل الحمـــــــــراء كان لقاؤنـا   ما أطيب اللقيـــــا بلا ميعـــــاد

عينان ســــــوداوان في حجريهــــما   تتـــــوالد الأبعـــــــاد من أبعاد

هل أنت إســـــــبانية؟ ســـــــــألتها   قالت: وفي غرناطة ميــــلادي

غرناطة؟ وصحت قرون ســـــــبعة   في تينــــك العينين..بعد رقـــاد

وأميــــــة راياتـــــــــها مرفوعـــــة   وجيادها موصــــــــولة بجيــاد

ما أغرب التـاريخ كيف أعــــــادني   لحفيدة ســـــــمراء من أحفادي

وجه دمشــــــــقي رأيت خـــــــلاله   أجفان بلقيس وجيـــد ســـــــعاد

ورأيت منزلـــــنا القديم وحجـــــرة   كانت بها أمي تمد وســــــــادي

والياســــــمينة رصعت بنجومــــها   والبــــركة الذهبية الإنشــــــــاد

ودمشق ، أين تكون؟ قلت ترينـــها   في شـعرك المنساب..نهر سواد

في وجهك العربي، في الثغـر الذي   ما زال مختزناً شــموس بلادي

في طيب "جنات العريف" ومائــها  في الفل، في الريحان، في الكباد

سارت معي..والشـعر يلهث خلفـها  كســــــــنابل تركت بغير حصاد

يتألــــق القرط الطويـــل بجيــــدها  مثل الشـــــــموع بليلة الميــــلاد..

ومشــــيت مثل الطفل خلف دليلتي  وورائي التـــــاريخ كــــوم رماد

الزخرفات..أكاد أســـمع نبضــــها  والزركشات على السقوف تنادي

قالت: هنا "الحمراء" زهو جدودنا  فاقرأ على جدرانــــــــها أمجادي

أمجادها؟ ومســــحت جرحاً نازفاً  ومســــــــحت جرحاً ثانياً بفؤادي

يا ليــــت وارثتي الجميلة أدركت  أن الذين عنتــــــهم أجـــــــــدادي

عانقت فيها عنــــــدما ودعتـــــها  رجلاً يســـــــمى "طارق بن زياد"

*****

يُسـمعني..حينَ يراقصُني   كلماتٍ ليســـــــــت كالكلمات

يأخذني من تحتِ ذراعي   يزرعـــني في إحدى الغيمات

والمطرُ الأسودُ في عيني  يتســـــــاقطُ زخاتٍ..زخــــات

يحملني معــــــهُ..يحملني  لمســـاءٍ وردي الشُــــــــرفات

وأنا..كالطفلةِ في يــــــدهِ   كالريشةِ تحملها النســـــــمات

يحملُ لي ســـــبعة أقمارٍ   بيديـــــهِ وحُزمة أغنيـــــــات

يهديني شــــمساً..يهديني  صـــيفاً..وقطيعَ ســــــنونوَّات

يخبــرني..أني تحفتـــــهُ   وأســــــاوي آلافَ النجمـــات

وبأني كنــــزٌ...وبــــأني   أجملُ ما شــــاهدَ من لوحات

يروي أشـــــياءَ تدوخني   تنسيني المرقصَ والخطوات

كلماتٍ تقلـــــبُ تاريخي   تجعلني إمرأةً في لحظات

يبني لي قصراً من وهمٍ   لا أسكنُ فيهِ ســــوى لحظات

وأعودُ..وأعودُ لطاولتي   لا شيءَ معي..إلا كلمــــــات

*****

قلْ لي - ولوكذباً - كلاماً ناعـــــماً   قد كاد يقتُلُـــــني بك التمثــــــالُ

ما زلـــت في فن المحبـــــة..طفلة   بيني وبينك أبحـــــر وجــــــبالُ

لم تســـــــتطيعي، بَعْدُ، أن تَتَفَهَّمِي   أن الرجال جميعهم أطفـــــــــالُ

إنِّي لأرفضُ أن أكونَ مهـــــــرجاً   قزماً..على كلماتــــــه يحتـــــالُ

فإذا وقفت أمام حســـــــنك صامتاً   فالصمتُ في حَرَم الجمال جمالُ

كَلِماتُـــــنا في الحُبِّ..تقتلُ حُبَّــــنَا   إن الحروف تمـــــوت حين تقالُ..

قصص الهـــــوى قد أفســـــــدتك..  فكلها غيبـــوبة..وخُرافةً..وخَيَالُ

الحب ليس روايــــــة شـــــــرقية   بختامــــها يتـــــزوَّجُ الأبطــــالُ

لكنه الإبحـــــــار دون ســـــــفينةٍ   وشــــــعورنا أن الوصول محالُ

هُوَ أن تَظلَّ على الأصابع رعْشَةً   وعلى الشـــــفاه المطبقات سُؤالُ

هو جدول الأحزان في أعمـــاقنا   تنمو كروم حولـــه..وغـــــــلالُ..

هُوَ هذه الأزماتُ تســـــحقُنا معاً..   فنمـــــــوت نحن..وتزهر الآمالُ

هُوَ أن نَثُــــورَ لأيِّ شيءٍ تافـــهٍ   هو يأســــــنا..هو شـــــكنا القتالُ

هو هذه الكـــف التي تغتــــالنا   ونُقبِّــــــلُ الكَفَّ التي تَغْتَــــــــالُ

لا تجرحي التمثال في إحســاسهِ   فلكم بكى في صــــــــمته..تمثالُ

قد يُطْلِعُ الحَجَرُ الصغيرُ براعماً   وتســــــيل منه جــــداولٌ وظلالُ

إني أحِبَّــــــكِ من خــلال كآبتي   وجــــهاً كوجه الله ليس يطـــــالُ

حسبي وحسبك..أن تظلي دائـماً   سِــــــراً يُمزِّقني..وليسَ يُقــــــالُ..



أتُـحبّني . بعــد الــذي كانـــا؟  إني أحبّــكِ رغــم مـا كانــا

ماضيـــكِ. لا أنــوي إثارتَـــهُ  حســبي تبأنّكِ ها هُنا الآنــا

تَتَبسّـــمينَ.. وتُمْســـكين يدي  فيعــود شـــكــي فيكِ إيمانا

عن أمــسِ .. لا تتــكلّمي أبداً  وتألّـــقي شَــعْراً.. وأجفـانا

أخطاؤكِ الصُغرى.. أمرّ بها  وأحــوّلُ الأشــواكَ ريحانا

لـولا المــحبّـةُ في جــوانحــه  ما أصبحَ الإنســان إنسـانا



هذا الهوى ما عــاد يغـريني   فلتســتريـحي . . ولتـريحيني

إن كان حبك . . في تقــلبــه   ما قد رايت .. فلا تـحـبـيـنـي

حبــي . . هو الدنيا بأجمعها   أمــا هــواك فليــس يــعنينــي

أحزاني الصــغرى تعانـقني  وتــزورني إن لــم تزورينـي

ما هــمني ما تشــعريـن بـه  إن افتــكاري فيــك يــكفـينــي

فالحب عطـر في خـواطرنا  كالعطر في بال البســاتـــيــن

عيناك.. من حزني خلقتهما  ما أنت؟ ماعيناك؟ من دوني

فمك الصـغيـر أدرته بيــدي  وزرعتــه أزهــار ليــمــون

حتى جمــالك ليــس يذهلني  إن غاب من حين الى حيـن



إني خيرتك فاختـــاري  ما بين الموت على صدري

أو فوق دفاتر أشعاري

لا يوجد منطقة وسطى  ما بين الجنـــــة والنـــــــار

*****

عينـــاكِ كنهـــــري أحــــزانِ   نهري موســـــيقى..حملاني

لوراءِ،وراءِ الأزمانِ

نهرَي موســــــيقى قد ضـاعا   ســــــيّدتي..ثمَّ أضــــاعاني

الدمعُ الأســــــودُ فوقهـــــــما   يتســـــــاقطُ أنغامَ بيـــــــانِ

عينــــــاكِ وتبغي وكحــــولي   والقدحُ العاشـــــــرُ أعماني

وأنا في المقعـــدِ محتـــــــرقٌ   نيـــــراني تأكلُ نيــــــراني

أأقول أحبّــــــكِ يا قمــــــري؟   آهٍ لـــو كـــــانَ بإمكــــــاني

فأنــــا لا أملكُ في الدنــــــــيا   إلا عينيــــــكِ وأحــــــزاني

ســـــــفني في المرفــــأ باكيةً   تتمــــــزّقُ فــــوقَ الخلجانِ

ومصيري الأصفرُ حطّمــني   حطّمَ في صــــــدري إيماني

أأســـــــــافرُ دونكِ ليلتــــكي ؟  يـــــا ظـــلَّ الله بأجفــــــاني

يا صيفي الأخضرَ يا شمسي   يا أجملَ.. أجملَ ألـــــــواني

هل أرحلُ عنكِ وقصّـــــــتنا   أحلى من عودةِ نيســـــــــانِ؟

أحلى من زهرةِ غاردينـــــيا   في عُتمةِ شـــعرٍ إســــــباني

يا حبّي الأوحدَ..لا تبــــــكي   فدمــــوعُكِ تحفرُ وجــــداني

إني لا أملكُ في الدنــــــــــيا   إلا عينيـــــــكِ وأحــــــزاني

أأقولُ أحبّــــكِ يا قمــــــري ؟  آهٍ لـــــو كـــــان بإمكـــــاني

فأنا إنســــــــانٌ مفقــــــــودٌ   لا أعرفُ في الأرضِ مكاني

ضـــــيّعني دربي..ضيّعني   اســـــــمي..ضيّعَني عنواني

تــــاريخي! ما ليَ تـــاريخٌ   إني نســـــــيانُ النســــــــيانِ

إني مرســـــاةٌ لا ترســـــو   جرحٌ بملامـــــح إنســــــــانِ

ماذا أعطيــــكِ؟ أجيبيـــني   قلقي؟ إلحــــــادي؟ غثيــــاني

ماذا أعطيــــكِ ســـوى قدرٍ   يرقصُ في كفِّ الشــــــيطانِ

أنا ألفُ أحبّــــــكِ..فابتعدي   عنّي..عن ناري ودُخــــــاني

فأنا لا أملكُ في الدنــــــــيا   إلا عينيــــــكِ..وأحــــــزاني

*****

ماذا أقــــول له لو جاء يســـــــــألني..   إن كنت أكرهه أو كنت أهــــواه

ماذا أقــــول، إذا راحت أصــــــابعه   تلملم الليل عن شـــعري وترعاه

وكيف أســـــــمح أن يدنو بمقعـــــده   وأن تنام على خصــري ذراعاه

غــداً إذا جاء..أعطيـــــه رســــــائله   ونطعم النار أحلى ما كتبــــــناه

حبيبتي! هل أنــــا حــــــقاً حبيبتــــه   وهل أصدق بعد الهجــر دعواه

أما انتهت من ســـــــنين قصتي معه   ألم تمت كخيوط الشــمس ذكراه

أما كســــرنا كؤوس الحب من زمن   فكيف نبكي على كأس كسـرناه

رباه..أشــــــياؤه الصـــــغرى تعذبني   فكيف أنجو من الأشـــــياء رباه

هنا جريــــــدته في الركن مهمـــــلة   هنا كتاب مـــــعاً..كــــــنا قرأناه

على المقاعد بعض من ســــــجائره   وفي الزوايـــــــا..بقايا من بقاياه..

ما لي أحدق في المرآة..أســــــــألها   بأي ثوب من الأثــــــــواب ألقاه

أأدعي أنني أصـــــبحت أكــــــرهه؟   وكيف أكره من في الجفن سكناه

وكيـــــف أهرب منه؟ إنه قـــــدري   هل يملك النهر تغييـــــراً لمجراه

أحبه..لســـــــــت أدري ما أحب به   حتى خطاياه ما عادت خطـــــاياه

الحب في الأرض بعض من تخيلنا   لو لم نجده عليها..لاختــــــــرعناه

ماذا أقول له لو جاء يســــــــــألني   إن كنت أهـــــــواه إني ألف أهواه..



لا أمـــــه لانــــــت ولا أمــــي   وحبه ينام في عظــــمي

وإن خبأت أمي بصـــــــندوقها   شالي فلي شال من الغيم

أو أوصدوا الشباك كي لا أرى   فتحت شــباكاً من الوهم

ما أشـــــــــفق الناس على حبنا   وأشــــفقت مساند الكرم

*****

إذا مرّ يـــــــومٌ، ولم أتذكّـــــــــرْ   به أن أقولَ: صـــباحُكِ سُــــــــكّرْ...

ورحـــــتُ أخطّ كطفـــــلٍ صغير   كلامـــاً غريــــــباً على وجه دفترْ

فلا تَضْجري من ذهولي وصمتي   ولا تحســـــبي أنّ شــــــــيئاً تغيّرْ

فحيـــــن أنا لا أقـــــــولُ : أحبّ..  فمعنــــــاهُ أني أحبّـــــــكِ أكثـــــرْ

إذا جئتني ذات يــــــوم بثــــــوبٍ   كعشب البحيرات..أخضرَ..أخضرْ

وشَـــــعْرُكِ ملقىً على كَتِفِيــــــكِ   كبحــــــرٍ..كأبعاد ليـــــــــلٍ مبعثرْ..

ونهدُكِ..تحت إرتفــاف القميــص   شــــــهيّ..شــــهيّ..كطعنةِ خنجرْ

ورحتُ أعبّ دخــاني بعمــــــــقٍ   وأرشـــــفُ حبْر دَواتي وأســــكرْ

فلا تنعتيني بموت الشــــــــــعور   ولا تحســـــــبي أنّ قلبي تحجّــــرْ

فبالوَهْم أخلــقُ منــــــكِ إلـــــــهاً   وأجعلُ نهــــــدكِ..قطعة جوهـــــرْ

وبالوَهْم..أزرعُ شـــــــعركِ دِفلى   وقمحــــــاً..ولوزاً..وغابات زعترْ..

إذا ما جلســـــــتِ طويــلاً أمامي   كمملكــــــةٍ من عبيـــــــرٍ ومرمرْ..

وأغمضــتُ عن طيّبــــاتكِ عيني   وأهملتُ شـــكوى القميص المعطّرْ

فلا تحســــــــبي أنــــني لا أراكِ   فبعضُ المواضيع بالذهن يُبْصَـــــرْ

ففي الظلّ يغدو لعطرك صــوتٌ   وتصـــــــــبح أبعادُ عينيــــــكِ أكبرْ

أحبّــــــكِ فوقَ المحبّـــــــة..لكنْ   دعيني أراك كـــــما أتصـــــــــــوّرْ..

*****

أيظـــــــن إني لعبـــــــة بيديـــــــه  أنا لا أفكر في الرجــــوع إليه

اليوم عاد وكأن شـــــــــيئاً لم يكن  وبراءة الطفـــــــولة في عينيه

ليقول لي إني رفيقــــــة دربــــــه  وبأنني الحب الوحيـــد لديـــــه

حمل الزهـــــــور إلي كيف أرده  وصباي مرســـــوم على شفتيه

ما عدت أذكر والحرائق في دمي  كيف إلتجأت أنا إلى زنديــــــه

خبأت رأســــــــــي عنده وكأنني  طفل أعـــــادوه إلى أبويــــــــه

حتى فســــــــــاتيني التي أهملتها  فرحت به رقصــت على قدميه

ســـــــامحته وسألت عن أخباره   وبكيت ســـــــاعات على كتفيه

وبدون أن أدري تركت له يــدي   لتنام كالعصــــــــفور بين يديه

ونســــــيت حقدي كله في لحظة   من قال إني قد حقدت عليـــــه

كم قلت إني غيـــــر عائــــدةَ له   ورجعت ما أحلى الرجوع إليه

نزيه أبو عفش – سورية

خجل الصّحوُ فللطلّ إنهــــــمارْ   آنَ خبّأتِ بعينيـــــكِ البحـــــــارْ

طاب للصـــــــــيف وقد أخجلتِهِ   هربٌ منـــــكِ، وأغــــواهُ الفرارْ

ليت لي (تموزُ)، كي أســـــفحَهُ   فوق عينيكِ تضاعيفَ إخضرارْ

جُزراً خلف شــــــــبابيك المدى   تكنــــــز الدفءَ، فلِلدفءِ مزارْ

بحثـــــتْ أغنية عن أصــــــلها   عند عينيــــــــكِ فأعماها الدُّوارْ

لهفـــــة للمنتــــهى تحملــــــني   والمشـــــــــاويرُ بعينيكِ إنتحارْ

موعدي اليومَ مع الصـــيف فلا   تســـــــألي عني إذا هُدبكِ غارْ

كبرياءُ اليــــــرح في ملعبــــها   تتحــــــــدّى رفة الطيب المثارْ

مَخدعاً (تشـــرين) يا لي منهما   ضيّقا الدنيا على الصيف فحارْ

المــــدى إرتـــــاع وأعيا كبرَهُ   بلبلٌ حام بعينيـــــكِ وطــــــارْ

ترك الغيـــــمَ على أعتابـــــــهِ   كُوَماً تحكي أسـاطيرَ إحتضارْ

لا تقولي : أين أبحــــرتَ، أما   رجعة يهفو لمغنـــــاها المغارْ

همَّكَ الوهجُ بأعمـــــاقي، ولم   تندملْ بعدُ جراحاتُ الصّـــغارْ

أنتِ أطفــــــأتِ القناديلَ، فهل   يعتبُ الضوءُ إذا العاصفُ ثارْ

ســــــيُجَنّ الصيفُ لو أنكرتُهُ   وتخيّــــــرتُ بعينيـــــكِ المدارْ

اغْرُبي عني ، ولا تضطربي   مُشــــــتهى قلبيَ أن يبقى بوارْ

نسيب عريضة – سورية

رُويدَكِ شــــــمسَ الحَياة  ولا تُسرعي في الغُروب

فما نــــالَ قلبي مُنــــــاه  وما ذاقَ غيرَ الخُطـــوب

حَنانَيكَ داعي الرَحيـــل  أنَمضي كَذا مُرغَمــــــين

ولم نَرو بعـــــــدُ الغلِيل  فَمَهـــــلاً ودَعـــــنا لِحِين

أتمضي الحياةُ سُـــــدى  وما طالَ فيــــــــها المَقام

ولم نَجتَـــــز المُبتَـــــدا   فَسُــــــرعانَ يأتي الخِتام

أنَمضــــي ولمَا نَنَــــل   رَغائبَ نفـــــــسٍ طموح

أنقضِي ويقضِي الأمل   وتَنَــــــدَكُ تلك الصُروح

ألا فُســــحة في الآجَل   ألا رَحمـــــة أو رَجـــاء

ألا مُهلــــة أو بَــــــدَل   ألا عَفوَ عندَ القضــــــاء

حَنانَيـــــكَ أينَ الذَهاب   وأينَ مَصِـــــيرُ النُّفوس

نور الدين السالمي – عمان

الصـــــــدق قل وذر الكــذب   فالصدق ينجي في العقب

والحــــــــق فانشـــــــره ولا   تخشـــــــى الدوائر تنقلب

ما قد مضى ســـــــيكون إن   هبت الفــــــــنا أو لم تهب

قل للذي في زعمــــــه أبدى   النصـــــــائح ويــــك هب

إن الــــــــذي خوفتـــــــــني   إيــــــــاه أمر لم يهـــــــب

خوفتـــــني ما ليـــــــس عنه  مهــــــرب ممن هــــــرب

المــــوت أخشـــــى وهو في  كل الورى حقـــــــاً وجب

المــــوت أولى من حيـــــــاة  في المــــــذلة والتعــــــب

المــــوت عند الحـــــر أحلى  من دنـــــي يرتــــــــــكب

فاركب من العلياء بالعزمات  أعـــــــــلى مرتــــــــــكب

نور الدين عزيزة – تونس

تَعْرفُ، يا بليــــــغ الحَـــــــــرْفِ، مَا تَبْغِيهِ

              أتَسْــــــــمَعُ ما يَضِجُّ بهِ سُكُونٌ عَبْرَ نَسْمَهْ

أتُدْركُ ما تُتَرْجِمُهُ عَن الأعَماقِ بَسْــــــــمَهْ

             أتَسْـــــــهَرُ ساعَةً أو بَعضَهَا مِنْ أجلِ كَلْمَهْ

أمَا حَدَّثتَ مَــــــرَّةً في نُـــــــور نَجْمَــــــهْ  

             عَن الأطفَالِ إذْ يَقْضُــــــــونَ ما بَيْنَ الرِّمَالْ  

أمَا هِيَ حَدَّثَتْــــكَ عَن النَّبَالمِ وَالرِّجَــــــالْ  

             عَنِ الإنْسَـــــــــانِ تَأكُلُهُ المَظَالِمُ تَحْتَ خَيْمَهْ

أتَقْبَــــــــلُ أنْ تُداسَ خَميلةً وَتَمُوتَ كَرْمَهْ  

             وَتُحْرَقَ في المَزارعِ كُلَّ سُــــــــنْبلةٍ ونِعْمَهْ

وتُولدَ عِندَها في نــــــارها مَأسَـــــاةُ أمَّهْ  

             أتُدْركُ يا صَدِيقَ الحَرفِ ما مَأســـــــاةُ أمَّهْ

أخَاطِبُ فيكَ ما تَرْضَى وما تَسْطيعُ فَهْمَهْ

             أخَاطِبُ فيكَ إنســـــــاناً يَرَى في الخَيْرِ ذَاتَهْ

ويُعْطِي للفَضِيلةِ نَفْسَـــــهُ ، يُعْطِي حَيَاتَهْ  

             أمَامَكَ أنْفُسٌ مُحِقتْ ، على يَدِ شَـــــرٍّ طُغْمَهْ

وَعِندَكَ أعْدِمَتْ قِيَمٌ وَدِيســـتْ ألفُ حُرْمَهْ  

             فَأينَ الحَرْفُ تَركَبُهُ ولاَ تَخْشَــــى خِضَمَّــهْ

أأصبَحَ حَشْوَ قُنبُلةٍ وَطائِرَةٍ وَشَـــــــــارَا

             أمَ أصْبَحَ خَنجَراً في الظَّهْرِ أو خِزياً وَعَارَا

لعَلّكَ لسْــــــتَ تَجْهلُ مَا نِهَايَةْ كُلِّ ظُلْمَهْ  

             لسَـــــــوفَ الحَقُّ يَثأرُ سَوفَ لِلإنْسَــانِ يَثأرُ

فَإنَّ الشَّــــــعْبَ جَبَّـــــــارٌ وَإنَّ الله أكبَرْ

             وَإنَّ لِكُلِّ طَاغِيـــــــةٍ منَ التَـــــــــاريخ يَومَهْ

رَفِيـــقُ الحَرْفِ أزْمَتُهُ أمَامَ الحَقِّ أزمَهْ

            رفِيقُ الحَرْفِ يُصلبُ ســيّدس من أجلِ كَلِمَهْ

هارون هاشم رشيد – فلسطين

ســــــــــنرجع يوماً إلى حيناً   ونغرق في دافئـات المنى

ســـــنرجع مهما يمر الزمان   وتنأى المســافات ما بيننا

فيا قلب مهـــــــلاً ولا ترتمي   على درب عودتـنا موهنا

يعز علينا غـــــداً أن تعــــود   رفوف الطيور ونحن هنا

هنالك عند التـــــلال تــــلال   تنام وتصحو على عهـدنا

وناس هم الحب أيامــــــــهم   هدوء إنتظار شــجي الغنا

ربوع مدى العين صفصافها   على كل مـاءوها فانحـنى

تعب الزهيــــــرات في ظله   عبير الهدوء وصـفو الهنا

ســــنرجع خبرني العندليب   غداة التقيـــنا على منحـنى

بأن البلابــــل لما تـــــــزل   هناك تعيـش بأشــــــعارنا

وما زال بين تـــلال الحنين   وناس الحنيـــن، مكان لنا

فيا قلب كم شــردتنا الرياح   تعال ســـــــنرجع هيا بنا

سنرجع يوماً إلى حيناً...

هاشم الرفاعي – مصر

وَإذا سَمْعْتَ نَحِيبَ أمِّيَ في الدُّجى   تَبْكِي شَـــــباباً ضاعَ في الرَّيْعانِ

وتُكَتِّمُ الحَســــــــراتِ في أعْمَاقِها   ألمَاً تُواريــــهِ عَنِ الجيـــــــرانِ

فاطْلُبْ إليها الصَّـــــفْحَ عَنِّي إنَّني   لا أبْتَغِي مِنَهَا سِـــــوى الغُفْرَانِ

مَا زَالَ في سَـــمْعِي رَنينُ حَديثِها   وَمَقَالـــــها في رَحْمَــــةٍ وَحَنَانِ

أبُنَيَّ : إنِّي قد غَـــدَوْتُ عليلــــــة   لم يبــــقَ لي جَلدٌ عَلى الأحْزَانِ

فَأذِقْ فُؤادِيَ فَرْحَةً بالْبَحْـــثِ عَنْ   بنْتِ الحَلالِ وَدَعْكَ مِنْ عِصْيَانِي

كــــانَتْ لــــها أمْنِيَــــةً رَيَّـــــانَةً   يا حُسْــــــنَ آمــــــــالٍ لها وَأمَانِي

هلال الفارع – فلسطين

مَسَــــــــاجِدَ اللهِ..نوحي في بَوادِينَا   واسْـتَمْطِرِي مِنْ هَوانٍ صَدْحَ..آمينا

وَأذِّنِي في مَــــــــواتٍ ليسَ يوقِظُهُ   صَوْتُ الأذانِ، ولا صَمْتُ المُصَلِّينَا

والصَّمتُ مَوْتٌ، لذي مَجْــدٍ، وذي   شَـرَفٍ وحُرمَةً، مَنْ أتاها لا يُوالينَا

تَهْفُو إليكِ قُلُــــــوبٌ رَجَّـــــهاً وَلهٌ   لِلحظــــةِ مِنْ عَزيزِ البَأسِ يَأتيـــــنَا

لا خالِدٌ، لا صلاحٌ، لا أخو شَرَفٍ   يَهُزُّ شــــــامِخَة الراياتِ يُشـــــــفِينَا

أهـــــذهِ أمَّـــةً كانتْ مآثِـــــــــرُها   تَضوعُ في الأرض رَيْحاناً وَنِسرِينَا

أهـــــذهِ أمَّـــةً طارتْ عَزائِمُــــها   خيـــــلاً، تُرَتِّبُ للزَّهْو العَنـــــــاوينَا

وَتُمْطِرُ الأفقَ وَشْـــياً مِنْ سنابكِها   وَتُبْطِرُ الشَّــــــــوقَ مِنْ أبْهَى أمانِينَا

وحيد خيون – عراقي

أطولُ الصّـــمْتِ أم طولُ الغِيَابِ   أحَبُّ إليكَ مِنْ هَذَا العَـــــــذابِ

نعيــــتُ أحِبّـــتِي دهــــــراً لأني   يئسْــــتُ من الإيابِ معَ الغِيَابِ

وعمري لم يَزلْ عشـــرينَ عاماً   وقد ولّى على صــغرِ شــــبابي

أجوبُ الأرضَ والوديانَ ســـعياً   لرؤيـــــاكم وأنتم كالسّــــــرابِ

جلستُ ولستُ أحرجُ من صديقٍ   وإنْ أضحى يزيـــدُ عليّ ما بي

تخاطبُني الجبـــــالُ وكنتُ طفلاً   فما لي في مخاطبـــــةِ الرّوابي

جرى جُلُّ الحبــــائبِ في ذهابٍ   ويجري العمرُ في سُفُنِ الذهابِ

فكم من فرصةٍ ضـــــاعتْ لدينا   وقد مرّتْ بنا مَرَّ السِّــــــــحابِ

لقد شــــــقّتْ نبـــالُ الدهر قلبي   فهلْ أخشى مُلادغةَ الذبـــــــابِ

شــكوتُ طوالَ بُعْدِكَ عُدْ لنفسي  فقد عللتْ نفسي في إكتِئـــــــابِ

عذرتُكَ ثم عــــدتَ إلى قتـــــالٍ  وبعدَ العُـــــذر تنزيـــــلُ العِقابِ

وما الدّنــــــيا من الإدبـــــارِ إلاّ  بمنزلةِ الســـــــطور من الكتابِ

فقد أصــــبحتَ يـــــوماً ذا ثيابٍ  فضاجعتَ المســـــــاءَ بلا ثِيابِ

وقد عمّرتَ دارَكَ في صــــباحٍ   فَأمسَـــــــتْ منكَ تَقْبَعُ بالخرابِ

إذا ما مرّ بي منكم رســــــــولٌ  يرى لا شـخصَ لي لولا خِطابي

وديع عقل – لبنان

ولـــــها أخــــــوةٌ لئامٌ قُســــــــــاةٌ   فاجأونا في ليلة ظلــــــماءِ

فاجــــأونا في ملتقىً طالــــما لُذنا   به عن نواظر الرقـــــــباءِ

ورمــــــــوني بكل شــــــــتم وذمٍ   ورموها بالتهمة الشـــنعاءِ

ثم همّوا بضربـــها فكان الأرض   مادت من هـولِ ما أنا راءِ

صحتُ ربي ربي أعني وأبرزتُ  عليهم مســدسي من ورائي

فثناهم خـــــــوفُ المنيـــــةِ عني   ومضوا بالحبيبة الحســناءِ

ليتني ما فعلت فالموتُ في قرب   ثريا ولا عذاب التنـــــائي

ذاقت المــــــوت مــــرةً هي أما   أنا فالموتُ كلَّ يوم غذائي





وردة اليازجي – لبنان

هذه حديقــــة ورد عزَّ جانبـــــها   وحبذا روض ورد يفرج الكُرَبا

مَن طافها يَر فيها الدر منتظـــماً   والطيب منتشراً والسكر مُختلبا

كالورد نضدَّهُ في روضِهِ سحراً   درَّ النــدى أو كراح كُلِّلت حَبَبا

أو بحر خمرٍ بماءِ الورد ممتَزج   والجوهر الفرد فيهِ يَملأ العببا

*****

أهــــلاً بأكرم غـــــادةٍ   أهدَى بها المولى الخَطيـــر

حســــــناءُ شفَّ نقابُها   عن بهجَة القمـــــر المُنيــر

حتَّى إذا حيَّـــــــت بَدَا   في ثغــــرها الدرُّ النَّضيــر

باتَت تطارحني حَديثاً   رقَّ كالمــــــاءِ النَميـــــــــر

عذبٌ يَــــروق زلالهُ   ورداً ويُشــــــرَب بالضمير

من كلّ قافيــــةٍ بَدَت   كالزهر في الروض المُطير

وليد الأعظمي – العراق

هتف الزمان مهــــــــللاً ومكبــــــراً   إن العقيـــــــدة قــــــوة لن تقهـــــرا

هي ســـــــــر نهضتنا ورمز جهادنا   وبــــــها تبلج حقــــــنا وتنــــــــورا

لا شيء كالإيمـــــــان يرفع أمــــــة   لتقوم تلوي الظــــــالم المتجبــــــرا

لا شيء كالإيمــــــان يدفع غافـــــلاً   عن حقه أو عاجــــــزاً متخـــــــدرا

لولا العقيـــــــدة ما تقــــــــــدم خالد   بجيوشــــه مثل الهزبر مزمجــــــرا

لولا العقيــــــدة ما اســـــتبد بطارق   قلب يبــز بعــــــزمه الإســـــــكندرا

فمضى يـــــدك الظلم من أركانــــه   ويخوض على من أجل العقيدة أبحرا

هي دعوة رفــــــع النبي لـــــواءها   تضفي على الدنـــــيا بهاء أنـــــــورا

هي دعوة الحق الصراح إلى العلى   لا تســــــتكين ولن تذل وتقهـــــــــرا

*****

ذهب الربيع وثغــــــره المتبســــــم   فبدا على وجه الحيــــاة تجهم

ذهب الربيع وليس ثمة ضــــــاحك   فالحزن من وقع الفراق مخيم

والبلبل الصداح أصبح ســـــــــاكتاً   فكأنـــــما هو أخــــرس يتلعثم

بالأمس كان يطيــــــر من فنن إلى   فنن وفي تغريـــــده يتــــــرنم

والجـــــــدول الزاهي الذي رقراقه   تهنا بمرآة العيـــــــــون وتنعم

أمسى كئيباً لا تداعبه الصــــــــــبا   ليلاً ولا انعكســت عليه الأنجم

والورد والريحان أضحى ذابـــــلاً   قد كان في أوراقــــه يتلـــــــثم

أنا الفراش فمات ســـــــــاعة وقته   حيث الرحيــــق الحلو مر علقم

والطل فــــــوق الياســــــمين كأنه   دمع على خذ وثمــــــة مــــــأتم

والدوح والصفصاف لوعه الأسى   تبكي كما يبكي الصــــبابة مغرم

مات الربيــــــع وهذه آثــــــــــاره   فوق الربى للناظــــــرين تترجم

ياسر الأطرش – سورية

تمهّلْ..كلُّ ذي روح أســــــــيرُ   وهذا الكون معتقلٌ صــــــــغيرُ

نجـــــوع به ونرعى دون ذنبٍ   ويلبس كذبة الذهب الأميـــــــرُ

تدور بنا كواكبــــنا وتجـــــري   بلا شــــــــأنٍ، ونحن بها ندورُ

نظنُّ الأرض ممكنة فنســـــعى   يضـــــلّلنا بها أملٌ ضـــــــريرُ

نسوق العمر يرعى عشب حُلْمٍ   فترعى عشــــــبة العمر القبورُ

وإني إذ أرى ميـــــلاد طفــــلٍ   أرى في عمقه موتـــــــاً يزورُ

وبين الصرختين أرى شـــــقيّاً   تقلّبهُ كـــــما تقضي الأمـــــورُ

تطوف به الوجوه، فيرتديــــها   وبعد الواحد الأرقـــــــام زورُ

تمكِّنُـــــهُ فيظــــلم، ثم تكبـــــو   فيُظلمُ..وهو في الحاليـن جُورُ

فسحقاً لي أسبُّ الشــــــرَّ فرداً   ولو ملكت يدي..فأنا شــــرورُ

وليس الظلم شــخصاً أو خلاقاً   ولكن كلُّ مقتــــــدرٍ يجـــــورُ

هي الأســــــــباب مالكها غنيُّ   إنْ اختلفتْ، وفاقدها فقيـــــــرُ

هي الدنيا لناظـــرها ســــــتبدو  كسنبلتين..قمحٌ أو شـــــــــعيرُ

وإذ تربو غلال الحقد فيـــــــنا   حقول الحب موئلــــها تبــــورُ

بعكس الريــح قد دارتْ رحانا   وياليت الهـــــوى فينا يــــدورُ

هناك على مشــارف أم عمروٍ   لنا في واحة الذكرى حضــورُ

على سور الفرزدق ياســــمينٌ   تدلى من روائحه جـــــــــريرُ

وفي ليل الملوّح شـــــعر ليلى   يرفُّ، ولا يحــــطُّ ولا يطيــرُ

وفاطمُ وامرؤ القيس اســتهيما   فلم ينزلْ..ولا عُقر البعيـــــــرُ

ونهر الحب دجلة كان حقـــلاً   نهود الفاتـــــنات به زهـــــورُ

فهل أخذوا جميع الحــب حتّى  غدونا لا يحرّكـــنا شـــــــعورُ

لعمري ما الفروع بمــورقاتٍ   ولا تغني عن الفرع الجــذورُ

لقد ذهب الزمان بأم عمــــروٍ   وسوف يعود إن عاد الضميرُ

ياسر الأقرع – سورية

حديثك يا مشــــتهاة الحضور   تنـــــاثر في غرفتي كالعطور

دقائق خمس وغـــــرَّد حرف   كأنَّ شــــــذاه إمتداد العصور

ســـفيرك هذا من الغيب يأتي   ندياً..نقياً..مثير الحضـــــــور

أعتِّق منه دواوين شــــــــعر   وأبحث في دفئه عن مصـيري

أنيقاً يمر بغير إكتـــــــــراث   ويشـــــرد في عالمي كالطيور

يرتِّب فوضى إنتظاري قليلاً   ويمضي على لهفتي كالأميـــر

منمَّقة الحرف لا تســــتهيني   فخمس دقائق ترضي غروري

ثوانيك أنت فصــول إنفعالي   ألملم من محتواها حضـــوري

ألملم من شـــــــــفتيك نجوماً   أترجم ســــــحر الحديث المثير

لأفقه ســــــرَّ الأنــــوثة فيك   وأعرفَ كيف إبتكار العبيـــــر

وعدتك أني ســـــأبقيك سراً   وعتّقت حبك مثل الخمــــــــور

وأنَّ شذاك سيســكن روحي   لكي لا يمر ببـــــال الزهـــــور

وعدتك يـــــوماً بأني..وأني   وهاقد أتيتـــــــك كالمســـــــتجير

محـــــال يخبــــأ موتي فيك   محال أيخفى هديــــر البحـــــور

وأنت بخمس دقائق منـــــك   نســــــفت إدعائي عبر الأثيــــر

دعيني أفجر ثورات عشقي   فقد ضــــــــاق قلبي بحبي الكبير

*****

يحيى توفيق حسن – السعودية

يا عذبة الريق قلبي كيف أردعه   قد عاد يبكي على من ليس يسمعه

الحب أدنفه والشـــــــــوق ولّهه   والسهد أضناه حتى ضج مضـجعه

عودي إليه فقد حطمت زهــرته   ما هلَّ ذكـــــــرك إلا فاض مدمعه

يكفيه في بؤســــــــه بعد يؤرقه   هلا رجعت..فليل الهجـــــر يوجعه

*****

وهتفت أدعو من فؤاد خاشع   ربي أغثنا فالبلاء جســــــيم

فسرت بروحي هدأة وسكينة   وطوت فؤادي راحة ونعيــم

ربي خلقت العالمين لغايــــة   ومن الخلائق أعوج وقويــم

فالطف بخلقك يا إلهي إنــهم   من دون لطفك جاهل وعقيم

*****

ما أنت ســــــالية..ولا أنا ســـــــالي   حالي كحالك..فاغفري وتعــــــالي

في ليل صمتك تزهر الأشـــواق في   صدري..وتورق في سـفوح خيالي

ويضـوع عطرك في دياجي غربتي   يجتاح نبضي..يمتطي مــــــــوالي

وعلى صـــــهيل الريح ترحل آهتي   وتعـــــود نازفة مع الآصـــــــــال

وتجف في عيني الدموع من الأسى   ويحار في شـــفتي ألف ســـــــؤال

تأتين..في ألق الربيع الضــــــــاحي   كفراشة حامت على مصـــــــباحي

ويهل صوتك..كالضــــــياء يهزني   ويــــــدق بابي..موقـــــظاً أفراحي

فتســـافر الأشـــــواق بين جوانحي   ويضيء همس شذاك ليل صواحي

وتحلقين على مشـــــــارف أحرفي   نغماً..يشكل بســـــــــمتي..ونواحي

فإذا نأيت بكت عليك محابـــــــري   وشـــــكت عيون الليل فيك..جراحي

أدمنت عمق الحزن في عينيــــــك   وجمعت أقــــــــداري على كفيـــــك

أين الطريــق إلى ذراك وكيف لي   بهنيهــــــة أرتـــــــاح بين يديـــــــك

طال الغيـــــــاب على فؤاد معذب   حيــــــــران..مهجتــــــه تذوب عليك

فيم إنتظاري..والضــــــياع يلفني   أنأى..فيثنيـــــني الحنيــــــن إليـــــك

لاشيء يطفىء نار حبك في دمي   إلا أوار النـــــــار في شـــــــــــفتيك

*****

عيناك واحة عشــــق لفها الســـــــحر   يغفو ويصـــــحو على أهدابها القمر

في رمشـــــها ألّف العصــــفور أغنية   وبين أحداقها يســـــتعذب الســــــفر

ويســـــــكن الليـــل والأحزان بؤبؤها   فإن ضحكت..أضاء الرمش والحور

عيناك نبع حنانٍ فـــوق عســـــــجدها   ذابت قلوبٌ..على الأيـــــــــام تنتظر

في كل رنــــــــوةِ طرفٍ همس أغنية   نشوى..تعددت الألوان والصــــــور

عيناك غابة سحرٍ..بالهوى ســــــكنت   في عشبها..تنبت الأشـــواق والذكر

عيناك ليل..على أعتـــــابه صـــــلبت   أقـــــدار أفئـــــدةٍ ألقى بها القـــــدر

لولاك يا غادتي بالحـــب ما خفقــــت   روحي..ولا طاب..لولا حبك العمر

إذا دنوت تشــــب النار في جســــدي   وإن نأيت..بعيني يســــهر الســــهر

مهــــما تعذبـــت أو عانيـت من كلف   فلســــــت عن حبك المجنون أعتذر

إن جف حرفي..وضــنَّت بالحيا الديم   فمن جبين المها تســـــــــتلهم الدرر

أتيت من جزر الأحــــــزان..في ولهٍ   تُحيين بي..ما أمات الحــزن والكدر

كيف التقينا بظهر الغيب ذات ضحىً   وضـــــمنا حانـــــــياً في جفنه القدر

دنوت مني وفي عينيك قد رقصـــت   أحلام عمرٍ..بكى في عرســها العمر

كم عشـــــــت قبلك للحرمان ينهكني   ليل الحنين..ويضني جســــمي القهر

ولفني الحزن في أثـــــوابه زمــــــناً   يغدو بي اليأس أو تلهو بي الفكــــــر

يحيى عباس عبود السماوي – العراق

يشـــــــــقيك ياليـــــلاي ما يشـــــــقيني   منفاي دونك..والصّــــبابة دوني

بتــــــنا وقد غرّبت مذبـــــــوح الخطى   مســــكينة تصبو إلى مســـــكين

مترقبيـــــن بشـــــــارة النخــــــل الذي   أضحى سقيم السّعف والعرجون

نخفي إذا اصـــطخب الضــــحى آهاتنا   فتنزّ جمراً في ظلام ســـــــكون

جف الضــياء بمقلتي واســــــتوحشت   أهدابــــــــها في الغربتين جفوني

من أين إبتــــدىء الطريق إذا الضحى   داج وقد ســـــمل الهجير عيوني

ما للضــــــفاف تزمّ دوني جفنــــــــها   والريح تأبى أن تريح ســــــفيني

طوت الكهـــــولة والتغـــــرّب خيمتي   ومشـت خيول الدهر فوق جبيني

مرّت عجــــــافاً لا تزين صــــــباحها   شـــمس تضاحك مقلتيّ ســــنيني

تخشـــــى مؤانســــــتي طيوف أحبّتي   وتغلّ آهاتي صـــــــــداح لحوني

شيّعت صحني حين شـــــــــيّع حقلكم   قحط فما عرف الوجـــاق طحيني

ورغبت عن شـــــــمسي لأن نهاركم   مدمىً فما عاد السّـــــــــنا يغريني

ليلاي ما شــــرف القطاف إذا استحى  من طين جذر وإنكســـار غصون

لو كان لي أمر المطــــاع على المنى  أو كانت الأحـــــــــلام طوع يقيني

أبدلت بالأضـــــــلاع ســـــعف نُخيلة  وبعشــــــب أحداقي حثــــالة طين

وبرنــــــة القيثــــــار نـــــــوح يمامة  وحصــــــــير أحبابي بكأس لجين

ما كنت مجنون الشــراع..ولا الهوى  لمّا عبرت الســـــــــور بالمجنون

أغوى الحداء ربابتي فاســــــــتنفزت  أوتارها..حســــــب الحداء خديني

أنا ذلك البـــــدوّي..تحت عبـــــاءتي   بســـــتان أشـــــــواق ونهر حنين

أنا ذلك البـــــدوّي..عرضي أمّــــــة   ومكارم الأخلاق وشـــــــمُ جبيني

غنيت والنيــــــران تعصف في دمي  عصـــــــف اليقين بداجيات ظنون

لكنـــــها الأيــــــــــام إلا فســـــــحة   منها بحقــــــــل كالجنــــــان أمين

ألِفتْ بها روحي الحبور وصـاهرت   بيني وبين الدفء والنســـــــــرين

ليـــــــلاي لو تـــــدرين حالي بعدها   يكفيك أني أشــــــــتهي تكفيــــني

زعم الخيال أن المســــــرّة من يدي   كقـــــلائد الياقــــــوت من قارون

وَيْحي! متى مدّ الســـرابُ ضروعه   لمباســـــم الرّيـــــــحان والزيتون

أنا نبت حقل (الضاد) ما لغة الهوى   إن كان عشــــق الضاد لا يغويني

لم تبق لي (الخمســون) غير هنيهة   أتكــــــــون ياليـــــــلاي دون أنين

إن كان يكفي العاشـــــــــقين هنيهة   فالدّهـــر كل الدهــــر لا يكفيــــني

*****

يوسف الخال – لبنان

أهواكَ يا نُعمى تـــــرفُّ   وصدىً لأحلامي يهفُّ

أهواكَ، أنت شذا تضمَّخُ   منك أجــــوائي وعَرْفُ

أهواكَ أحجيـــــة أتيــــهُ   بها، ولغـــــزاً بي يحفُّ

ومنىً تتاح سدىً، وتجفو  كبريــــاء حين أجفـــــو

*****

أهواكَ، أهوى الغمــز في   شفتيك، عن هزءٍ يشفُّ

أهواكَ مهـــــما كنــتَ: لا   ترعى العهود ولا تعفُّ

أنا هازئ بالحبِّ بعــــدك   يا حبيبُ، ومســــــتخفُّ

دعني ، وكن ما شـــــئتَ،  لا ارتـــدّ عنك ولا أكُفُّ

سيّان عندي حين يغمرك   الجفاء وحين تصـــــــفو

لي فيــــــــك مطَّلب أبيح   لديه ذنْبك لي وأعــــــفو

لولاك لم يـــــكُ لي يــــدٌ   تعلو، وأجنحة تــــــرفُّ

يوسف الخطيب – فلسطين

أتراك مثلي يا رفيق تمـــــــر بالزمن   عبر الليـــــــالي الســــــــود والمحن

لا صاحب يرخي عليك غلالة الكفن   بي لهفة يا صاحبي مشــــبوبة بالنار

هل بعض أخبار تحدثــــــها وأسرار   للظامئين على متاهة الوحشة العاري

كيف الحقول تركتــها في عرس آذار  ومتى لويت جناحك الزاهي عن الدار

*****

عجباً..تراك أتيتنا من غير تذكار   لو قشـــة مما يرف ببيدر البــــلد

خبأتها بين الجنـــاح وخفقة الكبد   لو رملة من المثلث أو ربى صــفد

لو عشبة بيد ومزقة ســـوسن بيد  أين الهدايا مذ برحت مرابع الرغد

*****

أم جئت مثلي بالحنين وسورة الكمد   ماذا رحيلك أيـــــها المتشـــــــــرد البـــــاكي

عن أرض غابات الخيال وفوحـــها   الزاكي أم أن أمزج الزهر أصبح قفر أشواك

وتلوّنت أنهارها بنجيع ســــــــــفاك   داري وفي عيني والشـــــــفتين نجـــــــــواك

لا كنت نسل عروبتي إن كنت أنساك





























الشعر الحر أدب جديد كيف ولماذا



وفد النابغة الذبياني إلى سوق عكاظ وأنشد إحدى قصائده ، ولما انتهى عاب عليه القوم لأنه أقوى ، والإقواء أن تكون حركة الروي وهو الحرف الأخير في البيت تخالف حركة الروي في قوافي أبيات القصيدة كلها . ولم يكترث النابغة لأنه لا يقرأ قصائده عادة بتحريك أواخر القوافي بل يتركها ساكنة ، ولم يكن هذا غريباً عند بعض القبائل العربية ، أقول لم يكترث النابغة للإقواء لأنه لم يشعر به ولم يلحظه . فأخذه نقاده إلى جارية مغنية حسنة الصوت ، ودفعوا لها قصيدة النابغة ، فأدتها أداء حسناً ، وقد ظهر الإقواء واضحاً وشاذاً ، فتغير وجه النابغة ، وما سقط في اللإقواء مرة أخرى .



لعلنا نخطىء حين نقول أن للأدب العربي فرعان رئيسان هما الشعر والنثر ، لأن ذلك غير صحيح ، فالشعر ليس فرعاً من الأدب فقط ، بل هو مزيج بين اثنين من الفنون هما الأدب والموسيقى ، فلا نستطيع دراسة الشعر من حيث الأدب فقط لأننا نسقطه ببتر الموسيقى منه ، ولا ندرسه من حيث الموسيقى فحسب فيصبح بذلك تفعيلات لا معنى لها .



الشعر العربي أصيل قبل كل شيء ، حتى تسائل الأقدمون أيهما أسبق إلى الظهور عند العرب الشعر أم النثر ؟ فقد ملأ الشعر وعاء الأدب العربي عند جميع القبائل في حين كان النثر لا يتعدى خطباً متناثرة على أفواه الخطباء . ويمكن التأكيد أن النثر العربي لم تتوضح معالمه إلا مع القرآن الكريم الذي سحر العرب منذ اللحظة الأولى لظهور الإسلام .



نعم .. الشعر الذي يطير بجناحين هما الكلمة والنغم أسبق إلى الظهور من النثر ، ولسنا نعني بالنثر الكلام العادي بل النثر الفني . ولم يكن النثر منافسا للشعر لخلوه من الموسيقى . واكتشف الخليل بن أحمد موسيقا هذا الشعر ووضع التفعيلات المناسبة والخاصة بكل بحر من بحور الشعر ، أو بلغة أصح وضع النغم بقوالب من الأحرف العربية ، وذلك مزج بين الأدب والموسيقى ما عرفته لغة أخرى . وقد استطاع العرب أن يحافظوا على هذه الموسيقى في شعرهم ردحاً طويلاً من الزمن قارب الألفي عام وما زالوا حتى الآن . ولم يتعرض الشعر العربي لما يضعف شأنه ، فالوزن والقافية والوجدان والعواطف ، كل ذلك سمات يمتاز بها الشعر ، ولو خلت قصيدة ما من العواطف والخيال سمي ذلك نظم ، وإذا خلت من الوزن والقافية خرجت من دائرة الشعر . ولا ريب أنه لا يمكننا أن ندعي أن الشعر غير ذلك .



وفي هذه الأيام يواجه الأدب العربي ما يسمى بالشعر الحديث أو الحر ، وبرزت معه قضاياه ، وظهر فريقان من النقاد ، مؤيد لهذا الشعر ومهاجم له . وإن كثيراً من أساتذتنا الكبار قد وقفوا منه موقفاً سلبياً ولم يقبلوا مجرد التفكير بهذا الشعر الحر . وقد تصدر هؤلاء المرحوم عباس محمود العقاد ، فقال كلمته المشهورة بأن الشعر الحديث مهزلة . وكثيرون تابعوا خطوات العقاد ، مرة يهاجمون الشعر الحر لتخليه عن أوزان الخليل ، فإذا رد أنصاره بأن الشعر الحر يعتمد على التفعيلة الواحدة ، قال الطرف الآخر إنه مغرق في الغموض والطلاسم والرمذية المفرطة ، ولعل الشيخ حمد الجاسر قد لخص هذه الآراء بسطور قليلة أوردتها جريدة الجزيرة على الصفحة 13 بتاريخ 29 / 12 / 1404 هـ 24 / 9 / 1984م ، فقال :" وكنت أتمنى لو أنني أفهمه لكي أقرأه ، إلا أن الذين ينهجون هذا النهج يسعون إلى الغموض ويجنحون إلى الرمز ولهذا فإنني أعاني من هذا الشعر ، ولا أقرأه ، إلا ما كان منه موزوناً وفيه موسيقا الشعر التي يطرب لها السامع ويكون مفهوماً فإني أسميه شعراً ، لكونه يجري على بحور الخليل ، أما ما عداه وهو مفهوم لا طلاسم فيه ، فنسميه نثراً فنياً ، وكان العرب يسمونه كذلك" . هل كان هذا الموقف من كبار نقاد العربية ردة فعل قوية أمام نهج جديد في الأدب لم نعهده وبالتالي لم نتذوقه لأننا لم نجد له شبيهاً في تراثنا القديم أو الأصيل .



الشعر الحر ليس شعراً لأنه أضاع الوزن والقافية وهو أيضاً ليس بالنثر لأننا لم نشاهده من قبل في أسلوب الجاحظ وابن المقفع وأبي حيان التوحيدي . ومهما فلعنا لن نستطيع أن نكتب بأسلوب الشعر الحر دراسة أو أطروحة في الأدب أو التاريخ أو الدين ، بل أن مادته أقرب إلى الشعر منها إلى النثر . ولذلك كله ليس هو بالنثر ، وكما يصر الكثير من النقاد أنه ليس شعراً لفقدانه الوزن ، فهو أيضاً ليس نثراً ، لأنه لم يفقد الخيال والعواطف بل وأغرق في الرمزية والتصوير . من حيث البناء الشعر الحديث أو النثر الفني ليس شعراً ولا نثراً ، إنه أدب جديد .



يختلف كل من الشاعر بدر شاكر السياب والشاعرة نازك الملائكة من العراق أن أحدهما قد سبق الآخر في إرتياد أبواب الشعر الحر ، من ناحية أخرى نجد مثيلاً لهذا الشعر في اللغات الأخرى كالفرنسية والإنكليزية ويسميه أهلها شعراً . ولا ريب أن السياب وملائكة معاً وغيرهما من شعرائنا قد اقتبسوا هذا الأسلوب الجديد من تلك اللغات وذلك مع الترجمات التي بدأت في مدرسة الألسن التي أنشأها رفاعة الطهطاوي في مصر وترجمات خير الدين التونسي في تونس في القرن التاسع عشر . وقد تكاثرت هذه الترجمات في النصف الأول من القرن العشرين .



الأدب العربي حيوي منفتح على آداب العالم يأخذ ويعطي ، وقد سبق أن تفاعل مع الآداب الفارسية والتركية والهندية واليونانية والرومانية ، إذ بدأت الترجمات في نهاية العصر الأموي ، واشتدت في العصر العباسي ، أو في القرن الرابع الهجري ، الذي شهد حركة علمية وأدبية ، أفرزت اختلاطاً حضارياً وثقافياً وأدبياً عجيباً ، ويمكن أن نرى آثار ذلك في كتابة الجاحظ وابن المقفع وعبدالحميد الكاتب وعدد غير قليل من الكتاب خاصة الأندلسيين .



وبعد كل ذلك لا يعقل أن يكون الأدب العربي متفاعلاً مع الآداب الأخرى في حقبة معينة من تاريخه ، ثم يقف عند هذا الحد ، بل لابد أن يبقى هذا التفاعل قائماً حتى اليوم . وكما دخلت حديثاً فنون كثيرة من الآداب الأخرى إلى الأدب العربي كفن كتابة القصة القصيرة والرواية والمسرحية والمقالة وغير ذلك ، فقد ظهر ما نسميه اليوم الشعر الحديث أو الشعر الحر ليحتل ركناً أساسياً من ثقافة اللغة العربية . ولا يتعارض أبداً أن نتمسك بالأصالة ونقرأ ونكتب الشعر العربي الأصيل وأن نتذوق الشعر الحديث أو الشعر الحر الذي ورد إلينا من ينابيع بعيدة وامتزج في أسلوب حياتنا وكتابتنا الأدبية . وإن اندفاع الكثير من الشعراء نحو التعبير عن مشاعرهم ووجدانهم بأساليب الشعر الحر ، لهو دليل على تأثر أدبنا العربي بهذه النزعة الجديدة ، ولن يغفل تاريخنا عن تسجيلها في صفحاته المضيئة وخاصة إذا كان تراثنا وأصالتنا ميزة أساسية في موضوعات هذا الأدب الجديد .



























شعراء الشعر الحر



إبراهيم محمد إبراهيم                     الإمارات

إبراهيم نصر الله                       فلسطين

إدريس علوش                       المغرب

الطيب برير يوسف                     السودان

أنسي الحاج                         لبنان

أحلام مستغانمي                       الجزائر

أحمد البربري                         مصر

أحمد الريماوي                       فلسطين

أحمد اللهيب                        السعودية

أحمد أبو سليم                        فلسطين

أحمد بشير العيلة                       فلسطين

أحمد بلحاج آية وارهام                     المغرب

أحمد بن ميمون                       المغرب

أحمد دحبور                         فلسطين

أحمد عبدالمعطي حجازي                   مصر

أحمد كمال زكي                       مصر

أحمد موفقي                         الجزائر

أدونيس (علي أحمد إسبر )                   سورية

أديب كمال الدين                       العراق

أسعد الجبوري                       العراق

أمين دمق                         تونس

أولاد أحمد                         تونس

أيمن اللبدي                        السعودية

إبراهيم حسين زولي                     السعودية

إبراهيم طيار                       سورية

باسم فرات                         العراق

بدر شاكر السياب                     العراق

بلند الحيدري                        العراق

بهاء الدين رمضان                       مصر

بيان الصفدي                         سورية

تركي عامر                         فلسطين

تمام التلاوي                         سورية

توفيق أمين زيَّاد                       فلسطين

جابر أبو حسين                       سورية

جاسم محمد الصحيح                     السعودية

جميل أبو صبيح                       الأردن

جوزيف أبي ضاهر                     لبنان

حسن إبراهيم الحسن                     سورية

حسين القباحي                        مصر

حسين الهاشمي                       العراق

حكمة شافي الأسعد                      سورية

حمد مظلوم                         العراق

حميد العقابي                         العراق

حميد سعيد                         العراق

خلف علي خلف                       سورية

خميس                           فلسطين

رامز النويصري                       ليبيا

رياض الصالح الحسين                     سورية

ريتا عودة                         فلسطين

زينب حبش                         فلسطين

سامر رضوان                       سورية

سامي مهدي                        العراق

سعد الحميدين                       السعودية

سعدي يوسف                       العراق

سعدية مفرح                        الكويت

سعيد محمد بادويس                     السعودية

سليمان جوادي                       الجزائر

سنية صالح                         سورية

سوزان علوان                         لبنان

سيد أحمد الحردلو                      السودان

سيركون بولص                       العراق

سيف الرحبي                       سلطنة عمان

شاكر لعيبي                         العراق

صلاح إبراهيم الحسن                     سورية

صلاح بو شريف                       المغرب

صلاح عبد الصبور                       مصر

صلاح نيازي                         العراق

طالب هماش                         سورية

طلعت شاهين                         مصر

عاطف الجندي                         مصر

عامر الديك                         سورية

عبدالحكيم الفقيه                       اليمن

عبدالخالق كيطان                       العراق

عبدالرحمن فخري                       اليمن

عبدالرحيم أحمد الصغير                    فلسطين

عبدالرزاق الربيعي                      سورية

عبدالسلام الكبسي                       اليمن

عبدالسلام مصباح                       المغرب

عبدالصمد الحكمي                     السعودية

عبدالعزيز المقالح                       اليمن

عبدالعزيز جويدة                       مصر

عبدالقادر رابحي                       الجزائر

عبدالكريم الطبال                       المغرب

عبداللطيف عقل                       فلسطين

عبدالناصر أحمد الجوهري                   مصر

عبدالناصر حداد                       سورية

عبدالوهاب البياتي                       العراق

عبدالوهاب زاهدة                       فلسطين

عبدالحميد كاظم الصائح                    العراق

عثمان لوصيف                       الجزائر

عدنان الصايغ                       العراق

عز الدين المناصرة                     فلسطين

عزت الطبري                        مصر

علي الجلاوي                        البحرين

علي الدميني                        السعودية

علي الشرقاوي                       البحرين

علي الفراتي                         ليبيا

علي جعفر العلاق                       العراق

علي ناصر كنانة                       العراق

عماد علي قطري                       مصر

عيسى الشيخ حسن                       سورية

غادة السمان                         سورية

غيث القرشي                         الأردن

فاضل غزاوي                        العراق

فاطمة ناعوت                         مصر

فايز يعقوب الحمداني                     العراق

فليحة حسن                         العراق

فوزية أبو خالد                       السعودية

فيصل خليل                         سورية

قاسم حداد                         البحرين

قاسم عزاوي                         سورية

قحطان بيرقدار                       سورية

قمر صبري الجاسم                      سورية

كاظم جواد                         العراق

كفا كامل                          فلسطين

كمال خير بيك                         لبنان

كمال سبتي                         العراق

لطفي زغلول                         فلسطين

ليث الصدوق                        العراق

ليث فائز الأيوبي                       العراق

مؤيد الراوي                         العراق

مؤيد الشيباني                        العراق

ماجد البلداوي                        العراق

مازن دويكان                        فلسطين

مالك مالك                         العراق

محمد الأسعد                         فلسطين

محمد بنيس                         المغرب

محمد البغدادي                       العراق

محمد الثبيتي                        السعودية

محمد الجبوري                       العراق

محمد الحارثي                       السعودية

محمد الشلطامي                       ليبيا

محمد العلي                         السعودية

محمد القيسي                         فلسطين

محمد الماغوط                       سورية

محمد جلال قضماني                     سورية

محمد جمال طحان                       سورية

محمد حبيبي                        السعودية

محمد خضر                        السعودية

محمد زبدان                         ليبيا

محمد شيكي                         المغرب

محمد عريقات                       الأردن

محمد عفيفي مطر                       مصر

محمد مهران السيد                       مصر

محمود البريكان                       العراق

محمود النجار                        فلسطين

محمود أمين                         مصر

محمود درويش                       فلسطين

محمود فرغلي                        مصر

محي الدين فارس                       السودان

مخلص ونوس                        سورية

مراد العمدوني                        تونس

مريد البرغوثي                       فلسطين

مصطفى بن عبدالرحمن الشليح                 المغرب

معز عمر بخيت                       السودان

معين شلبية                         فلسطين

ممدوح عدوان                       سورية

موسى حوامده                       فلسطين

نايف دخيل الله عبدالله الجهني                 السعودية

نجيب سرور                         مصر

هيلدا إسماعيل                       السعودية

وديع سعادة                         لبنان

ياسين الزكري                       اليمن

يوسف الديك                        فلسطين

يوسف الصايغ                       العراق