عــصــام بــشــيـر الــعــوف

مــؤلــف و كــاتـب ســيــاسـي و إســلامــي


مقدمة

اللغة العربية .. وعاء حضاري إنساني

أصل العرب

العرب ثلاثة .. البائدة ، العاربة ، المستعربة

العرب البائدة هم الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم ، وقد اختفت أطلالهم وبادت آثارهم . كعاد وثمود وغيرهم ، غير أن بعض علماء الآثار في العصر الحديث قد وجدوا ما يمكن أن يكون بداية لبحوث جديدة لتحديد أمكانهم وأدواتهم .
العرب العاربة هم الذين سكنوا اليمن وأسسوا حضارات ودولاً هي دولة معين التي عاشت أكثر من ثمانمئة سنة ثم دولة حمير التي عاشت مايقارب الستمائة عام ثم دولة سبأ التي عاشت سبعمائة عام ، وقد اشتهرت بالزراعة وبنت سد مأرب حيث أن إنهياره سبب كارثة رهيبة أدت إلى هجرة القبائل العربية من اليمن واتجهت شمالاً وانتشرت في جميع مناطق الجزيرة العربية كالبحرين والكويت والحجاز ونجد وتهامة وعسير بل إلى أعلى من ذلك إلى بلاد الشام وبلاد الرافدين . وتنتسب القبائل العربية في اليمن إلى يعرب بن قحطان ولذلك سموا بالقحطانيين .

العرب المستعربة وهم العرب الذين ينتسبون إلى سلالة النبي إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام وقد وصلا إلى الحجاز في القصة المعروفة ومفادها أن النبي إبراهيم صحب زوجه هاجر وابنها إسماعيل ووضعهما بأمر من الله عزوجل في الحجاز حيث نبش الوليد إسماعيل في الأرض وظهر ماء زمزم ، وأصبحت هذه الأرض ملكاً لهاجر وابنها ، ثم أقبلت قبيلة جرهم القحطانية وفاوضت هاجر للعيش على ماء زمزم معهما ، وكان طبيعياً أن يتزوج إسماعيل من قبيلة جرهم وتبدأ بذلك سلالة العرب المستعربة .

ويقال أن كلمة العرب قد استعملت عند بيت إسماعيل ، حيث كانت تسمى العربة أي الساحة . كما يقال إن كلمة العرب جاءت من فعل عرب ، ويعني اجتياز الصحراء لأن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام اجتازا الصحراء . أما فعل عبر فهو يعني اجتياز النهر ، وهو نهر الأردن الآن ، الذي اجتازه النبي إبراهيم وابنه إسحاق عليهما السلام ، وقد عبراه ، وكما سمي نسل إسماعيل بالعربان أو العرب فقد سمي نسل إسحاق بالعبرانيين . ثم جاء يعقوب بن إسحاق عليهما السلام والذي يسمى أيضاً إسرائيل ، وأبناؤه يسمون بني إسرائيل ، أما اليهودية فلم تعرف إلا مع النبي موسى عليه السلام .

قام إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام برفع قواعد الكعبة المشرفة في مكة المكرمة ، بأمر من الله عزوجل ، ويقال إن النبي إدريس عليه السلام قد قام ببناء الكعبة المشرفة التي هدمت مع طوفان النبي نوح عليه السلام ، ولم يبق من معالمها إلا قواعدها . ثم قام إبراهيم عليه السلام ، بعد ذلك ، بأمر من الله عزوجل ، بتحديد مكان البيت المقدس الشريف وبنائه في القدس في فلسطين ، بعد أربعين عاماً من بناء الكعبة المشرفة في مكة ، غير أنه لم يتمه . وكما دخل يعقوب وابنه يوسف وبني إسرائيل مصر ، فقد خرجوا منها مع النبي موسى عليه السلام ، الذي دعا إلى اليهودية ودخلوا فلسطين ، ثم ضل اليهود عن دينهم ، ثم أرسل الله تعالى النبيين الكريمين داوود وسليمان عليهما السلام ، وهما من نسل إسحاق ويعقوب ويوسف وموسى . وتأسست مملكة يهودية ، وقام النبي سليمان عليه السلام بإكمال بناء البيت المقدس في مدينة القدس . ثم انقسمت تلك المملكة إلى مملكتين متحاربتين ، إلى أن غزاهما الآشوريون وساقوا اليهود عبيداً وشتتوهم في أنحاء الأرض ، وقد عاشت هذه المملكة مع حروبها فقط سبعين سنة ، ثم أرسل الله نبيه عيسى عليه السلام ، الذي دعا إلى المسيحية . والجدير بالذكر ، أن أبناء إسماعيل وأحفاده وهم من يسمون بالأسباط ، كانوا على علاقة وطيدة ومودة ورحمة ، مع أبناء إسحاق ويعقوب عليهما السلام وأحفادهما ، فالزيارات بينهم والأعمال التجارية كانت لا تنقطع . والجدير بالذكر أيضاً أن نبوخذ نصر الآشوري ، الذي قام بهدم هيكل سليمان و بتشريد اليهود ، قد قام ورثته وقواده بمتابعة زحفهم نحو البيت المقدس في مكة المكرمة لهدمه ، وكان ذلك في عهد عدنان وهو من نسل إسماعيل ، وإليه تنسب العرب المستعربة ويسمون بالعدنانيين. وكان زعيم مكة آنذاك . وقد هيأ لهؤلاء القواد الآشوريين خطة ليتيهوا في الصحراء ، وقد كانت الصحراء سلاحاً فتاكاً لا تستطيع مقاومته أعتى الجيوش ، حيث أغلق وأخفى آبار الماء وطلب من جيشه الهرب حيث يجري وراءه الآشوريون ليقتلهم العطش ، ولم يستطع الآشوريون الوصول إلى مكة أو الخروج من الصحراء سالمين .

بعد انهدام هيكل سليمان وتشتت اليهود في أنحاء كثيرة من العالم ، برزت في اليهود عنصرية كريهة ، تتمثل بالشكوى مما يعانيه اليهود المشتتون وما يتعرضون له من كره ، نتيجة لمعاملتهم السيئة لموسى عليه السلام ، بأن جعلوا قصة معاناتهم في صلب التوراة ، كأن الله تعالى يأمرهم بالفتك بغيرهم من الناس . والجدير بالذكر أن التوراة أعيدت كتابتها ثلاث مرات ، الأولى أيام المملكتين الإسرائيليتين ، الثانية ماكتبه المشتتون في العراق ، والثالثة ما كتب قبل ميلاد المسيح عليه السلام بثلاثة قرون ، أما اليهود الذين لم يتعرضوا للتشتت ، فقد ظلوا على عهدهم مع موسى وداوود وسليمان حتى اليوم ، وهم أقلية أمام اليهود الحاقدين ، الذين يسمون الآن بأتباع الصهيونية .

اللغة العربية يرى علماء اللغات أن لغات العالم تنتمي إلى فئتين هما : اللغات الهندية الأوربية ، واللغات السامية، والثانية تتفرع منها اللغات الآكادية والكنعانية والآرامية والحامية ، وإلى الآكادية تنتمي اللغة العربية ، وبالطبع ليس هذا التقسيم تقسيماً جامداً جافاً ، بل كانت جميع اللغات تتجاذب وتتباعد ، وتأخذ من بعضها البعض ، حسب تقارب الشعوب وتباعدها .

وتعود اللغة العربية بخصائصها الحالية إلى القرن الرابع قبل الهجرة ، وعند علماء مقارنة اللغات ، فهم يرون أنه لابد من أجيال طويلة ، قد مرت حتى وصلت اللغة العربية إلى ماهي عليه من ميزات منذ ألفي عام ، ولم تكن اللغة العربية عند بني اسماعيل أو عند بطون جرهم وسائر القحطانيين كما هي الآن ، ولكنها بدأت تتشكل مع يعرب بن قحطان وجرهم وغيرهم من القبائل حتى وصلت إلى شكلها الحالي مع القرآن الكريم والأدب الجاهلي ، وتميزت بأمور أساسية عديدة كالتفرقة الدقيقة في أحكام الإعراب أو بين صيغ المشتقات أو بين أوزان الجمع والمثنى وجموع الكثرة والقلة في الأوزان السماعية ، ولابد كذلك من مرور أجيال طويلة ، يتم بها تكوين حروف الجر والعطف والنداء وأسماء الاستفهام الإشارة والموصولة وغيرها بالإضافة إلى الأفعال وتراكيبها.

وكما أن الإعراب هو أحد ميزات اللغة العربية فإن العروض أو أوزان الشعر هي الميزة الثانية التي تنفرد بها اللغة العربية ، والعروض لا تعني الإيقاع والقافية فقط فهاتان موجودتان في سائر اللغات .

وثمة ظاهرة أخرى توجد في اللغة العربية بشكل واضح ، هي انقسامها منذ بداية تشكيلها إلى عامية وفصحى ، الأولى هي لغة التخاطب بين الناس أو اللغة الدارجة التي تستعمل في أغراض البيع والشراء وما إليهما ، والأخرى هي لغة الأدب والدرس وهي اللغة الرسمية التي تستعمل في التعليم والدواوين والمكاتب ، وبين الإثنين بون شاسع وفرق كبير .

وذهب بعض الباحثين إلى ضرورة إيجاد لغة ثالثة تعمل بين اللغتين ، لا تجنح إلى تقعر اللغة الفصحى ولا تهبط إلى تبذل اللغة العامية ، وإنما تتميز بالبساطة والسهولة ليفهمها أكثر الناس ، ويدخل في ذلك لغة الصحافة والأحاديث الإذاعية والبرامج التلفزيونية .

ويرى بعض علماء اللغات أن اللغة دائمة التغيير ، ويبدو أن ذلك غير صحيح وظهور الكتابة والقواعد والنحو والصرف دليل على ثبات اللغة ، ولعل التغيير ينحصر في الكلمات المستخدمة أو التي تبقى جامدة في المعاجم والقواميس . كما أن استخدام اللغة الفصحى دليل على ثقافة المتكلم وأدبه وحسن سلوكه من خلال اتباع قواعدها ومراعاة النطق المقرر لها . ويعتقد البعض أن اللهجة العامية ماهي إلا اشتقاق من اللغة الفصحى أو انحدرت عنها ، والواقع غير ذلك ، فاللغة الانكليزية مثلاً قد اشتقت من لهجة لندن العامية ، واللغة الإيطالية قد اشتقت من اللهجة التوسكانية العامية .

العرب والعروبة والإسلام

بعد هذه المقدمة عن أصول العرب ولغتهم ، ننتقل إلى العصر الحديث ، فقد أصبحت العروبة مبدأ سياسيا وطنيا تبنته الدول العربية بعد سقوط الدولة العثمانية التي كانت تمثل الإسلام الرسمي ، ولابد أن منظريه قد قرأوا تاريخ العرب القديم والحديث بعناية وتفهم ، فقد وقعت هذه الدول تحت حكم الدول الأوربية، وعانت من الاستعمار وويلاته الشيء الكثير ، ويقوم التمسك بالعروبة على أسس عديدة منها ، وحدة اللغة والتاريخ ووحدة الأرض التي لا تفصل بينها أي دولة لا تنتمي للعرب ولكن تفصل بينها الحدود السياسية التي صنعتها الدول الأوربية المستعمرة ، ووحدة الآلام المشتركة والآمال والأهداف في الوحدة ، وكذلك الدين الواحد حيث أن الإسلام هو دين الأكثرية الساحقة من العرب . وغدت العروبة تمثل الإسلام في مواجهة الغرب المسيطر رغم تعدد حقول اختلاف العرب أو سكان المنطقة بين الإيمان والكفر والإلحاد ، والاشتراكية والشيوعية والرأسمالية ، والقوميات المتعددة ، والأديان والطوائف والمذاهب التي تتألف منها مجتمعاتهم. وحين تتأزم الأمور أمام الغرب ، فلا العرب عرب ولا ما تمثل كل فئة منهم ما تمثل ، فكلهم أمام الغرب ينتمون للحضارة الإسلامية ، وكما يقال الغرب غرب والشرق شرق لايلتقيان وخاصة عند الأزمات .

ويرى منظرو العروبة أنها بدأت منذ مقاومة العرب الاستعمار التركي ، وهذا غير صحيح قلم تكن الدولة العثمانية دولة مستعمرة ، وليس أدل على ذلك من مؤتمر باريس الذي عقده المثقفون العرب في بلاد الشام والعراق عام 1913 لبحث سياسة التتريك التي كانت تنتهجها الدولة العثمانية – بعد الانقلاب الذي قام به حزب الاتحاد والترقي أو ما كان يسمى أيضاً حزب تركية الفتاة – في البلاد العربية التابعة لها ، والتتريك هو فرض اللغة التركية في التعليم والدوائر الحكومية وجميع المراسلات الرسمية ، وفي مؤتمر باريس لم يطالب العرب بالانفصال عن الدولة العثمانية أو محاربتها أو معاداتها ، بل انحصرت مطالبهم بعدم التتريك وإبقاء اللغة العربية كما كانت قبل الانقلاب عام 1908 ، ومع ذلك قامت الدولة العثمانية بملاحقة الذين شاركوا في المؤتمر واستطاع والي بلاد الشام جمال باشا السفاح من القبض على الكثيرين منهم وأعدم ستة في ساحة المرجة أو كما سميت إثر ذلك بساحة الشهداء بدمشق ، وواحداً وعشرين في عاليه في جبل لبنان ، في يوم واحد هو السادس من شهر مايو \ أيار 1916 . ويعتبر إعدامهم أحد منطلقات العروبة التي لم تظهر كواقع سياسي إلا بعد استقلال أكثر الدول العربية عن الاستعمار الأوروبي بعد الحرب العالمية الثانية عام 1945 .

لم تكن الدعوة للعروبة عنصرية في يوم من الأيام ، ويجب القول هنا أنها لا تتعارض مع الدين الإسلامي بل تلتقي معه في جميع خطوطه وزواياه ، ولكن بعض العرب في أيام الحرب الباردة تبنوا مواقف الكتلة الشرقية أو الكتلة الغربية الدوليتان واتخذوا من هذه الكتلة أو تلك رموزاً كانت سبباً لتمزيق وحدة الكلمة العربية ، وقد أدى ذلك إلى كيل الإتهامات للعروبة بأنها ليست أصيلة الانتماء . وأنها تعادي الإسلام والمسلمين ، وظهرت سياسة بديلة هي الدعوة إلى التضامن العربي والإسلامي ، أي تكريس مبدأ التشاور والتفاهم بين العرب والمسلمين .

اللغة .. وعاء حضاري

اللغة هي وسيلة التفاهم والتخاطب والتعليم والكتابة والفن والأدب والثقافة ، هي الوعاء الحضاري لشعب من الشعوب أو لأمة من الأمم ، ويعتقد العرب بأن اللغة العربية هي الوعاء الحضاري للأمة العربية وهذا صحيح لا ريب فيه ، في حين أن الداعين للتضامن الإسلامي يرون أن اللغة العربية هي أوسع من العرب والعروبة ، فهي الوعاء الحضاري للإسلام والمسلمين ومنهم العرب لأنها لغة القرآن الكريم والإسلام . غير أن هذا أيضاً لا يعطي اللغة العربية حقها لأنه أهمل فترة تأسيسها الطويلة التي مرت عليها قبل العصر الجاهلي . بدأت ولادة اللغة العربية الحالية مع إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وقبيلة جرهم القحطانية ، وعمل بنو إسماعيل وبنو إسحاق بالتجارة وتأسست معهم رحلات الشتاء والصيف وظهرت مكة كقاعدة تجارية رئيسية بين البضائع القادمة عبر اليمن من الحبشة والهند إلى فلسطين ومصر وبلاد الشام والعراق ، واختلطت لغات هذه المناطق ولهجاتها ، وتأثرت لغة هذه الطريق التجارية باللغة الآشورية والبابلية القادمة مع بني إسحاق ويعقوب من العراق ، مع لغة العرب مع بني إسماعيل والقحطانيين من الجزيرة العربية ، ولغة الآراميين في بلاد الشام . وغني عن القول إن اللغة العربية هي أقدم اللغات التي تشكلت آنذاك ، كما تعتبر رافداً أساسياً للعديد من اللغات التي ظهرت فيما بعد كاللغة العبرية أو الأردية الهندية مثلاً .

لم تكن اللغة العربية وعاء حضارياً للعرب والعروبة فقط ، ولم تكن كذلك للإسلام والمسلمين فحسب ، بل كانت وعاء حضارياً إنسانياً عالميا يمتد من دين إبراهيم إلى اليهودية والمسيحية والإسلام ، رغم الفوارق وخصوصية كل منها ، سلسلة مترابطة.. العروبة والإسلام والإنسانية ، حلقات متصلة لا تناقض بينها ، بعضها من بعض ، والقرآن الكريم يؤكد هذا المعنى في آيات عديدة ، فاليهودية لم تبدأ من إبراهيم أو إسحاق أو يعقوب أو يوسف ، والله تعالى يقول في ذلك :

بسم الله الرحمن الرحيم

" أمْ تَقُولُون إنَّ إبْرَاهِيمَ وَإسْمَاعِيلَ وَإسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَ الأسْبَاط كَانُوا هُوداً أوْ نَصَارَى قلْ ءَأنتُمْ أعْلمُ أم اللّهُ وَمَنْ أظْلمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةَ عِندَهُ مِنَ اللّهِ وَمَا اللهُ بغافِلِ عَمَّا تَعْمَلُونَ" (140) سورة البقرة . صدق الله العظيم

أنزل الله تعالى دينه الحنيف على انبيائه ورسله جميعا منذ آدم وإدريس ونوح ثم إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب ويوسف والأسباط عليهم السلام ، فقد قاموا بدعوة الناس إلى عقيدة التوحيد . ثم جاءت اليهودية مع النبي موسى ثم سليمان وداوود عليهم السلام ، وجاءت المسيحية مع المسيح عيسى عليه السلام ،ثم جاء الإسلام فدعا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم إلى مادعا إليه إبراهيم وأبناؤه وأحفاده ، مصححاً ما علق بها من شوائب ومتمماً لمكارم الأخلاق ، ولم يكن الإسلام في يوم من الأيام منافساً أو محارباً للمسيحية أو اليهودية أو أي دين آخر، بل ويدعو إلى التعايش معها بسلام ، بالرغم من الاختلافات فيما بينها والخصوصية في كل منها .

بسْمِ اللهِ الرَّحْمن الرَّحيم

" وَالتِّين وَالزَّيْتُون (1) وَطُور سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِين (3)" سورة التين صدق الله العظيم

أقسم الله تعالى بالتين والزيتون وهما كناية عن أرض فلسطين وهي مهد الدين المسيحي حيث دعا نبي الله عيسى عليه السلام إلى عبادة الله ، ثم أقسم بطور سينين أي جبل الطور مهد الدين اليهودي حيث أنزل الله تعالى الألواح أو الوصايا العشر على نبيه موسى عليه السلام ، كما أقسم بهذا البلد الأمين كناية عن مكة المكرمة مهد الدين الإسلامي الحنيف دين محمد صلى الله عليه وسلم . فالأديان الثلاثة هي أديان الله وشرائعه التي أوحى بها لأنبيائه ( لا نفرق بين أحد من رسله ) .

بسم الله الرحمن الرحيم

" إنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَ أَمْوَالَهُم بأَنَّ لهُمُ الجَنَّة يُقاتِلُونَ فِي سَبيل اللَّهِ فيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَ وَعْداً عَليْهِ حَقاً فِي التَّوْرَاةِ وَ الإِنجِيل وَ الْقُرْآنِ وَ مَنْ أوفى بعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا ببَيْعِكُمْ الَّذِي بَايَعْتُم بهِ وذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) " سورة التوبة صدق الله العظيم

هذه الآية الكريمة تدل دلالة واضحة على أن الجهاد كتب على اليهود والمسيحيين والمسلمين ضد الكفار المحاربين لهم ، والشهداء منهم ستكون لهم الجنة وهذا وعد من الله ، ثم يسأل الله تعالى مؤكداً ومن أوفى بعهده من الله وهو وعد باق حتى تقوم الساعة ، ولا يبقى بين أتباع هذه الأديان الثلاثة إلا التفاهم والتعايش السلمي رغم اختلافاتهم وخصوصياتهم ، فهم يحاربون الكفر من خندق واحد ، هو خندق الإيمان والتوحيد .

بسم الله الرحمن الرحيم

" إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهيدٌ (17)" سورة الحج صدق الله العظيم

هذه الآية الكريمة تدل على أن الإسلام هو دين السلام الحقيقي . القرآن الكريم يكفل حرية الدين ويؤكد أن اختلاف الأديان والعقائد لا يعني الحرب والقتال ، إن الله تعالى يفصل بينهم يوم القيامة ، لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ، لا يقتل الإنسان بسبب دينه ولا يعاتب على عدم إيمانه بهذا الدين أو ذاك ، إنما يحاسب على تصرفاته وأخلاقه وعلاقاته مع الآخرين ، كما تحاسب المجتمعات على عنصريتها وتعديها على جيرانها أو اغتصابها أراضي الآخرين وقتلهم ، سواء بسواء على أي دين كانوا .