عــصــام بــشــيـر الــعــوف
مــؤلــف و كــاتـب ســيــاسـي و إســلامــي
عصر صدر الإسلام
عصر النبوة والخلفاء الراشدين
دعا رسول الله محمد بن عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام ووطد أركانه في مدة ثلاث وعشرين سنة ، قضى منها ثلاث عشرة سنة في مكة المكرمة وعشر سنوات في يثرب التي دعيت منذ هجرته إليها بالمدينة المنورة . ثم خلفه أبو بكر الصديق رضي الله عنه الذي حارب المرتدين ولم الشمل وجمع القرآن الكريم مكتوبا على الجلود والعظام وكل ما يمكن الكتابة عليه , وأودعه لدى أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما كما وجه الجيوش نحو الجهاد وتبليغ الرسالة إلى بلاد الشام وبلاد الرافدين ، وقد توفي قبيل معركة اليرموك بين المسلمين والروم ، ودام حكمه سنتين . أما عمر بن الخطاب رضي الله عنه أول أمير للمؤمنين فقد تابع الفتح الإسلامي ، وفي عهده سقطت دولة الفرس وفتحت بلاد الشام والعراق ومصر ، ووطد عمر أركان الدولة الإسلامية فنظم الدواوين والقضاء وأرسل الولاة والأمراء والدعاة المعلمين لشرع الله من الصحابة ، وأرسى دعائم العدل بحرصه على تطبيق أحكام الشرع الإسلامي الحنيف ، واستمر حكمه اثنى عشرة سنة ، وخلفه عثمان بن عفّان ، ذو النوريين رضي الله عنه ، الذي وطد أركان الدولة على خطا الشرع الحنيف كما سار عليه النبي الكريم وصاحباه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ، ومن أهم أعماله متابعة الفتح ، ونسخ القرآن الكريم في سبعة مصاحف وزعت على الأمصار الإسلامية ودام حكمه ثلاثة عشر عاما ثم استشهد عثمان وعمّت الفوضى ونشبت الفتنة التي استمرت طوال فترة خلافة الإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه وفترة غير قصيرة من حكم معاوية بن أبي سفيان ، وقد استشهد الإمام على يد الخوارج وهم من شيعته الذين خرجوا عن طاعته وحاربوه ووضعوا خطة لاغتيال الإمام علي ومعاوية وعمرو بن العاص في يوم واحد ، غير أن الشهادة كانت من نصيبه . وبوفاته انتهى عهد الخلفاء الراشدين ليبدأ عصر بني أمية .
الحالة الدينية والأدبية
الدين الإسلامي الحنيف
الإسلام هو الدين الذي يقوم على الإيمان والتسليم بما أنزله الله تعالى على عبده ورسوله ونبيه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ، ليهدي الناس جميعاً إلى عبادة الله وطاعته .
أركان الإسلام خمسة هي: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا .
أركان الإيمان ستة هي: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء خيره وشره من الله تعالى .
وقدم الإسلام إجابات نهائية لا جدال فيها على الغيبيات ، حتى أصبحت لدى الإنسان المسلم أموراً بديهية سهلة الفهم والإدراك ، كالإيمان بالله عزوجل ، خالق كل شيء من العدم ، ومالك كل شيء ، وفعّال لما يريد ، وهو واحد لا شريك له ، وهو القادر على كل شيء ، وهو الكمال المطلق ، لا نقص فيه بأي وجه من الوجوه ، فريد في صفاته وأسمائه وأفعاله . وله وحده التعظيم والإجلال والخشية والدعاء والرجاء والإنابة والتوكل والاستعانة ، وغاية الذل مع غاية الحب .
وقد خلق الله تعالى مخلوقات لا نراها ، غير أنها موجودة ، فقد ذكرها الله ورسوله ، ونؤمن بوجودها في حدود ذكرها في القرآن الكريم والسنة الشريفة .
والملائكة مخلوقات نورانية مكلفة من الله بأعمال محددة ، لا يعصون الله ما أمرهم.
والنبي هو محمد صلى الله عليه وسلم ، أرسله الله للناس كافة ، ليهديهم من الظلمات إلى النور ومن الكفر إلى الإيمان ، وهو الذي اصطفاه الله واختاره ، من بين جميع خلقه ، حيث انتقل منذ آدم عليه السلام بين الأصلاب والأرحام ، من طهر إلى طهر ، حتى ولد في مكة المكرمة ، ليكون حبيب الله ، وسيد ولد آدم ، بل سيد الخلق جميعاً .
أخلاقه وتصرفاته هي المثال والنموذج ، واتباع أوامره ، والانتهاء بنواهيه هي المنهج الإسلامي المتكامل ، لا ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى .
الإسلام دعوة إلى الحياة ، والحياة هي الاتصال بالله عزوجل ، عبادته وطاعته وتنفيذ أوامره ، واتباع سنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وتحليل الحلال وتحريم الحرام ، والاتصال بالناس ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم ، والسعي نحو الرزق والعلم والسعادة في المال والأهل والولد ، والعمل للآخرة والتحضير لها ، والتزود من الدنيا بأعمال الخير ، وكما يقال اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً .
والعبادة لله وحده ، وتشمل جميع أفعال الإنسان وتصرفاته ، ظاهرةً على اللسان والجوارح وصادرةً من القلب ، كالذكر والتسبيح والتهليل وتلاوة القرآن والصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والإحسان إلى الأقارب واليتامى والمساكين وابن السبيل .
والعادات تصبح كلها عبادات ، إذا قصد بها التقوى على الطاعات ، كالنوم والأكل والشرب والبيع والشراء وطلب الرزق والزواج .
أما اليوم الآخر فهو يوم الحساب ، البشر كلهم حشود غفيرة ، بين يدي الله يواجهون أعمالهم ، ومن هول ذلك اليوم يقول كل فرد : اللّهم نفسي نفسي ، فهو أمام الله فرد ضعيف في يوم رهيب ، لا ملجأ من الله إلا إليه ، هنالك الجنة ونعيمها الأبدي ، مالا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر ، يدخلها المؤمنون برحمة الله . وهنالك النار ، العذاب الأكبر ويدخلها الكفار والعصاة والمجرمون ، كما يعذب فيها المسلمون بقدر معصيتهم . هو يوم الحساب الحقيقي بين الناس ، يوم العدل الأكبر ، حيث تستوفى الحقوق التي سلبت . إنه أعظم يوم ينتظره المظلوم وعباد الله الصالحون، ويبلغ العدل غاية ذروته وكماله .
وقد اتجه الإسلام إلى تنظيم المجتمع من خلال العلاقة بين الحاكم والمحكوم ، والشورى وعلاقة الفرد بربه وبأفراد مجتمعه وبنفسه خالياً ، وكذلك مع الإنسان المسلم وغير المسلم على أي دين أو مذهب . ولم يترك الدين الإسلامي للصدفة أمرا من الأمور ، حيث دخل التشريع في كل شيء ، كعلاقة الإنسان بالبيئة والطبيعة والنبات والحيوان في البر والبحر والجو . إنها علاقات شاملة نظمها الإسلام أفضل تنظيم ، تقوم على التعايش وأن لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي .
فالإسلام هو دين الفرد والمجتمع والدولة ودين الطبيعة والفطرة والطبع البشري وهو دين الحضارة والإنسانية . فهو يحاكي الواقع ويعالجه بالتشذيب والتهذيب ، ومحور كل ذلك الإيمان بالله الواحد لا شريك له ، وبنبيه محمد صلى الله عليه وسلم . ومن هنا كان شعار الدين الإسلامي ومفتاحه ومدخله وأفقه الواسع يبدأ وينتهي بكلمة التوحيد " لا إله إلا الله محمد رسول الله " .
والقرآن الكريم هو كلام الله تعالى ، حمله جبريل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، خلال ثلاثة وعشرين عاماً ، وقد نزل منجماً أي مفرقاً ، وكل آية أوآيات نزلت بسبب ، لحل مشكلة أو بيان حكم شرعي أو إرشاد وتوجيه ، والقرآن إلى ذلك كلام عربي نزل أكثره بلهجة قبيلة قريش ، وهي قبيلة كانت تسكن مكة ، ولهجات أخرى كثيرة وكان في الجزيرة العربية قبائل كثيرة ، تتحدث بلهجات يزيد عددها على الأربعمئة لهجة ، كانت لغات عربية تتقارب وتتباعد ، لا لغة عربية واحدة .
والقرآن الكريم هو المعجزة الإلهية الكبرى ، لأنه لم يقم بتوحيد اللغات أو اللهجات العربية ، ولكنه أحاط بها وأدخل كلماتها وألفاظها وتعابيرها تحت مظلة القرآن . يستطيع القارئ العربي أن يجد للشيء الواحد في اللغة العربية أكثر من أربعمئة مسمى أو صفة تتقارب معانيها وتتجاذب . كما تتكاثر الاشتقاقات للفظة الواحدة ، والعربي هو الأقدر ولو كان أمياً ، لا يعرف القراءة والكتابة ، على أن يأتي بالاشتقاق المناسب لأي لفظة ، وذلك ضمن تناسق لغوي موسيقي لا يدركه إلا العربي دون معرفته القاعدة الواضحة ولكن بالسليقة .
إن اللغات العربية أو لغة القرآن ،هي اللغة التي سادت وانتشرت بين جميع القبائل العربية ، منذ فجر الإسلام ، وشعرت كل قبيلة بأن لغة القرآن هي لغتها . وأصبح القرآن المرجع الأول والحجة الأولى في اللغة العربية من حيث صحة القواعد والنحو والبيان والبلاغة .
الأدب العربي والإسلام
يعتبر القرآن الكريم المثل الأعلى في الفصاحة وبلاغة التعبير لأن فيه سمواً في قوة السبك وحسن التعبير، مما جعل البلغاء والنقاد والدارسين يكثرون من الحديث عن إعجاز القرآن ويؤلفون فيه الكتب العديدة . وهو أول ظاهرة نثرية فنية مكتوبة عند العرب ، ولنثره خصائص ، أهمها أنه مجزأ في سور وآيات ، تقوم على فواصل تحاكي أحياناً قوافي الشعر ، وعلى نظام من التوازن والازدواج ، والسجع فيه كثير ولكنه غير ملزم . ويختلف أسلوب القرآن الكريم بين الآيات المكية وهي زاجرة قوية خطابية اللهجة ، وقصيرة مسجعة فيها حرارة مؤثرة وخصب الخيال وقوة العاطفة وفيض الشاعرية وجزالة الألفاظ والتكرار والقسم واستخدام أدوات التوكيد . أما الآيات المدنية فأكثرها تشريع وتنظيم للدولة وتفصيل للعبادات والمعاملات ، ولذلك كان أسلوبها هادئاً وعباراتها طويلة وألفاظها رقيقة ، ويمتاز أسلوب القرآن بالتمثيل والتصوير وعرض الأفكار والمجردات عرضاً حسياً قصد الإفهام والإنذار والتذكير والإقناع ، كما يضم الالتفات البليغ والقصص والإيجاز والبلاغة المحكمة .
أما الحديث النبوي الشريف فقد كان له أبلغ الأثر في اللغة والأدب ، أمدهما بمعان جديدة ، واستعمل كثيراً من الألفاظ لمصطلحات خاصة ، كما اجتهد الأدباء والشعراء بالاقتداء به والاقتباس منه واستخدام تراكيبه الفنية الجديدة . كما اهتم رواة الحديث بالتدقيق في صحته وسنده ، والمنهج العلمي في نقله وحفظه ودراسته .
إن ظهور الإسلام كان أعظم حدث في تاريخ العرب ، تبدلت معالم حياتهم ومقاييسها ونظمها ، قضى الإسلام على الوثنية ، وحارب الخرافات والأوهام كالعرافة والقيافة والكهانة ، ودعا الناس إلى طلب العلم والمعرفة ، ومحا العصبية القبلية وجعل القبائل أمة واحدة استطاعت مواجهة الفرس والروم مواجهة الند للند . حدد الإسلام الحقوق والواجبات ، وشرع العبادات ، ونظم المعاملات ، وقضى على الثأر ، وعقد القضاء وحدد الجنايات والحدود ، وأقر الأحوال الشخصية . واستطاع الإسلام باختصار أن يرقى بالفرد من طور البداوة إلى أعلى مايمكن للمجتمع الإنساني أن يصل إليه في المستوى الحضاري ، بفترة قياسية لم يعهدها الإنسان من قبل .
لم يحرم الإسلام قول الشعر ، وما أكثر الشعراء من الصحابة وقد قال عمر وعلي رضي الله عنهما الشعر ، وقيل إن أبا بكر كان شاعراً أيضاً . ويمكن تقسيم الشعراء إلى أربع فئات :
الأولى تركت الشعر وانصرفت إلى عبادة الله ، ومن هؤلاء لبيد بن ربيعة العامري وهو من أصحاب المعلقات ، وقد أرسل إليه المغيرة بن شعبة ، وكان والي الكوفة ، أن يرسل إليه بعض ماقال من شعر في الإسلام ، فكتب سورة البقرة على صحيفة وأرسلها قائلاً : لقد أبدلني الله هذه في الإسلام مكان الشعر .
الثانية أن شعراء الكفار قاموا بهجاء المسلمين والنبي ، وكره الناس تدوين هذا الشعر فاندثر وطمس .
الثالثة من الشعراء المؤمنين الذين ردوا على الكفار يدافعون بشعرهم عن النبي ويتغنون بالإسلام وفضائله ومن هؤلاء حسان بن ثابت الأنصاري وكعب بن مالك وعبدالله بن رواحة وكعب بن زهير .
الرابعة هم جماعة من الشعراء الذين ظلوا يقولون الشعر كما كانوا في الجاهلية منهم النابغة الجعدي ومتمم بن نويرة وأبو محجن الثقفي والحطيئة .
وقد تضمن الشعر الإسلامي نفحات من القرآن الكريم والحديث الشريف كما دخلت معاني جديدة كالتقى والورع والزهد والرغبة في الآخرة والحكمة الدينية ، كما أصبح الشعر أكثر رقة وعذوبة وأسهل فهماً ، فألفاظه مألوفة ومعانيه واضحة وتراكيبه مشرقة ، وذلك لأن الإسلام رقق طباع الناس كما صقل القرآن الكريم أذواقهم ، ولم يعد لبعض المواضيع أهمية تذكر كالمديح وظهرت أنواع أخرى كالشعر الديني والسياسي وذكر الفتوحات ومآثر الخلفاء . وازداد اهتمام الناس بالأمثال والحكم ، وجودته تتركز في الإيجاز وقوة السبك وحسن التأليف والعناية بالموسيقى اللفظية والتأثر بالقرآن الكريم والحديث الشريف ، كما تميزت معانيها بالعمق ودقة الملاحظة والشمول الإنساني .
الشعراء المخضرمون بين الإسلام والجاهلية
أبو بكر الصديق رضي الله عنه
هنيئا زادك الرحمــن خيــــرا فقــد أدركــت ثأرك يا بلال
فلا نكســا وجدت ولا جبانــا غداة تنوشك الأسل الطوال
إذا هــاب الرجـــال ثبت حتى تخالط أنت ما هاب الرجال
على مضض الكلوم بمشرفي جلا أطراف متنيه الصـقال
أبو ذؤيب الهذلي
هو شاعر مخضرم بين الإسلام والجاهلية ، أسلم على عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلا أنه لم يره . وبلغه أن رسول الله عليل ، و قال في ذلك : علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم عليل فركبت ناقتي وسرت ، وقدمت المدينة ولها ضجيج بالبكاء.
فقلت : "مه . قالوا : قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت إلى المسجد فوجدته خالياً فأتيت بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصبت بابه مرتجاً وقيل هو مسجى وقد خلا به أهله فقلت : أين الناس فقيل : في سقيفة بني ساعدة صاروا إلى الأنصار ".
وأكمل قائلاً : "فجئت إلى السقيفة فأصبت أبا بكر وعمر وأبا عبيدة بن الجراح وسالماً وجماعة من قريش ورأيت الأنصار فيهم سعد بن عبادة بن دليم وفيهم شعراء وهم : حسان بن ثابت وكعب بن مالك وملأ منهم فآويت إلى قريش وتكلمت الأنصار فأطالوا الخطاب وأكثروا الصواب وتكلم أبو بكر فلله دره من رجل لا يطيل الكلام ويعلم مواضع فصل الخصام والله لقد تكلم بكلام لا يسمعه سامع إلا انقاد له ومال إليه، ثم تكلم عمر بعده ومد يده فبايعه وبايعوه ورجع أبو بكر ورجعت معه " . قال أبو ذؤيب: " فشهدت الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم وشهدت دفنه صلى الله عليه وسلم". ثم انصرف أبو ذؤيب إلى باديته فأقام بها . وتوفي أبو ذؤيب في خلافة عثمان بن عفان بطريق مكة قريباً منها ودفنه ابن الزبير . وقيل : مات في غزوة إفريقية بمصر منصرفاً بالفتح مع ابن الزبير فدفنه . وقيل : إن أبا ذؤيب مات غازياً بأرض الروم ودفن هناك .
وقيل : أبرع بيت قالته العرب بيت أبو ذؤيب : " والنفس راغبة إذا رغبتها " وهذا البيت من قصيدة يرثي فيها بنيه الخمسة وأصيبوا في عام واحد وفيه حكم وشواهد .
مختارات من شعره :
أنشد أبو ذؤيب يبكي النبي صلى الله عليه وسلم :
رأيت النـــــاس في عســـــــلاتهم مابيــــن ملحـــــود له ومضـــــرح
فهناك صرت إلى الهمـــــوم ومن يبت جار الهموم يبيت غير مروح
كســفت لمصرعه النجوم وبدرها وتزعــــزعت آطـــام بطن الأبطح
وتزعزعت أجبــــــال يثرب كلها ونخيلهــــا لحلــــــول خطب مفدح
ولقد زجــــرت الطيــر قبل وفاته بمصـابه وزجرت ســــــعد الأذبح
وزجرت أن تعب المشحج سانحاً متفائـــــــلاً فيـــــه بفــــــأل الأقبح
*****
مطلع قصيدته في أبنائه :
أمن المنـــــون وريبها تتوجع والدهر ليس بمعتب من يجزع
قالت أمامة ما لجسمك شاحباً منذ ابتذلت ومثـــل مـــالك ينفع
وإذا المنيــة أنشــبت أظفـارها ألــفيـــت كل تــميـــمة لاتــنـفــع
والنفـــس راغبــة إذا رغبتهــا وإذا تـــرد إلى قـلــيــــل تــقـنـع
أبو سفيان بن حرب
لقد علمت قريش غير فخر بأنا نحن أجودهم حصانا
وأكثرهم دروعا ســـابغات وأمضاهم إذا طعنوا سنانا
وأدفعهم عن الضراءعنهم وأبينهم إذا نطقوا لســـــانا
أبو طالب
هو عبد مناف بن عبدالمطلب بن هاشم الملقب بأبي طالب من قريش ( 85 – 3 ) قبل الهجرة ( 540 – 619 ) للميلاد , عم النبي صلى الله عليه وسلم ، نشأ النبي في بيته، وأخذه معه في تجارته ، ولما بعث النبي حماه من كفار قريش حتى مات ، وذلك في نفس العام الذي توفيت فيه أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها ، وسماه النبي عام الحزن . وهو والد الإمام علي بن أبي طالب وجعفر الشهيد ، كان من زعماء قريش وسادات مكة كما كان خطيباً وشاعراً .
مختارات من شعره :
يقولون لي : دَعْ نَصْرَ مَن جاءَ بالهُدى غالـــبْ لنا غِلابَ كلِّ مُغـــالبِ
وســـــــلِّمْ إلينــــا أحمــــــداً واكْفَلَّنْ لنا بُنَّياً ، ولا تَحفِلْ بقولِ المُـعاتبِ
فقلـــــتُ لـــــهُمُ: الله ربِّي وناصِــــري على كلِّ باغٍ من لؤيِّ بنِ غالبِ
قلْ لعبـــــدِ العُزَّى أخي وشَـــــــــقيقي وبَنـــي هاشـــــمِ جَميعـاً عِزينا
وصَـــــديقي أبي عِمارَةَ والإخـــــوانِ طُرّاً ، وأســــــرتي أجمعيـــــنا
فاعْلمَـــــــوا أنَّني لــــهُ نـــــاصـــــــرٌ ومُجـــــرٌّ بصَــــولتي الخاذِلينا
فانصُــروهُ للرِّحْمِ والنَّسَـــــــبِ الأدْنى ، وكونــــوا له يــــــداً مُصْــلتَينا
ابن مقبل
هو تميم بن أبي بن مقبل من بني العجلان من عامر بن صعصعة أبو كعب ( 70 ق.هـ - 37 ) للهجرة ( 554 – 657 ) للميلاد ، شاعر مخضرم بين الإسلام والجاهلية . عاش أكثر من مئة سنة ، وكان يهاجي النجاشي الشاعر ، ذكر معركة صفين التي وقعت سنة 37هـ .
مختارات من شعره :
طــــرَقَتْكَ زَيْنَبُ بَعْدَمَا طـــال الكَرَى دُونَ الْمَدِينَـــة ، غَيْرَ ذي أصْـحَابِ
إلا عِلافيّــــاً ، وسَــــــــيفاً مُلطــــــفاً وضِـــــبرَّةً وَجْنَــــاءَ ذَات هِبَـــابِ
طرَقتْ وَقَدْ شَــحَطَ الفُؤادُ عَنِ الصِّـو أتى المَشـــيبُ فحالَ دون شَـــــبابي
طرَقــتْ برَيَّا رَوْضَــــة وَسْـــــــمِيَّة غَـــــردٍ بذَابلِــــــها غِنَـــــــاءُ ذَبابِ
بقَــــــرارةٍ مُتــــــراكبٍ خَطْمِيُّـــــها والمِسْـــــكُ خالطــــــها ذكِيَّ مَلاَبِ
خَـــــوْدٌ مُنَعَّمَــــــةٌ كأنَّ خِلافَـــــــها وَهْنـــــاً إذَا فَررَتْ إلى الجِلْبـــــابِ
دِعْصــــا نَقاً ، رَفَدَ العَجــــاجُ ترابَهُ ، حُرّ ، صــــــبيحةَ دِيمَــــــة وذِهابِ
قَفْر ، أحــــاط بـهِ غَواربُ رَمْلـــــةٍ تَثني النِّــــعَاجَ فُرُوعُهُنَّ صِـــــعَابِ
ولقدْ أرانـــــا لا يَشــــــيعُ حديثُنـــــا في الأقَربينَ ، وَلاَ إلى الأجْنَـــــابِ
ولقدْ نعيــــشُ وواشِـــــــيانا بينَنـــــا صَــــلِفَانِ ، وَهْيَ غَريــرَةُ الأتْرَابِ
إذْ نحنُ محتفِظـــــانِ عَيْنَ عدوِّنـــــا في رَيِّــــق مِنْ غِـــرَّةٍ وَشــــــــبَابِ
تَبْدُولِغَـــــرَّتِنَا ، وَيخَفْى شَـــــخْصُها كطلـوعِ قرْنا الشـــمسِ بعدَ ضبـابِ
تَبْدُو إذَاغَفَــــلَ الرَّقِيــــبُ وَزَايَلـــتْ عَيْنُ المُحِـــــبِّ دُونَ كُلِّ حِجَـــــابِ
لفظتْ كُبَيْشَـــــةُ قوْلَ شَـــــكٍّ كَاذِبٍ مِنْهَا ، وَبَعْضُ القولِ غيْرُ صَـــوَابِ
قوْمِي فَهَلاَّ تَسْــــــــألِينَ بِعِـــــــزِّهِمْ إذْ كَانْ قوْمُــــكِ مََـــوِعَ الأذْنَـــــابِ
مُضَـــرُ التي لا يُســـــتباحُ حَريمُـها والآخِـــــذونَ نَوافِــــــلَ الأنْهــــابِ
والحـــائِطونَ فلا يُــرامُ ذِمَـــــارُهُمْ وَالحافظـــــونَ مَعاقِدَ الأحْســــــابِ
مابينَ حِمْصَ وحَضْرَمَوْتَ نَحُوطَـهُ بســــــــيوفِنا مِنْ مَنهَـــــل وتُــرابِ
في كُـــلِّ ذَلِكَ يا كُبِيْـــشَ بُيُـــــوتُنَا حِلقُ الحُلــــولِ ثوابتَ الأطْنـــــــابِ
آطـامُ طِيـــــنٍ شَـــــــيَّدَتْها فــارسٌ عندَ السُّــــــيُوحِ رَوافِــد وقِبــــــــابِ
نرمي النــــــوابِحَ كُلَّما ظهـرَتْ لنا وَالحَـقُّ يَعْـــــــرفُهُ ذَوُو الألبَـــــــابِ
بكتَـائبٍ رُدُح ، تَخَــــالُ زُهَـــاءَهَا كالشِّـــعْبِ أصبحَ حاجــــزاً بضَنَــابِ
وَالزَّاعِبيَّــــــة رُذَّماً أطْرَافــــــــهَا وَالخَيْلُ قدْ طُويَـــــتْ إلى الأصْـــلاَبِ
مُتَسَــــــــرْبِلاَتٍ في الحَدِيدِ تَكُفُّـهَا شَــــــــــقّيَّةٌ يُقْــــرعْـــنَ بالأنيــــــابِ
مُتَفَضِّـــــخَاتٍ بالحَمِيــــمِ ، كَأنَّـمَا نُضِـحَتْ لُبُودُ سُـــــرُوجهَا بِذِنَــابِ
حُــوٍ وَشُـــــقْرٍ قَــرَّح مَلْبُونَـــــــةٍ جُلُح مُبَــــرِّزَة النِّـــــــجَار عِــرَابِ
مِنْ كُلِّ شَـــوْحَطةٍ رَفِيع صَــدْرُهَا شَــــــــقَّاءَ تَسْــــبقُ رَجْعَةَ الكَلاَّبِ
وَكُلِّ أقْـــوَدَ أعْـــوَجِيٍّ سَــــــــابِح عَبْلِ المُقَلَّـــــدِ لاَحِقِ الأقَـــــــرَابِ
يَقِصُ الذُّبَاب بطــــــرْفِهِ وَنثِيـــرهِ ويُثِيـــــرُ نَقْعاً في ذُرَى الأظْـرابِ>
وسُــــــلاَح كلِّ أشَـــــــــمَّ رابِــطٍ عندَ الحفـــــاظِ مُقلِّص الأثـــــوابِ
بالمَشْــــــرَفيِّة كُلُّما صــالوا بــها قطعَـتْ عِظـام ســــــواعدٍ ورقابِ
الأقيشِر الأسَدِيّ
هو المغيرة بن عبدالله بن مُعرض الأسدي ، أبو معرض ( ؟ - 80 ) للهجرة (؟-699) للميلاد ، لقب بالأقيشر لأنه كان أحمر الوجه أقشر وكان يغضب إذا دُعي به . شاعر مخضرم بين الإسلام والجاهلية عرف بالهجاء ، أقام في بادية الكوفة وتردد على الحيرة ، ولد في الجاهلية ، ونشأ في أول الإسلام ، وعاش وعمّر طويلاً وكان من رجال عثمان بن عفان ( رضي الله عنه ) ، وأدرك الخلافة الأموية حتى عهد الخليفة عبدالملك بن مروان ، وقتل بظاهر الكوفة خنقاً بالدخان . ويقال إنه كان أحد مَجّان الكوفة وشعرائهم ، هجا عبدالملك ورثى مصعب بن الزبير .
مختارات من شعره :
وَسَألتَنِي يَوْمَ الرَّحِيلِ قَصَائِداً فَمَلأتُهُنَّ قَصَــــائِداً وَكِتَابَا
إنِّي صَدَقَتُكَ إذْ وَجَدْتُكَ كَاذِباً وَكَذَبْتَنِي فَـــوَجَدْتَنِي كَذَّابَا
وَفَتَحْــــتُ بَاباً للخِيانَةِ عَامِداً لمّا فَتَحْتَ مِنَ الخِيَانَةِ بَابَا
أقُولُ وَالكَــــأسُ فِي كَــــفِّي أقَلِّبُها أخَاطِبُ الصِّـــــيدَ أبْنَــاءَ العمالِيقِ
إنِّي يُذكرُنِي هِنْداً وَجَـــارَ بالطَّفِّ صَـــــــوْتُ حَمَامَـــــاتٍ عَلى نِيقِ
أقْنَى تِلاَدِي وَمَا جَمَّعْتُ مِنْ نَشَبٍ قَرْعُ القَوَاقِيــــزِ أفْـــــوَاهَ الأبَاريقِ
كـــأنَّهُنَّ وأيْدِي الشَّــــرب مُعْمَلةٌ إذَا تَلألأنَ فِي أيْــــدِي الغــــرَانِيقِ
بَنَـــاتُ مَــــاءٍ مَعاً بيضٌ جَآجِئُهَا حُمْـــرٌ مَنَاقِيــــرُها صُفْرُ الحَمَالِيقِ
أيْدِي سُــقاةٍ تَخِزُّ الأرْضَ مُعْمَلةً كَأنَّــــما أوْبُــــــها رَجْعُ المَخَاريقِ
هِيَ اللَّـــــذَاذَةُ مَالمْ تَأتِ مَنْقَصَةً أوْ تَرْمِ فِيهَا بسَــــهْمِ سَــاقِطِ الفُوقِ
عَليْكَ كُلُّ فَتىً سَــــــمْح خَلاَئِقُهُ مَحْضِ العُرُوقِ كَريمٍ غَيْرِ مَمْذُوقِ
وَلاَ تُصَـــاحِبْ لئِيماً فِيهِ مَفْرَقَةٌ وَلاَ تَــــزُورَنَّ أصْــــحَابَ الدَّوَانِيقِ
لاَ تَشْــــرَبَنْ أبَداً رَاحاً مُسارَقَةً إلاّ مَعَ الغُــــرِّ أبْنَـــــاءِ البَطـــاريقِ
أمية بن أبي الصلت
هو أمية بن عبدالله ابن أبي الصلت بن أبي ربيعة الثقفي ، وأمه رقية بنت عبد شمس بن عبد مناف وأخواله من قريش ، شاعر ثقيف في الطائف ، عاصر النبي صلى الله عليه وسلم ، قيل أنه كان على دين إبراهيم عليه السلام ( الحنيفية ) قبل الإسلام ، وله شعر في توحيد الله عزوجل ، ويتجنب الأصنام ويبتعد عنها ، وكان لا يشرب الخمر ويحرمها على نفسه .
لك الحمد ولك النعماء أأذكر حاجتي اقتــــرب الوعد جــــزى الله الأجــــل
ذهب إلى الشام واطلع على الكتب القديمة ، وعاد إلى بلاده وبشر بظهور النبي ، وهو أول من بدأ الكتابة بعبارة ( باسمك اللهم ) فكتبتها قريش .
حَسّان بن ثابت
حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري ، أبو الوليد ( ؟قبل الهجرة – 54 للهجرة ) ( ؟ - 673 ) للميلاد ، شاعر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، من المخضرمين ، عاش بين الإسلام والجاهلية ، ستين سنة في الجاهلية ومثلها في الإسلام ، وكان من سكان المدينة .
واشتهرت مدائحه في الغسانيين وملوك الحيرة قبل الإسلام ، وأصيب بالعمى قبل وفاته . لم يشهد مع النبي ( صلى الله عليه وسلم ) مشهداً لعلة أصابته . وتوفي في المدينة . قيل : كان فضل حسان على الشعراء بثلاثة : كان شاعر الأنصار في الجاهلية ، وشاعر النبي في النبوة ، وشاعر اليمانيين في الإسلام . كان كفار قريش لا يتورعون عن هجاء النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال حسان أأهجوهم يارسول الله؟ قال النبي : كيف تهجوهم وأنا منهم ؟ قال حسان : أستلك كما تستل الشعرة من العجين وذهبت مثلاً .
مختارات من شعره :
وأحسنُ منكَ لم ترَ قَطُّ عيني وَأجْمَلُ مِنْكَ لمْ تَلِدِ النّسَاءُ
خلقـــتَ مبرءاً منْ كلّ عيبٍ كأنكَ قدْ خلقتَ كما تشـاءُ
*****
عفتْ ذاتُ الأصــــــابعِ فالجـــــواءُ ، إلى عـــــذراءَ منزلـــــها خـــلاءُ
دِيَـارٌ مِنْ بَني الحَسْـــــحَاسِ قَفْــــرٌ ، تعفيها الروامــــسُ والســـــــماءُ
وَكَـــانَتْ لا يَـــزَالُ بهَــا أنِيـــــــسٌ ، خِلالَ مُرُوجــــهَا نَعَمٌ وَشَــــــاءُ
فـــدعْ هذَا ، ولكـن منْ لطــــــــيفٍ ، يُؤرّقني إذَا ذَهَــــبَ العِشــــــاءُ
لشـــــــــعثاءَ الـتي قـــــدْ تيمتــــــهُ ، فليـــــسَ لقلبهِ منـــــها شـــــفاءُ
كَــأنَّ خَبيــــأةٍ مِــن بَيـــــــتِ رَأسٍ يَكـــونُ مِزاجَها عَسَــــــلٌ وَماءُ
عَلى أنْيَابِـــــهَا ، أوْ طعْم غَـــــضٍّ منَ التفاح هصـــــرهُ الجـــــناءُ
إذَا ما الأســــــرباتُ ذَكرنَ يـــوماً ، فَهُـــــنّ لِطّيــــبِ الرَاح الـفِــدَاءُ
نُوَلّيَـــــها المَلامَـــةَ ، إنْ ألِمْنَــــــا ، إذَا ما كــانَ مغـــــثٌ أوْ لــــحاءُ
ونشـــــربها فتتـــركنا ملــــــــوكاً ، وأســـــــداً ما ينهنــهنا اللــــــقاءُ
عَدِمْنَـــــا خَيْلنَــــا ، إنْ لم تَرَوْهَـا تُثِيرُ النَّقْــــعَ ، مَوْعِـــدُها كَـــدَاءُ
يُبَــارينَ الأســــــنّةَ مُصْـــــعِداتٍ ، عَلى أكْتَافِــهَا الأسَـــــلُ الظّـــماءُ
تَظـــــــلُّ جِيَـــادُنَا مُتَمَطِّــــــرَاتٍ ، تلطمــــهنَ بالخمــــرِ النســـــــاءُ
فإمــــا تَعرضــــــوا عنا اعتمرنا ، وكانَ الفَتْحُ ، وانْكَشَـــــفَ الغِطاءُ
وإلا ، فاصـــــبروا لجـلادِ يـــوم ، يعـــــــزُّ اللهُ فيــــــهِ منْ يشــــــاءُ
وَجِبْـــــــريلٌ أمِيـــــنُ اللهِ فِينَـــــا ، وَرُوحُ القُـــدْسِ ليْــسَ لهُ كِفَـــــاءُ
وَقَالَ اللهُ : قدْ أرْسَـــــــلتُ عَبْـــداً يقولُ الحـــقَّ إنَّ نَفَـــــعَ البـــــلاءُ
شَــــــهدْتُ بهِ ، فَقُومُوا صَــدِّقُوهُ! فَقَلــتمْ : لا نقـــــومُ ولا نشــــــــاءُ
وَقَـــالَ اللهُ : قدْ سّـــــيـرْتُ جُنْـداً ، هُم الأنصـارُ ، عرضــــــتها اللقاءُ
لنــــــا في كلّ يـــــومٍ منْ معــــدٍّ سِـــــبابٌ ، أوْ قِتَالٌ ، أوْ هِجــــــاءُ
فنحـــكم بالقـــــوافي منْ هـــجانا ، ونضـــربُ حينَ تختلط الدمـــــــاءُ
ألا أبلـــغْ أبــا ســـــــفيانَ عنـــي ، فَأنتَ مجـــــوفٌ نخـــــــبٌ هـــواءُ
وأن ســــيوفنا تركتـــك عبــــــداً وعبد الدار ســـــــادتها الإمـــــــاءُ
كَأنّ سَــــــبيئَةً مِنْ بَيْـــــتِ رَأسٍ ، تُعفيِّــــــــها الرّوَامِــسُ والسّـــــمَاءُ
هجوتَ محمـــــداً ، فأجبـتُ عنهُ ، وعنـــــــــــدَ الله في ذاكَ الجــــزاءُ
أتَهْجُوهُ ، وَلسْــــــــتَ لهُ بكُــفءٍ ، فَشَـــــرَّكُما لِخَيْـــــركُمَا الفِـــــــــداءُ
هجـوتَ مبـــاركاً ، براً ، حنيفاً ، أميــنَ اللهِ ، شـــــــيمتهُ الوفاءُ
فمَنْ يَهْجُــــو رَسُــــــــولَ مِنْكُمْ ، ويمـدحهُ ، وينصـرهُ ســـــواءُ
فإنّ أبي وَوَالــــــدَهُ وَعِرْضـــي لعرضِ محمــــدٍ منــــكمْ وقاءُ
فإمــــــا تثقفــــنّ بنــــــــو لؤيٍ جُذَيْمَــةَ ، إنّ قَتْلَـــهُمُ شِـــــفَاءُ
أولئـكَ معشـــــرٌ نصروا علينا ، فَفي أظفـــــارنا منهمُ دمـــــاءُ
وَحِلْفُ الحارثِ بْن ابي ضِرَارِ ، وَحِلْــــفُ قَرَيْظةٍ مِنّــا بَــــرَاءُ
لســـــــاني صارمٌ لا عيبَ فيـهِ ، وَبَحْـــري لا تُكَـــدِّرُهُ الّــدلاءُ
الحطيئة
هو جرول بن أوس بن مالك العبسي ، نشأ في بني عبس ولكنه ليس منهم فعاش محروماً مظلوماً ، ويكنى أبو مليكة ، تكسب من شعره مدحاً أم هجاء وهجاؤه كثير . دخل الإسلام في عهد الخليفة الأول أبي بكر الصديق وارتد ثم عاد ، اشتد في هجاء الناس صغيرهم وكبيرهم لم يستثن أحداً، وفي يوم هجا الزبرقان بن بدر سيد تميم فشكاه إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فسأله عمر : وماذا قال ؟ أجاب الزبرقان : لقد قال :
دع المكارم لا ترحل لبغيتــــها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
فقال عمر : لا أسمع هجاء بل عتابا . فقال الزبرقان : أولاً تبلغ مروءتي إلا أن آكل وألبس ؟! فدعا عمر الشاعر حسان بن ثابت ، وسأله إن كان هجاء أم عتاباً ؟ فأجاب حسان : إنه هجاء وأي هجاء . وحبس عمر الحطيئة في جب ، وأرسل الحطيئة أشعاراً يستعطفه بها ، ولم يلتفت إليه عمر ، حتى أرسل الحطيئة أبياتاً من الشعر مع الصحابي الجليل عبدالرحمن بن عوف يقول فيها :
ماذا تقول لأفـــراخ بذي مــــرخ زغب الحواصل لا ماء ولا شجر
ألقيت كاســـــبهم في قعر مظلمة فاغفــر عليك ســــــلام الله ياعمر
أنت الإمام الذي من بعد صاحبه ألقت إليك مقـــاليد النهى البشـــــر
فأطلقه عمر بعد أن اشترى منه أعراض المسلمين بثلاثة آلاف درهم ، وأخذ عليه عهداً أن لايهجو أحداً ، غير أن الحطيئة عاد للهجاء فور وفاة عمر رضي الله عنه .
كان لايرى بأساً في هجاء أبيه فقال :
فبئس الشيخ أنت لدى المخازي وبئس الشيخ أنت لدى المعالي
وقال :
جمعت اللؤم لاحياك ربي وأبواب السفاهة والضلال
وهجا أمه فقال :
جزاك الله شـراً من عجوز ولقاك العقوق من البنينا
تنحي فاجلـــسي مني بعيداً أراح الله منــك العالمينا
أغربالاً إذا استودعت سراً وكانـونا على المتحدثينا
كما هجا نفسه حيث قال :
أبت شــــفتاي اليــوم إلا تكلما بهجو فما أدري لمن أنا قائله
أرى اليوم لي وجهاً فلله خلقه فقبح من وجــــه وقبح حامله
وأوصى أن يكتب على كفنه :
لا أحد ألأم من حطيئة هجا البنين وهجا المريئة
غير أنه كان عطوفاً على بناته وزوجه ، وقد أزمع يوماً على السفر ولما استوى على راحلته ، قالت له زوجه :
اذكر تحنناً إليك وشوقنا واذكر بناتك إنهن صغار
فنزل عن راحلته وقال : حطوا الرحال ، لا أغادر إلى سفر أبداً .
تميز شعر الحطيئة بقدرته على سرد القصة بأسلوب جميل ودقة شفافة .
مختارات من شعره :
وطاوي ثلاث عاصــب البطن مرمل ببيداء لم يعرف بها ســــاكن رسما
أخي جفـوة فيه من الأنس وحشــــــة يرى البؤس فيها من شراسته نعمى
وأفرد في شــــــعب عجــوزاً إزاءها ثلاثة أشــــــــباح تخالـــــــــهم بهما
حفــاة عــــراة ما اغتــــذوا خبز ملّة ولا عرفوا للخبز مذ خلقـــوا طعــما
رأى شــــــبحاً وســـط الظلام فـــراعه فلما بدا ضـــيفاً تســــــــوّر واهتــمّا
فقـــال ابنــــه لمـــــا رآه بحيـــــــرة أيا أبتي اذبحني ويسّــــــر له طعــما
ولا تعتــذر بالعـــدم على الذي ترى يظن لنا مــــــالاً فيوســــــــعنا ذمـــا
فروّى قليـــــلاً ثم أجحــــــم بــرهة وإن هو لم يذبــــح فتـــــاة فقـــد همّا
وقال هيا ربّاه ، ضــــيف ولا قرى ؟ بحقــك لا تحرمه تالليلـــــة اللحـــما
فبيناهمـــــا عنــت على البــعد عانة قد انتظمت من خلف مســــلحها نظما
عطاشاً تريد الماء فانســاب نحوها على أنــــه منهــــــا إلى دمــــها أظما
فأمهلها حتى تـروت عطاشـــــــها فأرســـــــل فيها من كنانته ســـــــهما
فخرّت كلوص ذات جحش سمينة قد اكتنزت لحماً وقد طبقت شــــــحما
فيابشــــــره إذ جــــرّها نحو قومه ويابشـــــرهم لما رأوا كلمـــــها يدمى
فباتوا كراماً قد قضوا حق ضيفهم فلم يغرموا غرماً وقد غنمـوا غنــــــما
وبات أبوهم من بشــــــاشــــته أباً لضيفهم والأم من بشــــــــرها أمـــــــا
الخنساء
هي تماضر بنت عمرو بن الشريد من بني سليم ( ؟ - 645 ) ، وعرفت بالخنساء لارتفاع أرنبتي أنفها ، أو تشبيهاً للخنساء وهي البقرة الوحشية المعروفة بجمال عينيها عند العرب أو الخنساء الظبية تشبيهاً لجمال الظباء . أشهر شاعرات العرب وأرفعهن مكانة ، شاعرة الرثاء والحزن والبكاء في الجاهلية ، سكنت هضبة نجد ، وتزوجت ابن عمها رواحة بن عبدالعزيز السلمي ثم مرداس بن أبي عامر السلمي ، رثت أخويها معاوية ثم صخر أحب أهلها إلى قلبها وقد كان عزيزاً مهاباً حليماً جواداً، بكته حتى تداول العرب مراثيها ، وقال النابغة : الخنساء أشعر الجن والإنس. ولما ظهر الإسلام، وفدت مع قومها وأسلمت ، وقيل رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أعجب بشعرها وكان يقول لها : هيه أسمعينا يا خناس . وكما اشتهرت بحزنها فقد تميزت بإيمانها وصبرها ففي معركة القادسية ( 627م ) قالت لأولادها الأربعة : يابني لقد أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين ، ووالله الذي لا إله إلا هو إنكم بنو امرأة واحدة ... فإذا أصبحتم غداً إن شاء الله سالمين ، فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين ، وبالله على أعدائه مستنصرين ، تظفروا بالغنم والكرامة في دار الخلد والمقامة . واستشهد أولادها الأربعة ، ولما بلغها الخبر قالت : الحمد لله الذي شرفني بقتلهم ، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته . وماتت الخنساء في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنهما .
مختارات من شعرها :
قــــذى بعينــــــك أم بالعيـــــن عوار أم ذرفت إذ خلت من أهلها الدار
كأن عيني لذكـــــراه إذا خطــــــرت فيض يســيل على الخدين مدرار
تبكي لصـخر هي العبرى وقد ولهت ودونه من جديد الترب أســـــتار
تبكي خنـــاس فما تنفـــــك ماعمرت له عليــــه رنيــــن وهي مفتـــار
تبكي خنـــاس على صخر وحق لها إذ رانهــا الدهر إن الدهر ضرار
يا صــــــخر وراد ماء قد تنـــــاذره أهل المــــــوارد مافي ورده عار
يومــــــاً بأجود مني يـــــوم فارقني صــــــخر والدهر إحلاء وإمرار
وإن صــــــخراً لوالينا وســــــــيدنا وإن صــــخراً إذا نشـــــتو لنحار
وإن صــــــخراً لمقــــدام إذا ركبوا وأن صــــخراً إذا جاعــــوا لعقار
وإن صــــــخراً لتأتم الهـــــــداة به كأنــه علم في رأســــــــه نــــــار
جلد جميـــــل المحيا كامــــل ورع وللحـروب غداة الروع مســــعار
حمـــــال ألوية هبـــــــاط أوديــــــة شــــــــهاد أندية للجيـــــش جرار
لم تره جارة يمشـــي بســـــــاحتها لريبــــة حين يخلي بيته الجــــالر
ولا تـــــراه وما في البيت يأكــــله لكنـــــه بارز في البيـــت مهــمار
ومطعم القوم شـــحماً عند مسغبهم وفي الجدوب كريم الجد ميســـار
قد كان خالصتي من كل ذي نسب فقد أصـــــيب فما للعيــش أوطار
في جــــــوف لحد مقيم قد تضمنه في رمســــــه مقمطرات وأحجار
طلق اليدين لفعل الخيــــر ذو فجر ضــخم الدســــيعة بالخيرات أمار
خولة بنت الأزور
هي أخت ضرار بن الأزور ، شاعرة من قبيلة كندة ، كانت فارسة بارزة في أشهر المعارك تحت إمرة خالد بن الوليد ، ولها أخبار كثيرة. توفيت آخر عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وأكثر شعرها في الفخر .
الشماخ الذبياني
هو الشماخ بن ضرار بن حرملة بن سنان المازني من ذبيان من غطفان ، ويقال هو معقل بن ضرار ، ولقب بالشماخ ( ؟ قبل الهجرة – 22 للهجرة ) ( ؟ - 642 ) للميلاد، وهو شاعر مخضرم ، عاش بين الإسلام والجاهلية ، جيد الشعر ، وكان يقول شعره على البديهة ، شهد القادسية ، واستشهد في غزوة موقان . وله أخبار كثيرة .
مختارات من شعره :
أتَعْــرفُ رَسْـــــــماً دارســــــاً قدْ تَغّيـــرا بذَرْوةَ أقَــــوى بَعْـــــدَ ليلى وأقَفَـرا
كمـــا خــطَّ عبـــــرانيــــــةً بيمينــــــــــهِ بتيمــاءَ حبرٌ ثمّ عرضَ أســـــــطرا
أقـولُ وقد شــــــــدّتْ برحــــليَ نــــاقني ونَهْنَهْــــتُ دمــــعَ العينِ أنْ يتحدّرا
على أمّ بيضـــاءَ الســـــــلامُ مضــــاعفاً عديدَ الحصى مابين حمصَ وشيزرا
وقلــــــتُ لهـــــا : ياأمَّ بيضــــــاءَ إنــــهُ كذلك بينا يعرفُ المـــــرءُ أنكـــــرا
فقوْلُ ابْنَتي أصْــبَحْتَ شــــيخاً ومن أكُنْ لهُ لدةً يصبحُ من الشـــــيبِ أوجــرا
كأنَّ الشِّــــــبابَ كانَ رَوْحـــــة راكـــبٍ قضى أرباً من أهل سقفٍ لغضــورا
لقومٌ تصـــابِبــــِتُ المعيشـــــةَ بعــــدهمْ أعــــزُّ عليَّ من عِفــــــاءٍ تَغَيَّــــــرا
تَذَكَّــرْتُ لمّــــا أثقَـــــلَ الَّدينُ كاهـــــلي وصـــــــانَ يَزيدُ مالــــهُ وتَعَـــــذَّرا
رجــــالاً مضــــوا فلســــــتُ مقايضــاً بهمْ أبداً منْ ســـــائرِ الناسِ مَعْشـرا
ولمَــا رأيتُ الأمْـــرَ عَــــــرْش هَويَّـــةٍ تَســـــلَّيْتُ حاجاتِ الفؤادِ بِشَــــــمَّرا
فقربتُ مبـــراةً تخــــــالُ ضـــــلوعــها من الماســــخياتِ القســـــيَّ المؤترا
جُمـاليّةُ لو يُجعلُ السَّـــــــيفُ غَرْضَـها على حدهِ – لاســتكبرتْ أن تضورا
ولا عَيْـــبَ في مكروهِـــــها غيرَ أنّــهُ تَبَدَّلَ جَوْنــــاً بَعْدما كـانَ أزْهــــــرا
كـــأنَّ ذراعيــــــها ذراعـــــــاً مدلـــــةٍ بُعَيْدَ السِّـــــــبابِ حاوَلتْ أنْ تَعــذَّرا
مُمجَّـــدةِ الأعْـــراقِ قــــال ابنُ ضَـــرَّةٍ عليها كلاماً جـــارَ فيهِ وأهجـــأ را
تقــــولُ لــــها جاراتُــــــها إذْ أتَيْنـــــها يحقُّ لليلى أنْ تعـــــانَ وتنصــــــرا
يَغَـــــرْنَ لِمِبْــــهاجِ أزالــــتْ حَليلــــها غَمامةُ صـــيْفٍ ماؤُها غيرُ أكَــــدرا
من البيض أعْطافاً إذَا اتَصـــلتْ دَعتْ فِراسَ بنَ غَنْمٍ أو لَقيـــط بنَ يَعْمُــرا
بها شَــــــرَقٌ من زَعْفــــرانٍ وعَنْـــبرٍ أطارَتْ من الحُسْـــنِ الرِّداءَ المُحبَّرا
تقـــــولُ وقد بلَّ الدمـــــوعُ خِمـــارَها : أبى عِفَتي ومَنْصِــــبي أنْ أعَيّــــــــرا
كأنَّ ابنَ آوى موثقٌ تحت غرضـــــها إذَا هُوَ لم يَكلِـــــمْ بنابِيْــــهِ ظفَّــــــــرا
كأنَّ بذفـــــراها منــــــاديلَ قارفـــــتْ أكُفَّ رجالٍ يعصِرُون الصَّـــــــنَوْبَرا
وتَقَسِـمُ طرفَ العيْنِ شــــــطراً أمامَها وشطراً تراهُ خشية الســـــوطِ أخزرا
لها مَنْسِـــــمٌ مِثلُ المَحــــارةِ خُفُّـــــــهُ كَأنَّ الحصى من خَلْفِهِ حَذْفُ أعْسَــرا
إذَا وردتْ مــــاءً هــــــدوءاً جمـــامهُ أصاتَ سَـــــديســــاها بهِ فَتَشَــــــوَّرا
وقد أنعلتــــها الشــــــــمسُ نعلاً كأنهُ قلــــوصُ نعامِ زفهـــا قدْ تمـــــــــورا
سرتْ من أعالي رحرحانَ فَأصبحتْ بفيـــــدٍ وباقي ليلهــــا ما تحســــــــرا
إذَا قطــــــعتْ فقــــاً كميتـــــاً بدا لها ســــــــماوةُ قفّ بين وردٍ وأشــــــقرا
وراحتْ رواحاً من زرودَ فنــازعتْ زبـالةَ جلبــــاباً من الليـــل أخضــــرا
فَأضحتْ بصحراءِ البُسَيْطةِ عاصِـفاً تولي الحصى سمرَ العجاياتِ مجمـرا
وأضحتْ على ماء العذيبِ وعينــها كوقبِ الصـــــفا جليســــــها قدْ تغورا
فلمّا دَنَتْ للبطن عاجَـــتْ جِرانَــــها إلى حارِكٍ يَنْمي بهِ غيـــــرُ أدْبــــــرا
وقد ألْبَسَـــــتْ أعلى البُرَيْدينِ غُــرَّةً من الشَّــــــمس إلباسَ الفتاةِ الحَـزَّورا
وأعرضَ من خفــــانَ أجمٌ يزينـــــهُ شـــــماريخُ باهي بانيـاهُ المشـــــــقرا
فروَّحَها الرجَّافَ خَوْصــاءَ تَحْتَــذي على اليـــمَ باريَّ العراق المضـــــفرا
تحـنُّ على شـــــــط الفراتِ وقدْ بـدا سُــــــهيلٌ لها من دونهِ سَـــرْوُ حِمْيَرا
ففاءتْ إلى قومٍ تريــــحُ رعــــاؤهمْ عليْهـــا ابنَ عِرسٍ والإِوَزَّ المُكَـــــفَّرا
إذَا ناهَبَتْ وُرْدَ البراذِينِ حَظَّـــــــها من القــــتّ لم ينظرنهــــا أنْ تحـــدرا
كأنَّ على أنيابــــــها حينَ تنتــــحي صـــياحَ الدجاجِ غَدوةً حينَ بشـــــــرا
إذَا ارتدفاها بعد طــــولِ هبابـــــها أبَسّـــــــابها من خَشْـــــــــيةٍ ثمَّ قرْقـرا
وقد لبسَــــتْ عِنْدَ الإلهة ســــاطعاً منَ الفَجــــرِ لمّا صـــــــاحَ بالليلِ بَقَّـرا
فلما تدلتْ من أجـــــاردَ أرقلــــتْ وجاءتْ بمــــــاءٍ كالعنيـــــة أصـــــفرا
فكلُّ بعيــــرٍ أحســـــنَ الناسُ نعتهُ وآخـرُ لم ينعــتْ ، فــــداءٌ لضــــــمزرا
صيفي بن الأسلت
صيفي بن الأسلت أبو قيس الأنصاري من الأوس من وائل صحابي شاعر أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ، وقبل ذلك ، وفد على جفنة يسأل عن دين إبراهيم ويقال أنه اتبع الحنيفية . وقد رغب عن أديان الجاهلية وعن اليهودية والمسيحية ويقال أنه ادعى الألوهية. كان يقارن بقيس بن الخطيم في الشعر والشجاعة
مختارات من شعره :
يا راكبــاً إما بلغت فبلغن مغلغلة عني لؤي بن غـالب
أقيموا لنا ديناً حنيفاً فأنتم لنا قادة ، قد يقتدى بالذوائب
عامر بن الطفيل
عامر بن الطفيل بن مالك بن حعقر العامري ، أبو علي ، من بني عامر بن صعصعة ( 70 – 11 ) قبل الهجرة ( 554 – 632 ) للميلاد ، سيد قومه وفارسهم . ولد ونشأ بنجد ، خاض المعارك الكثيرة . أدرك الإسلام شيخاً فوفد على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المدينة بعد فتح مكة ، يريد الغدر به ، فلم يجرؤ عليه ، فدعاه إلى الإسلام فاشترط أن يجعل له نصف ثمار المدينة وأن يجعله ولي الأمر من بعده ، فرده، فعاد حانقاً ومات في طريقه قبل أن يبلغ قومه .
مختارات من شعره :
تَقُولُ ابنَةُ العَمــــريّ ما لكَ بَعْدَما أراكَ صَـــحيحاً كالسَــــليمِ المُعَـذَّبِ
فَقُلــْتُ لهَا : هَمّي الذي تَعْلمينَــــهُ من الثَــــأر في حَيّيْ زُبَيْدٍ وأرْحَـبِ
إنَ أغْزُ زُبَيْــــداً أغْزُ قوْمـاً أعِزّةً مُرَكَّبُــــهُمْ في الحَيّ خَيــرُ مُرَكَّـبِ
وإنْ أغْزُ حَيّيْ خَثَعَـــمٍ فَدِمــاؤهمْ شِــــــفاءٌ وخَيـرُ الثَأرِ للمُتَـــــــأوِّبِ
فَما أدْرَكَ الأوْتـــــارَ مثلُ مُحَقَّقِ بأجْردَ طاوٍ كالعَســـــيبِ المُشَــذَّبِ
وأسْـــــمَرَ خَطّيٍّ وأبْيَضَ باتِــــرٍ وزَعْفٍ دِلاصِ كالغَـــديرِ المُثــوِّبِ
سِــلاحُ امرئٍ قد يَعلمُ النّاسُ أنّهُ طلـــوبٌ لثـأراتِ الرّجـــالِ مُطـلَّبِ
فإنّي وإنْ كنتُ ابنَ فارس عامِرٍ وفي السرّ منها والصّريحِ المُهَـذَّبِ
فَما سَـــــوَّدَتْني عامِرٌ وراثـــــةٍ أبَى اللهُ أنْ أسْـــــــــمُو بـأمٍّ ولا أبِ
ولكِنَني أحْمــي حِمــــاها وأتّقي أذاهـــا وأرْمي مَنْ رَمَاهـــا بمِقْنَـبِ
عثمان بن عفان رضي الله عنه
غنى النفس يغني النفس حتى يكفهــــا وإن عضها حتى يضر بها الفقر
وما عسرة – فاصبر لها إن تتابعت - ببــاقيـــة إلا ســيـتـبعـهـا يســــــر
علي بن أبي طالب رضي الله عنه
علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب الهاشمي القرشي ، أبو الحسن – كرم الله وجهه ورضي عنه ( 23 قبل الهجرة – 40 للهجرة ) ( 600 – 660 ) للميلاد ، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم وابن عمه وصهره . أسلم مبكراً جداً ، بعد أم المؤمنين خديجة رضي الله عنهما ، ورابع الخلفاء الراشدين ، أمير المؤمنين ، وأحد العشرة المبشرين بالجنة ، ولد بمكة ورُبي في حجر النبي ولم يفارقه ، وكان اللواء بيده في أكثر المشاهد ، وقد ولي الخلافة بعد مقتل عثمان بن عفان سنة ( 35هـ ) . وقام بعض أكابر الصحابة يطلبون القبض على قتلة عثمان فتريث ولم يتعجل في الأمر كما أرادت عائشة بنت الصديق ، أم المؤمنين رضي الله عنهما ، ومعها جمع كبير من الصحابة ، في مقدمتهم طلحة والزبير ، ووقعت معركة الجمل سنة ( 36هـ ) . ووقعت معركة صفين سنة ( 37هـ ) وسببها أن علياً عزل معاوية بن أبي سفيان عن ولاية الشام يوم تسلم الخلافة قبل مبايعة معاوية له ، ثم كانت وقعة النهروان بين علي ومن عارض التحكيم في معركة صفين . وأقام علي بالكوفة ( دار خلافته ) إلى أن قتله عبدالرحمن بن ملجم غيلة واختلف في مكان قبره فقيل بالنجف وقيل بالكوفة وقيل في بلاد طيء. كان الإمام علي خطيباً بليغاً فصيحاً وله الكثير من الشعر وجله في الدين والحكمة .
مختارات من شعره :
أرى علـل الدنيـــا علي كثيــــرة وصاحبها حتى الممات عليل
لكل اجتمــــاع من خليلين فرقــــة وإن الذي دون الممات قليل
وإن افتقــادي فاطمـــا بعـــد أحمد دليــل على ألا يــدوم خليـــل
****
وما طلــــب المعيشــــة بالتمنـــي وَلكِنْ ألْق دَلْــــوَكَ مع الــدَلاَءِ
تجئــــك بملئــــها يومـــاً ويومـــاً تجئـــك بحمأة وقليل مــــــاءِ
وَلا تَقعُــــد عَلى كُـــــلِّ التَمَنّـــي تَحيلُ عَلى المَقدَّرِ وَالقَضــاءِ
فإنَّ مَقَــــادِرَ الرَحمَــنِ تَجــــري بَأرزَاقِ الرجالِ مِنَ السَــماءِ
مَقَـــــدَّرَةَ بقبـــــضٍ أو ببَســـــطٍ وَعَجزُ المَرءِ أسـبابُ البَـلاءِ
لنِعمَ اليَــــومُ السَـــــــبتِ حَقــــــاً لِصَـيدٍ إن أرَدتَ بَلا اِمتـراءِ
وَفي الأحَــــــدِ البنــــاءِ لَأنَّ فيــهِ تَبَـدّى اللهُ في خَلق السَـــماءِ
وَفي الإثنين إن ســـــافرتَ فيـــهِ سَــــتَظفرُ بالنَجاحِ وَبالثـراءِ
وَمِن يُردِ الحِجامَـــة فالثُـــــــلاثا ففي سَــاعَتِهِ سَــــفكُ الدِمـاءِ
وَإن شَــــربَ اِمرؤٌ يَومــــاً دَواءً فَنِعمَ اليَـــومَ يَومَ الأربــــعاءِ
وَفي يَومِ الخَميسِ قضـــاءُ حـاجٍ ففيـــــهِ اللهُ يَـأذَنُ بالدُعـــــاءِ
وَفي الجُمُعاتِ تَزويـــجٌ وَعُرسٌ وَلذَّاتُ الرجـالِ مَعَ النِســـــاءِ
وَهَــــذا العِلـــــمُ لا يَعلمـــــهُ إلّا نَبيَّ أو وصـــيِيُّ الأنبيـــــــاءِ
فَكَيفَ بهِ أنَّي أداوي جِراحَــهُ فَيَــــدوى فَلا مُــلَّ الــــــدَواءِ
ســأمنَحُ مالي كُلَّ مَنْ جَاءَ طالباً وأجعله وقفاً على القرض والفرض
فإمّا كَريمٌ صُنْتُ بالمالِ عِرْضَهُ وإمّا لئيمٌ صُــنْتُ عَنْ لؤمِهِ عِرضِي
لا تأمننَّ من النسـاء ولو أخاً مايف الرِّجالِ على النَّساءِ أمِيْنُ
إنَّ الأمِيْنَ وإنْ تَعفَّفَ جُهْـدَهُ لا بُـــدَّ أنَّ بنَظْــــرَةٍ سَـــــيَخُونُ
القبر أو في من وثقت بعهده ما للنِّساءِ سِوَى القُبورِ حُصُونُ
كن ابن من شئت واكتسب أدباً يُغْنِيكَ مَحْمُودُهُ عَنِ النَّسَــــبِ
فليس يغني الحســيب نســــبته بلا لســــــــانٍ لــــه ولا أدبِ
إن الفتى من يقــــول ها أنا ذا ليس الفَتَى مَنْ يقولُ كان أبي
*****
عمر بن الخطاب رضي الله عنه
لاشيء مما ترى تبقى بشاشة يبقى الإله ويودي المــال والولد
لم تغن عن هرمز يوما خزائنه والخلد فد حاولت عاد فما خلدوا
ولا سليمان إذ تجري الرياح له والجن والإنــــس فيما بينها ترد
أين الملوك التي كانت نوافلها من كل صوب إليها وافد يفد
حوض هنالك مورود بلا كدر لابد من ورده يوما كما وردوا
*****
ألم تر أن الله أظـــــهر ديـــــنه على كل دين قبل ذلك حـــائد
وأمكنــــه من أهــل مــكة بعدما تداعوا إلى أمر من الغي فاسد
غداة أجال الخيل في عرصاتها مســـومة بيــن الزبير وخــالد
فأمسى رسول الله قد عز نصره وأمسـى عداه من قتيل وشارد
عمرو بن معدي كرب الزَبيدي
عمرو بن معدي كرب بن ربيعة بن عبدالله الزبيدي ( 75 قبل الهجرة – 21 للهجرة) ( 547 – 642 ) للميلاد ، فارس اليمن ، وصاحب الغارات في الجاهلية ، وفد على المدينة سنة 9هـ ، في عشرة من بني زبيد ، فأسلموا ، وعادوا إلى بلادهم . ولما توفي النبي صلى الله عليه وسلم ارتد عمرو في اليمن . ثم رجع إلى الإسلام ، وكان معتداً بنفسه كما بقيت فيه قسوة الجاهلية ، ويكنى أبا ثور . وبعثه أبو بكر إلى الشام ، فشهد اليرموك ، وذهبت فيها إحدى عينيه . وبعثه عمر إلى العراق ، فشهد القادسية ويقال إنه قتل عطشاً فيها . أخبار شجاعته كثيرة ، وله شعر جيد أشهره قصيدته التي يقول فيها :
إذا لم تستطع شيئاً فدعه وجاوزه إلى ما تستطيع
مختارات من شعره :
تَطــــــاوَلَ لَيْلُــــــكَ بالأثمُــــــــــدِ ونَامَ الخَلُيُّ ، وَلمْ تَرْقَــــــدِ
وَبــــــــــاتَ وَباتَتْ لهُ ليْلــــــــــةٌ ، كَلَيْلةِ ذِي العائِر ، الأرْمَــدِ
وذلَكَ مـن نَبَـــــــــأٍ جائــــــــــني وَخُبِّرْتُهُ عَنْ أبي الأسْــــوَدِ
وَلَـــوْ عَنْ نَثَــــا غَيْـــــره جاءَني ، وَجَرْحُ اللّســانِ كَجُرْحُ اليَدِ،
لقُلــتُ ، مِنَ القَــوْل ، ملا يَــزَالُ يُؤْثرُ عَنَّي ، يَدَ المُسُـــــــنَدِ
بـــــأيِّ عــــــلاقَتنا ترغبـــــــونَ أعَنْ دَمِ عَمْرو على مَـــرثدِ ؟
فـــــإنْ تَــــدْفِنوا الداءَ لا نُخْفِــــهِ وَإنْ تَبْعَثُوا الحــرْبَ لا نَقْعُدِ
فـــــــإنْ تَقُتُـلُنــــــــا نُقتِّـلْـــــــكُمُ ، وَإنْ تَقْصِــــدُوا لِدَمِ نَقْصِـــدِ
متى عَهْـــدُنا بطِعـــانِ الكُمــــاةِ ، وَالحَمدِ والمَجْدِ وَالسُّــــــؤدُدِ
وَبَنْي القِبـــابِ ، وَمَلءِ الجِفـــانِ وَالنَّــــرِ والحَطبِ المُفْــــــأدِ
وَأعْـــدَدْتُ ، لِلْحَــــرْبِ ، وَثَّابَـةً ، جوادَ المحَثَّـــــةِ والمَـــــرْوَدِ
سَبُوحاً ، جَمُوحاً ، وَإحْضــارُها كَمَعْمَعَـةِ السَّـــــــعَفِ المُوقَدِ
وَمَشــــــدُودَةَ السَّــــكِّ مَوْضُونَةً تَضاءَلُ في الطَّيِّ ، كالمِبْرَدِ
تَفِيــــضُ عَلى المَرْءِ أرْدانُــــها ، كَفَيْـــضِ الأتِيِّ على الجَدْجَدِ
وَمُطّـــردا كَرشـــــاءِ الجَــرُورِ ، مِنْ خُلُــــبِ النَّخْلةِ الأجْـــرَدِ
وذا شُــــــــطبٍ غامضاً كَلْمُـــهُ إذَا صــــالَ بالعظْــــمِ لَم يَنْأدِ
*****
فاطمة الزهراء
اغبر آفاق الســـماء وكـورت شمس النهاروأظلم العصران
فـالأرض بعــد الــنبي كــئيبة أســـفا عليــه كثيرة الرجفان
فليبكه شـــرق البلاد وغربها وليبكه مضـــــر وكــل يمــان
وليبكه الطور المعــــظم جوه والبيت ذو الأســتار والأركان
ياخاتم الرسل المبارك ضوءه صــلى عليــك منزل الفـــرقان
قيس بن الخطيم
هو قيس بن الخطيم بن عدي الأوسي ، أبو يزيد ( ؟ - 2 ) قبل الهجرة (؟-620) للميلاد ، شاعر الأوس وأحد صناديدها في الجاهلية . أول مااشتهر به تتبعه قاتلي أبيه حتى قتلهما ، وقال في ذلك شعراً . وله في وقعة بعاث التي كانت بين الأوس والخزرج قبل الهجرة أشعار كثيرة . أدرك الإسلام وتريث في قبوله ، وقتل قبل أن يدخل فيه .
مختارات من شعره :
تَكرَ ليلى حســــــــنَها وصَـــــــفَاءها وبانتْ فَأمســـى ما ينــــالُ لقاءهَا
ومثلِكِ قدْ أصْـــبَيْتُ ، ليْسَـــــتْ بكَنّةٍ ولا جـارةٍ ، أفْضَـــتْ إليَّ حياءها
إذَا ما اصْطبَحْتُ أرْبَعاً خَطَّ مِئزَري وأتبعتُ دلوي في السَّخاء رشاءها
ثأرْتُ عَـــدِيّاً الزِّرَّيْن ربْقَــــةَ مـالكٍ فَأبتُ بنفسٍ قد أصـــــبتُ شـفاءها
وسامحني فيها ابنُ عمرو بن عَامِرِ خــــداشٌ فَأدَّى نعمــــةً وأفـــاءها
طعَنْتُ ابنَ عبدِ القَيْــــس طعنةَ ثائرٍ لها نفــــذٌ لولا الشُّـــعاعُ أضاءها
ملكـــــتُ بها كفّي فأنــــهرتُ فتقها يرى قائمـــاً من خلفها ماوراءها
يُهـــــونُ عليَّ أن تَـرُدَّ جِـــــــرَاحُهُ عيونَ الأواسـي إذ حُمِدتَ بلاءهُا
وكنتُ اِمْرءاً لا أسْمعُ الدَّهْرَ سُــــبّةً أســـــب بها إلا كشــفت غطاءها
وإنِّي في الحرب الضَّـرُوس مُوكَّلٌ بإقدامِ نَفَــــسٍ ما أريدُ بَقــــــاءها
إذَا سَــــقِمَتْ نَفْسي إلى ذي عَـداوة ٍ فإنِّي بنَصْـلِ السّــيفِ باغِ دواءها
متى يأت هذا الموت لا تبق حـاجةً لنفـــــسي إلا قد قضيت قضاءها
وكانت شَجاً في الحَلْقِ مالم أبُؤْ بها فأبت بنفـــــس قد أصبت دواءها
وقد جــــــربت مني لدى كل مأقطٍ دُحَيٌّ إذا ما الحَرْبُ ألْقَتْ رداءها
وإنَّا إذَا ما مُمْتَرُوا الحَــــرْبِ بَلّحُوا نُقيـــــمُ بأسْــــــبادِ العَرينِ لواءها
ونُلْقِحُــها مَبْسُــــــورةً ضَـــــرْزَنِيّةً بأســـــــيافنا حتى نــــــذل إباءها
وإنَّا منعنا في بعـــــاث نســــــاءنا وما مَنَعَتـمِ المخْزياتِ نِســـــاءها
*****
كَعبِ بنِ زُهَير
كعب بن زهير بن أبي سلمى المزني ، أبو المضرَّب ، ( ؟قبل الهجرة – 26 للهجرة) ( ؟- 646 ) للميلاد ، شاعر من أهل نجد ، مخضرم بين الإسلام والجاهلية ، وكانت له شهرة واسعة ، أخذ الشعر مع أخيه بجير عن أبيهما زهير ، وكان يدربهما عليه حفظاً وقولاً ، كما كان أبوه يمنعه عن قول الشعر ويضربه ويحبسه حين كان حدثاً . ولما اطمأن زهير لجودة شعر ولده شجعه وأطلقه . ولما ظهر الإسلام هجا كعب النبي صلى الله عليه وسلم ، وشبب بنساء المسلمين ، فأهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه ، فأرسل إليه أخوه بجير – وكان قد سبقه إلى الإسلام – إلى التوبة والإيمان ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعفو عمن يأتيه تائباً ، فجاءه كعب مستأمناً ، فعفا عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، وأسلم ، وأنشده لاميته المشهورة التي مطلعها : بانت سعاد فقلبي اليوم متبول ، وخلع عليه النبي بردته .
مختارات من شعره :
بانَت سُــــــعادُ فقلبي اليَـــــــــومَ مَتبولُ مُتَيَّمٌ إثــــــــرَها لم يُفـــــدَ مَكـــــبولُ
وَما سُـــــــعادُ غَـــــــداةَ البَينِ إذ رَحَلوا إلَّا اَغَنٌّ غَضــــيضُ الطرفِ مَكحولُ
هَيفـــاءُ مُقبلــــــة عَجــــــزاءُ مُدبـــــرَةً لايُشــــــتَكى قِصَــــرٌ مِنها وَلا طولُ
تَجلو عَوراضَ ذي ظلمٍ إذَا اِبتَسَــــــمَت كَأنَّهُ مُنهَـــــــلٌ بالـــراحِ مَعـــــــلولُ
شُــــــجَّت بذي شَـــــــبَمِ مِن ماءِ مَحنِيَةٍ صافٍ بأبطحَ أضحى وَهُوَ مَشـــمولُ
تَجلـــو الريــــــــاحُ القَذى عَنه وَأفَرَطهُ مِن صَوبِ ســـــــــاريَةٍ بيضٍ يَعاليلُ
ياوَيحَــــها خُلَّةَ لو أنَّــــــها صَـــــــدَقَت ما وَعَدت أو لو أنَّ النُصــــحَ مَقبولُ
لَكِنَّها خُلَّـــــةَ قد ســـــــيط مِن دَمِــــــها فجـــــعٌ وَوَلـــــعٌ وَإخــــلافٌ وَتَبديلُ
فما تَـــــدومُ عَلى حـــــــالٍ تَكونُ بــــها كَما تَلوَّنُ في أثــــــوابها الغــــــــولُ
وَما تَمَسَّــــــكُ بالوَصــــلِ الَذي زَعَمَت إلّا كَما تُمسِـــــــكُ الماءَ الغرابـــــيلُ
كَانت مَواعيــــــدُ عُرقـــــــوب لها مَثلاً وَما مَواعيـــــدُها إلّا الأباطــــــــــيلُ
أرجــــو وَآمُلُ أن يَعجَـــــلنَ في أبَــــــدٍ وَما لهُنَّ طِـــــوالَ الدَهر تَعـــــــجيلُ
فَلا يَغُـــــرَّنَكَ ما مَنَّــــــــت وَما وَعَدَت إنَّ الأمانِيَ وَالأحـــــلام تَضــــــــليلُ
أمسَــــــــت سُـــــــعادُ بأرضِ لا يُبَلَّغُها إلّا العِتاقُ النَجيبـــــاتُ المَراســـــــيلُ
وَلــــن يُبَلَّغــــــــــها إلّا عُــــذَافِــــــــرَةٌ فيها عَلى الأينِ إرقـــــالٌ وَتَبــــــغيلُ
مِن كُلِّ نَضّـــــــاخَةِ الذِفرى إذا عَرقت عُرضَــــتُها طامِـسُ الأعلامِ مَجهولُ
تَـــرمي الغُيــــــوبَ بعَينَي مُفـــرَدٍ لهَقِ إذَا تَوَقَـــــدَتِ الحُـــــزّانُ وَالمـــــــيلُ
ضَخــــــمٌ مُقلَّـــــدُها فعَمٌ مُقيَّـــــدُها في خَلقِــــــها عَن بَناتِ الفَحلِ تَفضـــــيلُ
حَرفٌ أخـــــوها أبـــــوها مِن مُهَجَّنَـــةٍ وَعَمُّـــها خَالُـــــها قَوداءُ شِــــــــمليلُ
يَمشـــــــي القُرادُ عَليـــــــها ثُمَّ يُزلقُـــهُ مِنـــــــها لبـــــــانٌ وَأقرابٌ زَهــاليلُ
عَيرانَةً قَــــذَفَتِ في اللحـــمِ ، عُرُضٍ مِرفَقُـــــها عَن بَناتِ الزورِ مَفـــــتولُ
كَأنَّ مافــــاتَ عَينَيـــــــها وَمَذبَحَــــــها مِن خَطمِـــــها وَمِن اللحيَينِ بَرطـــيلُ
تَمُرَّ مِثلَ عَســــــيبِ النَخــــلِ ذا خُصَلٍ في غَــارِزٍ لم تَخَوَّنَـــــهُ الأحــــــاليلُ
قنــــــواءُ في حُرَّتَيها للبَصـــــــــيرِ بها عِتَقٌ مُبينٌ وَفي الخَــــدَّينِ تَســـــــهيلُ
تَخــــدي عَلى يَسَـــــــراتٍ وَهيَ لاحِقة ذَوابـــــلٌ وَقعُهُــــــنَّ الأرضَ تَحلــيلُ
سُمرُ العُجاياتِ يَترُكنَ الحَصى زيَـــــماً لم يَقِهِـــــنَّ رُؤوسَ الأكُـــــمِ تَنــــعيلُ
يَومــــــاً يَظلُّ بهِ الحَرباءُ مُصـــــطخِماً كَأنَّ ضـــــــاحِيَهُ بالنـــــــارِ مَملـــولُ
كَأنَّ أوبَ ذِراعَيــــــها وَقـــد عَرقـــــت وَقـــد تَلفَّــــــعَ بالقــــور العَســــــاقيلُ
وَقال لِلقـــــومِ حاديـــــــهم وَقد جَعَـــلت وُرقُ الجَنادِبِ يَركُضنَ الحَصى قيلوا
شَـــــــدَّ النهــــــارُ ذِراعاً عَيطلٍ نَصَفٍ قَامَـــــت فجاوَبَــــــها نُكـــدٌ مَثاكـــيلُ
نَوّاحَةَ رَخَوةُ الضَـــــبعَين ليــــــــسَ لها لمّا نَــــعى بكـــــرَها الناعونَ مَعـقولُ
تَفِـــــري اللِبـــــــانَ بكَفَّيهــــا وَمِدرَعِها مُشَــــــــقَقٌ عَن تَراقيــــــها رَعــابيلُ
يَســــــــعى الوُشــــــــاةُ بجَنبَيها وَقَولُهُم إنَّكَ يَا بنَ أبي سُـــــــــلمى لمَقـــــتولُ
وَقــــالَ كُلَّ خَليـــــلٍ كُنــــــتُ آمُلُـــــــهُ لا ألفِيَنَّـــــكَ إنِّي عَنـــــــكَ مَشــــغولُ
فَقُلتُ خَلّوا ســــــــبيلي لا أبـــــاً لــــــكُمُ فَكُلُّ ماقـــــدَّرَ الرَحمَـــــــنُ مَفـــعولُ
كُلُ ابن أنثى وَإن طــــــالت سَــــــلامَتُهُ يَومـــــاً عَلى آلـــــةٍ حَدباءَ مَحـــمولُ
أنبئــتُ أنَّ رَســــــــولَ اللهِ أوعَـــــــدَني وَالعَفُـــــو عِندَ رَســــــولِ اللهِ مَأمــولُ
مَهلاً هَداكَ الّذي أعطــــاكَ نافِلةَ القُرآنِ فيــــــها مَواعيـــــــــظٌ وَتَفصــــــــيلُ
لا تَأخُـــــــذَنِّي بأقوالِ الوُشـــــــــاةِ وَلم أذِنب وَلو كَثُّــــــرَت عَنّي الأقَــــاويلُ
لقَد أقــــــــــومُ مَقامــــــاً لو يَقـــــومُ بهِ أرى وَأســــــمَعُ مالو يَســـــــمَعُ الفيلُ
لظــــــلَّ يُرعَـــــدُ أن يَكــــــونَ لـــــــهُ مِنَ الرَســـــــولِ بــإذنِ اللهِ تَنــــــويلُ
مازلتُ أقَتَطِــــــعُ البَيـــــــداءَ مُدَّرعـــاً جُنحَ الظــلامِ وَثَوبُ الليلِ مَســـــــبولُ
حَتَّى وَضَــــــعتُ يَميني لا أنازعُــــــهُ في كَفِّ ذي تَقِمـــــاتٍ قيلُــهُ القـــــيلُ
لذاكَ أهَيــــــبُ عِنـــــــدي إذ أكَلِّمُـــــهُ وَقيلَ إنَّـكَ مَســـــــبورٌ وَمَســـــــؤولُ
مِن ضَيغمِ ضِـــــراءَ الأســــــدِ مُخدِرَةً ببَطنِ عَثَّـرَ غيـــــلٌ دونَـــــهُ غيـــــلُ
يَغدو فَيَلحَمُ ضِــــــرغامَين عَيشُــــــهُما لحــــمٌ مِنَ القــــومِ مَعفــورٌ خَــراذيلُ
إذَا يُســــــــــاورُ قِـــــرناً لا يَحِـــــلُّ لهُ أن يَترُكَ القِــــرنَ إلّا وَهُـوَ مَفــــــلولُ
مِنهُ تَظَلُّ حَميــــرُ الوَحــــشِ ضـــامِرةً وَلا تُمَشّــــــي بواديــــهِ الأراجــــــيلُ
وَلا يَـــــزالُ بواديـــــهِ أخََــــو ثِقـــــــةٍ مُطرَّحُ البَــــــزِّ وَالدَرســـــانِ مَأكـولُ
إنَّ الرَســــــولَ لنـــورٌ يُســــــتَضاءُ بهِ مُهَنَّـــــدٌ مِن سُــــــيوفِ اللهِ مَســــلولُ
في عُصــــبَةِ مِن قُرَيشٍ قالَ قائِلُــــــهُم ببَطــــنِ مَكَّـــةَ لمَـا أسَــــــلموا زولوا
زَالوا فما زالَ أنكــــاسٌ وَلا كُشُــــــفٌ عِندَ اللِقــــــاءِ وَلا ميـــــلٌ مَعـــــازيلُ
شُـــــــمُّ العَرانينِ أبطــــالٌ لبوسُــــــهُمُ مِن نَســـجِ داوُدَ في الهَيجا سَــــرابيلُ
بيـضٌ سَــــــوابغُ قد شُــــكَّت لها حَلقٌ كَأنَّـــــها حَلقُ القفـــــعاءِ مَجـــــــدولُ
يَمشون مَشيَ الجِمالِ الزُهر يَعصِمُهُم ضَـــربٌ غذَا عَرَّدَ الســــــودُ التَنابيلُ
لا يَفرَحـــــونَ إذَا نالت رماحُــــــــهُمُ قوماً إن لهُم عَن حِياضِ المَوتِ تَهليلُ
*****
لبيد بن ربيعة العامري
هو لبيد بن ربيعة بن مالك أبو عقيل العامري ، من أصحاب المعلقات ( ؟ - 42 ) للهجرة الموافق ( 560 – 662 ) للميلاد ، من أعالي نجد ، اتصل بالغساسنة ومدح ملوكهم كعمرو بن جبلة وجبلة بن الحارث ، كما وفد على النعمان بن المنذر ومدحه ورد كيد جلسائه عن قومه وأهله . أدرك الإسلام ووفد على النبي صلى الله عليه وسلم وأصبح من الصحابة ومن المؤلفة قلوبهم ، وكان له عطاء من بيت مال المسلمين استمر حتى توفي في بداية عهد معاوية بن أبي سفيان ، الذي رآى تخفيض عطائه ، فقال له لبيد : لن أعمر طويلاً ، فتراجع معاوية عن رأيه . لم يقل الشعر بعد إسلامه ، وسكن الكوفة ، وقد طلب منه صاحب الكوفة أن يسمعه شيئاً من شعره ، فقرأ لبيد سورة " البقرة " وقال : " منحني الله هذا عوض شعري ، بعد أن أصبحت مسلماً " ، وبلغ عمر بن الخطاب ما قال ، فزاد عطاءه من ألفي درهم إلى خمسمئة وألفين . وكان من المعمرين وقد قيل أنه جاوز الخمسة والأربعين والمئة سنة من عمره وقيل سبعة وخمسين ومئة ، قضى منها تسعين عاماً في الإسلام ، والله أعلم .
مختارات من معلقته :
عفتِ الديـــــارُ محلَّــــها فمُقامُــــهَأ بمنى تأبَّـــدَ غوْلــها فَرجَامُـــهَا
فَمدافَعُ الرَّيَّـــــانِ عرِّيَ رسْــــــمُها خلقاً كما ضَمِنَ الوُحِيَّ سِلامُها
إنَّا إذَا التقـــــتِ المجَامِــــعُ لِم يَزَلْ منَّا لِزَازُ عظيمــــةٍ جَشّـــــامُها
وَمُقسِّـــــمٌ يُعْطي العشـــــيرةَ حَقَّهَا وَمُغَذْمِرٌ لحقوقِــــها هَضَّامُـــها
فضلاً ، وذو كرمِ يعينُ على النَّدى سمحٌ كسُوبُ رغائبٍ غَنّامُـــها
مِنْ معشـــــرٍ ســــــنَّتْ لهمْ آباؤهُمْ ولكـــلِّ قـــومٍ سُــــنَّةٌ وإمامُــهَا
لا يَطبَعــــونَ وَلا يَبورُ فعالُــــــهُم إذ لا يَميلُ مَعَ الهَوى أحلامُــها
فَاقَنَعْ بما قَسَـــــــمَ المليكُ فَإنَّـــــمَا قَسَـــــمَ الخلائقَ بينَنا علاَّمُـــها
وإذَا الأمانةُ قَسِّـــــمَتْ في مَعْشَــرِ أوْفَى بأوْفَــــرِ حَظِّنَا قَسّـــامُـهَا
فبنى لنا بيتــــاً رفيعــــاً ســـــمكُهُ فَسَــــــما إليه كَهْلُـهَا وَغُلامُـها
وَهُمُ السُّـــعَاةُ إذَا العشيرةُ أفْظِعَتْ وهمُ فوارسُـــــهَا وَهمْ حُكّامُـها
وهمُ رَبيـــــعٌ للمُجَــــــاورِ فيــهمُ والمرملاتِ إذا تطاولَ عَامُـها
وَهُمُ العَشــــيرةُ أنْ يُبَطِّىءَ حاسدٌ أو أن يميلَ معَ العــدوِّ لئامُـها
*****
معاوية بن أبي سفيان
معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي . ( 20 قبل الهجرة – 60 للهجرة ) ( 603 – 680 ) للميلاد ، مؤسس الدولة الأموية بالشام ، صحابي ، وأحد دهاة العرب ، كان فصيحاً حليماً وقوراً ، ولد بمكة وأسلم يوم فتحها 8هـ وتعلم الحساب فجعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتبته . وقد روى عنه 130 حديثاً شريفاً . ولما ولي أبو بكر ولاه قيادة جيش ، تحت إمرة أخيه يزيد بن أبي سفيان ، فكان على مقدمته في فتح مدينة صيدا وعرقة وجبيل وبيروت . ولما ولي عمر جعله على الأردن ثم ولاه دمشق بعد موت يزيد ، ولما جاء عثمان ولاه على بلاد الشام ، ولما ولي علي أمر بعزله فعلم بذلك قبل وصول الكتاب إليه . فنادى بوجوب معاقبة قتلة عثمان ودارت الحروب بينهما إلى أن قتل علي ، وبويع ابنه الحسن بالخلافة ، فسلمها إلى معاوية سنة 41هـ . وهو مؤسس الدولة الأموية هو أول من نصب المحراب في المسجد ، وأول من اتخذ الحرس والحجاب في الإسلام . ودام الحكم لمعاوية إلى أن بلغ الشيخوخة ، فعهد بالخلافة إلى يزيد ابنه ، ومات في دمشق . ويقال أن عمر بن الخطاب كان يقول إذا نظر إليه : هذا كسرى العرب .
مختارات من شعره :
ألاَ يا ســــــعدُ ، قد اظهرتَ شكَاً وشَكُّ المرء في الأحداثِ داءُ
عَلى أيِّ الأمـــــور وقفتَ حَقــــاً يُرَى أو باطـــلاً ، فَلهُ دواءُ
وقدْ قالَ النِبيّ ، وحَـــــدّ حــــــدّاً يُحِلّ به من النــاس الدّمــــاءُ:
ثلاثٌ : قاتِـــــلٌ نفســــــــاً وزانٍ ومرتَــدَ مَضَى فيه القضَـــاءُ
فإنْ يكــــن الإمـــــــامُ مِنْـــــــها بواحِــــدَةٍ فليــــــسَ لهُ وَلاءُ
وإلاّ فالـــذي جِئتُـــــمْ حَـــــــرَامٌ وقَاتِلُــهُ ، وخاذِلــه ســــــواءُ
وهذا حكمُـــــهُ ، لا شَــــــكّ فيه كما أنّ السّماءَ هِي السّــــماءُ
وخيرُ القـــول ما أوجـــزتَ فيه وفي إكثاركَ الدّاءُ العَـــــيَاءُ
أبا عَمْرو ، دَعوتُكُ في رجــالٍ فَجازَ عَراقِيَ الدّلْو الرّشـــاءُ
فَأمّــــا إذْ أبيـــتَ فليــــسَ بَيْني وبينَكَ حُرْمَةٌ ، ذَهَبَ الرّجاءُ
سِوى قولي إذَا اجتمعت قريشٌ: عَلى سَـــــعْدٍ مِنَ اللهِ العَــفَاءُ
*****
للهِ دَر زيَـــــــادٍ أيَّمـــــا رَجُـــــــلٍ لو كان يعلـــمُ ما يأتي ، وما يــــذَرُ
تَنْسَـــــى أباكَ وقَد حَقَتْ مَقَالتُـــــهُ إذْ تَخطُبُ الناسَ ، والوالي لنا عُمرُ
فَافخـــرْ بوالدِكَ الأدْنَى ووالـــــدِنَا إنّ ابنَ حَــــرْبٍ لهُ في قوْمَهَ خَــطرُ
إنّ انتــــهازَكَ قوْماً لا تُنَاسِـــــبُهُم عدُّ الأنامِل ، عــــارٌ ، ليْـــسَ يغتفرُ
فَانزلْ بعِيداً ، فإنّ الله باعدهُمْ عن فضــــــلٍ به يعلُو الورى مـــــــضَرُ
فالــرأيُ مطرَفٌ ، والعقْلُ تجربَةٌ فيــــها لصــــاحبها الإيرادُ والصَّـدَرُ
معن بن أوس
شاعر مخضرم بين الجاهلية والإسلام ، وهو من الصحابة ، ويعتبر من أشعر الناس في الإسلام كما كان زهير بن أبي سلمى المزني من أشعر الناس في الجاهلية .
النابغة الجعدي
هو أبو ليلى عبدالله بن قيس بن عُدس قيل اسمه حسان وقيل قيس ، المعروف بالنابغة الجعدي ، صحابي شاعر جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم مسلماً وأنشده قصيدة مكونه من ما يزيد عن 200 بيت . يقال أنه عاش مئة وعشرين سنة ، وقيل مئة وثمانين ، وقيل أكثر .
مختارات من شعره :
تبعت رسول الله إذ جاء بالهدى ويتلو كتـــــاباً كالمجرة نيرا
بلغنا الســـــماء مجدنا وجدودنا وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "أين المظهر يا أبا ليلى ؟" فقال: "الجنة" ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : "أجل إن شاء الله" ، ثم أكمل إنشاده :
ولاخير في حلــم إذا لم يكن له بوادر تحمى صــفوه أن يكدّرا
ولاخير في جهل إذا لم يكن له حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا
فقال النبي : "لايفض الله فاك مرتين" .
ومن أبياته التي ألقاها :
تذكرت والذكرى تهيج على الفتى ومن حاجـــة المحــزون أن يتذكرا
تقضى زمان الوصل بيني وبينـها ولم ينقض الشوق الذي كان أكثرا
وإني لاســــتشـــفي برؤية جارها إذا مـــــا لقـــــاؤها علي تعــــــذرا
وألقي على جيرانها مسحة الهوى وإن لم يكونوا لي قبيلاً ومعشــــرا
هدبة بن الخشرم
هو هدبة بن الخشرم بن كُرز ، من بني عامر بن ثعلبة من سعد هذيم من قضاعة (؟قبل الهجرة – 50 للهجرة ) الموافق ( ؟ - 574 ) للميلاد ، شاعر مخضرم بين الجاهلية والإسلام من قبيلة عذرة وأمه هي الشاعرة حية بنت أبي بكر بن أبي حية ، وتدعى ريحانة ، كما كان هدبة راوية الحطيئة . وكان أول ما أثار الخصومة بينه وبين ابن عمه زيادة بن زيد مراهنة أدت إلى الحرب بين القبيلتين . ثم ما إرتجَزه به زيادة في أخت هدبة ثم ردّ هدبة عليه بالتفحش بأخت زيادة .. ثم تقاتلا فقتل هدبة زيادة فقبض عليه وسجن ثم حكم بتسليمه إلى أهل المقتول ليقتصوا منه فقتلوه أمام والي المدينة .
مختارات من شعره :
طَرِبتَ وأنتَ أحيـــــاناً طَروبُ وَكيــــفَ وَقَد تَعَلّاكَ المَشـــيبُ
يُجدّ النأَيُ ذِكــــرَاكِ في فؤَادي إذا ذَهِلَـــت عَن النــأي القُلوبُ
يؤَرِّقُني اكتِئـــــابُ أَبي نُمَــــيرٍ فَقَلــــبي مٍن كآبَتِـــــهِ كَئيــــبُ
فَقُلــــتُ بَهُ هَداكَ اللَهُ مَهـــــلاً وَخَيرُ القَولِ ذو اللُّبِّ المُصيبُ
عَسى الكَربُ الّذي أمسَيتُ فيهِ يَكـــونُ وَراءَهُ فَــــرَجٌ قَـــريبُ
فَيأَمــــنَ خائِــــــفٌ ويُفَكَّ عانٍ وَيَأتـــي أهلَهُ النائـــي الغَـريبُ
ألا لَيـتَ الريـاحَ مُسَــــــخَّراتٌ بِحاجَتِنــــا تُبــــاكِرُ أو تَــؤوبُ
فَتُخبِــــرنا الشَــــــمالُ إِذا أَتَتنا وَتُخبِــــر أَهلَـــــنا عَنّا الجَنُوبُ
فإنّا قَـــد حَلَلنــــا دارَ بَلـــــوى فَتُخطِئُنــــا المَنــــايا أو تُصِيبُ
فإن يَكُ صَــدرُ هَذا اليَومِ وَلّى فإنَّ غَـــــداً لِناظِـــــرِهِِ قَــريبُ
وَقَد عَلِمت سُـليَمى أنَّ عودي عَلى الحَــــدَثانِ ذو أَيدٍ صَـليبُ
وأنَّ خَليقَـــــتي كَـــــرَمٌ وأنّي إِذا أَبــــدَت نَواجِذَها الحــروبُ
أُعينُ عَلى مَكارِمها وَأغشـى مَكارِهَــــها إِذا كَعَّ الهَـــــيوبُ
وأنّي في العَظــــائِمِ ذو غَناءٍ وأُدعى لِلفعـــــالِ فأســــتَجيبُ
وأنّي لا يَخـافُ الغَدرَ جاري وَلا يَخشـــــى غوائِلي الغَريبُ
وَكَم مِن صاحبٍ قَد بانَ عنّي رُميـــــــتُ وَهوَ الحَــــــــبيبُ
فلم أُبدِ الَّذي تَحنوا ضُـلوعي عَليــــهِ وإنَّني لأنــــا الكَئـــيبُ
مَخافَةَ أَن يَراني مُســــــتَكيناً عَــــدوٌ أو يُســـــــاءُ بِهِ قَريبُ
وَيَشــــمَتَ كاشِـحٌ وَيَظُنَّ أنّي جَــــزوعٌ عِنــدَ نائبَـــــةٍ تَنوبُ
فَبَعدَكَ سَـــدَّتِ الأعداءُ طرقاً إلــيَّ وَرابَنـــي دَهـــــرٌ يَــريبُ
وأنكَرتَ الزَمـــانَ وَكُلَّ أهلي وَهــــزَّتني لِغيبِتــــكَ الكَــــليبُ
وَكُنتُ تُقطَّعُ الأبصــارُ دوني وإن وَغِرَت مِنَ الغيــظِ القُلوبُ
وَقد أبقى الحَوادثُ مِنكَ رُكناً صَـــــليباً ما تؤيِّسُـــهُ الخُطوبُ
عَلى أنَّ المَنيَّـــــةَ قَــد توافي لِوَقـــتٍ والنـــوائِبُ قَد تَنــــوبُ
*****
هند بنت عتبة
هند بنت عتبة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشية ، عرفت بحسنها وفصاحتها وبلاغتها وشعرها وعزة نفسها ، زوجها أبوها بالفاكة بن المغيرة أحد فتيان قريش ، وعانت منه الكثير ، ثم فارقته ، وعادت لأبيها وطلبت منه ألا يزوجها حتى تبدي رأيها ، ونفذّ لها ماطلبت . عرض عليها صفات خاطبين ، واختارت أحدهما قائلة : زوجه لي ، وكان أبو سفيان بن حرب ، وهي أم الخليفة الأموي ، مؤسس الدولة الأموية معاوية بن أبي سفيان . عادت الإسلام وشهدت غزوة أحد ، ومثلت بكبد حمزة بن عبدالمطلب سيد الشهداء ، ثأراً لأبيها وعمها وأخيها الذين قتلوا في غزوة بدر الكبرى ، وذلك بعد أن قتله عبدها وحشي برمحه لقاء حريته . كما كانت إحدى أربع نساء أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دماءهن . أسلمت بعد فتح مكة وبعد إسلام زوجها ، حسن إسلامها وعملت في التجارة . وماتت في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في اليوم الذي توفي فيه أبو قحافة والد الخليفة الأول أبي بكر الصديق رضي الله عنه . كانت شاعرة موهوبة ، وأكثر شعرها في الهجاء والرثاء تهجو أعداء قومها وترثي قتلاهم . وبعد غزوة بدر ، التقت بالخنساء التي كانت تقول : أنا أعظم العرب مصيبة ، والتي سألتها من أنت ؟ فقالت هند : أنا أعظم من الخنساء مصيبة . وأنشدت كل منهما مالديها من رثاء . وهذا من شعر هند :
أبكي عميــــد الأبطحيــــن كليهما وحاميــــهما من كل بـاغ يريدها
أبي عتبة الخيرات ويحك فاعلمي شــــيبة والحــامي الذمار وليدها
أولئك آل المجــــد من آل غـــالب في العز منها حين ينمي عديدها
*****
وقالت أيضاً :
أعيني جوداً بدمع ســرب على خير خندف لم ينقلــب
تداعى لــه رهطــه غدوة بنو هاشـــم وبنو المطلــب
يذيقـــونه حد أســـــيافهم يعلـــونه بعد ما قد عطــب
ويجرونه وعفير التراب على وجهه عارياً قد سـاب
وكان لنا جبلاً راســـــباً جميل المرأة كثير العشـب
فأما بـــري فلـم أعنــــه فأوتي من خير ما يحتسب
******************